5 استراتيجيات تساعدك على التوقف عن التفكير المفرط والثقة بحدسك

5 دقائق
الاعتماد على الحدس
ميراج سي/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: كثيراً ما نرفض الاعتماد على الحدس لأننا ننظر إليه على أنه شيء روحاني أو غير جدير بالثقة، إلا أن له أساساً عصبياً عميقاً. فعندما تتخذ قراراً اعتماداً على الحدس، يعمل عقلك بالتوازي مع أمعائك لتقييم جميع ذكرياتك وما تعلمته في الماضي واحتياجاتك الشخصية وتفضيلاتك بسرعة، ثم يتخذ القرار الأكثر حكمة في ضوء السياق. تقدم المؤلفة في هذه المقالة 5 استراتيجيات تساعدك على معرفة كيفية الاستفادة من حدسك كأداة مفيدة لاتخاذ القرارات في حياتك المهنية: 1) ميِّز بين المشاعر الغريزية والخوف. 2) ابدأ باتخاذ قرارات صغيرة. 3) جرّب خياراتك. 4) أجرِ “اختبار القرارات السريعة”. 5) اعتمد على قيمك.

 

الحدس أو الغريزة أو المعرفة الأعمق؛ هناك العديد من الأسماء التي تُطلق على المشاعر الغريزية أو القدرة على فهم شيء ما على الفور دون تفكير واعٍ. بمعنى آخر، تتوصل إلى الإجابات والحلول، لكن قد لا تكون على دراية بالسبب أو الكيفية التي حدث بها ذلك.

في عصر البيانات الضخمة، غالباً ما تصاحب الثقة بحدسك سمعة سيئة. فكثيراً ما يتم رفض الحدس، وهو المصطلح المستخدم للإشارة إلى المشاعر الغريزية في البحوث، باعتباره شيئاً روحانياً أو غير جدير بالثقة. وفي حين أنه من الصحيح أن الحدس قابل للخطأ، تشير الدراسات إلى أن اقتران الحدس بالتفكير التحليلي يساعدك على اتخاذ قرارات أفضل وأدق وأسرع، ويمنحك ثقة أكبر في اختياراتك مقارنة بالاعتماد على التفكير وحده. وينطبق ذلك بوجه خاص عندما تفرط في التفكير أو عندما لا يكون هناك خيار محدد وواضح.

في الواقع، تُظهر استطلاعات آراء كبار المسؤولين التنفيذيين أن غالبية القادة يستفيدون من المشاعر والتجارب السابقة عند التعامل مع الأزمات. حتى إن البحرية  الأميركية استثمرت ملايين الدولارات لمساعدة البحارة وجنود البحرية على تقوية الحاسة السادسة لديهم، تحديداً لأن الاعتماد على الحدس يمكن أن يحل محل الاعتماد على التفكير في المواقف التي تنطوي على مخاطر عالية مثل ساحة المعركة.

العلم وراء مشاعرك الغريزية

على عكس الاعتقاد السائد، هناك أساس عصبي عميق للحدس. إذ يطلق العلماء على المعدة اسم “الدماغ الثاني” لسبب وجيه؛ فهناك شبكة عصبية كبيرة مكونة من 100 مليون خلية عصبية تبطن جهازك الهضمي بأكمله. وهذا عدد أكبر من عدد الخلايا العصبية الموجودة في النخاع الشوكي، ما يشير إلى قدرات المعالجة المذهلة للأمعاء.

فعندما تتخذ قراراً اعتماداً على الحدس، يعمل عقلك بالتوازي مع أمعائك لتقييم جميع ذكرياتك وما تعلمته في الماضي واحتياجاتك الشخصية وتفضيلاتك بسرعة، ثم يتخذ القرار الأكثر حكمة في ضوء السياق. وبذلك يُعد الحدس شكلاً من أشكال البيانات المتعلقة بالعواطف والتجارب التي يحتاج القادة إلى تقدير قيمتها.

حتى إذا كنت لا تستخدم حدسك عن عمد، فربما لا تزال تجني منه فوائد كل يوم. يعلم الجميع ما نشعر به في المعدة عند التفكير في قرار ما؛ هذه هي الأمعاء تتحدث بصوت عالٍ وواضح. إذا كنت مديراً، على سبيل المثال، فإن محاولة اكتشاف ما يشعر به مرؤوسوك المباشرون تتيح لك معرفة متى يشعرون بالإحباط واتخاذ خطوات لإعادة اندماجهم في العمل. وبالمثل، التوقف لتقييم تصميم منتج ما بجدية يمكن أن يوجه عمليتك الإبداعية نحو الاتجاه الصحيح.

كيف تستفيد من حدسك في اتخاذ القرارات؟

القادة الذين يُوصفون بأنهم حساسون للغاية لديهم مشاعر غريزية أقوى من غيرهم، ولكن تم حثهم أيضاً على عدم استخدام هذه البيانات الحسية. إذ تسهم سمة الحساسية العالية هذه في إدراك المعلومات ومعالجتها وتوليفها بشكل أعمق، بما في ذلك البيانات المتعلقة بمشاعر الآخرين. وهذا يعني أن حدسك أكثر تطوراً من معظم الأشخاص الآخرين لأنك تضيف باستمرار بيانات جديدة حول العالم ونفسك إلى بنك المعرفة الخاص بك. المشكلة الوحيدة هي أنك ربما تعلمت أن تقلل من قيمة هذه القوة داخلك.

الخبر السار هو أن الحدس يشبه العضلة؛ يمكن تقويته بالتدريب. فيما يلي بعض الطرق لبدء الاستفادة من حدسك كأداة مفيدة لاتخاذ القرارات في حياتك المهنية.

ميِّز بين المشاعر الغريزية والخوف. عادة ما يكون الشعور بالخوف مصحوباً بأحاسيس جسدية كالاختناق أو الوهن. وقد تشعر أيضاً بالتوتر أو الذعر أو اليأس. إذ إن للخوف “طاقة دافعة”، كما لو أنك تحاول فرض شيء ما أو انتقاء خيار ما لأنك تريد تجنب الشعور بالتهديد أو الرفض أو العقاب. وعادة ما تطغى على الخوف أفكار تتعلق بنقد الذات وتحثك على الاختباء أو الخضوع أو تقديم تنازلات.

من ناحية أخرى، للحدس “طاقة ساحبة” كما لو أن اختيارك يوجهك نحو ما هو في صالحك، حتى إن كان ذلك يعني المخاطرة أو التحرك بسرعة أبطأ من الآخرين. وعادة ما يكون هذا مصحوباً بالشعور بالحماس والترقب أو الراحة والرضا. فالمشاعر الغريزية عادة ما تساعد جسمك على الاسترخاء. وعند الاستماع إلى حدسك يكون صوتك الداخلي أكثر هدوءاً وحكمة كالموجه الحكيم.

ابدأ باتخاذ قرارات صغيرة. اختر الملابس التي انجذبت إليها دون تقييم الكثير من المتغيرات أو ارفع يدك وتحدث في أحد الاجتماعات دون خوف. فاتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة مع عواقب بسيطة تجعلك تشعر بالراحة حيال اتباع حدسك. ومن خلال البدء بخطوات صغيرة، فأنت بذلك تخفف من حدة الشعور بالإحباط، وتساعد نفسك تدريجياً على اتخاذ قرارات أكبر وتنطوي على ضغوط أكثر بقدر أكبر من الثقة بالنفس. هذا النهج فعال لأنه يبني قدرتك على “التغلب على الأزمات العاطفية” والتحكم في مشاعرك خلال المواقف التي تشعرك بعدم الارتياح.

جرّب خياراتك. عندما تبدأ باتباع حدسك لأول مرة، قد لا تتمكن من اتخاذ القرارات بسرعة. بدلاً من الإفراط في التفكير، تصرف كما لو أنك اتخذت القرار بالفعل. لمدة يومين إلى 3 أيام، تصرف كما لو كنت قد اخترت الخيار “أ”، وليكن على سبيل المثال فرصة توظيف في قطاع جديد. وراقب طريقة تفكيرك ومشاعرك. وبعد ذلك، لمدة يومين إلى 3 أيام أخرى، تصرف كما لو أنك اخترت الخيار “ب”، وليكن البقاء في مسارك المهني الحالي. وفي نهاية التجربة، قيِّم ردود أفعالك. إذ يمكن أن تشير محاكاة النتيجة إلى الكثير من الأمور عن النتيجة التي تريد تحقيقها فعلياً وعن القرار الذي سيكون الأفضل لك. يمكنك أيضاً إجراء قُرعة وملاحظة ما تشعر به حيال النتيجة. إذا كانت النتيجة هي “رفض صفقة كبيرة”، على سبيل المثال، فهل ستشعر بالبهجة والراحة؟ أم القلق والخوف؟

أجرِ “اختبار القرارات السريعة”. الاعتماد على الإدراك السريع، أو ما يُعرف بـ “التقطيع الرفيع” (thin-slicing)، يمكن أن يسمح لعقلك باتخاذ القرارات دون الإفراط في التفكير، كما أنه يساعدك على تعزيز ثقتك بحدسك. يمكنك تجربته من خلال إجراء “اختبار القرارات السريعة”. اكتب على ورقة سؤالاً مثل “هل سيسعدني قبول الترقية؟”، ثم اكتب “نعم” و”لا” أسفل السؤال. اترك قلماً بالقرب منك، وبعد بضع ساعات عد إلى الورقة وضع على الفور دائرة حول إجابتك. قد لا تكون إجابة تحبذها، خاصة إذا كان السؤال حول قرار مهم، ولكن هناك احتمال كبير أن تكون أجبرت نفسك على الإجابة بصدق.

اعتمد على قيمك. تمثل قيمك الأساسية ما هو مهم بالنسبة إليك، مثل الحرية أو التنوع أو الاستقرار أو الأسرة أو الهدوء. لنفترض أنك تشعر بالتوتر بعد يوم عمل طويل لم تسر فيه الأمور كما أردت، يمكن أن تساعدك قيمك الأساسية على تحديد مصدر إحباطك وفهمه بصورة أوضح. على سبيل المثال، ربما تحرص على الصدق وما يُشعرك بالتوتر هو أنك لم تشارك مشاعرك الحقيقية بشأن مسألة مهمة. وبذلك باستخدام قيمك، يمكنك تحديد مصدر مشاعرك وتكوين منظور حول الموقف.

خصص بعض الوقت اليوم للتفكير في قيمك الأساسية. وفي المرة القادمة التي تجد فيها صعوبة في اتخاذ قرار ما، اسأل نفسك “ما هو الإجراء أو القرار الأكثر اتساقاً مع قيمي الأساسية؟”. فالبحث بداخلك يمكن أن يساعدك على التخلص من التوتر الذي يؤدي إلى الدخول في دوامة التفكير المفرط.

أخيراً، ضع في اعتبارك أن الحدس لا يمكن أن يزدهر في البيئات المليئة بالضغوط. لذا، امنح عقلك مساحة للشرود وإنشاء صلات. وتذكر أنه على الرغم من أن الحدس ليس مثالياً، فإنه أيضاً أداة لاتخاذ القرار من المرجح أنك لا تستفيد منها بما فيه الكفاية في الوقت الحالي. جرب هذه الاستراتيجيات، وقد تندهش عندما تكتشف أن الاعتماد على الحدس أقوى مما تدرك في اتخاذ القرارات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .