هل تعاني من مشكلة دوران العمالة؟ إليك 4 خطوات فعالة لاستبقاء موظفيك

6 دقائق
الاستكشاف الكبير
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: أجبرنا العيش في ظل الجائحة على إعادة النظر في أولوياتنا الشخصية والمهنية. وقد نبهنا العمل عن بُعد إلى إمكانية فك الارتباط بين الوظائف والموقع الجغرافي، وأسواق العمل تشجعنا على ذلك. أدت هذه القوى مجتمعة إلى ما يُسمى بـ “الاستقالة الكبرى”، لكن المؤلفين يعتقدون بأن المصطلح الأفضل لوصف ذلك هو “الاستكشاف الكبير” لأنه يتيح للقادة الاستفادة من الإمكانات الكبيرة المتاحة في الوقت الحالي. وإذا دمجت الاستكشاف مع التعاطف والدعم، فستتمكن من تهيئة شركتك وأهم مواردها (موظفيك) لمرحلة نهضة على الصعيدين الشخصي والمهني. كشفت المحادثات التي أجراها المؤلفان مع كبار مسؤولي الموارد البشرية الذين تيسِّر شركاتهم هذا الاستكشاف عن 4 موضوعات رئيسية: أنهم يعطون الأولوية لأهداف الموظف، ويدعمون المرونة، ويسمحون بالتنوع والسعي وراء الشغف خلال يوم العمل، ويعدّون سفراء للعلامة التجارية.

 

ما زالت موجة “الاستقالة الكبرى” مستمرة في الارتفاع أمام أعيننا. إذ تزداد أعداد المستقيلين كل شهر؛ فقد استقال ما يقرب من 57 مليون أميركي في الفترة ما بين يناير/كانون الثاني عام 2021 وفبراير/شباط عام 2022. ويبدو أن العديد من الشركات تكافح للحصول على إجابات في ظل الارتفاع الهائل في معدلات الاستنزاف.

إذاً، كيف يمكننا إيقاف هذا النزيف؟ ربما من الأفضل تغيير مسار السرد؛ فبدلاً من التركيز على نتيجة واحدة، أي الاستقالة، نحتاج إلى فهم العملية الأساسية الأكثر دقة والأقدر على إحداث تحول: سلسلة من الرحلات الفردية التي أطلق عليها مايك اسم “الاستكشاف الكبير”.

أجبرنا العيش في ظل جائحة على إعادة النظر في أولوياتنا الشخصية والمهنية. وقد نبهنا العمل عن بُعد إلى إمكانية فك الارتباط بين الوظائف والموقع الجغرافي. وأسواق العمل تشجعنا على ذلك. إنها صحوة شخصية تنمي حركة استكشافية تعيد بدورها تشكيل دوافعنا وكيفية عملنا وعيشنا وتفكيرنا في مستقبلنا. قالت المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لشركة ثرايف غلوبال (Thrive Global) المتخصصة في تكنولوجيا تغيير السلوك، أريانا هافينغتون: “لا يترك الأشخاص وظائفهم دون سبب؛ فهم يرفضون فكرة أن يكون الاحتراق الوظيفي هو الثمن الذي يتعين عليهم دفعه من أجل النجاح”.

يُعد “الاستكشاف” إطاراً بنّاءً وتمكينياً أكثر من “الاستقالة”. إذا كنت تركز على الاستقالة، فأنت تستجيب لعَرَض بدلاً من معالجة السبب الجذري. سيكون القادة الذين يعيدون توجيه أنفسهم نحو الاستكشاف، بدلاً من الخوف من الاستقالات، قادرين على الاستفادة من الإمكانات الكبيرة المتاحة في الوقت الحالي. وإذا دمجت الاستكشاف مع التعاطف والدعم، فستتمكن من تهيئة شركتك وأهم مواردها (موظفيك) لمرحلة نهضة على الصعيدين الشخصي والمهني.

لفهم كيف تسهّل الشركات الذكية القيام بالاستكشاف الكبير على نحو أفضل، عقد كيث اجتماع مائدة مستديرة للرؤساء التنفيذيين لشؤون الموارد البشرية كجزء من المبادرة البحثية “المضي قدماً في العمل” (Go Forward to Work)، وقد بدأ كيث هذا المشروع لرصد أفضل الممارسات المتعلقة بطرق العمل الجديدة في أثناء الجائحة. وقد لاحظنا 4 موضوعات رئيسية:

أعطِ الأولوية للأهداف

أعاد كوفيد-19 توجيه تفكير العاملين، وأصبحوا يتساءلون: لماذا أفعل ما أفعله؟ ما الذي أجيد فعله؟ كيف يمكنني النجاح والازدهار؟

ساعدهم على استكشاف الإجابات عن هذه الأسئلة. وفقاً لبحث أجرته كلية لندن للاقتصاد بتكليف من شركة يونيليفر (Unilever)، كان الموظفون الذين اكتشفوا هدفهم أكثر عرضة بنسبة 49% إلى امتلاك دافع داخلي، وبنسبة 33% إلى التمتع بمستوى أعلى من الرضا الوظيفي، وبنسبة 25% إلى بذل جهد استثنائي. يقول الرئيس التنفيذي لشؤون الموارد البشرية بشركة جونسون كونترولز (Johnson Controls)، مارلون سوليفان، الذي أشار إلى أن الاستطلاعات التي تُجرى عند مغادرة الشركة عادة ما تسأل عن المدراء والثقافة والتعويضات وعوامل أخرى: “المفارقة هي أنه إذا سألت معظم الرؤساء التنفيذيين لشؤون الموارد البشرية عن السبب الأول لمغادرة الأشخاص، فلن تكون الإجابة هي أنهم غادروا بسبب أهدافهم، لأننا لا نسأل عنها. ولكن هل يُعد الهدف عاملاً رئيسياً؟ بكل تأكيد”.

أجرِ محادثات فردية مع مرؤوسيك المباشرين لمعرفة ما يجدد طاقتهم وما الذي قد يجعلهم يفكرون في الاستقالة، ثم تصرَّف بناءً على إجاباتهم. قالت الرئيسة التنفيذية لشؤون الموارد البشرية بشركة كير سنتريكس (CareCentrix)، كارين كيايو: “الساعة التي تستثمرها في شخص ما هي مؤشر على أنك تقدره وترى ما يحققه وتعلم أن بإمكانه تحقيق المزيد. فالأمر يتعلق بفهم ما يحفزه للقيام بعمله”.

يمكنك أيضاً تقديم الموارد والدعم، مثل منصة التدريب والتحول التابعة لشركة بتر أب (BetterUp)، لمساعدة الموظفين على أن يظلوا متسقين ليس فقط مع قيمهم ولكن أيضاً مع احتياجاتهم وتطلعاتهم المتغيرة. تقدم شركة يونيليفر ورشة عمل بعنوان “اكتشف هدفك”، وقد ساعدت أكثر من 54 ألف موظف على معرفة دوافعهم. إذ يمكن أن تساعد هذه الأدوات على تقديم الخبرات التي تعزز النمو الشخصي والمهني والشعور بالانتماء.

ادعم المرونة

يمكن للأدوات الحديثة المستخدمة للعمل عن بُعد تعزيز التعاون والدعم والمرونة بقدر أكبر بكثير مما رأيناه خلال الجائحة. أظهِر لموظفيك أنك ستستخدم هذه الأدوات لتمكينهم من إيجاد ركيزة جديدة تساعدهم على تحقيق التوازن بين حياتهم الشخصية وعملهم.

أنشئ مجموعات لدعم الأقران، بحيث تكون مكونة من مجموعات صغيرة ومترابطة تقدم التشجيع والمساءلة. وهذا هو ما فعلته شركة ويت واتشرز (Weight Watchers) عندما وجهت تركيزها نحو تقديم التدريب المهني عن بُعد فقط لموظفيها، وأنشأت مجموعات تراوح تركيزها ما بين “كيف تصبح أفضل مدرب عبر الإنترنت؟” و”التغلب على التحديات المتعلقة برعاية الأطفال”. ثم فكر في كيفية إدماج المرونة في جداول عمل موظفيك، سواء من خلال تجربة العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع، كما فعلت يونيليفر، أو عن طريق تقليل مدة الاجتماعات مع التركيز على العمل غير المتزامن والعمل الهجين، كما فعلت غيت لاب (GitLab) ودروب بوكس (Dropbox). لن تكون جميع الحلول مناسبة لجميع الشركات، لذا ينبغي لكل شركة البحث عن الحلول التي تناسبها.

أخيراً، ابحث عن طرق مبتكَرة لتوفير مزايا إضافية لفريقك. تذكر أنهم ليسوا مجرد موظفين، بل أعضاء في مجتمعك. إذا كنت تحاول النهوض بالتطوير المهني من خلال برنامج أو فرصة للتدريب مثل تلك المتاحة على منصة لينكد إن ليرنينغ (LinkedIn Learning)، فاجعلها متاحة لعائلاتهم أيضاً. على سبيل المثال، جعلت شركة يونيليفر منصتها التعليمية الرقمية ديجريد (Degreed) متاحة لعائلات الموظفين. إذ يمكن لهذه الممارسة، التي تسميها رئيسة قسم شؤون الموظفين في شركة بروكور (Procore) بات وادورز “تقاسم الأرباح مع مجتمعك”، أن تزيد مستوى ولائهم.

حقق التنوع واسمح بالسعي وراء الشغف خلال يوم العمل

تَبين من خلال المحادثات التي أجريناها في اجتماع المائدة المستديرة أن الموظفين يفضلون تنوع الخبرات أكثر من السير في مسار واحد. لذا، اجعل هذه الثقافة جزءاً من الحمض النووي للشركة.

كيف يمكن تحقيق ذلك عملياً؟ تبني الشركات الذكية بيئات عمل احترافية يمكن للموظفين التنقل فيها. على سبيل المثال، تستخدم يونيليفر منصة فليكس (Flex)، وهي منصة داخلية ينشر فيها الموظفون فرص عمل قصيرة الأجل على نطاق الشركة. تضم المنصة 10 آلاف مستخدم نشط بإمكانهم اكتساب خبرة والتعرف على مختلف أقسام الشركة. ويمكن أن يمتد هذا النهج إلى خارج الشركة: تبحث شركة يونيليفر عن طرق للعمل مع مؤسسات شريكة بشأن كيفية نقل الموارد فيما بين الشركات.

أيضاً، شجع موظفيك على متابعة العمل على المشاريع التي يشعرون بالشغف تجاهها، ما يعزز أهدافهم أيضاً. على سبيل المثال، يُلزم أحد الفِرق في شركة إنتل (Intel) أعضاءه بتكريس ما يصل إلى 20% من وقتهم لهذه المشاريع التي يمكن أن تكون مبادرة غير ربحية أو عملاً خيرياً أو مشروعاً جديداً تماماً.

ولدى شركة إرنست آند يونغ (EY) برنامج لمسؤولية الشركات، يسمى “إي واي ريبلز” (EY Ripples)، لتشجيع الموظفين على المساعدة في إيجاد حلول للتحديات الاجتماعية والبيئية الملحة التي تواجهنا اليوم. وقد أخبرتنا مديرة للعلاقات الاستراتيجية في شركة إرنست آند يونغ في القارتين الأميركيتين، سارة فرانسيس، عن المبارِزة الأوليمبية السابقة، إنزينغا بريسكود، التي تعمل في فريقها المختص بالبيانات والتي حصلت على منحة من برنامج “إي واي ريبلز” لمؤسستها غير الربحية فنسينغ إن ذا بارك (Fencing in the Park) وتقضي وقتها في العمل بها. قالت فرانسيس: “أدى ذلك إلى بث الطاقة والحماس في نفوس الموظفين. وبالنسبة إلى أبناء الجيل زد وجيل الألفية على وجه الخصوص، يُعد هذا مساراً آخر ليس فقط للاندماج في العمل والاستمرار فيه، ولكن أيضاً لتحقيق أهدافهم وإحداث تأثير”.

أعِدَّ سفراء لعلامتك التجارية

قد يؤدي الاستكشاف الكبير إلى مغادرة الموظفين في بعض الأحيان، ولا بأس في ذلك. قال الرئيس التنفيذي لشؤون الموارد البشرية في شركة ماستركارد (Mastercard)، مايكل فراكارو: “اسمح لهم بالمغادرة وسيصبحون سفراء لعلامتك التجارية، على أمل أن يعودوا في النهاية. فأنت بذلك أعددت خريجين قد يرغبون في العودة إلى العمل في المكان الذي تخرّجوا فيه”.

قالت الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة هيدسبيس (Headspace)، سيسي موركن، إن هيدسبيس تتتبع “موظفيها العائدين“، وأضافت أن هذا “جعلهم أكثر قيمة بالنسبة إلينا؛ فقد خرجوا من مكاتبنا ثم عادوا بخبرات مختلفة”.

يمكن إضفاء صبغة رسمية على سياسة العودة من خلال إجازات التفرغ العلمي أو الزمالات أو أن تكون مجرد سياسة عودة غير رسمية تنص على أن بابك مفتوح دائماً. إذا كنت تحرص على مصلحة فريقك، فينبغي أن تدعم ما هو مناسب لهم مهنياً. سيتفهمون ويقدرون ذلك، وإذا كنت قد شاركت في إرساء ثقافة شركتك على نحو سليم، فسيكونون أيضاً من أكبر المؤيدين لك وسيخبرون الجميع عن عملك الجيد.

في الوقت الذي يعي فيه العاملون تماماً الحاجة إلى أن يحافظوا على أهميتهم وأن يكونوا مهرة ومستعدين على الدوام، بينما يستكشفون الخيارات المتاحة لهم، فإنهم يريدون صاحب عمل يدعم نموهم. وعندما تلتزم بتنمية مهاراتهم في بيئة تساعدهم على الازدهار، سيقدمون أفضل ما لديهم في العمل والحياة الشخصية.

إنها رحلة، وهذه الأفكار هي مجرد بداية. فنحن نبحث دائماً عن المزيد من أفضل الممارسات. أخبرنا على مبادرة “المضي قدماً في العمل” بالكيفية التي تشجع بها على الاستكشاف الكبير. إنه عالم عمل جديد ومثير، فدعونا نخوض غماره معاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .