الأعمال التحويلية الجديدة

18 دقيقة
الأعمال التحويلية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

الهدف النهائي للأشخاص الذين يذهبون إلى مراكز اللياقة البدنية ليس الوصول إلى الأجهزة الرياضية أو المدربين، بل التمرن لتحسين صحتهم ولياقتهم. وما يدفع الأشخاص إلى زيارة الطبيب أو الدخول إلى المستشفى ليس الحصول على وصفات دوائية أو فحص طبي أو إجراءات علاجية، بل التعافي. ودافع الطلاب الأساسي للذهاب إلى الكلية ليس شراء الكثير من الكتب أو تصحيح الأساتذة لبحوثهم وامتحاناتهم أو حتى خوض جميع جوانب تجربة الفصل الدراسي والكلية، بل اكتساب مهارات أو خبرات وبدء مشوارهم المهني.

غالباً ما تسعى مراكز اللياقة البدنية ومقدمو الخدمات الطبية والكليات والمؤسسات في العديد من القطاعات الأخرى إلى تمييز أنفسها على صعيد جودة ما تبيعه ومدى ملاءمته والتجربة التي يوفرها فقط. لا يعني ذلك أن هذه الأشياء ليست مهمة، لكنها مهمة فقط كوسيلة لتحقيق الغايات التي يسعى إليها الأشخاص، وتغفل مؤسسات عديدة عن هذه الحقيقة. وحتى عندما تروج المؤسسات لما تبيعه لتلبية تطلعات العملاء، فإنها نادراً ما تصمم حلولاً مفهومة بالنسبة إليهم. بدلاً من ذلك، يجب على الأفراد جمع ما يعتقدون أنهم بحاجة إليه لتحقيق أهدافهم، مثلاً الذهاب لمدرب واتباع نظام غذائي معين والاستعانة بشبكة من الداعمين لإنقاص وزنهم.

على الرغم من أن لدينا جميعاً الكثير من الآمال والأهداف والطموحات، فمن الصعب للغاية إحداث تغيير كبير بمفردنا. لذا، ينبغي للشركات إدراك الفرصة الاقتصادية التي تتيحها الأعمال التحويلية التي تتعاون من خلالها الشركات مع المستهلكين لتحسين بعض الجوانب الأساسية في حياتهم وإحداث تحولات فيها.

كيف نجعل التحولات فريدة؟

خلق قيمة اقتصادية من التحولات يتطلب أولاً فهماً كاملاً لما يعنيه أن تكون في مجال الأعمال التحويلية. ما الذي يتطلبه ذلك؟

بيع منتج اقتصادي مميز. كما وصف جوزيف باين وجيمس جيلمور في مقالة “مرحباً بكم في عالم اقتصاد التجربة” (Welcome to the Experience Economy) التي نُشرت في هارفارد بزنس ريفيو، عدد يوليو/تموز – أغسطس/آب عام 1998، فإن الشركات (والاقتصادات) تخلق قيمة على نحو متزايد مع تحولها من بيع السلع إلى تصنيع السلع ثم إلى تقديم الخدمات وإعداد التجارب. وتذهب التحولات بهذا التسلسل إلى المستوى الخامس وفيه تساعد الشركات العملاء على تحقيق تغيير كبير.

التركيز على نجاح العميل. السلع والخدمات وحتى التجارب التي تقدمها الشركة مهمة فقط فيما يتعلق بالكيفية التي تساعد بها العملاء على تحقيق النتائج المنشودة. لذلك يجب أن يكون تعريف كل عميل للنجاح هو الدليل الذي تسترشد به الشركة فيما يجب أن تفعله إذا أرادت التنافس على صعيد إحداث تحولات.

فكرة المقالة باختصار

الفرصة الضائعة

رقمنة نظام الشركة لإدارة سلسلة التوريد الخاصة بها هو مشروع تحول ضخم يستغرق من 3 إلى 5 سنوات ويكلف عشرات الملايين من الدولارات.

السبب الجذري

غالباً ما تركز الشركات على جودة عروضها أو ملاءمتها أو التجربة التي توفرها، ولا ترى أن دورها يتمثل في أن تكون شريكة للمستهلكين بكل ما للكلمة من معنى في رحلات تحولاتهم.

الحل

بناء عمل تجاري تحويلي من خلال التأكد من “المهمات التي يحتاج العميل إلى إنجازها”، وفهم شكل النجاح في كل مرحلة من مراحل الرحلة، وتحديد العوائق، وترجمة هذه المعرفة إلى عرض.

امتلاك عقلية تقديم الحلول. تتطلب التحولات الحقيقية حلولاً كاملة، لكن معظم الشركات لا تقدم سوى جزء صغير مما يحتاج إليه العملاء، مثل الأجهزة الرياضية ليصبحوا أكثر لياقة وأحد التطبيقات لمساعدتهم في الحصول على نوم هانئ ومنتجع صحي لخلق جو رومانسي مع شريك الحياة. وغالباً ما تترك الشركات العملاء يحققون التغيير الفعلي الذي يسعون إليه بجهودهم الذاتية. ونتيجة لذلك، غالباً ما يفشل العملاء في ذلك. على النقيض من ذلك، توفر الشركات التي تنافس من خلال إحداث تحولات للعملاء، بمفردها أو بالتعاون مع آخرين، كل ما يحتاج إليه العملاء لتحقيق النجاح.

تعتمد هذه النتيجة على التزام كل عميل بتحقيق هدف يتفق عليه هو والشركة. وهذا هو نهج وحدة “بروفايل باي سانفورد” (Profile by Sanford) المسؤولة عن منح الامتيازات التجارية في نظام “سانفورد هيلث” (Sanford Health) بمدينة سيو فولز في ولاية داكوتا الجنوبية بالولايات المتحدة، والتي توجه الأشخاص لإنقاص وزنهم من خلال نظام صحي وغذائي مخصص قائم على حمية “الكيتو” وتناول 6 وجبات في اليوم. (إفصاح: ألقى جيمس جيلمور كلمة في مؤتمر سنوي لأصحاب الامتياز التجاري تنظمه وحدة “بروفايل” مقابل رسوم تُدفع لمرة واحدة ثم أصبح عضواً في “بروفايل” وفقد 23 كيلو غراماً من وزنه خلال عام، وليس لديه أي ارتباطات مع الشركة في الوقت الحالي). يناقش مدربو “بروفايل” الموضوعات المتعلقة بالنشاط وأسلوب الحياة أولاً في جلسة استكشافية مدتها 90 دقيقة مع كل عميل محتمل ثم يوضحون أسعار العضوية السنوية. وإذا أراد الشخص المضي قدماً، يطلب منه المدرب رفع يده وقراءة تعهد. ووقتها فقط يأخذ المدرب مقاسات الجسم والوزن ويضع مع العميل هدفاً أولياً. ومن المثير للاهتمام أن التعهد لا ينطوي على وعد من العميل بفقدان قدر معين من الوزن، بل مطالبة بالالتزام بالعملية التي ستشمل التحدث مع المدرب عبر الهاتف أو دردشة مباشرة أو وجهاً لوجه لمدة 30 دقيقة كل أسبوع لمدة عام كامل.

تُجرى المحادثات الأسبوعية لضمان فهم العملاء لمختلف الخطط ومخططات التغذية والإرشادات المتعلقة بالحصص الغذائية والتطبيق المخصص لتتبع التقدم المحرز الذي تم توفيره لمساعدتهم في التسوق لشراء مكونات كل وجبة وإعدادها. وبمرور الوقت، يُسمح للمدربين أيضاً بتقديم موضوعات حول تغيير السلوك مثل التشجيع على ممارسة المزيد من التمارين الرياضية.

تتطلب التحولات الحقيقية حلولاً كاملة، لكن معظم الشركات تترك العملاء يحققون التغيير الفعلي الذي يسعون إليه بجهودهم الذاتية.

(على سبيل المثال، اركن السيارة بعيداً عن الوجهة المعتادة)، وإضافة أصناف متنوعة إلى الوجبات (يمكن استخدام خلطات “بروفايل” لإعداد البودينغ أو المشروبات المخفوقة)، واستخدام حيل للتشجيع على تبنّي عادات جديدة (مثلاً الكوسة المقطعة على شكل شرائط بدلاً من المكرونة الغنية بالنشويات). وبدلاً من أن تغرق الشركة عملاءها بكل ما تعرفه مقدماً، تقدم لهم رؤى أسبوعية مستقاة من مؤشراتها لضمان نجاح العملاء.

يستشهد الباحثون في “بروفايل باي سانفورد” بدراسات تشير إلى أن نهجهم أكثر فعالية من غيره. فقد أظهرت دراسة أجراها هيونتاي كيم و5 آخرين (اثنان منهم من موظفي “سانفورد”) ونُشرت في “المجلة الأميركية للسلوك الصحي” (American Journal of Health Behavior)، أنه كلما زادت اللقاءات الفردية بين الأشخاص ومدربيهم، زاد الوزن الذي فقدوه (ما يقرب من 8,800 مشارك فقدوا أكثر من 8% من وزنهم في المتوسط). وأشار بحث منفصل إلى شيئين: خطط التغذية المنظمة التي تدعم المشاركين تتفوق على تلك التي تقدم وجبات منخفضة السعرات الحرارية فقط، والتدريب الإرشادي الشخصي أكثر فعالية من الدروس المسجلة. على سبيل المثال، ركزت دراسة نُشرت في “المجلة الطبية البريطانية المفتوحة لبحوث العناية بالسكري” (BMJ Open Diabetes Research & Care) على شركة “أومادا” (Omada)، وهي شركة منافسة يتضمن برنامجها دروساً مسجلة فقط. وكشفت أن الأفراد في برنامج “أومادا” فقدوا في المتوسط 5% من وزنهم خلال 16 أسبوعاً و4.7% خلال 12 شهراً. وبيّنت دراسة منفصلة، نُشرت في “المجلة الدولية لبحوث البيئة والصحة العامة” (International Journal of Environmental Research and Public Health)، أن عملاء “بروفايل” فقدوا في المتوسط 8.1% من وزنهم بعد 3 أشهر من بدء البرنامج و8.2% خلال 12 شهراً.

تعريف التحول الناجح

استناداً إلى عملنا في فهم احتياجات العملاء وكيفية تصميم عروض مبتكرة وتجارب هادفة، أنشأنا عملية من 3 خطوات لمعرفة ما يمكن للعملاء بشكل عام أو لمجموعات محددة من العملاء النظر إليه على أنه تحول ناجح. بالتسلح بهذه المعرفة، يمكن للشركات تصميم عروض تحويلية.

التحقق من المهمات الواجب إنجازها. يتعين على المسؤولين التنفيذيين فهم ما يريد العملاء تحقيقه، أي المهمات الواجب إنجازها. وتنقسم هذه المهمات إلى 4 فئات.

تمثل المهمات العملية هدفاً أو مهمة يحاول العميل إنجازها (مثل إعداد وجبة) أو مشكلة يحتاج العميل إلى حلها (مثل تخفيف آلام المفاصل). تركز بعض المهمات العملية على أمور محددة وتؤدي إلى إيجاد حلول محددة، لكن ينطوي البعض الآخر على إجراء تغيير فردي، مثل الشفاء من مرض ما أو اكتساب مهارة ما أو سداد جميع ديونك، وما إلى ذلك.

تتعلق المهمات العاطفية بالمشاعر (التمكين – التقدير) التي يريد الأشخاص زيادة أو تقليل الشعور بها في لحظة معينة أو ظروف مستقبلية.

وتتعلق المهمات الاجتماعية بكيف يرغب الفرد في أن يُنظر إليه (جذاب – محترف) أو كيف يرتبط بالآخرين (بالتشجيع أو بالتعاطف).

تقع المهمات المتعلقة بالطموح على قمة الأشياء التي تحفز الأشخاص؛ فهي تنطوي على ما يرغب الفرد في أن يكون عليه: محبوباً ويعيش الحياة على أكمل وجه وآمناً مالياً وناجحاً مهنياً، وما إلى ذلك. قد تشمل هذه المهمات رحلة تستمر مدى الحياة، وغالباً ما تكون غير مفهومة جيداً، ونتيجة لذلك تهملها الشركات.

يمكن للشركات استخدام عدة طرق لفهم المهمات التي يحتاج العملاء إلى إنجازها، بما في ذلك إجراء مقابلات وعمليات رصد والاستفادة من علم وصف الأعراق البشرية “الإثنوغرافيا”. فالبيانات لن تكشف وحدها عما يحفز الأشخاص أو أهدافهم أو المشكلات التي يريدون حلها.

حتى عندما يعبر العملاء عن رغباتهم من حيث المهمات العملية فقط، سيسعى المحاور الماهر إلى فهم المهمات العاطفية والاجتماعية والمتعلقة بالطموح القابعة تحت السطح. يُعد “نظام تويتا الإنتاجي” (Toyota Production System)، الذي يشتمل على طرح “5 أسئلة عن السبب”، مفيداً بوجه خاص في اكتشاف تطلعات الزبائن. على سبيل المثال، إذا سُئلت طالبة عن سبب سعيها إلى الحصول على ماجستير في إدارة الأعمال، قد تتحدث عن المهارات المختلفة التي تريد تنميتها. ولكن عندما تُسأل عن دوافعها لتنمية تلك المهارات، قد تجيب بأنها تريد العثور على وظيفة أفضل، وهذا بدوره قد يكون بسبب رغبتها في الشعور بالفخر أو أن يُنظر إليها على أنها تتمتع بالكفاءة أو أن تصبح قائدة شركة.

تعريف النجاح على طول الطريق. يجب أن تقضي الشركات بعض الوقت في التفاعل مع العملاء لفهم كيف يبدو النجاح في كل مرحلة على طول رحلة التحول. كما ينبغي أن تفكر الشركات في المفاهيم والقرارات والمهمات الجديدة المطلوبة من الفرد للاستعداد وإحراز تقدم والحفاظ على النتائج المرجوة. عادة ما يتضمن النجاح في كل مرحلة إنجاز الأمور في المواعيد المحددة دون مشكلات مع تحقيق نتائج إيجابية. للحصول على رؤى حول رحلة معينة، من المفيد طرح أسئلة حول كل مرحلة، مثل: “ما الذي تود رؤيته يحدث بسرعة؟ ما هي المشكلات أو التناقضات التي ترغب في تجنبها؟ كيف يبدو النجاح؟” (لمعرفة كيفية الكشف عن فرص الابتكار عبر مراحل إنجاز مهمة ما، اطلع على مقالة “خريطة الابتكار المتمركز حول العميل”، هارفارد بزنس ريفيو، مايو/أيار عام 2008).

على سبيل المثال، كشفت المقابلات التي أجراها لانس بيتنكورت مع المرضى لصالح شركة ناشئة مقدمة لخدمات الطبابة عن بُعد أن النجاح خلال رحلة التعافي من مرض ما يعني بشكل عام أن المرضى لم يشعروا أن الطبيب على عجلة من أمره في أثناء الزيارة الطبية، وكانوا يفهمون تشخيص حالتهم بشكل كامل، وحصلوا على توصيات فعالة بشأن حالتهم، وفهموا بوضوح التدابير التي يتعين عليهم اتخاذها للتحسن، وكان بإمكانهم تحمل تكلفة العلاج الموصى به. غالباً ما يؤدي الفشل في التطرق إلى هذه النتائج المرحلية إلى الحصول على رعاية لاحقة كانت ستصبح غير ضرورية لولا ذلك.

هذا الوضع مثالي لتقديم عرض تحويلي، خاصة لكبار السن أو المرضى الفقراء الذين يعانون من أمراض مزمنة. قد يشمل هذا العرض توفير مساعدين أو داعمين لمساعدة المرضى في إيجاد إجابات عن جميع أسئلتهم، وتطبيق يوجه المرضى ويحفزهم على أداء دورهم الأساسي في التعافي، وخدمات الطبابة عن بُعد لمتابعة حالتهم الصحية، وأطقم طبية مدربة لدعم احتياجاتهم المادية والعاطفية، ومدفوعات مرتبطة بتحقيق نتائج ناجحة في العلاج.

تحديد العوائق. بمجرد أن تعرف الشركة ما يعنيه النجاح بالنسبة إلى العميل، فإن الخطوة الأخيرة هي تحديد العوائق التي تعترض طريق العميل واكتشاف كيفية المساعدة في التغلب عليها. توجد هذه العوائق في 3 مجالات أساسية: الموارد (العروض المتاحة والوقت والميزانية)، واستعداد العملاء (المهارات والدافع والوضوح)، والسياق (مكان إنجاز الأشياء وزمانه).

يمكن أن تساعد المحادثات التي تُجرى مع العملاء في تحديد العوائق. على سبيل المثال، قد يستسلم مَن يتبع حمية غذائية لإغراء تناول وجبات غير صحية في آخر الليل، وقد يفتقر الطالب إلى بعض المهارات الدراسية، وقد لا يكون لدى المريض الوقت أو الرغبة أو الموارد للالتزام بالعلاج الموصوف له. يمكن طرح أسئلة على العملاء من قبيل: كيف تفشل العروض الحالية في تلبية احتياجاتك؟ ما هي الجوانب التي تفتقر فيها إلى المعرفة أو الدافع؟ ما الذي يمنعك من تحقيق التقدم المنشود؟ لكن لا ينبغي للشركات التوقف عند هذا الحد؛ إذ ينبغي لها أيضاً استشارة خبرائها الداخليين، الذين قضوا وقتاً مع العملاء لفهم ما يحول دون تحقيق النجاح، ومتخصصين خارجيين درسوا تحديات معينة مثل معاناة مرضى السكري لإبقائه تحت السيطرة. ويمكن أن تساعد هذه المصادر أيضاً في تحديد أوجه القصور في السلع والخدمات والتجارب المتاحة للعملاء في الوقت الحالي.

دراسة حالة: شركة “ترو كونكت”

دعونا نلقي نظرة على الطريقة التي تتبعها شركة “ترو كونكت” (TrueConnect) الموفرة للمزايا المالية لمساعدة الأشخاص ذوي درجات الجدارة الائتمانية المنخفضة في الحصول على قروض يمكنهم سدادها. عندما يقع هؤلاء الأشخاص في ضوائق مالية بسبب فواتير طبية غير متوقعة أو التعرض لحادث سيارة أو حتى عطل في أحد الأجهزة، غالباً ما يكون ملاذهم الوحيد هو الحصول على قروض بفائدة مرتفعة مثل القروض التي تُسدد يوم قبض الراتب بتكلفة أعلى من قيمتها أو القروض التي تُمنح بضمان ملكية السيارة، ما يجعلهم في وضع أسوأ في نهاية المطاف؛ فهم يحصلون على قروض بسعر فائدة أعلى مما يمكنهم سداده، ما يجعلهم أكثر عرضة لأزمة أخرى.

أدت المحادثات التي أجراها مؤسسو “ترو كونكت” مع الأشخاص ذوي درجات الجدارة الائتمانية المنخفضة إلى تكوين رؤى حول مهماتهم التي يجب إنجازها والصعوبات التي مروا بها والعقبات التي واجهوها في محاولة الوصول إلى الأموال عند التعرض لعجز مالي. فتاريخهم الائتماني غالباً ما يجعل الحصول على قروض من المؤسسات المالية التقليدية مستحيلاً. وحتى عندما تكون تلك المؤسسات مستعدة للإقراض، فإنها نادراً ما تقدم الأموال بالسرعة الكافية. وبالتالي، فإن المقترضين المحتملين يتأخرون بشكل أكبر في دفع فواتيرهم أو يسعون إلى الحصول على أموال من المقرضين الجشعين. كشفت المقابلات التي أجراها المؤسسون أيضاً أن المهمات الواجب إنجازها تجاوزت الحصول على الأموال لمرة واحدة؛ على سبيل المثال أراد العملاء أيضاً تجنب المشكلات المالية المستقبلية أو زيادة درجة جدارتهم الائتمانية بمرور الوقت.

هذه الرؤى والبحوث الأخرى ساعدت “ترو كونكت” على تحديد الخصائص التي يجب أن يتمتع بها البديل الموثوق للقروض التي تسدّد يوم قبض الراتب، مثل أن يكون متوفراً دون اعتبار لدرجة الجدارة الائتمانية وأن يكون من السهل سداده بالكامل. ولذلك وضعت الشركة نموذج عمل يوفر طريقة منظمة تسمح للأفراد الذين تقع دخولهم الأسرية ضمن أدنى 30% بتقديم طلبات القروض والحصول عليها من خلال أصحاب عملهم. (بنك “صن رايز بانكس” (Sunrise Banks) هو الذي يمنح القروض، وهو حاصل على شهادة “بي كورب”). ومع ذلك، فإن العديد من عملائها يحصلون على دخول مرتفعة ولديهم سجل ائتماني ضعيف.

يملأ الموظفون طلباً عبر الإنترنت، وبالتالي لن يشعروا أبداً بالإحراج الناتج عن شرح ظروفهم لشخص آخر. يوافق نظام “ترو كونكت” على القروض في أقل من ثانية بمجرد أن تتحقق الشركة المسجلة من وظيفة مقدم الطلب عبر عملية مؤتمتة بالكامل.

لكن لا تتوقف هذه العملية عند هذا الحد؛ إذ تساعد “ترو كونكت” على ضمان أن يتجنب المقترضون الأزمات المالية عن طريق وضع حد لمبالغ القروض بحيث تكون بنسبة 8% مما يكسبه الموظف سنوياً، وتقديم سعر فائدة سنوي يبلغ 19.99% دون إجراء فحص ائتماني وسعر فائدة منخفض يصل إلى 3.99% مع إجراء فحص ائتماني، وعدم فرض أي رسوم، والخصم من الرواتب تلقائياً لتيسير السداد. وعلى سبيل المقارنة، تتراوح أسعار الفائدة على القروض التي تسدّد يوم قبض الراتب من 200% إلى أعلى من 600%.

لا تُنتَج التحولات في مصنع أو توضع على رف في متجر، بل تتحقق بالتعاون مع الشخص الذي يشهد تحولاً في حياته.

ولتساعد الشركة العملاء على طول رحلتهم إلى ما تسميه “الرفاه المالي”، فإنها تتعاون مع مدربين من مختلف أرجاء البلد لتقديم استشارات مجانية حول موضوعات مثل إعداد الميزانية والالتزام بها، وترتيب أولويات النفقات، والتقليل من أعباء الديون، وبناء تاريخ ائتماني جيد.

تم إطلاق “ترو كونكت” في عام 2013، وتساعد الآن في منح قروض من خلال أكثر من 1,200 صاحب عمل، من الشركات الكبيرة إلى المؤسسات غير الربحية الصغيرة. والموظفون الذين استخدموا نظامها راضون عنه؛ فمتوسط صافي نقاط الترويج الخاص بها يبلغ 76 (يتم حسابه عن طريق طرح النسبة المئوية للعملاء الذين يقولون إنه من غير المرجح أن يوصوا بمنتجك للآخرين من النسبة المئوية لهؤلاء الذين يقولون إنه من المرجح أن يفعلوا ذلك).

تصميم العروض

بمجرد أن تتحقق الشركة من المهمات الواجب إنجازها وتُعرِّف النجاح في كل مرحلة من مراحل الرحلة وتحدد العوائق التي يجب التغلب عليها، يمكنها ترجمة هذه المعرفة إلى عرض تحويلي من خلال استخدام بعض النُهج الخمسة التالية أو جميعها.

1. تكامل الحلول.

تنطوي التحولات على رحلات تشمل العديد من العروض، لذلك يجب على الشركات تحقيق التكامل بين السلع والخدمات والتجارب المطلوبة لمساعدة العملاء على تحقيق النجاح. ولا تحتاج الشركة إلى توفيرها جميعاً بنفسها، بل يمكن أن تتعاون مع الآخرين. يوضح نموذج الرعاية المتكاملة لخدمات الصحة النفسية في “جامعة تكساس كريستيان” قيمة كلا النهجين. (يعمل لانس بيتينكور في “جامعة تكساس كريستيان”).

في أواخر عام 2019، أدرك إريك وود، عالم النفس الذي كان آنذاك المدير الجديد لمركز الاستشارات والصحة النفسية في “جامعة تكساس كريستيان”، أن الاستشارات قصيرة الأجل، أي التي تتكون من 4 إلى 8 جلسات تقريباً على مدار فصل دراسي، هي كل ما صُمم نموذج الصحة النفسية الخاص بالجامعة لتقديمه. وقد أخبرنا أنه حتى ذلك كان يمثل تحدياً لفريقه الصغير المكون من 7 معالجين نفسيين بدوام كامل (وهو من ضمنهم)، بسبب الاحتياجات المتزايدة لما يقرب من 11 ألف طالب في “جامعة تكساس كريستيان”. لذلك قرر وود وضع نموذج رعاية تعاونية شامل بحيث يدمج الموارد الأساسية من داخل الجامعة وخارجها، وقد أتاح لعدد أكبر من الطلاب بنسبة 48% تلقي العلاج في 2020 مقارنة بعام 2019.

تتعاون “جامعة تكساس كريستيان” في الوقت الحالي مع مركز محلي للصحة السلوكية للمرضى الخارجيين الذي فتح مكاتب له في حرم الجامعة. يضمن هذا الإجراء حصول الطلاب بسهولة على الرعاية التي يحتاجون إليها فيما يخص مشكلات الصحة النفسية الجسيمة التي قد تستمر لمدة عام أو أكثر، مثل الاكتئاب والميول الانتحارية وتعاطي المخدرات واضطرابات الأكل. كما أنه يسمح لفريق الجامعة بالتركيز على توفير علاج قصير الأمد للطلاب الذين يعانون من مشكلات أكثر شيوعاً مثل التعامل مع القلق والعلاقات التي تواجه صعوبات.

يدمج نموذج الرعاية التعاونية الشامل أيضاً مصادر أخرى للدعم موجودة داخل الجامعة. على سبيل المثال، غالباً ما يكون قسم شؤون الطلاب هو أفضل مَن يساعد الطالب الذي يعاني من عدم وجود أصدقاء، فهذا القسم يمكنه توصيل الطالب بالأنشطة والنوادي المناسبة. ولدى الجامعة الآن أكثر من 20 مجتمعاً لدعم الأقران يركزون على مسائل مثل الحزن وتعاطي المخدرات والقلق وشكل الجسم وغيرها. تشير النتائج الأولية التي شاركها وود معنا إلى أنه من غير المرجح أن يحتاج الطلاب في تلك المجتمعات إلى استشارات إضافية.

2. إشراك كل عميل بوصفه شريكاً أساسياً.

لا تُنتَج التحولات في مصنع أو توضع على رف في متجر، بل تتحقق بالتعاون مع الشخص الذي يشهد تحولاً في حياته، وبالتالي يجب على الشركة تحديد التوقعات والمعرفة وأساليب التحفيز التي يحتاج إليها العملاء في كل مرحلة من مراحل رحلاتهم. تُترجم الإجابات إلى حلول مصممة للاسترشاد بها في الرحلة، وتجهيز العملاء بشكل كامل لدورهم في عملية التحول، وتقوية عزمهم للصمود في مواجهة الصعوبات. وكلمة “الاسترشاد” هي الكلمة المناسبة تماماً، ففي النهاية يجب على العملاء تحقيق التغيير بأنفسهم، فالشركة تستطيع تهيئة الظروف المثلى فقط.

من الشركات التي تبرع في هذا المضمار شركة “نوم” (Noom)، وهي شركة أخرى تساعد العملاء على إنقاص وزنهم. بدأت “نوم” نشاطها في عام 2008، وكانت توفر في الأصل معدات اللياقة البدنية، لكنها أدركت أن التغيير الحقيقي يتطلب أكثر من مجرد توفير أدوات مفيدة. وفي عام 2014، وظفت الشركة أندرياس مايكلايدز ليكون رئيساً لقسم علم النفس للمساعدة في إعادة النظر في عروضها.

يصف مايكلايدز “نوم” الآن بأنها شركة لتغيير السلوكيات وأخبرنا في مقابلة أن التغيير الدائم يتطلب البدء بالسؤال عن “السبب” وراء أهداف فقدان الوزن للفرد، وقد يتمثل هذا السبب في أن تكون نموذجاً إيجابياً لأطفالك أو التمتع بقدر أكبر من الطاقة والنشاط أو تجنب الإصابة بمرض مزمن. يساعد توضيح السبب وتذكير العملاء بشكل متكرر بهذا السبب الأكبر في الحفاظ على حماسهم بمرور الوقت وإعادتهم إلى المسار الصحيح بعد الإخفاقات الحتمية مثل الإفراط في تناول الطعام بسبب المرور بمحنة.

تسعى “نوم” إلى مساعدة الأفراد على إنقاص وزنهم والحفاظ على رشاقتهم عن طريق تغيير عملياتهم الفكرية وسلوكياتهم بطريقتين: من خلال الدروس اليومية حول موضوعات مثل كيفية التفكير في الطعام وكيفية تكوين عادات صحية ومن خلال تقديم تدريب إرشادي بواسطة الأشخاص الذين دربتهم “نوم” بدقة على مختلف مفاهيم علم النفس. يشارك تطبيق “نوم” ومدربوها، ومعظمهم من الموظفين بدوام كامل، المحتوى مع العملاء حسب ظروف كل شخص ومعاناته ومرحلته في الرحلة. ويحتوي الموقع الإلكتروني لشركة “نوم”على 29 دراسة منشورة في مجلات علمية خضعت لمراجعة الأقران وأثبتت فعالية برنامجها. في إحدى هذه الدراسات، على سبيل المثال، ذكر 78% من المستخدمين أنهم فقدوا وزنهم مع استخدام التطبيق. وفي دراسة أخرى، تَبين أن 64% من المستخدمين الذين أكملوا برنامجاً مدته 24 أسبوعاً فقدوا أكثر من 5% من وزن أجسامهم بمتوسط فقدان للوزن يبلغ 7.5%.

مع استيعاب عملاء “نوم” للمعارف وتقوية العزيمة اللازمة لتحقيق تغيير سلوكي حقيقي والحفاظ عليه، يقل اعتمادهم على التدريب الإرشادي بمرور الوقت. وتطلعاً إلى المستقبل، تخطط “نوم” لاستخدام نهجها في علاج أمراض أخرى، مثل قلة النوم والتوتر والقلق ومرض السكري غير المنتظم وارتفاع ضغط الدم.

سيكون تقليد نماذج الأعمال التحويلية أصعب بكثير من تلك التي تقدم سلعاً أو خدمات أو تجارب فقط، كما أنها تَعِد بتحقيق مكاسب مذهلة.

3. تقديم الدعم بحسب الحالة.

رحلات التحول هي تجارب فردية، ويعتمد النجاح في الغالب على الدعم والتوجيه المكيفين حسب الحالة الفريدة لكل شخص وتفضيلاته ودوافعه ومهاراته. تعتمد الشركات على وسائل مختلفة لتقديم مثل هذه المساعدة على نطاق واسع. ويُعد نجاح “جامعة ولاية جورجيا” (Georgia State University) في رفع معدلات التخرج من الأمثلة على ذلك.

ففي عام 2003، كان معدل التخرج الإجمالي لولاية جورجيا 32% فقط، وكان معدل تخرُّج الطلاب أصحاب البشرة السمراء 29% والطلاب من أصل لاتيني 22%. من خلال اتخاذ العديد من الإجراءات لتقديم الدعم الذي يحتاج إليه الطلاب، رفعت الجامعة بحلول عام 2011 معدل التخرج الإجمالي إلى 48% ومعدل تخرج الطلاب أصحاب البشرة السمراء إلى 52% ومعدل تخرج الطلاب من أصل لاتيني إلى 48%.

تضمنت الإجراءات تقديم جلسات توجيهية لتزويد الطلاب بالمعلومات والمهارات الأساسية للنجاح في تخصص معين، وتعزيز “مجتمعات التعلم” من خلال جعل الطلاب الذين اختاروا التخصص الرئيسي نفسه يتلقون الدروس في مجموعات، وجعل الطلاب الجامعيين الذين نجحوا في دورات المستويات الأدنى في أحد الفصول الدراسية مدرسين في الدورات نفسها في الفصول الدراسية اللاحقة، وإعادة هيكلة الدورات الدراسية الخاصة بمواد الرياضيات التمهيدية بحيث يقضي الطلاب معظم وقتهم في معمل كمبيوتر يحصلون فيه على ملاحظات فردية ويتعلمون بوتيرة تناسب احتياجاتهم.

ولكن وقتها تعرقل التقدم، ولم يرجع ما يقرب من 25% من الطلاب الجامعيين كل عام. أدرك تيموثي رينيك، نائب رئيس الجامعة لنجاح الطلاب في ذاك الوقت، وأليسون كالهون براون، نائبة الرئيس المشاركة لنجاح الطلاب، أن الاستفادة من الخدمة الاستشارية المقدمة لطلاب الجامعة أمر بالغ الأهمية لزيادة تحسين معدلات التخرج. لكن ندرة المستشارين المحترفين في هذه الخدمة، جعل ذلك مستحيلاً دون معرفة أي من الطلاب سيستفيدون إلى أقصى حد من الدعم، فقد كان هناك مستشار واحد لكل 1,200 طالب. لذلك تم استخدام أداة “نافيغيت” (Navigate) للتحليلات التنبؤية.

تحلل الأداة مؤشرات مثل المعدل التراكمي والتخصص الحالي وعدد التخصصات السابقة المعلن عنها للتنبؤ باحتمالية تخرُّج الطالب في غضون 6 سنوات. يمكن للمستشارين بعد ذلك التواصل مع الطلاب المعرضين للخطر لمنحهم الدعم الشخصي اللازم للتغلب على العوائق التي تحول دون الحصول على شهادة جامعية، مثل أخذ دورات خارج التسلسل الموصى به أو تغيير التخصصات بشكل متكرر. إضافة إلى ذلك، عندما تحدد الأداة الطلاب الذين يسيرون في الطريق الصحيح المؤدي إلى التخرج ولكنهم لم يسددوا قدراً قليلاً من الأقساط والرسوم، يتواصل موظفو الجامعة معهم لتقديم منحة صغيرة (تسمى “بانثر ريتنشن غرانت” (Panther Retention Grant)) إذا وافقوا على مقابلة مستشار مالي للتخطيط للكيفية التي سيمولون بها بقية سنوات تعليمهم. يبلغ متوسط هذه المنح 900 دولار، ويواصل 86% من متلقيها تعليمهم وصولاً إلى التخرج.

من خلال إعادة تصميم رحلة الطالب نحو الحصول على شهادة جامعية والاستفادة من التكنولوجيا، رفعت الجامعة معدل تخرجها الإجمالي إلى 56% بحلول خريف عام 2021. وكانت معدلات تخرُّج الطلاب أصحاب البشرة السمراء ومن أصول لاتينية وذوي الدخل المنخفض على مدى السنوات الأربع الماضية عند هذا المعدل الإجمالي أو أعلى منه.

4. دعم المجموعة الكاملة من المهمات الواجب إنجازها.

في القطاع غير الربحي، تدلل شركة “ريزولف سولوشنز إنكوربوريتد” (Resolve Solutions Incorporated)، اختصاراً “آر إس آي”، على أهمية دعم جميع فئات المهمات الأربعة التي يتعين القيام بها. أسسها إي شون لانير، وهو رائد متقاعد في الجيش الأميركي ، وهي شركة تساعد الشباب، خاصة الذين ينتمون إلى فئات غير ممثلة تمثيلاً كاملاً، على تحقيق تطلعاتهم المهنية. فهي مركز موارد للعديد من البرامج التي تعدّهم للنجاح وتوجههم خلال مراحل اكتشاف ما يريدون أن يصبحوا عليه في المستقبل والالتحاق بالجامعة والبقاء على المسار الصحيح وإحراز تقدم في المسارات المهنية التي اختاروها.

شركة “آر إس آي” هي شركة متخصصة في مساعدة الطلاب على الالتحاق ببرنامج لتدريب ضباط الاحتياط في كلية رفيعة المستوى. ونظراً إلى أن المنحة المقدمة من هذا البرنامج تغطي الأقساط والرسوم الدراسية بالكامل، فإنها تتصدى لأحد أهم العوائق التي تحول دون بدء مسيرة مهنية معينة. يعمل برنامج تدريب ضباط الاحتياط وخدمة الضباط على إعداد الأفراد ليصبحوا قادة. وكما أخبرنا لانير، فإن العمل في الجيش ليس هو الهدف، بل “تتمثل خطتنا في التأكد من تخرُّج [الطلاب] في الكلية ومن أنهم يمتلكون مهارات قيادية، ثم ينطلق الطلاب بأنفسهم في حياتهم المهنية”.

تعمل شركة “آر إس آي”مع كل طالب لتنسيق رحلة التحول الخاصة به. على المستوى العملي، على سبيل المثال، تتعاون مع “غارانتييد 4.0” (Guaranteed 4.0) وهي شركة تركز على مهارات التعلم لمساعدة المشاركين على تحسين درجاتهم. وعلى المستوى العاطفي، تدرك شركة “آر إس آي” أن الافتقار إلى الثقة هو عائق رئيسي أمام النجاح، خاصة بالنسبة إلى الطلاب أصحاب البشرة السمراء واللاتينيين الذين تقدم لهم خدماتها. لذلك، بينما تدعم الشركة الطلاب وتشجعهم وتوصلهم بالموارد الهامة، فإنها تتأكد أيضاً من قيامهم بما يلزم. قد يكون ذلك بسيطاً بقدر تذكيرهم عندما يحين موعد تقديم طلب ما (وليس القيام بذلك بدلاً منهم) أو إرشادهم إلى جمعيات مثل “الجمعية الوطنية للمهندسين أصحاب البشرة السمراء” (National Society of Black Engineers). يوضح لانير: “عندما يستيقظ الطالب في الصباح لذهابه إلى المدرسة، يجب أن ينظر إلى نفسه في المرآة ويقول ‘حققت ذلك بنفسي’. يجب أن يشعروا أنهم سيحققون إنجازاتهم بأنفسهم، لأنهم إذا شعروا بذلك، سيكونون أكثر نجاحاً في تحقيقها”.

على المستوى الاجتماعي، تتفهم شركة “آر إس آي” أن النجاح يعتمد على وجود العديد من البالغين في حياة الطلاب لدعمهم. لذلك فهي تضمن أن يعمل كل طالب مع موجه واحد على الأقل، غالباً في المجال المهني الذي يختاره. ويجتمع الموجهون، القادمون من شبكة المتطوعين الواسعة الخاصة بشركة “آر إس آي”، بانتظام مع المتدربين لسنوات لتوجيههم وتشجيعهم وتحفيزهم من وقت لآخر. وعلى مستوى الطموحات، يساعدون الطلاب على وضع خطة واتخاذ خيارات صائبة والوصول إلى الموارد المناسبة والحفاظ على تركيزهم حتى يتمكنوا من تحقيق طموحاتهم المهنية.

في “معهد فيرجينيا العسكري” (Virginia Military Institute)، على سبيل المثال، معدل نجاح شباب شركة “آر إس آي” الذين حصلوا على منحة من برنامج لتدريب ضباط الاحتياط ثم تخرجوا في الكلية وأصبحوا ضباطاً يبلغ 81%، وهو أعلى بكثير من المعدل الوطني البالغ 52%. ومعدل نجاح شركة “آر إس آي” البالغ 70% في كليات أصحاب البشرة السمراء وجامعاتهم من الناحية التاريخية هو أعلى من ضعف معدل النجاح في تلك المؤسسات بشكل عام.

5. فرض الرسوم بناءً على النتائج.

تتجاوز الأعمال التحويلية الحقيقية فرض رسوم على الأشياء المادية (السلع) وأنشطة الشركة (الخدمات) الفعاليات (التجارب) التي لا تنسى التي تبني عليها عروضها. فهي توائم الرسوم التي تفرضها مع ما يقدره
العملاء: نتائج التحولات.

أحد الأمثلة على ذلك هو التغييرات الأخيرة في سياسة حكومات الولايات للدفع مقابل النتائج الاجتماعية. على سبيل المثال، سمحت ولاية ماساتشوستس لوكالات الخدمات الاجتماعية التابعة لها في عام 2012 بإبرام عقود قائمة على مبدأ “الدفع مقابل النجاح”. توقفت إحدى الوكالات عن الدفع مقابل الوقت الذي قضاه الموظفون في صف إتقان اللغة الإنجليزية، وبدلاً من ذلك بدأت في الدفع لهم عندما حصلوا على وظيفة ثابتة بسبب ما أظهروه من طلاقة في الإنجليزية. هناك مثال آخر من قطاع الرعاية الصحية في الولايات المتحدة. اكتسبت الحركة الرامية إلى ربط استرداد المبالغ بالنتائج ورضا المرضى زخماً في العقد الماضي، مدفوعة إلى حد كبير بضغط ممن يقومون بالسداد. وتشمل الجهات الفاعلة المتأثرة المستشفيات والأطباء وصانعي الأجهزة وشركات الأدوية.

التنافس على إحداث تحولات في حياة العملاء يجعل الشركات مسؤولة عن التعاون مع العملاء لتحديد التحول الذي يسعى إليه كل عميل، وتحديد العوائق التي تحول دون النجاح، والتخطيط لجميع السلع والخدمات والتجارب اللازمة لدعمهم خلال رحلاتهم. ستكون محاكاة نماذج الأعمال هذه أصعب بكثير من تلك التي تقدم سلعاً أو خدمات أو تجارب فقط. وهذه النماذج تَعِد بتحقيق مكاسب مذهلة لا تقتصر على الأرباح بل تشمل أيضاً المكاسب المتحققة من معرفة أن الشركة قد أحدثت حقاً تغييراً عميقاً في حياة عملائها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .