كيف يُرسي القادة ثقافة العمل التحضيري قُبيل الاجتماعات؟

5 دقائق
الأعمال التحضيرية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: ليس سراً أن مصطلح “الأعمال التحضيرية” يستدرُّ الشعور بالألم ونظرات الإحباط، بل والشعور بالهلاك الوشيك في تلك المواقف المألوفة لنا جيداً حينما ندرك أننا لم نؤدِّ الأعمال التحضيرية المطلوبة. لهذا السبب، ولأنه غالباً ما يتم إغفال الأعمال التحضيرية، فقد استسلم الكثير من المسؤولين التنفيذيين للأمر الواقع وتخلَّوا عن مطالبة الموظفين بأدائه. لكن ليس من الضروري أن تسير الأمور على هذا النحو. فمن خلال تضمين العمل التحضيري في الاجتماعات وتخصيص أول 5 دقائق أو 20 دقيقة لإتاحة الفرصة أمام المشاركين لقراءة وثيقة مُعدَّة بعناية تحتوي على إجراءات عملية ومراجعتها في جوٍّ مغلَّف بالهدوء التام، يمكن لقادة الشركات وضع تصور جديد ليس فقط لمفهوم العمل التحضيري، بل ولكيفية تجمُّع الفِرَق في الأساس. وتقدم كاتبة المقالة 5 نصائح لاعتماد هذه الممارسة.

 

تخيَّل أنك تُنهي اجتماعاً، ثم تهرول مسرعاً للبحث عن رابط الاجتماع التالي على منصة زووم، ومن ثم تتنهد بارتياح حينما تنقر على زر “انضمام” في الوقت المناسب. لكن هذا الإحساس بالارتياح لم يدم طويلاً لأنك تدرك أنك أهملت العمل التحضيري المطلوب، كقراءة وثيقة مهمة أو مراجعة عقد ستتم مناقشته خلال الاجتماع أو الإجابة عن بعض الأسئلة الرئيسية التي من المتوقَّع أن تدور حولها المناقشات.

ليس سراً أن مصطلح “الأعمال التحضيرية” يستدرُّ الشعور بالألم ونظرات الإحباط، بل والشعور بالهلاك الوشيك في تلك المواقف المألوفة لنا جيداً حينما ندرك أننا لم نؤدِّ الأعمال التحضيرية المطلوبة. لهذا السبب، ولأنه غالباً ما يتم إغفال الأعمال التحضيرية، فقد استسلم الكثير من المسؤولين التنفيذيين للأمر الواقع وتخلَّوا عن مطالبة موظفيهم بأدائه.

لكن ليس من الضروري أن تسير الأمور على هذا النحو. فمن خلال تضمين العمل التحضيري في الاجتماعات وتخصيص أول 5 دقائق أو 20 دقيقة لإتاحة الفرصة أمام المشاركين لقراءة وثيقة مُعدَّة بعناية تحتوي على إجراءات عملية ومراجعتها في جوٍّ مغلَّف بالهدوء التام، يمكن لقادة الشركات وضع تصور جديد ليس فقط لمفهوم العمل التحضيري، بل ولكيفية تجمُّع الفِرَق في الأساس.

قطع الشك باليقين

عندما أقترح لأول مرة مفهوم تخصيص وقت محدَّد في بداية الاجتماع لمراجعة الأعمال التحضيرية، يفترض الكثيرون خطأً أن هذا الإجراء سيؤدي إلى إطالة مدة الاجتماعات. لكن الأمر ليس كذلك.

صحيحٌ أن الموظفين يعانون فعلياً بسبب كثرة الاجتماعات. ووفقاً لبحث أُجري مؤخراً، فإن 70% من الاجتماعات تمنع الموظفين من أداء مهمات وظائفهم الأخرى. ومن منطلق إدراكي لهذه الحقيقة وفهمي الدقيق لطبيعة هذا المُقترَح، فقد تواصلت مؤخراً مع عدد من المسؤولين الذين خصّصوا وقتاً محدَّداً خلال الاجتماع لمطالبة المشاركين بمراجعة الأعمال التحضيرية المطلوبة. وأكد كل مَنْ تواصلتُ معهم تقريباً عدم ازدياد المُدد الزمنية لاجتماعاتهم، بل أصبحت أكثر تركيزاً.

إذ يضمن التوافق حول وثيقة مشتركة أن يفكّر الجميع في الاتجاه نفسه، بالمعنى الحرفي والمجازي للكلمة، عند بدء المناقشة. ولا يتم إهدار الوقت في توجيه المشاركين الذين لم يؤدوا الأعمال التحضيرية لتسريع المناقشات والإجابة عن الأسئلة التي لا مفر منها ويسهل توقعها والتعامل معها كتابةً. وبالقدر نفسه من الأهمية، فإن هذا الإجراء يضمن عدم التقليل من قيمة وقت أولئك الذين يأتون مستعدين.

وبدلاً من إهدار الوقت في إعادة صياغة المعلومات واستخلاصها والتمعُّن في أحداث الماضي، يمكن لأعضاء الفريق تكريس وقتهم الثمين للتفكير في الأحداث الحالية والمرتقبة، كاتخاذ القرارات والتصويت عليها والتوافق حولها وإقرارها. فالاجتماعات الحافلة بالإجراءات الفعلية غالباً ما تكون اجتماعات مثمرة.

إلقاء العبء على كاهل قائد الاجتماع

يُعتبَر إعداد وثيقة شاملة ومدروسة وموجزة بما يكفي لمشاركتها مع أعضاء الفريق في واقع الأمر عملاً إضافياً يتم إلقاؤه على كاهل قائد الاجتماع. ولا بأس بهذا، لا سيّما عندما يعاني الموظفون وفرة الاجتماعات، لذا يجب أن يكوِّن الشخص المسؤول عن حشد أي مجموعة فهماً واضحاً لما يريد الخروج به من الاجتماع.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه 11.2 مليون وظيفة شاغرة في الولايات المتحدة، من الأهمية بمكان أن يعمل القادة على زيادة المواهب المتوافرة في مؤسساتهم فعلياً. وعندما يستثمر قائد الاجتماع وقته الخاص في إعداد وثيقة، فإنه بذلك يشحذ الهمم ويوضّح الغرض من الاجتماع وبالتالي يزيد من فُرص إنجاز الأهداف المنشودة منه.

انظر إلى الغرض من الاجتماع كما لو كان حارساً يقف عند المدخل المجازي لأي اجتماع عند وصول منظِّم الاجتماع. وإذا لم يكن لدى منظِّم الاجتماع هدف واضح، فربما يجب عليه إعادة النظر فيما إذا كان من المجدي إهدار وقت المشاركين فيما لا طائل من ورائه. ويُعتبَر العمل التحضيري بمثابة آلية للاجتماعات الموجَّهة لتحقيق غرض معيّن.

ومن أشهر الشركات التي طبَّقت مفهوم العمل التحضيري شركة أمازون، حيث يتم تخصيص الدقائق القليلة الأولى من كل اجتماع (أو حتى أول 30 دقيقة أو أكثر) لمراجعة مذكرة ستشكل حجر الأساس للمناقشات خلال تلك الساعة. وكما أوضح مؤسِّس شركة أمازون، جيف بيزوس، “من المفترض أن تخلق المذكرات سياقاً عاماً لإجراء مناقشات مثمرة فيما بعد”.

وأضاف: “وبالمناسبة، فإننا نطلب من المشاركين قراءتها في غرفة الاجتماعات لأن المسؤولين التنفيذيين سيتصرفون مثل طلاب المدارس الثانوية ويخادعون أنفسهم والآخرين خلال الاجتماع ويدّعون أنهم قد قرؤوا المذكرة. ولأننا مشغولون جداً، لذا يتعين علينا تخصيص وقت محدَّد لقراءة المذكرة”. ولا تقتصر مهمة قراءة المذكرات على المسؤولين التنفيذيين وحدهم. فقد تضمنت محادثاتي الأخيرة مع أولئك الذين يحرصون بانتظام على أداء الأعمال التحضيرية خلال الاجتماعات عدداً من أعضاء فريق شركة أمازون. وقال كلٌ منهم إنه لا يتصوّر حضور اجتماع في الشركة لم يبدأ بتخصيص عدة دقائق على الأقل للاطلاع على المذكرات في جوٍّ يسوده الهدوء التام.

وقال أحد الموظفين، وهو مستشار تكنولوجي يعمل في قسم الموارد البشرية: “نحرص على كتابة المهمات لأنها تساعدنا على وضوح الفكر. ونثق في أن الشخص الذي دعا إلى الاجتماع قد أدى العمل الفكري التحضيري وجمع البيانات الصحيحة. ويتيح لنا ذلك الانطلاق مباشرة والبدء بحل المشكلات، عند بدء المحادثة”.

كيفية إعداد مذكرة العمل التحضيري

قد يكون اعتماد هذه الممارسة أمراً صعباً، حتى على أولئك المقتنعين بمزايا قراءة مذكرات الأعمال التحضيرية. وإليك بعض النصائح التي تمكّنك من المضي قدماً في هذه الخطوة:

1. قسّمها إلى أجزاء

يشعر الكثيرون في عالم الأعمال بالارتياح عند التعامل مع الوثائق المكتوبة باستخدام برنامج “باور بوينت”، بخلاف الكتابة بصيغة إسهابية. وهكذا، في حين أن تدريب الموظفين على فن كتابة مذكرات الأعمال التحضيرية قد يبدو أمراً ينمُّ عن التعالي، فإن هذا الإجراء قد يكون مفيداً للغاية. وقد أعدّت شركة أمازون وثيقة إرشادية تحدِّد كافة التفاصيل، بدايةً من حجم الخط المستخدم وصولاً إلى حجم الهوامش التي يجب تركها. قد يكون هذا المستوى من التفاصيل مُبالغاً فيه بالنسبة للكثير من المؤسسات، ولكن مع ظهور أفضل الممارسات، فمن المنطقي تقنينها.

2. احرص على تضمين عنصر تفاعلي

يمكن فتح باب المناقشات بعد فترة من قراءة المذكرات في جوٍّ من الهدوء التام، وذلك من خلال دعوة الجميع للإدلاء بأفكارهم وطرح أسئلتهم وملاحظاتهم في وثيقة مشتركة. وتُعد “مستندات جوجل” (جوجل دوكس) أو سحابة الكلمات أو استطلاعات الرأي من خلال برنامج “منتيميتر” (Mentimeter) أدوات مفيدة لإجراء هذه العملية.

3. اشرح السبب

لا يحب المرء أن يبذل جهداً دون داعٍ. ومن الأهمية بمكان أن يفهم أعضاء فريق العمل أن الغرض من هذا الإجراء ليس تكليفهم بالمزيد من العمل أو إطالة مدة الاجتماعات. وإذا كان يجب أن يسفر هذا العمل عن شيء، فيجب أن يسفر عن تقليل عدد الاجتماعات وإنجاز المزيد الأهداف خلال الاجتماعات التي يتم عقدها فعلياً.

4. شكِّل مجموعات ثنائية

عندما يتفاعل المشاركون كمجموعات ثنائية مع مواد الأعمال التحضيرية، فقد يكونون أكثر تركيزاً على المواد المكتوبة. ويمكن أن تسهم المحادثات التمهيدية لكل مجموعة ثنائية في منح المجموعة ميزة كبيرة في عملية العصف الذهني.

5. اطبع مواد الأعمال التحضيرية

يستطيع البعض استيعاب مواد الأعمال التحضيرية بصورة أسرع وبفاعلية أكبر عندما تتوافر لديه نسخٌ ورقية يمكنه الكتابة عليها وتحديد الأجزاء المهمة فيها بألوان مختلفة. واحرص في الاجتماعات الحضورية على طباعة بضع نسخ ورقية من الأعمال التحضيرية وأعطها للمشاركين الذين يستطيعون استيعاب المواد بسهولة أكبر عندما يكونون قادرين على حملها بأيديهم.

. . .

عندما يُرسي قادة الشركات ثقافة العمل التحضيري قُبيل الاجتماعات ويوضّحون الأسباب الكامنة وراء اتخاذ هذا الإجراء، فإن هذا يعني ضمنياً أنهم يقدّرون وقت موظفيهم، وبالتالي يقدّرون موظفيهم أنفسهم. وعندما يلتقي الموظفون في الاجتماعات، فإن هذا الوقت الثمين سيصبح في الواقع أكثر قيمة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .