كيف تتخذ قرارات أفضل بشأن مسارك المهني؟

6 دقائق
القرارات المصيرية
طاقم هارفارد بزنس ريفيو/سانغا بارك

ملخص: اتخاذ القرارات أمر صعب، خصوصاً القرارات المصيرية المتعلقة بمجال العمل. يمكنك استخدام إطار العمل هذا والمكون من خمس خطوات لمساعدتك في التركيز على ما هو مهم.

  1. بماذا تخبرك مشاعرك؟ فكر في نوع العمل الذي تقوم به الآن أو الذي تخطط للقيام به. فكر ملياً ودوّن الأفكار التي تتولد في ذهنك حول مجالات العمل المختلفة التي تفكر فيها. ما المشاعر التي تطرأ عليك؟
  2. ما الذي يهمك حقاً؟ أجرِ تقييماً نفسياً أو تمريناً يساعدك على تحديد قيمك. يتيح لك فهم قيمك اتخاذ قرارات تتماشى مباشرة مع الأشياء التي تهتم لها.
  3. ما الذي يُهم الآخرين؟ مثلما من المهم أن تدرك تماماً ما هو مهم بالنسبة لك، من الضروري أيضاً الأخذ بعين الاعتبار كيفية تأثير قرارك على أحبائك. اسألهم عن أفكارهم ومدخلاتهم ومشاعرهم.
  4. ما حقيقة موقفك؟ كن موضوعياً وخذ في اعتبارك الحقائق المرتبطة بخياراتك، وليس افتراضاتك. وإلا فقد تكتشف أن توقعاتك خاطئة وتشعر بخيبة الأمل والندم بسبب قرارك.
  5. كيف أجمع الحقائق معاً؟ بعد إجابتك عن الأسئلة الأربعة السابقة، راجع جميع المعلومات التي توصلت إليها. من المفترض أن يساعدك ذلك على اتخاذ قرار نهائي. إذا لم تنجح بذلك، فأعِد الكرّة من جديد.

 

قد نشعر بصعوبة عند اتخاذ بعض القرارات المصيرية في حياتنا، مثل اختيار التخصص الجامعي ومجال العمل المثالي وتقرير إن كنت تريد ترك وظيفتك والانتقال إلى وظيفة جديدة. في الحقيقة، يقضي معظمنا جلّ وقته في العمل، ونرغب، بل ونستحق أيضاً، أن نحب ما نفعله، لكن كيفية العثور على هذا العمل ليست واضحة دائماً.

لحسن الحظ، هناك إجراءات يمكنك اتخاذها لمساعدتك في معرفة ما يناسبك. استخدم إطار العمل الآتي المكون من خمس خطوات لتضييق نطاق خياراتك والتركيز على ما هو المهم بالنسبة إليك.

1. بماذا تخبرك مشاعرك؟

إذا أردت العثور على مجال عمل مرضٍ، فينبغي أن يتوافق مع قيمك على الأقل. وهنا يمكن لمشاعرك مساعدتك على تمييز هذا الأمر، حتى لو لم تكن قادراً على تحديد هذه القيم بوعي.

فكر في الأمر على هذا النحو: عندما يتعين عليك اتخاذ قرار مهم، ما أول شيء يحدث في عقلك وجسدك؟ عادة ما تشعر بإحساس قوي حتى قبل أن تبدأ التفكير بشكلٍ منطقي. انتبه لهذا الشعور. ترتبط عواطفك بمن تكون في صميمك، ويمكن أن توفر رؤى ثاقبة مهمة حول هويتك وقيمك التي قد تكون الدافع وراء أفعالك، ولكنها في بعض الأحيان تتجاوز إدراكك الواعي.

لذا فكر في نوع العمل الذي تقوم به الآن أو الذي تخطط للقيام به في المستقبل. فكر ملياً ودوّن الأفكار التي تتولد في ذهنك حول مجالات العمل المختلفة التي تفكر فيها. ما المشاعر التي تطرأ عليك؟ إذا شعرت بالغضب أو الحزن أو حتى الخوف والقلق عند النظر في الخيارات الموجودة في قائمتك، فينبغي أن تعتبر هذه المشاعر إشاراتٍ تحذيرية. بالمقابل، إذا شعرت بالسعادة أو الحماس، فهذا مؤشر على أن ما تفكر فيه قد يكون قراراً جيداً.

إذا لم تجد شيئاً يثير داخلك مشاعر إيجابية، فيجب أن تبدأ من جديد. استمر في البحث عن مجالات عمل مختلفة حتى تجد شيئاً يتناسب مع مشاعرك.

2. ما الذي يهمك حقاً؟

عندما تحدد مشاعرك، تصبح جاهزاً للخطوة التالية: حدد قيمك بوعي.

ما القيم؟ ببساطة هي ما يهمك حقاً، أو لنقل إنها دوافعك. أي يمكن أن تساعدك في تحديد سبب شعورك بأن قراراً معيناً أكثر أهمية من قرار آخر.

عندما تفهم “الدافع”، يمكنك اتخاذ قرارات تتماشى مباشرة مع الأشياء التي تهمك، قراراتٍ تجعلك تشعر بالرضا على المدى الطويل.

على سبيل المثال، لنفترض أنك تحاول الاختيار بين وظيفتين عُرضتا عليك. إحداهما وظيفة براتب جيد في شركة، والأخرى وظيفة في منظمة غير ربحية براتب معقول ولكنه أقل. إذا فكرت ملياً لتحديد قيمك ووجدت أن مساعدة الآخرين هي إحداها، ولم يكن للمال الأولوية بالنسبة إليك، فإن اتخاذ قرار العمل في المنظمة غير الربحية سيكون أسهل قليلاً.

هناك عدة طرق لمعرفة قيمك، ومن أفضلها التقييم النفسي الرسمي، وأفضّل شخصياً اختبار السمات الشخصية “إنّياغرام” (Enneagram) لأن نتائجه تحدد سماتك ودوافعك في سياق الظروف المثالية والمواقف المجهدة، ما يمنحك نظرة أكثر شمولية عن طبيعتك. ولكن هناك أيضاً عدة موارد موثوقة أخرى، مثل تقييم ديسك (DISC) واستقصاء ليفو (LIFO Survey) واختبار السمات الشخصية الخمس (Big Five Personality Test) واختبار عوامل الشخصية الستة عشر (16 Personality Factors Test) واختبار حافز هوجن للقيم ومخزون التفضيلات (MVPI). تستند جميع هذه الاختبارات إلى العلم والأبحاث المكثفة حولها.

هناك بعض الخيارات الأخرى إذا كنت لا ترغب في إجراء تقييم رسمي. على سبيل المثال، ينطوي “اختبار باشن” (Passion Test) الذي طوره كل من جانيت وكريس أتوود على سلسلة أسئلة تسمح لك بترتيب اهتماماتك من الأكثر أهمية إلى الأقل أهمية. من هذه الأسئلة مثلاً: “ما الموضوع الذي يمكنني قراءة 500 كتاب عنه أو مشاهدة عدد لا يحصى من مقاطع الفيديو حوله دون أن أشعر بالملل؟”، “بماذا سأقضي وقتي لو كان لدي ما يكفي من المال لفعل أي شيء؟”. قد تبدو هذه الأسئلة سهلة، ولكنها تستحضر اهتماماتك بطريقة مباشرة وصادقة ويمكنها مساعدتك في تحديد القيم التي بدا من الصعب عليك تحديدها سابقاً.

3. ما الذي يهم الآخرين؟

لا أحد منا يعيش بمعزل عما حوله. مثلما من المهم أن تدرك تماماً ما هو مهم بالنسبة لك، من الضروري أيضاً الأخذ بعين الاعتبار كيفية تأثير قرارك على أحبائك، لأنه سيؤثر فيهم غالباً أيضاً.

وسواء كان شريكاً أو فرداً من العائلة أو صديقاً، اسأل الأشخاص الذين سيتأثرون باختياراتك عن أفكارهم ومدخلاتهم ومشاعرهم. ويكتسب هذا الأمر أهمية خصوصاً إذا ما كنت بصدد اتخاذ قرار متعلق بمجال عملك. فغالباً ما يكون لهذا النوع من القرارات تأثير مهم على وضعك المالي والمعيشي بالإضافة إلى مقدار الوقت الذي يمكنك تخصيصه لعلاقات معينة.

على سبيل المثال، لنفترض أن وظيفة عُرضت عليك وكنت متحمساً لها وتتوافق مع قيمك وتتطلب منك قضاء ساعتين يومياً للوصول إليها. ربما لا يمثل ذلك مشكلة، لكن يجب أن تدرك أن هذا الوقت سيكون على حساب الوقت الذي تقضيه مع شريكك أو عائلتك أو أصدقائك. وبالتالي فإن قرارك لا يؤثر عليك فحسب، إنما على من تهتم لأمرهم أيضاً.

لكن ذلك لا يعني بالضرورة التخلي عن عرض الوظيفة هذا. ولكن ربما يتعين عليك التفاوض حول هذه الوظيفة لتتماشى أكثر مع قيمك وقيم من حولك. في هذه الحالة، يمكنك أن تطلب من مدير التوظيف بعض المرونة في العمل بحيث تأتي إلى المكتب فقط ثلاثة أيام في الأسبوع للحد من تنقلاتك.

4. ما حقيقة موقفك؟

الهدف من طرح هذا السؤال على نفسك هو ضمان أنك تتخذ قراراتك بناءً على الأسباب الصحيحة. بكلامٍ آخر، عليك التأكد من أن القرار الذي توشك على اتخاذه يستند إلى بيانات صحيحة، وليس بناءً على تفسير خاطئ لموقفك. وإلا فقد تكتشف أن توقعاتك خاطئة وتشعر بخيبة الأمل والندم بسبب قرارك.

للإجابة عن هذا السؤال، عليك أن تكون موضوعياً وتأخذ في اعتبارك الحقائق المرتبطة بخياراتك، وليس افتراضاتك.

على سبيل المثال، لنفترض أنك تفكر في تغيير وظيفتك لأنك تعتقد أن زملاءك في العمل ليسوا ودودين. ولكن قبل أن تتخذ القرار الكبير بترك مؤسستك، اسأل نفسك، هل أستند إلى معلومات دقيقة في دعم قراري أم أنني أفترضها فقط؟ ربما لا يبدو زملاؤك ودودين، ولكنهم في الواقع خجولون فقط. أو ربما يركزون أكثر على العمل وبشكل أقل على التواصل الاجتماعي. أو ربما كنت محقاً، وهم ليسوا ودودين بالفعل. ولكن لن تعلم الحقيقة مطلقاً ما لم تفكر ملياً وتنظر إلى الموقف بموضوعية.

دوّن المشاعر التي تختبرها وتدعم منطقك، ولكن لا تكتب أي تفسيرات لها، فقط صِف ما حدث. يتيح التراجع قليلاً وتوصيف ما تشعر به فرصة لتقييم الموقف بشكل أكثر وضوحاً – ويمكنك اتباع هذا الأسلوب لتقييم مواقف مختلفة.

إذا كنت لا تزال غير متيقن حول إذا ما كنت قد توصلت إلى الاستنتاجات الصحيحة بعد ذلك، فاستشر صديقاً مقرباً منك أو مستشاراً لمزيد من وضوح الرؤية.

5. كيف أجمع الحقائق معاً؟

بعد إجابتك عن الأسئلة الأربعة السابقة، فإنك وضعت الأساس لاتخاذ القرار الأمثل. ولكن لا تزال هناك خطوة أخيرة: جمع الحقائق والتفاصيل المتعلقة بها لتكوين صورة كاملة للموقف.

كيف تفعل ذلك؟

ابدأ بمراجعة جميع المعلومات التي توصلت إليها. على سبيل المثال، إذا كنت بصدد اتخاذ قرار يتعلق بمسارك المهني، فضع باعتبارك المشاعر التي اختبرتها وأنت تنظر في خياراتك الوظيفية المحتملة. اسأل نفسك “كيف أشعر حيالها ولماذا أشعر على هذا النحو؟”.

بعد ذلك، راجع قيمك. هل اختيارك للوظيفة التي تتحمس لها تتفق مع تلك القيم؟ ماذا عن قيم أحبائك؟ من المفترض أن تساعدك هذه الأسئلة على حصر نطاق قائمتك.

أخيراً، يجب أن تراجع نفسك. هل هناك أي عوامل تستند إلى الافتراضات بدلاً من المعلومات وتؤثر على قرارك؟

سيستغرق الأمر بعض الوقت، ولكن الاهتمام الكافي بكل نقطة من هذه النقاط من المفترض أن يساعدك على اتخاذ قرار منطقي ومناسب بشأن المسار المهني الأفضل لك، وذلك بغض النظر عن موقفك الحالي. ليس ذلك فحسب، بل ستدرك في قرارة نفسك أيضاً أن القرار الذي ستتخذه يتماشى تماماً مع قيمك وعواطفك ومع نفسك وأحبائك. وعلى هذا النحو بالضبط، يجب أن تتخذ جميع القرارات المهمة المتعلقة بمجال العمل المثالي.

ملاحظة المحرر: تم اقتباس إطار العمل من كتاب “كيف تتخذ قرارات أفضل” (Choose Better) لتيموثي ين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .