ثلاث قواعد خالدة تساعدك في اتخاذ القرارات الصعبة

4 دقائق
كيفية اتخاذ القرارات الصعبة

تمعنت في لائحة المطعم لعدة دقائق، عانيت خلالها من عدم قدرتي على اتخاذ قرار محدد، إذ كان كل صنف يغريني بطريقته. وفكرت: “ربما يحسن بي أن أطلب الأصناف جميعها…”. لكن هل هذا قرار سخيف لا يستدعي التروي؟ ربما. أراهن أنك مررت بمثل هذا الموقف المتعلق بكيفية اتخاذ القرارات الصعبة، إن لم يكن في اختيار الطعام، ففي غيره حتماً.

المفاضلة بين الخيارات

إننا نقضي وقتاً مبالغاً فيه ونصرف الكثير من الطاقة يومياً في المفاضلة بين خيارات تتساوى في جاذبيتها. وتكمن المشكلة في أنه على الرغم من تساوي هذه الخيارات في جاذبيتها، فإنها تختلف في مضمون جاذبيتها إذ يتحتم عمل مفاضلة بينها للوصول إلى تسوية مقبولة. ونواجه هذا الأمر حتى عند اتخاذ قرار بين سلطة اللفت (صحية وخفيفة)، وسمك السلمون (بروتين أكثر تركيزاً)، والرافيولي (لذيذة، لكنها عالية الكربوهيدرات).

إذا كانت أمثال هذه القرارات العادية تستهلك من وقتنا وطاقتنا، فما بالك بالقرارات الأكبر التي نحتاج إلى اتخاذها في المؤسسات طوال الوقت. أي المنتجات بحاجة إلى أن نستمر بتقديمها وأي منها تستحق الإيقاف؟ من يجب علينا توظيفه ومن نسرحه من العمل؟ هل يجب عليّ الخوض في ذلك النقاش الصعب؟

اقرأ أيضاً: كيفية اتخاذ القرارات الصعبة

يتبع هذه الأسئلة عدد غير نهائي من الأسئلة الأخرى. إذا كنت سأخوض هذه المحادثة الصعبة، فمتى افعل ذلك؟ كيف أبدأ؟ هل أتصل بهم أو أقابلهم شخصياً أو أتواصل معهم عبر البريد الإلكتروني؟ هل يكون ذلك في العلن أم بخصوصية؟ ما هو كم المعلومات التي يجب علي الإفصاح عنها؟ وما إلى ذلك.

أساليب لمعرفة كيفية اتخاذ القرارات الصعبة

وبالتالي، كيف علينا التعامل بفاعلية أكبر مع القرارات من مختلف الأنواع؟ أنا أستخدم ثلاثة أساليب، اثنان منها تناولته في كتابي “أربع ثوانٍ” (Four Seconds)، أما الثالث فقد اكتشفته الأسبوع الماضي.

الأسلوب الأول:

هو استخدام العادات للتقليل من إجهاد القرارات الروتينية. وتكمن الفكرة في أنك إذا تبنيت عادة ما، مثل تناول طبق السلطة للغداء على الدوام، فإنك بذلك تتجنب اتخاذ قرار بهذا الشأن بشكل تام وتدخر طاقتك في اتخاذ القرار لأمور أخرى.

هذه الطريقة تعمل مع القرارات الروتينية التي يمكن التنبؤ بها، فماذا عن تلك التي لا يمكن التنبؤ بها؟

الأسلوب الثاني:

هو استخدام التفكير الشرطي “إذا/ إذاً” لجعل الخيارات غير المتوقعة روتينية. على سبيل المثال، لنفترض أن أحدهم يداوم على مقاطعتي ولست متأكداً من الأسلوب الأمثل في الرد. فإن قاعدة “إذا/ إذاً” يمكن أن تكون: إذا قاطعني ذلك الشخص مرتين خلال المحادثة، فسأرد عليه.

ستساعد هاتان الطريقتان – العادات وإذا/ إذاً – على تمرير كثير من القرارات الروتينية النموذجية التي نواجهها في حياتنا بشكل انسيابي.

يتبقى لدينا القرارات الأكثر استراتيجية غير الاعتيادية التي لا يمكن التنبؤ بها.

اكتشفت الأسبوع الماضي وأنا في اجتماع خارج الشركة حلاً بسيطاً للقيام بالخيارات بشكل أكثر فاعلية بينما كنت برفقة المدير التنفيذي وفريق الإدارة العليا لإحدى شركات التقنية العالية. فقد كانوا يواجهون عدداً من القرارات الفردية للغاية والتي لا يمكن التنبؤ بتبعاتها بدقة.

اقرأ أيضاً: أيها القادة: توقفوا عن تجنب اتخاذ القرارات الصعبة

وقد تنوعت هذه القرارات ما بين كيفية الرد على تهديد من منافس تجاري، أي من المنتجات يستحق مزيداً من الاستثمار فيه، وكيفية دمج استحواذ بشكل أفضل، ومكان خفض النفقات، وكيفية تنظيم علاقات التقارير، وما إلى ذلك.

تلك هي أنواع القرارات التي قد تبقى عالقة لأسابيع أو شهور أو حتى سنوات، معرقلة تقدم مؤسسات بأكاملها. حيث يستحيل إدراج هكذا قرارات ضمن منظومة العادات، ولا يمكن حلها بقواعد “إذا/إذاً”. وما يزيد الأمر تعقيداً هو أن تلك القرارات لا يوجد لها حل وحيد واضح وصحيح.

وعادة ما تميل الفرق القيادية إلى التحفظ على هذا الصنف من القرارات لمدة طويلة بهدف جمع مزيد من البيانات، والمفاضلة الشمولية بين المزايا والمساوئ، واستقدام المزيد من الآراء، متسببين بمزيد من التأخر بينما هم ينتظرون، على أمل أن تظهر لهم إجابة واضحة.

لكن ماذا إذا كان بوسعنا الاستفادة من غياب إجابة واضحة لتسريع عملية اتخاذ القرار؟

كنت أفكر في ذلك خلال اجتماعنا بينما كنا نتناقش في القرار نفسه الذي تداولناه سابقاً بشأن عمل تجاري معين، عندما جهر المدير التنفيذي بقوله:

“إنها الثالثة والربع بعد الظهر”، “علينا اتخاذ قرار خلال الربع ساعة المقبلة”.

“رويدك”، رد المسؤول المالي، “هذا قرار معقد، ربما علينا إكمال النقاش خلال العشاء، أو خلال اجتماعنا الخارجي المقبل”.

“لا”، قالها المدير التنفيذي بحزم. “سنتخذ قراراً خلال الربع ساعة المقبلة”.

فهل تعلمون ماذا حصل؟ لقد قمنا بذلك فعلاً.

وهكذا توصلت إلى طريقتي الثالثة في اتخاذ القرار: استعمل عداداً للوقت.

إذا تمت دراسة الأمور ومناقشتها بطريقة شاملة ومعقولة، ولا تزال الخيارات جذابة بنفس القدر، ولا إجابة واضحة، فما عليك إلا الاعتراف بأنه لا توجد طريقة أفضل، وامضِ إلى اتخاذ قرار.

قد يساعدك جعل القرار أصغر حجماً وأقل استثماراً بهدف اختباره. لكن إذا تعذر ذلك، فامضِ واتخذ القرار، إن الوقت الذي توفره حين تتوقف عن الشرود بغير هدف سيكون مردوده عليك عظيماً من حيث الإنتاجية.

قد تعترض وتقول “رويدك”! إذا أنفقتُ مزيداً من الوقت عليه، فستظهر الإجابة. بالتأكيد، ربما. لكن، أولاً: لقد أضعتَ وقتاً ثميناً بانتظار هذا الوضوح، ثانياً: إن وضوح هذا القرار سيغويك لتماطل بطريقة تعاكس الإنتاجية على أمل عقيم في أن تصل إلى نفس القرار الواضح بشأن العديد من المسائل الأخرى.

فقط خذ قراراً وتقدم إلى الأمام.

جرب ذلك الآن. اختر قراراً كنت تؤجله وامنح نفسك ثلاث دقائق ثم اتخذ القرار. إذا كنت غارقاً بقرارات كثيرة، فالتقط ورقة ودوّن لائحة بتلك القرارات.

امنح نفسك مهلة زمنية محددة ثم اتخذ أفضل قرار ممكن في كل منها، واحداً تلو الآخر. إن اتخاذ قرار – أي قرار – سيقلل من قلقك ويدعك تمضي إلى الأمام. فترياق الشعور بتفلت الأمور هو زخم التقدم إلى الأمام.

أما بخصوص وجبة الغداء، فقد طلبت سلطة اللفت. هل كان الخيار الأفضل؟ لا أدري. لكنني على الأقل لم أعد جالساً هناك محاولاً معرفة كيفية اتخاذ القرارات الصعبة.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .