$User->is_logged_in:  bool(false)
$User->user_info:  NULL
$User->check_post:  object(stdClass)#7067 (18) {
  ["is_valid"]=>
  int(1)
  ["global_remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["number_all_post"]=>
  int(0)
  ["number_post_read"]=>
  int(0)
  ["is_from_gifts_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["all_gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_read_articles"]=>
  int(0)
  ["exceeded_daily_limit"]=>
  int(0)
  ["is_watched_before"]=>
  int(0)
  ["sso_id"]=>
  int(5400)
  ["user_agent"]=>
  string(9) "claudebot"
  ["user_ip"]=>
  string(14) "44.200.174.157"
  ["user_header"]=>
  object(stdClass)#7074 (44) {
    ["SERVER_SOFTWARE"]=>
    string(22) "Apache/2.4.57 (Debian)"
    ["REQUEST_URI"]=>
    string(94) "/%D8%A5%D9%86%D8%B4%D8%A7%D8%A1-%D9%82%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D9%85%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D9%83%D8%A9/"
    ["REDIRECT_HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["REDIRECT_STATUS"]=>
    string(3) "200"
    ["HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["HTTP_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_ACCEPT_ENCODING"]=>
    string(8) "gzip, br"
    ["HTTP_X_FORWARDED_FOR"]=>
    string(14) "44.200.174.157"
    ["HTTP_CF_RAY"]=>
    string(20) "86be497bcc4039b5-FRA"
    ["HTTP_X_FORWARDED_PROTO"]=>
    string(5) "https"
    ["HTTP_CF_VISITOR"]=>
    string(22) "{\"scheme\":\"https\"}"
    ["HTTP_ACCEPT"]=>
    string(3) "*/*"
    ["HTTP_USER_AGENT"]=>
    string(9) "claudebot"
    ["HTTP_CF_CONNECTING_IP"]=>
    string(14) "44.200.174.157"
    ["HTTP_CDN_LOOP"]=>
    string(10) "cloudflare"
    ["HTTP_CF_IPCOUNTRY"]=>
    string(2) "US"
    ["HTTP_X_FORWARDED_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_X_FORWARDED_SERVER"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_CONNECTION"]=>
    string(10) "Keep-Alive"
    ["PATH"]=>
    string(60) "/usr/local/sbin:/usr/local/bin:/usr/sbin:/usr/bin:/sbin:/bin"
    ["SERVER_SIGNATURE"]=>
    string(73) "
Apache/2.4.57 (Debian) Server at hbrarabic.com Port 80
" ["SERVER_NAME"]=> string(13) "hbrarabic.com" ["SERVER_ADDR"]=> string(10) "172.21.0.5" ["SERVER_PORT"]=> string(2) "80" ["REMOTE_ADDR"]=> string(14) "162.158.87.122" ["DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["REQUEST_SCHEME"]=> string(4) "http" ["CONTEXT_PREFIX"]=> NULL ["CONTEXT_DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["SERVER_ADMIN"]=> string(19) "webmaster@localhost" ["SCRIPT_FILENAME"]=> string(23) "/var/www/html/index.php" ["REMOTE_PORT"]=> string(5) "36906" ["REDIRECT_URL"]=> string(34) "/إنشاء-قيمة-مشتركة/" ["GATEWAY_INTERFACE"]=> string(7) "CGI/1.1" ["SERVER_PROTOCOL"]=> string(8) "HTTP/1.1" ["REQUEST_METHOD"]=> string(3) "GET" ["QUERY_STRING"]=> NULL ["SCRIPT_NAME"]=> string(10) "/index.php" ["PHP_SELF"]=> string(10) "/index.php" ["REQUEST_TIME_FLOAT"]=> float(1711698815.383849) ["REQUEST_TIME"]=> int(1711698815) ["argv"]=> array(0) { } ["argc"]=> int(0) ["HTTPS"]=> string(2) "on" } ["content_user_category"]=> string(16) "paid_subscribers" ["content_cookies"]=> object(stdClass)#7075 (3) { ["status"]=> int(0) ["sso"]=> object(stdClass)#7076 (2) { ["content_id"]=> int(5400) ["client_id"]=> string(36) "e2b36148-fa88-11eb-8499-0242ac120007" } ["count_read"]=> NULL } ["is_agent_bot"]=> int(1) }
$User->gift_id:  NULL

إنشاء قيمة مشتركة

36 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يُعاني النظام الرأسمالي حالة من الحصار؛ فقد أصبح الناس في السنوات الأخيرة، وبشكل متزايد، ينظرون إلى الأعمال التجارية باعتبارها سبباً رئيساً من أسباب المشاكل الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، كما ترى شريحة كبيرة أن الشركات إنما تبني نجاحاتها على حساب المجتمع ككل.

الأسوأ من ذلك أنه كلما بدأتْ الأعمال بتبني مسؤولية الشركة، ازداد لومها وتحميلها مسؤولية إخفاقات المجتمع. انحدر مستوى مشروعية الأعمال التجارية إلى مستويات لم نشهدها في التاريخ الحديث، وقد دفعت هذه الثقة الضعيفة في الأعمال التجارية بالقادة السياسيين إلى وضع سياسات تقوض الحالة التنافسية وتُضعف النمو الاقتصادي. وهكذا بدأت الأعمال التجارية تدور في حلقة مفرغة.

يكمن جزء كبير من هذه المشكلة في الشركات نفسها التي لا تزال عالقة في نهج قديم الطراز يحمل نظرة متخلّفة عن إنشاء القيمة التي برزت خلال العقود الأخيرة المنصرمة. استمرتْ الشركات في النظر إلى إنشاء القيمة من منظور ضيق، لتعمل بذلك على تحسين الأداء المالي قصير الأمد ضمن فقاعة، وإغفال احتياجات العميل الأكثر أهمية، وتجاهل التأثيرات الأوسع التي لها الكلمة الفصل في تحقيق نجاحات طويلة الأمد. وإلا كيف كان للشركات أن تتغاضى عن رفاهة العملاء، أو عن استنزاف الموارد الطبيعية الأساسية لمتابعة أعمالهم، أو عن استمرارية الموردين الرئيسيين، أو عن المحنة الاقتصادية التي ترزح تحت ضغطها المجتمعات التي ينتجون فيها ويبيعون لها؟ كيف كان لها أن تعتقد أن مجرد نقل نشاطاتها إلى مواقع ذات أجور أكثر انخفاضاً هو “حل” مستدام للتحديات التنافسية؟ لطالما عملتْ الحكومة والمجتمع المدني على تصعيد المشكلة بمحاولتها معالجة نقاط الضعف الاجتماعية على حساب الأعمال التجارية. لقد تم العمل على تأطير عملية الموازنة المفترضة بين الفعالية الاقتصادية والتطور الاجتماعي ضمن طابع مؤسساتي خلال عقود من الخيارات السياسية.

على الشركات تولي زمام المبادرة إلى الجمع بين الأعمال التجارية والمجتمع مرة أخرى. هناك إقرار بهذه الفكرة بين قادة الأعمال والفكر المحنكين، وها هي عناصر واعدة بنموذج جديد تأخذ في الظهور، لكننا مازلنا نفتقر إلى إطار شامل يقود هذه الجهود. ولا تزال معظم الشركات عالقة في عقلية “المسؤولية الاجتماعية” التي تضع القضايا المجتمعية على الهامش عوضاً عن المركز.

يكمن الحل في مبدأ القيمة المشتركة، الذي ينطوي على إنشاء قيمة اقتصادية بطريقة تؤدي أيضاً إلى إنشاء قيمة للمجتمع من خلال معالجة احتياجاته والتحديات التي يمر بها. يجب على الأعمال التجارية أن تُعيد الربط بين نجاح الشركة من جهة والتقدم الاجتماعي من جهة أخرى، ليست القيمة المشتركة مسؤولية اجتماعية ولا أعمال خيرية، ولا حتى استدامة، بل هي طريقة جديدة لتحقيق النجاح الاقتصادي، لا تقع القيمة المشتركة على هامش أعمال الشركات، بل في جوهر هذه الأعمال. إننا نعتقد أن بإمكانها نقلنا إلى التحول الكبير المقبل في التفكير التجاري.

أعداد متزايدة من الشركات المعروفة بنهجها الواقعي المخضرم في الأعمال التجارية، مثل “جنرال إلكتريك” (GE)، و”جوجل” (Google)، و”آي بي إم” (IBM)، و”إنتل” (Intel)، و”جونسون آند جونسون” (Johnson & Johnson)، و”نستله” (Nestlé)، و”يونيليفر” (Unilever)، و”وول مارت” (Wal-Mart)، بدأت بالفعل في بذل جهود هامة لإنشاء قيمة مشتركة من خلال إعادة النظر في التقاطعات بين أداء الشركة والمجتمع. ومع ذلك، لا يزال إدراكنا للقدرة التحويلية لهذه القيمة المشتركة في مراحله الأولى. سيتطلب تحقيق هذا الهدف من القادة والمدراء تطوير مهارات ومعارف جديدة، كأن يطوروا إدراكاً أعمق بكثير للحاجات المجتمعية، وفهماً أكبر للركائز الأساسية التي تعتمد عليها إنتاجية الشركة، والقدرة على التعاون ضمن الحدود الربحية/غير الربحية. وعلى الحكومات أن تعلم كيف تسن القوانين بطرق تُفعّل من خلالها القيمة المشتركة عوضاً عن العمل ضدها.

تشكل الرأسمالية وسيلة لا مثيل لها في تلبية الاحتياجات الإنسانية، وتطوير الكفاءات، وطرح فرص العمل، وبناء الثروة. إلا أن الفهم الضيق للرأسمالية منع الشركات من استغلال الإمكانات المتاحة لها لمواجهة التحديات الأكبر التي يتعرض لها المجتمع. لطالما كانت هذه الفرص والإمكانات متاحة، إلا أنه تم التغاضي عنها. تُشكل الشركات التي تؤدي دورها كشركات، وليس كجهات خيرية مانحة، القوة الأكثر فعالية في معالجة القضايا الملحة التي تواجهنا. الآن هو الوقت المناسب لبناء تصور جديد عن الرأسمالية؛ فاحتياجات المجتمع كبيرة وآخذة في النمو، فيما العملاء، والموظفون، وجيل جديد من الشباب يطالبون الأعمال التجارية بالارتقاء.

يجب إعادة تعريف هدف الشركة ليصبح إنشاء قيمة مشتركة عوضاً عن أن يكون الربح بحد ذاته هو الهدف. سوف يؤدي هذا إلى دفع الموجة المقبلة من الابتكار ونمو الإنتاجية في الاقتصاد العالمي، كما أنه سوف يعيد صياغة الرأسمالية وعلاقتها مع المجتمع، والأهم من هذا وذاك تعلّم أن كيفية إنشاء قيمة مشتركة قد يكون فرصتنا الأفضل لإضفاء الشرعية على الأعمال التجارية مجدداً.

الانتقال إلى ما وراء الموازنات

لقد استمر التناحر بين المجتمع والأعمال التجارية لفترة طويلة جداً. يعود هذا جزئياً إلى إضفاء الاقتصاديين للشرعية على فكرة أنه يجب على الشركات الحد من نجاحها الاقتصادي لتتمكن من تقديم منافع مجتمعية. في التفكير الكلاسيكي الجديد، تفرض الحاجة للتطور الاجتماعي، مثل الأمان أو توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، قيداً على الشركة. تقول النظرية إنه لا بد لفرض القيود على شركة نجحت في تحقيق حد أعلى من الأرباح أن يؤدي إلى رفع التكاليف وخفض هذه الأرباح.

يُعد مفهوم الآثار الخارجية مفهوماً ذا صلة بما سبق، ويصل إلى الاستنتاج نفسه. تحدث هذه الآثار الخارجية عندما ينجم عن عمل الشركات تكاليف اجتماعية لا يتعين عليها تحملها، مثل التلوث مثلاً. بالتالي، يجب على المجتمع فرض ضرائب وأنظمة وعقوبات تؤدي إلى جعل هذه الشركات “تتحمل تكاليف” هذه الآثار الخارجية، وهو اعتقاد يؤثر على الكثير من قرارات السياسة الحكومية.

لقد صاغ هذا المفهوم أيضاً استراتيجيات الشركات نفسها، والتي استبعدتْ إلى حد كبير الاعتبارات الاجتماعية والبيئية من تفكيرها الاقتصادي. أخذت الشركات السياق الأوسع التي تؤدي فيه أعمالها أمراً واقعاً، وقاومت المعايير التنظيمية بناء على تعارضها الدائم مع مصالحها. تم التنازل عن حل المشاكل الاجتماعية إلى الحكومات والمؤسسات غير الحكومية. ظهرت برامج مسؤوليات الشركات، وهي رد الفعل على الضغوط الخارجية، بشكل رئيسي لتحسين سمعة الشركات، وقد تم التعامل معها على أنها مصاريف ضرورية. أي مصاريف تتجاوز ذلك كان يتم اعتبارها من قبل الكثيرين استخداماً غير مسؤول لأموال المساهمين. من جهتها، لطالما كانت الحكومات تدير الأمور بطريقة تجعل إنشاء القيمة المشتركة أمراً أكثر صعوبة. ضمنياً، افترض كل طرف أن الآخر هو عقبة تعيق سعيه نحو أهدافه، وتصرف بناء على ذلك.

في المقابل، ينطوي مفهوم القيمة المشتركة على إدراك أن الاحتياجات المجتمعية، وليس الاحتياجات الاقتصادية التقليدية فحسب، هي التي تحدد الأسواق. كذلك ينطوي على إدراك أنه كثيراً ما ينجم عن نقاط الضعف والأضرار الاجتماعية تكاليف داخلية على الشركات، مثل الطاقة أو المواد الخام المهدورة، والحوادث ذات التكلفة الباهظة، والحاجة إلى تدريب تأهيلي لتعويض أوجه القصور في مجال التعليم. لا تؤدي معالجة العقبات والأضرار المجتمعية بالضرورة إلى فرض تكاليف على الشركات؛ لأن بإمكانهم الابتكار من خلال استخدام تقنيات ووسائل عمل ونهج إدارة جديدة، ونتيجة لذلك تزيد من إنتاجيتها وتوسع أسواقها.

إذاً، فالقيمة المشتركة لا تدور حول القيم الشخصية، ولا حول “مشاركة” القيمة التي قد أنشأتها الشركات سابقاً، ألا وهي نهج إعادة التوزيع. إنما حول توسيع إجمالي القيمة الاقتصادية والاجتماعية. مثال جيد عن هذا الاختلاف في المنظور هو حركة التجارة العادلة في الشراء. تسعى حركة التجارة العادلة إلى زيادة نسبة الإيرادات التي تذهب للفلاحين الفقراء وذلك من خلال دفع أسعار أعلى لهم لقاء المحاصيل نفسها. رغم أن هذا قد يبدو حالة وجدانية نبيلة، إلا أن حركة التجارة العادلة تتعلق في المقام الأول بإعادة التوزيع بدلاً من توسيع المقدار الإجمالي للقيمة التي تم إنشاؤها. عوضاً عن ذلك، يركز مفهوم القيمة المشتركة على تحسين تقنيات الزراعة، وتعزيز المجموعة المحلية من موردين داعمين ومؤسسات أخرى بهدف زيادة كفاءة المزارعين، ومحاصيلهم، وجودة منتجهم، واستدامته. يؤدي هذا إلى ارتفاع في الإيرادات والأرباح، الأمر الذي يعود بالفائدة على المزارعين والشركات التي تشتري منهم. على سبيل المثال، تشير دراسات مبكرة عن مزارعي الكاكاو في ساحل العاج أن بإمكان التجارة العادلة زيادة دخل المزارعين بنسبة 10% إلى 20 %، فيما يمكن لاستثمارات القيمة المشتركة زيادتها إلى أكثر من 300%. قد يتطلب تطبيق ممارسات الشراء الجديدة وتطوير المجموعة الداعمة استثماراً أولياً ووقتاً، لكن العائد حينها سيكون قيمة اقتصادية أكبر وفوائد استراتيجية أوسع للمشاركين كلهم.

جذور القيمة المشتركة

على مستوى أساسي للغاية، هناك ترابط وثيق بين القدرة التنافسية للشركة من جهة، وصحة المجتمعات المحيطة بها من جهة أخرى؛ تحتاج المشاريع التجارية إلى مجتمع ناجح، ليس فقط لترويج الطلب على منتجه، بل لتأمين أصول عامة حيوية وبيئة آمنة كذلك. المجتمع من جهته يحتاج إلى أعمال تجارية ناجحة لتأمين فرص توظيف وتكوين الثروات للمواطنين. هذا الاعتماد المتبادل يعني أن السياسات العامة التي تحد من إنتاجية الشركات وقدرتها التنافسية هي سياسات مدمرة للذات، خصوصاً في اقتصاد عالمي يمكن فيه للمرافق والوظائف أن تنتقل بسهولة إلى مواقع أخرى. لم تقم الحكومات والمؤسسات غير الحكومية بتقدير هذه الصلة بشكل دائم.

في المفهوم الضيق القديم للرأسمالية تساهم الأعمال التجارية في المجتمع من خلال جني الأرباح، والذي يدعم التوظيف والأجور وعمليات الشراء والاستثمار والضرائب. يوفر القيام بالأعمال التجارية كالعادة فوائد اجتماعية كافية. تشكل الشركة إلى حد كبير كياناً مستقلاً بذاته، وتقع القضايا الاجتماعية أو المجتمعية خارج النطاق المناسب لها. (هذا هو النقاش الذي طرحه ميلتون فريدمان بشكل مقنع في نقده لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات ككل).

[su_box title=”ما هي ‘القيمة المشتركة’؟” style=”soft” box_color=”#3537d6″ title_color=”#000000″ radius=”6″]

يُمكن تعريف مفهوم القيمة المشتركة بأنه السياسات والممارسات التشغيلية التي تُحسّن تنافسية الشركة، وتعمل على تطوير الظروف الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات التي تعمل بها في الوقت نفسه. يركز إنشاء قيمة مشتركة على تحديد نطاق العلاقات التي تربط التطور المجتمعي بالتطور الاقتصادي وتوسعته.

يرتكز هذا المفهوم على المبدأ القائل إنه يجب التعامل مع كل من التطور الاجتماعي والاقتصادي باستخدام مبادئ القيمة. وتُعرَّف القيمة بأنها الأرباح المرتبطة بالتكاليف، وليست الأرباح فحسب. إنشاء القيمة هو فكرة تم إدراكها منذ فترة طويلة في عالم الأعمال التجارية، إذ الأرباح هي الإيرادات التي تم اكتسابها من العملاء بعد طرح قيمة التكاليف المترتبة عليها. مع ذلك، نادراً ما قاربت الشركات القضايا المجتمعية من منظور القيمة، بل تم التعامل معها بهامشية. وهو ما عمل على تشويش الروابط بين الشؤون الاقتصادية وتلك الاجتماعية.

في القطاع الاجتماعي، التفكير من منظور القيمة أمر أقل شيوعاً. غالباً ما تحقق المؤسسات الاجتماعية والهيئات الحكومية النجاح في مجال الأرباح المحققة أو الأموال التي تم إنفاقها فقط. حالما تبدأ الشركات والمؤسسات غير الحكومية بالتفكير من منظور القيمة فإن اهتمامها بالتعاون مع قطاع الأعمال التجارية سيزداد حتماً.

[/su_box]

الاحتياجات المجتمعية، وليس فقط الاحتياجات الاقتصادية التقليدية، هي التي تحدد الأسواق، وقد تؤدي الأضرار الاجتماعية إلى تحميل الشركات تكاليف داخلية.

تغلغل هذا المفهوم في التفكير الإداري في العقدين الأخيرين؛ فركزت الشركات على تشجيع المستهلكين لشراء المزيد والمزيد من منتجاتها. وفي مواجهتهم للمنافسة المتزايدة وضغوط الأداء الأقصر أجلاً التي يضعها المساهمون، لجأ المدراء إلى موجات من إعادة الهيكلة، وتخفيض أعداد الموظفين، والانتقال إلى مناطق أقل تكلفة، مع الاستفادة القصوى من الميزانيات العامة لإعادة رأس المال إلى المستثمرين. غالباً ما كانت تُسفر هذه الخطوات عن التسليع، والمنافسة السعرية، والقليل من الابتكار الحقيقي، ونمو عضوي بطيء، وعدم وجود ميزة تنافسية واضحة.

في هذا النمط من التنافس لا تتلقى المجتمعات المحلية التي تعمل الشركات داخلها سوى القليل من الفائدة، حتى عند ارتفاع الأرباح. وعوضاً عن ذلك، ترى هذه المجتمعات أن الأرباح تأتي على حسابها، وقد أصبح هذا الانطباع أقوى في مرحلة الانتعاش الاقتصادي الحالية، والتي لم تقدم فيه زيادة الأرباح شيئاً يذكر لتوازن الخلل الناجم عن البطالة المرتفعة وتعثر الأعمال التجارية المحلية والضغوط الشديدة على الخدمات المجتمعية.

لم يكن الحال دائماً على هذا النحو؛ فقد اضطلعت أفضل الشركات يوماً بمجموعة واسع من الأدوار في تلبية احتياجات العمال، والمجتمعات، والمشاريع الداعمة. لكن، ومع ظهور مؤسسات اجتماعية أخرى على الساحة، تم تفويض هذه الأدوار أو الانصراف عنها. بدأ تقصير مدة الآفاق الزمنية للمستثمرين بتضييق أفق التفكير في استثمارات ملائمة. نظراً لأن ظهور الشركات المدمجة عمودياً أفسح المجال لزيادة الاستعانة بموردين خارجيين، فقد أدت الاستعانة بالتوريد والنقل الخارجي إلى إضعاف العلاقة التي تربط بين الشركات ومجتمعاتها المحلية. كثيراً ما فقدت الشركات تواصلها مع أي موقع بسبب نقلها لأنشطتها المختلفة إلى المزيد والمزيد من المواقع المتعددة. في الواقع، الكثير من الشركات لم تعد تعترف بوجود مقر أصلي لها، إنما تنظر إلى نفسها على أنها شركات “عالمية”.

أدت هذه التحولات إلى تقدم كبير في الكفاءة الاقتصادية، لكن شيئاً في غاية الأهمية فُقِد خلال هذه العملية، فالفرص الأكثر أهمية لإنشاء قيمة مشتركة تم تفويتها، وتضيق نطاق التفكير الاستراتيجي.

تفيد النظرية الاستراتيجية أنه لتكون الشركة ناجحة يتوجب عليها إنشاء عرض قيمة مميز قادر على تلبية احتياجات مجموعة مختارة من العملاء. تكسب الشركة ميزة تنافسية من كيفية تشكيلها لسلسلة القيمة، أو مجموعة الأنشطة المشاركة في إنشاء منتجاتها أو خدماتها وإنتاجها، وبيعها، وتسليمها، و دعمها. عمل أصحاب الأعمال على دراسة التمركز، وأفضل الطرق لتصميم الأنشطة ودمجها طوال عقود.

ومع ذلك، أغفلت الشركات فرصاً تتيح تلبية الاحتياجات المجتمعية الأساسية، وأساؤوا فهم كيفية تأثير الأضرار ونقاط الضعف المجتمعية على سلاسل القيمة. ببساطة، لقد كان مجال رؤيتنا محدوداً للغاية.

في فهمهم لبيئة الأعمال التجارية ركز المدراء معظم انتباههم على الصناعة، أو على قطاع الأعمال المحدد التي تنافس فيه الشركة. يعود هذا إلى تأثير هيكل الصناعة الحاسم على ربحية الشركة. لكن ما تم إغفاله هنا هو التأثير العميق الذي قد يحدثه الموقع على الإنتاجية والابتكار. فشلت الشركات في فهم أهمية بيئة الأعمال التجارية الأوسع المحيطة بعملياتها الرئيسية.

إنشاء قيمة مشتركة

تستطيع الشركات إنشاء قيمة اقتصادية عبر إنشاء قيمة مجتمعية. وتوجد ثلاثة طرق مختلفة لفعل ذلك: إعادة النظر في المنتجات والأسواق، إعادة تعريف الإنتاجية في سلسلة القيمة، بناء مجموعات صناعية داعمة في مواقع الشركة. وكل واحدة من هذه الطرق تشكل جزءاً من الحلقة المثمرة للقيمة المشتركة؛ فقد يؤدي تحسين القيمة في واحد من هذه المجالات إلى توليد الفرص في المجالات الأخرى.

يعمل مفهوم القيمة المشتركة على إعادة تعيين حدود الرأسمالية. من خلال ربطها لنجاح الشركات مع التحسن المجتمعي بطريقة أفضل فإنها تفتح مجالات عديدة لتلبية احتياجات جديدة، واكتساب الكفاءة، وإيجاد التمايز، وتوسيع الأسواق.

تنطبق القدرة على إنشاء قيمة مشتركة بالتساوي على الاقتصادات المتقدمة والدول النامية، رغم أن الفرص الخاصة بكل منها تختلف عن الأخرى. سوف تختلف الفرص أيضاً بشكل ملحوظ مع اختلاف الصناعات والشركات، إلا أنّ كل شركة تتمتع بهذه الفرص، كما أن مداها ونطاقها أوسع بكثير مما تم الإقرار به. (تم بحث فكرة القيمة المشتركة بداية في مقال نشر في مجلة “هارفارد بزنس ريفيو” في ديسمبر/كانون الأول 2006 من تأليف مايكل بورتر ومارك كرامير تحت عنوان: الاستراتيجية والمجتمع: الربط بين الميزة التنافسية والمسؤولية الاجتماعية للشركات).

إعادة النظر في المنتجات والأسواق

للمجتمع احتياجات ضخمة، مثل الصحة، وتأمين مساكن أفضل، وتحسين التغذية، وتقديم المساعدات للمسنين، وأمان مالي أكبر، وضرر بيئي أقل. يمكن القول إنها أبرز الاحتياجات التي لم تُلب في ظل الاقتصاد العالمي. لقد أمضينا عقوداً في العمل ونحن نتعلم كيف نُحلل ونصنع الطلب، فيما غفلنا عن الطلب الأكثر أهمية على الإطلاق. غاب عن نظر الكثير من الشركات هذا السؤال الجوهري: هل منتجنا جيد لعملائنا؟ أم لعملاء عملائنا؟

[su_box title=”طمس الحدود بين الربحية وغير الربحية” style=”soft” box_color=”#3537d6″ title_color=”#000000″ radius=”6″]

يطمس مفهوم القيمة المشتركة الحد بين المؤسسات الربحية وغير الربحية، فتظهر أنواع جديدة من الشركات الهجينة بسرعة. على سبيل المثال، تستخدم شركة “ووتر هيلث إنترناشونال” (WaterHealth International)، وهي شركة ربحية سريعة النمو، تقنيات مبتكرة لتنقية المياه بهدف توزيع مياه نظيفة بأقل التكاليف على أكثر من مليون شخص في المناطق الريفية في كل من الهند، وغانا، والفلبين. ولا تقتصر الجهات المستثمرة فيها على صندوق “أكيومن” (Acumen)، الذي يركز على الناحية الاجتماعية، ومؤسسة التمويل الدولية التابعة لـ”لبنك الدولي”، بل يضم كذلك صندوق تمويل المشاريع من “داو كيمكال” (Dow Chemical’s venture fund)، و”ريفوليوشن فودز” (Revolution Foods)، وهو مشروع ناشئ عمره 4 سنوات تدعمه رؤوس أموال استثمارية، يقدم وجبات طازجة وصحية ومغذية لطلاب المدارس بشكل يومي بهامش إجمالي أعلى من المنافسين التقليديين. تمكنت شركة “ويست كونسيرن” (Waste Concern)، وهي شركة مختلطة ربحية/ غير ربحية تأسست في بنغلاديش منذ 15 عاماً، من بناء القدرة على تحويل 700 طن من النفايات التي يتم جمعها من الأحياء الفقيرة بشكل يومي، إلى أسمدة عضوية، لتنجح بذلك في زيادة غلة المحاصيل الزراعية وتخفيض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. مع إمدادها برأس المال من منظمة “لايونز كلوب” (Lions Club) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. تعمل الشركة على تحسين الظروف الصحية مع ربح هامش إجمالي كبير من مبيعات الأسمدة وائتمانات الكربون.

يُعد طمس الحد الفاصل بين المؤسسات الناجحة، الربحية وغير الربحية، أحد المؤشرات القوية على أن إنشاء قيمة مشتركة هو أمر ممكن.

[/su_box]

في الاقتصادات المتطورة، يتزايد الطلب على المنتجات والخدمات التي تُلبي الاحتياجات المجتمعية بسرعة. شركات الطعام التي كانت بشكل تقليدي تركز على الطعم والكمية للتشجيع على المزيد من الاستهلاك أصبحتْ تركز على الحاجة الأساسية للحصول على تغذية أفضل. تعمل كل من شركة “إنتل” و”آي بي إم” على ابتكار طرق تساعد مرافق الخدمات على استغلال الذكاء الاصطناعي بهدف الاقتصاد في استهلاك الطاقة. طورت شركة “ويلز فارغو” (Wells Fargo) خط منتجات وأدوات تساعد العملاء في استخدام ميزانياتهم، وإدارة ائتمانهم، ودفع ديونهم. بلغت مبيعات شركة “جنرال إلكتريك” من منتجات إيكو ماجينيشن 18 مليار دولار عام 2009، بحجم شركة تحتل المرتبة 150 في قائمة “مجلة فورتشن”. تتوقع شركة “جنرال إلكتريك” الآن أن إيرادات منتجات إيكو ماجينيشن ستنمو بمعدل يساوي ضعفي إجمالي إيرادات الشركة خلال السنوات الخمس المقبلة.

من خلال هذه الطرق والكثير غيرها، تنفتح الكثير من سبل الابتكار الجديدة ويتم إنشاء القيمة المشتركة. أما مكاسب المجتمع فهي أكبر من ذلك؛ لأن الأعمال التجارية غالباً ما تكون أكثر فاعلية من الحكومات والمؤسسات غير الربحية في التسويق لما يحفز العملاء على تقبل المنتجات والخدمات التي تؤدي إلى منافع مجتمعية، مثل الأطعمة الصحية أو المنتجات الصديقة للبيئة.

تؤدي خدمة المجتمعات المحرومة والبلدان النامية إلى إنشاء فرص مساوية أو أكبر. على الرغم من أن الاحتياجات المجتمعية هناك أكثر إلحاحاً، إلا أن هذه المجتمعات لم تؤخذ بعين الاعتبار كأسواق قابلة للنمو. ينصب الاهتمام اليوم على الهند، والصين، وعلى نحو متزايد، البرازيل، التي تمنح الشركات إمكانية الوصول إلى المليارات من العملاء الجدد في قاعدة الهرم، وهي فكرة نشرها وروج لها كويمباتور كريشناراو براهالاد (سي كيه). مع ذلك، لطالما كانت لهذه الدول احتياجات هائلة مثل الكثير من البلدان النامية.

هناك فرص مماثلة تكمن في المجتمعات غير التقليدية في الدول المتقدمة. فقد علمنا، على سبيل المثال، أن المناطق الحضرية الفقيرة تشكل الأسواق الأكثر حرماناً من الخدمات في أميركا، لأنه تم التغاضي عن قدرتهم الشرائية المركزة الهامة. (راجع البحث عن مبادرة المدينة الداخلية التنافسية على موقع (icic.org).

يمكن للفوائد المجتمعية الناتجة عن تقديم منتجات مناسبة للمستهلكين من ذوي الدخل المنخفض والمحرومين أن تكون عميقة، في حين يمكن لأرباح الشركات أن تكون ضخمة. على سبيل المثال، تساعد الهواتف المحمولة ذات الأسعار المنخفضة التي تقدم خدمات مصرفية متنقلة الفقراء على توفير النقود بشكل آمن، وتغيير قدرة صغار الفلاحين على إنتاج محاصيلهم وتسويقها. في كينيا، شهدت خدمة “إم-بيسا” (M-PESA) المصرفية المتنقلة التي طرحتها شركة “فودافون” (Vodafone) تسجيل 10 ملايين عميل خلال ثلاث سنوات. تمثل الأموال التي تتعامل معها الآن 11% من الناتج المحلي الإجمالي. في الهند طورت مؤسسة “طمسون رويترز” (Thomson Reuters) خدمة شهرية واعدة للمزارعين الذين يبلغ متوسط دخلهم 2,000 دولار في العام. تزودهم الخدمة بأخبار الطقس وأسعار المحاصيل والمشورة الزراعية لقاء رسوم قدرها 5 دولار للربع. تصل الخدمة إلى ما يقارب مليوني مزارع، وتشير الأبحاث الأولية إلى أنها ساعدت في زيادة دخل أكثر من 60% منهم. مع بدء الرأسمالية العمل في مجتمعات فقيرة، ازدادت الفرص الجديدة للتنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي بشكل هائل.

بالنسبة للشركات، تتمثل نقطة بدء إنشاء هذا النوع من القيمة المشتركة في تحديد جميع الاحتياجات والفوائد والأضرار المجتمعية التي من المؤكد أو المحتمل أن تنطوي عليها منتجات الشركة. الفرص غير ثابتة؛ فهي تتغير باستمرار مع تقدم التكنولوجيا وتطور الاقتصادات وتبدل الأولويات المجتمعية. سوف يؤدي الاستكشاف المستمر للاحتياجات المجتمعية إلى دفع الشركات لاكتشاف فرص جديدة للتمايز وإعادة التمركز في الأسواق التقليدية، والتعرف على إمكانات أسواق جديدة تم تجاهلها من قبل.

غالباً ما تتطلب تلبية احتياجات الأسواق المحرومة منتجات معادة التصميم أو وسائل توزيع مختلفة. يمكن لهذه المتطلبات أن تُحفز ابتكارات أساسية يكون لها تطبيق أيضاً في الأسواق التقليدية. فقد تم اختراع التمويل الأصغر – على سبيل المثال – لتلبية الاحتياجات المالية غير الملباة في الدول النامية. وها هو الآن ينمو بشكل متسارع في الولايات المتحدة الأميركية، إذ يعمل على ملء فجوة هامة لم يتم التعرف عليها قبلاً.

نجحت “وول مارت” بتخفيض انبعاثات الكربون، ووفرت 200 مليون دولار في التكاليف من جراء تقليص أحجام عبواتها، واختصار 100 مليون ميل من خطوط توصيل شاحناتها.

[su_expand more_text=”المزيد” less_text=”أقل ” height=”290″ link_color=”المزيد” link_align=”right”]

العلاقة بين الميزة التنافسية والقضايا الاجتماعية 

هناك طرق كثيرة يُمكن من خلالها أن يكون لمعالجة الهموم الاجتماعية فوائد إنتاجية للشركة. لنأخذ على سبيل المثال ما يحدث عندما تستثمر الشركة في برنامج صحة. فيستفيد المجتمع، لأن الموظفين وعائلاتهم يصبحون أكثر عافية، وتقلص الشركة غياب الموظفين وفقدان الإنتاجية إلى أدنى حد. تُبين الصورة أدناه بعض المواقع التي تكون فيها العلاقات أكثر قوة من غيرها.

[/su_expand]

إعادة تعريف الإنتاجية في سلسلة القيمة

لا شك أن سلسلة القيمة لشركة ما تؤثر، في الكثير من القضايا المجتمعية، وكذلك تتأثر. مثل الموارد الطبيعية واستهلاك المياه، والصحة والسلامة، وظروف العمل، والمساواة في المعاملة في مواقع العمل. تظهر الفرص لإنشاء قيمة مشتركة بسبب المشاكل المجتمعية التي قد تؤدي إلى تكاليف اقتصادية ضمن سلسلة القيمة الخاصة بالشركة. في الواقع، الكثير مما يُسمى الآثار الخارجية يُخلف تكاليف داخلية على الشركة، حتى في ظل غياب الأنظمة أو الضرائب المفروضة على الموارد. لا يُعد الإفراط في تغليف المنتجات وزيادة غازات الدفيئة أمراً مكلفاً للبيئة فحسب، بل هو أمر مكلف للشركات أيضاً. تمكنتْ “وول مارت” من إيجاد حل للمشكلتين عبر تقليصها لعبوات التغليف، وتغيير طرقات شاحناتها لتقتطع 100 مليون ميل من طرقات التسليم في عام 2009، لتوفر بذلك 200 مليون دولار حتى عند شحنها لمنتجات أكثر. وفر الابتكار في وسائل التخلص من البلاستيك المستخدم في المتاجر الملايين، وذلك من خلال تخفيض تكاليف التخلص من النفايات المدفوعة إلى مكبات النفايات.

يكشف التفكير الجديد أن التوافق بين التطور المجتمعي والإنتاجية في سلسلة القيمة أكبر بكثير من الاعتقاد الذي كان سائداً. (راجع الفقرة “الصلة بين الميزة التنافسية والقضايا الاجتماعية”). يزداد هذا الاتساق عندما تقارب الشركات القضايا المجتمعية من منظور القيمة المشتركة، وتبتكر طرقاً جديدة للعمل على معالجتها. لكن، حتى الآن، قلة من الشركات تمكنتْ من حصد الفوائد الإنتاجية كاملة في مجالات مثل الصحة، والسلامة، والأداء البيئي، والحفاظ على الموظفين وكفاءاتهم.

المؤشرات على التغيير واضحة لا لبس فيها. في مرحلة ما ساد الاعتقاد أن الحد من التلوث البيئي سيؤدي إلى زيادة حتمية في تكاليف الأعمال التجارية، ولا يتم العمل عليه إلا بسبب النظام والضرائب. أما اليوم فهناك إجماع متزايد على أنه يمكن غالباً إجراء تحسينات هامة في الأداء البيئي باستخدام تكنولوجيا أفضل بتكلفة إضافية رمزية، ويمكن حتى تحقيق وفورات صافية في التكاليف من خلال الاستخدام الأفضل للموارد، وكفاءة العملية، والجودة.

في كل من المجالات البارزة، يؤدي الفهم الأعمق للإنتاجية والإدراك المتزايد لمغالطة تخفيضات التكلفة قصيرة الأمد (والتي غالباً ما تؤدي إلى انخفاض الإنتاجية أو جعلها غير مستدامة) إلى ظهور مقاربات جديدة. فيما يلي بعض من أهم الطرق التي يعمل فيها التفكير من منظور القيمة المشتركة على تحويل سلسلة القيمة، وهي طرق لا تعمل بشكل مستقل، وإنما بطريقة التعزيز المتبادل. لا تزال الجهود المبذولة في هذه المجالات وغيرها قيد التنفيذ، إلا أنّ آثارها ستكون محسوسة على مر السنوات المقبلة.

استخدام الطاقة واللوجستيات

يُعاد النظر في استخدام الطاقة عبر مراحل سلسلة القيمة كلها – سواء كانت في العمليات، أو النقل، أو المباني، أو سلاسل التوريد، أو قنوات التوزيع، أو خدمات الدعم – نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة، وللوعي الجديد بفرص للكفاءة في استخدام الطاقة، كانت إعادة النظر هذه جارية حتى قبل أن تصبح انبعاثات الكربون محط اهتمام عالمي. وكانت النتيجة تحسينات مذهلة في استغلال الطاقة من خلال اللجوء إلى تكنولوجيا أفضل، وإعادة التدوير، وتوليد الطاقة المشترك، وممارسات أخرى كثيرة، تعمل كلها لإنشاء قيمة مشتركة.

نحن ندرك أن الشحن باهظ التكاليف، ليس فقط بسبب تكاليف الطاقة وانبعاثاتها، بل لأنه يكبد الشركات الوقت، والتعقيد، وتكاليف المخزون، وتكاليف الإدارة. تبدأ إعادة تصميم النظم السوقية بهدف تقليص مسافات الشحن، وتبسيط النقل، وتحسين توجيه المركبات، وما شابه ذلك. من المتوقع أن توفر عملية التجديد الطموحة التي تجريها شركة التجزئة البريطانية “ماركس أند سبينسر” (Marks & Spencer’s) على سلسلة التوريد الخاصة بها، والتي تتضمن خطوات في غاية البساطة كأن تتوقف عن شراء الموارد من أحد نصفي الكرة الأرضية وشحنه إلى النصف الآخر، ما يقارب 175 مليون جنية استرليني سنوياً بحلول سنة 2016 المالية، كما أنها ستخفض بشكل كبير من انبعاثات الكربون. أثناء عملية إعادة النظر في اللوجستيات، سوف يُعاد النظر في الاستعانة بموردين خارجيين، وفي الموقع أيضاً (كما سنناقش أدناه).

استخدام الموارد

يُحفز الوعي المرتفع بالبيئة والتقدم التقني طرقاً جديدة في مجالات مثل استخدام المياه، والمواد الأولية، والتغليف، إضافة إلى التوسع في إعادة التدوير والاستخدام. تنطبق الفرص على الموارد كلها، وليس على تلك التي تم تحديدها من قبل أنصار البيئة. إن الاستخدام الأفضل للموارد، والذي أصبح ممكناً من خلال تطوير التكنولوجيا، سوف يتخلل أجزاء سلسلة القيمة كلها، وسوف يصل إلى الموردين والقنوات. مكبات النفايات سوف تمتلئ بشكل أكثر بطئاً.

على سبيل المثال، خفضت شركة “كوكاكولا” (Coca-Cola) بالفعل استهلاكها للمياه في مختلف أنحاء العالم بنسبة 9% من خط الأساس في عام 2004، أي أنها قطعت نصف الطريق تقريباً نحو هدفها في الوصول إلى نسبة 20% بحلول عام 2012. وتمكنت شركة “داو كيمكال” من تخفيض استهلاكها للمياه العذبة في أكبر موقع إنتاج لها بمقدار مليار غالون مياه، أي ما يكفي لتزويد 40,000 نسمة في الولايات المتحدة الأميركية بالماء لمدة عام كامل، الأمر الذي مكّن الشركة من توفير 4 مليون دولار. أتاح الطلب على تقنيات توفير المياه لشركة “جين إريجيشن” (Jain Irrigation) الهندية، شركة عالمية رائدة لتصنيع أنظمة الري بالتنقيط الكاملة للحفاظ على المياه، الفرصة لتحقيق معدل نمو سنوي مركب بنسبة 41% في الإيرادات خلال السنوات الخمس الماضية.

الشراء

تدعو قواعد اللعب التقليدية الشركات إلى التسليع وممارسة أقصى قدر من مساومة الموردين لأجل تخفيض الأسعار، حتى عند تنفيذ عمليات شراء من شركات صغيرة أو مزارعين على مستوى الكفاف.

في الآونة الأخيرة، أصبحت الشركات تلجأ بشكل متزايد إلى الاستعانة بموردين خارجيين في مواقع تكون الأجور فيها أكثر انخفاضاً.

بدأت بعض الشركات اليوم تدرك أنه ليس بوسع الموردين المهمشين الحفاظ على إنتاجيتهم، أو استدامتها، ناهيك عن تطوير جودة منتجاتهم. يمكن للشركات أن تحسن من نوعية وإنتاجية المورد مع ضمان الوصول إلى كمية متزايدة من خلال زيادة إمكانية الوصول إلى المستلزمات، ومشاركة التقنيات، وتقديم التمويل. وعلى الأرجح سوف يتفوق تحسين الإنتاجية على الأسعار المنخفضة. مع ازدياد قوة الموردين ينخفض تأثيرهم البيئي بشكل جذري، الأمر الذي يُطور من كفاءتهم، بهذا يكون قد تم إنشاء قيمة مشتركة.

يمكن العثور على مثال جيد عن طريقة التفكير الجديدة في عمليات الشراء هذه في “نسبريسو” (Nespresso)، أحد أسرع فروع “نستله” (Nestlé) نمواً، والذي يتمتع بنسبة نمو سنوي تبلغ 30% منذ عام 2,000. تجمع “نسبريسو” آلة إسبريسو المتطورة مع كبسولات ألمنيوم أحادية الكوب تحتوي على بن مطحون من جميع أنحاء العالم. استطاعت “نسبريسو” توسيع سوق القهوة عالية الجودة، عبر تقديمها لمنتجات تتمتع بالجودة والملاءمة.

لكن الحصول على إمدادات موثوقة من أنواع القهوة المتخصصة هو أمر في غاية الصعوبة. تُزرع معظم أنواع القهوة على يد مزارعين صغار في مناطق ريفية فقيرة في أفريقيا وأميركا اللاتينية، إلا أن هؤلاء المزارعين كانوا عالقين في حلقة من الإنتاجية المنخفضة وتدني النوعية والتدهور البيئي الذي يحد من حجم الإنتاج. لمعالجة هذه المشاكل أعادت “نستله” تصميم عمليات الشراء. عملت بشكل مكثف مع مزارعيها، فقدمت لهم النصح حول الممارسات الزراعية، وضمنت لهم الحصول على قروض مصرفية، وساعدتهم على تأمين المستلزمات كمخزون النبات والمبيدات الحشرية والأسمدة. أنشأت “نستله” مرافق محلية لقياس جودة القهوة في نقاط البيع، الأمر الذي أتاح لها دفع علاوة للحبوب الأفضل بشكل مباشر إلى المزارعين، وبالتالي تطوير حوافزهم. أدى ارتفاع غلة الهكتار الواحد وجودة الإنتاج إلى زيادة دخل المزارعين والحد من التأثير البيئي للمزارع. في غضون ذلك، تمكنت “نستله” من زيادة الإمدادات الموثوقة من القهوة الجيدة التي تحتاجها، وهكذا أنشأت القيمة المشتركة.

ينضوي مثال شركة “نستله” على التمتع بحكمة أوسع من ذلك، ألا وهي ميزة الشراء من موردين محليين مؤهلين. ينجم عن الاستعانة بمصادر ودول خارجية تكاليف نقل وأوجه قصور قد توازي الأجور، وتكاليف المدخلات الأكثر انخفاضاً. يساعد الموردون المحليون المؤهلون الشركات على تفادي هذه التكاليف، وبإمكانهم تقليص مدة الدورة الزمنية، وزيادة المرونة، وتعزيز التعلم السريع، وتمكين الابتكار. لا يقتصر الشراء من مصادر محلية على الشركات المحلية فحسب، بل يمتد ليشمل الوحدات المحلية للشركات الوطنية والدولية. عند قيام الشركات بعمليات شراء محلية فإن مورديهم يصبحون أكثر قوة، وتزداد أرباحهم وقدرتهم على توظيف المزيد من الأشخاص ودفع أجور أعلى، جميع ما سلف يقدم فائدة للشركات الأخرى في المجتمع. بهذا يكون قد تم إنشاء قيمة مشتركة.

[su_box title=”دور أصحاب المشاريع الاجتماعية” style=”soft” box_color=”#3537d6″ title_color=”#000000″ radius=”6″]

هناك لاعبون آخرون قادرون على إيجاد حلول ربحية للمشاكل الاجتماعية إلى جانب الشركات التجارية. يعمل جيل كامل من أصحاب المشاريع الاجتماعية على استكشاف مفاهيم منتج جديدة تُلبي احتياجات المجتمع باستخدام نماذج عمل قابلة للتطبيق. نظراً لأن تفكيرهم غير محدود ضمن إطار التفكير التجاري التقليدي الضيق فإن أصحاب المشاريع الاجتماعية غالباً ما يسبقون الشركات المستقرة إلى اكتشاف هذه الفرص. يمكن للمشاريع الاجتماعية، التي تنشئ قيمة مشتركة، أن ترفع مستواها بسرعة أعلى بكثير من البرامج الاجتماعية البحتة، والتي غالباً ما تعاني من عدم القدرة على النمو أو تحقيق الاكتفاء الذاتي.

يجب قياس المشاريع الاجتماعية الحقيقية بقدرتها على إنشاء قيمة مشتركة، وليس بالفوائد الاجتماعية وحسب.

[/su_box]

التوزيع 

بدأت الشركات إعادة النظر في ممارسات التوزيع من منظور القيمة المشتركة. كما توضح لنا كل من “آي تيونز” (iTunes)، و”كيندل” (Kindle)، و”جوجل سكولار” (Google Scholar) (التي تقدم نصوصاً للدراسات العلمية عبر الإنترنت)، يمكن لنماذج التوزيع الجديد المربحة أن تقلص إلى حد كبير من استهلاك الورق والبلاستيك. بشكل مشابه، أدى التمويل الأصغر إلى إنشاء نماذج جديدة فعالة من جهة التكلفة لتوزيع الخدمات المالية على الشركات الصغيرة.

من خلال الاستثمار في برامج الصحة للموظفين تمكنت “جونسون آند جونسون” من توفير 250 مليون دولار في تكاليف الرعاية الصحية.

قد تكون الفرص المفتوحة أمام نماذج توزيع جديدة في الأسواق غير التقليدية أكبر من ذلك. على سبيل المثال، تبتكر شركة “هندوستان يونيليفر” (Hindustan Unilever) نظام توزيع جديد مباشر إلى المنازل، تديره مجموعة من سيدات الأعمال المحرومات، في القرى الهندية التي يقل عدد سكانها عن 2,000 نسمة. تقدم “يونيليفر” القروض الصغيرة، والتدريب، وتضم الآن أكثر من 45,000 من نساء الأعمال اللواتي يغطين حوالي 100,000 قرية في أرجاء الهند. يقدم مشروع “شاكتي” (Shakti) – وهو الاسم الذي أطلق على نظام التوزيع هذا – الفوائد للمجتمعات المحلية، ليس من خلال منح النساء مهارات تضاعف دخلهم الأسري فحسب، بل من خلال الحد من انتشار الأمراض المعدية بفضل زيادة إمكانية حصولهم على منتجات النظافة الشخصية. يُعد هذا مثالاً جيداً، لأنه يوضح لنا كيف يمكن لقدرة الأعمال التجارية الفريدة على التسويق للمستهلكين الذين يصعب الوصول إليهم أن تفيد المجتمع من خلال وضع منتجات تغير الحياة في أيادي الناس الذين يحتاجونها. يمثل مشروع “شاكتي” الآن 5% من إجمالي إيرادات شركة “يونيليفر” في الهند، وقد وسّع نطاق عمل الشركة ليشمل المناطق الريفية وأسس علامتها التجارية في أقاليم تعاني من فقر في وسائل الإعلام، مانحاً الشركة بذلك قيمة اقتصادية كبيرة.

إنتاجية الموظفين

بدأ التركيز من أجل الإبقاء على مستويات الأجور، وتخفيض الفوائد، والنقل إلى الخارج، بفتح المجال لإدراك الآثار الإيجابية التي قد تولّدها أجور معيشة الموظفين وسلامتهم وتدريبهم وفرص تطويرهم، على الإنتاجية. سعتْ الكثير من الشركات، بشكل تقليدي، إلى تخفيض تكلفة تغطية الرعاية الصحية ” الباهظة” للموظفين إلى الحد الأدنى، أو إلغاء التغطية الصحية كلياً. في يومنا هذا، اكتشفتْ الشركات الرائدة أنه بسبب أيام العمل الضائعة وتناقص القدرة الإنتاجية للموظفين، فإن الأحوال الصحية السيئة للموظفين تكلفهم أكثر مما تكلفهم الاستحقاقات الصحية. لنأخذ “جونسون آند جونسون” مثالاً. من خلال مساعدة الموظفين على الإقلاع عن التدخين (انخفاض بمقدار ثلثين في الأعوام الخمسة عشر الماضية)، وتنفيذ عدد كبير من البرامج الصحية الأخرى، تمكنتْ الشركة من توفير 250 مليون دولار من تكاليف الرعاية الصحية، أي بعائد قدره 2.71 دولار على كل دولار تم إنفاقه على الصحة من عام 2002 وحتى 2008. إضافة إلى ذلك، فقد استفادت الشركة من قوة عاملة أكثر حضوراً وإنتاجية. لو ركزت النقابات العمالية بشكل أكبر على القيمة المشتركة، أيضاً، لانتشرتْ هذه الطرق في التعامل مع الموظفين بشكل أسرع.

الموقع

اعتنق التفكير التجاري خرافة أن الموقع لم يعد يتمتع بأي أهمية، لأن الخدمات اللوجستية غير مكلفة، والمعلومات تتدفق بسرعة، والأسواق أصبحت عالمية. كلما كان الموقع أرخص كلما كان الوضع أفضل. لقد تلاشى الاهتمام بالمجتمعات المحلية التي تعمل بها الشركة.

يخضع هذا التفكير المفرط في بساطته إلى عدة تحديات، جزء منها يعود إلى تكاليف الطاقة وانبعاثات الكربون المتزايدة، وجزء بسبب الاعتراف المتزايد بالتكلفة الإنتاجية لأنظمة الإنتاج عالية التشتت والتكاليف الخفية لعمليات الشراء البعيدة التي نوقشت سابقاً. على سبيل المثال، تسعى “وول مارت” على نحو متزايد إلى الحصول على منتجات إمداداتها لأقسامها الغذائية من مزارعين محليين قريبين من مستودعاتها. لقد اكتشفت أن الوفورات التي حققتها في تكاليف النقل، وقدرتها على إعادة ملء مستودعاتها بكميات أقل من الموارد الطازجة، يتفوق بكثير على الأسعار المتدنية في المزارع الصناعية البعيدة. تنشئ “نستله” مصانع أصغر لها بالقرب من أسواقها، وتُكثف جهودها لاستخدام المواد المتوفرة محلياً إلى أقصى حد ممكن.

أيضاً، تتغير العملية الحسابية التي توصي بنقل مواقع الفعاليات إلى الدول النامية. شحنت مجموعة “أولام الدولية” (Olam International)، وهي شركة رائدة في إنتاج الكاجو، مكسراتها من أفريقيا إلى آسيا بشكل تقليدي، لتُجهز ضمن منشآت يعمل بها عمال آسيويون منتجون. لكن من خلال افتتاح مصانع تجهيز محلية وتدريب العمال في تنزانيا وموزمبيق ونيجيريا وساحل العاج، نجحت “أولام” في خفض تكاليف الشحن والتجهيز بمقدار وصل إلى 25%، ناهيك عن الانخفاضات الجذرية في انبعاثات الكربون. باتخاذها هذه الخطوة، نجحت “أولام” أيضاً في إقامة علاقات أقرب مع المزارعين المحليين. كما أنها قدمت 17,000 فرصة توظيف مباشر للناس، 95% منهم من النساء، وفرص توظيف غير مباشر لعدد يساوي ما سلف من الناس في المناطق الريفية التي ما كانت لتتوفر فيها أي فرص عمل.

قد تقود هذه الاتجاهات الشركات إلى إعادة تشكيل سلاسل القيم الخاصة بها من خلال نقل بعض فعالياتها إلى أماكن أقرب لمواطنها وتقليل عدد مواقع إنتاجها الرئيسية. حتى الآن، اعتقدت غالبية الشركات أن مفهوم الشركة العالمية يقتضي نقل الإنتاج إلى مواقع تكون تكاليف العمالة فيها أكثر انخفاضاً، وتصميم سلاسل التوريد تمكنها من تحقيق التأثير الأعجل على النفقات. على أرض الواقع، أقوى المنافسين الدوليين هم غالباً أولئك القادرون على ترسيخ جذور أعمق في المجتمعات الهامة. الشركات التي تتمكن من تبنّي هذا المفهوم المكاني الجديد سيتمكنون من إنشاء قيمة مشتركة.

كما توضح هذه الأمثلة، فإن إعادة تصور سلاسل القيم من منظور القيمة المشتركة سوف يطرح طرقاً جديدة هامة لابتكار قيمة اقتصادية جديدة كانت قد غابت عن انتباه معظم الشركات، وإطلاقها.

تمكين تطوير المجموعة المحلية

لا توجد شركة قائمة مستقلة بذاتها؛ فإن نجاح أي شركة يتأثر بالشركات الداعمة والبنية التحتية من حولها. وتتأثر الإنتاجية والقدرة على الابتكار بشكل كبير بـ”المجموعات”، أو التركيز الجغرافي للشركات، والشركات ذات الصلة، والموردين، ومزودي الخدمات، والبنية التحتية اللوجستية في حقل معين، مثل تكنولوجيا المعلومات في وادي السيليكون، والزهور المقطوفة في كينيا، وقطع الماس في سورات، الهند.

لا تقتصر هذه المجموعات على الشركات، بل تشمل هيئات مثل البرامج الأكاديمية والجمعيات التجارية والمؤسسات المعنية بوضع المعايير. كما أنها تستفيد من الأصول العامة الأشمل، مثل المدارس والجامعات والمياه النظيفة وقوانين المنافسة العادلة ومعايير الجودة وشفافية السوق.

تبرز هذه المجموعات في الاقتصادات الناجحة والمتنامية، وتلعب دوراً رئيساً في دفع الإنتاجية والابتكار والقدرة التنافسية إلى الأمام. يعزز وجود موردين محليين مؤهلين تحقيق مستوى أعلى من الكفاءة اللوجستية والسهولة في التعاون، كما سبق وناقشنا. كذلك فإن توفر مُقدرات محلية أقوى في مجالات مثل التدريب وخدمات النقل والصناعات ذات الصلة، يشكل قوة دافعة للقدرة الإنتاجية. وعلى النقيض من ذلك، فإنه ودون مجموعة داعمة سوف تتدهور القدرة الإنتاجية.

كما ينجم عن أوجه القصور في الظروف الإطارية المحيطة بالمجموعة تكاليف داخلية على الشركات، يفرض التعليم الحكومي الفقير تكاليف على الإنتاجية والتدريب التأهيلي. ترفع البنية التحتية الفقيرة للنقل التكاليف اللوجستية. يقلص التمييز العرقي أو الجنسي من نطاق الموظفين المؤهلين. يحد الفقر من الطلب على المنتجات ويؤدي إلى تدهور بيئي، وتدهور في صحة العمال، وتكاليف أمنية باهظة. بما أن الشركات أصبحت أكثر انفصالاً عن مجتمعاتها المحلية، فقد تضاءل تأثيرها في حل هذه المشاكل حتى مع ارتفاع تكاليفها.

[su_expand more_text=”المزيد” less_text=”أقل ” height=”290″ link_color=”المزيد” link_align=”right”]

إنشاء قيمة مشتركة: الانعكاسات على الحكومة والمجتمع المدني

رغم أن تركيزنا الأساسي على الشركات، إلا أن مبادئ القيمة المشتركة تنطبق بشكل متساوٍ على الحكومات والمؤسسات غير الربحية. سوف تكون الحكومات والمؤسسات غير الحكومية أكثر فعالية لو أنهم يعتبرون ناحية القيمة، فيما يتعلق بالأرباح المرتبطة بالتكاليف، ويركزون على النتائج المحققة بدلاً من الأموال والجهود المبذولة. يميل النشطاء إلى مقاربة التنمية الاجتماعية من منظور إيديولوجي أو شمولي، كما لو كان السعي وراء تحقيق فوائد اجتماعية أمراً واجباً مهما كان الثمن. غالباً ما تفترض الحكومات والمؤسسات غير الحكومية أن المفاضلة بين الفوائد الاقتصادية والاجتماعية أمر حتمي، ويزيدون هذه المفاضلة، من خلال الطرق التي يتبعونها. على سبيل المثال، ما يزال قسم كبير من القانون البيئي يتخذ صيغة صلاحيات القيادة والتحكم والإجراءات التنفيذية المصممة لإحراج الشركات ومعاقبتها. يمكن للهيئات التنظيمية تحقيق إنجازات أكثر بكثير من خلال التركيز على قياس الأداء البيئي وتقديم المعايير والفترات المرحلية والدعم للتكنولوجيا التي تعزز الابتكار وتعمل على تحسين البيئة ورفع مستوى التنافسية معاً في آن.

يشمل مبدأ إنشاء القيمة المشتركة الانقسام التقليدي بين مسؤوليات الشركة ومسؤوليات الحكومة أو المجتمع المدني. من منظور المجتمع، لا يهم أنواع المؤسسات التي أنشأت القيمة. المهم أن الفوائد تم تقديمها من قبل هذه المؤسسات، أو المجموعات من المؤسسات، والتي تتمتع بأفضل وضع يمكنها من خلاله تحقيق أكبر تأثير بأقل التكاليف. إن إيجاد طرق لرفع الإنتاجية يتمتع بالأهمية نفسها، سواء كان لخدمة أهداف تجارية أو مجتمعية. باختصار، يجب أن يوجه مبدأ إنشاء القيمة استخدام الموارد في مجالات الاهتمام المجتمعي كلها.

لحسن الحظ، ظهر نوع جديد من المؤسسات غير الحكومية التي تُدرك أهمية الإنتاجية وإنشاء القيمة، كان لهذه المؤسسات في كثير من الأحيان تأثيرٌ ملموس. مثال على ذلك مؤسسة “تكنوسيرف” (TechnoServe)، والتي عقدت شراكات مع شركات إقليمية وعالمية لتعزيز تطور المجموعات الزراعية التنافسية في أكثر من 30 دولة. حققت منظمة “روت كابيتال” (Root Capital) هدفاً مشابهاً من خلال تقديم التمويل للمزارعين والشركات الذين لا يحق لهم الاستفادة من التمويل الأصغر نظراً لأنهم أكبر من المعايير المطلوبة، ولا من التمويل المصرفي الاعتيادي لأنهم أصغر من المعايير المطلوبة. منذ عام 2000 أقرضت “روت كابيتال” أكثر من 200 مليون دولار لـ 282 شركة، وصلت من خلالها إلى 400,000 مزارع وحرفي. لقد موّلت زراعة 1.4 مليون فداناً من أراضي الزراعة العضوية في أميركا اللاتينية وأفريقيا. تعمل “روت كابيتال” عادة مع الشركات، فتستخدم طلبات الشراء المستقبلية ضماناً على القروض التي تقدمها للمزارعين وتساعد على تقوية سلاسل التوريد المشتركة وتحسين نوعية المستلزمات التي يتم شراؤها.

بدأت بعض المؤسسات الخاصة بإدراك القوة الناجمة عن العمل مع الشركات بهدف تأسيس قيمة مشتركة. على سبيل المثال، عقدت مؤسسة “بيل ومليندا غيتس فونديشن” (The Bill & Melinda Gates Foundation) شراكات مع شركات عالمية رائدة لرعاية المجموعات الزراعية في الدول النامية. تركز المؤسسة بعناية على السلع المتوفرة في المناطق التي تمنحها ظروف المناخ والتربة ميزة تنافسية حقيقية. تدفع الشراكات هذه المؤسسات غير الحكومية مثل “تكنوسيرف” “وروت كابيتال”، إضافة إلى المسؤولين الحكوميين، إلى العمل على القضايا التعاونية التي تسبق مرحلة التنافس، والتي من شأنها أن تطور المجموعة وتُرقي سلسلة القيمة الخاصة بالمشاركين. يدرك هذا النهج أن مساعدة المزارعين الصغار على زيادة إنتاجهم لن يولد أي فوائد دائمة ما لم يكن هناك مشترين جاهزين لشراء محاصيلهم، ومشاريع أخرى يمكنها معالجة المحاصيل بمجرد حصادها، ومجموعة محلية تتضمن بنىً تحتية سوقية فاعلة، وتوافر المستلزمات، وما إلى هنالك. إن المشاركة الفاعلة للشركات هي أمر أساسي لتفعيل هذه العناصر.

تستطيع المؤسسات التي تتمتع بتفكير تطلعي أن تقوم أيضاً بدور الوسيط النزيه، وتعمل على تهدئة المخاوف من خلال الحد من اختلال توازن القوى بين المشاريع المحلية الصغيرة، والمؤسسات غير الحكومية، والحكومات، والشركات. تتطلب هذه الجهود افتراضاً جديداً مفاده أنه لا يمكن أن تتحقق القيمة المشتركة إلا نتيجة للتعاون الفعال بين هذه الأطراف جميعها.

[/su_expand]

تنشئ الشركات قيمة مشتركة من خلال بناء مجموعات لتحسين إنتاجيتها في الوقت الذي تعالج فيه الفجوات أو مكامن الفشل في الشروط الإطارية المحيطة بالمجموعة. فعلى سبيل المثال، الجهود المبذولة في سبيل تطوير موردين مؤهلين وجذبهم تُفعّل الفوائد الشرائية التي ناقشناها سابقاً. لقد كان التركيز على المجموعات والموقع بحكم الغائب عن التفكير الإداري. كما أن التفكير بالمجموعة كان غائباً أيضاً عن كثير من مبادرات التنمية الاقتصادية، والتي فشلتْ لأنها تضمنتْ تدخلات معزولة، وتجاهلت الاستثمارات التكميلية الهامة.

يُعد تشكيل أسواق مفتوحة وشفافة من العناصر الأساسية لبناء المجموعات في البلدان النامية والمتطورة على حد سواء. تتدهور القدرة الإنتاجية في الأسواق غير الفعالة أو المحتكرة، حيث يُستغل العمال، ولا يحصل الموردون على أسعار منصفة، وتفتقر الأسعار إلى الشفافية. يمكن لتهيئة أسواق عادلة ومنفتحة، والتي غالباً ما تتم على أحسن وجه عند التعاون مع الشركاء، أن يتيح للشركة تأمين إمدادات موثوقة ويمنح الموردين حوافز أفضل على الجودة والكفاءة، مع تحسين دخل وقدرة شراء المواطنين المحليين بشكل ملموس. دورة إيجابية من نتائج التطوير الاجتماعي والاقتصادي.

عندما تبني الشركة مجموعات في مواقعها الرئيسية فإنها تعزز الصلة بين نجاحها ونجاح مجتمعاتها المحلية. يتمتع نمو الشركة بآثار مضاعفة، فتُوفر فرص عمل في الصناعات الداعمة، وتمويلاً مبدئياً للشركات الجديدة، ورفع الطلب على الخدمات التكميلية. يصل تأثير المجهود الذي تبذله شركة في سبيل تحسين الشروط الإطارية للمجموعة إلى المشاركين الآخرين والاقتصاد المحلي. على سبيل المثال، مبادرات تطوير القوى العاملة تزيد إمكانية توفير موظفين بارعين لكثير من الشركات الأخرى كذلك.

في “نسبريسو” عملت “نستله” أيضاً على بناء المجموعات، الأمر الذي جعل ممارسات الشراء الجديدة التي اتبعتها أكثر فاعلية بكثير. بدأت ببناء شركات ومقدرات زراعية وتقنية ومالية ولوجستية في كل منطقة من مناطق زراعة القهوة، بهدف تقديم دعم إضافي لكفاءة وجودة المنتج المحلي. قادت “نستله” الجهود نحو زيادة إمكانية الوصول إلى المستلزمات الزراعية، مثل مخزون النبات والأسمدة ومعدات الري، وتعزيز الجمعيات التعاونية الزراعية الإقليمية من خلال مساعدتهم على تمويل منشآت الطحن الرطب المشتركة لإنتاج حبوب أعلى جودة، ودعم البرامج الإرشادية لتقديم المشورة حول وسائل الزراعة. كذلك عملت بالشراكة مع “رينفورست ألاينس” (Rainforest Alliance)، وهي منظمة غير حكومية عالمية رائدة، لتعليم المزارعين ممارسات أكثر استدامة تجعل حجم الإنتاج أكثر موثوقية. في هذه الأثناء تحسنت قدرة “نستله” الإنتاجية.

تُعتبر شركة “يارا” (Yara)، وهي أكبر شركة أسمدة معدنية في العالم، مثالاً جيداً لشركة تعمل من أجل تحسين الشروط الإطارية في مجموعتها. فقد أدركت الشركة أن نقص البنى التحتية اللوجستية في أجزاء كثيرة من أفريقيا كان يمنع المزارعين من إمكانية الوصول بشكل فعال إلى الأسمدة وغيرها من المستلزمات الزراعية الأساسية الأخرى، ومن نقل محاصيلهم إلى السوق بطرق ناجحة. تعمل شركة “يارا” على معالجة هذه المشكلة من خلال استثمار قدره 60 مليون دولار في برنامج يعمل على تحسين الموانئ والطرق، والذي صُمم لإنشاء ممرات نمو زراعي في موزمبيق وتنزانيا. تعمل الشركة على هذه المبادرة بالتعاون مع الحكومات المحلية، وبدعم من الحكومة النرويجية. في موزمبيق وحدها، من المتوقع استفادة أكثر من 200,000 مزارع صغير وتوفير 350,000 فرصة عمل جديدة من هذه الممرات. سوف تساهم هذه التحسينات في مساعدة “يارا” في تنمية أعمالها التجارية، لكنها سوف تدعم كامل المجموعة الزراعية، الأمر الذي سينجم عنه آثار مضاعفة هائلة.

لا تنطبق فوائد بناء المجموعات على الاقتصادات الناشئة فحسب، بل على الدول المتقدمة أيضاً. يُجسد مثلث الأبحاث في كارولاينا الشمالية مثالاً بارزاً على التعاون بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص الذي نجح في إنشاء قيمة مشتركة من خلال تطوير المجموعات في مجالات مثل تقنية المعلومات وعلوم الحياة. شهدتْ تلك المنطقة، التي استفادت من الاستثمار المستمر من قبل القطاع الخاص والحكومة المحلية معاً، نمواً كبيراً في التوظيف والإيرادات وأداء الشركة، وكان أداؤها أفضل بكثير من غيرها خلال فترة الركود الاقتصادي.

لدعم تطوير المجموعات في المجتمعات المحلية التي تعمل فيها الشركات يجب عليها أن تحدد الثغرات وأوجه القصور في مجالات مثل الخدمات اللوجستية، ووجهات التوريد، وقنوات التوزيع والتدريب، وتنظيم السوق، والمؤسسات التعليمية. ثم تنتقل إلى المهمة التالية، وهي التركيز على نقاط الضعف التي تُمثل أكبر المعيقات لنمو الشركة ذاتها، ونمو إنتاجيتها، وتمييز تلك المجالات التي تكون فيها الشركة أكثر قدرة على التأثير بشكل مباشر عن المجالات التي يكون فيها التعاون أكثر فعالية من ناحية التكلفة. هنا ستكون فرص القيمة المشتركة أعظم. سوف تكون المبادرات التي تعالج نقاط ضعف المجموعات المعيقة للشركات أكثر فاعلية من برامج المسؤولية المجتمعية للشركات والتي تركز على المجتمع، والتي غالباً ما يكون تأثيرها محدوداً لكونها تضطلع بالكثير من المجالات دون التركيز على القيمة.

لكنّ الجهود الرامية إلى تحسين البنى التحتية والمنشآت في منطقة ما غالباً ما تتطلب عملاً جماعياً، كما تبين لنا في أمثلة “نستله” و”يارا” و”مثلث الأبحاث”. يتعين على الشركات أن تحاول ضم شركاء لها للمشاركة في التكاليف وكسب الدعم وتجميع المهارات المناسبة. برامج تطوير المجموعات الأكثر نجاحاً هي تلك التي تشمل تعاون القطاع الخاص، إلى جانب الاتحادات التجارية والوكالات الحكومية والمؤسسات غير الحكومية.

[su_expand more_text=”المزيد” less_text=”أقل ” height=”290″ link_color=”المزيد” link_align=”right”]

التنظيم الحكومي والقيمة المشتركة

يُمكن للنمط الصحيح من التنظيم الحكومي أن يُشجع الشركات على السعي وراء القيمة المشتركة، فيما يعمل النمط الخاطئ ضدها، حتى أنه يجعل عملية المفاضلة بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية أمراً لا مفر منه. التنظيم أمر ضروري للأسواق جيدة الأداء، وقد تبدّى هذا بشكل واضح جداً خلال الأزمة المالية الأخيرة. لكن الطريقة التي صُمم هذا التنظيم بها ونُفّذ هي التي تحدد ما إذا كانت تفيد المجتمع أم تعمل ضد مصلحته.

تعمل اللوائح التي تعزز القيمة المشتركة على وضع أهداف محددة، وعلى تشجيع الابتكار؛ فهي تلقي الضوء على هدف مجتمعي، وتفتح مجالاً للمنافسة النزيهة متكافئة الفرص لتشجيع الشركات على الاستثمار في القيمة المشتركة بدلاً من العمل على رفع الأرباح قصيرة الأمد إلى أقصى حد ممكن. تتصف هذه اللوائح بمجموعة من الخصائص:

أولاً، تضع مجموعة من الأهداف الاجتماعية الواضحة والملموسة، سواء كانت هذه الأهداف تتضمن استخدام الطاقة، أو الشؤون الصحية، أو السلامة. عندما يقتضي الأمر، تحدد أسعار الموارد (مثل الماء) بشكل يعكس كلفتها الحقيقية.

ثانياً، تحدد معايير الأداء، لكن دون أن تفرض الأساليب التي يجب اتباعها لتحقيق هذه المعايير، إذ يترك تحديد هذا الأمر إلى الشركات.

ثالثاً، تحدد الفترات المرحلية لتحقيق المعايير، الأمر الذي يعكس دورة الاستثمار أو المنتج الجديد في هذا المجال. تمنح المراحل الانتقالية الشركات الوقت لتطور منتجات وتطرح طرق عمل جديدة بطريقة تتوافق مع الجوانب الاقتصادية لشركاتهم.

رابعاً، تضع أنظمة عالمية للقياس، وتقدم تقارير الأداء، مع استثمار الحكومة في البنى التحتية لجمع بيانات مرجعية أساسية موثوقة (مثل حالات نقص التغذية في كل مجتمع). يعمل هذا على تحفيز التطوير المتواصل وتمكينه بما يتجاوز الأهداف الحالية.

أخيراً، تتطلب اللوائح الملائمة تقديم تقارير فعالة وفورية عن النتائج، والتي يمكن حينها مراجعتها من قبل الحكومة حسبما تقتضي الضرورة، عوضاً عن فرض عمليات امتثال مكلفة ومفصلة على الجميع.

يبدو التنظيم الذي يعيق القيمة المشتركة مختلفاً بشكل كبير؛ فهو يفرض الامتثال إلى ممارسات محددة بدلاً من التركيز على التطوير الاجتماعي الملموس. كما يُلزم باتباع نهج محدد لتحقيق معيار ما، الأمر الذي يُحبط الابتكار ويُكبد الشركات التكاليف في أغلب الأحيان. عندما تقع الحكومات في فخ هذا النوع من التنظيم، فإنها تقوض التطوير نفسه الذي تسعى لتحقيقه وتحرض على مقاومة عنيدة من الشركات من شأنها أن تبطئ تقدمهم بشكل أكبر وتقف في طريق القيمة المشتركة التي كان من شأنها تطوير التنافسية.

من المؤكد أن الشركات المحصورة ضمن العقلية القديمة سوف تُبدي ممانعة حتى ضد التنظيم محكم الصياغة . لكن مع انتشار قبول مبادئ القيمة المشتركة بشكل أكبر سوف تزيد نسبة اتفاق الشركات والحكومة على التنظيم في العديد من المجالات. سوف تدرك الشركات أن النوع الصحيح من التنظيم يمكن له بالفعل أن يعزز إنشاء قيمة اقتصادية.

أخيراً، ستكون هناك حاجة إلى التنظيم بغرض الحد من الممارسات الاستغلالية أو الظالمة أو المخادعة التي تستفيد منها الشركات على حساب المجتمع. على سبيل المثال، السياسة الصارمة المناهضة للاحتكار هي أمر أساسي لضمان تدفق فوائد نجاح الشركة إلى العملاء والموردين والعاملين.

[/su_expand]

إنشاء قيمة مشتركة من خلال الممارسة

ليست الأرباح كلها متساوية، هذه هي الفكرة التي غابت عن التركيز الضيق وقصير الأمد للأسواق المالية، وعن جزء كبير من التفكير الإداري. تعكس الأرباح التي تتضمن هدفاً اجتماعياً نموذجاً أرقى عن الرأسمالية، النموذج الذي يُتيح للمجتمع أن يتطور بسرعة أكبر ويسمح للشركات أن تنمو بشكل أكبر في الوقت ذاته. النتيجة هي دورة إيجابية من ازدهار الشركة والمجتمع، والتي تسفر عن أرباح تدوم طويلاً.

ليست الأرباح كلها متساوية؛ فتعكس الأرباح التي تتضمن هدفاً اجتماعياً نموذجاً أرقى عن الرأسمالية، نموذجاً ينتج عنه دورة إيجابية من ازدهار الشركة والمجتمع.

يُفترض إنشاء قيمة مشتركة الامتثال للقانون والمعايير الأخلاقية، إضافة إلى الحد من أي ضرر يسببه العمل التجاري، بل ويذهب إلى ما هو أبعد من ذلك. ستكون فرصة إنشاء قيمة مشتركة من خلال إنشاء قيمة مجتمعية واحدة من أعتى القوى الدافعة لحركة النمو في الاقتصاد العالمي. يمثل هذا التفكير أسلوباً جديداً في فهم العملاء والإنتاجية والتأثيرات الخارجية على نجاح الشركة. وهو أيضاً يلقي الضوء على الاحتياجات البشرية الهائلة التي يجب تلبيتها، والأسواق الضخمة الجديدة التي يجب تقديم الخدمات لها، والتكاليف الداخلية التي تنجم عن أوجه العجز التي يعاني منها المجتمع والمجتمعات المحلية، وكذلك على الميزات التنافسية الناتجة عن معالجتها. ببساطة لم تتعامل الشركات مع أعمالها التجارية من خلال هذا النهج إلا منذ وقت قريب.

سيكون إنشاء قيمة مشتركة أعلى فاعلية وأكثر استدامة بكثير من أغلب الجهود الحالية المبذولة من قِبل الشركات في المجال الاجتماعي. ستخطو الشركات خطوات حقيقية لصالح البيئة عندما يعاملونها باعتبارها محركاً إنتاجياً عوضاً عن رد فعل مريح على الضغوط الخارجية. أو لنأخذ مسألة الحصول على سكن. بإمكان نهج القيمة المشتركة أن يحمل شركات الخدمات المالية على الخروج بمنتجات مبتكرة تُسهم في زيادة إمكانية امتلاك المنازل بطريقة متزنة. أدركت شركة “أوربي” (Urbi) المكسيكية للبناء هذه الفكرة، والتي كانت سباقة إلى ابتكار خطة “استأجر حتى تمتلك” للتمويل العقاري. على النقيض من ذلك، شجعتْ مصارف أميركية كبرى وسائل تمويل غير مستدامة اتضح أنها تحمل آثاراً مدمرة اجتماعياً واقتصادياً، بينما كانوا يزعمون أنهم يؤدون واجبهم تجاه المسؤولية الاجتماعية من خلال برامج المساهمات الخيرية التي كانوا ينفذونها.

لا شك أن الفرص الأعلى احتمالاً لإنشاء قيمة مشتركة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعمل خاص للشركة، وضمن المجالات الأكثر أهمية بالنسبة لهذا العمل. هنا يمكن للشركة أن تحقق أقصى فائدة من الناحية الاقتصادية وبالتالي تحافظ على التزامها مع مرور الوقت. كذلك هنا يمكن للشركة أن تحقق الفائدة القصوى من الموارد، فيزودها نطاقها وحضورها في السوق بما يلزم ليكون لها تأثير ناجح في حل مشكلة مجتمعية.

ومن قبيل المفارقة أن الكثير من رواد القيمة المشتركة كانوا هم أولئك الذين يملكون موارد أكثر محدودية من أصحاب مشاريع اجتماعية وشركات في الدول النامية. وتمكن هؤلاء المنافسون الضعفاء من رؤية الفرص بشكل أوضح. فخلال العملية، يكون التمييز بين الربحي وغير الربحي أمراً مشوشاً.

القيمة المشتركة هي تحديد مجموعة جديدة كاملة من أفضل الممارسات التي يجب على الشركات تبنيها. كما أنها ستصبح جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية. يكمن جوهر الاستراتيجية في اختيار موضع فريد وسلسلة قيمة مميزة لتتمكن من تنفيذها. تؤدي القيمة المشتركة إلى الانفتاح على الكثير من الاحتياجات التي يجب أن تُلبى، والمنتجات الجديدة التي يجب تقديمها، والعملاء الجدد الذين تجب خدمتهم، والأساليب الجديدة التي تعمل على تشكيل سلسلة القيمة. وغالباً ما ستكون الميزات التنافسية الناجمة عن إنشاء قيمة مشتركة أكثر استدامة من تحسينات الجودة والتكاليف التقليدية. يمكن لدورة التقليد والتنافس العقيم أن تنكسر.

إن الفرص لإنشاء قيمة مشتركة واسعة الانتشار وآخذة في النمو. قد لا تكون متاحة لكل شركة أو في المجالات كلها، إلا أنه، من خلال تجربتنا، نعرف أن الشركات تكتشف المزيد والمزيد من الفرص بمرور الوقت، مع تمكن وحدات تشغيل خطوطهم من استيعاب هذا المفهوم. لقد استغرق الأمر عقداً كاملاً، لكن مبادرة إيكو ماجينيشن التي قامت بها “جنرال إلكترونيكس” على سبيل المثال، أصبحت الآن تنتج خطاً من المنتجات والخدمات التي تشهد نمواً سريعاً في كافة أنحاء الشركة.

يمكن تطبيق منظور القيمة المشتركة على كل قرار رئيسي للشركة. هل ينطوي تصميم منتجنا على فوائد اجتماعية أكبر؟ هل نخدم كافة المجتمعات التي قد تستفيد من منتجاتنا؟ هل تعمل عملياتنا وأساليبنا اللوجستية على تحقيق أقصى قدر من الكفاءة في استخدام المياه والطاقة؟ هل يُمكن بُناء منشأتنا الجديدة بطريقة تترك أثراً أكبر على المجتمع؟ كيف تعيق الثغرات في تنظيم مجموعاتنا كفاءتنا وسرعة ابتكارنا؟ كيف يمكن لنا أن نحسن مجتمعنا ليصبح موقع عمل أفضل؟ في حال كانت المواقع قابلة للمقارنة من وجهة نظر اقتصادية، في أي موقع منها ستكون فائدة المجتمع المحلي أعظم؟ في حال كان لدى الشركة القدرة على تحسين الظروف المجتمعية، فإنها غالباً ما ستعمل على تحسين ظروف العمل، وبالتالي على بدء إحداث حلقات من ردود الفعل الإيجابية.

تتبادل الوسائل الثلاث لإنشاء قيمة مشتركة دوراً داعماً فيما بينها. فالعمل على تحسين المجموعات مثلاً سوف يتيح المجال لمزيد من عمليات الشراء المحلية، وبالتالي سلاسل توريد أقل تشتتاً. ستتطلب المنت

جات والخدمات الجديدة التي تلبي الاحتياجات الاجتماعية أو تخدم الأسواق المهمشة قرارات جديدة حول سلسلة القيمة في مجالات مثل الإنتاج والتسويق والتوزيع. وكنتيجة لتشكيلات سلسلة القيمة الجديدة سينشأ طلب على المعدات والتقنيات التي توفر الطاقة وتحافظ على الموارد وتدعم الموظفين.

يتطلب إنشاء قيمة مشتركة مقاييس ملموسة ومصممة خصيصاً لكل وحدة عمل في كل من المجالات الثلاثة. في حين أن بعض الشركات قد بدأت بالفعل بتتبع التأثيرات الاجتماعية المختلفة، إلا أن القليل منها قد تمكن من ربط هذه التأثيرات بمصالحهم الاقتصادية على مستوى الأعمال.

يقتضي إنشاء قيمة مشتركة إيجاد أشكال جديدة من التعاون المكثف. في حين أن هناك فرصاً متاحة لشركة بعينها لاغتنامها في إنشاء قيمة مشتركة، فإن شركات أخرى سوف تستفيد من آراء ومهارات وموارد تتجاوز حدود الربحية/ غير الربحية والعام/ الخاص. في هذه الحالة ستكون فرص نجاح الشركات أقل إذا ما حاولت معالجة المشاكل المجتمعية بمفردها، تحديداً تلك التي تتضمن تطوير المجموعات. قد يحتاج كبار المنافسين إلى العمل معاً على شروط إطار ما قبل المنافسة، وهو أمر لم يكن شائعاً في مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات المبنية على السمعة. سيكون التعاون الناجح مبنياً على البيانات، ومرتبطاً بشكل واضح بنتائج محددة، ومقترناً بشكل جيد بأهداف أصحاب المصلحة كلهم، ويتم تتبعه بمقاييس واضحة.

بإمكان الحكومات والمنظمات غير الحكومية أن تمكن القيمة المشتركة وتعززها، أو أن تعمل على محاربتها. (للاطلاع على المزيد حول هذا الموضوع راجع الفقرة الجانبية “اللوائح الحكومية والقيمة المشتركة”).

[su_expand more_text=”المزيد” less_text=”أقل ” height=”290″ link_color=”المزيد” link_align=”right”]

أوجه الاختلاف بين القيمة المشتركة والمسؤولية الاجتماعية للشركات

يجب أن يحل إنشاء قيمة مشتركة (CSV) محل المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) في قيادة استثمارات الشركات ضمن مجتمعاتها. تركز برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات بشكل رئيسي على السمعة، ولا يجمعها بالعمل سوى رابط واحد ومحدود فقط، الأمر الذي يجعل من تبريرهم والحفاظ عليهم أمراً صعباً على المدى الطويل. في المقابل، إنشاء قيمة مشتركة هو جزء جوهري من ربحية الشركة وموقعها التنافسي، فيعمل إنشاء قيمة مشتركة على الاستفادة من المصادر والخبرات النادرة للشركة بهدف إنشاء قيمة اقتصادية من خلال إنشاء قيمة اجتماعية.

من المفترض الامتثال إلى القوانين والمعايير الأخلاقية والحد من الأذى الناجم عن فعاليات الشركات.

يمكنك العثور على هذا الرسم البياني ورسومات أخرى من “هارفارد بزنس ريفيو” في المكتبة البصرية VISUAL LIBRARY  في الحالتين.
[/su_expand]

التطور التالي في الرأسمالية

تحمل القيمة المشتركة المفاتيح لإطلاق الموجة المقبلة من ابتكار الأعمال ونموها. كما أنها تعمل على إعادة ربط نجاح الشركة مع نجاح المجتمع بطرق ضاعت في عصر الطرق الإدارية الضيقة والتفكير قصير المدى والانقسام العميق بين مؤسسات المجتمع.

تعمل القيمة المشتركة على تركيز انتباه الشركات على وضعية الربح – الربح الصحيحة، التي تعمل على توليد فوائد مجتمعية عوضاً عن الحد منها. بلا شك ستستمر الأسواق المالية في الضغط على الشركات للحصول على فوائد قصيرة الأمد، وبالتأكيد ستواصل بعض الشركات جني أرباحها على حساب الحاجات المجتمعية. لكن غالباً ما سيتضح أن هذه الأرباح قصيرة الأجل، وأن فرصاً أكثر أهمية بكثير قد تُفوت.

لقد آن أوان تشكيل رؤية موسعة عن إنشاء القيمة. توجد مجموعة من العوامل تولد فرصاً غير مسبوقة لإنشاء قيمة مشتركة، مثل الوعي الاجتماعي المتزايد لدى الموظفين والمواطنين وتزايد ندرة الموارد الطبيعية.

نحتاج إلى نموذج أرقى عن الرأسمالية، نموذج مشبع بهدف اجتماعي. لكن يجب ألا ينجم هذا الهدف عن الأعمال الخيرية، بل عن فهم أعمق للمنافسة وإنشاء القيمة الاقتصادية. ينضوي هذا التطور المقبل في نموذج الرأسمالية على وسائل جديدة وأفضل لتطوير المنتجات وخدمة الأسواق وبناء مشاريع منتجة.

يعكس إنشاء قيمة مشتركة فهماً أوسع لنظرية اليد الخفية لآدم سميث. إنها تفتح أبواب مصنع الدبابيس على مجموعة أوسع من التأثيرات. ليست القيمة المشتركة نوعاً من الأعمال الخيرية بل هي سلوك يحقق المصلحة الذاتية لإنشاء قيمة اقتصادية من خلال إنشاء قيمة مجتمعية. لو أن الشركات جميعها تسعى بشكل فردي نحو قيمة مشتركة مرتبطة مع مشاريعها الخاصة، فإن ذلك سيؤدي إلى خدمة مصالح المجتمع العامة. وستكتسب الشركات الشرعية في نظر المجتمعات التي تعمل فيها، الأمر الذي سيتيح المجال لتفعيل الديمقراطية مع وضع الحكومات لسياسات تشجع الأعمال التجارية وتدعمها. سيبقى البقاء للأصلح سائداً، لكن المنافسة في السوق ستعود بالفوائد على المجتمع بطرق كنا قد أضعناها.

يُجسد إنشاء قيمة مشتركة نهجاً جديداً للإدارة يتجاوز القواعد. بسبب الفصل التقليدي بين الشواغل الاقتصادية وتلك الاجتماعية نرى أن الناس في القطاعين العام والخاص قد اتبعوا غالباً طرقاً تعليمية ومهنية مختلفة. نتيجة لذلك، يتمتع قلة من المدراء بالفهم المطلوب للقضايا البيئية والاجتماعية الضروري للانتقال إلى ما هو أبعد من نهج المسؤولية الاجتماعية للشركات الحالية، كما أن قلة من قادة القطاع الاجتماعي تملك التدريب الإداري والعقلية التنظيمية المطلوبة لتصميم نماذج القيمة المشتركة وتنفيذها. لا تزال معظم كليات الأعمال تُدرّس المفهوم الضيق عن الرأسمالية، رغم أن أعداداً متزايدة من خريجيها يتوقون إلى حس أكبر بالهدف، وأن أعداداً متنامية منهم أصبحت تنجذب نحو ريادة الأعمال الاجتماعية. كانت النتائج ضياع الفرص وحالة من الاستخفاف العام.

تحتاج مناهج كليات الأعمال إلى التوسع في عدد من المجالات. على سبيل المثال، الاستخدام والإدارة الفعالين لأنواع الموارد المختلفة ستعملان على تحديد تفكير الجيل القادم بسلسلة القيمة. يجب على مناهج تدريس سلوك العملاء والتسويق أن تتجاوز الإقناع وتوليد الطلب إلى دراسة لحاجات الإنسان الأعمق وكيفية خدمة مجموعات العملاء غير التقليديين. المجموعات، والتأثيرات المكانية الأوسع على ابتكار وإنتاجية الشركة، سيشكلان منهجاً أساسياً في كليات الأعمال؛ فلن تُترك التنمية الاقتصادية بيد السياسة العامة والدوائر الاقتصادية فحسب بعد الآن. سوف تبحث دراسات الأعمال والدراسات الحكومية في التأثير الاقتصادي للعوامل المجتمعية على المشاريع، متجاوزة بذلك تأثيرات الأنظمة والاقتصاد الكلي. ويجب على التنظيم المالي أن يُعيد التفكير في كيفية تمكن الأسواق المالية من دعم إنشاء القيمة الحقيقية في الشركات، هدفهم الأساسي، وليس دعم الفائدة المقدمة إلى المشاركين في الأسواق المالية وحسب.

ليس هناك من شيء سهل حول مفهوم القيمة المشتركة. ليست التغييرات المقترحة في مناهج كليات الأعمال نوعية ولا تبتعد عن إنشاء قيمة اقتصادية. لكنها تعكس المرحلة الآتية في فهمنا للأسواق والمنافسة وإدارة الأعمال.

لا يمكن حل القضايا المجتمعية كلها من خلال القيمة المشتركة. إلا أن القيمة المشتركة تمنح الشركات الفرصة لاستغلال مهاراتها ومواردها وقدراتها الإدارية لقيادة التطور الاجتماعي بطرق لا يمكن حتى لمؤسسات القطاع الاجتماعي والحكومي ذات النوايا الأفضل أن تضاهيها. خلال هذه العملية يمكن للأعمال التجارية كسب احترام المجتمع مرة أخرى.

اقرأ أيضاً: نموذج القوى الخمس لبورتر

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

Content is protected !!