هل إعلانات محركات البحث فعالة حقاً؟

14 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio
قد تفاجئك بفعاليتها، غير أن أغلب الشركات لا توظفها بشكل سليم

منذ أكثر من قرن من الزمن اشتكى صاحب أحد المتاجر الكبرى “جون واناميكر” من عجزه عن قياس فعالية الأموال التي أنفقها على الإعلانات الترويجية لمنتجاته. ومنذ ذلك الحين منحت تكنولوجيا الراديو والتلفاز والإنترنت، الشركات سبلاً جديدة للترويج الذاتي، ومع ذلك فإن المعضلة الأزلية لا تزال قائمة: كيف لنا أن نعرف ما إذا كانت الدولارات التي تنفق على الإعلانات تزيد حجم المبيعات فعلاً؟

يشكّل ذلك السؤال أحد العوامل التي تدفع الشركات إلى توجيه الأموال التي تنفقها على الإعلانات نحو وسائل الإعلام الرقمي. فالأمر لا يقتصر فقط على كون الناس يقضون وقتاً طويلاً على الإنترنت، وإنما يعتقد المعلنون أيضاً أن الشركات الكبرى مثل “فيسبوك” و”غوغل” التي ترصد عادات الناس على الشبكة بإمكانها تقديم الإعلانات المناسبة للأشخاص الذين من المرجّح أن يشتروا المنتجات المعلَن عنها (وبوسع هذه الشركات أن تقيس أيضاً نتائج تلك الإعلانات). ووفقاً لبيانات شركة “أكسنتشر”، فإن وسائل الإعلام الرقمية تستحوذ على 41% من إنفاق الشركات الكبرى على الإعلانات، وحسب توقعات الخبراء فإن تلك النسبة ستتجاوز 50% بحلول العام 2018.

غير أن مسألة الفعالية تلح هنا أيضاً. فبالرغم من أن معظم المعلنين يعتقدون أن الإعلانات التي تقدّم للزبائن خلال بحثهم عن مواضيع محددة هي أكثر فعالية من لافتات الإعلانات الثابتة التي كانت في السابق سائدة على مواقع شبكة الإنترنت، فإن الأبحاث الجديدة قد أثارت الشك في ذلك. فقد وجدت دراسة أجريت عام 2015 بأن مبيعات موقع شركة “إيباي” لم تتأثر عندما أطلقت الشركة إعلاناتها على محرك بحث كبير ولا عندما أوقفتها. “لقد أثارت تلك الدراسة الشكوك حول ما إذا كانت تلك الأنماط من الإعلانات تجدي نفعاً أم لا”، حسب ما أفاد به “ميشيل لوكا”، الأستاذ المساعد في كلية هارفارد للأعمال. كما أظهرت دراسة لاحقة أن بعض المعلنين يخفضون من إنفاقهم على إعلانات البحث.

لقد أثارت هذه الدراسات فضول البروفسور “لوكا”. فمنذ أن كان طالباً في الجامعة، وهو يهتم بكيفية تأثير البيانات والتصنيفات والدراسات الشاملة على سلوك المستهلك. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية قام بنشر ورقات علمية عدة حول ديناميات تأثير التصنيفات الجامعية واستعراض الكتب. كما أجرى دراسات عديدة حول موقع “يلب” Yelp بما فيها ورقة بحثية حققت انتشاراً واسعاً وخلصت إلى أن نسبة 16% من الملخصات التعريفية بالمطاعم كانت زائفة. ومع بداية انتشار دراسة البروفسور “لوكا” بادر موقع “يلب” إلى التواصل مع أكاديميين اختصاصيين لمناقشة طيف واسع من مواضيع الدراسة. وبنتيجة ذلك التواصل انتقل البروفسور “لوكا” مع زميلته “دايزي داي” (وهي الآن أستاذة في جامعة ليهاي) في صيف 2015 للعمل في مكاتب المقر الرئيسي للشركة.

ولقد كانت الأسئلة التي سعوا للإجابة عنها تصب في جوهر أسلوب عمل موقع “يلب”: هل تسهم الإعلانات التي يعرضها الموقع للشركات الصغيرة، والتي تمنحها مراكز متقدمة على قوائم نتائج البحث، في زيادة عدد زبائنها؟ وللإجابة عن هذا السؤال، صمّم الباحثون سلسلة من التجارب المدروسة بدقة بعدما حصلوا على موافقة موقع “يلب” للسماح بنشر نتائج تلك التجارب بغض النظر عما تكشفه.

عمل البروفسو “لوكا” وزميلته “داي” على إنشاء عينة عشوائية مكونة من 18,295 مطعماً أمريكياً وانتقيا من بينها مجموعة من 7,210 مطاعم لم يسبق لها أن وضعت إعلانات لها على موقع “يلب”، وصمّما حزماً إعلانية مجانية لكل مطعم في هذه المجموعة (وذلك دون إخبار تلك المطاعم حول الإعلانات أو التجربة). وعلى مدى الأشهر الثلاثة التالية تتبّعا عن كثب تعامل المستخدمين مع تلك المطاعم. ومن ثم قاما بإزالة الإعلانات لرؤية ما قد يحصل.

وجد الباحثان أن المطاعم في فترة وجود الإعلانات عنها قد حظيت بعدد مشاهدات أعلى من سواها –22% بالنسبة لمتصفحي الحواسب، و30% بالنسبة للمتصفحين على أجهزة الهواتف النقالة، و25% كمعدل متوسط. وقد طلب المستخدمون تزويدهم بإرشادات حول كيفية التوجه إلى تلك المطاعم بنسبة 18%، وأجروا اتصالات معها أكثر بنسبة 13%، وضغطوا للولوج إلى مواقعها على الإنترنت بعدد أكبر من المرات السابقة بنسبة 9%. وقد اختفت هذه الفروقات بمجرد إزالة الإعلانات من موقع “يلب”. “لقد كان ذلك تأثير كبير”، على حدّ تعبير البروفسور “لوكا”، مضيفاً: “يبدو أن الإعلان على موقع “يلب” يشكّل استثماراً مجدياً حتى بالنسبة لشركة لا تلجأ عادة للإعلان عن نفسها. فما يقدمه الموقع من قيمة مضافة يتمثّل في التغطية على العلامات التجارية الفارقة وجذب انتباه الزبائن”.

ولكن ماذا لو أظهرت الدراسة أن الإعلانات على موقع “يلب” كانت عديمة الجدوى؟ وبحسب البروفسور “لوكا”، فبالرغم من أن مثل تلك النتائج من شأنها الإضرار بالاستراتيجية الحالية لموقع “يلب” غير أنها كانت ستكشف عن حاجة الموقع لتركيز اهتمامه أكثر على البحث عن أساليب إيرادات بديلة. ويتابع قوله: “ينبغي على المنصات الإعلانية كموقع “يلب” أن تنتهج الاستراتيجية المناسبة لها لكسب المال، وفي الوقت ذاته لمساعدة الزبائن الذين يستخدمون تلك المنصات للإعلان”. ويضيف: “إذا لم تنجح تلك الإعلانات على موقع “يلب”، فإن من شأن ذلك أن يدفع الموقع إلى طلب أجور مالية من الشركات المعلِنة مقابل تيسير تعاملاتها التجارية أو بيعها برامج تحليلية لسلوك الزبائن المحتملين”.

وتتعارض النتائج التي توصّل إليها البروفسور “لوكا” وزميلته “داي” مع النتائج المرتبطة بموقع “إيباي”. غير أن البرفسور “لوكا” يرى أن هنالك فارقاً ملحوظاً بين الدراسة الأخيرة وتلك التي أجريت على “إيباي”. فموقع “إيباي” يتمتع بشهرة كبيرة ومن المرجّح أن يبحث عنه الناس في محركات البحث المعروفة. وهكذا فإنه من المنطقي أن الإعلان عن شيء يبحث عنه الناس في محركات البحث قد لا يكون له أثر يُذكر. في حين أن المعلِنين على موقع “يلب” هم شركات محلية لم يسمع بها إلا عدد قليل من الناس؛ وبالنسبة لتلك الشركات غير المعروفة فإن الإعلانات المروّجة لها والتي تدفعها إلى تصدر نتائج البحث لخلق وعي حيالها لدى الناس، من المتوقع أن تكون مجدية.

ولا يعني هذا أن على الشركات الكبرى تتجنب الإنفاق على إعلانات البحث، كما يرى البروفسور “لوكا” أن على تلك الشركات أن تضع نصب أعينها أن هذا النمط من الإعلانات، يكون أكثر جدوى عندما يجذب انتباه المستهلكين إلى أمر لا يعرفونه مسبقاً. فعلى سبيل المثال، على شركة “غاب” Gap أن تبتعد عن إعلانات البحث التي قد تظهر فجأة لدى البحث عن اسم الشركة أو عن أشهر أصناف منتجاتها، كملابس الجينز؛ وأن تدفع المال عوضاً عن ذلك للظهور في نتائج البحث عن أصناف لا ترتبط عادة باسمها، كالأحذية مثلاً. ويقول البروفسور “لوكا”: “على الشركات الكبرى استخدام نمط إعلانات البحث للترويج لأصناف منتجات من غير المتوقع أن يكتشفها المستهلك من تلقاء ذاته.

نبذة عن البحث
فعالية إعلانات البحث المدفوعة: إثبات تجريبي”، تأليف “ويجا (دايزي) داي” و”ميشيل لوكا” (ورقة عمل).

«مات هالبرن»

«المستخدمون يتمردون على الإعلانات التي يجدونها خارج سياق موضوع بحثهم»

إذا كتبت “مطعم مكسيكي” في حقل البحث على موقع “يلب”، فستتضمن النتائج الخيارات الأعلى في نسب المشاهدة والأقرب إلى موضوع البحث، غير أن أول نتيجتين ستُظهران إعلانات للمطاعم التي دفعت لتتصدّر قائمة البحث (تحت مسمى “إعلان”). تلك هي أمثلة عن إعلانات البحث التي تتفوق على سواها من أشكال الإعلان الرقمي. لقد تحدث “مات هالبرن”، نائب رئيس قسم العمليات في شركة “يلب”، مؤخراً في لقاء مع مجلة هارفارد بزنس ريفيو حول فعالية إعلانات البحث وغيرها. وفيما يلي مقتطفات من ذلك اللقاء.

لماذا ينتقل المعلِنون من نمط إعلانات استعراض المنتجات إلى نمط إعلانات البحث؟

تُمثّل إعلانات “العرض” أي استعراض المنتجات تجربة مريرة بالنسبة للمستخدم، أما إعلانات البحث فهي أقرب بكثير إلى هدف المستهلك. ومع أن إعلانات العرض حققت لموقع “يلب” إيرادات مهمة، غير أننا قمنا بإزالتها من الموقع في نهاية 2015.

ما هي خبرتكم مع فعالية إعلانات البحث؟

دون شك، إن إعلانات البحث أكثر فعالية كلّما كانت وثيقة الصلة أكثر بموضوع بحث المستخدم. فالشركات التي تركّز اهتمامها باستمرار على ضمان ارتباط أنظمة عرض إعلاناتها بشكل ووثيق مع اهتمامات المستخدم الذي يبحث عن موضوع معيّن تكون أكثر فعالية وكفاءة على المدى البعيد لأنها تضع تجربة المستهلك في الصدارة.

ما هي الأخطاء التي ترتكبها الشركات التي تبيع إعلانات البحث؟

على هذه الشركات أن تقاوم إغراء عرض إعلانات هامشية أقل صلة بالموضوع، والتي قد تأتي بغية تحقيق إيرادات على المدى القصير، إذ إن مثل هذه الإعلانات من شأنها أن تقوّض عدد المستخدمين. وكذلك، فإن عرض عدد مبالغ فيه من الإعلانات على حساب النتائج الطبيعية للبحث هي طريقة سيئة أيضاً. فالمستخدمون يتمردون على الإعلانات التي يجدونها خارج سياق موضوع بحثهم. إنهم يتقبلون عدداً قليلاً من الإعلانات وثيقة الصلة بذلك الموضوع، لكن هدفهم الأول من البحث عبر المواقع هو المعلومات، لا الإعلانات.

ما هي النتائج العملية التي يمكن للشركات استخلاصها من هذه الدراسة الجديدة حول فعالية إعلانات البحث؟

لا تتردد في أن تُخضع منتجاتك أو خدماتك للاختبار من قبل طرف ثالث يعمل كموقع بحث أو استعراض. وإذا أفضى ذلك الاختبار إلى بعض النتائج السيئة، فتكون قد أسديت إلى شركتك معروفاً بجذب انتباهها إلى معضلة بإمكان فريقك الآن أن يعالجها. وبالنسبة للشركات التي تبيع إعلانات البحث، فعليها أن تركّز اهتمامها باستمرار على تجربة المستهلك، وتعرض إعلانات وثيقة الصلة بموضوع بحثه، وحينئذ ستجري الأمور على خير ما يرام.

مكان العمل

«مشغول جداً»: شعار المرحلة الجديد

لطالما كان توفر وقت الفراغ مؤشراً على المكانة الاجتماعية الرفيعة للشخص المعني. غير أن ذلك قد تغير في ثقافتنا الحالية التي فرضت على الأشخاص أن يكونوا متاحين ومتوفرين دائماً: فاليوم بات نقص وقت الفراغ سبباً أكثر احتمالاً لأن يُنظر إلى الشخص المعني نظرة إعجاب وتقدير. وقد أظهر الباحثون في سلسلة من التجارب أن الأشخاص الذين يشتكون من أنهم “مشغولون بجنون” إنما يرسلون إشارات بأن مهاراتهم سلعة نادرة ومرغوبة من الآخرين، الأمر الذي يجعل الآخرين يقيمونهم على أنهم يحتلّون مكانة اجتماعية رفيعة. ففي إحدى التجارب طُلب من المشتركين تحديد نظرتهم إلى صديقين افتراضيين: الأول يتبين من صفحته على الفيسبوك أنه يعمل ساعات عمل طويلة، أما الثاني فيتباهى بطول وجبات غداءه وقصر ساعات عمله. وكانت النتيجة أن الصديق المشغول أكثر كان يُنظر إليه بوصفه ذا مكانة اجتماعية أرفع. كما أظهرت تجربة أخرى أن الاعتقاد بإمكانية تغير المكانة الاجتماعية يؤثر في هذه الرؤية. ويكتب الباحثون أن “الأمريكيين الذين يجدون مجتمعهم قابلاً للتغيير بصورة مختلفة، وبأن العمل من شأنه أن يقود إلى تحقيق درجة أعلى من القبول الاجتماعي، من المحتمل جداً أن يفسروا الانشغال بوصفه إشارة إيجابية إلى المكانة الاجتماعية الرفيعة”. ولكن: لم تُلاحظ هذه النتيجة في أوروبا، حيث مازال توفّر وقت الفراغ مؤشراً على المكانة الاجتماعية الرفيعة بنسبة أكبر من البقاء في المكتب حتى ساعة متأخرة.

نبذة عن البحث
“استهلاك ملحوظ للوقت: حين يغدو الانشغال وعدم توفر وقت الفراغ مؤشرين على المكانة الاجتماعية الرفيعة” Conspicuous Consumption of Time: When Business and Lack of Leisure Time Become a Status Symbol، تأليف “سيلفيا بيليزا” و”نييرو باهاريا” و”أنات كينان” (مجلة بحوث المستهلك).

المال

لعبة التآزر في عمليات الاندماج والاستحواذ

لقد بات المشرعون الأمريكيون أكثر حزماً في السنوات الماضية حيال إيقاف عمليات الاندماج التي يعتقدون أنها تخفّض من التنافسية بين الشركات. ومن بين الأمثلة على الصفقات الملغاة: صفقة “ستابلز”-“أوفيس ديبوت”، وصفقة “هاليبرتون”-“بيكر هيوز”، وصفقة “كومكاست”-“تايم فارنر كيبل”. ولقد أظهرت دراسة جديدة حول كيفية استفادة الشركات من عمليات الاندماج، أن بواعث قلق أولئك المشرعين كانت مبررة. فقد قام الباحثون بتحليل بيانات معامل الإنتاج الأمريكية بين سنة 1997 وسنة 2007 في مسعى للإجابة عن سؤال ملحّ: عندما تندمج شركتان وترتفع أرباحهما، فهل يعود ذلك الارتفاع إلى تحسّن أداء عملياتهما أم إلى ازدياد قدرتهما على فرض الأسعار التي تناسبهما؟

لم يجد الباحثون سوى القليل مما يشير إلى أن الأرباح في الإنتاجية تتأتى من تخفيض النفقات الإدارية أو إغلاق المعامل ذات الكفاءة المنخفضة. لكنهم سجلوا ارتفاعاً واضحاً في الأسعار بعد عمليات الاندماج تتراوح بين 15% و50%. ويرى الباحثون: “إذا كانت الشركات تستخدم قوتها لرفع الأسعار، فإن ذلك لن يترك سوى أثراً سلبياً على الاقتصاد عامة”. وقد سجلت أعلى ارتفاعات للأسعار حينما كان الاندماج أفقياً، أي حينما يتحد منافسان وتنعدم المنافسة بينهما (وليس مصادفة أن عمليات الاندماج تلك كانت الأكثر عرضة لأن يلغيها المشرعون). لم تكشف الدراسة عن أية قفزات ملحوظة في الأسعار بعد عمليات الاندماج العمودية. ويخلص الباحثون إلى أن بحثهم “يثير الشك حيال مقدرة عمليات الاندماج على زيادة الإنتاجية، وبخاصة عندما تندمج شركتان ضمن القطاع ذاته”، ويضيفون أنه “في مثل هذه الحالات، فإن الشركات قد تحقق أرباحاً مضمونة، لكن ليس بالضرورة من خلال أساليب تحسّن الاقتصاد ككل”.

نبذة عن البحث
“إثبات آثار عمليات اندماج الشركات على قوتها وكفاءتها في السوق”، Evidence for the Effects of Mergers on Market Power and Efficiency تأليف “بروس إيه بلونيجن” و”دجستن آر بيرس” (ورقة عمل صادرة عن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية).

ديموغرافيا

رجال الشركات الجدد (وسيداتها)

حسب الحكمة التقليدية، فإن جيل الألفية الجديدة إنما يميلون إلى تغيير وظائفهم باستمرار، ويعتقدون بأن إنجاز مهمات قصيرة في شركات متعددة – والأفضل تأسيس شركاتهم الخاصة – هو الطريق الأفضل للنجاح. غير أن استبياناً استطلع آراء 1,200 من البالغين الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 عاماً و34 عاماً، أظهر أن تلك الحكمة لم تكن حقيقية حسب غالبية المشاركين. لقد وجد الباحثون أن موقف الأشخاص ضمن هذه الفئة العمرية تجاه خوض المخاطرة قد تأثر إلى حدّ بعيد في الركود الكبير بسبب ديون الطلاب المرتفعة، الأمر الذي دفعهم إلى تكوين رؤية محافظة فيما يتعلق بمسارهم الوظيفي. وعلى الرغم من أن الكثيرين من جيل الألفية عبّروا بشكل ضبابي عن أحلامهم بإنشاء شركاتهم الخاصة، فإن 42% منهم يقولون إنهم لا يمتلكون المصادر المالية اللازمة لذلك. والأكثر إثارة للدهشة، هو ما أظهره الاستبيان من حماس لدى المشاركين للالتصاق بشركة واحدة والبقاء فيها، وهي استراتيجية كانت معروفة وسائدة لدى جيل أجداد شباب جيل الألفية. ويخلص الباحثون إلى أن “شباب هذا الجيل يعرفون بالفطرة أن خوض المخاطرة والاستعداد للفشل، هو من الأمور الضرورية للتطور في الحياة، غير أنهم يرون أيضاً أن الالتصاق بشركة واحدة هو رهان أكثر ضماناً لنمو أجورهم بدلاً من تبديل الشركات التي يعملون لديها، أو إنشاء شركاتهم الخاصة”.

استراتيجية

لماذا يصعب على الشركات الكبرى تحقيق الابتكارات؟

يخلص بحث جديد بدراسة جميع براءات الاختراع المسجلة في الولايات المتحدة بين عام 1980 وعام 1997 إلى تناقض: فالشركات التي تراجع أداؤها مقارنة مع منافسيها تقدّم أكبر المحفّزات لدعم الاختراعات التقنية، غير أن الشركات التي تملك أفضل الحظوظ في تحقيق الاختراعات الكبرى هي تلك التي تحتل المقدمة أصلاً في المنافسة، لأنها تمتلك أفضل العلماء والمهندسين وآليات تطوير المنتجات وما إلى ذلك. وكما يرى الباحثون فإن لانعدام التطابق هذا نتائج مهمة يجب أن يتنبه لها المدراء، من بينها ضرورة العمل استباقياً لمجابهة “الانحياز السلوكي” الذي قد يدفع إليه موقع الشركة التنافسي الحالي. فحسب رأي الباحثين، فإن “الشركات التي تسعى بجد إلى إبداع تكنولوجيا جديدة رائدة قد تبالغ في إنفاقها عند البحث عن اختراع كبير، إذا كان أداؤها أخفض من المتوقع، وذلك لتعويض الفشل؛ في حين قد لا تُنفق الشركات التي تبدي أداءً جيداً ما يكفي من المال في إنجاز الاختراعات، لأنها تشعر بالارتياح ولا تميل إلى المغامرة”. ولعلّ شركات التكنولوجيا الكبرى هي التي تبدي هذا التحفظ أكثر من سواها.

نبذة عن البحث
“الحفز والمقدرة؟ نظرة سلوكية إلى السعي نحو الابتكارات الثورية في الشركات المشغلة للتكنولوجيات المتعددة” Motivation and Ability? A Behavioral Perspective on the Pursuit of Radical Invention in Multi-Technology Incumbents، تأليف “دجي بي إغرز”، و”أسيم كاول” (ورقة عمل).

شركات

الربط بين القضية والربح

تدعي شركات عدة أنها تمتلك قضية إنسانية، أي هدفاً يتجاوز تحقيق الربح. وتسعى دراسة جديدة إلى إيجاد علاقة بين مدى انخراط موظفي الشركة بقضيتها الإنسانية المعلَنة من جهة، ونتائجها المالية من جهة أخرى. فقد حلّل الباحثون أجوبة 450,000 موظفاً في 429 شركة أميركية ردّاً على سؤال حول ما إذا كان لعملهم معنى أم لا. وحسب الباحثين، فإن “أهداف الشركات الفعلية قد تتنوع بشكل كبير، غير أن كل ما يعنينا في دراستنا، هو النظر فيما إذا كانت تلك الشركات توجّه موظفيها نحو تحقيق هدف إنساني يتجاوز تعظيم الربح المادي، أم لا”.

بعد تحليل البيانات، قام الباحثون بالتمييز بين نوعين من الشركات: تلك التي تسود فيها “زمالة القضية” (حيث تجتمع فيها القضية السامية مع المرح والتشارك في العمل)، وتلك التي يسود فيها “وضوح الهدف” (حيث يبرع المدراء في التركيز على كيفية إسهام عمل الموظفين في خدمة القضية الإنسانية للشركة). لقد وجد الباحثون بأن الشركات التي يسود فيها وضوح الهدف تحقق نتائج مالية أفضل، وبأن الفضل في ذلك يعود إلى مدراء السويات المتوسطة في هيكلية الإدارة (لا إلى كبار المدراء، ولا إلى العمال المؤقتين). لماذا؟ يجيب الباحثون: “لأن المدراء الفاعلين في السويات المتوسطة من الإدارة، والمقتنعين بقضية شركتهم ورؤيتها، يتخذون قرارات يومية تقود الشركة بالاتجاه السليم”.

نبذة عن البحث
“قضية الشركة وأداؤها المالي” Corporate Purpose and Financial Performanc، تأليف “كلودين غارتنبيرغ” و”أندريا بارت” و”جورج سيرافيم” (ورقة عمل).

مخاطر

هل شركتك محصّنة ضد ظروف الطقس القاسية؟

تحدث الظواهر الجوية المتطرفة – من قبيل الأعاصير والعواصف الثلجية والفيضانات – بتواتر أكبر حول العالم، مسببة تكاليف حقيقية للشركات. فما هي أكثر الشركات تضرراً؟ باستخدام بيانات من البنك الفيدرالي الأميركي، قام باحثون بدراسة أداء الشركات في كل من “نيويورك” و”نيوجرسي” و”كونيكتكت” بعد إعصار “ساندي” في العام 2012. ولقد ركّزوا اهتمامهم بشكل خاص على العلاقة التي تربط بين عمر الشركة وحجمها (قياساً بعدد العاملين فيها) من جهة وأدائها المالي بعد سنة من الإعصار من جهة أخرى. ولقد تمثلت أهم النتائج الأساسية للدراسة في أن الشركات الأحدث والأصغر كانت أكثر عرضة من سواها لاختبار خسائر بعيدة المدى. وقد حدث ذلك بشكل أساسي لأن احتمال إبرام تلك الشركات لعقود تأمين كان أقل من سواها (ففي هذه الدراسة، لم يبرم أكثر من 60% من الشركات التي يقل عمرها عن 5 سنين أي عقد تأمين؛ وعدد قليل جداً من الشركات بمختلف الأحجام أبرم عقود تأمين تغطي أيضاً الأضرار الكبيرة الناتجة عن الأعاصير). أما السبب الآخر فيتمثل في أن الأضرار الناتجة عن الإعصار أجبرت العديد من الشركات على البحث عن قروض، وإن فرصة الشركات الفتية والصغيرة في الحصول على قرض، أصغر من فرص سواها. تخلص الدراسة إلى أن “الشركات الناشئة، وبسبب مصادرها المنخفضة، تميل إلى المراهنة المحفوفة بالمخاطر على أن الحوادث النادرة لن تحصل”.

نبذة عن البحث
“عمر الشركة وحجمها والإدارة المالية للصدمات النادرة” Firm Age and Size and the Financial Management of Infrequent Shocks، تأليف “بنجامين إل كولير” وآخرين (ورقة عمل صادرة عن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية).

مواهب

هجرة الأدمغة العالمية

على الرغم من التركيز المتزايد للصحافة والإعلام اليوم على مسألة النزوح والهجرة، فإن نسبة الناس الذين يعيشون خارج البلدان التي ولدوا فيها على مستوى العالم هي حوالي 3% لم يتغير منذ عام 1960. ما تغيّر هو مواهب ومهارات المهاجرين. ففي الفترة الممتدة من 1990 إلى 2010، ازداد عدد المهاجرين في العالم الحائزين على شهادة جامعية بنسبة 130%، في حين لم يزد عدد المهاجرين من ذوي سوية التعليم الأدنى من ذلك إلا بنسبة 40%. ولعلّ المهاجرين الذين يتمعون بمهارات عالية يتوجهون في الغالب إلى الولايات المتحدة والبلدان الأخرى التي تتحدث بالإنجليزية، وقد ترك ذلك أثراً واضحاً: فلقد وجدت الدراسة على سبيل المثال أن نصف روّاد الأعمال والمتخصصين في التكنولوجيا في وادي السيليكون، وُلدوا خارج الولايات المتحدة. يدل الموضع العمودي لكل دولة في المخطط البياني اللاحق نسبة عمّالها من حملة الشهادات الجامعية الذين هاجروا إلى إحدى دول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في العام 2010.

سلوك المستهلك

هذه السلعة مجانية إذا هطل الثلج في الأول من أبريل

بعد بطولة رياضية كبرى عام 2014، قامت سلسلة مفروشات بإرجاع ما مجموعه 7 ملايين دولار إلى الزبائن الذين اشترى كل منهم بأكثر من 6,000 دولار قبل اللعبة مع الوعد بإرجاع أموالهم في حال فوز فريق سياتل سيهوكس في تلك المباراة، وهنا نورد أحد الأمثلة على الإعلانات المرتبطة بالمراهنات وألعاب الحظ التي سادت في السنين الماضية. في الظاهر تبدو شعبية هذه العروض منافية لقواعد المنطق والعقل السليم، فنظرية “المنفعة المتوقعة” تفيد بأن المستهلكين لا يحبون عدم الوضوح. وهكذا فقد قرر فريق من الباحثين إجراء مقارنة بين الإعلانات من النمط “مجاناً في حال…” والتخفيضات التقليدية، بغية تحديد ما يفضله الناس ولماذا.

وفي سلسلة من التجارب المرتبطة بالحلوى وأقراص الفيديو المدمجة والأقلام الراقية وغرف الفنادق، أظهر المشاركون في هذه التجارب ميلاً واضحاً إلى العروض المجانية المحتملة المحفوفة بالمخاطرة. وهذه النتيجة تبقى صالحة بالنسبة لطيف واسع من الاحتمالات والتخفيضات والأسعار. وبالمقارنة مع عروض التخفيضات الواضحة، فإن ما تسمى “إعلانات المجان الاحتمالية” قد شجعت عدداً أكبر على الشراء وزادت من كمية شراء كل شخص. ومن المفاجئ أن سبب هذا الأثر لا يكمن في أنه أمر جديد ولا حتى في الإغراء بالحصول على شيء بالمجان؛ بل إن لذلك علاقة، كما يرى الباحثون، بخفض حساسية المستهلكين للسعر وخفض ميلهم إلى التركيز على حجم تخفيض الأسعار: فالمشاركون انجذبوا إلى احتمال التوفير الأكبر. ويخلص الباحثون إلى أن “إعلانات المجان الاحتمالية بوسعها أن تكون أداة فعالة في تحقيق المزيد من المبيعات”.

نبذة عن البحث
“عندما تجتمع تجارة التجزئة ولاس فيغاس: إعلانات المجان الاحتمالية” When Retailing and Las Vegas Meet: Probabilistic Free Price Promotions ، تأليف “نينا مازار”، و”كريستينا شامبانير”، و”جان أريلي” (علوم الإدارة، 2016).

علم النفس

الحنين إلى الماضي يعزز القدرة على الصبر والتحمل

تُوظف ممارسة إيقاظ مشاعر الحنين منذ زمن بوصفها أداة تسويقية فعالة. خذ على سبيل المثال إعلانات شركة كوكاكولا التي تُظهر الزجاجة التقليدية المشهورة للشركة. وتقترح نتائج الأبحاث الجديدة على الشركات طريقة أخرى لتوظيف مشاعر الحنين: ألا وهي أن إيقاظ ذكريات غالية على قلب الزبائن تجعلهم أكثر تقبلاً للانتظار الطويل.

ومن خلال التجارب التي أجراها الباحثون على مشتركين من قارّتي أمريكا وآسيا، أظهر الباحثون أن إيقاظ مشاعر الحنين إلى الماضي (وذلك عبر الطلب من المشتركين تذكّر أحداث مُفرحة من غير المحتمل حدوثها مجدداً على سبيل المثال) قد زاد من صبر المشتركين أثناء انتظار تحميل صفحات الإنترنت، وجعلهم يشعرون بأن الفترة الزمنية التي قضوها بانتظار حصولهم على طاولة في المطعم كانت أقصر مما هي عليه في الواقع، ودفعهم إلى تفضيل مكافأة كبيرة في المستقبل على مكافأة أصغر الآن، كما خفّض من احتمال اختيارهم شحناً معجّلاً لبضائعهم.

يقول الباحثون إن مشاعر الحنين إلى الماضي تحفّز الأشخاص على الاستمتاع بتذكر تلك الخبرة المُفرحة وإطالة فترة التذكر تلك، الأمر الذي يغير عملياً إحساسهم بالوقت.

تقدم هذه النتائج نصائح جاهزة عدة يمكن لمدراء الشركات الاستفادة منها مباشرة. فعلى سبيل المثال من شأن تضمين الإعلانات الترويجية عناصر عتيقة تدل على الماضي الجميل، أن يرفع معدل الطلب على السلع غير المتوفرة للبيع مباشرة، بل يتطلّب توفرها الانتظار بعض الوقت. كما أن تشغيل خلفيات موسيقية من تسجيلات الأغاني والأنغام القديمة يخفف من ألم انتظار الزبائن لجهوز وجباتهم في المطاعم ويجعلهم يبقون مدة أطول في المتاجر، لكن يجب تجنب ذلك في مطاعم الوجبات السريعة التي تخدم الزبائن بسرعة ولا ترغب في بقائهم يحتلّون الطاولات لفترة طويلة.

نبذة عن البحث
“الإبطاء وتذكر الزمن القديم الجميل: أثر الحنين إلى الماضي في قدرة المستهلكين على الصبر” Slowing Down in the Good Old Days: The Effect of Nostalgia on Consumer Patience، للباحثين كسون (إيرين) هوانغ، و زهونكيانغ (تاك) هوانغ، و روبرت إس واير يونيور (مجلة أبحاث المستهلكين، 2016).

أتمتة

ما هي المهارات التي تجعلك تسبق الذكاء الاصطناعي؟

مع شروع الذكاء الاصطناعي والبرمجيات في أتمتة بعض الوظائف الإدارية، نجد الكثير من المدراء يفشلون في ترتيب مهاراتهم وكفاءاتهم وفق الأهمية والأولوية: فهم يقللون من أهمية المهارات المرتبطة بالأشخاص، الأمر الذي يجده الخبراء خطيراً، خاصة مع الانتشار المتزايد للذكاء الاصطناعي. ويُظهر المخطط اللاحق المستخلَص من استبيان لمجموعة من 1,770 مديراً من 14 بلداً حول العالم، توزّعاً للمهارات التي ذكرها المستجيبون للاستبيان بوصفها من بين المهارات الثلاث الأولى التي سيحتاجون إليها في السنوات الخمس القادمة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .