3 استراتيجيات لإدارة عملائك المستنزفين للأرباح

7 دقائق
إدارة العملاء المستنزفين للأرباح
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يمكن تحقيق زيادة ضخمة في الأرباح من خلال تغيير طريقة إدارة العملاء المستنزفين للأرباح تحديداً؛ أي العملاء الذين يدرّون إيرادات كبيرة، لكنهم يحققون أرباحاً ضئيلة أو يتسببون في تكبُّد خسائر مالية. ويتطلب إدماج هؤلاء العملاء الكبار ذوي الربحية المنخفضة وإدارتهم اتباع عملية مختلفة تماماً عن تلك التي تتبعها مع عملائك الذين يحققون أعلى الأرباح وعملائك ذوي الربحية الصفرية. ويقدم كاتبا المقالة 3 طرق يمكن للمدراء من خلالها تحويل عملائهم المستنزفين للأرباح إلى عملاء يحققون أعلى الأرباح. وتتمثل الخطوة الأولى والأهم في تحديدهم. وعند الانتهاء من هذه الخطوة، فإن الخطوة التالية هي إدماجهم وإدارتهم من خلال فرق متخصصة متعددة القدرات توجّه كل تركيزها إلى بناء علاقات مستمرة مع هؤلاء العملاء من أجل خفض تكلفة خدمتهم، وغالباً ما تشهد هذه العملية أيضاً خفض التكاليف التي يتحملها العملاء. أما الخطوة الثالثة والأخيرة، فتتمثل في إلقاء نظرة فاحصة على عناصر التكلفة الثلاثة التي تتيح الكثير من فرص التحسين.

 

يتمتع المدراء اليوم بفرصة كبيرة، ولكنها غير مستغلَّة، لإدماج كبار عملائهم المستنزفين للأرباح وإدارتهم، وإرساء علاقات قادرة على تحقيق النفع للطرفين، بما يؤدي إلى زيادة الأرباح بسرعة وتعزيز العلاقات مع هؤلاء العملاء الرئيسيين. فقد تسببت الأحداث التي مرّ بها العالم مؤخراً في تفتت الأسواق العامة، وهو ما يوجب على المدراء ضرورة التحول من أسلوب إدارة المنتجات الموجهة إلى قاعدة عريضة من العملاء إلى أسلوب الإدارة الشديدة التركيز على قطاعات العملاء المستهدفة، وحتى العملاء الأفراد.

وقد ناقشنا في مقالات سابقة بمجلة “هارفارد بزنس ريفيو” مقاييس الربح على مستوى المعاملات، وهي عبارة عن مجموعة جديدة ومبتكرة من مقاييس التحول الرقمي. وعندما تستخدم الشركات هذه المقاييس (وضع نظام شامل للربح والخسارة على كل بند في الفاتورة)، سرعان ما ستلاحظ أن عملاءها يقعون في 3 قطاعات عامة للربح:

  • أعلى الأرباح – العملاء الذين يدرّون إيرادات كبيرة ويحققون أرباحاً مرتفعة (يشكّلون عادةً نحو 20% من العملاء الذين يدرّون 150% من الأرباح).
  • استنزاف الربح – العملاء الذين يدرّون إيرادات كبيرة لكنهم يحققون أرباحاً ضئيلة أو يتسببون في تكبد الخسائر (يشكّلون عادةً نحو 30% من العملاء الذين يتسببون في تآكل هذه الأرباح بنسبة 50% تقريباً).
  • الأرباح الصفرية – العملاء الذين يدرّون إيرادات ضئيلة ويحققون أرباحاً ضئيلة أيضاً، تكاد تكون معدومة.

ويمكن تحقيق زيادة ضخمة في الأرباح من خلال تغيير طريقة إدارة العملاء الذين يتسببون في تكبُّد خسائر مالية. فعلى سبيل المثال: لوحظ في إحدى شركات التوريدات المتوسطة الحجم أن 18% من العملاء حققوا 140% من الأرباح، وأن 28% من العملاء استنزفوا 47% من هذه الأرباح. (أما النسبة المتبقية البالغة 54% من العملاء، فتمثل العملاء الذين وصلوا إلى نقطة التعادل بين الأرباح والخسائر). وأسفر تحويل 20% من العملاء المستنزفين للأرباح إلى عملاء يحققون أعلى الأرباح عن زيادة إجمالي الأرباح بنسبة 40%. بعبارة أخرى، أدى تركيز الإدارة على 7% فقط من عملائها إلى ارتفاع الأرباح بنسبة تتجاوز 40%. ونورد فيما يلي الطرق التي يمكن للمدراء اتباعها لتحويل عملائهم المستنزفين للأرباح إلى عملاء يحققون أعلى الأرباح.

تقليل التكاليف على كلا الجانبين

يُعد عملاؤك المستنزفون للأرباح مصدراً محتملاً مهماً للربح. ويتطلب إدماج هؤلاء العملاء الكبار ذوي الربحية المنخفضة وإدارتهم اتباع عملية مختلفة تماماً عن تلك التي تتبعها مع عملائك الذين يحققون أعلى الأرباح وعملائك ذوي الربحية الصفرية.

وتتمثل الخطوة الأولى والأهم لتغيير طريقة إدارة العملاء المستنزفين للأرباح في تحديدهم. تبدو هذه الخطوة إجراءً بديهياً لا يحتاج إلى توضيح، لكن الشركات توجّه كل تركيزها في الغالب إلى تنمية كل عملائها الكبار. وبالنسبة للعملاء المستنزفين للأرباح، فإن هذا يعني تكبُّد المزيد من الخسائر. وتعتبر مقاييس الربح على مستوى المعاملات ضرورية في هذا السياق لأن هامش الربح الإجمالي يغفل أهم عوامل استنزاف الربح في كثير من الأحيان، وهو ما يثير الدهشة.

فقد تبيّن لنا بحكم خبرتنا أن العملاء نادراً ما يتسببون في استنزاف الأرباح بسبب التعامل معهم بأسعار أقل من سعر السوق، بل يتسببون في استنزاف الأرباح بسبب التكلفة الباهظة لخدمتهم التي تنتج بصفة عامة عن عوامل ثانوية نسبياً وغير ملموسة ولا تخضع للإدارة المُحكَمة. وما يدعو إلى التفاؤل أن تدارك هذا الخطأ غالباً ما يكون سهلاً نسبياً: يمكنك إيجاد حل يتصف بقدرته على تحقيق النفع لكلتا الشركتين، ما يزيد من ربحية العملاء وتحويل الكثير من هؤلاء العملاء إلى عملاء يحققون أعلى الأرباح. ونُطلِق على هذه العملية لخفض التكلفة المشتركة “التسعير المشروط”، وذلك من خلال زيادة الربحية عن طريق خفض تكلفة الخدمة بدلاً من رفع الأسعار.

فعلى سبيل المثال: قررت إحدى شركات التوريدات مؤخراً التي سنطلق عليها شركة “التوريدات الحديثة” (ليس اسمها الحقيقي) تركيب ماكينات بيع منتجاتها لدى كبار عملائها. وأظهرت البيانات المالية لشركة “التوريدات الحديثة” أن هذا النشاط التجاري أدى إلى تحقيق نمو هائل في الإيرادات وهوامش الربح الإجمالية.

لكن عندما طبّقت الشركة مقاييس الربح الجديدة على مستوى المعاملات الرقمية، لاحظ المدراء أن أعمال البيع كانت في الواقع تستنزف الأرباح الصافية. وأظهرت مؤشرات الربح والخسارة المفصلة في قطاع البيع بوضوح أن المشكلة تكمن في أن العملاء كانوا يطلبون إعادة تعبئة الماكينات عدة مرات كل أسبوع. وكانت تكلفة انتقاء الطلبيات وشحنها أعلى من إجمالي هامش الربح، وهي مشكلة شائعة لم يتم اكتشافها من قِبَل البيانات المالية التقليدية، ولكنها لوحظت على الفور عند استخدام مقاييس الربح والخسارة الجديدة على مستوى المعاملات في مختلف القطاعات. فقد كان هذا الإجراء مكلفاً للعميل كما كان مكلفاً لشركة “التوريدات الحديثة”.

ولاحظ المدراء أن مندوبي المبيعات كانوا يحصلون على مكافآت تركيب الماكينات من خلال إخبار العملاء المحتملين أنهم يستطيعون برمجة هذه الآلات بحيث تستوعب الحد الأدنى من المخزون، وطلب المنتجات كل يوم أيضاً. (كان مدراء مشتريات العملاء مسؤولين عن تكلفة المخزون، وليس التكلفة ذات الصلة بطلب المنتجات وإعادة تعبئة الماكينات، لذلك بدا هذا كأنه صفقة جيدة لهم). وكان هذا الأسلوب يتسبب في استنزاف هؤلاء العملاء الكبار لأرباحهم.

لحسن الحظ، كان من السهل علاج هذه المشكلة المتعلقة بموضوع إدارة العملاء المستنزفين للأرباح تحديداً: فقد أدخل فريق المبيعات بند تكرار إعادة تعبئة الماكينات في العقود واجتمع مع العملاء لشرح أثر هذه الخطوة على خفض تكلفة طلبيات العملاء وتكاليف الشراء، ما أدى إلى تحقيق النفع للطرفين. وهكذا، تحوّل كل هؤلاء العملاء الذين كانوا يستنزفون الأرباح إلى عملاء يحققون أعلى الأرباح.

عيّن فرقاً تناسب كل نوعية من العملاء

عند الانتهاء من تحديد عملاء شركتك الذين يستنزفون أرباحها، فإن الخطوة التالية هي إدماجهم وإدارتهم من خلال فرق متخصصة متعددة القدرات توجّه كل تركيزها إلى بناء علاقات مستمرة مع هؤلاء العملاء من أجل خفض تكلفة خدمتهم، وغالباً ما تشهد هذه العملية أيضاً خفض التكاليف التي يتحملها العملاء. ولأن مشاكل استنزاف الأرباح غالباً ما تنجم عن ضعف مستوى العمليات التشغيلية، مثل أنماط تلقي الطلبيات وتنفيذها، فيجب أن يضم الفريق مدراء العمليات التشغيلية المدرَّبين تدريباً خاصاً.

وتعد المقاييس الجديدة على مستوى المعاملات الرقمية ضرورية لتحديد الفرص المتاحة لتحقيق وفورات في التكاليف بطريقة تحقّق النفع للطرفين لأن كل تحسينات تكلفة التشغيل تقريباً لا علاقة لها بالأسعار. وتحرص الشركات على إدماج كبار عملائها في معظم الأحيان بهدف ضمني هو رفع الأسعار، وإنشاء علاقة صفرية. من ناحية أخرى، تضع فرق تلافي استنزاف الأرباح نصب عينيها هدفاً واضحاً يتمثل في خفض التكاليف لكل من المورِّد والعميل، وإنشاء علاقة تحقّق النفع للطرفين.

فعلى سبيل المثال: كانت شركة “المدينة للتوريدات” (ليس اسمها الحقيقي) تحرص دائماً على شحن الطلبيات إلى عملائها في اليوم التالي مباشرة، وشركة “المدينة” شركة وطنية متخصصة في توزيع المنتجات الصناعية. وكان حرص الشركة على تقديم هذه الخدمة يستلزم في كثير من الأحيان تعجيل عملية التوريد وشحن الطلبيات من المستودع المركزي في حال كان مركز التوزيع المحلي يعاني نقصاً في المخزون من المُنتَج المطلوب. كان هذا الإجراء مكلفاً للغاية، وتسبب في تحول الكثير من كبار العملاء إلى عملاء مستنزفين للربح.

وعندما شكّلت شركة “المدينة” فريقاً متخصصاً في التعامل مع العملاء المستنزفين للأرباح، انبرى أعضاء هذا الفريق للتحدث مع هؤلاء العملاء، ولاحظوا أن الشركة لم تكن بحاجة إلى تقديم خدماتها بعجالة في كثير من الحالات. ودخل أعضاء الفريق في شراكة مع نظرائهم في هذه الشركات لتحديد الطلبيات التي تستلزم تقديم خدمة الشحن العاجل. نجم عن هذا التغيير خفض تكاليف الشحن العاجل من المستودعات المركزية بشركة “المدينة”، ما أدى إلى تحويل هؤلاء العملاء إلى عملاء يحققون أعلى الأرباح. وضمنت شركة “المدينة” في المقابل تنفيذ الطلبيات بنسبة 100% في المواعيد المحددة (ما قضى على ظاهرة الطلبيات المؤجّلة التي يتعذّر تلبيتها في حينه). وكانت هذه ميزة مهمة لهؤلاء العملاء.

تتمتع الفرق المختصة بالتعامل مع العملاء المستنزفين للأرباح بالقدرة على إدراك أفضل الممارسات عبر النطاق الكامل لعملائها، التي تمكّنها من عقد مقارنات مع الشركات المماثلة، وتحديد العوامل الإشكالية لتكلفة العملاء وكيفية تحسينها والتعرّف على سبل تعزيز الأرباح المحتملة.

مراعاة عناصر التكلفة الثلاثة من أجل إدارة العملاء المستنزفين للأرباح

تبيّن لنا بحكم خبرتنا أن أفضل الفرص المتاحة للتحسن تتأثر بثلاثة عناصر فقط للتكلفة:

نمط الطلبيات

نادراً ما تتم السيطرة على هذا العامل على غرار المثال السابق لماكينات البيع. فمن السهل نسبياً إدخال تغييرات في معظم الحالات (على الرغم من ضرورة شحن بعض الطلبيات في وقت محدد)، كما أنه يوفر مكاسب مهمة لكل من المورّد والعميل.

وقد عملنا مؤخراً، على سبيل المثال، مع نظام مستشفى رئيسي لتحسين نمط طلبات الإمداد بالمستلزمات الطبية وغيرها من التوريدات، مع مراعاة التكاليف المشتركة لكل من المورّد والمستشفى. واستطعنا في هذا المستشفى المشهور والناجح خفض تكاليف سلسلة التوريد الخاصة بهم بنسبة تتجاوز 40%، مع رفع مستويات الخدمة.

مزيج المنتجات

لا يعرف مدراء المبيعات والمنتجات صافي الربح الفعلي لكل منتج في الشركات التي لا تطبّق المقاييس على مستوى المعاملات الرقمية. فبعض طلبيات العملاء مخصصة لمنتج معين، ولكن معظمها مخصص للاحتياجات العامة، مثل نظارات الأمان الوقائية. وعادة ما تحقق المنتجات البديلة التي تلبي هذه الحاجة عند نقطة سعرية مماثلة أرباحاً صافية متفاوتة إلى حدٍّ كبير. وتكشف المقاييس على مستوى المعاملات عن هوامش الربح الصافية لكل منتج، ما يمكّن مدراء المنتجات ومندوبي المبيعات من تحسين ربحية مزيج المنتجات دون تحميل العميل أي تكلفة إضافية.

ويتيح هذا فرصة جديدة لإعداد “كتالوج أرباح” داخلي يسترشد به مندوبو المبيعات. يحتوي الكتالوج الجديد على القائمة التقليدية للمنتجات، ولكنه يضيف صافي الربح الكلي لكل منها. حيث يحصل مندوبو المبيعات في إحدى الشركات على تقارير شهرية حول ربحية مزيج المنتجات المُخصَّص لكل عميل، مع عرض إضافات وبدائل مقترحة للمنتجات ذات الربحية العالية.

قناة الطلبيات

تتجه معظم الشركات بسرعة نحو التبادل الإلكتروني للبيانات (أو تلقي الطلبيات إلكترونياً) لأنه يحقق وفراً كبيراً في التكلفة. بيد أن الشركات التي تتلقى الطلبيات بنظام التبادل الإلكتروني للبيانات تفقد القدرة على البيع المتقاطع والارتقاء بالبيع والتحري عن بيانات العملاء المهمة.

الحل. استخدم التبادل الإلكتروني للبيانات لخفض تكلفة الخدمة المقدمة لصغار العملاء، ولكن بالنسبة للعملاء الذين يحققون أعلى الأرباح أو يتسببون في استنزاف الأرباح، فاحرص على إعادة الاتصال بهم بصورة انتقائية بمجرد تسلُّم الطلبيات بنظام التبادل الإلكتروني للبيانات حتى تتمكن من تنفيذ البيع المتقاطع والارتقاء بالبيع والحفاظ على متانة علاقتك بهم.

وستكتسب فرقك متعددة القدرات فهماً عميقاً للملف التعريفي لموضوع إدارة العملاء المستنزفين للأرباح الذين يتسببون في استنزاف الأرباح ومساراتهم التطويرية، بالإضافة إلى مشكلات تكلفة التشغيل التي يمكن تلافيها من خلال الاحتكاك المتواصل بهؤلاء العملاء. وهكذا ستتمكن فرق تلافي استنزاف الأرباح لديك من تحديد العملاء المحتملين الذين سيتحولون في الغالب إلى عملاء مستنزفين للأرباح على نحو يستعصي على الحل.

لا تقدَّر هذه المعرفة المتعلقة بموضوع إدارة العملاء المستنزفين للأرباح بثمن. إذ تحتاج فرق تلافي استنزاف الأرباح إلى عقد شراكة مع مدراء المبيعات لدمج هذه الملفات التعريفية في عمليات اختيار الحسابات وإدارتها، ما يسمح لهم بتوجيه تركيزهم إلى الحسابات التي ستحقّق أعلى الأرباح أو التي يمكن تحويلها إلى حسابات تحقّق أعلى الأرباح وتجنب الحسابات التي ستتسبب في استنزاف الأرباح على نحو يستعصي على الحل. وحينما تستعين بكل معارفك وخبراتك لضمان قدرة مندوبي المبيعات على تجنب العملاء الذين يتسببون في تآكل أرباحك التي تحققت بشق الأنفس، فإنك بذلك ستمتلك أكبر ميزة لتعزيز أرباحك على نحو كبير.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .