5 أمور يؤديها المدراء الرائعون بأسلوب مختلف

5 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نعلم جميعاً بأن رضا الإنسان عن وظيفته يرتبط ارتباطاً كبيراً بطبيعة العلاقة التي تجمعه بمديره في العمل. ومع ذلك، وفي بيئات العمل القائمة اليوم والتي تتطور على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، من غير الواضح دائماً ما هي الأشياء التي ينبغي على المدراء فعلها لكي يمنحوا موظفيهم أكبر قدر من الرضا الوظيفي والسعادة. فقد كشفت الأبحاث التي أجريتها أنا وشملت أنجح المدراء في العالم عن بعض الممارسات الشائعة التي تجعل العمل ينطوي على قدر أكبر من المتعة والفائدة. فإذا كنت من الذين يشرفون على الآخرين، فيجب عليك أن تضمن القيام بما يلي:

حاول أن تدير الأفراد وليس الفِرَق

عندما تكون معرّضاً للضغوط في عملك، من السهل عليك أن تنسى أن كل موظف هو إنسان متفرد، وأن الموظفين هم أفراد تتفاوت اهتماماتهم، وقدراتهم، وأهدافهم، وأساليبهم في التعلم. ولكن من المهم جداً أن تعدل طريقة تفاعلك مع كل موظف وفقاً لطبيعته الخاصة. ويجب عليك أن تحاول فهم الأشياء والعوامل والظروف التي تدفع هؤلاء الموظفين إلى تقديم أحسن ما لديهم. حاول أن تكون جاهزاً دائماً للحديث معهم شخصياً وعلى انفراد إذا ما رغبوا في ذلك. خذ احتياجاتهم الفردية للنمو بعين الاعتبار عندما تناقش معهم الدروس والعبر المستفادة من التجارب السابقة. وعندما يتعلق الأمر بالترقية، حاول أن تتجاوز النماذج الصارمة المستعملة في تقييم الكفاءات والترقية الوظيفية، وابحث عوضاً عن ذلك عن الفرص المصممة وفقاً لطموحات كل شخص ومواهبه وقدراته.

لقد قال لي باول باتالدين، الأستاذ في كلية الطب في “دارتموث”، والذي سبق له العمل تحت إمرة تومي فيرست في الشركة العملاقة في مجال الرعاية الصحية “آتش سي أيه” (HCA)، بأن مديره السابق “كان رئيساً تنفيذياً غير عادي” لشركة بهذا الحجم. “لقد كان بوسعك دوماً أن تلتقي به. كان دائماً يمتلك الوقت للقاء الموظفين”. أما صاموئيل هوارد، وهو موظف سابق عمل تحت قيادة فيرست أيضاً وبات الآن الرئيس التنفيذي لشركة “كزانتوس” فقد قال هو الآخر: “عندما كنت تطلب من فيرست أن يفعل شيئاً، كان يشمّر عن ساعديه” ويعمل معك حتى الانتهاء من إنجازه.

ركّز كثيراً على معنى الوظيفة والغاية منها

معظم الموظفين يقدّرون الوظائف التي تجعلهم يقدّمون إسهاماتهم ويحدِثون فرقاً، والعديد من المؤسسات باتت الآن تركز على الغاية والمعنى من العمل، على أمل تعزيز مشاركة الموظفين وتفاعلهم. لكن هذا الأمر يقع على عاتق المدير أيضاً. فليس بوسعك الاعتماد على أنظمة الحوافز، مثل العلاوات، أو زيادات الرواتب، أو فرص الحصول على أسهم في الشركة، بل يجب عليك أن تعمل على إلهام موظفيك من خلال تقديم رؤية لهم، ووضع أهداف تنطوي على تحديات لهم، وتعزيز ثقتهم، بحيث يؤمنون بقدرتهم على الفوز حقاً. عبّر عن هدف واضح يجعل الحماسة تدبّ في نفوس أعضاء فريقك، وحدد لهم توقعات طموحة، وأخبر المجموعة بأنك تعتقد بأنها قادرة على فعل أي شيء تقريباً.

لقد كان القادة الأسطوريون مثل بيل ساندرز في القطاع العقاري، وجوليان روبرتسون في مجال صناديق التحوّط، وبيل وولش في كرة القدم الأميركية للمحترفين يعبّرون عن رؤى دفعت موظفيهم إلى الكفاح في سبيل تحقيق النجاح. فسكوت سيلرز، وهو أحد تلاميذ ساندرز والذي أصبح الرئيس التنفيذي لشركة “آرشستون” قبل أن يتقاعد عام 2013، يذكر كيف أن مديره السابق “كان يستعرض رؤيته أمام موظفيه ويقول: “أرغب منكم أن تكونوا جزءاً من هذه الرؤية”. “لقد كان الواحد منا يشعر بأنه حظي بتكريم كبير نتيجة لذلك، إلى حد أنه يشعر وكأنه يريد أن يقفز قائلاً: أرجوك أن تضيف اسمي إلى القائمة!”.

ركّز على تقديم الرأي والتقييم

كشف مسح أجرته جمعية “إدارة الموارد البشرية” عام 2013 للمدراء في الولايات المتحدة الأميركية، أن “2% فقط يقدّمون الرأي والتقييم بشكل مستمر لموظفيهم”. نعم 2% فقط! فالعديد من المدراء يقتصرون على “مراجعات الأداء” المكروهة من كل الموظفين وغالباً ما يجري الخلط خلالها بين التقييم المتعلق بأداء الموظف وبين التعويضات والترقية، ممّا يجعل المدير في هذه الحالة شخصاً أقل فعالية.

وكما سبق لي أن كتبت في أماكن أخرى، فإن بعض المؤسسات أخذت تغيّر طرقها في العمل. ولكن حتى لو كانت مؤسستك لا تزال ملتزمة بهذه الطرق التقليدية لمراجعة الأداء، يظل بوسعك أن تكمّل تلك الطرق من خلال تقديم رأي مستمر مع إعطاء الأمر طابعاً شخصياً، وهو أسلوب يلجأ إليه أفضل المدراء. حاول عقد محادثات منتظمة مع كل واحد من موظفيك – لمرة واحدة على الأقل في الأسبوع – لكي تقدّم له الكثير من الإرشادات والتوجيهات. حاول أن تجعل هذه العملية واضحة، وصادقة، وبنّاءة، وحاول أن تصيغها بطريقة يمكن أن من خلالها تشجيع ذلك الموظف على الاستقلال والمبادرة.

يتذكر مدير صناديق التحوط، تشيس كولمان، كيف كان مديره وداعمه السابق، جوليان روبرتسون، مؤسس “تايغر مانجمنت”، “يجيد فهم الأشياء التي تحفّز الناس وكيف يمكن دفعهم لتقديم أفضل أداء ممكن لديهم. بالنسبة للبعض، هذا الأمر كان يعني تشجيعهم. وبالنسبة للآخرين الذين كانوا لا يرتاحون تجاه طريقته في تقديم الرأي والتقييم، فقد كان يعدّلها لتتناسب معهم”.

لا تتكلم فقط، وإنما يجب أن تصغي أيضاً

عادة ما يحسّ الموظفون بأقصى درجات السعادة عندما يشعرون بأنهم قادرون على تقديم أفكار جديدة بحرية وأخذ زمام المبادرة، ومعظم المدراء يزعمون أن هذا هو بالضبط ما يريدونه من موظفيهم. فلماذا لا نرى ذلك يحصل بوتيرة أكبر؟ عادة ما تكون المشكلة هي أن المدراء يروّجون لأفكارهم الشخصية بقوة زائدة عن اللزوم، مما يجعل الموظفين يتساءلون: “لماذا نجازف بطرح أفكار جديدة، بينما أفكار مديرنا هي نفسها ثابتة ولن تتزحزح؟”.

إن القادة العظام يقضون وقتاً طويلاً في الإصغاء. فهم يطرحون المشاكل والتحديات، ومن ثم يطرحون أسئلة ليستدرجوا الفريق بأكمله لكي يولّد الحلول. كما أنهم يكافئون الابتكار والمبادرة، ويشجعون جميع من في المجموعة على القيام بذلك.

لقد كان مدرب كرة القدم وولش يبذل قصارى جهده ليشجع الجميع على تقديم آرائهم، ليس فقط مساعديه في التدريب، وإنما يحثّ اللاعبين أنفسهم أيضاً على فعل ذلك، قبل المباراة، وخلالها، وبعدها عندما كان الجميع يشاهدون شريطاً مسجلاً لما حصل خلال المباراة. ولعل هذه المقاربة القائمة على التعاون هي من يقف وراء سجله الحافل مع فريق “سان فرانسيسكو فورتي ناينرز”، حيث نال معهم البطولة الإقليمية 6 مرات، وبطولة دوري كرة القدم الأميركي 3 مرات، وبطولة الجائزة الكبرى 3 مرات أيضاً.

كن متسقاً في سلوكك

من ذا الذي يمكن أن يكون سعيداً مع مدير يفعل شيئاً ما في أحد الأيام وشيئاً آخر مختلفاً في اليوم التالي؟ من الصعب أن يشعر المرء بالدافع والحافز عندما تتغير القواعد بطريقة لا يمكن التنبؤ بها على الدوام، بحيث لا يمكنك أن تعلم ماذا تتوقع أو كيف ستستطيع السير قدماً. لذلك يجب أن تكون متسقاً في أسلوب إدارتك، ورؤيتك، وتوقعاتك، وآرائك أو ملاحظاتك، وانفتاحك على الأفكار الجديدة. وإذا أصبح التغيير ضرورياً، فيجب أن توضح هذا الأمر للجميع علناً وبسرعة.

يتذكر كايلي كريغ، الذي عمل مع عملاق إدارة المطاعم نورمان برينكر في “برجر كنغ” في ثمانينيات القرن الماضي التواضع الدائم لمديره السابق قائلاً: “كان دائم الاستعداد للاعتراف بفشله وأخطائه، الأمر الذي كان يبعث شعوراً من الارتياح في أوساط من هم حوله”. أما بيل وولش، فقد كان دائماً يظهر بمظهر الشخص الواثق. فكما يقول أحد أعضاء فريقه السابقين دوايت كلارك: “كنت تراه متألقاً. لقد كان واثقاً من نفسه دائماً”. هذان المديران العظيمان كان لهما نهجان مختلفان تماماً، ومع ذلك نجح كلاهما لأنهما كانا متسقين.

ليس هناك من سلوك يتبناه أي مدير يمكن أن يضمن سعادة الموظفين، لكن المدراء الذين يتبعون هذه الممارسات الخمس السابقة سيكتشفون بأنها ستساعدهم في تحسين إنتاجية أي فريق، وسلامته، وتفاعل أعضائه. والقاسم المشترك الأكبر بينها هو الجاذبية. حاول أن تولي اهتماماً وثيقاً بموظفيك بصفتهم أفراداً. خصص وقتاً إضافياً مهما كان صغيراً لكي تبني الثقة بين أعضاء فريقك، ولكي تعبّر لهم عن رؤية واضحة؛ ولكي تقدّم تقييماً مستمراً وثابتاً وذا نوعية عالية؛ ولكي تصغي أيضاً إلى أفكارهم. وحاول أن تضمن اتساق رسائلك، بحيث لا تكون متقلبة ومتفاوتة من يوم إلى آخر. المهمة صعبة أليس كذلك؟ نعم، هي صعبة، لكنها تستحق العناء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .