هذه الاستراتيجيات ستساعدك على التأثير في طريقة صناعة القرارات

7 دقائق
أساليب صناعة القرار
تصميم الشخصيات/ غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يُحالِف النجاح المفاوضين الذين يفهمون أساليب صناعة القرار الأكثر شيوعاً، كقاعدة الأغلبية وقاعدة امتلاك رئيس مجلس الإدارة صلاحية اتخاذ القرار وقاعدة اتخاذ القرار بالتوافق أو بالإجماع، وكيفية التعامل بالطريقة المناسبة لكلٍّ منها، فهم يستطيعون تحقيق نتائج أكثر إيجابية وزيادة تأثيرهم بما يتجاوز حدود سلطتهم الرسمية أو صلاحياتهم. ففي سيناريوهات اتخاذ القرار بأغلبية الأصوات التي تتطلب موافقة أكثر من 50% من أفراد المجموعة على إجراء مُعيَّن قبل اتخاذه، ستحتاج أولاً إلى رسم خريطة لمصالح كل صانعي القرار ثم استهداف الأشخاص المؤثرين المترددين في حسم قرارهم من خلال تلبية احتياجات بعض اهتماماتهم الرئيسية. وفي المواقف التي يمتلك فيها رئيس مجلس الإدارة صلاحية اتخاذ القرار، حيث تكون الكلمة الفصل بيد شخص واحد، يمكنك تقديم عرض مباشر لهذا الشخص أو لأقرب المقربين إليه. أما في الحالات التي يجب اتخاذ القرار فيها بتوافق الآراء (أي بموافقة كافة الأطراف المعنية عليها بنسبة 100%) أو بالإجماع (أي عدم إبداء اعتراض جوهري من أي شخص)، فيجب أن توجِّه اهتمامك إلى إدارة المعارضين المحتملين للقرار.

 

كانت نتيجة التصويت على القرار 14 مقابل 1، لكن الاقتراح لم ينل الموافقة. لماذا؟ لأن الهيئة المسؤولة عن التصويت هي مجلس الأمن التابع لـ “الأمم المتحدة”، حيث يمتلك الأعضاء الخمسة الدائمون حق النقض (الفيتو).

يتم اعتماد الخطة الاستراتيجية الجديدة للشركة بعد تصويت فريق الإدارة بنسبة 5 إلى 4. لماذا؟ لأن مجلس الإدارة يُعطي الأفضلية لأصوات الرئيس التنفيذي للشركة والرئيس التنفيذي للشؤون المالية ورئيس العمليات ومدير التسويق على حساب أصوات القادة الآخرين على مستوى نواب الرئيس.

يفوز مرشح سياسي بالمنصب على الرغم من حصوله على أصوات أقل من منافسه بملايين الأصوات. لماذا؟ لأنها الانتخابات الرئاسية الأميركية التي لا يتم حسمها بالتصويت الشعبي بل بالمجمع الانتخابي.

يتضح لنا من هذه الأمثلة المتباينة أهمية أساليب صناعة القرار.

وبدايةً من غرفة اجتماعات مجلس الإدارة إلى طاولة العشاء، فإن نجاح المفاوضين يتوقّف على فهمهم للقواعد الأكثر شيوعاً لصناعة القرار، كقاعدة الأغلبية وقاعدة امتلاك رئيس مجلس الإدارة صلاحية اتخاذ القرار وقاعدة اتخاذ القرار بالتوافق أو بالإجماع، وكيفية التعامل بالطريقة المناسبة لكلٍّ منها، وبالتالي يمكنهم تحقيق نتائج أكثر إيجابية وزيادة تأثيرهم بما يتجاوز حدود سلطتهم الرسمية أو صلاحياتهم. ونستعرض في هذه المقالة أفضل المنهجيات المستقاة من خبراتنا الممتدة لعقود من الزمان في التدريس لطلاب القانون وتقديم المشورة لقادة الشركات والمسؤولين الحكوميين والمسؤولين التنفيذيين في المؤسسات غير الربحية.

قاعدة الأغلبية

تتطلب قاعدة الأغلبية موافقة أكثر من 50% من أعضاء المجموعة على إجراء مُعيَّن. ويعتبر هذا النوع من أساليب صناعة القرار هو المنهج الحاكم لكل صغيرة وكبيرة في الكثير من الأعمال، بدايةً من أحكام المحكمة العليا، وصولاً إلى ألعاب الأطفال.

وإذا وجدت نفسك في سيناريو يحتكم إلى قاعدة الأغلبية، فيجدر بك أن تفعل 3 أشياء:

1- ارسم خريطة لمصالح كافة الأطراف المعنية بصناعة القرار

أي مجموعة بشرية ليست كياناً واحداً، ولكنها تتشكّل من أفراد مختلفي الطباع والميول. حاول معرفة اهتمامات كل شخص وشدة اهتماماته وتفضيلاته تلك. حدّد أولئك الذين تتوافق اهتماماتهم مع اهتماماتك، واحرص على التواصل معهم، وحافظ على تواصلك معهم حتى يتم الانتهاء من فرز الأصوات. وتجنَّب إغراء السماح لأصحاب الأصوات العالية بالسيطرة على تفكيرك، فأصحاب الأصوات الهادئة لهم الأهمية نفسها.

2- استهدف الأشخاص المؤثرين المترددين في حسم قرارهم

ابدأ بالأشخاص الذين قد يرجحون كفة على أخرى بالتأثير على القرارات “المتأرجحة” ما بين القبول والرفض. قد يكون من السهل التعرف على هؤلاء الأشخاص، لكنك قد تعجز عن استثمارهم بالشكل الصحيح في حسم المسألة المطروحة للنقاش لصالحك. وفكّر في طرق يمكنك من خلالها توسيع قاعدة القضايا التي ينطوي عليها القرار لخلق فرص لما يسميه خبراء التفاوض “الربط” و”التنازلات المتبادلة”، أي معالجة مصالح المؤثرين ذات الصلة في مقابل دعمهم لمصلحتك الأساسية.

انظر مثلاً إلى قصة الصندوق الاستثماري الناشط الذي يُسمَّى “المحرك رقم 1” (Engine No. 1)، وهو صندوق تحوط يمتلك أقل من 1% من أسهم شركة الطاقة العملاقة “إكسون موبيل”، وهي شركة يتم فيها انتخاب مجلس الإدارة بأغلبية المساهمين. ولطالما اقتصرت قوائم المرشحين على أولئك المدعومين من الإدارة، ولكن في عام 2021، صدم صندوق “المحرك رقم 1” العالم المالي بترشيح أربعة أعضاء مجلس إدارة (من أصل 12 عضواً) بناءً على برنامجهم المناخي، وفاز 3 منهم في النهاية. نجحت هذه الاستراتيجية لأن كريس جيمس، مؤسس صندوق “المحرك رقم 1″، حصل على دعم ثاني أكبر مساهم في “إكسون”، شركة “بلاك روك” (BlackRock)، ورئيسها التنفيذي، لاري فينك، الذي قال إن الوقت قد حان “لمواجهة التهديد العالمي للتغير المناخي“.

3- خصّص رسالتك لتصل إلى الأشخاص الذين تريد الوصول إليهم

أشار جيمس في الوقت نفسه إلى هذه النقطة، قائلاً: “لا يرتبط هذا الأمر بالأيديولوجيا، بل بالاقتصاد نفسه”، وهو ما يوضح نقطة أخيرة في طرح قضيتك في المواقف التي تحتكم إلى قاعدة الأغلبية. لقد كان يستخدم ما يسميه جيم سيبينيوس من كلية “هارفارد للأعمال” “العزل الصوتي“، أي تخصيص سردية تلائم أفكار الأشخاص الذين تريد ضمهم إلى صفك.

ويمكن للمفاوضين استخدام هذا الأسلوب لتسخير أفكار الجمهور المستهدف واهتماماتهم ولغتهم لصياغة قضيتك بطريقة تنال إعجابهم. ولنأخذ مثالاً آخر من المحكمة الأميركية العليا بقيادة رئيس المحكمة، جون روبرتس. فقد رجّح رأيه قرار الأغلبية بنسبة 5 إلى 4 في القضية الشهيرة المعروفة باسم “الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة ضد سبيليوس” (567 الولايات المتحدة 519 ((2012))، حيث أكد روبرتس أن قانون الرعاية الميسورة التكلفة (أوباما كير) لم يشذ عن النهج الدستوري لأن “مثل هذا التشريع يقع ضمن سلطة الكونغرس في فرض ضرائب”. وأدى هذا التفسير الجديد للولاية الفردية إلى تشريع قوانين الرعاية الصحية إلى إتاحة الفرصة أمام القاضية الأميركية إيلينا كاغان، وهي حليف غير عادي، للانضمام إلى رأيه وتعزيز السمعة المؤسسية للمحكمة في هذه العملية.

امتلاك رئيس مجلس الإدارة صلاحية اتخاذ القرار

يمنح هذا السيناريو السلطة لصانع قرار واحد، وغالباً ما يتم استخدامه في أوساط العمل التي يكون للمدراء فيها الكلمة الفصل في فرقهم أو مؤسساتهم. (ينطبق هذا أيضاً على الأسر التي يأمر فيها الآباء أطفالهم بما يفعلون (وما لا يفعلون)، وإذا سُئلوا عن السبب، فيجيب أحدهم ببساطة: “لأنني قلت ذلك”.)

ولامتلاك القدرة على التأثير في مثل هذا الموقف:

1- اعرف مصالح صانع القرار

يتضمن ذلك من الناحية المثالية طرح الكثير من الأسئلة المفتوحة. (على سبيل المثال: “ساعدني على فهم…” أو “أخبرني بالمزيد عن…” أو ببساطة “ما سبب أهمية هذا بالنسبة لك؟”). وإذا لم تستطع الوصول إلى صانعي القرار، فيمكنك بدلاً من ذلك الاطلاع على بياناتهم وكتاباتهم السابقة، مثل الرسائل المفتوحة الموجّهة للموظفين أو المساهمين أو منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، للتعرّف على اهتماماتهم. ويمكنك الاستفادة أيضاً من التشاور مع حلفائهم الموثوق بهم والمقربين منهم، حيثما أمكن.

2- حدّد المستشارين المُؤتَمَنين لصانع القرار

نادراً ما يتخذ المسؤولون التنفيذيون قراراتهم اعتباطاً. ويعرف المفاوضون الناجحون المستشارين الذين يعتمد عليهم رئيس مجلس الإدارة، بل ويعرفون الأشخاص الذين يلجأ إليهم هؤلاء المستشارون للحصول على المشورة.

على سبيل المثال: يحتفظ مؤسس شركة “ميتا” (فيسبوك) ورئيسها التنفيذي، مارك زوكربيرغ، بأسهم التصويت الممتاز التي تخوّله سلطة تصويت كبيرة تفوق أصوات المساهمين الآخرين. ونتيجة لذلك، فإن كل القرارات المحورية تعتمد على الإجابة عن سؤال واحد: “ما رأي مارك؟”. لكن المراقبين يُجمِعون على أن آراء الرئيسة التنفيذية للعمليات، شيرل ساندبيرج، ذات أهمية كبيرة أيضاً. وقد يتمكن المسؤولون التنفيذيون الذين يمتلكون القدرة على الوصول إلى الشخصيات النافذة من الانفراد بهذين الشخصين، في حين يتعين على الآخرين اللجوء إلى طرق بديلة والبحث عن شبكة علاقاتهما الداخلية وأعضاء الفريق المبتدئين الذين يثقون بهم.

واعتماداً على منصبك في المؤسسة، قد تضطر إلى بناء جسر بينك وبين صانع القرار. اصقل عروضك الترويجية وانتبه جيداً لتسلسلها لأن بعض صانعي القرار يركّزون على آخر نصيحة يتلقونها، لكن من المعروف أيضاً أن البعض الآخر يولي مزيداً من الاهتمام للانطباعات الأولى.

3- لا تهمل أصحاب المصلحة الآخرين

تحذير: قد يمنحك المنهج المدروس جيداً للتأثير في رئيس مجلس الإدارة قدرةً كبيرة على توجيه القرار، لكن زملاءك قد يلاحظون محاولاتك لاستمالته ويُبدون استياءهم منها، بل وقد يصفونك بالمتملق الذي يحاول طعنهم من الخلف أو يتسلل من خلف الكواليس. لذا انتبه لمصالح كافة الأطراف المعنية الأخرى، واحرص على صياغة جهودك بطرق ترسم لك صورة ذهنية مقبولة وموجهة نحو مصالح الفريق.

اتخاذ القرار بالتوافق أو بالإجماع

يتطلب توافق الآراء إبداء أفراد المجموعة التي تصدر القرار موافقتهم الإيجابية بنسبة 100%، في حين يعني الإجماع عدم اعتراض أي من أصحاب المصلحة المعنيين بالعملية التفاوضية. وتتطلب معظم الإدانات الجنائية في الولايات المتحدة موافقة كل أعضاء هيئة المحلفين على قرار الإدانة بتوافق الآراء، وهي آلية تم عرضها بشكل درامي في فيلم “12 رجلاً غاضباً” (Twelve Angry Men). على العكس من ذلك، يجري استخدام الإجماع في إدارة الاجتماعات التقليدية لشركة “كويكر” (Quaker) مع حث المعترضين على “التنحي” بدلاً من “الوقوف في طريق الشركة”.

وقد دمجنا هاتين القاعدتين الماستين بصناعة القرار في قاعدة واحدة لأن التركيز ينتقل في كلتا الحالتين من بناء التحالف المؤقت (كما في قاعدة الأغلبية) أو الفوز بثقة السلطة المركزية (امتلاك رئيس مجلس الإدارة صلاحية اتخاذ القرار) إلى إدارة المعارضين المحتملين للقرار، أي تجنب احتمالية وجود معارضة منفردة (أو معارضة ضئيلة) تنسف القرار.

1- احرص على سماع الأصوات المعارضة والاعتراف بها

يُحذّر الباحث في جامعة “ستانفورد”، ستيفن ستيدمان، من التحالفات أو ممارسة الضغط على المعارضين في مثل هذه الحالات لأن أساليب استخدام القوة المفرطة قد تترسخ في كثير من الأحيان بدلاً من الإقناع. ويحرص المفاوضون الناجحون على الإصغاء بعناية إلى المعارضين المحتملين، ويحرصون كل الحرص على فهم مخاوفهم، ويقدمون عرضاً عاماً للاستجابة لاحتياجاتهم. ويمكن لهذه الاستراتيجية أن تحوّلهم في كثير من الأحيان إلى مدافعين عنهم.

2- ارفع التكاليف المرتبطة بالعناد

لا يمكن إقناع الجميع. وإذا فشلت محاولات الاستمالة، فإن المفاوض الذكي يلجأ إلى رفع التكاليف المرتبطة بالعناد. فعندما تفشل الدبلوماسية في الشؤون الدولية، غالباً ما تفرض الدول الغربية المتحالفة عقوبات اقتصادية على الدول المارقة (وعلى أفراد بأعينهم داخل هذه الدول). وبالمثل، لجأت شركة “دلتا” للخطوط الجوية في وقت سابق خلال 2021 إلى زيادة أقساط التأمين الصحي بمقدار 200 دولار شهرياً للموظفين الذين رفضوا الحصول على لقاحات “كوفيد-19”.

3- تغيير قواعد اللعبة

عندما يبدو تحقيق التوافق أو الإجماع أمراً مستحيلاً، لا سيما في أوساط العمل الاحترافية، حاول تغيير قواعد اللعبة أو تغيير اللاعبين أنفسهم: دافع عن ممارسات قاعدة الأغلبية أو امتلاك رئيس مجلس الإدارة صلاحية اتخاذ القرار، أو فكر بدلاً من ذلك فيما إذا كان الخيار نفسه قد يتم إتاحته لمجموعة مختلفة مهيّأة للتوصل إلى اتفاق.

انظر مثلاً إلى فريق من الأطباء يفكرون في بيع عيادتهم إلى مستشفى إقليمي، كما فعل الكثيرون على مدار العقد الماضي. إذ يشعر البعض بالحماس بشأن المزايا، كالمزيد من رأس المال التشغيلي والحصول على تأمين أفضل وفاعلية تفاوضية أكبر مع برنامج الرعاية الطبية (ميديكير). لكن لدى أحدهم مخاوف بشأن التخلي عن المشاركة الطبية المجتمعية. ويأسف آخر على العائد المالي الضئيل المتوقع من عملية البيع بسبب افتقاره للخبرة. ويخطط ثالث للتقاعد قريباً ويخشى تقويض إرثه. يجب على الزملاء الذين يتطلعون إلى إقناع هؤلاء الثلاثة أن يصمموا مناهجهم وفقاً لذلك. بالنسبة للشخص الأول، أكِّد على جهود المشاركة المجتمعية للمستشفى واطلب مقعداً له في مجلس إدارتها. وبالنسبة للثاني، اعمل على تأمين الزيادة في الأجر مقابل دعمه للصفقة. أمّا الثالث، فخصّص له حزمة للتقاعد المبكر وأوضح له أنه سينال لقب الشريك الفخري قبل البيع، بالإضافة إلى تأمين فرصة له للتدريس والتوجيه في الجامعة المحلية.

وأينما كان موقعك في التسلسل الهرمي للمؤسسة، تأتيك أوقات تضطر فيها إلى السعي للتأثير على اختيارات الآخرين وتفضيلاتهم. فاحرص في هذه اللحظات التفاوضية على استخدام أساليب صناعة القرار لصالحك. وصمّم استراتيجياتك وفقاً للظروف المحيطة بكل قاعدة من قواعد صناعة القرار (ودافع حيثما أمكن عن قاعدة صناعة القرار على حساب الأخرى بناءً على فهمك للديناميكيات التي تخلقها كل قاعدة لصناعة القرار) لتحقيق نتائج أفضل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .