أثر القيادة الجيدة والسيئة على المستويات الأقل في الهرم الوظيفي

3 دقائق
أثر القيادة الجيدة والسيئة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إليك هذا المقال عن أثر القيادة الجيدة والسيئة تحديداً. نعرف جميعاً أن المشاعر العاطفية معدية، فهي تنتشر من شخص إلى آخر. أظهرت دراسة أجراها جيمس فولر (James Fuller)، من “جامعة كاليفورنيا سان دييغو” (University of California San Diego)، ونيكولاس كريستاكيس (Nicholas Christakis)، من “جامعة هارفارد” (Harvard University)، أن السعادة تنتقل من فرد إلى آخر. على سبيل المثال، إذا كان صديقك سعيداً، فسترتفع احتمالية شعورك بسعادة أكبر بنسبة 25%.

ونعرف أيضاً أن السلوكيات معدية، فقد استنتج كريستاكيس وفولر أنه إذا كان أصدقاؤك سمينين، فمن المحتمل أن تكون كذلك. إذا أقلعت عن التدخين، يصيرُ احتمال إقلاع أصدقائك عن التدخين أكبر، وقد اكتشفت روز ماكديرموت (Rose McDermott)، من “جامعة براون” (Brown University)، أن الطلاق أيضاً مُعدٍ، وخلصت إلى أنك أكثر عرضة للانفصال عن زوجتك بنسبة 33% لو كان صديقك المقرب مُطلقاً.

أردنا معرفة كيف تؤثر هذه “العدوى الاجتماعية” على القادة. نعلم بالفعل أن القيادة الجيدة تجعل الموظفين أكثر مشاركةً ونشاطاً في الأعمال، وأن القادة لهم دور مؤثر في مجموعة مختلفة من النتائج مثل معدل ترك الموظفين العمل واستبدالهم، ورضا العملاء، والمبيعات، والإيرادات، والإنتاجية، وما إلى ذلك. لكن هل تؤثر قيادتك الجيدة في من حولك، بحيث تزيد من احتمالات أن يكونوا قادة جيدين هم أيضاً بدورهم؟ وأي السلوكيات يسهل “التقاطها”؟

للإجابة عن هذا السؤال، فحصنا تقييمات شاملة لأشخاص يحتلون مناصب الإدارة العليا، ومرؤوسيهم المباشرين في مناصب الإدارة الوسطى. وبمقارنة 265 زوجاً من أفراد الإدارة العليا ومرؤوسيهم المباشرين من أفراد الإدارة الوسطى، وجدنا علاقات ترابط ملحوظة في عدة سلوكيات.

اختبرنا تحديداً 51 سلوكاً ووجدنا ترابطاً ملحوظاً في أكثر من 30 منها، (أظهرت جميع السلوكيات الـ 51 بعض الترابط، باستثناء أن بعضها فقط كان ذا دلالةٍ إحصائية). من بين السلوكيات التي أوضحت انتقالها من شخصٍ لآخر، أظهر بعضها درجة أعلى في الانتقال بين الأشخاص. وتمحورت السلوكيات التي أظهرت أعلى درجات الترابط بين نتائجها في المدراء وفي مرؤوسيهم المباشرين حول المواضيع التالية، مرتّبة من الأكثر إلى الأقل انتقالاً بين الأشخاص:

  • تطوير النفس والآخرين
  • المهارات الفنية
  • المهارات الاستراتيجية
  • التفهم والتعاون
  • النزاهة والأمانة
  • المنظور العالمي
  • الحسم
  • التركيز على النتائج

فحصنا أيضاً الأداء الكلي. ومما لا يثير الدهشة أننا وجدنا أداء أقل من المتوسط في المرؤوسين المباشرين لأفراد الإدارة العليا الأسوأ أداءً. على النقيض، وجدنا أداءً يفوق المتوسط بكثير لدى المرؤوسين المباشرين لأفراد الإدارة العليا الذين تم تقييمهم بـ “شديد الفاعلية”. يمكننا القول إن الاختيار يلعب دوراً في هذه النتائج كما قيل: “الأفضل يختار الأفضل، والسيئ يختار الأسوأ”، إلا أن من يشغل منصباً إدارياً يقل عدد من عيّنهم بنفسه في المجموعة التي يرأسها عادة عن الربع. لذا نرى أن هذه النتيجة تدعم افتراضنا بأن السلوك القيادي مُعدٍ، وأن من يتمتع بالقيادة الجيدة بين أفراد الإدارة العليا يُلهم مرؤوسيه في الإدارة الوسطى نحو سلوكيات قيادية أفضل، بينما ينتج العكس من ذوي القيادة السيئة في الإدارة العليا.

أثر القيادة الجيدة والسيئة

أردنا أيضاً معرفة التأثير الواقع على المستويات الدنيا من الهرم الوظيفي في المؤسسة. في أداة التقييم الشاملة التي نستخدمها، طرحنا على المرؤوسين 5 أسئلة تصف مستوى مشاركتهم. صارت هذه الأداة استبياناً مصغراً حول مشاركة الموظفين، وأظهرت ترابطاً قوياً جداً مع مقاييس أخرى معروفة لمشاركة الموظفين. أجرينا مقارنة بين فاعلية أفراد الإدارة العليا ودرجات المشاركة الخاصة بالقادة من الإدارة الوسطى، ثم نظرنا إلى درجات المشاركة الخاصة بالمرؤوسين المباشرين للقادة من الإدارة الوسطى.

يوضح الرسم البياني التالي النتائج، حيث يشير المحور الأفقي إلى مدى فاعلية أفراد الإدارة العليا. حصل المرؤوسون المباشرون (الإدارة الوسطى) لأفراد الإدارة العليا الذين حققوا درجات ضمن أقل 10% فيما يتعلق بإجمالي فاعلية القيادة على درجات مشاركة قدرها 15%، وحصل المرؤوسون المباشرون لأفراد الإدارة الوسطى المذكورين على درجات مشاركة قدرها 24%. على النقيض، نال المرؤوسون المباشرون (الإدارة الوسطى) لأفراد الإدارة العليا الذين حققوا درجات ضمن أعلى 10% فيما يتعلق بإجمالي فاعلية القيادة على درجات مشاركة بلغت 81%، وحصل مرؤوسو أفراد الإدارة الوسطى المذكورين على درجات مشاركة بلغت 74%. ويعني هذا بشكل أوضح أنك إذا كنت أحد أفراد الإدارة العليا وتقوم بعملك بأداء متدنٍ، فأنت لا تقلل من مشاركة مرؤوسيك المباشرين فحسب، بل مشاركة مرؤوسيهم أيضاً. لكن لحسن الحظ، العكس صحيح. وإذا كنت رئيساً عظيماً، سيحفذ هذا فريقك وفرقهم على المشاركة في العمل.أثر القيادة الجيدة والسيئة

لفهم الفكرة، فكر لدقيقة في الأمور العابرة التي تنفذها بأداء سيئ والعادات السيئة التي يبدو أنك لن تتمكن من تغييرها. لا شك أنك لا تفخر بها، وربما تشعر ببعض الحرج منها. من هذا المنطلق قد يساعد هذا البحث في تحفيزك نحو التغيير، فالأشياء التي تؤديها بشكل سيئ هناك احتمال معقول أن يقلدها الآخرون. ومن المرجح أن يتبع أقرانك ومرؤوسوك وزوجك وأطفالك أيضاً النموذج الذي وضعته لهم. لا يمكن لأطفالك التغلب على جيناتهم الموروثة عنك، لكن هناك الكثير مما يمكنك فعله لحماية أسرتك وفريقك من أخطائك وعاداتك السيئة. يمكنك أن تصنع تغييراً.

يتساءل بعض القادة أحياناً عمّا إذا كانوا يُحدثون أثراً. من الصعب ملاحظة الأثر الذي نحدثه في الآخرين، فالتأثير خفيّ ويحدث بمرور الوقت. نرجو أن يكون هذا البحث قد أوضح أثر القيادة الجيدة والسيئة وأن أثر القادة أعظم مما يظنون. أنتم حقاً تحدثون تغييراً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .