3 خرافات عن نقاط قوتك

4 دقائق
أسرار نقاط القوة

من بين التغييرات الجذرية في ميدان تطوير المهارات القيادية في العقد الأخير ذلك التحول في التركيز على أسرار نقاط القوة وتصحيح نقاط الضعف إلى تحديد نقاط القوة وتوسيع نطاقها. وبينما يواصل هذا التحرك ترسّخه، نشأت ثلاث خرافات تستحق أن نبددها.

خرافات عن أسرار نقاط القوة

الخرافة الأولى: التركيز على نقاط القوة هو أحدث صيحة طلع بها علينا علماء الاجتماع غير العمليين

لئن كان صحيحاً أن ممارسي تطوير المهارات القيادية البارزين تبنوا مؤخراً فقط التركيز على نقاط القوة باعتبارها ممارسة مقبولة، فالفكرة نفسها ليست حديثة مطلقاً. فقد كتب الخبير الإداري بيتر دراكر في كتابه الكلاسيكي الصادر عام 1967 بعنوان “المسؤول التنفيذي الفعال” (The Effective Executive) ما نصه:

“المسؤول التنفيذي الفعال يجعل نقاط القوة مثمرة. ولتحقيق النتائج المرجوة، على المرء أن يستغل نقاط القوة المتاحة كلها؛ وأعني نقاط قوة الزملاء ونقاط قوة الرؤساء ونقاط قوته هو شخصياً. فنقاط القوة هذه هي الفرص الحقيقية. والغاية الفريدة للمؤسسة هي أن تجعل القوة مثمرة. وليس بوسع المؤسسة التغلب على نقاط الضعف التي تشوب كل منا، وإنما تستطيع أن تجعلها عديمة الأهمية”.

يستدعي أحدنا إلى الذاكرة سماع دراكر وهو يتحدث عن ذلك ببلاغة منذ 50 عاماً، ومَا كان دراكر ليُوصَف على الإطلاق بعالم الاجتماع الانفعالي. فبصفته الأب الروحي لقسم كبير من نظرية الإدارة الحديثة وتطبيقاتها، كان دراكر ببساطة يصف الممارسات الإدارية المثلى في مقابل الممارسات التي كان يظن أنها لا تتسق مع المنطق.

الخرافة الثانية: نقطة القوة المبالغ فيها تتحول إلى نقطة ضعف

لا شك أن هناك أموراً نافعة يستطيع المرء أن يفعلها يمكن أن تتحول إلى مشكلات جسيمة إذا ما بالغ فيها. وكما بيَّن كثيرون، يمكن أن يلقى الناس حتفهم من جراء تناول جرعات كبيرة من المياه، بينما تُعد الجرعات المعقولة منها أمراً مهماً لحياة الإنسان في الوقت ذاته. لكن نقاط القوة القيادية لا يسري عليها المنطق نفسه. فعندما يفكر الناس في المغالاة في نقطة قوة ما، فهم يفكرون أساساً في المبالغة في تصرف وثيق الصلة بها. ومن الأسهل أن ترى الفرق إذا طرحت على نفسك سؤالاً كالتالي: “هل يمكن أن يكون التنفيذي نزيهاً بشكل مبالغ فيه؟” الذين يظنون ذلك يخشون احتمال أن تفضي النزاهة المبالغ فيها إلى أن يكون المرء فظاً أو غليظاً بشكل مبالغ فيه. وقد يكون ذلك صحيحاً، ولكنه ليس بالأمر الحتمي، وحينئذ تمثل الفظاظة والغلظة المشكلة الحقيقية لا النزاهة بحد ذاتها.

كذلك، اسأل نفسك: “أيمكن أن تتخيل مسؤولاً تنفيذياً يغالي في الجانب الاستراتيجي في تفكيره؟” ربما افترضت أن المغالاة في التفكير الاستراتيجي يمكن أن تؤدي بالمسؤول التنفيذي إلى الفشل في التركيز على القضايا التكتيكية اليومية. ومرة أخرى نؤكد على أن ذلك يمكن أن يحدث، ولكن من الخطأ التأكيد على أن التفكير الاستراتيجي يؤدي بالناس إلى الإحجام عن التفكير التكتيكيّ. إن هذه سلوكيات مختلفة، ومن المحتمل بالقدر ذاته أن يساعد التركيز الاستراتيجي القوي على المستقبل هؤلاء التنفيذيين في التعرف على التكتيكات وتغييرها يومياً بسرعة لأن بوسعهم فهم الأثر بعيد المدى لمشكلات الحاضر.

ومن خلال الاستعانة بنموذج تقويم الأداء بطريقة 360 درجة، تقيس شركتنا عادة قوة 16 كفاءة تصف بشكل متسق جداً المسؤولين التنفيذيين الفعالين للغاية. ومن الصفات الشخصية التي ترتبط أكثر من غيرها بالنتائج المؤسسية الإيجابية وتحقيق مستويات أعلى من رضا العملاء ونسب مشاركة أفضل للموظفين في الأنشطة والمبادرات وتحقيق معدلات أعلى لاستبقاء الموظفين ضمن المؤسسة، وكذلك تحقيق أرباح أفضل ما يلي: القيادة من أجل تحقيق النتائج وإلهام الآخرين والتفكير بشكل استراتيجي والتحلي بالنزاهة. وإذا حولَت المغالاة في إظهار أي صفة منها نقطة قوة إلى نقطة ضعف بالفعل، فمن المفترض أن نشهد نتائج أسوأ من القادة الذين ينالون درجات في شريحة التسعين المئوية وما فوقها فيما يخص إحدى الصفات، مقارنة بالقادة الذين ينالون تقييمات جيدة، لكنها ليست جيدة بقدر مبالغ فيه، في نطاق شريحة الخامسة والستين المئوية على سبيل المثال. لكن هذا ليس واقع الأمر، فكلما زادت درجات المرء في الكفاءات، جاءت نتائج أعماله أفضل.

الخرافة الثالثة: أسرار نقاط القوة والضعف متلازمة

في منشور حديث أصدرته شركتان استشاريتان مرموقتان، ناقش كبار تنفيذيّ الموارد البشرية فيهما مزايا التركيز على نقاط القوة بدلاً من نقاط الضعف. وقال أحد المشاركين: “يكمن السر في تثبيط أسباب الانحراف عن جادة الصواب.  فعندما تجد شخصاً يتمتع بنقاط قوة مذهلة في بُعد أو بُعْديْن من بين ثلاثة أبعاد، غالباً ما ستجد لديه نقطة ضعف قاتلة في بُعد آخر”.

أحقاً ذلك؟ هل ترتبط نقاط القوة حتماً بنقاط الضعف وتتلازم كوجهي عملة واحدة؟ للتمحيص في هذا السؤال، انتقينا مجموعة من 16,428 قائداً أُتيحت لدينا معلومات شاملة من جميع الجهات عنهم. وحصل كل منهم على 10 تقييمات في المتوسط من مرؤوسيهم المباشرين وأقرانهم ومدرائهم فيما يختص بمهاراتهم القيادية.

إذا وصفتَ مهارة ما اعتباطاً في شريحة التسعين المئوية باعتبارها “نقطة قوة” ووصفت كفاءة ما دون شريحة العشر المئوية باعتبارها “عيباً قاتلاً” (أو سبب من أسباب الانحراف عن جادة الصواب)، فيمكنك أن تطلع على النتائج التي توصلنا إليها في الجدول التالي:

هل تلازم العيوب نقاط القوة؟

الإجابة الموجزة هي “لا”. فقد أثبت تحليل لتقييمات شاملة من جمع الجهات لقدرات القيادة لأكثر من 16,000 مسؤول تنفيذي أن أقل من 10% منهم حتى يظهرون نقطة قوة واحدة بارزة فإنهم يملكون عيوباً قاتلة.

نسبة الذين يشوبهم عيب قاتلعدد نقاط القوة
%1.43*
%2.72
%71
*مسؤولون تنفيذيون يملكون نقطة قوة واحدة بارزة على الأقل (أي المصنفون ضمن الشريحة المئوية التسعينية).
المصدر: شركة زنجر/فولكمان.

أثبتت النتائج أساساً أن 93% من الأشخاص ذوي العيوب القاتلة ليست لديهم أي نقاط قوة. وكلما زادت نقاط القوة لديهم، تضاءلت احتمالات وجود عيب قاتل لديهم. ما هي الخلاصة؟ تثبت بياناتنا أنه من النادر أن تجتمع نقاط القوة ونقاط الضعف في الشخص ذاته.

هل هناك استثناءات؟ أجل. فقد كان الراحل ستيف جوبز مثالاً نموذجياً للإنسان الذي يمتلك نقاط قوة مذهلة وعيوب قاتلة. ومع ذلك، فقد أظهرت بياناتنا أنه بالنظر إلى مجموعة كبيرة من القادة، ستجد أن نسبة هذا الاستثناء هي 2% فقط لا غير.

إننا نؤمن أن التطوير المستند إلى أسرار نقاط القوة حقيقة واقعة وباقية لا شك. وسوف تتحسن إمكانية قبوله بالتزامن مع تبدد بعض هذه الخرافات التي طال أمدها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .