كيف تنجز شركة “كومباس” المشاريع في الوقت المحدد؟

5 دقائق
نهج المساءلة الفردية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تحتاج كل مؤسسة إلى نظام موثوق للمساءلة من أجل المساعدة في ضمان أن تُنجز الفِرق المشاريع وتحقق الأهداف في الوقت المحدد. في هذه المقالة، يوضح المؤلف روبرت ريفكين، مؤسس شركة “كومباس” (Compass) ورئيسها التنفيذي، النظام الذي طبقه في شركته، ويطلق عليه “نهج المساءلة الفردية”.

يريد الجميع إنجاز الكثير من الأعمال في وقت أقل. ولكن عندما يتعاون الأشخاص معاً، فإنهم غالباً ما يواجهون سلسلة من المشكلات الشائعة: غموض بشأن مَن المسؤول عن ماذا، وخلافات بين الفِرق أو الأقسام، وعوائق توقف التقدم المحرز تماماً.

في شركة “كومباس” التي أقودها، وهي شركة متخصصة في التكنولوجيا العقارية وتُعد الآن أكبر شركة وساطة مستقلة في الدولة، نفّذنا ممارسة تسمى “المساءلة الفردية” لمواجهة هذه التحديات بشكل مباشر.

الفكرة تبدو بسيطة لكنها فعالة للغاية. لمساعدتك في تطبيق نهج المساءلة الفردية في مؤسستك، دعني أخبرك أولاً من أين جاءت لي فكرة هذا المفهوم وكيف يختلف عن هياكل المساءلة المعروفة الأخرى.

الوقت الذي أدركت فيه أن لدينا مشكلة

مع نمو شركة “كومباس” من شركة تضم عشرات الموظفين في مدينة واحدة إلى شركة تضم عشرات الآلاف من الوكلاء العقاريين والموظفين الذين يخدمون أكثر من 300 مدينة في الولايات المتحدة، لاحظت أن الموظفين يقضون وقتاً أطول في معرفة العمل الذي يتعين عليهم القيام به ووقتاً أقل في تنفيذ العمل الذي أدى إلى تحقيق النتائج. فقد ازدادت درجة التعقيد في الشركة، وأصبح الموظفون أكثر تخصصاً، وأصبحت معظم المشاريع تتطلب مشاركة من أقسام متعددة ذات أولويات متعددة. ونتيجة لذلك، تباطأت سرعتنا وتقدمنا، لكن لم يستغرق الأمر الكثير من الوقت لأفهم السببب بالضبط.

أصبحت أكبر عقبة أمامنا واضحة لي خلال محادثة روتينية مع زميلين من الفريقين القانوني والمالي بشركتنا. كنا نتفاوض بخصوص شراكة مع شركة أخرى، وطلبت معرفة آخر المستجدات المتعلقة بشروط الصفقة. استفسرت عنها بالفعل عدة مرات عبر البريد الإلكتروني ولكن لم أحصل على إجابة واضحة. لذلك عندما أتيحت الفرصة لثلاثتنا للاجتماع معاً في غرفة واحدة، سألت مباشرة: “ماذا يجري؟ هل وضعنا الصيغة النهائية لشروط الصفقة؟”.

قال أحدهما: “نحن في مفاوضات مع الجانب الآخر، لكننا نتوقع أن نحصل على رد قريباً”.

ومع شعوري بالإحباط بسبب عدم توافر تفاصيل، قلت: “إلى مَن تشير “نحن”؟ لا أفهم مَن يفعل ماذا، على وجه التحديد”.

عمّ الصمت لفترة قصيرة؛ اتضح أن كليهما اعتقد أن الشخص الآخر سيجيب عن سؤالي. طوال فترة العمل على المشروع، أدت رغبتهما في أن يكونا متعاونين إلى الرضوخ لتوجيهات بعضيهما. نتيجة لذلك، تأخر المشروع عن الموعد المقرر لأن أياً منهما لم يشعر أنه المسؤول وحده عن تنفيذه. فغالباً ما كان كل منهما ينتظر رسائل البريد الإلكتروني التي سيرسلها الآخر، ما تسبب في حدوث معوقات وتأخيرات غير ضرورية.

بيَّن لي هذا الموقف بعض الأشياء. أولاً، ما حدث لم يكن خطأهما، بل خطئي؛ لأنني لم أضع بعد نظاماً عملياً للمساءلة. ثانياً، لم تكن هذه المشكلة فريدة من نوعها، بل كانت تحدث بمئات الطرق في مختلف أقسام الشركة.

لإتمام الشراكة، كلفت أحد الموظفَين بأن يكون مسؤولاً وحده عن إتمامها. وأتممنا الصفقة خلال الأسبوع. وأصبحنا نستخدم نهج المساءلة الفردية منذ ذلك الحين.

كيف يعمل نهج المساءلة الفردية؟

لكل مشروع يتطلب التعاون بين عدة فِرق، نكلف شخصاً واحداً بتطبيق نهج المساءلة الفردية، ونطلق عليه “مسؤول المساءلة الفردية”، بحيث يكون مسؤولاً عن الدفع بالمشاريع إلى الأمام، وإزالة الحواجز، وتوضيح أي التباس، وتفويض المهام وحل المشكلات. وليس عليه بالطبع القيام بالمشروع بأكمله بنفسه، لكن يجب أن يتأكد من إنجازه وأن مسؤوليات الجميع واضحة. وعندما يحتاج أي شخص إلى معرفة مستجدات حول مشروع ما، فإن مسؤول المساءلة الفردية هو مَن يمكنه وينبغي له الإجابة.

مسؤول المساءلة الفردية الجيد يوضّح دور أي شخص آخر غير متأكد من متطلبات دوره. فهو يساعد الآخرين على التركيز، لأن الجميع يعلم أن مَن يضطلع بهذا الدور يصبح مهووساً بالتقدم والنجاح في هذا المشروع بأكمله، لذلك لا داعي لقلقهم حيال المشروع. ومن خلال علمه بكل خطوة من خطوات المشروع على الدوام، يمكنه تحديد الأنماط وتقديم رؤى حول ما ينجح وكيفية تحسين العملية في المستقبل.

ما الذي يميز نظام المساءلة هذا عن غيره؟

على عكس مدير المشروع، فإن مسؤول المساءلة الفردية ليس مسمى وظيفياً أو دوراً وظيفياً طويل الأجل، ولكن عندما يكون هناك مشروع أو مبادرة جديدة لا تتلاءم تماماً مع مهام أي قسم أو وصف وظيفي حالي، فإننا نعين مسؤول مساءلة فردية لدفع عجلة التقدم في هذا المشروع حتى الانتهاء منه. وعلى عكس الأدوار المعنية بإدارة حسابات العملاء أو نجاح تجربة العملاء، فإن لمسؤولي المساءلة الفردية صلاحية إجراء كل ما يلزم لإنجاز المشروع. لا تتمثل مهمة مسؤول المساءلة الفردية في امتصاص استياء العميل وتوصيله داخلياً، بل في تحقيق النتائج، ويُتوقع منه توفير الموارد التي يحتاج إليها للقيام بذلك. كما أن هذا الدور يتغير من مشروع إلى مشروع ومن مبادرة إلى مبادرة، بحسب الاحتياجات المحددة.

ربما يكون دور مسؤول المساءلة الفردية هو الأقرب إلى دور “المسؤول” في “مصفوفة توزيع المسؤوليات” أو “مصفوفة راسي” (RACI matrix)، وهي إطار عمل لإدارة المشاريع مصمم للمساعدة في توضيح الأدوار والمسؤوليات، ولكنه أبسط وأكثر وضوحاً، ما يزيد من احتمالية انتشار هذه الممارسة بشكل طبيعي في مؤسستك.

5 عوامل رئيسية لنهج المساءلة الفردية

في حين أنه من السهل فهم الفكرة الأساسية لهذا النهج، فقد تعلمنا عدداً من الدروس على مر السنين حول متى وكيف يمكن الاستفادة من دور مسؤول المساءلة الفردية على أفضل وجه.

1- تحتاج المبادرات المشتركة بين الفِرق إلى مسؤول مساءلة فردية. على سبيل المثال، في كل مرة نفتح فيها فرعاً لشركة “كومباس” في مدينة جديدة، نعين مسؤول مساءلة فردية للإشراف على هذا التوسع. إذ تتطلب مثل هذه التوسعات تعاوناً وثيقاً بين 6 أقسام تقريباً، ما يجعل دور مسؤول المساءلة الفردية ضرورياً.

2- تحتاج المشاريع الجديدة والفريدة من نوعها إلى مسؤول مساءلة فردية. في المرة الأولى التي أعلنا فيها عن الأرباح ربع السنوية كشركة عامة، علمنا أننا سنواجه عقبات في العمليات وتحديات في التواصل لأننا لم نحقق ذلك من قبل. كان من الواضح أن مسؤول المساءلة الفردية يجب أن يكون هو رئيس قسم العلاقات مع المستثمرين. وفي هذه الحالة، قرر مسؤول المساءلة الفردية للمبادرة الشاملة تعيين مسؤولي مساءلة فردية فرعيين لكل مقياس رئيسي كان علينا تقديم تقارير بشأنه.

3- يجب تمكين مسؤولي المساءلة الفردية. في سياقات كثيرة للغاية، يفتقر مدراء المشاريع إلى السلطة التي يحتاجون إليها لإنجاز المشاريع في المواعيد المحددة وتحقيق النتائج المرجوة. لذا، لتحقيق النجاح يجب أن يكون مسؤول المساءلة الفردية قادراً على إسناد العمل لمتعاونين ليس لديه سلطة إدارية عليهم، وأن يطلب موارد من الإدارة للبقاء على المسار الصحيح. والطبيعة الخاصة لهذا الدور تساعد في هذا السياق؛ إذ يمكن لأي شخص أن يصبح مسؤول مساءلة فردية. وبالتالي يمكنك أن تأخذ التسلسلات الهرمية الحالية في الاعتبار عند تعيين مسؤولي مساءلة فردية للمشاريع المهمة للغاية، مع تمكين هؤلاء المسؤولين بحيث يمتلكون صلاحيات في السياق الخاص بكل مشروع.

4- يجب أن يكون مسؤول المساءلة الفردية محاوراً رائعاً، ولا يلزم أن يكون خبيراً. المهارة الأكثر أهمية التي يجب أن يمتلكها مسؤول المساءلة الفردية هي القدرة على جمع معلومات متباينة وتوضيح ما يسير على ما يرام، وما هو غير ذلك، وما يحتاج إليه من كل شخص لتحقيق هدف المشروع.

5- لا تتأخر في تعيين مسؤول مساءلة فردية. إذا أدركت في مرحلة ما في أي مشروع أنه كان يجب تعيين مسؤول مساءلة فردية لهذا المشروع، فقد تأخرت بالفعل. ففي هذه المرحلة، من المحتمل أن يكون الجهد المبذول متأخراً عن الجدول الزمني المقرر بالفعل مع الغرق في حالة من الارتباك والإحباط، ما يجعل من الصعب للغاية إثارة حماس أي شخص لتولي دور مسؤول المساءلة الفردية. هناك قاعدة عامة مفيدة: إذا كنت تعتقد أن أحد المشاريع قديحتاج إلى مسؤول مساءلة فردية، فهو بالتأكيد يحتاج إلى مَن يتولى هذا الدور.

لا أحد ينجح بمفرده،في الحياة الشخصية أو في العمل؛ فالتعاون أمر أساسي لإحراز تقدم. ولكن من الصعب حتى على الأشخاص الأكثر تعاوناً العمل معاً بفعالية إذا كانوا لا يفهمون مَن الذي يتحمل المسؤولية الكاملة. يساعد نهج المساءلة الفردية على تسريع خطى التقدم، والحد من حالات الالتباس، وتيسير التعاون الفعال. قد لا يؤدي تطبيق نهج المساءلة الفردية إلى حل جميع مشكلاتك، ولكنه يتيح للجميع استغلال مواطن قوتهم وتحقيق النتائج المرجوة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .