كيف تهيئ مشروع الذكاء الاصطناعي للنجاح؟

6 دقائق
مشروع الذكاء الاصطناعي
أندريه أونوفرينكو/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يستلزم اختيار مشروع الذكاء الاصطناعي المناسب ضرورة فهم كيفية عمل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؛ أي ما تجيد فعله وما لا تجيد فعله. وقد التقت أسرة “هارفارد بزنس ريفيو” ماركو كاسالاينا، رئيس “مشروع آينشتاين” بشركة “سيلز فورس” (Salesforce)، الذي شرح المكونات الأساسية لمشروع الذكاء الاصطناعي الجيد والأسئلة التي يجدر بالقادة طرحها على أنفسهم قبل استثمار الوقت والموارد في مشروع ذكاء اصطناعي جديد. ويجادل بأن السؤال الأهم هو: “هل يستطيع الإنسان فعل ذلك؟”.

 

غالباً ما يعني اختيار مشروع الذكاء الاصطناعي المناسب لشركتك وجود المكونات الصحيحة ومعرفة كيفية دمجها معاً بالطريقة الصحيحة. وتعتبر هذه، على الأقل، طريقة ماركو كاسالاينا المفضَّلة للتفكير في الأمر بشركة “سيلز فورس”. حيث يشرف خبير الذكاء الاصطناعي وعالم البيانات المتمرس على “مشروع آينشتاين”، وهو مشروع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يتبع شركة “سيلز فورس“، وقد صنع كاسالاينا لنفسه اسماً لامعاً في هذا المجال من خلال جعل التكنولوجيات الناشئة أكثر سهولة والوصول إليها ميسوراً للجميع. ويعمل كاسالاينا من خلال مشروع “آينشتاين” على مساعدة عملاء “سيلز فورس”، بدايةً من الشركات الصغيرة وصولاً إلى المؤسسات غير الربحية مروراً بالشركات المدرجة على قائمة “فورتشن 50″، على إدراك كافة مزايا الذكاء الاصطناعي. وقد التقت أسرة “هارفارد بزنس ريفيو” ماركو كاسالاينا، لسؤاله عن أسباب نجاح مشاريع الذكاء الاصطناعي، وكيفية التواصل كعالم بيانات، والسؤال الوحيد الذي يتعيّن عليك طرحه قبل إطلاق برنامج تجريبي للذكاء الاصطناعي.

أنت تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي منذ فترة طويلة. وقد عملت لدى شركة “سيلز فورس” قبل سنوات، ثم عملت في شركات أخرى، والآن عدت لتتولى قيادة الشركة. فكيف تصف المهمات المنوطة بك في هذا العمل؟

أعمل على إدخال تكنولوجيا تعلم الآلة في كافة الأشياء التي يستخدمها الناس يومياً، وأفعل ذلك بطريقة تتماشى مع حدسهم. تكمن مشكلة تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي، وهما وجهان لعملة واحدة، في أن معظم الناس لا يعرفون المعنى الحقيقي لأي منهما. وغالباً ما تكون لديهم فكرة كبيرة عما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال. وبالطبع، فإن الذكاء الاصطناعي عُرضة للتغيُّر الدائم، وهو اختراع رائع، لكن قدراته محدودة. فهو ليس اختراعاً لا يُقهَر.

توضح النقطة التي أثرتها حول هيمنة الخيال كثيراً من المشكلات التي تواجهها الشركات مع الذكاء الاصطناعي. لذا، عندما تفكر في أنواع المشاكل التي يجيد الذكاء الاصطناعي حلها، ما الذي يخطر على بالك؟

عندما أتحدث إلى العملاء، أحب تقسيم الذكاء الاصطناعي إلى مكوّنات. وإذا فكرت في إعداد وجبة تاكو، فسأجد أنها تتكوّن من 6 مكونات رئيسية: اللحوم والجبن والطماطم والفاصولياء والخس وخبز التورتيلا. ولا تختلف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي عن ذلك في شيء: فهناك قائمة بأشياء معينة يمكنها فعلها. وعندما تكون لديك فكرة عن ماهية هذه الأشياء، فسوف تتكوّن لديك فكرة عن قدراتها الحقيقية.

يساورني الفضول! إذاً، ما هي مكونات الذكاء الاصطناعي؟

يتمثّل المكون الأول في أسئلة “نعم” و”لا”. إذا أرسلت لك بريداً إلكترونياً، فهل ستفتحه أو لا؟ تعرّفك هذه الأسئلة على احتمالية حدوث شيء ما من عدمه. ونستطيع تحقيق الكثير من الفوائد من أسئلة “نعم” أو “لا”. ويمكن تشبيهها بالجبن من حيث دخوله في كل المأكولات تقريباً.

ويتمثّل المكون الثاني في التنبؤ الرقمي. كم عدد الأيام التي تستغرقها لدفع فاتورتك؟ كم سأستغرق من الوقت لإصلاح ثلاجة هذا الشخص؟

ثالثاً: لدينا التصنيفات. يمكنني التقاط صورة لهذا الاجتماع الذي نحن فيه الآن وأسأل: “هل هناك أشخاص في هذه الصورة؟”، “كم عدد الأشخاص في هذه الصورة؟”. وهناك أيضاً تصنيفات نصية يمكنك رؤيتها إذا تفاعلت مع روبوت الدردشة (تشات بوت).

أمّا المكوِّن الرابع فهو التحويل. قد يتم هذا التحويل من خلال النسخ الصوتي أو الترجمة. لكنك تضطلع في الأساس بأخذ المعلومات وترجمتها من صيغة إلى أخرى فقط.

أمّا خبز التورتيلا، فإن أردنا التمسك بمثالنا التشبيهي الذي ذكرناه آنفاً، فيتمثّل في القواعد. إذ يعمل كل نظام ذكاء اصطناعي وظيفي موجود في العالم اليوم تقريباً من خلال بعض أنواع القواعد المشفَّرة في النظام. ومن هنا يمكن تشبيه القواعد بخبز التورتيلا من حيث قدرتها على لملمة المكوّنات كما يفعل الخبز بلملمة الحشو.

كيف تطبّق كل هذا بصورة شخصية في عملك بشركة “سيلز فورس”؟ لأنني أعتقد أن الناس غالباً ما يجدون صعوبة في معرفة من أين يبدؤون مشاريع الذكاء الاصطناعي.

الأسئلة التي أطرحها هي: “ما البيانات المتوافرة لدينا؟” و”ما هي المشاكل الملموسة التي يمكنني حلها بها؟”.

منذ أن شغلت هذه الوظيفة في شركة “سيلز فورس”، بدأت بشيء يتتبعه كل مندوب مبيعات كجزء طبيعي من وظيفته، ألا وهو تصنيف العملاء المحتملين من خلال إعطاء كلٍّ منهم درجة تصف احتمالية إتمامه للصفقة.

وتشكّل مثل هذه البيانات مصدراً رئيسياً للحقيقة يمكن من خلاله تطوير مشروع قائم على الذكاء الاصطناعي. إذ يريد الناس فعل كافة الأشياء باستخدام قدرات الذكاء الاصطناعي، ولكن إذا لم تكن لديك البيانات اللازمة، فأنت تواجه مشكلة.

للوصول إلى المرحلة التالية من هذا الأمر، فلنتحدث عن دورة حياة العثور على مشروع وتنفيذه. ما هي الأسئلة التي تجد نفسك تطرحها عند التفكير في كيفية الانتقال من النسخة التجريبية إلى طرح المُنتَج في الأسواق؟

ما المشكلة التي تحاول حلها؟ هذا هو السؤال الأول الذي يجب عليك الإجابة عنه. هل أحاول إعطاء الأولوية لوقت الأفراد؟ هل أحاول أتمتة شيء جديد؟ ثم تؤكد أنك تمتلك البيانات الخاصة بهذا المشروع، أو أنك تستطيع الحصول عليها.

والسؤال التالي الذي يجب أن تطرحه هو: هل هذا هدف معقول؟ إذا كنت تقول: “أريد أتمتة 100% من استفسارات خدمة العملاء”، فلن يحدث ذلك. وسيكون مصيرك الفشل المحتوم. لكن إذا كانت 25% من استفسارات خدمة العملاء عبارة عن طلبات لإعادة تعيين كلمة المرور، وتريد أتمتة هذه الجزئية وتخليص وكلائك من تبعاتها، فإن هذا يعتبر هدفاً معقولاً.

هناك سؤال آخر: هل يستطيع الإنسان فعل ذلك؟ لا يستطيع الذكاء الاصطناعي فعل أي شيء لا يستطيع البشر فعله في معظم الأحيان.

لنفترض أنك تمثل شركة تأمين وتريد استخدام صورة لسيارة منبعجة الهيكل لمعرفة تكلفة إصلاحها. وإذا كنت تتوقع أن يتمكن أحد فنّيي الصيانة بإحدى ورش السمكرة من إلقاء نظرة على الصورة ويقول إن إصلاح هذا الانبعاج سيتكلف 1,500 دولار، فيمكنك على الأرجح تدريب الذكاء الاصطناعي لفعل ذلك أيضاً. وإذا لم يتمكن العنصر البشري من ذلك، حسناً، فربما لا يستطيع الذكاء الاصطناعي فعله أيضاً.

ما هي المدة التي تريد أن تقضيها في المرحلة التجريبية؟ لأن الكثير مما تفعله، يحاول الآخرون فعله أيضاً.

غالباً ما تستغرق مشاريع الذكاء الاصطناعي فترات تجريبية طويلة بشكل قد يبعث على القلق، ويجب أن تستغرق كل هذا الوقت. وهناك سببان لذلك:

أولاً: لتحديد ما إذا كانت هذه المشاريع تسير فعلياً بالطريقة التي ينبغي أن تسير بها. هل يثق بها الناس؟ وهل أثبتت قدرتها على حل المشكلة المعنية بصورة ملائمة؟ فمن ناحية، هناك أشياء مثل التشخيص الطبي القائم على الذكاء الاصطناعي الذي قد يكون له أثر كبير على حياة أحدهم. ومن الأفضل أن تخبرني لماذا تعتقد أنني مصاب بالسرطان، أليس كذلك؟ ولكن إذا أوصت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بفيلم لا أحبه، فلن أهتم حقاً بسبب إخباري بذلك. ويقع الكثير من مشاكل العمل في موضع ما بينهما. وتحتاج إلى مشاركة شرح وافٍ حتى يثق المستخدمون بهذه التكنولوجيا. وتحتاج إلى هذه الفترة التجريبية للتحقق من فهم المستخدمين لها.

ثانياً: لا بد من قياس القيمة التي تضيفها حلول الذكاء الاصطناعي مقارنة بنقطة البداية الممثلة في التفاعل البشري. ولك أن تنظر مثلاً إلى أتمتة استفسارات خدمة العملاء. بالنسبة للعملاء الذين يستخدمون روبوت الدردشة (تشات بوت)، كم منهم يجيب فعلياً عن الأسئلة الصحيحة؟ وإذا استخدمتُ روبوت الدردشة (تشات بوت) في دائرة إدارة المركبات، وقلتُ له: “لقد فقدت رخصتي” فردّ عليّ: “املأ هذا النموذج وستحصل على بدل فاقد”، حسناً، هذا ما كنت أطلبه. ولكن إذا لم يتمكن روبوت الدردشة (تشات بوت) من الإجابة عن أسئلة عملائك، فسوف ينتهي بك الأمر إلى إصابة عملائك بالإحباط وكراهيتهم لروبوت الدردشة وينتهي بهم المطاف بتفضيل التحدث إلى إنسان في كل الأحوال.

لنتريث لحظة هنا، فقد عملتَ في هذه الوظيفة لبضع سنوات حتى الآن. فما أهم الأشياء التي تعلمتها خلال تلك المدة؟

لقد تعلمنا كيفية العثور على مجموعات البيانات واستخدامها لحل المشكلات. وها نحن الآن نساعد الأشخاص على فهم كيفية استخدام البيانات التي يُغذون بها أنظمة عملهم، فقط من خلال أداء وظائفهم، لتطوير تعلم الآلة الذي يساعدهم على حل المشكلات بشكل أكثر كفاءة. لكننا تعلمنا أيضاً مدى أهمية الدور الذي يلعبه الحدس في هذه العملية.

ماذا يعني ذلك؟

لقد طرحنا منتجاً يسمى “آينشتاين لبناء التوقعات” منذ حوالي عامين. ويستخدمه الكثير من العملاء الآن، ولكن لم يتم تبنيه بالسرعة نفسها التي جرى بها تبني بعض الخدمات ذات الطبيعة الأسهل، مثل تحديد العميل المحتمل.

تتيح لك أداة “آينشتاين لبناء التوقعات” إمكانية التوصل إلى توقع مخصص يجيب عن أسئلة، مثل: “هل سيدفع عميلي فاتورته متأخراً أو لا؟”. لقد أدركنا أن الوصول إلى هذا التوقع يوجب على الأفراد تنفيذ ما يشبه القفزة الذهنية: أود أن أعرف إجابة هذا السؤال، لذلك أريد أن أتنبأ بذلك.

كان ذلك صعباً على الكثير من العملاء. وقد صار لدينا الآن مُنتَج جديد باسم “مُنشئ التوصيات”. وهو مُنتَج أوضح وأسهل من سابقه، لأننا نقدم أيضاً نظاماً نموذجياً. على سبيل المثال: سيوصي المُنتَج بقطع الغيار التي يجب تحميلها على الشاحنة عند إرسال مندوب شركة الصيانة لإصلاح ثلاجة. أي سنقود الحصان إلى الماء من منظور “سيلز فورس”، وذلك من خلال أتمتة هذه الخطوة والعمل مع العملاء لفهم الجوانب التي قد يحتاجون إليها في السيناريوهات التي قد يواجهونها.

وبصفتنا علماء بيانات في مجال الذكاء الاصطناعي، فإننا نميل إلى التفكير في الخوارزميات، أو ربما على مستوى أعلى قليلاً من الفكر التجريدي. لقد تعلمت أننا بحاجة حقيقية إلى الغوص في أذهان عملائنا وصياغة حل المشكلة بطريقة يفهمونها. لذا، فإنني لا أقدم توصية فحسب، إنما أوصي تحديداً بالجزء الذي يرتبط بالمشروع، ولا أكتفي بالتنبؤ فقط، بل أجيب عن السؤال التالي بالتحديد: هل ستدفع فاتورتك أو لا؟

وبعد ذلك عليك أن تقرر، إذا توقعت هذا التوقع، فسأعطيك احتمالية أن يدفع الرجل فاتورته متأخراً، فماذا سنفعل حيال ذلك؟

وإذا كنت تتحدث إلى القادة الذين يفكرون في هذا الأمر، فيبدو أن جزءاً مما تتحدث عنه هو الحاجة إلى الواقعية عند التفكير في المشكلات التي يجب أن تحاول حلها باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والأدوات المتوافرة بين يديك التي يمكن أن تساعدك على فعل ذلك.

حسناً، وهذا يعيدنا إلى السؤال الأساسي: هل يستطيع الإنسان فعل ذلك؟ إذا كان يستطيع فعله، فربما يكون الذكاء الاصطناعي طريقة رائعة لإخراج لتخليص الإنسان من تبعاتها وتفريغه لأشياء أخرى أهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .