كيف تختار مشروع الأتمتة الذكية الملائم لشركتك؟

5 دقائق
التشغيل الآلي الذكي
ميراج سي/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: التشغيل الآلي الذكي أو الأتمتة الذكية هو المجال الأسرع نمواً من مجالات الاستثمارات التكنولوجية في الشركات. إمكانية تعزيز الأداء في الشركات الاعتيادية بواسطة أدوات التشغيل الآلي واسعة وعميقة، غير أن الشركات التي تبحث عن المجالات التي يمكن تطبيق هذه الأدوات فيها تقع بمزلقين شائعين: السعي لتحقيق مكاسب سهلة وسريعة ليس لها أثر كبير، أو محاولة تنفيذ مشاريع ضخمة وطموحة لها فوائد استراتيجية مهمة، في حين أن عليها التركيز على خيار ثالث؛ المشاريع التي تبني قدراتها.

 

كلما اجتاحت موجة تكنولوجية جديدة المشهد واجه المدراء نفس الأسئلة: من أين نبدأ بتطبيقها؟ هل نسعى لجني “الثمار الدانية” التي ستولّد مكاسب سريعة وتثبت جدوى مشاريع طموحة أكثر؟ أو نسارع في توجيه التركيز الاستراتيجي على مجالات تطبيق التكنولوجيا التي تمنحنا ميزة حاسمة نتفوق بها على منافسينا؟

والآن مع وصول مجموعة الحلول التكنولوجية الثورية التي تستخدم في تشغيل العمل المعرفي آلياً، وخصوصاً الذكاء الاصطناعي، نرى أن الفِرق القيادية ذات المستوى الرفيع في المؤسسات تتعثر بهذه الأسئلة. أصبح التشغيل الآلي الذكي أو الأتمتة الذكية (وهو مصطلح شائع في أتمتة العمليات الروبوتية وتعلم الآلة والذكاء الاصطناعي في المؤسسات)، قادراً على تحقيق مستويات غير مسبوقة من السرعة والدقة والقدرة على تمييز الأنماط في إجراءات العمل التي تستدعي فهم المعلومات بصورة روتينية، مثل طرح أسئلة العملاء والامتثال للقوانين الحكومية وكشف عمليات الاحتيال والهجمات السيبرانية. ولأن ذلك يصف جزءاً كبيراً من الأنشطة في أماكن العمل الحديثة، فالنقاشات حول مكان البدء وطريقة المتابعة تختلف عن الأسئلة المطروحة بشأن أنواع التكنولوجيا الأخرى، ولم يعد بالإمكان تطبيق نفس الأجوبة القديمة.

إمكانية تعزيز الأداء في الشركات الاعتيادية بواسطة أدوات التشغيل الآلي واسعة وعميقة، في إحدى الشركات التي نعرفها تم تشكيل فريق لفحص جميع العمليات وتحديد المجالات التي يعاني فيها الموظفون من العمل المتكرر الذي يستهلك الوقت ويحتاج إلى معالجة المعلومات، ثم ترشيح المهام التي يمكن تشغيلها آلياً. ضمت القائمة مئات المهام التي يمكن للآلة الذكية تنفيذها من أجل إفساح المجال لإبداع الموظفين أو زيادة سرعة صنع القرارات أو تحسين الدقة أو تعزيز الخدمة المقدمة للعملاء.

كما توفرت حوافز تنافسية؛ وبسببها تستثمر الشركات في هذه الأدوات بمعدلات عالية، تقول شركة “غارتنر” إن التشغيل الآلي الذكي هو المجال الأسرع نمواً في استثمارات الشركات في التكنولوجيا، كما شكلت الجائحة دفعة قوية أسهمت بتقدمه أكثر إذ اضطرت الشركات إلى التوصل لطرق جديدة لتنفيذ إجراءات المهام الأساسية.

سواء كانت شركتك مدفوعة بالفرص أو بالضغط التنافسي، فعلى الأرجح أنها ستستعمل التشغيل الآلي الذكي قريباً في عدد كبير جداً من تفاصيل عملياتها. إذن، من أين يجب أن تبدأ؟

بدلاً من وضع أهدافك ضمن إطار الانتصارات السريعة (التي لن يكون لها أي تأثير يذكر) أو التطبيقات الاستراتيجية الرئيسة (التي تتطلب مهارات وأسس لا تملكها بعد)، ركز على التقدم الذي ستحققه خطواتك الأولى في بناء قدرات مؤسستك؛ لا شك في أنك ستنفذ مئات المشاريع على أي حال، ولذا يجب أن ترتبها بالتسلسل على نحو يتيح للمشاريع الأولى بناء مواهب الذكاء الاصطناعي وإعداد بنية تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التحتية الضرورية للمشاريع التي ستنفذها بعد ذلك.

ضع خطة للهدف الذي تود الوصول إليه

بناء القدرات هو تطوير قدرة الشركة على حل فئة من المشكلات التي ستواجهها باستمرار في المستقبل، وهو تحدّ ربما كنت قد تمكنت من تجاوزه في حقول أخرى. في المجالات المختلفة بدءاً من وضع الاستراتيجية وصولاً إلى إدارة المشاريع، تدرك الفرق أنه بإمكانها، ويجدر بها، تحسين أدائها عن طريق التعلم من التجارب. ونظراً لضرورة إتقان بعض الأساسيات قبل التقدم نحو مستوى أعلى من القدرات (من الطبيعي أن تتعلم المشي قبل أن تتمكن من الجري) تتلقى هذه الفرق التوجيهات مما يسمى “نموذج النضج” الذي يضعه الخبراء الذين راقبوا الآخرين وهم يخوضون نفس العملية. هذا هو النهج المنطقي بما أن موظفيك سيضطرون إلى الارتقاء مرة تلو الأخرى إلى مستوى تحدي تطبيق حلول التشغيل الآلي الذكي، ولكن سيتعين عليك التفكير أكثر في أفضل ترتيب للخطوات.

يحتاج تخطيط هذه الرحلة إلى وضع خطة للطرق التي سيتبعها فريقك أو مؤسستك للانتقال على نحو مدروس من حالة “المستخدم الجديد” إلى حالة “الخبير”.

تتمثل الخطوة الأولى عادة في تقييم القدرات الحالية؛ التحديات التي يعرف أفراد فريقك بالفعل طريقة التغلب عليها ودرجة تطور الأدوات التي يستخدمونها في ذلك. ربما أنك تملك بالفعل مهارات قوية في تحليل البيانات مثلاً، أو شارك بعض موظفيك في تطبيق أتمتة العمليات الروبوتية في مكان آخر.

خطوتك التالية هي تحليل الفجوة؛ تحديد تفاصيل الاختلافات بين قدراتك الحالية ومتطلبات أصعب حلّ يمكنك تصور التعامل معه. قد تكشف هذه العملية أن بنية تكنولوجيا المعلومات الحالية ليست مساوية ببساطة للموجة القادمة من التطبيقات التي ستستدعي التفاعل مع مصادر مختلفة للبيانات، أو أنك ستحتاج إلى عمل تعاوني أكثر فعالية مما سبق بين مطوري البرمجيات والمسؤولين عن إجراءات العمل.

وأخيراً، مع التوضيح الجيد لحالة البدء والحالة النهائية المستهدفة يمكنك تحديد خطوات الرحلة وترتيب المشاريع بالتسلسل حسب التي ستحقق أكبر فائدة في وضع الأسس الرئيسة للمبادرات اللاحقة.

فيما يلي مثال لتوضيح قدرة هذا النهج على المساعدة في اتخاذ خيارات أفضل. في شركة لتصنيع معدات البناء، يرى القادة 3 احتمالات يبدو التشغيل الآلي فيها ممكناً؛ أحدها هو الحل الذي يقدمه أحد الموردين، وهو أداة روبوت الدردشة (تشات بوت) يمكن تطبيقها ببساطة في مكتب دعم تكنولوجيا المعلومات الداخلي وتوقِع أثراً مباشراً على مدة الانتظار وعدد الموظفين. الاحتمال الثاني هو الشؤون المالية، حيث يمكن تعزيز عمليات التنبؤ بعمليات البيع عن طريق النمذجة التنبؤية التي تدعمها القدرة على تمييز الأنماط بالذكاء الاصطناعي. أما الفكرة الثالثة فهي فكرة مهمة؛ إذا تمكنت الشركة من استخدام التشغيل الآلي الذكي لإنشاء بيئة “المعدات المتصلة بالإنترنت” في مواقع عمل العملاء فسينتقل نموذج عملها إلى مسارات تدفق جديدة للإيرادات التي تولدها الخدمات الرقمية مثل مراقبة الآلات والتحكم بها عن بُعد.

إذا كنت ستلجأ لعملية تطبيق سهلة نسبياً وتحقيق عائد سريع على الاستثمار، فالخيار الأول بديهي، أما إذا كنت تسعى للقيام بدعاية كبيرة لرؤية مؤسستك الجديدة الجريئة فالخيار الثالث هو الأنسب، ويمكنك تشكيل فريق من الخبراء أو مؤسسة منفصلة ومنحها صلاحية كاملة لزعزعة الأعمال الحالية. لكن تذكر أن هاتين الطريقتين لا تمهدان الطريق بالفعل كي تتمكن مؤسستك من إدخال التشغيل الآلي الذكي إلى تطبيقات أخرى، إذ إنهما لا تزيدان اهتمام موظفي المؤسسة عموماً بتطبيق التكنولوجيا الذكية في مكان آخر أو فهمهم لها أو قدرتهم على التعامل معها. بعبارة أخرى، لا يؤدي اتباع هاتين الطريقتين إلى تحقيق تقدم على منحنى التعلم باتجاه نضج أكبر في التعامل مع التكنولوجيا.

ولكن الخيار الثاني يحقق هذا التقدّم لأنه يستدعي من الشركة تنظيم جهودها في التعامل مع البيانات؛ فمن دون اتباع استراتيجية بيانات جيدة في الشركة سيفتقر الموظفون في مختلف الأقسام إلى المعايير المشتركة فيما يتعلق بالبيانات التي يجب جمعها وطريقة تنظيمها وتنظيفها وإعدادها للتحليل. هذه قدرة تأسيسية ستضطر الشركة إلى استخدامها في شق طريقها نحو استخدام تعلم الآلة على نطاق واسع. من ناحية بناء القدرات، من السهل رؤية أن التقدم في التعامل مع بيانات الشركة يؤدي إلى إطلاق 10 مشاريع فرضاً يمكن ترتيبها حسب الأولوية وفقاً للقدرات الجديدة التي ستضيفها. يمكن لشركة التصنيع تحديد خريطة طريق توضح أنها بعد 5 أعوام ستجني عائدات المشاريع المحددة وستكون مستعدة أكثر بصورة عامة وعميقة لإجراء مبادرات تحويلية بحق.

لماذا نستعين بالتشغيل الآلي؟

قبل 50 عاماً، عندما ابتكر بيتر دروكر مصطلح “موظفو المعرفة”، أقرّ بأن ظهورهم في الاقتصاد العالمي سيشكل تحدياً للمؤسسات، كتب: “أهم مساهمة يجب على الإدارة القيام بها في القرن الواحد والعشرين هي زيادة إنتاجية العمل المعرفي”. واليوم يوفر التشغيل الآلي الذكي مجموعة أدوات للقيام بذلك، وقد بدأ السباق بالفعل. احرص على تفادي الاندفاع الجنوني الذي يدفع مؤسستك للسعي وراء احتمالات لن تحرز بمجموعها أي تقدم يذكر، واختر مجالات استثمارك في التشغيل الآلي الذكي بحكمة كي تتمكن من بناء القدرات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .