كيف تنتقي أول مشاريعك الخاصة للذكاء الاصطناعي؟

5 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إنّ الذكاء الاصطناعي مؤهل لأن يُحدث تحولاً في جميع الصناعات، بالضبط كما فعلت الكهرباء منذ 100 سنة. وستحقق هذه التقنية نمواً في إجمالي الناتج المحلي يُقدر بـ 13 تريليون دولار بحلول العام 2030، وذلك بحسب ما توصلت إليه شركة ماكنزي، إذ سينبع أغلبه من قطاعات غير قائمة على شبكة الإنترنت، بما في ذلك التصنيع والزراعة والطاقة والخدمات اللوجستية والتعليم. ويقدم صعود نجم الذكاء الاصطناعي فرصة للتنفيذيين في كل صناعة لتمييز أعمالهم والدفاع عنها. غير أنّ تنفيذ استراتيجية ذكاء اصطناعي في شتى جنبات الشركة أمر شاق، لاسيما على المؤسسات القديمة. فكيف تختار مشروعك للذكاء الاصطناعي؟

نصيحتي للتنفيذيين في أي صناعة هي البدء على نطاق محدود. إنّ الخطوة الأولى على درب وضع استراتيجية الذكاء الاصطناعي، والمستخلصة من “دليل التحول باستخدام الذكاء الاصطناعي” (AI Transformation Playbook)، هي انتقاء مشروع إلى مشروعيْن تجريبين للذكاء الاصطناعي على مستوى الشركة. ستساعد هذه المشروعات شركتك على اكتساب الزخم ونيل المعرفة مباشرة بما يتطلبه الأمر لبناء منتج يعمل بالذكاء الاصطناعي.

5 سمات لمشروع الذكاء الاصطناعي التجريبي القوي

يتطلب استغلال قوة تقنيات الذكاء الاصطناعي تخصيصها بما يتماشى مع سياق عملك. والغرض من مشروعك أو مشروعيك التجريبيين هو خلق القيمة نوعاً ما: والأهم من ذلك أن نجاح تلك المشروعات الأولى سيساعد على إقناع أصحاب المصلحة بالاستثمار في بناء قدرات الذكاء الاصطناعي لشركتك.

عندما تدرس مشروعاً تجريبياً للذكاء الاصطناعي، اسأل نفسك الأسئلة التالية:

هل سيضمن المشروع لك مكسباً سريعاً؟

استخدم مشروع الذكاء الاصطناعي التجريبي الأول الخاص بك لدفع عجلة الأمور بأسرع وقت ممكن. واختر المشروعات المبدئية التي يمكن إنجازها بسرعة (بشكل مثالي في غضون فترة تتراوح بين 6 أشهر و12 شهراً)، وتتمتع بفرصة كبيرة للنجاح، واختر مشروعين إلى ثلاثة بحد أقصى لزيادة فرص تحقيق نجاح كبير وحيد على الأقل.

هل المشروع من التفاهة بمكان أم أنه غير عملي بالمرة من حيث الحجم؟

لا ينبغي أن يكون مشروعك التجريبي أعظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي قيمةً طالما أنه يحقق لك مكسباً سريعاً. لكن يتعين أن يكون هادفاً بما يكفي بحيث يقنع نجاحك فيه قادة الشركة الآخرين بالاستثمار في المزيد من مشاريع الذكاء الاصطناعي.

في الأيام الأولى لقيادة فريق “عقل جوجل” (Google Brain)، واجهت تشككاً واسع النطاق داخل شركة جوجل حيال إمكانات التعلم العميق. وكانت تقنية التعرف على الكلام أقل أهمية لجوجل من البحث على الويب والإعلانات، وعليه كلفت فريقي بالتعامل مع فريق التعرف على الكلام باعتباره العميل الداخلي الأول لنا. وبمساعدة فريق التعرف على الكلام على بناء نظام تعرف أدق بكثير من ذي قبل، فقد استطعنا إقناع فرق العمل الأخرى بالإيمان بمشروع “عقل جوجل”. بالنسبة لمشروعنا الثاني، تعاونا مع فريق “خرائط جوجل” فيما يختص بالارتقاء بجودة البيانات. وزاد كل مشروع ناجح من الزخم الدافع لعجلة الأحداث، وأدى مشروع “عقل جوجل” دوراً رائداً في تحويل شركة جوجل إلى شركة الذكاء الاصطناعي التي هي عليها اليوم.

هل مشروعك يختص بمجالك؟

عندما تختار مشروعاً خاصاً بشركتك، يستطيع أصحاب المصلحة بالداخل فهم القيمة المنشودة مباشرة. على سبيل المثال، إذا كنت تُدير إحدى شركات الأجهزة الطبية، فستكتشف أن إقامة مشروع توظيف يعمل بالذكاء الاصطناعي لفرز السير الذاتية تلقائياً فكرة عقيمة لسببين: (1) هناك احتمال كبير أن أحداً غيرك سيبني منصة للتوظيف بواسطة الذكاء الاصطناعي تخدم قاعدة مستخدمين أكبر بكثير، وإما سيتفوق على ما بوسعك إنجازه داخل شركتك أو سيُضعف من موقفك؛ (2) من غير المرجح أن يُقنع هذا المشروع بقية العاملين في شركتك بأن الذكاء الاصطناعي يستحق الاستثمار فيه مقارنة بما إذا كان مشروعك التجريبي يطبق الذكاء الاصطناعي على الأجهزة الطبية. من الأعظم قيمة أن تبني نظاماً للذكاء الاصطناعي يختص بالرعاية الصحية؛ أي شيء يتراوح ما بين تسخير الذكاء الاصطناعي لمساعدة الأطباء على وضع خطط علاجية وتنظيم عملية الدخول للمستشفيات بواسطة الأتمتة، وتقديم استشارات صحية مخصصة.

هل تعمل على تسريع مشروعك التجريبي بالتعاون مع شركاء موثوقين؟

إذا كنت بصدد تشكيل فريق عمل الذكاء الاصطناعي الخاص بك (راجع الخطوة الثانية من دليل التحول باستخدام الذكاء الاصطناعي)، فابحث فكرة التعاون مع شركاء خارجيين لجلب الخبرة بالذكاء الاصطناعي سريعاً. في نهاية المطاف، ستود أن يكون لديك فريق عمل الذكاء الاصطناعي الداخلي الخاص بك. ومع ذلك، فانتظار تشكيل فريق عمل قبل التنفيذ قد يكون إجراء بطيئاً جداً مقارنة بوتيرة صعود نجم تقنية الذكاء الاصطناعي.

هل يخلق مشروعك قيمة؟

أغلب مشاريع الذكاء الاصطناعي تصنع القيمة بإحدى السبل الثلاثة: خفض التكاليف (تخلق الأتمتة فرصاً لخفض التكلفة في جميع الصناعات تقريباً) أو زيادة الإيرادات (تزيد نظم التوصية والتنبؤ من المبيعات والكفاءة) أو إطلاق خطوط عمل جديدة (يمكّن الذكاء الاصطناعي من إقامة مشروعات جديدة لم تكن ممكنة من قبل).

يمكنك خلق القيمة حتى بدون “البيانات الضخمة” المبالغ في الترويج لها. فبعض الشركات، كتلك التي تعمل في مجال البحث على الويب، تمتلك منحنى طويلاً من الاستفسارات، وبالتالي فإنّ محركات البحث التي تمتلك بيانات أكثر تؤدي بشكل أفضل فعلاً. ومع ذلك، لا تمتلك جميع الشركات هذا الكم من البيانات، وربما كان في الإمكان بناء نظام قَيم يعمل بالذكاء الاصطناعي بسجلات بيانات تتراوح بين 100 و1,000 سجل بحد أدنى (ولو أنه لا ضير في المزيد). لا يقع اختيارك على مشاريع لمجرد أن لديك كماً كبيراً من البيانات في الصناعة “س” وتظن أن فريق الذكاء الاصطناعي سيستنبط كيفية تحويل تلك البيانات إلى قيمة. فمثل هذه المشروعات تبوء بالفشل. ومن الأهمية بمكان وضع أطروحة مسبقاً بخصوص كيفية خلق القيمة من نظام الذكاء الاصطناعي.

إعداد مشروع الذكاء الاصطناعي بما يضمن له النجاح

كيف تبدو هذه السمات إذاً على أرض الواقع؟

إن الذكاء الاصطناعي أتمتة تتعاطى منشطات. ويكمن المصدر الغني لأفكار مشروعات الذكاء الاصطناعي في أتمتة المهام التي يضطلع بها البشر في عصرنا الحالي باستخدام تقنية تُعرف باسم “التعلم بالإشراف”. سوف تجد الذكاء الاصطناعي بارعاً في أتمتة المهام لا الوظائف نفسها. حاول أن تحدد المهام التي يقوم بها الموظفون، وتحقق مما إذا كان في الإمكان أتمتتها. على سبيل المثال، قد تشتمل المهام التي تنطوي عليها وظيفة أخصائي الأشعة على قراءة صور الأشعة السينية، وتشغيل أجهزة التصوير الإشعاعي والتشاور مع الزملاء وتخطيط العمليات الجراحية.

إنني أوصي ببيان التسلسل الزمني والمحصلة النهائية بوضوح، وتخصيص ميزانية معقولة لفريق العمل، قبل البدء بتنفيذ مشروع ذكاء اصطناعي تجريبي.

عين قائداً للمشروع

اختر شخصاً بوسعه العمل في وظائف متعددة وبناء جسور بين تقنية الذكاء الاصطناعي وخبراء المجال في صناعتك. سيضمن هذا أنه عندما ينجح المشروع سيكون له أثر على بقية المؤسسة. وهدف هذا القائد ليس بناء شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، وإنما إقامة مشروع ناجح سيكون له أثر على معتقدات بقية الشركة وحالة المعرفة بالذكاء الاصطناعي كخطوة أولى نحو إقامة مشروعات مستقبلية.

قم بإجراء تحليل القيمة التجارية والعناية الفنية

حال تنفيذ المشروع بشكل ناجح، احرص على أن يتفق قادة العمل على أن هذا المشروع سيخلق قيمة كافية للشركة. ولكن، احرص أيضاً على أن يكون المشروع قابلاً للتنفيذ. قد تستغرق العناية الفنية بضعة أسابيع، حيث تتطلب فحص الفريق الفني للبيانات التي بين يديك، وربما إجراء تجارب محدودة النطاق.

شكل فريقاً صغيراً

 لقد شهدت العديد من الأفكار التجريبية التي وضعتها موضع التنفيذ فرق عمل قوامها ما بين خمسة أشخاص وخمسة عشر شخصاً. وتباين المستوى المحدد للموارد تبايناً شاسعاً مع كل مشروع، غير أن تحديد نطاقات المشاريع التي يمكن تنفيذها بفريق صغير يضمن معرفة كل شخص بالآخرين والعمل عبر مختلف الوظائف، وربما قد يجعل تخصيص الموارد أيضاً أقل عناء ومشقة. وعلى الرغم من أن ثمة مشاريع في يومنا هذا تتطلب أكثر من 100 مهندس (أو حتى أكثر من 1000) لتنفيذها ببراعة، فإن هذا المستوى العالي من تخصيص الموارد من الأرجح ألا يكون ضرورياً لمشروع الذكاء الاصطناعي التجريبي الخاص بك.

تواصل

 عندما يصل مشروعك التجريبي إلى مواعيده المرحلية الهامة، وخاصة عندما يحقق نتيجة ناجحة، احرص على إتاحة منصة داخلية لفريق العمل – تجمع ما بين المحادثات والمكافآت وحتى العلاقات العامة الخارجية – للسماح بنشر عملهم داخل الشركة. وسيكون حرص الرئيس التنفيذي على تقدير فريق عمل المشروع ونجاحه النجاح المشهود جزءاً محورياً من بناء الزخم. إذا كان لديك فريق متخصص في تقنية الذكاء الاصطناعي يتعاون مع فريق الأعمال، فاحرص على أن ينال فريق الأعمال الكثير من التقدير والمكافآت على النجاح. فهذا من شأنه تشجيع فرق الأعمال الأخرى على المسارعة بتبني تقنية الذكاء الاصطناعي أيضاً.

بعدما قُدت مشروع “عقل جوجل” ومجموعة الذكاء الاصطناعي لشركة بايدو اللذين كانا على الترتيب القوتين الدافعتين لتحويل جوجل وبايدو إلى شركتين عظيمتين متخصصتين في تقنية الذكاء الاصطناعي، أعتقد أن أغلب الشركات يمكنها بل وينبغي عليها أن تصبح بارعة في تقنية الذكاء الاصطناعي. ولا ينبغي أن يكون هدفك التنافس مع شركات الإنترنت الرائدة، وإنما إتقان تقنية الذكاء الاصطناعي في قطاع صناعتك المتخصصة. وتذكّر أن الخطوة الأولى تكمن في معرفة كيف تختار مشروعك للذكاء الاصطناعي، وفي اختيار المشروعات التجريبية الصحيحة وتنفيذها.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .