كيفية الاستفادة من جميع مزايا الابتكار المفتوح

18 دقيقة
shutterstock.com/ESB Professional
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع هنري تشسبرو، وهو أستاذ مساعد في “كلية هاس للأعمال” (Haas School of Business) بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وهو الذي صاغ مصطلح “الابتكار المفتوح” منذ أكثر من عقد مضى. ومؤلف كتاب “نتائج الابتكار المفتوح: الابتعاد عن الضجيج ومباشرة العمل” (Open Innovation Results: Going Beyond the Hype and Getting Down to Business).

والابتكار المفتوح هو ممارسة تحصل من خلالها على أفكار من خارج مؤسستك وتشارك أبحاثك مع الآخرين. يقول هنري أنه على الرغم من الانتعاش الاقتصادي في وادي السيليكون، لا تنفذ الشركات الابتكار المفتوح كما ينبغي لها أن تنفذه، حيث إنهم لا يتعاونون مع الجهات الخارجية بل يسندون العمل إليها، ونتيجة لذلك يُبتكَر عدد أقل من المنتجات والخدمات الجديدة التي تضيف قيمة.

وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:

النص:

أليسون بيرد: مرحباً بكم في برنامج “آيديا كاست” المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. معكم أليسون بيرد.

منذ عقدين تقريباً، صاغ ضيفنا مصطلح “الابتكار المفتوح”. فقد لاحظ أن المؤسسات والمجتمعات ككل كانت من المرجح بدرجة أكبر أن تنجح إذا اتبعت نهجاً جديداً في البحث والتطوير. فبدلاً من محاولة فعل جميع الأشياء داخل المؤسسة وإبقاء النتائج للمؤسسة، تطلعت إلى العالم الخارجي باحثة عن أفكار ومعلومات جديدة إلى جانب مشاركة ما تعلمته وابتكرته.

وقد أصبحت هذه الممارسة منتشرة الآن. أظهرت دراسة استقصائية أن 78% من الشركات في أميركا الشمالية وأوروبا أصبحت الآن توظف الابتكار المفتوح ولكن هناك مشكلة: بينما يزداد الابتكار بصورة هائلة، وتحديداً في قطاع المنسوجات، ظلت المستويات الأشمل للإنتاجية والدخل راكدة في السنوات الأخيرة. وهذا يرجع إلى أن المؤسسات والحكومات لا تعمل على سد الفجوة بين التنمية والتوزيع واسع النطاق والاستيعاب.

ولهذا يوضح لنا ضيفنا اليوم سبب ذلك وما يمكننا فعله حياله. هنري تشسبرو هو أستاذ مساعد في “كلية هاس للأعمال” بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، ومؤلف كتاب “نتائج الابتكار المفتوح: الابتعاد عن الضجيج ومباشرة العمل”. هنري، شكراً جزيلاً لحضورك معنا.

هنري تشسبرو: شكراً لكم على استضافتي.

أليسون بيرد: حاولت أن أعرّف الابتكار المفتوح في المقدمة ولكنك الخبير هنا، لذا دعنا نستمع إلى وصفك له.

هنري تشسبرو: الابتكار المفتوح هو عملية ابتكار موزعة تنطوي على تدفقات من المعارف عبر حدود المؤسسات لأسباب نقدية ومالية، بما يتوافق مع نموذج عمل المؤسسة.

أليسون بيرد: حسناً، فلتوضح هذا بلغة وعبارات بسيطة.

هنري تشسبرو: الابتكار المفتوح هو النقيض التام للتكامل الرأسي حيثما تفعل كل شيء بنفسك داخل جدرانك الأربعة. فهو عملية تعاونية تنطوي على جلب المعرفة الخارجية لأداء أنشطة الابتكار الخاصة بك مع السماح في الوقت نفسه للأفكار غير المستخدمة في مؤسستك أن تذهب خارجها كي يستخدمها الآخرون في أنشطة الابتكار الخاصة بهم.

أليسون بيرد: وقد صغت هذا المصطلح منذ ما يقرب من 17 عاماً. وكان مقبولاً ومعتمداً على نطاق واسع، ولكنك لم تعد ترى أنه يعمل بصورة جيدة للغاية بعد الآن. إذن ما الذي جرى بشكل خاطئ؟

هنري تشسبرو: على الصعيدين الوطني والدولي نشهد مفارقة حيث إن التقنيات متسارعة ولكن نمو الإنتاجية الاقتصادية متباطئ في الواقع والرواتب تشهد ركوداً. فإذا كانت التقنيات في حالة تسارع وتطور فإننا نتوقع أن نشهد وفرة وتحسناً على صعيد تلك التدابير ولكن هذا لا يحدث. وهذا ما أطلق عليه “المفارقة الأسية”. وأرى أن السبب في أننا لم نشهد ذلك على الصعيدين الوطني والدولي هو أن الدول لا تعمل على صيانة بنيتها التحتية للابتكار والاستثمار فيها. وهو ما لا يقتصر على الخروج بأفكار جديدة ذات صلة بالتقنيات، ولكن أيضاً نشرها واستيعابها. ولكن ما نشهده بدلاً من ذلك هو أن بعض من أفضل المؤسسات تمضي قدماً وتتخذ خطوات متسارعة بشكل رائع للغاية بالفعل. ومن ثم فإن هذه الفجوة تقع بين هذه المؤسسات الأفضل وبقية المؤسسات.

أليسون بيرد: إذن ربما لا يزال الابتكار المفتوح فعالاً، فيما بين جميع شركات وادي السيليكون على سبيل المثال، شريطة ألا يستبعد بعض الشركات من قطاعات محددة، حتى لا يؤثر على قاعدة عريضة من الموظفين والعملاء، إلخ؟ هل تعني ألا يستبعد ذلك شريحة كبيرة من المجتمع؟

هنري تشسبرو: أجل، هذا صحيح. وحتى داخل وادي السيليكون توجد بعض الشركات الرائعة ولكن هناك أيضاً الكثير من السكان بلا مأوى. ونشهد دليلاً على ذلك في حياتنا اليومية إذا تجولنا ببساطة في شوارع سان فرانسيسكو، سنجد أن هناك الكثيرين ممن جرى استبعادهم. ثم سنجد داخل الشركات نقاشاً موازياً جارياً. أعتقد عندما حدثت الأزمة المالية في عامي 2007 و2008، كان الابتكار المفتوح فكرة جديدة للغاية وكان الناس لا يزالون يستكشفونها ويستوعبونها. وقد أجرت عدداً من الشركات تخفيضات كبيرة في أنشطة الابتكار الخاصة بها تحت مسمى الابتكار المفتوح لخفض تكاليفها. وعندما عادت الأسواق إلى نشاطها، فقدت تلك الشركات بعض قدرتها الابتكارية لأنها أجرت تلك التخفيضات. لذا من المثير للسخرية أن الابتكار المفتوح لا يتعلق ببساطة بإسناد العمل على البحث والتطوير في الشركة لجهات خارجية، ولكن الشركات استخدمته على هذا النحو، ما أدى إلى تدمير بنيتها التحتية الخاصة بالابتكار استجابة منها للأزمة المالية.

أليسون بيرد: نرى بالفعل تلك الشركات الكبيرة التي لا تزال تمتلك أقسام وميزانيات ضخمة للبحث والتطوير. ويمكننا أن نعتبر شركات التقنية العملاقة مثالاً بارزاً على ذلك. ولكن كيف يمكن للشركات التي لا تمتلك تلك الثروة أن تبدأ في الاشتراك في هذه العملية أيضاً؟

هنري تشسبرو: من بين الأشياء التي أستمتع بها في الكتاب هي أنني أقلب هذا السؤال. حيث أقول، ما الذي كان يحدث في الفترة ما بعد الحرب الممتدة إلى السبعينيات عندما كانت الإنتاجية الاقتصادية آخذة في النمو بشكل رائع جداً؟ وما أجده هو أننا اعتدنا إجراء بعض الاستثمارات في البنية التحتية للابتكار بداية من قانون “جي آي” (GI Bill) الصادر في عام 1944، الذي وفر التمويل لملايين الأشخاص كي يتمكنوا من الالتحاق بالجامعات للمرة الأولى، إلى بناء نظام الطرق السريعة بين الولايات في الخمسينيات، الذي وسّع بصورة هائلة نطاق شبكة الطرق السريعة، ما أدى بدوره إلى إفساح المجال أمام طائفة واسعة من الأعمال التجارية الجديدة في مجال الخدمات اللوجستية والنقل والتسوق والسياحة وغيرها، وأيضاً ما حدث في الستينيات عندما أُطلق برنامج أبولو بهدف هبوط البشر على سطح القمر، بالإضافة إلى ردود الأفعال تجاه انطلاق وكالة “سبوتنيك” (Sputnik) عندما زدنا من حجم التمويل بدرجة كبيرة لإجراء أبحاث في مجال العلوم الطبيعية والفيزيائية وحتى في العلوم الاجتماعية. فقد فعلنا بعض الأشياء على نطاق واسع للغاية ما أدى إلى تحسين قدرتنا بشكل كبير على الخروج بأفكار جديدة وأيضاً نشر تلك الأفكار على نطاق واسع عبر المجتمع واستيعابها ثم وضعها حيز التنفيذ. وللأسف في الـ 30 أو 35 عاماً الماضية، ابتعدنا نوعاً ما عن هذا الهدف.

أليسون بيرد: تتحدث عن الحلول ذات الصلة بالسياسات العامة الأميركية، إذن ما الذي يمكن للقطاع الخاص فعله لتقديم الدعم؟

هنري تشسبرو: من الأمور التي يمكن للقطاع الخاص فعلها هي تدريب قوة العمل. كانت الشركات تقدم التدريب باعتباره جزءاً عادياً من عملية التعيين. فالأشخاص المنضمين حديثاً لشركة كبيرة قد يحصلون على فترة تنقل بين الأقسام تستمر لثلاثة أو ستة أشهر قبل التعيين الفعلي. أما الشركات الصغيرة فعادة ما توفر التدريب أثناء العمل. وفي هذه الأيام، نظراً إلى وجود مواقع مثل “لينكد إن” وبسبب تحسُّن ممارسات التعيين واستقطاب الموظفين الجدد، أصبحت الكثير من الشركات تسعى إلى تعيين الأشخاص الذين لديهم في الأساس خبرة سابقة في أداء الوظيفة المطلوبة بالفعل. وبالتالي لم يعد التدريب يُقدم بالقدر الذي كان عليه في السابق. وهذا يعني أننا لم نعد ننمي مهارات العاملين لدينا بالطريقة التي اعتدنا أن نفعل بها ذلك من قبل. وفي الواقع هذا يجعل من الصعب على الشركات أن تتبنى التقنيات الجديدة وتنشرها بالسرعة التي اعتادت أن تفعل بها ذلك.

أليسون بيرد: صحيح. أود العودة إلى أساسيات الابتكار المفتوح قليلاً لأنك تطرقت إلى حقيقة أن الكثير من الشركات تمارسه ولكن الكثير منها تركز للغاية على العمل من الخارج إلى الداخل، من خلال دراسة المشهد العام والعمل مع الجامعات والبحث عن الشركات الناشئة، ولكنها لا تبلي بلاءً حسناً فيما يتعلق بالعمل من الداخل إلى الخارج، من خلال أخذ الأشياء التي عملوا عليها ومشاركتها مع بقية العالم. إذن كيف يمكنك مساعدة الشركات على تحقيق هذا التوازن وبدء العمل وفق هذا النهج بفاعلية؟

هنري تشسبرو: للإجابة عن هذا السؤال، سأعطيكِ مثالاً لما لا يحدث. في الصناعات الدوائية، ستصنع أي شركة أدوية كبيرة مئات المركبات لكل عقار تطلقه في السوق. ومن المعتاد أنها ستستخرج براءات اختراع من هذه المئات من العقارات التي تعمل عليها. وهو ما يعني أن لا أحد يمكن أن يستخدم هذا العقار دون الحصول على إذن من الشركة الأولى. شركة “باير” (Bayer) في ألمانيا من بين الشركات التي درستها وهي تمتلك أكثر من 7 آلاف عالم ومهندس في مجال البحث ولديها شخصين بالضبط يعملون على إصدار تراخيص للآخرين كي يستخدموا مركباتهم. في الأعوام الجيدة قد يصدروا ترخيصاً واحداً، وفي الأعوام الأخرى، قد لا يصدروا أي تراخيص. بوجه عام، بالنظر إلى عدد براءات الاختراع التي تمتلكها الشركات، أظهرت معظم الأبحاث أن الأغلبية العظمى من براءات الاختراع تلك لم تُمارَس داخلياً ولا أُصدرَت لها تراخيص خارجياً. لذا فهناك قدر هائل من القدرات والمعارف غير المستغلّة بعد ويمكن إطلاقها إذا استطعنا أن نجد طرقاً لفعل ذلك.

أليسون بيرد: إذن فهذه وظيفة جديدة تماماً يتعين على الشركات التي تمتلك ميزانيات للبحث والتطوير بنائها؟

هنري تشسبرو: أجل. قد تتساءلين لماذا قد تتحمس الشركات لفعل ذلك، وإجابتي هي: عندما تسمح الشركات لهذه الأفكار غير المستخدمة في الانطلاق إلى الخارج، فإنها تتيح للآخرين النظر للتقنية نفسها ولكن بعيون مختلفة ونماذج أعمال مختلفة.  وبالتالي قد يروا أحياناً قيمة في شيء ما لم تر الشركة قيمة فيه، أو طريقة جديدة لاستخدامه بها، أو سوقاً لم تضعها الشركة في الاعتبار لتطبيقه فيها. فهي طريقة للحصول على نموذج عمل مجاني للأبحاث حول الأشياء لا تستخدمها الشركات ولا تستفيد منها. وبذلك يمكنها تصميم تلك الترتيبات للحصول على مساهمة مالية في بعض هذه الأشياء والاستفادة مما تتعلمه فيما يتعلق بنماذج الأعمال التي قد تكون ذات صلة بتقنيات أخرى لا تستخدمها في الوقت الحالي ولكن يمكن أن تستخدمها بهذه الطريقة الجديدة.

أليسون بيرد: صحيح. يبدو صعباً أن تفكر بهذه الطريقة، فنحن نتحدث عن ملكيتك الفكرية وبراءة الاختراع الخاص بك التي ينبغي لك أن تستفيد منها بشكل كامل بدلاً من مشاركة الفوائد المتأتية منها.

هنري تشسبرو: هذا صحيح. وإذا كان الناس يستخدمون براءات الاختراع ويمارسونها لا ينبغي أن أستاء من ذلك على الإطلاق.

أليسون بيرد: وحتى إن كان يبدو أن الشركات تبلي حسناً فيما يتعلق بجلب الأفكار والمعرفة والخبرة الخارجية إلى داخلها، لا يزال هناك عقبات تحديداً أمام البحوث الجامعية والبحوث العلمية، كما أنك تحدثت عن الشركات الناشئة والشركات الممولة عبر رأس المال المغامر (أو ما يسمى برأس المال الجريء). هلا تخبرنا عن بعض هذه المشكلات وكيف يمكن للشركات أن تسد الفجوة بشكل أفضل؟

هنري تشسبرو: لقد أشرتِ إلى مشكلة بالفعل ألا وهي أن الكثير من الأبحاث العظيمة تُجرى في جامعاتنا. ولكن كي نُخرج هذه الأبحاث من الجامعات، ينبغي اتباع عملية ما للاشتراك مع مكتب نقل التكنولوجيا لفعل ذلك. هنا في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، المكتب المعني بنقل التكنولوجيا جيد للغاية ولكنهم لا يحصلون على ما يكفي من التمويل من أي مكان قريب لإجراء البحوث وحماية جميع عمليات الإفصاح عن الاختراعات التي تأتي إليهم من العلماء والمهندسين والأكاديميين العاملين في الجامعة. لذا من المثير للسخرية أن الشركات غالباً ما يتعين عليها تقديم التمويل للسماح للجامعة بتسجيل براءة اختراع لإحدى التقنيات التي تتناقش الشركة فيما بعد مع الجامعة بخصوص منح ترخيص لها لاستخدامها. يمكنكِ رؤية كم أن الأمر معقد ومرهق. هنا في جامعة كاليفورنيا في بيركلي نتبع عملية أفضل حيثما تشترك بعض الشركات فعلياً في العمل مع الجامعة على نطاق واسع على عدد من المشاريع وتقدم تمويلاً كبيراً. ومن بين هذه الشركات شركة “إنتل” التي تجري العديد من البحوث حول أشباه الموصلات مع كلية الهندسة في جامعتنا. ولأن “إنتل” تقدم الكثير من الأموال، وقامت بذلك لفترة طويلة، ولأن هناك عدداً من أشكال التعاون الجاري، وضعت شركة “إنتل” وجامعة كاليفورنيا في بيركلي عملية حيثما يمكن للشركة الحصول على ترخيص غير حصري معفى من الرسوم لعدد من الاكتشافات البحثية التي نتجت من المشاريع التي تعمل عليها. والآن يمكن مشاركة هذه الاكتشافات مع الآخرين أيضاً، بما فيهم المنافسين. ولكن بحصول “إنتل” على هذا الترخيص فإنها ستكون أول مَن اطلع عليها، ويمكن أن تبدأ في العمل عليها وإنتاجها قبل الجميع في الغالب. ولذلك على الرغم من أنها ليست في وضع محمي ببراءات الاختراع، غالباً ما تكون هي أول شركة تستخدم تلك الاكتشافات لأنها تمكنت من التحرك سريعاً والمشاركة في البحوث.  ولهذا فإن شركة “إنتل” تتفهم حقاً الأمر وكيفية سيره. وهذا في اعتقادي مثال جيد على أن الابتكار الجيد يعمل لصالح الجميع بنجاح، لأن استخدامه ليس محظوراً، بل يُستخدم بسرعة أكبر وتستفيد الجامعة من التمويل الذي تقدمه “إنتل” في إجراء الأبحاث التي لولا ذلك لكان تمويلها أكثر صعوبة.

أليسون بيرد: صحيح.

هنري تشسبرو: وهذا أحد العوائق فحسب. بمجرد أن نشارك من خلال الأبحاث، نجد أن هناك ما يشبه وادي الموت يقع بين مرحلة إنجاز المشروع البحثي ومرحلة التسويق التجاري الناجح لنتائج تلك الأبحاث. وهذا يرجع إلى أن التمويل الذي مكّن من إجراء البحث قد أُنفق الآن، ولكن المشروع لا يزال في مرحلة مبكرة للغاية من التطوير. وعلى الرغم من إعداد أوراق بحثية وتقديم عروض تقديمية في المؤتمرات وحتى ربما تسجيل براءات الاختراع أيضاً، لم يكن هناك سوى القليل جداً من التمويل الذي يسمح بوصول هذه التقنية إلى مرحلة الإنتاج على أرض الواقع. لذا فهناك عدد من المخاطر التقنية التي ينبغي معالجتها لتمكين التسويق التجاري.

أليسون بيرد: أليس هذا هو ما يُفترَض أن تشارك فيه الشركات الناشئة وقطاع رأس المال المغامر؟

هنري تشسبرو: نعم هو كذلك، ولكن يصبح السؤال حينها: مَن سيمول هذا؟ تعتقد الكثير من شركات رأس المال المغامر أنه من السابق لأوانه المشاركة في هذا. فلا يزال ذلك صعباً بالنسبة إليهم ويرون أنه شيء غير مجرب أو مؤكد، كما أن معظم صناديق رأس المال المغامر تبلغ فترة وجودها 10 أعوام. وهو ما يعني أن هذه الشركات ترغب في قضاء الخمسة أعوام الأولى في إجراء الاستثمارات والخمسة أعوام التالية في زيادة الاستثمارات الناجحة والبحث عن مخرج. لذلك فيما يتعلق بالمواد الجديدة وعلم المواد على سبيل المثال أو الأنواع الجديدة من تصميمات أشباه الموصلات، فهي أشياء قد تستغرق وقتاً أطول من فترة العشرة أعوام تلك. فإذا كان الأمر يتعلق بتطبيق لهاتفك الذكي، عندئذ لا مشكلة. إذ إن نموذج رأس المال المغامر ينجح بدرجة كبيرة في تمويل مثل هذه الأشياء. ولكن عندما يتعلق الأمر بتحويل العلوم الأساسية إلى منتجات تجارية، حينها يكون الأفق الزمني طويلاً للغاية بالنسبة إلى نموذج رأس المال المغامر.

أليسون بيرد: صحيح. إذن فأنت بحاجة إلى أن تتخذ المؤسسات الكبيرة هذه الخطوة؟

هنري تشسبرو: تُعد المؤسسات الكبيرة مناسبة للغاية لأداء هذا الدور. والأمر نفسه ينطبق على الشركات الناشئة إذا وجدت طريقة تمكّنها من استخدام على الأقل بعض هذه التقنية تجارياً في فترة مبكرة. فإذا تمكنت من الحصول على بعض القيمة، في بعض الأجزاء، يمكنك البدء. وبمجرد البدء، ستزدهر الأشياء في اتجاهات ليس بالضرورة أن تكون قد توقعتها. هناك مثال قديم على ذلك: عندما اختُرع الليزر الصناعي في الخمسينيات والستينيات، كان الناس يستخدمون الفوتونات لتحريك الضوء وفعل أشياء رائعة لم يكن بإمكانهم فعلها من قبل. ولكن كيف يمكن تحويل هذا الاختراع إلى منتج تجاري وما هي التطبيقات التي ستسعى إليها.  ومع الفوائد المتأتية من العديد من محاولات التجربة والخطأ والعمل الجاد، اتضح أن استخدامات الفوتونيات الأكثر ربحية والأكبر عدداً هي الأقراص المدمجة وأقراص الفيديو الرقمية. ويمكنني أن أؤكد لكِ أن العلماء الذين كانوا يعملون على فوتونات أشعة الليزر في معاملهم، لم يكونوا يفكرون في الموسيقى ولا الفيديو، ورغم ذلك كانت هذه التطبيقات هي ثمرة أعمالهم.

أليسون بيرد: بمجرد أن تتبنى شركة ناشئة أو مؤسسة كبيرة فكرة ما أو مشروع بحثي تمتلك الموارد اللازمة لتطويره أو إنتاجه، ما هي العقبات التي لا تزال تظهر قبل مرحلة النشر؟

هنري تشسبرو: نعم، أنتِ محقة. نحن لا نزال في منتصف الطريق. ولم نقترب من نهايته بعد. يتمثل أحد التحديات الشائعة للغاية فيما يتعلق بممارسة الابتكار المفتوح في التعهيد الجماعي حيثما تحاول حل مشكلة صعبة تواجهك من خلال التشاور حولها جماعياً بأن تعرضها على المجتمع عبر أحد المواقع الإلكترونية وتدعو الناس أن يقترحوا لها حلولاً. وعند فعل ذلك، تفكر معظم الشركات في أمور من قبيل: كيف سنصيغ المشكلة؟ وما هو الموقع الإلكتروني الذي ينبغي لنا عرضها من خلاله؟ وما الذي سنفعله عندما نحصل على الإجابات؟ ولكن ما لا يتوقعونه هو عدد الإجابات التي سيحصلون عليها وكم من الوقت سيقضيه التقنيون في تقييم الحلول المقترحة، ثم يتعين التفكير أيضاً في تنظيم عمليات الشراء بأكملها. كيف سنتعامل مع هذا الأمر؟  لدينا الفريق المعني بالعمليات. كيف ستتلاءم جميع الأمور مع بعضها؟ وكيف سيتلاءم الحل المقترح مع الأشياء التي نقوم بها بالفعل؟ وبالنسبة إلى تنظيم الجودة، كيف يمكننا تحقيقه ودعمه في ميدان العمل؟ جميع وظائف الدعم هذه يمكن توسيع نطاقها باستخدام الابتكار المفتوح. وعادة لا تقدم الشركة التي تبحث عن إجابات موارد إضافية لوظائف الدعم هذه. ولهذا قد تصبح بمثابة نقاط اختناق يمكنها تقييد قدرة الشركة على تحويل الحلول الجيدة إلى شيء ما يخلق قيمة فعلياً للشركة في السوق.

أليسون بيرد: كيف يمكن للقادة تجنب نقاط الاختناق؟

هنري تشسبرو: يتعلق جزء من هذا بإدراكهم أنهم لن يحصلوا على جميع مزايا الابتكار المفتوح بلا مقابل، حيث سيتعين عليهن توقّع بعض من قدراتهم وتوسيع نطاقها في هذه الجوانب كي ينجح الأمر. هناك قسم في كتابي يتطرق إلى مشروع التعهيد الجماعي أجرته وكالة ناسا حيثما أجرت تشاوراً جماعياً حول كيفية التنبؤ بالانفجارات الشمسية، وحصلوا من خلاله على إجابة رائعة ساعدتهم بشكل كبير على تحسين كل من دقة التنبؤ والأفق الزمني. وبذلك حصلوا على نوع من التحذير قبل حدوث الانفجار الشمسي. فقد كان حلاً تقنياً رائعاً. ولكن داخل “مركز هيوستن جونسون للمراقبة الفضائية” (Houston Johnson Space Control Center)، الذي كان يستضيف هذا التحدي، كان التقنيون الداخليون مستائين لأن الحل الفائز مصدره متنبئ بالأحوال الجوية. أي أنه لم يدرس هندسة الملاحة الجوية أو علم الفيزياء الفلكية. ولم يحصل على تدريب تقني وليس لديه الخلفية والمعرفة التي يمتلكها العاملين في وكالة ناسا ولكن عليهم تقييم الحل الذي قدّمه. ما جعلهم يستاؤون  لأنهم علماء صواريخ  وأتوا إلى ناسا لحل هذه المشكلات الصعبة، ولكن بدلاً من ذلك طُلب منهم دراسة الحل الذي قدّمه متنبئ بالأحوال الجوية. أدى هذا الأمر حقاً إلى أزمة هوية وقد ورد في بعض الأبحاث التي أجرتها هيلا ليفشيتز عساف في جامعة نيويورك (إن واي يو)، عندما كانت تعمل في جامعة هارفارد تحت إشراف كريم لاخاني. وهي دراسة مذهلة حول استجابة البشر لما يبدو أنه نتيجة عظيمة، ولا زلنا نرى تلك العواقب غير المتوقعة.

أليسون بيرد: في مثل هذه الحالات، هل تُصدر القيادة العليا التوجيهات أو على الأقل تقدم دعماً قوياً؟

هنري تشسبرو: في مرحلة ما يصبح الدعم الذي تقدمه الإدارة العليا ضرورياً. من الأمثلة التي توضح ذلك هو شركة “بروكتر آند غامبل” (Procter & Gamble)، وهو مثال ذو حدين. في أوائل العقد الأول من الألفية الثانية، كانت الشركة من أكثر الشركات المتحمسة والناجحة في تبنّي الابتكار المفتوح من خلال برنامج أطلقت عليه “تواصل وطوّر” (Connect and Develop). وقد كان ابتكاراً مفتوحاً من الخارج إلى الداخل حقاً، ونجح معهم للغاية.

أليسون بيرد: هناك قائمة في الكتاب أعتقد أنها مفيدة للغاية لأنها تضم منتجات مثل كريم “أولاي ريجينيريست” (Olay Regenerist). و”مستر كلين” (Mr. Clean) من شركة “سويفر” (Swiffer) و”برس آند سيل” (Press’n Seal) من شركة “غلاد” (Glad)، فجميعها منتجات نرى أنها رائعة وقد بدأت من العلوم. وربما حتى خارج “بروكتر آند غامبل”. ثم تحولت إلى منتجات نستخدمها كل يوم.

هنري تشسبرو: هذا صحيح. لقد كان لها مردود حقاً، وكل علامة تجارية من تلك التي ذكرتيها تساوي اليوم مليار دولار لشركة “بروكتر آند غامبل”. ونعم، العلوم المستخدمة في كل منها منشؤها خارج معامل “بروكتر آند غامبل”. وحتى الآن، تسير الأمور على خير ما يرام. والرئيس التنفيذي للشركة في ذاك الوقت، آلان لافلي، كان داعماً قوياً للابتكار المفتوح حتى أنه قرر ذلك عام 2002 قائلاً أنه بعد 5 أعوام من الآن نصف ابتكاراتنا ستنشأ خارج “بروكتر آند غامبل”. وبقراره هذا فقد ساوى بين الابتكار داخل وخارج الشركة. استقال لافلي من منصبه عام 2008 ثم دخلت الشركة في الفترة التي تعرضنا فيها للأزمة المالية. عقدت الشركة عملية استحواذ كبيرة على شركة “جيليت” (Gillette)، وفي اعتقادي أن هذه الصفقة شتت انتباه الشركة وصرفت تركيزها عن الابتكار المفتوح الذي كان يسير بشكل جيد جداً معهم. وبدلاً من أن تواصل “بروكتر آند غامبل” نموها من خلال إتقان ممارسة الابتكار المفتوح، بدا أنها تفقد وصفتها للنجاح. واستقال الأشخاص الأساسيين الذين كانوا يعملون على البرنامج. والوافدون الجدد تعرفوا على العمليات ولكنهم لم يمتلكوا العقلية اللازمة لتنفيذها بفاعلية، وبالتالي تضاءلت قدرة “بروكتر آند غامبل” على النمو.  وقبل عامين شن مستثمرون ناشطون حرباً بالوكالة للوصول إلى مجلس إدارة الشركة. لذلك فقد تحولت فعلياً من شركة تنمو بنجاح كبير بتبنّيها الابتكار المفتوح إلى شركة يستهدفها المستثمرون الناشطون في غضون عقد من الزمان تقريباً.

أليسون بيرد: لقد كنا نتحدث حتى الآن عن الشركات الأميركية، فهل الوضع مختلف خارج أميركا؟ في أوروبا وأميركا الجنوبية والهند والصين، على سبيل المثال.

هنري تشسبرو: يمكننا أن نتحدث عن الوضع في الصين.

أليسون بيرد: حسناً.

هنري تشسبرو: هناك فصل في الكتاب يتناول الأمر من زاوية مختلفة.  فهو يتناول خطاب تشانغ بينغ في مؤتمر الحزب في خريف عام 2017 الذي وقعت فيه عدد من الأحداث الهامة، وقد كان خطاباً طويلاً استمر 3 ساعات. ونحن لا نتناول الخطاب بأكمله بل الدور الحاسم للسوق في الصين وتخصيص الموارد. وأيضاً الدور الرائد الذي يلعبه الحزب الشيوعي في توجيه الاقتصاد. كما تناولنا في هذا الفصل التوتر بين هاتين القوتين. وما يحدث عندما تتطلع هاتان القوتان إلى اتجاهين مختلفين، وما سيحدث لجهود الابتكار في الصين في ثلاثة قطاعات مختلفة. ولذلك درسنا أولاً قطاع السكك الحديدية عالية السرعة. ثم درسنا قطاع أشباه الموصلات وقطاع السيارات. ووجدنا أن في قطاع السكك الحديدية عالية السرعة، الدور الحاسم الذي يلعبه السوق والدور القيادي الذي يلعبه الحزب تواءما معاً في الواقع بفاعلية كبيرة. والصين الآن واحدة من الدول الرائدة في العالم في قطاع السكك الحديدية عالية السرعة، على الأقل لأنها زادت أميال السكك الحديدية عالية السرعة في الصين ثم طبقته بقية دول العالم. لذا فإنها حقاً رائدة فيما يتعلق بجانب الطلب باستخدامها السكك الحديدية عالية السرعة لتجوب الدولة بأسرها. وكي يخدم الموردون في الصين هذا الهدف تحلوا بالفاعلية الشديدة من ناحية التكاليف ومن الناحية التقنية، وأصبحوا الآن منافسين عالميين جدد من خلال مبادرة “حزام واحد – طريق واحد” (One Belt One Road) التي تشتمل على بناء سكك حديدية عالية السرعة في العديد من الدول الأخرى، من بين أشياء أخرى. ومن ثم فقد تواءم دور الحزب ودور السوق معاً بنجاح كبير. ولكن عندما ننتقل إلى قطاع شبه الموصلات سنجد أن المشهد مختلف تماماً. فعندما تبيع سكك حديدية عالية السرعة فهو بيع من حكومة إلى حكومة. أما عندما تبيع أشباه موصلات، فهو تعامل تجاري بين الشركات. فيتمثل الوضع في أن مئات الشركات في الصين تبيع لعشرات الآلاف من الشركات في الصين وحول العالم. ففي هذا القطاع، لا يكون مصدر الابتكار هو المؤسسات المملوكة للدولة التي تتوافق على نحو وثيق مع الحزب الشيوعي. بل إن معظم الابتكارات مصدرها إما الشركات المملوكة ملكية خاصة ورواد الأعمال والشركات الناشئة، أو الشركات الأجنبية التي تحاول إدخال التكنولوجيا وفتح الأسواق الصينية أمامها. وهنا نجد أن دور الحزب، الذي سيتسق على نحو وثيق مع المؤسسات المملوكة للدولة، قد يشوه قوى السوق حيثما تود حقاً أن ترى الاستثمارات تتوجه صوب الشركات المملوكة ملكية خاصة، وأيضاً هناك شركات أجنبية نشيطة للغاية تحافظ على انضباط السوق وتُدخِل تقنيات جديدة إلى السوق. لذلك فهناك توتر كبير في هذا القطاع. وبالنسبة إلى قطاع السيارات، فالسوق تقريباً تسير وفق مبدأ من الشركة إلى المستهلك، حيثما يشتري ملايين الأشخاص السيارات وفق قرارات شرائية فردية. وتمتلك الصين الآن، وفقاً للوحدة الحجمية، أكبر سوق سيارات في العالم. أعتقد أن هناك أكثر من 20 مليون سيارة بيعت في الصين العام الماضي. لذا فالوضع هنا مشابه بدرجة كبيرة للوضع في قطاع أشباه الموصلات. حيث إن مصادر الابتكار في قطاع السيارات في الصين هي الشركات المملوكة ملكية خاصة والمشاريع المشتركة وشركات التصنيع الأجنبية. وتُعد المؤسسات المملوكة للدولة بمثابة مراكز في قطاع السيارات. فهي توفر الكثير من فرص العمل ولكن نادراً ما تصدّر سياراتها إلى خارج الصين. بالطبع من بين مقاييس القدرة التنافسية: هل تقدر على التصدير خارج سوقك المحلية؟ في حالة قطاع السكك الحديدية عالية السرعة، الصين قادرة على التصدير. ولكن بالنسبة إلى قطاع أشباه الموصلات وقطاع السيارات، فإن الصادرات في الصين تأتي من الشركات المملوكة ملكية خاصة وليس الشركات المملوكة للدولة.

أليسون بيرد: ولكنك تؤيد تدخُّل الحكومة بقدر أكبر في الابتكار. كما أنك قلت أن الفترات الأكثر إنتاجية في الولايات المتحدة كانت عندما كانت هناك مشاريع كبرى ممولة من الأموال العامة. إذن كيف يمكن تحقيق التوازن المناسب؟

هنري تشسبرو: أنتِ محقة بشأن إشارتي إلى البنية التحتية للابتكار التي تقول أن ثمة دور ينبغي أن تؤديه الاستثمارات الحكومية بأن تمكّن ليس فقط إنتاج التقنيات ولكن أيضاً نشرها واستيعابها. ولكني لا أدعو إلى مشاركة الحكومة في الأعمال التجارية الخاصة بصنع تلك الأشياء. ولا أرغب بالتأكيد في أن تؤسس الحكومة مؤسسات مملوكة للدولة بغية الاضطلاع بهذا الدور. ولكني أعتقد أن الاستثمارات في البنية التحتية تساعد في تمكين الاستثمارات الخاصة وتنظيم المشاريع الخاصة، مثل “النظام الوطني للطرق السريعة” (National Highway System) بالولايات المتحدة، الذي ساعد شركة “سيرز روبوك” (Sears Roebuck) على البيع في جميع أنحاء الدولة من خلال قوائم منتجاتها. أو الإنترنت الذي بمجرد أن بدأ العمل به ساعد الشركات من جميع الأنواع على ممارسة الأعمال التجارية بطرق لم يكن أحد ليتصورها. إذن فالأمر يتعلق بالدور الداعم والتمكيني الذي تلعبه البنية التحتية التي تعتمد عليها الشركات. ولا يتعلق بأن يُطلب من الحكومة أن تضطلع بالدور الذي يتمثل في توفير الخدمات والسلع بنفسها.

أليسون بيرد: صحيح. هذا منطقي. وقد استفاد المجتمع من ذلك بشكل عام ولكن الشركات هي مَن تحقق إيرادات منه.

هنري تشسبرو: أجل، هذا صحيح. في سياق حديثنا، تُعد تقنية الجيل الخامس ابتكاراً سيستخدم في الهواتف الخلوية. وفي الوقت الحالي، يجري ذلك ببطء. والكثير من الشركات تتساءل هل تحتاج حقاً إلى اعتماد هذه التقنية؟ وقد اتضح أن تقنية الجيل الخامس يمكن أن تتيح طائفة واسعة للغاية من الإمكانات والفرص. بداية من التواصل من آلة إلى آلة في المصانع الرقمية إلى إمكانية اتصالنا جميعاً بالإنترنت بشكل أسرع إلى الهواتف المحمولة السريعة وجميع أنواع القدرات الجديدة. ولكن لم تتمكن أي شركة من الاستفادة من جميع هذه المزايا. لذا أعتقد أنه يمكن للحكومة اتباع سياسة ذكية للغاية بأن تضع آليات لتعزيز استخدام تقنية الجيل الخامس في كل مكان. في الواقع في دستور فنلندا، تُعد إمكانية الاتصال بالإنترنت عالي السرعة حقاً دستورياً لكل مواطن فنلندي. وأعتقد أن تطبيق شيء كهذا هنا سيكون مفيداً للغاية. فلا ينبغي أن تُحرم من حق الاتصال بإنترنت عالي السرعة لمجرد أنك تعيش في مجتمع ريفي. وهذا يعني أن الشركات الخاصة قد لا تتمكن من توفير هذا لأن من غير المربح مالياً أن تزود منطقة ريفية للغاية في ولاية ألاسكا بإنترنت عالي السرعة. ولكن بوصفنا مجتمعاً قد نقول أنه من الأفضل للجميع أن يمتلك الجميع حق الاتصال بإنترنت عالي السرعة. فما نرغب في رؤيته  هو بناء برنامج مع الحكومة، سواء من خلال إعانة مالية أو إعفاء ضريبي أو تشاطر التكنولوجيات، كي يتمتع الجميع بحق الوصول إلى شيء كهذا.

أليسون بيرد: حسناً. إذا كان هناك مدير وحدة عمل أو رئيس تنفيذي يستمع إلينا الآن ويفكر في أنه لا يمتلك المزيد من الموارد ليخصصها للابتكار المفتوح. وأن أعماله تسير على نحو جيد للغاية. إذن ما الذي يمكنك أن تقوله له مشجعاً إياه أن يمضي قدماً؟

هنري تشسبرو: الأمر الجيد هو: إذا مورِسَ الابتكار المفتوح جيداً، ستكون قادراً على تحقيق الكثير بأقل الموارد. ولكن لن يكون الأمر هكذا في البداية، حيث سيتعين دفع تكاليف بدء العمل، ولكن بمجرد أن تشرع بالعمل، سيؤتي الابتكار المفتوح ثماره بثلاث طرق على الأقل. الأولى هي أنك مع الابتكار المفتوح ليس عليك أن تبدأ العمل على المشروع بأكمله من الصفر. فمن خلال عقد شراكات مع مؤسسات أخرى أنجزت قدراً من العمل الذي تشاركه معك، يمكنك أن تبدأ من منتصف الطريق بدلاً من البدء من الصفر. وهذا يعني أنه ليس هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لأنك استفدت من قدر العمل الذي أُنجز بالفعل. وهذه الطريقة نفسها تساعدك أيضاً من جانب آخر. حيث إنها يمكن أن تساعدك في دخول السوق بشكل أسرع مما ستكون عليه إذا بدأت من الصفر داخل مؤسستك. لذا بالإضافة إلى تقاسم التكاليف، يمكنك أيضاً تسريع الوقت اللازم لطرح المنتجات بالأسواق.  والطريقة الثالثة التي تعد أكثر مكراً هي أنك تتقاسم المخاطر أيضاً لأن العديد من الابتكارات لا تكلل بالنجاح. ولكن عندما تفعل كل شيء بنفسك، فإنك ستتكبد جميع الخسائر وحدك. أما إذا تعاونت مع الآخرين وتقاسمت معهم كل شيء، ثم لم تسر الأمور كما يجب، حينها ستتحمل نصيبك من تكاليف هذا المشروع وسيتحمل شريكك بعض من هذه الخسائر أيضاً. وهذا يعني أن القدر نفسه من المال يمكن توزيعه على إجراء مزيد من الرهانات أو المحاولات لتحقيق هدف ما.

أليسون بيرد: شكرأً جزيلاً على حديثك معي اليوم.

هنري تشسبرو: شكراً جزيلاً لكِ.

أليسون بيرد: كان معنا هنري تشسبرو.  وهو أستاذ مساعد في “كلية هاس للأعمال” بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، ومؤلف كتاب “نتائج الابتكار المفتوح: الابتعاد عن الضجيج ومباشرة العمل”.

هذه الحلقة من إنتاج ماري دوي. وقدم لنا الدعم الفني روب إيكارت. وكان مدير الإنتاج الصوتي في البرنامج هو آدم باكولتز. شكراً لاستماعكم إلى برنامج “آيديا كاست” المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. معكم أليسون بيرد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .