كيف جعلت مراكز الطلب توقعات عملاء التعامل التجاري بين الشركات أعلى من أي وقت مضى؟

6 دقائق
مراكز الطلب
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يمكن أن تواجه الشركات الموردة في التعامل التجاري بين الشركات صعوبة في القيام بعمليات البيع للشركات متوسطة الحجم والشركات الأكبر حجماً بسبب حجم التنسيق اللازم فيها. لكن تمكنت شركات مثل “مايكروسوفت” و”إنتويت” من النجاح عن طريق إنشاء مراكز الطلب التي تساعد في زيادة هذا التنسيق.

تتحكم الشركات الشارية في التعامل التجاري بين الشركات بالطرق التي تتبعها في عمليات الشراء، وهي تتوقع أن يتم التعامل بينها وبين الشركات الموردة عبر مزيج منسق من الخبرات البشرية والرقمية وقنوات التوزيع. لكن من الصعوبة بمكان أن تنشئ الشركات تجربة متكاملة تماماً، إذ تواجه الشركات الموردة صعوبة في تصميم حلول مخصصة لكل عميل بما يضمن تلبية وضعه الفريد، لا سيما في التعامل مع الكثير من عملائها والعملاء المرتقبين من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم. وغالباً ما تعاني الشركات الموردة من صعوبة بالغة في تنفيذ التزامات المبيعات من دون القدرة على الوصول إلى بيانات الذكاء التسويقي الناتجة عن التعاملات الرقمية، وعدم قدرتها على تخصيص الخدمات المقدمة للعملاء وتنسيقها يؤدي إلى تقديم تجربة غير مرضية للعميل وإضاعة فرص المبيعات وهدر الجهود.

الشركات الموردة والاستعانة بـ “مراكز الطلب”

لكن توصلت شركات في قطاع التكنولوجيا أولاً ثم تبعتها شركات في مختلف القطاعات إلى أن الشركات الموردة التي تستعين بمراكز الطلب لديها القدرة على تعزيز الأثر وتقليل الخلافات في عالمنا متعدد قنوات البيع.

تعمل مراكز الطلب على تحديد فرص الأعمال التجارية عن طريق التسويق الوارد (مثل رحلة العميل ذات الطابع الشخصي مع المحتوى والتجربة المصممة خصيصاً له) والتسويق الصادر (مثل الإعلام المدفوع وإقامة المناسبات والحلقات الدراسية عبر الإنترنت والرسائل الإلكترونية للعثور على العملاء). تعمل مراكز الطلب على ترتيب العملاء المحتملين حسب الأولوية وتأهيلهم وتنسيق التواصل الخارجي مع العملاء. في بعض الأحيان تكون الاستجابة رقمية (مثلاً، يولد مركز الطلب رسالة إلكترونية ذات محتوى بطابع شخصي)، وفي أحيان أخرى يقدم مركز الطلب ما يلزم من توجيهات ومحتوى لمساعدة مندوب المبيعات الداخلي أو الميداني على اتخاذ إجراءات المتابعة. وبذلك، يتكيف البشر والأدوات الرقمية معاً من أجل التواصل مع العملاء في اللحظة المناسبة من دورة الشراء.

كانت شركة “مايكروسوفت” السباقة في تأسيس مركز الطلب، تقول نائبة رئيس الشركة ستيفاني فيرغسون التي قادت عملية التحول موضحة: “يجمع مركز الطلب جميع تفاعلات العملاء الرقمية في محرك شامل واحد يدعمه موظفون خبراء في المبيعات والتسويق وعلم البيانات وعمليات التسويق التي تدعمها منصة التسويق الحديثة والقدرات الرقمية”.

يحقق مركز الطلب فوائد متبادلة لشركة “مايكروسوفت” وعملائها؛ تقول فيرغسون: “أصبح تفاعل العملاء عبر القنوات المتعددة متزامناً أكثر، ما يتيح لنا جمع الإشارات من التفاعلات الرقمية والشخصية لمساعدتنا على تصميم المحتوى والعروض بصورة مخصصة لمن يصنع قرارات الشراء. وبالنسبة لشركة ’مايكروسوفت‘، فنحن نملك اليوم بيانات من جميع المناطق الجغرافية والقنوات التي يتفاعل عملاؤنا معنا عبرها، وهذه البيانات تمدنا بالمعلومات اللازمة لتحسين تجاربنا بطرق تخلق أكبر قيمة للعملاء”.

تطبيق الشركات نظام مراكز الطلب

ما أن تطبق الشركات نظام مراكز الطلب تلاحظ ارتفاع معدلات تحويل العملاء المحتملين مع انخفاض تكاليف جذب العملاء المحتملين في نفس الوقت، كما يتم استثمار قدرات فرق المبيعات وموازنتها مع أعداد العملاء المحتملين الواردين على نحو أفضل. وتتيح مراقبة الأداء المستمرة تشخيص المشكلات في الوقت المناسب وتحديد فرص التحسين. وبذلك أصبحت حركة الشركات الموردة أسرع مع تطور العملاء والأسواق.

تقوم شركة “إنتويت” المزودة للبرمجيات المالية مثل برنامجي “كويك بوكس” (QuickBooks) و”تربوتاكس” (TurboTax) ببناء مركز الطلب بهدف تنمية أعمالها مع شركات السوق المتوسط (midmarket). كيتلين كلارك-زيغموند، التي قادت سابقاً التسويق الموجه للقطاع السوقي الذي يشمل عمليات توليد الطلب لدى شركة اتصالات كبيرة، هي الآن قائدة جهود إنشاء مركز الطلب في شركة “إنتويت”. تقود الشركة السوق عن طريق شركات أصغر يدير كلاً منها شخص واحد مسؤول عن صناعة القرار. لكن، قالت كلارك-زيغموند موضحة: “لدى الشركات المتوسطة احتياجات أكثر تعقيداً، وتتم عمليات الشراء فيها بمشاركة عدد من المسؤولين. ومن أجل إيصال الحلول إلى هؤلاء العملاء يجب أن نتوصل إلى فهم أعمق للطرق التي تتبعها الشركات المتوسطة في الشراء والأشخاص المشاركين في قرارات الشراء وما يحتاج إليه كل صانع قرار على حدة”. يعمل فريق كلارك-زيغموند على إنشاء مستودع مركزي للمحتوى وحملات مخصصة لكل عميل حسب شخصيته (كالرئيس التنفيذي والرئيس التنفيذي للشؤون المالية) ولكل مرحلة من مراحل الشراء، مع تطوير ما يحتاج مركز الطلب إليه من أساس تكنولوجي وعمليات قوية. كما تعمل شركة “إنتويت” على بناء هذه القدرات ضمن قسم المبيعات لقناتي المبيعات المباشرة وغير المباشرة، كالشركاء مثلاً، من أجل القيام بأعمال البيع التعاوني (co-sell) والبيع المشترك (sell-with) والبيع غير المباشر (sell-through). تضيف كلارك-زيغموند: “كخطوة أولى، نعمل على تصنيف الأصول التي نملكها بالفعل كي تساهم في هذه الجهود”.

التغييرات التي تحتاج إليها لإنشاء مركز طلب ناجح

على الرغم من أن مركز الطلب يبدو منطقياً بدرجة كبيرة، فإنشاء مركز طلب ناجح وتشغيله هو مهمة شاقة تتطلب إجراء 3 تغييرات مترابطة.

أولاً، يجب أن تتطور أدوار المبيعات والتسويق؛ تقليدياً كانت أدوار التسويق تسيطر بأعمال جذب العملاء المحتملين على الجزء الأول من قمع المبيعات لتنتقل السيطرة بعد ذلك إلى أدوار المبيعات، لكن بوجود مركز الطلب يقوم العملاء بزعزعة هذا الترتيب بصورة روتينية إذ يعودون إلى مرحلة تقودها أدوار التسويق (كالجلسة التعليمية عبر الإنترنت مثلاً) بعد التحدث إلى مندوب مبيعات داخلي على سبيل المثال. كما يجب تغيير عقلية التسويق القديمة المتمثلة في قياس النجاح بناء على النشاط (كعدد العملاء المحتملين الذين أدت الحملة إلى جذبهم مثلاً) وتبني عقلية قياس النتائج (كحجم الإيرادات التي تم توليدها).

ثانياً، أعيدت صياغة طرق عمل فرق التسويق والمبيعات؛ انتهى زمان طريقة التخطيط للمبيعات السنوية وربع السنوية المتبوعة بالتنفيذ اليومي ليتاح المجال لاتباع طريقة جديدة، إذ تساعد التحليلات المحوسبة مركز الطلب في توجيه أنشطة المبيعات عن طريق تجديد الأولويات في العمل باستمرار بناء على احتياجات العملاء. ويجب على خبراء التسويق أيضاً تغيير طرق عملهم، فلم يعد من الضروري أن يركزوا على الحملات الخارجية بحسب شرائح العملاء والمنتجات، بل يتعين عليهم التعرف على أنواع صناع القرار وإنشاء المحتوى وتطوير الخوارزميات وتحديد القنوات التي سيتم استخدامها للتفاعل مع العملاء الداخليين والخارجيين.

ثالثاً، أصبح دور القنوات الرقمية أكبر في التفاعل مع الشركات الشارية ذاتية التوجيه ودعم مندوبي المبيعات في آن معاً؛ يتمثل التحدي الجديد للتسويق في ضمان جاهزية القنوات لتأمين ما يحتاج إليه العملاء ومندوبي المبيعات في الوقت المناسب،

وقد يكون تنفيذ هذه التغييرات صعباً لأنها توقع أثراً كبيراً على البنية التنظيمية في المؤسسة والعمليات والعقليات المتبعة في العمل. في بداية رحلة شركة “مايكروسوفت”، كان فريق المبيعات الذي يهتم برعاية العملاء المحتملين مقيماً ضمن مؤسسة التسويق التي تم نقلها إلى مؤسسة المبيعات. تقول فيرغسون: “كان قرارنا بتطوير نموذجنا وإضفاء الطابع الاحترافي على مندوبي مبيعاتنا ومواءمتهم مع مؤسسة مبيعات حقيقية صائباً بالنسبة لكل من عملائنا وشركتنا ’مايكروسوفت‘. واليوم أصبح فريق المبيعات هذا من أقوى شراكاتنا”.

تعمل شركة “إنتويت” على تكييف عمليات تقديم خدمات التسويق الناجحة للشركات الصغيرة ومراكز المبيعات لقطاع السوق المتوسط، لكن ذلك لا يجعل هذه الرحلة أسهل. تنوه كلارك-زيغموند إلى أنه: “يجب أن يستفيد مركز الطلب من مكامن القوة الحالية لدى شركة ’إنتويت‘ والتوصل في نفس الوقت إلى طرق للوصول إلى العديد من صناع القرار عبر القنوات الكثيرة التي تعمل كلها معاً لخدمة العملاء”. ولأنه من الضروري جمع الكثير من مصادر البيانات والقنوات فمن النادر أن تكون مراكز الطلب معدة على النحو الملائم من البداية، وأفضل نهج لإعدادها هو المباشرة به والتخطيط لحلّ المشكلات مع نمو الخبرة.

مع تطور مركز الطلب تتطور فرص إضافة القيمة أيضاً؛ أضافت شركة “مايكروسوفت” قدرات الذكاء الاصطناعي إلى مركز الطلب للحصول على العملاء المحتملين وتقديم اقتراحات لأفضل الخطوات التي يمكن لمندوبي المبيعات اتخاذها تالياً، وهذه الاقتراحات تساعد مندوبي المبيعات في إجراء محادثات ذات فائدة أكبر مع العملاء. تقول فيرغسون إن: “البيانات المتعلقة بمن يتفاعل معنا ضمن الحساب والمحتوى الذي يتفاعل معه ومستوى هذا التفاعل تمنحنا فهماً أعمق لما تريده الشركة الشارية والطرق التي تمكننا من إضافة القيمة. نستخدم بيانات كل تفاعل رقمي لتغذية نماذج الذكاء الاصطناعي التي تمكننا من إضفاء طابع شخصي على رحلة كل عميل مع ترجيح التفاعلات بصورة ديناميكية لتحديد الوقت الذي يكون فيه كل عميل جاهزاً لإجراء محادثة الشراء. عندئذ نقدم التوصيات لمندوبي المبيعات مع سياق يتضمن جميع التفاعلات الرقمية التي أجراها الأفراد في حساب معين مع الشركة”. واختتمت ستيفاني حديثها قائلة: “بينما نقوم بتطوير مركز الطلب في شركة “مايكروسوفت” نكتشف فرصاً جديدة لزيادة سرعة تحركاتنا في السوق وتأثيرها لدفع عجلة نمو أعمالنا التجارية”.

ثمة خطورة تواجه الشركات الموردة في التعامل التجاري بين الشركات التي تفضّل الانتظار قبل إنشاء مركز الطلب. فالشركات الشارية تشهد تزايداً سريعاً في تطورها الرقمي وتوقعاتها فيما يتعلق بخوض تجربة شراء سلسة، ومن المحتم أن تصطدم هذه الاحتياجات الآخذة بالتطور لدى الشركات الشارية مع موارد المبيعات الرقمية والشخصية المجزأة والمبعثرة بين مؤسسات التسويق والمبيعات في الشركة الموردة والوكالات الرقمية الشريكة، وذلك سيزيد صعوبة إنشاء مركز الطلب. تعد مراكز الطلب بفوائد عظيمة، ويمكن أن تتغلب الشركات على الصعوبات التي ستواجهها في رحلة إنشائه، ويبدأ نجاحها بقائد متمرس وفريق متعدد التخصصات لقيادة عملية التحول تماماً كما هو الحال في معظم عمليات التحول التي تتطلب تغييرات كبيرة في الأدوار وديناميكيات السلطة وتتضمن منصات رقمية سريعة التغير. وعندما يحقق الفريق نجاحات مبكرة عن طريق التعلم القائم على التجربة، سيتمكن من بناء الزخم واكتساب الثقة في سعيه إلى تحقيق رؤية واضحة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .