أين تكمن الصعوبة في جعل مجموعة عمليات المبيعات تعمل بشكل سليم؟

4 دقائق
تحديات المبيعات
shutterstock.com/alphaspirit
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما أنشأت شركة “زيروكس” مجموعة عمليات المبيعات لأول مرة في سبعينيات القرن الماضي للقيام بأنشطة مثل تخطيط المبيعات، ووضع خطة تعويضات موظفي المبيعات، وتوقّع حجم المبيعات، وتصميم توزّع فرق المبيعات على الأرض، من أجل تجاوز تحديات المبيعات، وصف قائد المجموعة “باتريك كيلي” مسؤولياته في كتاب “البيع وفق منهج SPIN” أو (SPIN Selling) لمؤلفه “نيل راكهام” (الصادر عن دار النشر ماك جرو-هيل، 1988)، بأنها تتضمن “كل الأشياء البغيضة المرتبطة بالأرقام التي لا تريد إنجازها بها، لكنك مضطر إلى ذلك لتبني فرق مبيعات عظيمة”.

منهج “عمليات المبيعات”

بعد 40 سنة، بات منهج “عمليات المبيعات” منهجاً أساسياً لإدارة المبيعات بشكل فعال. ومع تنامي الطلب على تحليلات البيانات، باتت مقدرات مجموعات عمليات المبيعات مكوّناً أكثر أهمية من ذي قبل لضمان نجاح فرق المبيعات. ولعلّ التحدي الأكبر الذي يواجهه قادة مجموعات عمليات المبيعات، يتمثّل في التعامل مع كمّ هائل التنوع من المهمات في ظروف عمل وبيئة تكنولوجية متغيرة باستمرار.

فعلى سبيل المثال، تعرض إحدى شركات الرعاية الصحية العالمية على موقعها الإلكتروني إعلاناً عن منصب شاغر لقائد مجموعة عمليات بيع قادر على القيام بالمهام الآتية:

الاستراتيجية:

المساهمة في وضع رؤية الشركة على مدى سنة وعلى مدى ثلاث سنوات، بصفته عضواً في فريق القيادة التنفيذي للشركة.

تقييم استراتيجيات وخطط فرق المبيعات وأهدافها القريبة والبعيدة.

المساهمة بخبرته في تحقيق الفعالية الأمثل لفرق المبيعات وانتقاء الحجم الأمثل للسوق ولبنيته وضمان التوفيق بين السوق وفرق المبيعات.

العمليات:

الإشراف على تحليلات أداء المبيعات وتقاريرها، وضمان التوفيق بين السوق وفرق المبيعات، وأنشطة تحديد أنماط الزبائن واستهدافهم.

إدارة خطط التعويضات والمحفزّات الربعية لموظّفي المبيعات، وعملية وضع الأهداف.

إدارة أتمتة فرق المبيعات والإشراف على أنظمة إدارة العلاقات مع الزبائن وعملياتها.

تقديم المعطيات والتحليلات والنمذجات وإعداد التقارير لدعم تقييمات الأعمال الربعية لفرق المبيعات.

اقرأ أيضاً: قادة المبيعات غير الأكفاء يتسببون بأضرار طويلة الأمد

فهل بمقدور شخص واحد في الواقع إنجاز جميع تلك المهام المطلوبة؟ ولتنوّع مهام هذا المنصب بعدان اثنان: فقائد مجموعة عمليات المبيعات عليه أولاً أن يتمتّع بمعرفة واسعة في طيف من مجالات اتّخاذ القرارات ذات الصلة بفرق المبيعات، بما في ذلك الاستراتيجية، وتصميم الإدارة التنظيمية، وإدارة المواهب، والتعويضات والحوافز، وأتمتة فرق المبيعات. وثانياً، على قائد مجموعة عمليات المبيعات أن يكون استراتيجياً وتكتيكياً في الوقت ذاته، وقادر على القيام بمهام دعم تكتيكية (مثل تزويد البيانات لتقييمات العمل الربعية) وأخرى استراتيجية (مثل الإسهام في وضع رؤية الشركة على مدى سنة وعلى مدى ثلاث سنوات).

الكفاءات المطلوبة لإدارة مجموعة عمليات المبيعات

ولننظر الآن إلى الكفاءات المطلوبة للقيام ببعض المشاريع النمطية لمجموعة عمليات المبيعات.

الاستراتيجية

إن بعض المسؤوليات، مثل تقييم استراتيجيات فرق المبيعات أو تحقيق الحجم الأمثل لفرق المبيعات وتركيبتها، تتطلب فهماً عميقاً للقضايا وثيقة الصلة بإدارة المبيعات. ولعلّ أفضل من يقوم بهذه الأنشطة هم خبراء التحليل والتصميم، وهم أشخاص يتمتّعون بمهارات إبداعية قوية وقدرة عالية على حلّ المشاكل إلى جانب مقدراتهم في إدارة المشاريع والعمل ضمن فريق عمل متعاون. أمثال أولئك الأشخاص يتمتّعون بمصداقية لدى كبار المدراء التنفيذيين ونجدهم عموماً يتوقون إلى الإبداع والتنوّع في عملهم.

العمليات

وهناك أيضاً مهامّ تحتاج إلى معرفة تقنية خاصة كإدارة خطط التعويضات والحوافز الربعية وإدارة أنظمة أتمتة فرق المبيعات. ولعلّ أفضل من تتوفّر لديهم هذه المعرفة هم الأشخاص الذين يمتلكون خبرة جيدة في التفاصيل والعمليات، وهم أشخاص يتمتعون بذهنية عملياتية إلى حدّ بعيد، وتجدهم مولعين بمسائل الكفاءة وضبط الجودة ويمتلكون مهارات تقنية ويميلون عموماً إلى نمط الأعمال المخططة والمنظمة جيداً وإن كانت متكرّرة.

من صفات الشخص المناسب ليقود مجموعة عمليات المبيعات أنه يحترم الذهنيّتَين التحليلية التصميمية كما التفصيلية العملياتية.

من غير المرجّح أن يمتلك الشخص الذي يُجيد دعم العمليات التفصيلية نمط “التفكير خارج الصندوق” المطلوب لوضع الاستراتيجيات العامة. وفي الوقت نفسه فإن الشخص الذي يجيد التفكير الاستراتيجي قد تعوزه في الغالب ملكات الالتزام بالخطوات والتفاصيل ذات الأهمية البالغة في المهام العملياتية. ولذلك فإن الطلب من خبير بالتفاصيل العملياتية أن يقوم بمهام خبراء التحليل والتصميم، أو العكس، إنما هو وصفة تُفضي إلى نتائج كارثية.

ماذا يعني هذا بالنسبة إلى قادة مجموعات عمليات المبيعات؟ إنه يتعيّن عليهم توظيف وتطوير وإدارة وقيادة فريق عمل مكوّن من أشخاص يمتلكون كفاءات اختصاصية متنوعة ويؤدون وظائف يختلف بعضها عن بعضها الآخر اختلافاً جذرياً ولهم ربّما طموحات مهنية متباعدة كلياً. وعلى الفريق لا أن يشمل طيفاً واسعاً من الخبرات الاختصاصية في المواضيع ذات الصلة بفرق المبيعات فحسب، بل أن يضمّ أيضاً خبراء في التفاصيل العملياتية وآخرين في أمور التحليل والتصميم يعملون معاً لتحقيق هدف إنجاح فرق المبيعات.

وبإمكان الاستراتيجيات التي توظّف الموارد الداخلية والخارجية على حد سواء أن تعطي قادة مجموعات عمليات المبيعات القدرة على بناء وإدارة هذه المقدرات المتنوعة والمتكاملة، بطريقة فعالة من حيث التكلفة.

ولبناء فريق داخلي قوي، يتعيّن على القادة تحديد الأدوار والمسؤوليات، ووضع مواصفات ومؤهلات التوظيف، وتوظيف المواهب التي تتمتّع بالمواصفات المناسبة (بما فيها المواهب التحليلية التصميمية والتفصيلية العملياتية)، والعمل على تطوير تلك المهارات وتغذيتها باستمرار. وتعتمد بعض الشركات الكبرى مثل “جنرال إلكتريك” على فِرقها الداخلية للإشراف على العديد من مشاريع مجموعات عمليات المبيعات، حيث يتمتّع قادة تلك الفرق بكفاءات متميزة في إدارة الجودة وأساليب تحسين العمليات، مما يمنحهم خبرة في التحليل والتصميم بالإضافة إلى الخبرة في التفاصيل العملياتية. وبمقدور أولئك القادة تحليل المشاكل إلى مركباتها، وتفويض الأعمال، ومساعدة الاختصاصيين المنهمكين بالتفاصيل على رؤية الصورة الأكبر، بحيث يعمل الجميع على تحقيق هدف مشترك. وثمة شركات عديدة تشجّع مبدأ التناوب على الوظائف فيما بين أقسام الشركة الواحدة، كالتناوب بين قسمي الشؤون المالية والتسويقية. كما أن تناوب الوظائف بين فرق المبيعات ومجموعة عمليات المبيعات من شأنه أن يسمح لموظفي المبيعات ومدرائها بتعميق خبراتهم وتوسيعها في جميع مجالات المبيعات. وكلما أصبح موظّفو المبيعات أكثر معرفة بالتكنولوجيا، فإن عدداً أكبر منهم سيمتلكون المقدرات التقنية والتحليلية والاهتمام اللازم لشغل منصب قائد مجموعة عمليات المبيعات.

وبوسع الشركات أيضاً الاعتماد على الموارد الخارجية (التعهيد الخارجي) من أجل توفير الكفاءات اللازمة لمجموعة عمليات المبيعات. فبعض شركاء الموارد الخارجية يتميّزون في مجال التفاصيل العملياتية، في حين يُجيد بعضهم الآخر خبرات التحليل والتصميم. فمن خلال عمل تلك الكفاءات الخارجية مع العديد من الشركات المتنوعة، يمكنهم تقديم خبرات متميزة فيما يتعلق بالأمور الوظيفية العملياتية والأمور المرتبطة بقطاع العمل ككل. وبفضل تقّدم التكنولوجيا، واختفاء الحواجز الثقافية، وازدياد الخبرات المهنية بين الكفاءات الخارجية، تلجأ الشركات بشكل متزايد إلى الاستفادة من تلك الكفاءات في كلا نمطَي العمل العملياتي والاستراتيجي، الأمر الذي يسمح لتلك الشركات بالوصول إلى أفضل الكفاءات وفي الوقت نفسه تخفيض التكاليف على المدى الطويل.

من صفات الشخص المناسب ليقود مجموعة عمليات المبيعات أنه يحترم الذهنيّتَين التحليلية التصميمية كما التفصيلية العملياتية، ويستطيع رؤية مستقبل أعمال شركته ومستقبل التطور التكنولوجي، ويمتلك القدرة على التعامل مع القادة الآخرين ضمن شركته كما مع الشركاء الخارجيين، بهدف ضمان استمرارية نجاح فرق المبيعات في شركته، وتجاوز تحديات المبيعات.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .