كيف تدير موظفك البارز؟

7 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يجب ألا تكون إدارة ذوي الأداء البارز والمميّز في شركتك أمراً مرهقاً، أليس كذلك؟ ففي نهاية المطاف، هم يحرزون نتائج ويتجاوزون الأهداف الموضوعة، ولكن لا تعتقد أن عليك تركهم وشأنهم للسماح لهم بالتفوق، فهم يتطلبون القدر نفسه من الاهتمام مثل غيرهم. لكن، كيف تدير شخصاً مميزاً يفوق التوقعات؟ وكيف تبقي الموظفين البارزين متحمسين لعملهم؟ وما المخاطر التي عليك الحذر منها؟

ما الذي يقوله الخبراء؟

إن وجود موظف موهوب جداً في فريقك هو حلم كل رئيس عمل، لكن الأمر يمكن أن يُمثّل تحدياً حقيقياً أيضاً، وفقاً لليندا هيل، الأستاذة بكلية هارفارد للأعمال (Harvard Business School) والمؤلفة المشاركة لكتاب “أن تكون مديراً: الضرورات الثلاث لتصبح قائداً عظيماً” (Being the Boss: The 3 Imperatives for Becoming a Great Leader). كما أنك في حاجة إلى التأكد من أن موظفك البارز لديه من المهام الملقاة على عاتقه لكي يكون منخرطاً تماماً في عمله، لكن ليس إلى درجة تجعله يصل إلى حد الإنهاك الشديد. تحتاج أيضاً إلى “تقديم ملاحظات إيجابية له” بطرق لا تؤدي إلى نتائج عكسية لتطور الشخص وتقدمه. تقول ماري شابيرو، التي تدرس السلوك التنظيمي في كلية “سيمونز” (Simmons College) ومؤلفة “دليل هارفارد بزنس ريفيو لقيادة فرق العمل” (HBR Guide to Leading Teams): إن ديناميكيات المجموعة تمثل مصدر قلق آخر عندما يكون لديك شخص يؤدي أداء بارزاً ومميزاً في فريقك. وتضيف: “يمكن أن ينشأ الاستياء الحقيقي بسبب تصور أن المدير يفضل الموظف ذا الأداء المذهل”. فسواء كان الموظف صاحب الأداء البارز قد انضم للتو إلى فريقك أو يعمل لديك منذ سنوات، إليك بعض النصائح حول كيفية إدارته:

فكِّر في التطوير

إن أحد أصعب الأمور المتعلقة بإدارة موظف صاحب كفاءة وثقة عالية هو التأكد من أنه يواجه قدراً كافياً من التحديات في الوظيفة. تقول شابيرو: يكمن العلاج لهذه المشكلة في “تنمية المواهب التقليدية”. أولاً: “اسأل موظفك “إلى أين تريد أن تصل بعد ذلك، وما الخبرات التي أحتاج أن أعطيها لك للتأكد من وصولك إلى ما تريد؟” ثم ابحث عن فرص لمساعدة هذا الموظف على اكتساب مهارات جديدة وصقل المهارات القديمة. وتوصي ليندا هيل بأن تساعد الموظف على “الانفتاح على أقسام أخرى من المؤسسة” فمن شأن ذلك أن “يوسع وجهة نظره”، ولكن “دون إهمال الموظفين ذوي الأداء الأقل” بالتأكيد. وإن لم تفعل ذلك، فأنت لا تبني قدرات الفريق، و”بمرور الوقت سيفقد الأشخاص مهاراتهم”. ذلك أن كل فرد في فريقك “يستحق التطوير”.

اعرض الاستقلالية

تقول شابيرو: إن هناك طريقة أخرى لضمان بقاء موظفك ذي الأداء البارز منخرطاً ومتحمساً إزاء المجيء إلى العمل من خلال “إعطائه المزيد من الاستقلالية”. وتضيف: “أظهِر له الثقة عن طريق تفويض السلطة والمسؤولية” في بعض المشاريع والمهام، ولا تتدخل في التفاصيل، و”امنحه التصرف في كيفية أداء العمل وتقديره بالشكل الذي يراه”. وإذا لم تكن الترقية الرسمية ممكنة، أو لم يكن هذا الموظف جاهزاً لها تماماً، فاخرج بأفكار إبداعية لطرق صقل مهاراته القيادية. وتقول أيضاً: “كلّفه بمسؤوليات التدريب. اطلب من موظفك ذي الأداء المذهل أن يعمل مع أشخاص آخرين في الفريق لتوجيههم وتطوير مهاراتهم”.

لا تبالغ في التعليقات الإيجابية

بشكل عام، كما تقول هيل، “يميل الموظفون البارزون إلى أن يكونوا محتاجين كثيراً للاهتمام”، حيث ينشدون مزيداً من الثناء والشعور بالثقة عن موظفك العادي، لكنك لا ترغب في “التورط عادة في تغذية الغرور لديهم”. وتوصي هيل بإعطاء موظفيك البارزين “القَدر المناسب من تعليقات الأداء” من خلال “الاعتراف بمساهماتهم”. فإذا نفذ موظفك البارز مشروعاً بشكل رائع أو قدّم عرضاً ممتازاً فقل له ذلك، لكن عليك عدم التمادي في هذا الأمر. تقول هيل: “ساعده في تعلم مراقبة نفسه”، وتضيف على ذلك: “عليك الاعتراف بمساهمات الأعضاء الآخرين في الفريق الذين يساعدونه في النجاح”. وتتفق شابيرو معها في ذلك، مشيرة إلى أن بعض الموظفين البارزين لا يتوقعون الثناء المستمر ولا يريدونه. وتقول: “لا تفترض أنك تعرف ما الذي يحفزهم”.

نظّم عبء العمل الخاص بموظفك البارز وكذلك بالآخرين

جزء مهم من عملك بصفتك مديراً هو التأكد من أن العمل مقسّم بشكل عادل. قد يشكل هذا تحدياً عندما تدير شخصاً متفوقاً على الجميع. تقول شابيرو: “تريد إعطاء كافة المهام للموظف ذي الأداء المذهل لأنك تعلم أنه سينجز المهمة”. ولكن في حين أن “ذلك مناسب لك”، ستكون نتيجة العمل الزائد هي الإنهاك الشديد. ولمنع حدوث ذلك، توصي شابيرو بإجراء “تحليل دقيق للأعمال المكلف بها موظفك البارز”، وذلك لتحديد المهام والمشاريع التي يمكن تخفيفها عنه، وذلك “لتوفير القدرة على مشاريع أخرى”. ومن المحتمل أن “يتردد موظفك ذو الأداء المذهل في ترك أي مهام من بين يديه”، ولكن يجب أن تصر على موقفك بحزم. تقول هيل: “كن صريحاً وقل إنك تريد منحه نطاقاً أوسع حتى يتمتع بالقوة العقلية والطاقة والوقت الكافي ليكون في أفضل حالاته”. وتوصي بالحذر من الإنهاك الشديد للفريق قائلة “يُعرف الموظفون البارزون جداً بالريادة. قد يكون الأمر مثيراً وملهماً للأشخاص الآخرين للعمل معهم، ولكن في كثير من الأحيان لا يمكن للآخرين مواصلة العمل معهم”. كما أنك في حاجة إلى “التأكد من أن عبء العمل معقول” بالنسبة للجميع.

ضع في اعتبارك ديناميكيات المجموعة

يمكن للموظفين البارزين جداً أن يتسببوا في إحداث توتر في الفريق. ربما يتوقعون أداءً مساوياً من الآخرين لأدائهم أو يشعر زملاؤهم الآخرون بالغيرة من قدراتهم ويعاملونهم بطريقة مختلفة عن الآخرين. لا يمكنك التحكم في مشاعر الآخرين، لكن يمكنك التعليق على الطريقة التي يتعاملون بها. أولاً، تقول هيل: “لا تفضل أحداً على أحد”، وهو الأهم على الإطلاق. بعدها، تحدَّث إلى أعضاء فريقك حول ديناميكيات المجموعة وسلوكهم الفردي. هدفك من ذلك هو “التأكد من أنهم يعاملون الموظف البارز بشكل مناسب”. وتتفق شابيرو على “أنك في حاجة إلى إجراء محادثات فردية مع الجميع. اسأل كل فرد فيهم: “ما الذي يحفزك وكيف يمكنني مساعدتك؟”

شجّع موظفك البارز على بناء العلاقات

ستحتاج إلى التحدث مع موظفك البارز أيضاً. تقول هيل: إن العديد من أصحاب الأداء المميَّز يواجهون صعوبة في تطوير علاقات الثقة. وتضيف: “إنهم سريعو التعلّم، لذا فهم لا يطرحون الأسئلة ولا يحاولون بناء الجسور لأنهم في الغالب ليسوا مضطرين إلى ذلك”. وتقول إنها وظيفتك بصفتك مديراً أن تشجعهم على بناء العلاقات، كما “تساعدهم على تطوير قدراتهم للمشاركة مع الآخرين وتعلم قوة التعاون”. اشرح لهم كيف أنه “للمساهمة في المؤسسات اليوم، يلزم أن تكون قادراً على العمل مع أشخاص آخرين في وظائف مختلفة”، ثم “تكون شريكاً في مساعدة الشخص على الاندماج مع المجموعة”. أثبِت له “كيف يستفيد عمله من وجهات النظر الأخرى”، واستخدم تبادل الأدوار لتعليمه كيفية العمل بنجاح مع أقرانه.

لا تكن أنانياً

لا يريد أحد أن يخسر موظفاً بارزاً، ولكن عندما تتعامل مع شخص “كفء ولديه كافة المؤهلات”، قد يكون ذلك “إشارة إلى أنه مستعد لأكثر مما تستطيع توفيره له” في موقع وظيفي محدد، وفقاً لما ذكرته شابيرو. فلا تفقده لتكسبه شركة أخرى. ضع في اعتبارك أولويات مؤسستك بالكامل وما إذا كان هناك ما يناسبها من خارج فريقك. كن مستعداً “لخوض معارك على جبهتين”، وفقاً لشابيرو. وتضيف: “تحدَّث إلى رئيسك في العمل عن إيجاد موقع في الشركة لموظفك البارز حتى يتطور، مع التأكد أيضاً من وجود من يحل محله” ممن يتوقع نجاحه في هذا الموقع. وتضيف هيل: “إنها معضلة مشتركة في المبادلة والإدارة”. “لكن لا يمكنك تخزين المواهب”.

مبادئ يجب تذكرها

افعل:

  • قدِّم الثناء والدعم لموظفك البارز، فضلاً عن تشجيعه على الاعتراف بمساهمات الآخرين.
  • أظهِر الثقة عبر تفويض المسؤولية في بعض المشاريع، وترك موظفك البارز يقرر كيف ينفذ العمل.
  • تأكَّد من أن عبء عمل الفريق معقول. الموظفون البارزون جداً يتصدرون المشهد ولا يمكن للجميع مواكبتهم.

لا تفعل:

  • تحميل موظفك البارز فوق طاقته، ومن ثَم فإنك تخاطر بإنهاكه الشديد. تحقَّق من الأعمال المكلف بها وحدِّد المشاريع التي يمكن إزالتها من على كاهله.
  • إهمال بقية أعضاء فريقك. ابحث عن طرق لتطوير كل موظف من المرؤوسين المباشرين لديك.
  • دفن المواهب. إذا كان الموظف مستعداً للتقدم في وظيفته، فيجب عليك مناصرته في الترقية.

دراسة حالة رقم 1: شجِّع موظفك البارز على السعي وراء فرص التعلم داخل مؤسستك وخارجها

يقول جون ستاين، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة “بترمنت” (Betterment)، والمستشار المالي عبر الإنترنت، إنه كان “محظوظاً لوجود عدد من الموظفين البارزين” في فريقه على مر السنين.

تبرز لورا* بشكل خاص، على الساحة. يتذكر جون انضمامها قبل خمس سنوات إلى شركة يقع مقرها في مدينة نيويورك للعمل مساعدة للمسؤول التنفيذي. كانت تفتقر إلى الخبرة، لكنها “أظهرت الكثير من الالتزام والقيادة”.

خلال اجتماعاتهما الأسبوعية، أعطى جون لورا “ملاحظات إيجابية على ما أدته بشكل جيد”، لكنه حرص أيضاً على التحدث عن الجوانب التي يمكن أن تتحسن فيها.

ناقش الاثنان كثيراً طرقاً مختلفة لها لتولي المزيد من المهام الوظيفية. يقول جون: “لم يكن من السهل دائماً العثور على تحديات جديدة لها. لقد رفعنا المعايير ووضعنا أهدافاً ممتدة، وسيتضح قريباً أنها قادرة على تحقيقها”.

لهذا شجع جون لورا على التفكير في مستقبلها على المدى الطويل “راسماً لها مسارات مهنية متعددة محتملة”، في يوم من الأيام، قد تدير التعلم والتطوير في الشركة، أو ربما يمكنها قيادة مجموعة مرافق الشركة. بعد ذلك، وجّهها إلى خوض تجارب من شأنها أن تعدها لكل من هذه الأدوار الممكنة. يقول: “أردت أن أعطي لورا الفرصة لتجربة أشياء جديدة”.

في الوقت نفسه، درّب جون لورا على بناء العلاقات، وشجعها على “تكوين مجموعة قوية من الزملاء ذوي الخبرات الكبيرة من خارج الشركة” لتسريع تعلمها. “الآن، كلما ظهر لديها استفسار، يمكنها أن تجد إجابة عنه بصورة سريعة نسبياً. كما يأتي الموظفون إليها باستفسارات أيضاً. لقد فعلت الكثير لقيادة وتوسيع شبكة علاقاتها”.

يقول جون: مُنحت لورا مزيداً من المسؤولية عن اختصاصات مختلفة للشركة بشكل “تدريجي”.

أما اليوم، فإن لورا تدير فريقاً مكوناً من 15 موظفاً، وتتولى مسؤولية المرافق والموارد البشرية من بين مجالات أخرى، “فقد أدت عملاً رائعاً” وفقاً لجون.

ومع ذلك، يراعي جون دائماً عدم إعطاء لورا معاملة خاصة كما يقول. تعد الاجتماعات الأسبوعية التي تتم بشكل فردي بين المدراء والمرؤوسين المباشرين ممارسة معتادة في الشركة، وتُعتبر الملاحظات المعتادة على أداء كل موظف جزءاً من ثقافة شركة “بترمنت”. ويقول: “لا أفضل أحداً على أحد. لا أريد أن أمنحها فرصاً لا يحصل عليها الآخرون”.

دراسة حالة رقم 2: اعرف ما يحفز موظفك البارز ومكّنه من التقدم

يقول جاي شوفيلد، نائب الرئيس الأول للموارد البشرية في شركة “أونر آي كيو” (ownerIQ) للتسويق الرقمي ومقرها بوسطن: إن إدارة الموظفين ذوي الأداء البارز “نعمة عظيمة”، ولكنها تأتي مع “بعض التحديات الإضافية” أيضاً. ويضيف: “لا توجد قواعد إرشادية”.

قبل بضع سنوات، أدار جاي قسم الموارد البشرية في شركة مستقلة للاستشارات المحلية المحدودة. وهناك، أشرف على روز* “الموظفة البارزة ذات الأداء المذهل” التي تفوقت في وظيفتها. ويذكر جاي أنها: “تركت الدراسة لبضع سنوات، ولكن كان لديها تطلعات كبيرة وإمكانات عالية” ويضيف: “رأيتُ عندها كثيراً من شخصيتي، وكذلك يوجد الكثير لديّ من شخصيتها”.

عندما بدأت روز في العمل لديه، بذل جاي كل ما في وسعه “للإشادة بإنجازاتها أمام الجميع”، وضمها في اجتماعات المسؤولين التنفيذيين. وقال: “لقد اعتقدت بشكل عام أن روز أرادت الكثير من الدعم العلني والعرض على فريق القيادة”.

استمر الأمر كذلك حتى سألها أخيراً: “ما الذي يحفزك؟” ليدرك خطأ طرقه التي اتبعها في السابق معها. يقول: “أخبرتني روز أنها رغم امتنانها لضمها لجميع الاجتماعات، فإنها كانت تُرهق منها جداً، وأن ما أرادته بدلاً من ذلك هو أن تنال دعماً للانخراط بشكل أكبر في مبادرات الشركة التي تدفع المؤسسة إلى الأمام”.

وأجرى كل من جاي وروز عصفاً ذهنياً معاً للخروج بخطط لمشاريع ملائمة لروز ثم أعطاها جاي الاستقلالية لتنفيذ تلك الخطط.

استفسر جاي أيضاً عن أهداف روز المهنية المستقبلية. يقول: “كان التقدم الداخلي مهماً جداً بالنسبة لها، لذلك وضعنا أهدافاً ومؤشرات تطور لمسارها الوظيفي في المؤسسة”. ويضيف قائلاً: “تحدثنا أيضاً عن مسارات أخرى”.

كان أحد الخيارات الممكنة لروز هو أن تصبح خبيرة موارد بشرية معتمدة. حيث ستسمح لها الشهادة المعتمدة في ذلك بالعمل بصفتها مستشارة تتلقى أجراً بدلاً من العمل في الموارد البشرية للشركات.

يقول جاي: “بأنانيتي، أردت أن تبقى روز في مؤسستنا، لكنني أدركت أيضاً أن اكتساب الشهادة سيفتح لها فرصاً وظيفية جديدة. أردت إظهار أننا كنا نستثمر فيها وأنني التزمت بتقدمها المهني. كان مهماً لها أن تدرك ذلك”.

وبعد أن استحوذت شركة “فورتشن 10” (Fortune 10) على مؤسستهم، غادر جاي الشركة، في حين لا تزال روز هناك تعمل على عملية الدمج بعد حصولها على الشهادات المعتمدة اللازمة لذلك. يقول: “أتطلع بشغف للعمل معها مجدداً في المستقبل”.

* تم تغيير الأسماء

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .