توقفوا عن كتابة خطاباتكم قبل إلقائها

7 دقائق
كتابة الخطابات قبل إلقائها
‎الرسوم التوضيحية: جيسون شنايدر
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: على الرغم من أن الهدف الأساسي للمتحدث هو إشراك جمهوره وإلهامه، يميل العديد من المسؤولين عن التواصل إلى كتابة خطاباتهم قبل إلقائها لاعتقادهم الخاطئ أن هدفهم ينطوي على جذب الأنظار إليهم حول مدى براعتهم في التحدث أو الكتابة. لكن في الواقع، لا علاقة لتلك العقلية بقدرتك على توضيح وجهة نظرك أو أداء عملك، فضلاً عن أنها تجعلك تركز على الأداء (“أود أن أبهرك”)، بدلاً من العرض التقديمي (“أود أن أقنعك”). عندما تكتب خطابك بشكل كامل فأنت تُقصي جمهورك، لكن عندما تُلقي خطابك وتسترق النظر إلى ملاحظات محدودة بيدك فأنت تُشرك جمهورك في التجربة. ويُعتبر إدراك الفرق بين النهجين أمراً بالغ الأهمية، لأن البشر يميلون إلى إيلاء اهتمامهم بالمتحدثين الذين يُظهرون اهتماماً بهم أو يولون اهتماماً صادقاً بهم بالفعل. ويشير التحدث بشكل عفوي وإظهار القناعة والوعي الصادقين إلى امتلاكك فكرة تود مشاركتها، وهي فكرة تقتنع بها بشدة لدرجة أنك على استعداد للتعبير عنها بشكل شخصي وعلى العلن. يمكن لأي شخص أن يقرأ النص، بينما القادة الحقيقيون هم أولئك الذين يطلقون العنان لأفكارهم بشكل عفوي.

 

قالت لي إحدى العميلات اللواتي أدربهن بعد أن رأيتها تتمرن على عرضها التقديمي “لا تقلق، “سأكتب العرض بأكمله وأحفظه بحلول الأسبوع المقبل!”.

وبحسب خبرتي، من المحتمل أنها كانت تعني أيضاً: “لا تقلق، سأجعل مهمتي صعبة بلا جدوى وأضمن ألا يحصل أي تواصل بيني وبين جمهوري!”.

لقد اعتقدت مثل كثير من الناس أن “الخطاب الجيد” هو خطاب تكتبه كلمة بكلمة وتقرأه بصوت عال، وربما تحفظه حتى. وقد تعلّم البعض ذلك النهج في الكليات، في حين استدل عليه آخرون من رؤية خطابات مؤثرة ومثالية من السياسيين ومتلقّي الجوائز والشخصيات التلفزيونية الخيالية.

إذا كان لديك فريق من مؤلفي الخطابات الذين يعملون لصالحك، فمن المؤكد أنك تطلب منهم إبراز مواهبهم الفريدة في الكتابة لتتخذ موضعك أمام شاشات التلقين بعد ذلك وتلقي خطابك. لكن لا ينطبق ذلك الوصف على الجميع، بل يقدم معظمنا عروضاً تقديمية بشكل متكرر في اجتماعات العمل والمؤتمرات عبر الإنترنت ومجموعة واسعة من الفعاليات الداخلية والخارجية الصغيرة إلى المتوسطة الحجم. وتعد الكتابة والقراءة وحفظ الخطاب كلمة بكلمة في تلك المواقف النموذجية في الواقع أحد الأساليب المدمرة وغير المثمرة التي قد تمارسها بصفتك مقدم الخطاب.

ونورد فيما يلي أبرز المزالق المرتبطة بالكتابة والقراءة وحفظ الخطابات بشكل كامل، بالإضافة إلى الخطوات البديلة التي تمكّنك من تحقيق هدفك الرئيس، ألا وهو إشراك جمهورك وإلهامه.

الكتابة تجعلك تركز على الأفكار الخاطئة

على الرغم من أن الهدف الأساسي للمتحدث هو إشراك جمهوره وإلهامه، يميل العديد من المسؤولين عن التواصل إلى كتابة خطاباتهم لاعتقادهم الخاطئ أن هدفهم هو جذب الأنظار إليهم حول مدى براعتهم في التحدث أو الكتابة. لكن في الواقع، لا علاقة لتلك العقلية بقدرتك على توضيح وجهة نظرك أو أداء عملك، حتى أنها تجعلك تركز على الأداء (“أود أن أبهرك”)، بدلاً من العرض التقديمي (“أود أن أقنعك”).

غالباً ما تكون عملية كتابة خطاب كامل عملية بلا هدف ومضيعة للوقت، فكلما تطرح مفهوماً جديداً، تضيف عدداً من الأسطر الإضافية لتنظيم تلك الأفكار ووضعها ضمن السياق الصحيح. بل تنطوي الخطوة الأمثل على أن تجعل تلك الكلمات والانتقالات بين الأفكار تنساب منك بشكل عفوي وطبيعي، بدلاً من أن تقرأ خطابك كلمة بكلمة وكأنك روبوت، قد يكون خطابك عندما تقرأه ودياً، لكنه سيبدو متكلفاً ومصطنعاً بشكل ملحوظ.

في الواقع، لا يمتلك جمهورك الوقت الكافي لفهم كلمات وعبارات محددة، أو حتى تذكرها، وبالتالي عندما تقضي وقتاً في ابتداع “الكلمات المثالية” وكتابتها، فأنت تقلل من شأن جمهورك، حتى لو كانت كتابة الخطاب تجعلك تشعر بالراحة أو الفخر.

عندما تكتب خطابك بشكل كامل فأنت تُقصي جمهورك، لكن عندما تُلقي خطابك وتسترق النظر إلى ملاحظات محدودة بيدك فأنت تُشرك جمهورك في التجربة. ويُعتبر إدراك الفرق بين النهجين أمراً بالغ الأهمية، لأن البشر يميلون إلى إيلاء اهتمامهم بالمتحدثين الذين يُظهرون اهتماماً بهم أو يولون اهتماماً صادقاً بهم بالفعل. ويقول ستيف كوهين، وهو مؤلف وأستاذ جامعي في “كلية جونز هوبكنز كاري للأعمال”: “ينطوي السر وراء إلقاء خطاب ناجح على إيلائك اهتماماً صادقاً بجمهورك. فإذا واصلت اتباع نهج يركز على الجمهور، سينظر إليك بعين الاستحسان والتقدير”.

تخيل أن شخصاً ما يود نصحك بمشاهدة فيلم أُعجب به. هل يجب أن ينظر إليك في عينيك ويشرح لك السبب الذي يجعل الفيلم مقنعاً، أم يجب أن يذهب إلى منزله ويكتب تقييماً عنه ثم يعود إليك مجدداً ويقرأ لك رأيه النهائي؟ تخيل الآن أن ذلك الشخص لا يقدم لك توصية لمشاهدة فيلم، وإنما لاستراتيجية تسويق جديدة رائعة، أو نظام توصيل متقدم للقاحات، أو حملة للحفاظ على الأرض. قد ترغب بصفتك إنساناً مهتماً في سماع حججه بكلمات عفوية، وليس بقراءة شيء كتبه بعيداً عنك ودون أن تكون محور تركيزه.

القراءة تبني حاجزاً

تنطوي قراءة الخطابات بشكل حرفي على كثير من المساوئ الفريدة، فهي تقلل من قدرتك على التواصل البصري مع جمهورك، سواء عند عقد اجتماع وجهاً لوجه أو عند إجراء مكالمة عبر تطبيق “زووم”. وتقلل القراءة أيضاً من قدرتك على التحدث بقناعة شخصية، لأنك عندما تقرأ خطاباً بصوت عالٍ، لا يكون تركيز عقلك منصباً على تثقيف جمهورك أو إلهامه، بل يكون منهمكاً في قراءة مئات من الكلمات المختارة بعناية على التوالي. لن يكون سهلاً أن تقرأ الكلمات وأن تُظهر الحماس في آنٍ واحد، لكن عندما تقدّم خطابك دون نص، فأنت تستعيد بذلك التواصل البشري بينك وبين جمهورك وتفسح المجال لتحقيق مزيد من التواصل العاطفي معهم.

ونادراً ما شهدت خلال أكثر من 15 عاماً من مشاهدة متحدثين وتدريبهم شخصاً يقرأ خطاباً ويتمكن من إيصال فكرته بشكل مقنع مقارنة بشخص يعرض أفكاره بشكل عفوي. ومجدداً، عادة ما ينقطع تركيز الجمهور عندما يكون مقدم العرض يقرأ خطابه، إذ سيشعر المستمعون أنهم معزولون عن عملية التواصل بينهم وبين المقدم.

وتؤكد منصة “تيد” على تلك النقطة أيضاً عبر وصاياها للمتحدثين التي تضم قائمة بما يجب فعله وما ينبغي تجنبه، إذ تقول الوصية رقم 9:

لا تقرأ خطابك: “إن أسوأ ما قد تفعله في أثناء مخاطبة الجمهور هو أن تركن إلى ملاحظاتك وإلى قراءة خطابك بدلاً من أن تخاطب جمهورك. لو أرادوا منك أن تقرأ لهم، يمكنك حينئذ أن ترسل إليهم بريداً إلكترونياً يضم فحوى كلامك”.

يشير التحدث بشكل عفوي وإظهار القناعة والوعي الصادقين إلى امتلاكك فكرة تود مشاركتها، وهي فكرة تقتنع بها بشدة لدرجة أنك على استعداد للتعبير عنها بشكل شخصي وعلى العلن. قد يبدو ذلك النهج قوياً، وهو كذلك بالفعل.

في المقابل، يصر بعض الأشخاص على كتابة خطاباتهم بشكل كامل لتهدئة قلقهم من مخاطبة الجمهور. بمعنى آخر، أنّى لك أن تفشل في حين أن كل ما يجب عليك فعله هو قراءة 932 كلمة بالترتيب، مع إضافة بعض التوكيد على بعض العبارات وممارسة بعض التواصل البصري؟ لكن في الواقع، عندما تصب تركيزك على الانتقال من الكلمة الأولى إلى الكلمة 932، سيتحول الهدف الكامل من مخاطبة الجمهور إلى مهمة آلية.

ومن المهم إدراك أن التضحية بالأثر الذي تتركه في جمهورك للحفاظ على راحتك وأمنك ليس نهجاً مستداماً. بل تنطوي أفضل طريقة للتغلب على الخوف من مخاطبة الجمهور على تبني هدفك، وليس التهرب منه.

حفظ الخطاب يعني البحث عن المتاعب

عندما تحفظ شيئاً ما، فأنت لا تزال تقرأ، باستثناء أن النص أصبح في عقلك الآن بدلاً من يديك، ويمكن لأدنى فشل في الذاكرة أن يجعلك تفشل في مواصلة الحديث وأن تفقد تركيزك. ويمكن للهفوات الصغيرة في الذاكرة وحركاتك المريبة حتى أن تكشف لجمهورك أنك تقرأ من نص، وهو ما قد يضر بمصداقيتك وأصالتك وتفقد احترامهم لك كمقدم ضيف.

لماذا تخاطر بنسيان شيء حفظته أو تحمل على ظهرك مشقة الكتابة والقراءة في حين توجد طريقة أسهل وأسرع وأكثر فاعلية للتحضير والممارسة والإلقاء؟ تشتمل تلك الطريقة الأفضل بالنسبة لي على 4 خطوات أساسية:

1. ابدأ بإعداد مخطط تفصيلي

كان معلمو المدرسة الابتدائية على حق: تبدأ كل عملية تواصل جيدة بمخطط، أي دليل تفصيلي يوضح النقاط التي يجب عليك طرحها لتصل إلى هدفك. تبدأ المخططات الأكثر فاعلية بتقديم عرض (أود أن أبيعك فكرة)، تتبعها النقاط التي تدعم ذلك العرض (سأبين لك أهمية تلك الفكرة بالنسبة لك).

وكلما تدربت أكثر، أصبحت تلك العملية أقصر، إذ ستدرك أنك لن تحتاج إلى تذكر كل شيء، خلاف اعتقادك.

2. اكتب ملاحظات مفيدة

سيصبح مخططك صغيراً ومختصراً في النهاية بحيث يمكنك كتابته على بطاقة صغيرة، وتلك هي فقط الملاحظات التي تحتاج إليها. يمكنك اعتبار تلك الملاحظات كورقة غش، تنظر إليها لتذكرك بالنقاط الرئيسة والتفاصيل الأساسية التي قد تنساها. غالباً ما أطلب من عملائي كتابة ملاحظاتهم كما لو أنهم يكتبون قائمة التسوق، أي كتابة عبارات مرقمة واختصارات دون إضافة جمل كاملة.

أنت لا تكتب في قائمة التسوق، “اشترِ 3 قطع من الأفوكادو الطازجة من الممر الرابع في قسم الفواكه”، بل تكتب “3 أفوكادو”.

في الواقع، يجب أن تكون ملاحظاتك مشفرة لاستخدامك الشخصي فقط، بحيث إن قرأها شخص آخر سيجد أنها غير منطقية.

إن ما يميّز عملية كتابة ملاحظات مقارنة بكتابة نص كامل هو قدرتك على النظر في أعين جمهورك ثم النظر إلى الورقة وتتبّع مسار خطابك بسهولة وتذكر ما يجب عليه قوله بعد ذلك. لكن إذا فشلت في تذكر السطر الذي قطعت فيه حديثك، لنقل الكلمات 439 و440، فقد يستغرق الأمر منك وقتاً طويلاً لتتمكن من تجاوز تلك العثرة.

3. تدرب بفاعلية

أنت تعلم بالفعل أن التدرب على إلقاء الخطاب هو ممارسة مهمة، لكن من الضروري أن تفهم الفرق بين ممارسة العرض التقديمي الفاعلة وغير الفاعلة. تتمثّل الممارسة غير الفاعلة في التفكير في خطابك وتمتمة بعض الكلمات، وهو ما يساعدك في حفظ مسار عرضك التقديمي بشكل أفضل. في حين تنطوي الممارسة الفاعلة على جعل عقلك وفمك يعملان معاًبهدف نقل خطابك بصوت عالٍ وبشكل آني. وتُعتبر تلك الممارسة مشابهة لأسلوب المحاكاة، بمعنى التدرب على ما ستفعله عندما تلقي خطابك بشكل حقيقي.

أنت لست بحاجة إلى شخص أو مرآة أو كاميرا للتدرب بفاعلية، بل كل ما يحصل هو أن عقلك وفمك يتدربان على تقديم الأداء بشكل فعلي.

4. ثق بنفسك لا بالنص

أنت تتحدث في مكان عملك طوال الوقت ودون قراءة أي نص، سواء في الاجتماعات ومقابلات العمل ومراجعات الأداء ومكالمات المؤتمرات عبر الفيديو وغير ذلك. وإذا كان ذلك صحيحاً، فذلك يعني أنك تثق بنفسك وفي خبرتك ومصداقيتك عندما تتحدث بشكل عفوي. عزز تلك الفكرة في ذهنك إلى حين أن تثق بقدرتك على تقديم آراء مقنعة دون وجود نص مكتوب كلمة بكلمة.

باختصار، عندما تعرف ماهية أفكارك حق المعرفة، وتكتب ملاحظات جيدة، وتتدرب على تقديم الأداء بطريقة صحيحة، ستدرك أن نقل أفكارك بشكل عفوي دون كتابتها هو طريقة أسهل وأقل رعباً وأكثر فاعلية مما كنت تعتقد.

وتلك الثقة بالنفس هي ما ستمكنك من السير على طريق النجاح. يمكن لأي شخص أن يقرأ النص، بينما القادة الحقيقيون هم أولئك الذين يطلقون العنان لأفكارهم بشكل عفوي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .