احتفظ بقائمة الأمور غير الأخلاقية التي لن تفعلها أبداً

3 دقائق
قائمة الأمور غير الأخلاقية التي لن تفعلها أبداً
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ترتبط الإدارة بمفاهيم الالتزام والتنفيذ والاقتداء. إنها إجابة عن ثلاثة أسئلة أساسية. هل تصرفت؟ إذا فعلت فهذا جيد. هل نجح تصرفك؟ إذا نجح، فاسلكه مجدداً. وإن لم ينجح؟ افعل شيئاً آخر. وقبل كل شيء استمر في إنجاز الأمور والمبادرة إلى الفعل.

أُدرِّس مادة الرقابة الاستراتيجية في جامعة “بورتلاند” (University of Portland). تحدثنا في إحدى المحاضرات مؤخراً عن التصرفات والأمور غير الأخلاقية التي شهدناها في مجال الأعمال. كالمحاسبة الاحتيالية التي قضت على الوظائف والمستثمرين. والعمليات الفعالة التي تؤثر في جودة الأغذية الحيوانية. وسلوكيات السائقين والمتسترين على الممارسات التي تكلف الناس أرواحهم. من السهل إذاً أن نكتب قائمة طويلة بهذه السلوكات، ومن الصعب ألا نتأثر بها نفسياً.

سألت طلبتي السؤال التالي: من منكم يطمح إلى فعل مثل هذه التصرفات؟ وقد كانوا مصدومين طبعاً من هذا السؤال. ثم أشرت إلى أن حياة هؤلاء الأشخاص الذين فعلوا هذه التصرفات كانت في السابق مثل حياتهم. لقد كانوا أيضاً شباباً، وكانوا طموحين، ويريدون أن يحسنوا صنعاً. ولكن.

فعمّ الصمت قاعة المحاضرات.

تضعنا الحياة في منحدرات زلقة. وتُظهر التجارب والخبرات أن الناس يقاومون الانتقال من حالة البراءة إلى حالة الشر، لكنهم قد ينجرّون إليها بارتكاب فعل واحد غير مؤذٍ لمرة واحدة، ولسان حال أحدهم يقول: “لا بأس أن تغش قليلاً، ويمكنك معالجة المشكلة لاحقاً. اسلك الطريق الممنوع، زيف الحقيقة، وتكتم على ما حدث”.

المنحدرات الزلقة للأمور غير الأخلاقية

يتحدث ماكس بازرمان الأستاذ بكلية “هارفارد للأعمال” عن المنحدرات الزلقة في كتابه “قوة الملاحظة” (The Power of Noticing) ويبين أن جريمة الاحتيال الكبيرة على سبيل المثال يمكن أن تبدأ بعجز بسيط، يقرر مدير صندوق أو مدقق حسابات (وربما عن قناعة) التستر عليه. سيسد النجاح المستقبلي للمؤسسة عجز الصندوق فلا مشكلة إذاً. لكن عندما لا يحصل ذلك النجاح في المستقبل، فإن إخفاء الاحتيال يصبح أكثر صعوبة، حتى مع تزايد الشعور بفظاعة تقبله.

إن عملي الرئيس هو تقديم الاستشارات في مجالات ألعاب الحرب والمحاكاة الاستراتيجية وورشات الاستراتيجية. كما عملت في قطاعات مختلفة عبر العالم. واكتشفت منذ زمن طويل أنني لم أعد أقبل العمل في مجالات معينة. لا يهم ما هي هذه المجالات. ولكن المهم هو أنني أردت أن أعيش في انسجام مع معتقداتي وقيمي كأي شخص آخر. فقررت أنني لن أطلب ولن أقبل عملاً من الشركات التي تعمل في هذه المجالات.

وتكرر هذا الأمر مرات عديدة خلال سنوات، وكلما واجهته، فعلت ما قلت لنفسي أنني سأفعله. كان الأمر سهلاً مثل سهولة قرار مسبق بعدم طلب أكلة “فيتوتشيني ألفريدو” (fettuccine Alfredo) الدسمة في مطعم إيطالي خلال فترة الحمية.

وفيما بعد بدأت أعمالي تتراجع. فطلبت مني شركة في هذا القطاع الإشراف على إطلاق لعبة من ألعاب الحرب لفائدتها. كنت أريد المال. فبررت الأمر لنفسي بأنني سأقوم فقط بإعادة توزيع الحصص السوقية، ولن أقوم بالتوسع في السوق. وتصورت أن رفضي لهذا العمل لن يحول دون قيام شخص آخر به. فأرسلت لهم الاقتراح الذي طلبوه مني.

لم أحصل على المشروع… وشعرت بالارتياح. ولكنني عرفت أنني سأشعر بذلك حتى قبل أن أرسل المقترح، ومع ذلك أرسلته. وكنت قد بررت ذلك أيضاً. فلماذا أعذب نفسي بطرح الأسئلة الصعبة علماً أنني قد لا أحصل على المشروع؟ إنها فكرة الخطوة الواحدة غير الضارة لمرة واحدة.

إحداث الفرق بإنشاء قائمتك للأمور غير الأخلاقية

أشعر بالحرج لأنني قدمت ذلك العرض. لكنني محظوظ. فالأمر سيكون أسوأ لو حصلت على المشروع وأنجزته. تُناقش كل من كارول تافاريز وإليوت أرونسون في كتابهما “ارتُكبت الأخطاء (لكن لست أنا الفاعل)” (Mistakes Were Made But Not by Me) مفهوم التنافر المعرفي، الذي يشعر من خلاله الناس بضيق شديد، عندما يلاحظون أنهم تصرفوا على خلاف معتقداتهم وقيمهم. كما وجدت كل من فرانشيسكا جينو من كلية “هارفارد للأعمال” ومريم كوتشاكي من كلية “كيلوغ” (the Kellogg School) أن هناك فقدان ذاكرة غير أخلاقي حسب دراساتهما التي شملت عينة من 2,100 مشارك. وتشير الباحثتان إلى أن الشعور بالضيق يجعل من الصعب تذكر السلوك المناقض للمعتقدات، وبالتالي يسهل تكراره.

لقد تقاسمت قصة المقترح الذي قدمته لشركة الألعاب مع طلبتي، ثم اقترحت عليهم أن يكتب كل واحد منهم قائمة. ولكنني لم أطلبها منهم كتكليف، أو لتقاسمها، وإنما طلبت منهم أن يكتبوها لأنفسهم. اكتب قائمة بالأعمال التي لن تقبلها. وأعد قراءتها من حين لآخر.

إن كتابة قائمة بالأمور غير الأخلاقية التي لن تفعلها لا يحميك من التعرض للإغراء. ولا يضمن أنك لن تفعل شيئاً تندم عليه فيما بعد. كما أنه لن يجعل منك شخصاً ثرياً أو مشهوراً، ولن ينسب لك الفضل لأنك لم تفعل شيئاً ما. كما أن كتابة القائمة لا تحل مسألة الاختيار بين أهون الشرين. فمن سيلوم جان فالجان، اللص وبطل رواية “البؤساء” على سرقته رغيف خبر من أجل إطعام أبنائه؟ هناك مسرحية غنائية كاملة تؤكد أنه فعل الشيء الصواب.

لكن قائمتك ربما تساعدك في التعرف على نقطة بداية انحرافك.

يريد الناس أن يحدثوا فرقاً إيجابياً. إليك كيف تحدث هذا الفرق. إما أن تفعل الشيء أو لا تفعله.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .