هل عليك طلب المساعدة من زملاء العمل عندما يصعب عليك اتخاذ القرارات؟

4 دقائق
طلب المساعدة عند اتخاذ القرار
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما تشعر أن إخبار مديرك بشواغلك هو أمر محفوف بالمخاطر، تذكّر الحكمة القديمة التي تنصحك باختيار كلماتك بحرص شديد مع تجنب الألغام السياسية ومحرضات المسائل العاطفية إضافة إلى طلب المساعدة عند اتخاذ القرار. وعندما تقلق حيال عدم تحقيق اقتراحاتك (حتى لو كانت مخاطر طرحها بسيطة)، تكون خطة الحل المعتادة هي تحضير مقترحك الذي يركز على تقديم حلول ويستند إلى البيانات، مع وضع أولويات مديرك والضغوط التي يتعرض لها حالياً موضع الاهتمام، والتركيز كذلك على غيرها من العوامل ذات الصلة، حتى تتمكن من تأطير مقترحك وتقديمه بطريقة ربما تساعد في تحوله إلى إجراء ملموس.

ويمكن أن تنجح هذه الاستراتيجيات بالفعل في العديد من الحالات. لكن إن لم يكن من المهم حصولك على فضل الفكرة المطروحة وإذا كنت تركز أكثر على حل مشكلة أو اغتنام فرصة ما، ربما سترغب في تلك الحالات بالنظر إلى خيارين آخرين وهما أن تطلب من شخص آخر أن يُبدي الرأي بدلاً منك أو أن تطلب من مجموعة من زملائك إبداء رأيهم معك.

لقد شهدنا نجاح هذين النوعين من المقاربات في العديد من المؤسسات ولكننا سنصب تركيزنا هنا على ما تعلمناه مما يقرب من 60 مقابلة شخصية مع ممثلي المبيعات والخدمات ومدرائهم في إحدى شركات التأمين المدرجة على قائمة “فورتشن 500”.

طلب المساعدة من فريق العمل عند اتخاذ القرارات

لنتخيل في البداية أنه لديك مشكلة أو فكرة تود أن يتعامل مديرتك معها، وأنك متردد في طرحها لأنك جديد نسبياً أو لأنك لست مقرباً من رئيستك أو لأنه لا يوجد الكثير من الأمور المشتركة بينكما وتعتقد أنك لا تروق لها أو أنها لا تحترمك، وتراودك مشاعر الخوف وتخشى من ضياع محاولتك سدى. ولكنك صادقت أحد أفراد الفريق الذين يتمتعون بمكانة أعلى، وهو شخص يعتبر كفؤاً وأهلاً للثقة، فتقرر أن “تجسُ نبضه” حول المشكلة. وعندما يوافقك الرأي بوجود المشكلة، تسأله عما إذا كان من الممكن أن يطرحها على مديرتك. فيوافق على قيامه بذلك لأن يحظى بعلاقة أفضل معها ويتمتع بمكانة أفضل ككل في المؤسسة، مقارنة بك. من حيث المبدأ، أنت تستفيد من قبوله لمشكلتك حتى تزيد من فرص حث المدير على اتخاذ إجراء.

قال ما تزيد نسبته على 90% ممن قابلناهم شخصياً بأنهم طلبوا النصائح من أحد زملائهم في العمل عندما حاولوا التعبير عن رأيهم إلى مديرهم، وقال أكثر من ثلثيهم أنهم سبق وطلبوا من زميل التعبير عن الرأي بدلاً منهم. خلال دراسة كمية تكميلية لشركة التأمين ذاتها، اكتشفنا أن موظفي مركز الاتصال غالباً ما استعانوا بالفعل بأقرانهم الأكثر موثوقية والأعلى مرتبة ليكونوا “وسطاء لتوصيل أصواتهم”، وأن أداء هؤلاء الوسطاء في عملهم قد تحسّن نتيجة لاستعانة زملائهم بهم، وأن المدراء أنفسهم الذين أنصتوا أكثر لما قاله هؤلاء الوسطاء حققوا أداءً أفضل. (علماً أنه تم تقييم الأداء حسب مبيعات وثائق التأمين الجديدة وكذلك كمية وكفاءة وجودة مكالمات الخدمة).

باختصار، تتمثل الميزة المكتسبة من هذه الاستراتيجية في وصول مشكلتك إلى المدير مع ازدياد ترجيح أن يتم الاستماع إليها بالمقارنة بما سيكون عليه حال الفكرة لو كنت قد طرحتها بنفسك. ماذا عن الجانب السلبيّ؟ قد تزيد من قوة تقدير مديرتك لزميلك وليس لك أنت، بصفته الشخص الذكي والاستباقي الذي يركز على تقديم حلول لمشكلات الفريق. وربما تتمكن من تحقيق استجابة في هذه المرة، ولكنك في الغالب لن تكسب مصداقية بنفسك للاستفادة منها على المدى الطويل.

والآن تخيل أن لديك مشكلة تشعر أنها محفوفة بالمخاطر أو لا جدوى منها إلى حد يمنع أي شخص في فريقك من طرحها فردياً. لعلها تتعلق بسياسة أعمال تجارية أو عملية يتشبث بها مديرك أو لا يستطيع تغييرها بنفسه على أي حال، أو ربما تكون مشكلة تتعلق بسلوك أو أداء مديرك نفسه. حيث إن هذه هي الحالات التي غالباً ما يسود الصمت فيها. لكننا اكتشفنا من خلال مقابلاتنا الشخصية أن الأشخاص أحياناً أحسنوا التصرف عندما تجمعوا معاً للتعبير عن رأيهم بشكل جماعي.

في بعض الحالات، شمل الأمر الحديث كمجموعة مع مديرهم المباشر خلال الاجتماع الأسبوعي على سبيل المثال، أو تضمن العثور على فرصة للتحدث كمجموعة إلى مدير من مستوى أعلى، بينما تضمن في حالات أخرى ونتيجة صعوبة توفر وقت يكون الجميع متفرغين فيه، أن يتم التخطيط لسلسلة من الاجتماعات الفردية والتأكيد على استخدام الإشارة إلى المجموعة بصيغة “نحن” خلالها.

أهمية حالات “الصوت الجماعي”

سمعنا عن حالات “الصوت الجماعي” فيما يقارب ثلث مقابلاتنا الشخصية وفوجئنا في البداية عندما عرفنا أن المشاركين اعتبروا النتائج إيجابية في كل من تلك الحالات. وأدركنا بعدما تعمقنا في التفكير أن هذا النجاح نبع من قدرتهم على تقليل المخاطر وعلى زيادة كفاءتهم على حد سواء عند التعبير عن آرائهم. وأشار الأشخاص بصراحة إلى وجود “القوة في الجماعة” وإلى أنهم شعروا “بأمان أكبر بكثير في الحديث مع المدير كجماعة”. كما أشاروا إلى أن احتمالية “إهمالهم على اعتبار أن مجرد شخص واحد مستاء” انخفضت بمجرد إدراك المدير أنهم كانوا يطرحون مسألة منهجية. إذ أدركوا فعالية التضامن واستفادوا مما يطلق عليه العلماء اسم “الإثبات الجماعي” وهو التأثير الذي يأتي من مشاهدة التزام الآخرين بمسار عمل. كما كان الصوت الجماعي أكثر ترجيحاً بالمقارنة بالصوت الفردي في التسبب باتخاذ إجراء، لأنه كان قد تم بالفعل الحصول على التنسيق والقبول اللازمين من الزملاء لحل مشاكل محددة عند حلول وقت التحدث مع المدير.

هل يمكننا القول إنك ستضمن في جميع الحالات البقاء في مأمن وأن ما تفعله سيؤدي إلى اتخاذ إجراء عند الحصول على المساعدة في التعبير عن الرأي سواء كانت من الأقران أو من مجموعة كاملة؟ بالطبع لا. قد تُضيع وقتك عند اللجوء إلى أقران لا حول لهم مثلك لتقديم المساعدة أو ربما يشوه الزملاء وجهة نظرك عند إبدائها أمام الإدارة نيابة عنك، أو ربما تتورطون جميعاُ في مشكلة على الرغم من اتحادكم. ولكن إذا كنت تهتم حقاً بتصحيح مشكلة أو اغتنام فرصة، قد يكون من المفيد أن تفكر في كيفية حصولك على المساعدة من الآخرين عند اتخاذ القرار، وذلك يعني أن تفكر في الاستعانة بمن يتحدث بدلاً منك أو الحديث ضمن مجموعة من أجل إبداء الرأي بطريقة ناجحة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .