لماذا تعتبر بعض صداقات العمل جيدة وبعضها الآخر سبباً للمشاكل؟

30 دقيقة
shutterstock.com/A. and I. Kruk
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع نانسي روثبارد أستاذة في كلية “وارتون” بجامعة بنسلفانيا، وجوليانا بيلمير، وهي أستاذة في كلية “ستيرن للأعمال” بجامعة نيويورك.

نقدم لكم هذا الموضوع عبر المدونة الصوتية (بودكاست) “النساء في العمل” (Women at Work).

استمع واشترك في هذه المدونة الصوتية عبر: “آبل بودكاست” أوجوجل بودكاست” أوآر إس إس“.

لنفترض أنك تشعر بالتوافق التام مع أحد زملائك بصفة خاصة. وتجد أنكما تقضيان الوقت معاً في مكتب كل منكما، وتتراسلان بالرسائل النصية بدلاً من البريد الإلكتروني، وتتقابلان لتناول الغداء في عطلة نهاية الأسبوع. أي أنكما أصدقاء. هذه جميعاً أمور طيبة وحسنة… إلى أن يضع العمل صداقتكما على المحك. إذ ربما تختلفان بشأن كيفية التعامل مع أحد المشاريع (وتتردد في إخبار صديقك)، أو أنك تريد إعطاءه مهمة (لكن يساورك القلق بشأن وقع ذلك لدى الآخرين)، أو أنه حصل على ترقية (كنت تتمناها لنفسك).

سنتناول بعض النزاعات التي تنشأ بشكل متكرر بين الأصدقاء في العمل مع باحثين اثنين قاما بدراسة هذه العلاقات، حيث سيقدم هذان الباحثان نصائح حول كيفية وضع حدود، بكل احترام، ومواجهة لحظات التوتر. وسنستمع أيضاً إلى امرأتين أصبحتا صديقتين في العمل وظلتا كذلك لفترة طويلة بعد أن تفرّقت بهما سبل الحياة المهنية.

وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:

النص:

نيكول توريس: أنتم تستمعون إلى المدونة الصوتية “النساء في العمل” (Women at Work)، من هارفارد بزنس ريفيو. معكم نيكول توريس.

إيمي غالو: وأنا إيمي غالو.

إيمي بيرنستين: وأنا إيمي بيرنستين. من الجميل أن يكون لديك زملاء عمل يعتبرون أصدقاءك أيضاً. إذ إنهم يجعلون القدوم إلى العمل أكثر متعة وجاذبية، بل ويمكن أن يساعدوك في احتمال الوظيفة المملة. وإنه لشعور طيب عندما نحظى بصديق يدفعنا بالتشجيع ونثق به ونصارحه بما نحسّه ونجهش بالبكاء أمامه. ستتناول هذه الحلقة محاسن الصداقات في العمل. لكننا سنناقش فيها أيضاً التحديات التي تنطوي عليها هذه الصداقات عندما تصبح مديراً أو تحاول تخفيف وتيرة علاقة مستنزِفة للغاية.

نيكول توريس: كتبتُ عن الصداقات في مكان العمل في إحدى إصدارات نشرتنا الإخبارية، وقد راسلنا العديد منكم عبر البريد الإلكتروني بشأن تجاربهم في صداقات العمل. حيث وردت إلينا قصص عن زملاء العمل المقربين إلى بعضهم بشكل وثيق لدرجة يبدو كما لو أنهم عائلة واحدة، لدرجة أنهم يحتفلون بالعطلات مع بعضهم. وأخبرَنا الأشخاص أيضاً عن الجوانب السلبية لصداقات العمل، مثل البوْح الذي يكون في لحظته مريحاً، لكنه يجعلهم يتساءلون لاحقاً عما إذا كانوا قد تشاركوا قدراً من المعلومات أكبر مما ينبغي مع أصدقائهم، ومثل وخزات الغيرة التي يشعر بها المرء عندما يحصل صديقه على ترقية كان هو يأمل في الحصول عليها.

إيمي غالو: بعض الصداقات التي تبدأ في العمل تنتهي عندما تنتهي فترة عمل الأصدقاء معاً في الشركة نفسها. لكن هذا لم ينطبق على المرأتين اللتين ستُدليان بإفادتهما في هذه الحلقة. تييرا تيرنر وكريستون أوم تقابلتا عندما كانتا في العشرينيات من عمرهما في أول وظيفة يعملان بها. وقد عملتُ أنا وتييرا معاً في فعالية كنتُ أتحدث فيها، وذكرتْ أنها كانت تقضي إجازة مع صديقتها القديمة كريستون. وعندما سمعت منها المزيد عن صداقتهما؛ وكيف بدأت وكيف صمدت أمام تغيّرات الحياة العديدة، انتابني الفضول لمعرفة المزيد عنها. وإليكم الحوار الذي أجريته معهما. شكراً جزيلاً لكما يا تييرا وكريستون على التحدث معي في حلقة اليوم.

كريستون أوم: شكراً لك.

تييرا تيرنر: شكراً لك على استضافتنا.

إيمي غالو: حسناً يا تييرا، أود أن أبدأ بك. هلّا تخبريننا القليل بشأن المرة الأولى التي قابلتِ فيها كريستون؟

تييرا تيرنر: أعتقد أنني التقيت بها قبل أن أقابلها. إذ كنا نعمل في شركة تعمل في مجال التسويق والمبيعات للمعدات الكهربائية وتتسم ببيئة عمل نموذجية ومثالية وناجحة. وما كنت أعرفه عنها كان أشياء رائعة فعلاً، إذ إنها شخصية ناجحة في مساعيها وأهدافها. ومن ثم قابلتها، وسأكون صادقة؛ لم يكن ما سمعته عنها هو بالضبط ما لمسته فيها في البداية.

إيمي غالو: كيف ذلك؟

تييرا تيرنر: في حين كانت كريستون بالتأكيد ناجحة ومتفوقة وتحقق أهدافها، إلا أن كلينا أتى من خلفيتين مختلفتين تماماً. فأنا فتاة مدنية من مدينة برونكس، وكريستون قادمة من بلدة أصغر اسمها سفن فاليز في بنسلفانيا. وهما مكانان مختلفان للغاية. ولذا، كان زملاؤنا في الفريق يعتقدون أن شخصيتينا مختلفتان بسبب الخلفية المختلفة بيننا، وكانوا يخبرونني بقولهم: إنها مختلفة للغاية عنك يا تييرا. لا نعتقد أنه يمكنكما الانسجام مع بعضكما. ستبذل كريستون مجهوداً كبيراً وتُبلي حسناً في علاقتها بك، لكن لا نعتقد أنك الصديقة الملائمة لها بسبب الاختلاف البائن بينكما. لكن بمرور الوقت، كما تعلمين، فقد كان من الواضح أن صداقتنا نجحت على عكس التوقعات.

إيمي غالو: حسناً يا كريستون، هل سمعتِ الكثير عن تييرا قبل أن تقابليها؟

كريستون أوم: نعم، سمعت عنها الكثير. وما عرفته عن تييرا أنها زميلة ذات أداء رفيع، وتعتبر من أفضل المواهب في الشركة. وعرفت أيضاً أنها تتمتع بعلاقات قوية في جميع أنحاء الشركة، وتحظى بالكثير من الموجهين والرعاة، وبوجود الكثير من الأشخاص الداعمين الذين يقفون إلى جانبها. لكن كان المرجح أن ثمة أسئلة تساورني حيالها لأنني أعرف أنها محترمة للغاية، لكن لديّ انطباع عنها أيضاً أنها صعبة المراس. فهل سننسجم مع بعضنا؟

إيمي غالو: حسناً، متى كانت المرة الأولى التي شعرتِ فيها بالفعل أنه يمكنك أن تكوّني صداقة مع كريستون؟

تييرا تيرنر: لا أتذكر موقفاً بعينه الآن لأننا نتحدث على الأرجح عن صداقة بدأت قبل 15 عاماً تقريباً، لكن لأن بيئة العمل كانت سريعة الخطى وعصيبة وقاسية وشديدة الصعوبة، فقد كان مفهومي يتمثل في أنه إذا كان بالإمكان الحصول على بعض الحلفاء وتكوين بعض التحالفات، فذلك سيجعل الأمر أسهل كثيراً. وهكذا، كنت دائماً ما أشعر أننا نسند ظهر بعضنا البعض. فقد كانت تعليقاتها دائماً تدعمني في كل أحوالي، ولم تكن تحاول قط إيجاد ثغرات في الخلاف بيننا. وحتى إذا لم تكن معلوماتي واضحة بنسبة 100%، كنا نشرع في توفير السند والدعم لبعضنا البعض. وهكذا، أتذكر أنها كانت الشخص الذي بوسعي أن ألجأ إليه لأشكو من أمر بدَر منها ما قبل أحد الاجتماعات أو أن أشعر بأن نواياها كانت حسنة، بناءً على ردودها، باعتبار أننا على المركب نفسه. كانت الصداقة التي بيننا أشبه ببرنامج “تحدي الهوامير” أو “شارك تانك” (Shark Tank)، وهو برنامج تلفزيون الواقع للمستثمرين ورواد الأعمال، فكأننا في هذا البرنامج معاً ونعمل باجتهاد. وهكذا، كان هناك الكثير من الدعم بصورة يومية، والكثير من الدعم في الاجتماعات، ومساعدة بعضنا البعض في العروض التقديمية وفي معرفة السبل الكفيلة باجتياز المصاعب. ومن ثم بمرور الوقت، أعتقد أننا وفرنا هذا الدعم لبعضنا البعض منذ البداية، حتى قبل أن تتكون هذه الصداقة فعلاً حسبما أعتقد، والتي تستغرق سنوات لتتحقق، كما تعلمين.

إيمي غالو: حسناً،

كريستون أوم: أود أن أضيف أمراً صغيراً وهو أنني كنت أكنّ لتييرا قدراً كبيراً من الاحترام لأن سمعتها كانت تسبقها. لذا، غالباً ما كنت ألجأ إليها باعتباري العضو الجديد في الفريق. وقد ارتكزت عليها بالفعل في البداية لمساعدتي في معرفة السبل الكفيلة بالقيام بهذا الدور الوظيفي. وأعتقد أن هذه العملية مثّلت الكيفية التي بدأنا بها بالفعل في الثقة ببعضنا البعض من الناحية المهنية، لأنها سمحت لي بطرح الأسئلة.

إيمي غالو: هل تتذكر كل منكما وقتاً من الأوقات نظرت فيه إحداكما إلى الأخرى وقالت في نفسها: “هذه الشخصية تمثل لي أكثر من مجرد زميلة الآن، إنها صديقتي حقاً؟”.
كريستون أوم: تروق لي القصة التي تروينها عن حفل زفافك يا تييرا.

تييرا تيرنر: حسناً، بعد سنوات من تعارفنا، نحو عام 2005، تزوجتُ. وأعتقد أننا كنا نعمل على علامة تجارية ربما في عام 2002 أو عام 2003.

كريستون أوم: نعم. أي أن الأمر جرى بعد نحو ثلاث سنوات.

تييرا تيرنر: نعم. بعد ثلاث سنوات. إذاً، بعد ثلاث سنوات من بداية عملنا معاً، تزوجت، وصادف أن زواج أعز صديقات كريستون كان في اليوم نفسه، وكانت كريستون متوترة على ما يبدو لأنه لن يكون بوسعها حضور المناسبتين، وكان يشقّ عليها ألا تحضر كلا المناسبتين. شكّل لها هذا الأمر مصدر قلق، وقد تعاملت مع موقفها بأن أخبرتها أننا نعمل معاً، وأنني أراها بصورة يومية، ولطالما قدمت لي المساعدة. فالأمر أنني أمارس عملي وفي الوقت نفسه أحضّر لحفل زفافي، وهو ما يعني أنني كنت أعمل في وظيفتي وأعمل على تجهيز متطلبات حفل زفافي بأي حال. وقد كانت كريستون تساعدني في ترتيبات حفل زفافي، لذا، شعرت أنها كانت بالفعل تشاركني في تجهيزاتي، كما أنني قد أكملت بالكاد استعداداتي ولم يتبق لي الكثير، وأتممت كل التحضيرات حتى المكالمات الهاتفية التي سأتلقاها، والاطمئنان على كل ما يجري من ترتيبات. فقد كنت على غرار كل النساء المنخرطات في الإعداد لزواجهن وفي وضع جداول أعمالهن المزدحمة، كل شيء أرتب له دقيقة بدقيقة.

كريستون أوم: المهارات والقدرات التي ساعدتنا معاً في العمل ساعدتنا أيضاً في حياتنا الشخصية.

إيمي غالو: هذا صحيح.

تييرا تيرنر: عندما كنت أكمل استعداداتي للزفاف، أتذكر أنني أخبرت والدتي أنني لن أتلقى أي مكالمات لأنني أريد ألا ينشغل بالي بمسائل أخرى، فقد كنت أود أن تمضي الأمور بسلاسة وأردت أن تكون لي مساحة مفتوحة وخالية من المشاغل. لكن بعد ذلك اتصلت بي كريستون، ونظرت إلى الهاتف ورددت على المكالمة. واستغربت أمي وقالت لي: “ألم تقولي أنكِ لا تريدي تلقي مكالمات؟”، فأجبتها: “لكن كريستون هي المتصلة!”. وكان شعوري في تلك اللحظة “يا إلهي! هل قبلتُ الرد على مكالمة من أحد الأشخاص في يوم زفافي؟!”. وتلك كانت اللحظة التي أدركت فيها أنها صديقتي. والصورة التي أحبها في ألبوم زفافي تتمثل في الصورة التي التقطها لي المصور وأنا أتحدث إليها عبر الهاتف. وها هي ما تزال صديقتي نعم.

إيمي غالو: هذا أمر رائع. كان ذلك في عام 2005، أي قبل 14 عاماً. وينتابني الفضول بشأن الكيفية التي تطورت بها صداقتكما، ما المدة التي عملتما فيها معاً بصفتكما زميلتين وصديقتين؟

كريستون أوم: متى غادرتِ الشركة يا تييرا؟

تييرا تيرنر: في عام 2007.

كريستون أوم: نعم، غادرت في عام 2007، فيما غادرتها أنا في عام 2011. أي أنني بقيت في الشركة لعدد من السنوات بعد أن تركتها تييرا. لكن بعد التغيير في الاختيارات المهنية لكلينا، فقد تطورت صداقتنا على صعيد شخصي. وأعتقد يا إيمي أن المسرح الذي تشكّلت عليه صداقتنا هو الحياة.

تييرا تيرنر: نعم.

كريستون أوم: الآن، بعد مضي 14 عاماً، فأنا وتييرا أمهات عازبات. ولم يكن البقاء عازبتين رغبة أي منّا أو بإرادتنا، لكننا عازبتان. وهكذا، فقد كان منشأ الأمر هو مسار الأحداث التي أخذت مجراها في حياتنا، ولطالما كانت تييرا هي حبيبتي. ومرت بنا فترة ربما انقطعت فيها العلاقة بيننا قليلاً، لكن قبل خمس سنوات عندما انتهت علاقتي الغرامية، هاتفتني دون سابق إنذار وقالت لي: “ماذا يجري؟، وما خطبك؟، لأنني أستطيع أن أرى ثمة أمر يحدث معك. ومن ثم، كانت تلك هي اللحظة التي عادت فيها صداقتنا إلى سابق عهدها. وبدا الأمر كما لو أنني لم أفقدها قط.

تييرا تيرنر: نعم. كان الأمر كما لو أنني هاتفتها فقط وكانت هي بانتظاري مكالمتي هذه. وقد توفي زوجي ووقفت كريستون بجانبي وآزرتني في ذلك الوقت كذلك، على الرغم من أننا لم نكن نسكن المدينة نفسها، وعلى الرغم من تغيّر المعطيات بعد أن أصبحتُ أماً لأطفال، لكنها دائماً ما كانت بجانبي. وحينئذٍ، عندما لاحظت أن ثمة خطباً بكريستون، قلت لها: حسناً، لنعُد إلى علاقتنا.

إيمي غالو: حسناً، أريد أن أعود بكما إلى عام 2007، أليس هذا هو التاريخ الذي غادرتِ فيه الشركة يا تييرا؟

تييرا تيرنر: نعم.

إيمي غالو: إذاً، عندما غادرت تييرا في عام 2007، ما كان وقْع ذلك عليك يا كريستون عندما علمتِ أنها ستترك الوظيفة وأنكِ ستبقين؟

كريستون أوم: حدث ذلك في مرحلة عرفتُ فيها أنه كان يتعين عليها اتخاذ بعض الخيارات الشخصية. وقد كنت، في المقام الأول، داعمة بالكامل للخيارات الشخصية التي كان يتعين عليها اتخاذها لأنه كان يلزمها إيجاد توازن في حياتها، وكانت تبحث عن إيجاد روحها مجدداً، والعودة إلى فيلادلفيا حيث كانت تقطن عائلتها، لكي تحظى بالدعم الذي تحتاجه في حياتها. ولذا، فقد كنت داعمة بالكامل لهذا القرار من أجلها بصورة شخصية. ومن الناحية المهنية، فقد فقدتُ صديقتي المقربة، لبعض الوقت كما تعلمين، التي كانت تحمل عني عبء الهموم، والتي كنت ملجئي لطلب أي شيء وأخبرها بأي شيء أو ألتمس منها المشورة. نعم.

إيمي غالو: هل يشكل عدم استمراراكما في العمل معاً فرقاً في صداقتكما الآن؟

تييرا تيرنر: أعتقد أن صداقتنا بعد مغادرتي للعمل أضحت هانئة أكثر، كما لو أن العمل معاً كان جزءاً من صداقتنا لم يعُد يتعين علينا القلق حياله. ولا يعني ذلك أن عملنا معاً كان عبئاً على صداقتنا، لكن في الوقت الذي عدنا فيه إلى بعضنا، كانت هناك أشياء لنتحدث بشأنها لبعضنا البعض، ولندعم بعضنا البعض بشأنها أكثر أهمية من أمور العمل. ولذا، أعتقد أنه أضحى بوسعنا التحدث عن الأمور المهمة في الحياة ومساعدة بعضنا البعض في وضع الأمور في نصابها الصحيح.

إيمي غالو: هل سبق لكما قط الدخول في صراعات في العمل؟

كريستون أوم: لا أتذكر أننا خضنا صراعاً في العمل. وعندما أفكر في كلمة “صراع”، فإنني أفكر فيها باعتبارها صراخاً في وجه بعضنا البعض وعدم التحدث إلى بعضنا البعض. ولا أعتقد أننا خضنا هذه التجربة قط. لكننا مررنا، بالتأكيد، بأوقات كان يتعين علينا فيها التعامل مع مواقف مختلفة وكنا نتناقش ونتحاور بشأنها بعقل مفتوح لمعرفة طريقة القيام بالمهام أو المشاريع المختلفة التي كان يتعين علينا إنجازها.

إيمي غالو: يمكنكما أيضاً تصور أنه نظراً لأنكما صديقتان، فقد كان يساوركما القلق حيال خوض مناقشات حادة في العمل لأنكما لا تريدان أن ينعكس ذلك على صداقتكما الاجتماعية، أو ربما تتفاديان حتى الدخول في نزاع في صداقتكما الاجتماعية حتى لا تنعكس على العمل. هل كنتما تشعران بالأمر على هذا النحو؟

تييرا تيرنر: لم أشعر قط بالأمر على هذا النحو. لأنني إذا كنت أعلم بصدق نواياك وبوجود مستوى أو فواصل لن تعبرها على غرار ما يفعل الأشقاء، الذين دائماً ما يُجرون نقاشات حادة ويثيرون ضجة ويخوضون نزاعات لكنهم في نهاية المطاف، في معظم الأحيان، يظلون يحب بعضهم البعض الآخر، إذ إنهم ما يزالون أشقاء. فالأمر هو أنه توجد أشياء يجدر بي ألا أتفوّه بها مطلقاً عندما أكون على خلاف معك، أليس كذلك؟ إذ من شأن هذه الأشياء أن تجرح شعورك، أو يجدر بي ألا أضرب تحت الحزام. لذلك، أعتقد أنه نظراً لوجود أساس من الثقة بيننا، يساورني الشعور نفسه الذي يساورها والمتمثل في أنّ كلينا يمكن أن يكون صريحاً بدرجة أكبر مع الآخر، لكنه يتحلى باللطف في طرح ما يحاول أن يقوله وتجاوز الأمر. وقد أجدى هذا السلوك نفعاً.

إيمي غالو: هل كانت توجد أي سلبيات في مسألة صداقتكما في العمل بالنسبة إلى كليكما؟

كريستون أوم: نعم، فقد كانت تييرا تقطن منطقة بعيدة للغاية عني [ قالتها وهي ضاحكة]. لذا، لم يكن يتسنى لي رؤيتها في عطلات نهاية الأسبوع. إذا كانت ثمة جوانب سلبية في صداقتنا في العمل فهي تتعلق على الأرجح بالعلاقات الأخرى التي كانت تحظى بها تييرا. إذ كنت أعرف دائماً أن لديها رعاة وموجهين، وربما كنت أشعر بالغيرة قليلاً من بعض هذه العلاقات في ذلك الوقت الذي كنت فيه لا أتعدى الثالثة والعشرين من العمر. حيث إنني كنت أعلم أن تييرا تحظى بالدعم في هذه المؤسسة وكان شعوري حيال ذلك هو التساؤل الذي يسيطر عليّ بشأن ما إذا كنت أحظى بالقدر نفسه من الدعم، وما إذا كنت أنال القدر ذاته من الاعتراف والتقدير. لذا، كانت هناك أوقات كان يجب عليّ في مثل هذه المواقف الانزواء إلى نفسي قليلاً.

تييرا تيرنر: لم أكن أعلم بشأن ذلك.

كريستون أوم: حسناً، ها أنتِ تعلمين الآن.

إيمي غالو: وهذا أمر مثير للاهتمام لأنه يوجد بحث يوضح أن أحد الجوانب السلبية للعلاقات والصداقات في العمل يتمثل في أنها يمكن أن تستنزف المرء عاطفياً. ويبدو كما لو أن تلك الغيرة كانت تستنزفك إلى حد ما يا كريستون. هل هذا صحيح؟

كريستون أوم: يمكنني القول إنه صحيح في بعض الأحيان. إذ لم تكن هذه المسألة أمراً جللاً في صداقتنا، لكن بالتأكيد عندما كانت تييرا تحصل على ترقية، أو عندما يأتي إلينا مدير جديد في قسم المبيعات تنال تييرا إعجابه، أو أن يزورنا هذا المدير في مكتبنا ولا يُلقي التحية على الجميع بل يتجه مباشرة إلى تييرا ويتبادل معها الحديث، وهذا أمر يحدث في العمل، كنت حينها أتغاضى عن ذلك وأقول في نفسي: إنّها تحظى بعلاقة طيبة معه ويسعدني أنها تحظى بهذه العلاقة، وتعلمت أن أنظر إلى الأمر على أنه نعمة بالنسبة إليها وألا أغار منه على نحو يدفعني إلى الشعور بأنني أقل منها. وأعتقد أننا على الأرجح حظينا بأوقات ممتعة في العمل معاً، أليس كذلك؟ إذ كانت هناك الكثير من الأوقات التي كنا نتجمع فيها أو نتبادل الحديث في المكتب لأننا كنا نتبادل القصص ونرويها لبعضنا، لدرجة أنني – كما أتذكر – أضطر إلى أن أقول لها: حسناً، يجدر بنا العودة إلى مزاولة عملنا الآن.

تييرا تيرنر: نعم، هذا ما كان يحدث، إذ كنا في بعض الأحيان نسبب إزعاجاً للموظفين الآخرين.

كريستون أوم: صحيح، لأننا كنا نستمتع بوقتنا بدرجة كبيرة. وأعتقد أننا كنا نضطر إلى السيطرة على أنفسنا قليلاً لأنه كان بوسعنا قضاء الظهيرة بأكملها ندردش مع بعضنا.

تييرا تيرنر: نعم، وقد كنا في مطلع العشرينيات من عمرنا، لذا فقد كانت الأشياء التي نتفوّه بها ينبغي على الأرجح ألا تخرج من أفواهنا.

كريستون أوم: بالضبط، بالضبط،

إيمي غالو: باسترجاع هذه الذكريات الآن، هل يوجد أحد الأشياء التي تأملان لو أنكما قمتما به على نحو مختلف فيما يتعلق بالكيفية التي تعاملتما بها مع صداقتكما في العمل؟

كريستون أوم: أعتقد أنه بالنسبة لي، فإن تييرا تلعب دوراً في حياتي المهنية باعتبارها أضحت تمثل لي شريكاً في التفكير. كما أنها أصبحت تعترض الآن على ما أقوله. فإذا أخبرتها بأمر ما، ستقول لي: حسناً، ما سمعته منك هو كذا، فهل هذا فعلاً ما تقصدينه؟ أو: أنتِ تواجهين موقفاً صعباً مع هذا الشخص في بيئة عملك الحالية، فهل السبب في ذلك يعود إليه أم يعود إليك؟ ويمكنها أن تطرح عليّ أسئلة في الوقت الحالي على مستوى أكثر فعالية مقارنة بما كان عليه الحال، حيث كنت أشعر سابقاً بأن أسئلتها ربما كانت سطحية بدرجة أكبر. والآن أشعر أنه أضحى بإمكاننا التدقيق أكثر في ما نتناقش بشأنه. وقد أدركت أنني ربما كنت حينئذٍ سأتوق بدرجة أكبر إلى التماس مساهماتها، لأن علاقتنا في بادئ الأمر كانت تنافسية للغاية، وأعتقد أنني كنت أنظر إليها باعتبارها منافِستي. وقد استغرق منا الأمر وقتاً لإقامة هذه العلاقة وعدم النظر إليها باعتبارها منافِستي بل باعتبارها…

تييرا تيرنر: … حليفتي.

كريستون أوم: … حليفتي. لذا، أشعر أنني أهدرت وقتاً كان يمكنني الاستفادة فيه من آراء تييرا عندما كنا نعمل سوية.

تييرا تيرنر: أعتقد أن هذا الإدراك المتأخر باعتبار أننا الآن في عام 2020 ونسترجع ذكريات سابقة، فقد كنت في ذلك الوقت أكثر تحمساً وتركيزاً، لذا، لم ألتمس في كريستون أكثر من اعتبارها صديقة، وهو ما يعني أنني كنت شديدة التركيز على عملي أو على أهدافي، وتوجد الكثير من الأمور الأخرى بالنسبة إليها من الناحية المهنية التي كان يمكنني الاستفادة منها. وكما تعلمين، فثمة فرصة دائماً في مواصلة البحث بصورة أعمق قليلاً لفهم جانب مختلف من جوانب شخص آخر.

كريستون أوم: حسناً،

إيمي غالو: أود أن أشكركما بحرارة على مشاركتكما في هذه الحلقة. فقد كان الحوار معكما ممتعاً بالنسبة إليّ.

تييرا تيرنر: عظيم.

كريستون أوم: شكراً لك على استضافتنا. وشكراً لكِ على إتاحة الفرصة لي لرؤية صديقتي.

إيمي غالو: أنا مسرورة بأنني منحتكما الفرصة لرؤية بعضكما البعض. هذا أمر رائع!

تييرا تيرنر: بالتأكيد.

كريستون أوم: شكراً لك.

نيكول توريس: راقت لي قصة حفل الزفاف.

إيمي غالو: قصة حفل الزفاف رائعة بحق.

نيكول توريس: أعتقد أن الأمر بمثابة اختبار للوقت الذي يصبح فيه أحد أصدقائك في العمل صديقك بصورة دائمة عندما تتلقى دعوة لحضور زفافه.

إيمي غالو: إذاً، فقد سمعنا الكثير من كريستون وتييرا بشأن الجوانب الإيجابية لامتلاكك صديقاً في العمل، والآن سنستمع إلى المزيد من الصعوبات وكذلك كيفية الحد منها أو على الأقل كيفية التعامل معها.

جوليانا بيلمير: حاولنا فعلاً إلقاء نظرة شمولية على الصداقة لنقول إنه علاوة على الجانب المتعلق بالشعور الرائع الذي تمنحك إياه، فإنه توجد الكثير من الجوانب الرائعة فعلاً لإقامة صداقة. فكيف يؤثر هذا على ما يحدث خارج إطار هذه الحدود؟

إيمي بيرنستين: هذه جوليانا بيليمير، الأستاذة بجامعة ستيرن نيويورك. عندما كانت ما تزال طالبة في كلية وارتون، وتعمل تحت إشراف نانسي روثبارد، وهي أستاذة في كلية وارتون، كتبت هي ونانسي ورقة علمية حول هذه النظرة الشمولية. وكان عنوان الورقة “أصدقاء بدون مصالح: فهم الجوانب السيئة للصداقة في مكان العمل”. وقد تحدثت أنا ونيكول إلى كل من جوليانا ونانسي عن هذا الموضوع.

إيمي بيرنستين: نانسي وجوليانا، شكراً لكما على المشاركة في هذه الحلقة.

نانسي روثبارد: شكراً لك، تسعدنا هذه المشاركة.

جوليانا بيلمير: شكراً جزيلاً لك.

إيمي بيرنستين: استمعنا إلى المستمعين لبرنامجنا واستمعنا إلى تييرا وكريستون، وقد كان أحد المحاور وأحد المواضيع التي دار حولها الكثير من النقاش يتمثل في الحدود الفاصلة بين الصداقة في العمل وبين الصداقة الحقيقية (وأنا أستخدم اقتباساً هنا). فما الحدود الفاصلة بينهما في البحث الذي أجريتماه؟

نانسي روثبارد: هذا سؤال مهم لأنه توجد الكثير من الأشياء التي تميز الصداقات في أماكن العمل عن أنواع الصداقات الأخرى. وأود أن أقول إن الصداقة في مكان العمل يمكن أيضاً أن تكون صداقة حقيقية، أليس كذلك؟ إذ ثمة فارق ضئيل فحسب بينهما. وتتمثل بعض أهم الفوارق بينهما في أن العلاقات التي نقيمها مع الأشخاص في العمل تكون طوعية في بعض الأحيان، وغير طوعية في أحيان أخرى، أليس كذلك؟ وفي الأنواع الأخرى من الصداقات، فإنك في أغلب الأحيان تحظى بالخيار المطلق بشأن ما إذا كنت تود إقامة علاقة مع هذا الشخص أم لا. بينما في حالة الصداقات في مكان العمل، فثمة اعتبارات مثل إدراكك أنه يجب عليك رؤية هذا الشخص يومياً، سواء كنت تحبه أم لا. ويتمثل العامل الثاني في أن التوقعات إزاء العمل غالباً ما تكون رسمية، بينما في علاقات الصداقة الأخرى، فثمة افتراض وثمة طابع غير رسمي يعتبر ذا أهمية بالغة لتلك العلاقة، وهو أن الأهداف الرئيسة لها ليست أهدافاً أساسية. إذ إنها ليست أهدافاً تركز على مهام مهنية، بل إنها أهداف تتعلق بدرجة أكبر بالمشاعر الاجتماعية للمرء. ومن ثم، فالأمر الأخير الذي يميز الصداقات في أماكن العمل عن أنواع الصداقات الأخرى هو وجود هذه القاعدة المتعلقة بكيفية تفاعلنا مع بعضنا البعض، حيث إنها في مكان العمل قائمة على التبادل أكثر قليلاً وذات طابع مجتمعي بدرجة أقل.

نيكول توريس: إذاً، فقد أجريتما بحثاً لتسليط الضوء على العواقب المترتبة على الصداقات في مكان العمل، بصفة خاصة. أود أن تخبرينا عن النتائج التي توصلتما إليها في دراسة الصداقات في مكان العمل. مثلاً: ما النفع الذي يعود منها وما الضرر الذي يترتب عليها، إذا وُجد ضرر؟

جوليانا بيلمير: في بادئ الأمر، أعتقد أننا دائماً ما نحرص بشدة على أن نقول إن الصداقات ليست سيئة. وقد كان مبعث تفكيرنا في إجراء هذه الدراسة هو أهمية الصداقات في أماكن العمل. وقد طرحت نانسي الكثير من أنواع التوترات التي يمكن أن تحدث عندما يحدث تعارض بين الصداقة وبين متطلبات أن تكون موظفاً جيداً. وهكذا، عندما نتحدث كثيراً عن ذلك، وعندما نكون في اجتماع وتود أن تدعم صديقك لكنك تختلف معه في موقفه، فما السبل التي يمكن بها إنجاح هذا الأمر، أليس كذلك؟ إذ إنه يتعين عليك حينها التفكير في نوع هذه الصداقة في مقابل دورك كموظف. وهذا على سبيل المثال لا الحصر. وأعتقد أن ثمة أمراً آخر لا يفكر فيه الأشخاص في بعض الأحيان وهو الأثر الذي يُحدثه الصديق في مكان العمل. إذ يحدث أن نكون جميعنا أنانيين أو نرجسيين قليلًا، إذا جاز التعبير. حيث يفكر المرء بمدى روعة الشعور الذي يعتريه حيال هذه الصداقة، ومدى روعة أن يحظى بهذا الدعم العاطفي. لكننا نتحدث عن الطريقة التي تؤثر بها هذه الصداقة على الأشخاص خارج حدود تلك العلاقة وتجعلهم يشعرون بالاستبعاد والإقصاء.

نانسي روثبارد: نعم، وأود أن أضيف فقط أنه توجد بعض النتائج التي نبحث فيها، وإحداها تتمثل في النتائج المترتبة على المرء. حيث إنه إذا ما كنت منخرطة في علاقة صداقة مع أحد الأشخاص في العمل، فثمة بعض الأشياء الإيجابية التي تحدث لي بصفة شخصية. إذ يقل شعوري بالوحدة ويزداد شعوري بالتواصل وأحظى بالكثير من الدعم العاطفي الاجتماعي، وهذه تمثل فعلاً الأشياء الجيدة التي تحدث في العمل. لكنها يمكن أيضاً أن تترتب عليها مخاطر تتمثل في تشتيت تركيزي عن المهام في العمل. حيث إنني إذا كنت أحظى بالكثير من الدعم العاطفي الاجتماعي من صديقي، فعلى الأرجح سأضطر إلى مبادلته هذا الدعم. ويمكن أن يكون ذلك عاملاً يبعث على تشتيت التركيز في بعض اللحظات الرئيسة التي ربما يتعين عليّ فيها التركيز على جوانب أخرى من وظيفتي. ومن الجوانب الأخرى المتصلة بما تحدثت عنه جوليانا قبل قليل الجانب المتعلق بي عندما أكون صديقة لشخص في فريق العمل، فهذا يعني أنني لن أشعر بالارتياح للاختلاف معه في الرأي، حتى عندما يكون هذا الاختلاف ضرورياً لمصلحة المؤسسة، وضرورياً لنا لمناقشة تفاصيل مشكلة ما أو مناقشة تباين الآراء.

نيكول توريس: هلّا قدّمتِ لنا نصيحة عملية بشأن كيفية تعاملك وتعاطيك مع النزاعات التي تنشأ في صداقات العمل؟ وكيف تتعاملين مع الإلهاء المحتمل؟ وكيف تتعاملين مع الشعور بأنك لا تستطيعين الاختلاف مع أحد الأشخاص لأنك صديقته؟ كيف تتعاملين مع هذه الأمور وهذه التوترات التي تحدثتِ عنها؟ وما بعض الاستراتيجيات الفعالة للتعامل معها بحيث يتمكن المرء من الاحتفاظ بصداقته مع الشخص الآخر ولكنه في الوقت نفسه لا يشعر بأنه يتنازل عن ضرورة في العمل لأجل الصداقة.

جوليانا بيلمير: نعم، أعتقد أن هذا الوعي بأن الجوانب السلبية يمكن أن تطال الصداقة في العمل، وعلى المستوى الفردي، خوض هذه المحادثات في مرحلة مبكرة من الصداقة قبل حتى أن ينشأ نزاع، يمكن أن يساعد في تخفيف حدة هذه المهددات.

نانسي روثبارد: تحدثنا في البحث الذي أجريته أنا وجوليانا عن أن ما يمكن أن يبدو عليه هذا الأمر يتمثل في فكرة أنني موجود لدعم صديقتي ومساندتها، لكنني أيضاً أحتاج إلى مساحتي الخاصة في بعض الأحيان للتركيز لأن تلك هي الطريقة التي يتعين عليّ العمل بها لإنجاز أمر ما. وسيساعد في هذا الأمر وجود تفاهم مسبق مع صديقتك بشأن التوقعات حيال أولوياتك وما تحتاجينه ليكون بوسعك إنجاز عملك بشكل فعال كذلك. ومن الأشياء المهمة بحق أيضاً، إذا كنتِ منخرطة في صداقة في مؤسسة قائمة على التراتبية الوظيفية، أن تكون بينك وبين صديقتك شفافية فيما يتعلق بالكيفية التي تسير بها عمليات اتخاذ القرارات. فمثلاً، جوليانا هي طالبة دكتواره وأنا المشرفة على رسالتها ونحن صديقتان، ولذا، فثمة تراتبية وظيفية بيننا، أليس كذلك؟ فالسؤال هنا هو: كيف نتعامل مع هذا الأمر؟ وكيف أحرص على ألا يعتقد طلاب الدكتوراه الآخرون، الذين يعرفون أننا صديقتان، أنني أفضّل جوليانا؟ هذه هي نوعية الأشياء التي كانت تسيطر على تفكيري، وأعتقد تسيطر على تفكيرها أيضاً عندما كنا نكتب هذه الورقة.

نيكول توريس: كيف، إذاً، تعاملتما مع هذا الاختلاف التراتبي؟ وكيف تأكدتِ من عدم شعور طلابك الآخرين بأنك تفضلين جوليانا؟

نانسي روثبارد: لا أعلم كيف تمكنت من ذلك. هل نجحت في ذلك يا جوليانا؟

جوليانا بيلمير: أعتقد… لا أعلم ما إذا نجحتِ في الأمر. أعتقد أنه أمر مستحيل.

نانسي روثبارد: نعتقد أننا نجحنا في ذلك، لكن تحديد نجاحنا في الأمر يقرره الأشخاص الآخرون الذين يجدر بهم أن يخبرونا. ولكن ما أود أن أقوله هو أنني أعتقد أنني التزمت بمستويات عالية من التوقعات بشأن العمل الذي كانت تقوم به. وأعتقد أن العامل الآخر يتمثل في أن جوليانا كان لديها مشرف مساعد يقدم لها النصائح بشأن أطروحتها، حيث ساعدها ذلك حقاً لكي يتسنى لها التأكد من أن الطلاب الآخرين يعرفون أنني لم أكن الشخص الوحيد الذي يتولى تقييمها.

إيمي بيرنستين: اسمحا لي أن أشارككما هذا السؤال الذي أرسلته إحدى مستمعات برنامجنا لنستمع إلى أفكاركما حياله. تقول المستمعة في رسالتها: “في وظيفتي الحالية، تعلمت بالطريقة القاسية أن أكون مديرة وصديقة لإحدى الموظفات معي. حيث إن علاقتي بها كانت وثيقة للغاية، وكنت منفتحة معها على الصعيدين الشخصي والمهني وساعدتها في تعزيز قدراتها لصعود السلم الوظيفي بالشركة برفقتي. وكنت أدعمها عندما لم يكن يدعمها الآخرون، وقاتلت لأجلها. بل إن علاقتنا أصبحت عائلية وكانت تزورني في منزلي. لكن خاتمة المطاف كانت أنها أرسلت لي إخطار استقالتها عبر البريد الإلكتروني، وقد صعقني ما فعلته. وسرعان ما أدركت أنني في منصب جديد باعتباري مديرة، إذ لم أستطع أن أقيم صداقة وثيقة مع أي موظف من الموظفين العاملين معي واضطررت إلى تنحية المشاعر جانباً في علاقتي بهم. ما رأيكم في ما جرى معي؟

جوليانا بيلمير: هذه الرسالة دفعتني إلى التفكير في بحث لم نُجره بعد في الواقع لكنه يسلط الضوء على المساعدة العاطفية التي يقدمها المدراء وكيف أنهم ينظرون إليها باعتبارها نوعاً من التضحية فعلاً، بينما يمكن أن ينظر إليها الموظفون باعتبارها من صميم عمل المدراء. لذا، فثمة تعقيد ينطوي عليه الأمر في هذه الحالة بشأن أن الموظفة ربما كانت تشعر أن مديرتها لا تقوم سوى بعملها في توجيهها، وأن ما فعلته لا يعدو ممارسة حقها في البحث عن مصلحتها من منظور الحياة المهنية لها. وهذا التعقيد يدخل في صميم ديناميات المؤسسات القائمة على التراتبية الوظيفية، لكن أيضاً ما نتحدث عنه بالتحديد هو ضبابية الحدود الفاصلة بين اللحظة التي تبدأ فيها إقامة صداقات في العمل، والتي تكون محاطة بالكثير من الغموض بشأن النقطة التي ينتهي فيها هذا الدور وبين اللحظة التي يبدأ فيها دورك باعتبارك موظفاً أو موجهاً. لذا، فإنني على الأرجح أشجع كاتبة هذه الرسالة على إعادة النظر في توقعاتها أو محاولة التحلي بقدر من الفهم من منظور هذه الموظفة، ذلك بأن هذه الموظفة ربما لم تنظر إلى علاقتها مع مديرتها باعتبارها صداقة، أو ربما أنها لم تكن على يقين من طبيعة تلك العلاقة. لذا، دائماً ما يكون هناك هذا الغموض حول تعريف العلاقات عندما تحدُث في العمل.

نيكول توريس: نتلقى أيضاً أسئلة من المستمعين عن عدم امتلاك المرء أصدقاء في العمل، بل وخسارة الأصدقاء في العمل. حيث اضطرت كل من كريستون وتييرا إلى التعامل مع مغادرة إحداهما لمكان العمل، وبالتالي لم يعودا يعملان معاً. وأتساءل عما إذا كان بوسعكما التحدث إلينا عن التكيف مع الوحدة، سواء كانت بسبب عدم وجود أصدقاء لك في العمل تتمتع بعلاقة وثيقة معهم، أو بسبب مغادرة صديقك الوثيق للعمل، لتجد نفسك – على حين غرة – وحيداً وليس معك ذلك الصديق في مكان العمل. كيف يتعامل المرء مع مثل هذه الظروف؟

نانسي روثبارد: نعم، في الواقع، ألّفت زميلتنا سيغال بارسيد ورقة علمية حول الوحدة في العمل. ومن النتائج التي توصلت إليها أن أحد المؤشرات الأساسية التي تقلل من الوحدة في العمل يتمثل في وجود صديق واحد في العمل على الأقل. ولا يجب أن يكون لديك الكثير من الأصدقاء في العمل، لكن الأمر يتطلب وجود شخص تشعر بقوة الارتباط به على مستوى إضافي. فما الذي يحدث إذا غادر ذلك الشخص العمل؟ وعلى الأرجح، فمن الأهمية بمكان أن يكون لديك أكثر من صديق واحد في العمل بحيث يتسنى لك تفادي الوحدة عندئذٍ.

جوليانا بيلمير: نعم، ومن ثم إذا لم تحظ بهذه الفرصة في العمل، فإنه يجدر بك التأكد من تلقيك الدعم في حياتك لكي يتسنى لك التأقلم مع هذا الوضع. وأعتقد أنه دائماً ما سيكون هناك تحدٍ يجابه الأشخاص الذين يريدون العثور على علاقات وثيقة في العمل، وذلك نظراً لأنه ربما يكون هناك شخص يعتقدون أنه رائع حقاً، بيد أنه في واقع الأمر لا يعطي هذه الصداقة القدر نفسه من التقدير أو أنه لا يفكر في البقاء على تواصل معك بعد أن يغادر العمل. وأعتقد أن الأشخاص يقضون الكثير من الوقت في العمل بصورة متزايدة، ومن السهل حقاً للمرء الانغماس بكامل شخصيته في العمل، ومن الأهمية بمكان بالنسبة إليه الحرص فحسب على الحفاظ على جزء من شخصيته خارج إطار هذا المضمار. ويطلق علماء النفس على هذه العملية التعقيد الذاتي، أليس كذلك؟ لكن إذا وضعت كل بيضك في سلة العمل من منظور إقامة علاقات، ومن منظور الهوية، أعتقد أن الوحدة ستُلحق بك ضرراً بالغاً.

نيكول توريس: أحد الأشياء التي نود أن نسألك بشأنها هي ما الذي يحدث عندما تنحرف صداقة في العمل عن مسارها؟ كأن تتسبب للمرء في تشتيت مفرط، أو تصبح مستنزفة عاطفياً للغاية، فهذه الأمور تعرقل وظيفة المرء ويصبح مضطراً إلى قطع هذه الصداقة. هل سبق لك التعرض لتجربة كهذه؟ وماذا تفعلين حيالها؟

نانسي روثبارد: يحدث هذا الوضع، في الكثير من الأوقات، في المؤسسات التي يوجد بها نوع من الفوارق التراتبية الوظيفية التي تنشأ عندما يكون الشخصان زميلين في المستوى الوظيفي نفسه، ومن ثم يحصل أحدهما على ترقية ويجد الشخص الآخر صعوبة في التعامل مع هذا الموقف. ولا يمكنهما بالضرورة مغادرة الشركة. وهكذا، فالطريقة التي يتعامل بها الأشخاص مع هذا الموقف تتمثل في التزام الكثير من الصمت والشعور الكامن.

إيمي بيرنستين: أي أن الأمر يصبح بمثابة حرب باردة.

جوليانا بيلمير: وهي حالة من الواضح أنها وثيقة الصلة بالتجاهل. وأعتقد، من واقع تجاربي، أنّ لديّ تجارب قابلتُ فيها أحد الأشخاص، وفي حالتي، فإن أحدث مثال يتمثل في وضعي باعتباري طالبة دكتوراه. إذ إنني أقابل طالباً آخر ربما يكون في قسم آخر ويراودني هذا الشعور المباشر بأننا متشابهان وأن العلاقة بيننا ستكون رائعة، ومن ثم لا تمضي الأمور على النحو الذي توقعته وأضطر إلى قطع علاقتي بذلك الشخص، حيث إن الأمر يكمن في هذا الشعور بأن كلينا لديه توقعات مختلفة بشأن مقدار الوقت الذي سنقضيه في التحدث إلى بعض البعض. ومن الغريب نوعاً ما أن تقول لأحد الأشخاص: لا، أنا أريد أن أقابلك مرة واحدة في الشهر وأنت تريدنا أن نتقابل مرة في الأسبوع، وأنا لن أقضي معك الوقت كل يوم أربعاء في الأسبوع. وقد مررت بهذه التجربة سابقاً.

إيمي بيرنستين: وكيف تعاملتِ مع هذا الوضع يا جوليانا؟ وكيف تجنبتِ الحرب الباردة؟

جوليانا بيلمير: أعتقد أنني خيّبت ظن ذلك الشخص. حيث إنني لم أقلها له بشكل واضح. وأعتقد أنني لم أكن أوافق فحسب على الدعوات التي كان يقدمها لي لنقضي وقتاً مع بعضنا بالوتيرة التي كان ذلك الشخص يريدها. وقد استوعب رسالتي له بمرور الوقت. ومن حسن الحظ في هذه الحالة، أنه لم يكن يعمل معي في القسم نفسه. وهذا ما جعل الموقف أقل خطورة، أليس كذلك؟ نظراً لأنك لن تضطر إلى مواجهة ذلك الشخص بصورة طبيعية. وليس هناك الكثير من التداخل بينكما فيما يتعلق بالشخص الذي يرأسك. لكنني شعرت بالأسى حيال الطريقة التي مضت بها الأمور. بيد أنه مجدداً، فإن الفترة الضبابية التي تعمل فيها على معرفة الحدود الفاصلة للصداقة وربما تمضي في هذه العلاقة بسرعة في البداية، ومن ثم تتأنى وتخبر نفسك أنك مضطر إلى أن تخيّب ظن ذلك الشخص، وهذا ليس أمراً يبعث على شعورك بالرضا. لكن يتعين عليّ الاعتناء باحتياجاتي المجدية أولاً، وهو ما يعني أنني لا أستطيع قضاء مقدار الوقت الذي يريده هذا الشخص.

إيمي بيرنستين: ماذا بخصوص استعادة صداقة في العمل بعد انقطاعها؟ كيف يمكن للمرء القيام بذلك؟

نانسي روثبارد: هذه مهمة شاقة. إذ إن أحد الأشياء التي تحدثت عنها الأبحاث التي تناولت موضوع الثقة يتمثل في أنه عند خيانة الثقة، فمن السهل فقدانها ولن يكون من السهل استعادتها. وأعتقد أن الأمر يتطلب الكثير من العمل لإعادة بناء علاقة بعد انقطاعها. وفي بعض الأحيان، يمكنك أن تقوم بذلك بدافع الضرورة، أليس كذلك؟ إذ إنك ترى ذلك الشخص طوال الوقت، وأعتقد أن ما يتعين عليك القيام به، بشكل أساسي، يتمثل في وضع ما حدث على الطاولة، أليس كذلك؟ وتحليل المنظور الذي رأيته بها ومحاولة أن تكون منفتحاً إزاء منظور ذلك الشخص أيضاً. لأنني أعتقد أن هذا ما يحدث عندما تنقطع أي علاقة، لكن بالتأكيد في علاقات الصداقة في العمل، فإننا فعلاً نفكر بشأن وجهة نظرنا الخاصة تجاه الموقف ويفكر الشخص الآخر بشأن وجهة نظره الخاصة. ومن ثم، فإننا لا نمنح الشخص الآخر ميزة الشك بأنه ربما يمكن أن يكون ثمة شيء فعله كلانا بشكل خاطئ. لذا، أعتقد أنك يجب أن تعترف أن لك يداً في الأمر أيضاً وأن تتحلى بالاستعداد للاعتراف بأنك أخطأت في أحد الأشياء كذلك، وإلا فلن يكون بمقدورك استعادة هذه العلاقة. وأعتقد أنه عادة ما يجب أن يكون هناك حافز قوي بعض الشيء لمحاولة استعادة علاقة بعد انقطاعها، أليس كذلك؟ مثلاً، أنك ستكون عضواً في فريق استشاري وستكون مع هذا الشخص طوال الأسابيع الثمانية المقبلة وستقابله بشكل يومي. ومن الصعوبة بمكان أن تتجاهله عندما تكون مضطراً إلى العمل معه ورؤيته بصورة يومية على هذا النحو.

جوليانا بيلمير: نعم. وأعتقد أن وجهة نظر نانسي بشأن التحلي بالواقعية ووضع الأمر برمته على الطاولة لتحليله، تعتبر مثيرة للاهتمام فعلاً. فهذه الفكرة المتعلقة بمقدار ما تريد أن تضفيه على العمل من “ذاتك الحقيقية”، ومقدار ما تريد أن تضفيه على العمل من “ذاتك الكاملة”، هي ما يمثل المجال الذي أجري فيه أبحاثي، وبالتأكيد يوجد الكثير من الأشخاص الذين يتحدثون عنه. وأعتقد أنه ثمة سبيل أن يكون المرء صادقاً بشكل محدد، بحيث لا يكون عفوياً بشكل كامل، لكن أعتقد أن هذا أمر يحترمه الأشخاص حتى إذا لم يرضوا عن الصدق فيه. وأعتقد أنه يمكن تفادي الكثير من المشكلات النابعة من أوجه سوء الفهم الضمنية، التي تحدُث نوعاً ما عندما تفعل شيئاً ويقوم أحد الأشخاص بتأويله على نحو معين، ولا يتطرق أحد بعد ذلك إليه مجدداً. وأعتقد أن الحرب الباردة في علاقات العمل تحدث على الأرجح في العلاقات على أرض الواقع، لكن في أماكن العمل فإن الأشخاص يركزون على القواعد المتمثلة في عدم الرغبة في التسبب باضطراب، والتي من المفارقة أنها يمكن في واقع الأمر أن تتسبب في الاضطراب. لذلك، فإنني أتفق تماماً مع استراتيجية نانسي المتمثلة في الاعتراف بالأخطاء والتحقق منها، ربما عندما تشعر أن حقيقة أمر ما يمكن أن تكون خاطئة. ولذا، أعتقد أنني قمت بذلك في بعض الأحيان التي فكرت فيها بأنني لست واثقة مما إذا كان هذا الشخص مستاء مني، لكنني سأقول له بشكل استباقي: أنا آسفة حقاً لأنني لم أتمكن من حضور المناسبة التي دعوتني لها، إذ إنني كنت أود فعلاً الحضور، لكن هذا ما حدث وآمل أن أتمكن في المرة المقبلة من الحضور، أو نحو ذلك من الاعتذارات. وكما تعلمون، فالتصرف على هذا النحو لا يسمح بأي فرصة لهذا القدر القليل من عدم الرضا بالتحول إلى مشكلة أكبر.

إيمي بيرنستين: عظيم. شكراً جزيلاً لكِ، وشكري لكما الاثنان على المشاركة في حلقتنا لهذا اليوم.

جوليانا بيلمير: شكراً لك.

نانسي روثبارد: شكراً لك.

إيمي غالو: لقد فوجئتُ بأن تييرا وكريستون لم تفكرا بشأن الجوانب السلبية أكثر من تفكيرهما في أنهما صديقتان في العمل. لأنني وجدت أن الجوانب السلبية التي تحدثت عنها كل من نانسي وجوليانا مقنعة جداً وتنطبق بالنسبة إلى أصدقائي.

إيمي بيرنستين: أي الجوانب السلبية على وجه الخصوص؟

إيمي غالو: حسناً، الجانب السلبي الذي لفت انتباهي يتمثل في جعل الآخرين يشعرون بالإقصاء.

إيمي بيرنستين: نعم.

إيمي غالو: وأعتقد أن كريستون وتييرا تعرّفتا على هذا الجانب السلبي لاسيما عندما كانتا تتحدثان عن أنهما كانتا تضحكان كثيراً وهما تدردشان مع بعضهما ويكون صوتهما عالياً، وأنهما على الأرجح كانتا تشوّشان على تركيز الآخرين في أداء عملهم. لكنني أتساءل عما إذا كان الأشخاص الآخرون قد رأوا ما يحدث وشعروا فحسب بالاستبعاد.

إيمي بيرنستين: نعم.

نيكول توريس: ثمة جانب سلبي آخر تحدثت عنه نانسي وجوليانا، يمكن أن يحدث عندما يكون لديك أصدقاء في العمل، فقد يكون من الصعب بالنسبة إليك الاختلاف معهم كأن تقول مثلاً: أنا لا أعتقد أن هذه الخطوة صحيحة، أو أن تقوم بعمل قد تضطر إلى القيام به من المنظور المهني.

إيمي بيرنستين: يبدو هذا صعباً.

إيمي غالو: لكنني أرى العكس، لأنني أشعر أنه عندما تكون صديقاً لأحد الأشخاص، يمكنك أن تكون صريحاً معه بدرجة أكبر قليلاً، ولا تضطر إلى تلطيف الأشياء. أعني، مثلاً، أنكما تعلمان أنني كنت – وما أزال – صديقة عزيزة لكاثرين، التي كانت تعمل محررة للموقع الإلكتروني لهارفارد بزنس ريفيو. وعندما كنا نعمل معاً، كنت في بعض الأحيان، أطرح عليها فكرة وكانت تخبرني إنها فكرة سيئة، أي أنها تقول لي ذلك بشكل مباشر للغاية، وأنا واثقة من أنها لا تتحدث بهذه الصراحة مع الأشخاص الآخرين الذين تعمل معهم، لكن رد فعلي على جوابها كان يتمثل في تفهّم وجهة نظرها. لذا، فقد كانت طريقتها معي مباشرة بدرجة أكبر، نتيجة لصداقتنا، وليس بدرجة أقل.

إيمي بيرنستين: من الأمور التي تحتّم عليّ التعامل معها، وأعتقد أنه أمر صعب للغاية، أن يتشارك معك أحد الأصدقاء في العمل سراً، لكنك باعتبارك مديراً ينبغي ألا تبقيه سراً، فما الذي تفعله حيال ذلك؟

نيكول توريس: هذه مسألة صعبة.

إيمي بيرنستين: نعم.

إيمي غالو: أعتقد أنّ هذه هي المواقف التي يتعين عليك التفكير بشأن الموقع الذي تتعامل منه في هذه المحادثة. وقد كتبت مقالتين عما يجب القيام به عندما يصبح زميل لك مديرك، وإحدى النصائح التي أسديتها تتمثل في أن تكون واضحاً بشأن أنكما تتحدثان الآن باعتباركما صديقين وباعتباركما زميلين. وفي بعض الأحيان، يجب عليك أن تكون بهذا الوضوح وهذه الطريقة المباشرة قبل بدء المحادثة، بحيث إذا ظهر سر ويفترض بك بصفتك مديراً التعامل معه، لكنك كصديق فإنك تكتفي بالإصغاء لأنك تعرف أي موقع تتحدث يفترض أنك تتحدث منه.

إيمي بيرنستين: نعم.

نيكول توريس: لقد أجرينا مقابلات ونشرنا الكثير من الأبحاث بشأن الصداقة في العمل وبيان كيف أن امتلاك أصدقاء في العمل يعتبر أمراً جيداً، لكننا بتنا نعرف الآن أن هذا البحث يبين أنه توجد جوانب سلبية لوجود أصدقاء في العمل. لكن هل سبق لكم قط التفكير في الصداقة في العمل على هذا النحو؟ إذ إنني كنت أفكر بشأن تجربتي الخاصة ولا أعرف ما إذا كنت سأقول أنني نجحت أو حصلت على فوائد من امتلاك أصدقاء في العمل فيما يتعلق بحياتي المهنية أو أنه كانت هناك عواقب على مسيرتي المهنية بسبب امتلاكي لأصدقاء في العمل. فالأمر أنني لم أفكر في الأمر قط على هذا النحو.

إيمي غالو: وأنا كذلك لم أفكر فيه على هذا النحو. فالأمر لم يكن أبداً على شاكلة: أنا أريد أن يكون لديّ ثلاثة أصدقاء في العمل وسأشعر بالرضا عن ذلك.

نيكول توريس: صحيح، الأمر ليس كذلك أبداً.

إيمي بيرنستين: حسناً، أعلم أنني إذا لم أحظ بصديق في العمل، فلن أكون سعيدة بهذا الوضع. إذ إنني أحتاج إلى شخص يمكنني فعلاً الثقة فيه.

إيمي غالو: لكن مع تقدمك في السلم الوظيفي في حياتك المهنية، هل يصبح هذا الأمر أكثر صعوبة؟

إيمي بيرنستين: نعم.

إيمي غالو: هل توجد مجموعة صغيرة من الأشخاص للاختيار من بينهم؟

إيمي بيرنستين: حسناً، كل ما في الأمر أن التعامل كان أكثر حذراً فحسب. فإذا لم يكن صديقك في المستوى نفسه الذي توجد فيه أنت، من حيث السلطة في المؤسسة، سيتعين عليك، إذاً، أن تكون حذراً فعلاً بشأن ما تقوله. حيث إنه لا يمكنك بالفعل أن تخون الثقة ولا يمكنك تقويض الأشخاص الآخرين في المؤسسة. ومن الصعب إيجاد أشخاص تتمتع معهم بانجذاب الصداقة المتبادل، لكن الأمر الأكثر صعوبة هو إيجاد شخص يمكنك التحدث معه دون قيود. بيد أنه يمكنك إيجاد أشخاص ربما لا يكونون في القسم نفسه الذي تعمل فيه في المؤسسة، إذ إن ذلك يجعل الأمر بالنسبة إليك أسهل كثيراً. لكن الأمر مجدداً ليس مثل تطبيقات التعارف، بحيث يتطلب منك الأمر فحسب التحريك إلى اليسار أو إلى اليمين، بل يتعلق الأمر هنا بالشخص الذي تقابله في الاجتماعات ويتمتع بالقدرة على إضحاكك، وبالشخص الذي ترغب أن تذهب برفقته لاحتساء كوب من القهوة، أليس كذلك؟

نيكول توريس: هل يساورك القلق بشأن الإشارات التي يمكن أن تُرسل عند مصادقة بعض الأشخاص؟ إذ إنه بصفتك مديراً أو قائداً من كبار القادة، فإن بعض الأشخاص يمكن أن يقولوا أنك تفضّل صديقك أو تقوم بشيء من هذا القبيل.

إيمي بيرنستين: أنا لم أفكر قط بشأن هذا الأمر إلى أن تكرر بالنسبة إليّ قبل بضع سنوات.

إيمي غالو: كيف ذلك؟

إيمي بيرنستين: حصلت فلانة على تكليف عمل، وأنا وفلانة هذه صديقتان، ثم أدركت أنه يجب علي أن أنتبه إلى هذه المسألة.

إيمي غالو: كيف كانت استجابتك إلى الأمر؟

إيمي بيرنستين: حسناً، في البداية اتخذت موقفاً دفاعياً قليلاً، وهو ما يمثل على وجه التحديد الطريقة التي تبني بها المصداقية [قالت ذلك ضاحكة]. ولا أعلم ما قلتها في تلك اللحظة، لكن انتهى بي الأمر بالتفكير في هذا الأمر لفترة طويلة وإدراك أنني لم أشأ أن أخسر هذه الصداقة لأن هذا الشخص يمثل يحمل أهمية بالنسبة إلي، ولكن في الوقت نفسه أدركت أنه يتعين علي أن أكون أكثر حذراً بشأن الكيفية التي تظهر بها علاقتنا إلى حد يمكنني السيطرة عليه.

إيمي غالو: نعم. وحسب تجربتي، فإن أكثر العلاقات التي تستنزف المرء عاطفياً هي العلاقات التي تبدأ فيها في الرثاء؛ ربما على الوظيفة أو على مديرك، ومن ثم تميل إلى أن تكون سلبية للغاية. وبالتالي، فإنني أعتقد أن من المفيد حقاً وضع حدود فاصلة بين نفسك وبين الشخص الآخر، ولا يجب أن تكون هذه الحدود على شاكلة أن تقول له: لا أستطيع التحدث إليك في الوقت الراهن. إذ لا يتعين أن يكون الأمر بطريقة قاسية، أليس كذلك؟ ولا يتعين أن يكون نوعاً من إبعاد الشخص الآخر، بل يمكنك أن تقول له: أتعلم أمراً؟ للأسف، لن أستطيع تناول القهوة معك اليوم، فلنؤجل لقاءنا إلى يوم الغد. وتبدأ بذلك في وضع نوع من التباعد بين الأوقات التي تقضيانها معاً. ويمكنك أيضاً إعادة صياغة المحادثة، بحيث أنه إذا أضحت المحادثة سلبية جداً أو ألقى عليك ذلك الشخص كل أعباء مشكلاته، يمكنك أن تقول بلطف: أرغب في التحدث إليك بشأن أمر أكثر إيجابية قليلاً اليوم. أو يمكنك حتى أن تقول له: أرى هذه المشكلة بوضوح، وثمة فرصة أراها لكلينا، أليس كذلك؟ فالأمر هو أن تعيد – بلطف – صياغة المحادثة لكي لا تغدو سلبية للغاية. ولا أعتقد أن قطع العلاقات بين الأصدقاء أمر ضروري حقاً.

إيمي بيرنستين: يا إلهي! نحن نتحدث عن إعداد المسرح لعمر كامل من الحرج أو على الأقل إلى أن تغادر العمل.

إيمي غالو: حسناً، لكن أعتقد أنه يمكنك ببطء وحذر ولطف تقليل عدد المرات التي ترى فيها ذلك الشخص، ومحاولة إضفاء الطابع الإيجابي على المحادثات التي تجريها معه. بل يمكنك، في بعض الأحيان، عندما يمر عليك في مكتبك، الانتقال إلى البريد الإلكتروني، كنوع من تقليل شدة التفاعل.

إيمي غالو: حسناً، ما فتئنا نتحدث عن الجوانب السلبية للصداقة في العمل، فهلّا تحدثنا عن الجوانب الإيجابية لها؟

إيمي بيرنستين: لأن الجوانب الإيجابية جيدة للغاية.

إيمي غالو: لأنه توجد الكثير من الجوانب الإيجابية الجيدة.

إيمي بيرنستين: الصداقة في العمل تجعل العمل ممتعاً، وتعزز العوامل الجيدة في العمل بالنسبة إليك.

نيكول توريس: نعم. وتُشعرك بالحماسة للقدوم إلى العمل في كل يوم. حيث إن المرء يستمد الحيوية من الأصدقاء في العمل لأنه يخوض معهم محادثات جميلة بشأن المسائل التي تثير اهتمامهم والأفكار الممتعة التي يتبادلونها. كما أن هذه المسائل تعتبر فترات راحة طيبة على مدار يوم العمل. وبصورة شخصية، أشعر أن الصداقة في العمل تساعدني في الحفاظ على إنتاجيتي والحفاظ على حيويتي.

إيمي بيرنستين: والأصدقاء الحقيقيون الذين تحظى بهم، أولئك الذين يدعمونك، يمكنهم أن يقدموا لك الكثير من المساندة عندما تشعر بالتعب أو يعتريك قليل من الشعور بالحزن. إذ يمكنهم تغيير حالتك المزاجية التي تسيطر عليك.

إيمي غالو: نعم. أنا لا أحضر إلى المكتب كثيراً وكان أحد أصدقائي هنا، عندما أغيب عن المكتب لفترة من الوقت، يضع حلوى على مكتبي، وكان هذا الأمر بالنسبة إليّ لطيفاً إلى أقصى درجة. حيث إنني عادة ما يكون بانتظاري يوم ذاخر بالاجتماعات والضغط الشديد، لأجد في الغالب على مقعدي حلوى “تويكس”، فيكون الأمر مبعثاً لشعوري بالسعادة.

إيمي بيرنستين: هذا أمر لطيف حقاً.

إيمي غالو: نعم، صحيح، إنه أفضل أصدقائي.

إيمي بيرنستين: الأمر حقاً لطيف للغاية.

نيكول توريس: كانت هذه حلقتنا لهذا اليوم. معكم نيكول توريس.

إيمي بيرنستين: وكنتُ معكم إيمي بيرنستين.

إيمي غالو: وكنت معكم أنا إيمي غالو. فريقنا في التحرير والإنتاج هم: أماندا كيرسي ومورين هوك وآدم باكولتز وروب إيكارت وماري دو وإريكا تروكسلر وجيه إم أوليجارز. لم يفت الأوان للتسجيل في فعاليتنا المباشرة التي ستُعقد بتاريخ 12 نوفمبر.

إيمي بيرنستين: في كلية هارفارد للأعمال.

نيكول توريس: حيث سنتحدث فيها عن النزاعات.

إيمي بيرنستين: اشتركوا لحضور الفعالية معنا.

إيمي غالو: واقضوا معنا بعض الوقت.

نيكول توريس: وتناولوا بعض الوجبات الخفيفة.

إيمي بيرنستين: وجبات خفيفة؟

نيكول توريس: ستكون هناك وجبات خفيفة، هذا مؤكد.

إيمي غالو: لدينا تأكيد بوجود وجبات خفيفة.

إيمي بيرنستين: هل نعرف نوع الوجبات الخفيفة التي ستُقدم؟ أهي وجبات خفيفة مملحة أم محلاة؟

نيكول توريس: الوضع المثالي أن يتوفر النوعان.

إيمي غالو: لكن الأمر الأهم…

إيمي بيرنستين: ما رأيكم في الوجبات الخفيفة مع المشروبات؟

نيكول توريس: سؤال وجيه.

إيمي غالو: سنتناولها خلف الكواليس. ثمة رابط للتسجيل موجود في الحواشي الخاصة بالبرنامج والمنشورة على الموقع الإلكتروني.

نيكول توريس: نأمل أن نراكم في هذه الفعالية.

المصادر:
يمكنك الاشتراك لتصلك النشرة الشهرية للبرنامج الصوتي “النساء في العمل”.
يمكنكم مراسلتنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان: [email protected].
تابعونا في حلقة صوتية مباشرة في مدينة بوسطن يوم الثلاثاء 12 نوفمبر/ تشرين الثاني. هذا البرنامج متاح مجاناً، لكن يلزمك التسجيل للحصول عليه.
الشارة الموسيقة لهذا البرنامج هي مقطوعة “سيتي إن موشن” من تأليف مات هيل، وتقدمها شركةأوديو نتورك“.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .