كيف حسّن أحد المستشفيات سلامة المرضى خلال 10 دقائق في اليوم؟

4 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يبدو أن معظم التحسينات الحديثة في الرعاية الصحية تتطلب الاستثمار الكثيف في التكنولوجيا وقدراً غير مريح من إدارة التغيير. لكن الأطباء والممرضين وسائر موظفي “مستشفى روتردام للعيون” نجحوا في تحسين رعاية المرضى ورفع معنويات العاملين فيه بتكلفة متواضعة للغاية: 10 دقائق في اليوم ومجموعة خاصة من بطاقات اللعب.

استوحى أعضاء في فريق التفكير التصميمي في المستشفى الفكرة لدى صعودهم طائرة تابعة لشركة “كيه إل أم”. لقد رأوا حينها طاقم الطائرة يجتمع قبل الإقلاع ويعرّف أعضاؤه عن أنفسهم ثم يطرح كل منهم على الآخرين سؤالين حول سلامة الطيران.

راقت الفكرة لهم، وعندما عادوا إلى “مستشفى روتردام للعيون” فكر المدراء: لماذا لا يمكنهم إضافة شيء مماثل في بداية تجمعات انطلاق الفريق؟ فهناك في الواقع شبهاً بين الوضعين من بعض النواحي: على كل مجموعة لم يعمل أعضاؤها معاً من قبل تشكيل فريق متماسك بسرعة وتنفيذ واجباتهم بطريقة تلتزم تماماً بتوجيهات المؤسسة.

لاختبار هذه الفكرة، طور مدراء المستشفى بطاقات لعب خاصة بسلامة المرضى شجعت زملاءهم على العمل معاً بسهولة أكبر وعززت معرفتهم بالمبادئ الأساسية المتصلة بالسلامة وبرعاية المرضى. (صمم أحدنا وهو “رول” المبادرة ونفذها، وتولى الآخر، وهو “ديرك”، دراستها).

والآن، بدأ عدد من المستشفيات ومؤسسات الرعاية التي تعمل منذ أمد بعيد في هولندا بلعب لعبة الورق هذه. وفي عامي 2016 و2017، تبنت دار لرعاية المسنين ومركز لإعادة التأهيل تابعان لمؤسسة “زورغ بارتنرز ميدن هولاند” (Zorgpartners Midden Holland) بالقرب من روتردام أيضاً تنظيم اجتماعات “انطلاق الفريق” ولعبة بطاقات الورق، وسجلا تحسينات مماثلة في رعاية المرضى وعلى معنويات الموظفين.

كيف تعمل بطاقات اللعب؟

في بداية كل وردية، يلتقي الأعضاء لفترة وجيزة من أجل “انطلاق الفريق”. يقيّم كل فرد منهم مزاجه فيصفه بأنه أخضر (أنا في مزاج جيد) أو برتقالي (أنا بخير ولكن هناك أمور تقلقني) أو أحمر (أعاني من ضغوط). لا يحتاج سائر أعضاء الفريق إلى معرفة أنك تعاني من الضغط لأنك اختلفت مع مالك شقتك أو إذا كنت قلقاً بشأن طفلك المريض. غير أن ما تشعر به هو أمر مهم لأنه يؤثر على كيفية التعامل معك.

بعد ذلك، يسأل قائد الفريق عما إذا كان هناك أي شيء محدد يحتاج الفريق إلى معرفته لضمان العمل معاً بفاعلية أكبر خلال تلك الوردية: قد يسأل أحدهم على سبيل المثال، “هل هناك تأخير في وسائل النقل العام حتى نتوقع أن يتأخر المرضى عن مواعيدهم؟”، أو “هل نتوقع حضور مريض لديه احتياجات خاصة؟”.

قبل أن ينهي القائد الاجتماع، يطلب من اثنين من الموظفين سحب بطاقة لكل منهما. تُقسم البطاقات بين تلك التي تختبر مدى معرفة الشخص وتلك التي تكلف الشخص بمراقبة شيء ما في أثناء الوردية ومشاركة النتائج التي يتوصل إليها مع الآخرين خلال اجتماع “انطلاق الفريق” في اليوم التالي.

عادة ما تذكّر بطاقات المعرفة التي يتم تغييرها كل شهر ببعض السياسات التي تعتبر مهمة لعملية ما، مثل إجراءات التعامل مع الدواء. قد تطلب البطاقة مثلاً: “اذكر الخطوات الخمس اللازمة لنظافة اليدين” أو “اذكر أكثر الأخطاء شيوعاً التي يمكن أن تحدث عند تحضير الدواء”. وقد تكون مهمة المراقبة هي: “تابع زملاءك وحدد من يسهم أكثر في إشاعة روح الفريق” أو “راقب زملاءك وقدم تقريراً حول مدى التزامهم بإجراءات غسل اليدين”.

تضمن مشاركة الإجابات أو النتائج المترتبة على أسئلة البطاقات والأنشطة التي تقترحها مع المجموعة تعزيز الأفكار.

هذا كل ما في الأمر.

قد لا يبدو هذا الإجراء الروتيني عاملاً في تسجيل تقدم كبير، لكن “مستشفى روتردام للعيون” شهد بعض التحسينات المهمة في جودة الخدمة منذ بدء استخدام بطاقات اللعب في عام 2015. أولاً، ارتفع أداء المستشفى في عمليات التدقيق المتصلة بسلامة المرضى، وتحسّن بشكل كبير الرضا الوظيفي لدى مقدمي الرعاية من 8.0 إلى 9.2 على مقياس من 10 نقاط بعد أن بدأ العاملون بلعب الورق. وسجلت دار رعاية المسنين ومركز إعادة التأهيل نتائج مماثلة.

لاحظ الموظفون مجموعة متنوعة من المكاسب الأخرى أيضاً. على سبيل المثال، شجعت اللعبة أعضاء الفريق على التعرف إلى بعضهم البعض بشكل أفضل، ومعرفة أعضاء الفريق بعضهم تُشعر المرضى بالاطمئنان. (أجرينا مقابلات مع موظفي المستشفى، ودار رعاية المسنين، ومركز إعادة التأهيل، ووزعنا استبياناً غير رسمي بعد بدء استخدام بطاقات اللعب).

قال أحد الأطباء: “الميزة الأساسية بالنسبة لي هي أنني أعرف من أتعامل معهم اليوم. الآن أعرف أسماءهم وما هو شعورهم”.

وتكوّن لدى أعضاء آخرين في الفريق فهم أعمق للأسباب التي أدت إلى اعتماد بروتوكولات معينة. قال أحد عمال التنظيف في مركز إعادة التأهيل: “أفهم الآن بشكل أفضل أهمية بعض تدابير سلامة المرضى، وبت أعرف كيف أسهم فيها”.

وأخيراً، اكتسب الجميع فهماً أعمق لأهمية وظيفتهم، وهو ليس بالأمر السهل في مؤسسة مركزية. قال أحد مساعدي التغذية: “أشعر الآن بأنني جزء من فريق الرعاية. بت الآن أعرف أنني لا أقوم فقط بتقديم الطعام، بل أسهم في جعل المريض يشعر بالأمان أيضاً”.

كما شجعت اللعبة على المزيد من المشاركة بين العاملين وخاصة بين من لا يكون لديهم في كثير من الأحيان مناسبات عديدة للتحدث إلى بعضهم البعض، مثل عاملي النظافة والأطباء. ومن الأمثلة على ذلك: دفع سؤال من لعبة الورق حول ما يجب فعله عند العثور على دواء متروك عامل نظافة إلى أن يذكر أنه يجد باستمرار أقراص دواء في سرير أحد المرضى. هكذا تنبّه الطبيب إلى أن المريض لا يتناول الدواء الموصوف له.

عرض “مستشفى روتردام للعيون” اللعبة على أعضاء آخرين في الرابطة العالمية لمستشفيات العيون في المملكة المتحدة وأستراليا وسنغافورة.

وعلى الرغم من أن استخدام اللعبة ليس مكلفاً، فهي تتطلب من الإدارة القيام بما يلي:

تصميم بطاقات اللعب التي تحتاجونها. يجب أن تصمم لعبة الورق لتلائم ثقافتكم وتركز على التحديات التي تواجهونها في الوقت الحالي. فعلى سبيل المثال، قد يركز المستشفى على سلامة الدواء ونظافة اليدين، في حين تركز دار المسنين على فهم نواحي الضعف لدى المسنين والرعاية في نهاية العمر. تتضمن كل لعبة ورق متصلة بتجربة المريض ستة مواضيع على الأقل.

الالتزام باللعبة. لن ينجح الأمر إذا لعبت الفرق اللعبة بصورة غير منتظمة.

مشاركة أعضاء الفريق كافة. تنجح اللعبة لأن الجميع يعرفون أنهم على المركب نفسه وقد يأتي دورهم في الغد. ونعني هنا الجميع وليس فقط فرق المرضى الداخليين والخارجيين، بل حتى العاملين في قسمي الموارد البشرية والمالية.

نتصرف في بعض الأحيان كما لو أن مؤسسات الرعاية الصحية هي آلات كبيرة. لكن في الحقيقة، تعتمد جودة الرعاية الصحية في نهاية الأمر على الأداء الجماعي للعديد من الفرق الصغيرة. وتقترح لعبة “انطلاق الفريق” وتجربة المرضى أن الأداء يمكن أن يتحسن عندما نأخذ بعين الاعتبار المنظور الكامل والاحتياجات العاطفية لمن يقدمون هذه الرعاية بالفعل. واللعبة هي خطوة أولى رائعة نحو بناء هذا الوعي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .