ثغرة حكومية تستغلها “يونايتد أيرلاينز” لدفع تعويضات بخسة للمسافرين المطرودين من الطائرة

3 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

شاهد معظمنا ذلك الفيديو المزعج، يوم الأحد، الذي يُظهر رجلاً ملطخاً بالدماء، يُسحَب إلى خارج طائرة تابعة لشركة طيران “يونايتد إيرلاينز” (United Airlines)، وتحديداً رحلة رقم “3411” المتجهة من شيكاغو إلى مدينة لويزفيل. إذ أرادت الإدارة توفير أماكن لأربعة من أفراد طاقم الطائرة الذين كان عليهم الوصول إلى لويزفيل، والذين لم يكن لهم مقاعد خالية، وادعت شركة “يونايتد” أنها قدمت 1,000 دولار لكل راكب للتخلي عن مقعده (زعمت تقارير أخرى أن “يونايتد” عرضت 800 دولار). وعندما لم يتخل عدد كافٍ من الركاب عن مقاعدهم طوعاً، اختارت “يونايتد”، بدلاً من رفع المكافأة، أن تتعامل بصرامة عن طريق طرد العملاء من طائرتها.

دفعت هذه الواقعة إلى تسليط المزيد من الضوء على “الحجز الزائد”، وهي الممارسة الشائعة التي تتبعها شركات الطيران، حتى دعا كريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرسي، إلى فرض حظر حكومي يمنع تكرار هذه الممارسة. لكن شركات الطيران ليست وحدها المُلامة على مشاكل الحجز الزائد، وإنما تشترك في المسؤولية لائحة حكومية التي تعتبر قانوناً غامضاً لوزارة “النقل” الأميركية.

والمقصود بالحجز الزائد: الممارسة التي يتم فيها بيع عدد من التذاكر يفوق عدد مقاعد الطائرة نفسها، وهو أمر يصب في مصلحة شركات الطيران والركاب على حد سواء، إذ تستفيد منه الشركات في تشغيل طائرات كاملة العدد في رحلاتها لتعظيم أرباحها مقارنة بطائرات تقلع ببعض المقاعد الشاغرة. وتعتمد الشركات في ذلك على أن بعض الركاب يفشلون في اللحاق برحلاتهم، وهكذا تخفف ممارسة الحجز الزائد من مخاطر الطيران بمقاعد شاغرة. أما على صعيد الركاب، فتساعدهم هذه الممارسة في الحصول على أسعار مخفضة لتذاكر الطيران بالإضافة إلى المزيد من مرونة التغيير بما يصب في مصلحتهم هم أيضاً. فبدلاً من بيع رحلات ذات قواعد صارمة ترفع شعار “إذا فوّت الرحلة التي حجزتها، فستخسر كل أموالك”، توفر شركات الطيران مجموعة من الخيارات للركاب الذين يظل بإمكانهم السفر لوجهاتهم حتى في حال عدم لحاقهم برحلاتهم المحجوزة. إذ تسمح أسعار التذاكر المرنة للعملاء بتغيير خططهم حسب الرغبة عن طريق دفع فرق القيمة، بل يمكنهم أيضاً تعديل التذاكر غير القابلة للاسترداد مقابل رسوم إضافية.

ولكن تقع المشكلة عندما تخطئ شركة الطيران في تقدير الوضع، ويظهر جميع ركاب الرحلة للسفر. في هذه الحالة، عادةً ما يسمح وكلاء البوابات بسيادة السوق من خلال رفع قيمة المكافأة حتى يقرر عدد كافٍ من المسافرين تغيير خطط سفرهم. وفي عام 2015، وافق 505 آلاف مسافر طوعاً على تغيير خططهم بهذه الطريقة، فيما أُرغم 46 ألفاً آخرين على ذلك، دون رغبة منهم.

لكن وزارة “النقل” اعتمدت لائحة تشجع ممارسة الطرد هذه، وبالطبع، لا يعرف المسافرون عنها الكثير وكذلك عن الإبعاد طواعية. وبموجب هذه اللائحة، فإنه في حال تعرض المسافر للطرد، فسيتعين على شركات الطيران دفع غرامة تتراوح قيمتها بين “200 – 400%” (حسب طول مدة التأخير) من سعر تذكرة الاتجاه الواحد التي دفعها المسافر ولم يتمكن من السفر بها، وبحد أقصى قدره 1,350 دولاراً. وتوفر هذه اللائحة حافزاً لشركات الطيران لإبعاد المسافرين الذين دفعوا أقل مقابل لتذاكر سفرهم، وهم غالباً ما يكونون أفقر المسافرين على متن الطائرة. لذا، فبينما كانت شركة “يونايتد” تمنح المسافرين ألف دولار إذا تعرضوا للطرد، قد ينتهي المطاف بالمسافرين الأربعة سيئي الحظ إلى الحصول على أقل من نصف هذا المبلغ على سبيل التعويض إذا بلغت قيمة تذاكر سفرهم ذهاباً وإياباً 200 دولار. وهكذا، وبهذا الالتزام البخس الوارد نصاً، فإن وزارة “النقل” تدعو شركات الطيران لإبعاد المسافرين بشكل مفرط.

وتعد حقوق الركاب محدودة بسبب النسخ الجيدة المطبوعة لعقود النقل الخاصة بشركات الطيران، التي تنص تحديداً على جواز طرد المسافرين. إذا كانت وزارة “النقل” تنوي أن يكون لها يد في ذلك، فيجب عليها إما منح الركاب المزيد من الحقوق، ربما عن طريق حظر هذه الممارسة على الرغم من عدم حظر الحجز الزائد كما اقترح الحاكم كريستي، أو اتخاذ خطوات لضمان تحمل شركات الطيران المسؤولية الكاملة عن تصرفاتها. وسيؤدي تطبيق أي من الخيارين إلى الوصول لنتيجة أكثر اعتماداً على السوق. ففي حال حظر الطرد عنوةً، فلن يكون أمام شركات الطيران خيار سوى تقديم تعويضات يحددها السوق لإبعاد الركاب طواعية عن الطائرات. وبالمثل، إذا لم يتم تحديد التزاماتهم، فستكون شركات الطيران أكثر كرماً لتجنب تكاليف معالجة عدد كبير من الدعاوى الصغيرة.

تحدد شركات الطيران أسعارها في السوق الحرة، لذلك ينبغي أن تكون هذه السوق هي المسؤولة أيضاً عن حل المخاطر التي تتكبدها هذه الشركات عن طيب خاطر. ففي يوم الأحد ذلك، كان على “يونايتد” أن تواصل رفع قيمة التعويض التي ستدفعها لبعض الركاب لتحفيزهم على مغادرة الطائرة. ولكنها، بدلاً من ذلك، قررت طرد المسافرين من الطائرة مع العلم الكامل بأن التعويض الذي ستدفعه سيكون بخساً، وذلك بفضل ثغرة حكومية.

وبالطبع، إذا أرادت “يونايتد” حقاً استخدام الحس المالي والحس السليم، لكانت استأجرت سيارة لأفراد طاقمها للقيام برحلة برية لمدة 5 ساعات إلى لويزفيل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .