استعن بالفنون من أجل تجديد نشاط موظفيك

6 دقائق
تنشيط حماس الموظفين
الرسم التوضيحي: ديفيد بيسكاب

ملخص: مع تباطؤ كثير من الموظفين في عملهم عن بعد، أصبح الوقت مناسباً من أجل تنشيط حماس الموظفين ممن يشعرون بالملل أو فقدان الإلهام. يمكن لتقنيات 5 أنظمة فنية تحفيز التفكير الإبداعي لدى فريقك وكسر رتابة العمل عن بعد. إذ يمكن لتصور نتائج مشكلات العمل ورسمها مساعدتك على الفصل بين الأمور المهمة والتفاصيل؛ وسيساعدك الاستلهام من الكوميديا الارتجالية على رؤية المشكلات من زوايا جديدة؛ والتجول في المكان يحفز إفراز هرمونات الإندورفين ويساعد جسمك على الاسترخاء؛ والشِعر يساعدك على الدخول إلى مراكز مختلفة من الدماغ؛ وأخيراً الموسيقى ستساعدك على التواصل مع الآخرين. لا يهدف إدخال هذه التقنيات للمرح والمتعة فقط، فهي تتيح للموظفين توجيه أفكارهم ومشاعرهم المكبوتة وترجمتها إلى أشياء بناءة.

 

مع مضي عام كامل على عملنا من المنازل، تواجه الفرق التي تعمل عن بعد مخاطر فقدان الحماس في العمل. وعن طريق الاستناد إلى التقنيات التي يستخدمها المبدعون، يمكن لقادة الشركات إنعاش الفرق وتحفيز قوة دافعة جديدة وتنشيط روح الابتكار. مثلاً، تبين الدراسات أن مهارات الارتجال التي يتمتع بها عازفو الموسيقى نشأت عن ارتفاع النشاط الحسّي في الدماغ وتعطيل وظائف التحكم الإدراكي، ما يؤدي إلى التعبير عن النفس بحرية على نحو مذهل.

هذه هي “حالة التدفق”، وهي ليست حكراً على عازفي الموسيقى، بل تمتد خارج نطاق مجال الموسيقى ويمكن إدخالها إلى مكاتب أي شركة في العالم (ومنازل موظفيها). يمكن لأي منا التمتع بروح الإبداع الحرة التي تساعده على توليد أفكار تتخطى حدوده المعتادة، وعن طريق تقنيات الأنظمة الفنية الخمسة التالية ستتمكن من تحفيز التفكير الإبداعي لدى فريقك وكسر رتابة العمل عن بعد.

ارسم وجهات نظر جديدة عن طريق الفنون المرئية

التصور هو تفسير عصبونات الدماغ للصور الذهنية على أنها حدث واقعي، هذا يعني أنه عندما نتصور أمراً ما، تعمل خلايا أدمغتنا كما تعمل إذا كان هذا الأمر يحدث فعلاً. ربما تعرف المثل الذي يقول إن الإنسان “لا يصدق حتى يرى”، لكن الحقيقة هي أنه لا يفعل حتى يرى.

سنوضح ذلك في مثال واقعي. طلبنا من الموظفين في مؤسسة غير ربحية كبرى تصور أنهم يحضرون حفل توزيع جوائز الأوسكار. وطلبنا منهم تخيل الجوائز التي لم يرشحوا لها، والجوائز التي رُشحوا لها، والجوائز التي حصلوا عليها. ساعدهم ذلك على إدراك ما يمكنهم تحقيقه وما لا يمكنهم تحقيقه، فعن طريق تخيل هذا السيناريو تمكنوا من فهم الطريقة التي يجب عليهم اتباعها لإعادة تنظيم أنفسهم وتحقيق أهدافهم.

فرؤية ما تود تحقيقه يوجهك نحو هدفك النهائي، كي لا تغفل عنه في أثناء سعيك لتحقيقه. ليس من الضروري أن تطبع صورة عميلك، لكن لم لا تضع صوراً لشعار شركته أو رسالتها أو ألوان علامتها التجارية أو إعلانها في مكان عملك؟ إذا كنت تعمل في شركة تجارية موجهة للمستهلك، حاول تصور مستخدميك أو السمات الشخصية لمن تستهدفهم.

والتمرين الآخر هو رسم حلول مشكلات العمل. فالرسم هو وسيلة قوية لفتح الجانب المبدع الخام من دماغك. عندما تحث الموظفين على تغيير الوسيلة التي يستخدمونها عادة للإجابة عن الأسئلة المفتوحة، فأنت تستبدل العملية المنظمة التدريجية بعملية استكشافية بدرجة أكبر. ليس على الموظفين رسم مخطط بياني لسير العمل أو مخطط “فين” المتداخل، ويجب ألا يقدم لهم إلا الحدّ الأدنى من التوجيه أو القيود.

فيما يلي مثال رائع: أخبر موظفيك أنه بعد 2,000 عام، سيعثر عالم في مجال أصول الإنسان على كهف يحتوي على رسوماتهم، واطلب منهم رسم الحياة في العصر الحالي بأفضل طريقة ممكنة على ورقة واحدة. إن اختصار الواقع في رسم فني واحد يصيب صميم ما يحدث وليس تفاصيله، وربما سيختار البعض تمثيله بطرق عاطفية محسوسة لا نراها عادة في أثناء أيام العمل.

رفّه عن موظفيك وجدّد نشاطهم وأخرجهم من رتابة العمل عن طريق المسرحيات

أحد الأنشطة الفنية التي يمكن إدخالها إلى مكان العمل والمفضلة لدينا هو الكوميديا الارتجالية، فهي تساعد الموظفين على تعلم قراءة الإشارات والضحك على أنفسهم والاستماع بانتباه أكبر والاسترخاء. وبما أن الكوميديا الارتجالية هي نشاط جماعي، فهي مثالية للتواصل مع الجميع عن طريق وضع سيناريو مشترك. ليس من الضروري أن تكون الكوميديا الارتجالية مسرحية كاملة، فذلك يخيف البعض ويبعدهم عنها، وإنما يمكنك إدخال بعض عناصر الكوميديا الارتجالية في اجتماعات الفريق ونشاطاته كي لا ينسحب أحد من دائرة الضوء على الفور.

مثلاً، في أثناء اتصال جماعي يضم أعضاء الفريق، اطلب من بعض الأفراد أخذ دقيقة لاختيار شيء من منازلهم يذكرهم بمشكلة ما في العمل أو مع أحد العملاء، ثم تفسير ما اختاروه للمجموعة. وبما أن الموظفين يواجهون تحدياً للعمل ضمن مجال محدود من الموارد، فهذا النشاط يشجعهم على القيام ببعض التمارين الذهنية كي يتمكنوا من التوصل إلى نتيجة فاعلة. كما أنه يربط شيئاً مادياً ملموساً بمسألة معنوية، وبالتالي يجبر الموظفين على النظر إليه من منظور جديد.

ثمة تمرين آخر يتمثل في دفع فريقك لتخيل أنهم ينشئون شركة جديدة ذات هدف واحد وهو التفوق على شركتكم الحالية، وأنهم يحظون بجميع الاستثمارات والمواد التي يحتاجون إليها، ويجب أن يوضحوا كيف سيتمكنون من السيطرة على السوق وهم يجسدون شخصية مختلفة عن شخصية شركتهم. ادفعهم للانتباه إلى تفاصيل شخصية هذه العلامة التجارية الخيالية وأسلوبها. هل يعملون بجرأة في أماكن تعمل فيها شركتكم الحالية بحذر؟ هل يتعاطفون في أماكن تتعامل فيها شركتكم بموضوعية؟ يتيح لك إنشاء هوية تكافئ هويتك تحري مواطن ضعفك وتبنّي سمات قوية كنت تخشى إظهارها من قبل.

ولا تنس لعبة الكوميديا الارتجالية التقليدية، “أجل، وأيضاً..” التي تحفز تدفق أفكار المشاركين نظراً لحاجتهم إلى توليد أفكار جديدة بناءً على الأفكار التي يطرحها زملاؤهم. فيبدأ أحدهم اللعبة بقول جملة، ويجب على البقية واحداً تلو الآخر المتابعة بجملة تبدأ بكلمتي “نعم، وأيضاً…”. تعلّم هذه اللعبة المشاركين قبول جميع الأفكار ووصل بعضها ببعض وتجميع شيء مفيد باستخدام ردود أفعالهم فقط.

زد الألفة بين الموظفين عن طريق المقطوعات الموسيقية

أكثر من ثلث الموظفين الذين يعملون عن بعد يشعرون بالقلق من عدم تحركهم بما يكفي في منازلهم، بما أنهم توقفوا عن الذهاب إلى العمل والعودة منه وأخذ استراحات لتناول القهوة مع الزملاء. وقد تؤدي قلة الحركة هذه إلى تخفيض طاقة الموظف وإضعاف حماسه مع مرور الوقت،

فالنشاط الجسدي يحفز إطلاق هرمونات الإندورفين التي تتفاعل مع المستقبلات في الدماغ وتحفز المشاعر الإيجابية. وسيستفيد الموظف من القيام بأشياء بسيطة كتغيير المكان، سواء كان حضور اجتماع من غرفة أخرى أو تغيير موقع المكتب أو المشي في أثناء التحدث على الهاتف. وأحد الاقتراحات الرائعة هو الاتصال الجماعي الذي ينضم الجميع إليه وهم يمارسون رياضة المشي خارج منازلهم أو داخلها، من أجل تنشيط أجسامهم ومعنوياتهم.

بين الفينة والأخرى، يمكنك إقامة احتفال على منصة “زووم” يطلب المشاركون فيه الاستماع إلى مقطوعات موسيقية أو أغان معينة ويتفاعلون معها ويستمتعون بها كل بطريقته (ويكون تشغيل الكاميرا اختيارياً). ليس من الضروري أن تكون جدياً في كل ثانية من يوم العمل، وهذه الاجتماعات هي لحظات مشتركة يمكنك أن تعيشها بمرح وبوصفك إنساناً. قد يبدو الأمر محرجاً في بدايته، لكن سيتخلى المشاركون عن خجلهم عندما يشعرون بالراحة وسيشاركون زملاءهم فيما يفعلونه، وذلك سيؤدي إلى انتعاش نفسياتهم.

لا تنس أن تفكر في الموظفين الذين يملكون قدرات مختلفة عندما تقترح هذه النشاطات كي يتمكن الجميع من المشاركة، حتى وإن كانوا يستخدمون كرسياً متحركاً أو يعانون من إصابة جسدية.

استعن بالشعر كي تدمج الإبداع والمحتوى

في بعض الأحيان، يؤدي تدفق الأفكار إلى الشعور بموجة قوية من الطاقة، وعندما يهبط عليك الإلهام تبدأ سلسلة لا منتهية من الأفكار بالتدفق. والشعر يساعد الموظفين على استخراج الأفكار من الأجزاء الخاملة من أدمغتهم والسماح لها بالتدفق بحرية تامة ومن دون انتقاد. من الممكن أن تؤلف شعراً مجرداً وغير منطقي كما تشاء، وليس بالضرورة أن يكون منظوماً وفق بحور الشعر وأوزانه.

حاول أن تخصص جلسة للشعر في الصباح حيث يمكن للموظفين المشاركة بحرية، ربما كان ما يؤلفونه كلاماً عشوائياً، أو جملة قصيرة مسجوعة، أو شعراً منظوماً بعناية. ومثل كل أنواع الشعر، سيكون بعضه ثرثرة عابثة، في حين قد يتشابك بعضه الآخر مع واقع قائله. لكن لا تجبر الموظفين على مشاركة ما يؤلفونه مع الفريق إلا إذا كانوا يرغبون باستكشاف أهميته وتحديد مدى إمكانية تطبيق بعض المواضيع النابعة من أحاديثهم الذاتية على ما يجري في الشركة.

إذا كان رد فعل الموظفين على جلسات الشعر إيجابياً، فبإمكانك تنظيم ندوات أو حفلات شعرية عبر الإنترنت وإتاحة الفرصة للموظفين لاختبار أساليبهم في التواصل كي يتمكنوا في نهاية المطاف من تحسين طرقهم في صياغة إبداعاتهم وتقديمها.

أدخل مفاهيم وروابط جديدة مع الموسيقى

إن حالة التدفق التي يعيشها عازف الموسيقى مثلاً تتيح له استكشاف مراكز مختلفة في دماغه والعزف بسلاسة تامة، ويكتسب هذا التدفق زخماً مع تقدمه، مثل أي تدفق آخر، لكن من دون أي توقعات، فهو تفاعليّ قائم على ردود الأفعال كلياً.

يمكنك الاستعانة بالموسيقى من أجل بثّ الطاقة في الصمت الذي يسود الاجتماعات. ويمكنك إنشاء قائمة خاصة من المقطوعات التي يمكن تشغيلها في أثناء انتظار انضمام المشاركين في الاجتماع أو في الوقت المخصص للتفكير في موضوع ما، وستساعد هذه الموسيقى الموظفين على الاسترخاء أو الاستغراق في التفكير. كما يمكنك أيضاً اقتراح قائمة مشتركة يمكن أن يضيف الموظفون إليها مقطوعات تناسب مزاجهم أو تفضيلاتهم. تتمتع الموسيقى بقدرة فطرية على ربط الناس بعضهم ببعض وتتيح لهم مشاركة أجزاء من أنفسهم. ولأنه من المفترض أن يكون جميع المشاركين قادرين على الاستماع إلى هذه الموسيقى، احرص على الانتباه للأشخاص الذين يعانون من ضعف حاسة السمع وتقديم أدوات مخصصة لمساعدتهم، كبرامج نسخ الكلمات أو العرض الموسيقي المرئي أو تقديم مقطوعات موسيقية ذات ترددات معينة.

للفنون مكانة مهمة في الأعمال، ولا تدخل فيها لأنها ممتعة فحسب، بل لأنها تسمح للموظفين بتوجيه أفكارهم ومشاعرهم المكبوتة وترجمتها إلى أشياء بناءة. فالأنشطة الفنية توحّد الموظفين وتجعلهم يشعرون بتدفق الأفكار الجديدة في نفس الوقت، لاسيما الفرق التي تعمل عن بعد وتواجه خطورة الشعور بالملل أو فقدان الإلهام. جرب هذه التقنيات المستوحاة من الفنون كي ترى مدى فاعليتها في مساعدة فريقك على الإبداع وتنشيط حماس الموظفين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .