كيف تكون قائداً متمسكاً بمبادئه الأخلاقية؟

4 دقائق
تمسك القائد بمبادئه

ملخص: تُعد المحادثات الصادقة أداة مهمة في تمسك القائد بمبادئه ومساعدة القادة ومؤسساتهم على تحقيق طموحاتهم الأخلاقية بنجاح. إذا كنت تطمح إلى القيادة بشكل أخلاقي وبأهداف سامية، فابدأ بنفسك أولاً. خصص وقتاً لإجراء محادثة صادقة مع نفسك للمساعدة في معرفة ما يهمك وما هي مبادئك الأخلاقية. ثم ضع هدفاً مشتركاً مع كبار أعضاء فريقك. ثالثاً، استعد لما قد يقوض طموحاتك. من المؤسف أنه في مرحلة ما سيؤدي الضغط لتلبية توقعات المساهمين إلى تقويض طموحاتك في القيادة بهدف وقيم أسمى. وأخيراً، لا تنتظر إلى أن يتم الإبلاغ عن المخالفات.

 

في سبتمبر/أيلول عام 2016، أعلنت شركة “ويلز فارغو” (Wells Fargo) أنها ستدفع 185 مليون دولار لتسوية دعوى قضائية رفعها منظمون فيدراليون ومدينة ومقاطعة لوس أنجلوس، معترفة أن الموظفين فتحوا ما يصل إلى 1.5 مليون حساب دون إذن العملاء على مدى 5 سنوات. وقد أدت هذه الممارسات غير الأخلاقية إلى انخفاض فوري في أسعار أسهم الشركة وظل أداؤها دون المستوى المطلوب بفارق كبير.

عزا الرئيس التنفيذي لشركة “ويلز فارغو” هذه الفضيحة المصرفية إلى “الموظفين الفاسدين” في الشركة الذين تم فصلهم (حوالي 5 آلاف موظف). لكن الموظفين السابقين أفصحوا عما حدث، قائلين إنهم فُصلوا عن العمل على الرغم من أنهم كانوا “موظفين صالحين” وأبلغوا الشركة أن لديهم مخاوف بشأن حالات الاحتيال وثقافة المبيعات الفاسدة أخلاقياً. وقال الكثير من الموظفين إنهم فُصلوا بعد الإبلاغ عن هذه المخالفات.

هذا الانتهاك الكبير للأخلاقيات، وهو أحد أكبر الانتهاكات في السنوات الأخيرة، يتناقض مع رسالة الشركة المعلنة في ذلك الوقت التي تنص على “تلبية الاحتياجات المالية لعملائنا ومساعدتهم على النجاح مالياً”. ولكن للأسف، يمكن حتى للرؤساء التنفيذيين وشركاتهم التي تتمتع بمصداقية ولديها أهداف سامية الاستسلام تحت وطأة الضغوط القصيرة الأجل لتحقيق الأرباح.

كيفية تمسك القائد بمبادئه

خلال عملي في مجال الاستشارات، اكتشفت أن المحادثات الصادقة هي أداة مهمة في مساعدة القادة ومؤسساتهم على تحقيق طموحاتهم الأخلاقية بنجاح. إذا كنت رئيساً تنفيذياً تطمح إلى القيادة بطريقة أخلاقية وبأهداف سامية، ففكر في اتباع الاستراتيجيات التالية.

ابدأ بنفسك

يبدأ الطريق إلى تحقيق طموحك الأخلاقي الأسمى بالتفكير في قيمك وهدفك في الحياة. خصص وقتاً لإجراء محادثة صادقة مع نفسك للمساعدة في معرفة ما يهمك وما هي مبادئك الأخلاقية.

في البداية، اكتب القرارات الحاسمة التي اتخذتها في حياتك (على سبيل المثال، اختيارك لوظيفتك وشريك حياتك وأصدقائك) ثم اسأل نفسك ما الذي دفعك إلى اتخاذ هذه القرارات وما الذي توضحه عن شخصيتك. على سبيل المثال، فكر مدير قسم، تم تعيينه حديثاً ومدرَّب على المحاسبة، في سبب اختياره العمل في شركته على الرغم من العروض الأفضل التي كانت متاحة له، وأدرك أن السبب هو ثقافتها الأخلاقية التي تشجع على التعاون والتعامل معاً بود. ثم استخدم هذه المعلومات للمساعدة في تحديد سمات القائد الذي يرغب في أن يكون عليه.

ضع هدفاً مشتركاً مع كبار أعضاء فريقك

ابدأ محادثة مع كبار أعضاء فريقك، واسألهم عن تطلعاتهم المتعلقة بنوع الشركة التي يرغبون في بنائها. وبوصفك قائداً، سيسمح لك هذا النوع من المناقشات باختبار ما تؤيده، ثم قيادة فريقك لصياغة بيان توافقي. فيما يلي الكيفية التي طور بها أحد الرؤساء التنفيذيين بيان الهدف الخاص بشركته:

في أحد اجتماعاتي الأولى مع فريق الإدارة العليا، تحدثنا عن نوع الإرث الذي نرغب في تركه. تحمس الفريق لهذه الفكرة كثيراً. وكان كل شخص لديه ما يقوله حول هذا الموضوع، وطرحنا جميع الأفكار للمناقشة. ثم بحثنا عن القواسم المشتركة حول نوع التغيير الذي أردنا إحداثه. كانت جميع الأفكار تتعلق بالموظفين والتأثير فيهم بطريقة إيجابية وإعطائهم فرصة للنمو. وأصبحنا اليوم لا نتحدث عن الرؤية، بل عن الإرث الذي نحاول بناءه وتركه.

استعد لما قد يقوض طموحاتك

من المؤسف أنه في مرحلة ما سيؤدي الضغط لتلبية توقعات المساهمين إلى تقويض طموحاتك في القيادة بهدف وقيم أسمى. تشير البحوث إلى أن هناك فجوة حتمية بين ما نؤيده نحن البشر وما نفعله بالفعل. وينطبق الأمر نفسه على الرؤساء التنفيذيين وشركاتهم.

لا تدع مؤسستك تتفاجأ عندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها. حدد مواعيد لإجراء محادثات روتينية للتحقق من الطموحات الأخلاقية لمؤسستك. سأشرح المزيد حول كيفية تنفيذ هذا في الجزء التالي.

أحد أساسيات تمسك القائد بمبادئه الأخلاقية: لا تنتظر إلى أن يتم الإبلاغ عن المخالفات

في العديد من الشركات، يخشى الموظفون الأدنى مرتبة الإدلاء بالحقيقة أمام مَن بيدهم السلطة بشأن حالات عدم التوافق مع الأهداف والقيم. للمساعدة في مكافحة هذا، وضعت أنا وزملائي “عملية التوافق الاستراتيجي” وهي عملية منظمة تسمح لكبار المدراء بقيادة المحادثات التي تكشف عن الحقيقة الكاملة حول كيفية عمل مؤسستهم في الواقع. كما أنها تجعل الإدارة العليا أكثر راحة لعلمها أنها لن تقف مكتوفة الأيدي على أمل ألا يتم الإبلاغ عن المخالفات.

لفهم كيف تبدو عملية التوافق الاستراتيجي على أرض الواقع، دعونا نلقي نظرة على شركة اكتشفت أن ممارسة “إتخام قنوات البيع” التي تطبقها كل ربع سنة (أي شحن كميات كبيرة من المنتجات غير المطلوبة إلى الموزعين) كانت غير متسقة مع قيمها وأهدافها، وأدت بدورها إلى تدمير ثقة الموزعين والموظفين وولائهم والتزامهم، وبالطبع الأداء.

لبدء عملية التوافق الاستراتيجي، وضع الرئيس التنفيذي وفريق الإدارة العليا “بيان توجه” من صفحتين للإعلان عن استراتيجيتهم وقيمهم. وبعد ذلك، تم تكليف فريق عمل مكون من 8 أفراد لإجراء مقابلات مع 100 موظف في المؤسسة، وهم كبار القادة والمساهمون الفرديون في المستويين إلى الثلاثة مستويات الأدنى من القمة، حول مواءمة المؤسسة مع استراتيجيتهم وقيمهم المعلنة. وفي هذا الجزء من العملية، يتم تحديد نقاط القوة التنظيمية والعوائق التي تحول دون تنفيذ توجههم، بما في ذلك ممارسة إتخام قنوات البيع.

ثم عقدوا اجتماعاً منظماً ووضعوا خلاله قواعد أساسية، تنص على أنه لن يكون هناك لوم أو مواقف دفاعية أو انفجارات عاطفية، ما سمح لفريق العمل بالإبلاغ بصدق عن العوائق التي وجدوها. وهذه المحادثة المنظمة ساعدت الرئيس التنفيذي وفريق الإدارة العليا على الاستماع إلى المشكلات بتمعن وفهمها. وقد قال الرئيس التنفيذي لاحقاً: “كانت الحقيقة دامغة، وقد بيّنت بوضوح أنه يتعين علينا التصرف، إضافة إلى الأمور التي يجب التصرف بشأنها تحديداً”. تم تعليق ممارسة إتخام قنوات البيع على الفور، على الرغم من أن الأرباح الفصلية للسنة لن تكون على مستوى توقعات “وول ستريت”، وسينخفض سعر السهم. علاوة على ذلك، فقد أوقفت الشركة ممارسة أصبحت غير قانونية فيما بعد، وبسببها فُرضت غرامة قدرها 800 مليون دولار على شركة في القطاع نفسه.

فكر فيما كان من الممكن أن يتعلمه الرئيس التنفيذي وكبار القادة في “ويلز فارغو” إذا أرادوا ذلك. فقد كانت لديهم فرصة لتغيير الممارسات غير الأخلاقية، وغرس الشعور بالفخر والالتزام تجاه الشركة في الموظفين وأصحاب المصلحة الآخرين، وتجنب الأضرار المالية والإضرار بسمعة الشركة قبل الإبلاغ عن المخالفات. إذا كنت تطمح إلى القيادة بشكل أخلاقي وبأهداف سامية، فيجب أن تعلم كيفية تمسك القائد بمبادئه تحديداً، وأن تجري هذه المحادثات الصادقة باستمرار مع نفسك وفريقك ومؤسستك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .