كيف تتغلب على صعوبة تقديم ملاحظات نقدية عن بُعد؟

5 دقائق
تقديم الملاحظات النقدية عن بُعد
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: لا يستمتع معظم المدراء بتوجيه ملاحظات سلبية إلى موظفيهم، كما أن بيئة العمل عن بُعد تجعل هذا الأمر أكثر صعوبة. وهناك أيضاً الانحياز المتزايد للسلبية نظراً للتوتر المستمر الناجم عن الجائحة، ما يجعل تلقِّي الملاحظات السلبية أصعب من المعتاد. وللتغلب على هذه الظروف، ومن أجل تقديم الملاحظات النقدية عن بُعد بأسلوب جيد، هناك بعض الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها لضمان توصيل رسالتك المقصودة بلطف ولباقة. اسأل الشخص الآخر عن رأيه في عمله، وأعرب عن تقديرك لما يفعله بشكل جيد. وتأكد من أنه يعرف أنك تدعمه، واطلب منه أن يذكر أهم ما فهمه من حديثك حتى لا يطيل التفكير في أمور أساء فهمها.

تقديم الملاحظات البناءة أمر مرهق للأعصاب في أفضل الأوقات؛ إذ إن معظم المدراء لا يرغبون في تحطيم معنويات موظفيهم. ولكن هذه المحادثات الصعبة تصبح أكثر صعوبة مع الأزمات المتعددة وتداعياتها المنهِكة، ما يمكن أن يزيد من حدة انحياز السلبية الذي غالباً ما يصاحبها. وعلاوة على كل ذلك، فإن الانتقال من العمل وجهاً لوجه إلى العمل عن بُعد أدى إلى اختفاء الأمور البسيطة التي يمكن أن تساعد في تخفيف وطأة الأخبار السيئة.

تقديم الملاحظات البناءة

يحدد انحياز السلبية الكيفية التي يسمع بها الأشخاص الملاحظات. وكما أوضح روي باوميستر وجون تيرني في كتابهما الأخير “قوة السلبيات” (The Power of Bad)، “الأحداث والمشاعر السلبية تؤثر علينا في الغالب بشكل أقوى من الأحداث والمشاعر الإيجابية”. بمعنى أننا نطيل التفكير في النقد ونتجاهل الثناء والإشادة.

يمكن أن يشكل انحياز السلبية تحدياً في أي محادثة يتم فيها تقديم ملاحظات أو تعليقات، ولكنه يمثل مشكلة في الوقت الحالي بوجه خاص نظراً إلى التوتر المزمن الذي يعاني منه الكثير من الأشخاص نتيجة لجائحة “كوفيد-19”. وتشير البحوث إلى أن التوتر المزمن مرتبط بانحياز أقوى للسلبية. ففي الوقت الحالي الذي يُعد عصيباً بالنسبة إلى العديد من الأشخاص، من المرجح أن يكون الموظفون أكثر ميلاً إلى التركيز على الجانب السلبي من رسالتك. فإذا قلت عبارة “أريدك أن تعيد هذا التقرير” قد يسمعونها “مستوى عملك ينخفض حقاً” أو الأسوأ من ذلك “لست واثقاً من أنك مؤهل لهذه الوظيفة”. فأنت تحاول مساعدتهم على التحسن، ولكنهم يعتقدون أنك تنتقدهم بقسوة.

ذكر المدراء الذين أجريت معهم مقابلات أنهم عندما يقدمون ملاحظات وجهاً لوجه فإنهم يتمكنون من تكييف السياق للتعبير عن مدى جدية الأخبار أو الملاحظات. على سبيل المثال، اعتاد أحد مدراء الإدارة الوسطى في شركة تقنية ذات مكاتب مكشوفة أن يجتمع بالموظفين في غرفة تركيز (ما هي غرفة التركيز؟ يمكنك التعرف على هذا المفهوم من هنا) عندما يرغب في إجراء محادثة خاصة تنطوي على تقديم ملاحظات. فقد كان يختار غرفة تحتوي على مقاعد مريحة وملونة وطاولة قهوة منخفضة إذا كان يرغب في أن تكون الأجواء باعثة على الراحة والهدوء، بينما يختار غرفة اجتماعات ذات مقاعد حول طاولة رسمية كبيرة إذا كان يرغب في تقديم الملاحظات بنبرة جدية وحادة. ولكنه لا يستطيع التحكم في مكان الاجتماع بهذه الطريقة في الوقت الحالي نظراً إلى عمل موظفيه من المنزل.

استراتيجيات لتقديم الملاحظات النقدية عن بُعد

يواجه العديد من المدراء الموقف نفسه في الوقت الحالي نظراً إلى أنهم لم يعودوا قادرين على الاعتماد على هذه الإشارات غير اللفظية عند إجراء المحادثات الصعبة. ومن المرجح أن يستمر التوتر الذي يؤدي إلى زيادة انحياز السلبية وكذلك الظروف التي أدت إلى العمل من المنزل لفترة أطول. ولكن اتخاذ بعض الخطوات للتفكير بطريقة استراتيجية في كيفية تقديم ملاحظات بناءة يمكن أن يساعدك في أن تمنع انحياز السلبية والتواصل الرقمي من تشويه طريقة تلقّي الموظفين لملاحظاتك.

ابدأ بطرح أسئلة

ابدأ المحادثة التي ستقدم فيها ملاحظات بناءة عن طريق سؤال الشخص الآخر عن وجهة نظره. يمكنك أن تطرح سؤلاً من قبيل “ما رأيك في هذا التقرير؟” أو سؤلاً أبسط مثل “كيف سار الأمر؟”. وهذا سيساعدك في معرفة المزيد عن تجربته ورأيه في عمله، فربما لم يسبق له العمل بجد على مستند من 3 صفحات، على سبيل المثال. لذا، سيكون من الأسهل أن تتحدث عن شواغلك بعدما يعرب عن شواغله.

ولكن ماذا سيحدث إذا قال إنه يرى أن الأمر سار على ما يرام ولم يعرب عن أي شواغل؟ في هذه الحالة قد تكون أمام “شخص لا يدرك أنه ضعيف الأداء“. إذا لاحظت هذه المشكلة بنفسك، يمكنك أن تقول “أسأل لأنني لاحظت كذا”، أما إذا لم تلاحظها بنفسك، فحاول أن تقول “أسأل لأنني سمعت كذا”. وفي كلتا الحالتين، من الأفضل أن يكون الموظف على استعداد للتفكير في طرق للتعامل مع الموقف بشكل مختلف في المستقبل. وأوضح له أنه يُقيَّم بناءً على نتائجه، وليس مجهوده.

قدّم الشكر قبل النقد

كشفت ليزلي جون وأليسون وود بروكس وجاون يون في كلية هارفارد للأعمال، من خلال بحوثهن المستمرة، أن الأفراد يصبحون أكثر تقبلاً للنقد البنّاء إذا تم إخبارهم أولاً بما قاموا به بشكل جيد، وهذا من خلال التحكم في الترتيب الذي يتلقى به المشاركون الملاحظات والتقييمات. فلا يجب أن يكون هدفك هو قول “لقد قمت بعمل رائع”. بدلاً من ذلك، قل شيئاً محدداً وواقعياً بقدر الشواغل التي ستثيرها، مثل “من الواضح أنك تتقن التعامل مع البيانات”. وإذا لم يكن هناك الكثير من الأشياء التي يمكنك الإشادة بها في العمل، فامتدح استعداده وعزمه على مواصلة التحسن والتطور.

أبدِ حسن النية

وجدت جون أيضاً أن التعبير عن حسن نيتك بشكل صريح يقطع شوطاً طويلاً نحو تحسين الكيفية التي سيتلقى بها الشخص الآخر الأخبار السيئة. حاول أن تقول أشياء من قبيل “أنا أدعمك” أو “أعلم أنك تحاول تحسين أسلوب كتابتك وأريد مساعدتك في ذلك” أو “أريد أن يكون هذا التقرير رائعاً لأتمكن من استخدامه بوصفه نموذجاً لبقية أعضاء الفريق”.

أوضح قصدك باستخدام عبارات متناقضة

وجدت هيلين لوليس، الرئيسة التنفيذية لشركة “باث بيلدرز” (Pathbuilders) وهي شركة تنمي قدرات القيادات النسائية، أن العبارات المتناقضة يمكن أن تضفي وضوحاً. بعد الإعراب عن شواغلك وما يثير قلقك أو تقديم اقتراحاتك، استخدم هذه الصيغة “أعني كذا، ولا أعني كذا”. على سبيل المثال، “ما أود قوله هو أنني أخشى أنك لا تتمتع بالقدرة الكافية لفعل ذلك في الوقت الحالي. ولكني لا أعني أنك تفتقر إلى القدرة على فعل ذلك تماماً. وأعلم أنه سيكون من السهل عليك القيام بذلك في ظروف أخرى”. وهذا يعني أنه يمكنك معالجة أي إساءة فهم قد تحدث من جانب الشخص الآخر بصورة استباقية.

اطلب من الشخص الآخر أن يذكر ما فهمه من ملاحظاتك

خصص وقتاً في نهاية المحادثة لتسأل الشخص الآخر “عن أهم 3 أشياء فهمها من ملاحظاتك”. قد يبدو أنه لا داعي لهذه الخطوة، ولكنك ستعرف من خلالها ما إذا كان الشخص الآخر تقبَّل ملاحظاتك بطريقة سلبية، وإذا كان الأمر كذلك، يمكنك إعادة صياغة رسالتك. لاحظت ساندي أنوراس، نائبة رئيس تكنولوجيا التسويق العالمي في شركة “إكسبيديا غروب” (Expedia Group)، أنه عند تقديم ملاحظات عن بُعد، من السهل للغاية أن ينهي الشخص الآخر المكالمة فجأة على عكس ما يحدث عند تقديمها وجهاً لوجه. وإذا كان الشخص بحاجة ماسة إلى إنهاء المكالمة، فاطلب منه أن يرسل لك رسالة عبر البريد الإلكتروني بنهاية اليوم تضم أهم 3 أشياء فهمها من حديثك. بالطبع من الأفضل تصحيح أي سوء فهم في لحظة حدوثه، ولكن تصحيحه في اليوم نفسه أفضل من أن يطيل الشخص الآخر التفكير في الأمر طوال الليل أو طوال عطلة نهاية الأسبوع.

في حين أن التوتر المستمر الناجم عن الجائحة يمكن أن يجعل تقبُّل موظفيك للملاحظات النقدية البناءة أكثر صعوبة من المعتاد، إلا أن الحرص على تقديمها بوضوح مع مراعاة شعورهم سيساعدهم في التركيز على جوهر رسالتك، حتى إن كانوا يتلقونها عن بُعد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .