تعرف على المدراء “الموصّلين” ولماذا هم الأكثر قدرة على بناء المهارات

14 دقيقة
shutterstock.com/Mr. Rashad
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع ساري وايلد، النائبة الإدارية لرئيس شركة “غارتنر”، وألّفت بالتعاون مع “جيمي روكا” كتاب “المدراء الموصلون: لماذا يبني المدراء “المُوصّلون” كفاءات أفضل والبعض الآخر لا يفعل ذلك؟ “(The Connector Manager: Why Some Leaders Build Exceptional Talent — and (Others Don’t.

درست وايلد 5,000 مدير، وحددت 4 أنواع مختلفة من القادة. أسفرت الدراسة عن نتيجة مدهشة هي أن المدير “دائم الحضور” أقل فاعلية في تطوير الموظفين، على الرغم من أن العديد من الشركات تشجع مشرفيها على منح تقييمات مستمرة. على الجانب الآخر، نجد أن المدير “الموصل” هو الأكثر فاعلية لأنه يسهّل التعاملات المثمرة بين أقسام المؤسسة بأكملها. تشرح وايلد ما يفعله أفضل المدراء المُوصّلين، وكيف يمكنك أن تكون واحداً منهم، وكيف تعمل تحت إدارة أحدهم.

وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:

النص:

كيرت نيكيش: مرحباً بكم في برنامج إتش بي آر آيديا كاست المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. أنا كيرت نيكيش.

من بين أفضل الطرق لتحقيق النجاح الشخصي في المؤسسات الحديثة، أن تكون هذا النوع من المدراء الذين يرغب الأشخاص الأكثر كفاءة في العمل معهم.

هذا المدير هو المدير المتمكن من تطوير الموظفين، فالأعمال تتغير في نهاية المطاف، والمسؤوليات تختلف باستمرار، ما يجعل الموظفين راغبين في ترقية مهاراتهم.

أراد فريق من الباحثين في شركة الاستشارات العالمية “غارتنر” أن يعرفوا ماذا يفعل أفضل المدراء لتطوير الموظفين في بيئة العمل المنشغلة اليوم، فأجروا دراسة استقصائية حول 5,000 مدير في وظائف مختلفة من جميع أنحاء العالم.

بحثوا عن مدى نجاح الموظفين الخاضعين لهؤلاء المدراء، ووجد الباحثون أن العديد من الشركات تطلب من مدرائها منح تقييمات مستمرة للمرؤوسين المباشرين لهم، وهذا لا ينجح في الواقع، بل يأتي بنتائج عكسية.

توضح البيانات أن هناك 4 أنواع رئيسة من المدراء الموجودين حالياً، والمدير الذي يمنح التقييمات باستمرار ليس الأكثر كفاءة في بيئة اليوم.

في ضيافتنا الآن “ساري وايلد” لتتحدث عن الأنواع المختلفة من المدراء وأيهم الأفضل. تعمل “ساري” نائبة إدارية لرئيس شركة “غارتنر”، وألّفت بالتعاون مع “جيمي روكا” كتاب “المدراء الموصلون: لماذا يبني المدراء “المُوصّلون” كفاءات أفضل والبعض الآخر لا يفعل ذلك؟”. شكراً لانضمامك إلينا يا ساري.

ساري وايلد: شكراً جزيلاً لاستضافتكم لي.

كيرت نيكيش: استخدمتِ مصطلح “أزمة الثقة” للتعبير عما رأيتِه، وهو مصطلح مرعب. كما أن هذا المصطلح نسمعه عندما يشعر الأشخاص أن حكومتهم تخذلهم، أو يفقدون الثقة في المؤسسات الموجودة. ماذا رأيتِ، ولماذا تستخدمين هذا المصطلح؟

ساري وايلد: أولاً، عندما سألنا القادة أنفسهم عن مدى شعورهم بالاستعداد لقيادة مؤسساتهم في المستقبل، وجدنا أن 50% فقط من هؤلاء القادة أجابوا بالإيجاب، فشعرنا أن هذا تغيير هائل. أعني أننا عندما كنا ننظر فيما سبق إلى مستويات الثقة لدى القادة بشكل عام في وظائفنا اليوم -ولو كانوا يتطلعون إلى المستقبل-، كنا نجدُ دائماً أرقاماً أعلى. فكانت هذه هي النقطة الأولى. النقطة الثانية هي أننا عندما سألنا الموظفين عن مدى تأثيرهم بالمهارات الأكثر أهمية لوظائفهم اليوم، وجدنا أن ما يقرب من 70% من الموظفين يشعرون أنهم لم يتقنوا المهارات التي يحتاجون إليها في وظائفهم اليوم.

كيرت نيكيش: ما سبب ذلك في رأيك؟

ساري وايلد: نعمل على تكثيف هذه الحالة وتلخيصها نوعاً ما في ثلاثة تحولات بنائية. نسمي التحول الأول التحول المؤسسي الكبير، هذا النوع من التحولات يجعلك تفكر على سبيل المثال في إعادة التنظيم، وعمليات الدمج والاستحواذ، والتغييرات الكبيرة في القيادة الاستراتيجية أو الثقافية. هذه التغييرات التي تحدث اليوم بصفة متكررة أكثر وأكثر في المؤسسات.

النقطة الثانية تتمحور حول ترابط العمل اليوم، ففي 2008 تقريباً، قرب الركود الاقتصادي الكبير، وجدنا أن كثيراً من الشركات تقلل من الشرائح الوظيفية لتقليل التكاليف، فألغت مستويات مدراء الإدارة الوسطى. وعلى مدار السنوات العديدة الماضية، عندما بدأ الاقتصاد ينمو مجدداً، لم تستبدل الشركات شريحة الإدارة الوسطى.

وبذلك اضطر المدراء إلى إدارة أعداد أكبر وتولي الإدارة بالكامل، فصار نطاق مسؤولياتهم أكبر بكثير. واليوم، نجد أن نطاق مسؤوليات المدير في المتوسط يضم الإشراف على 9 مناصب إدارية، وكثير من هذه المناصب الإدارية يعملون على فرق بهيكل مصفوفي متعددة التخصصات تضم قطاعات مختلفة تقريباً، وهذا عمل قاس بالنسبة للمدير.

النقطة الثالثة تتمحور في الواقع حول إمكانية التنبؤ بالعمل اليوم، بالنظر إلى الرقمنة وكيف أحدثت تغييرات في المهارات والأهداف والأتمتة، واستبدلت كثيراً من أنواع العمل اليوم، والعمل في الواقع يقوم على نطاقات زمنية أقصر، فيضطر المدراء إلى تعديل خططهم وتدفقات العمل بمعدلات أكثر تكراراً مما سبق.

كيرت نيكيش: حسناً. هذا يعني أن المدراء في هذا العالم لا يشعرون بثقة هائلة أو ثقة فيما عليهم القيام به طيلة الوقت. ما الذي وجدتِه في بحثك عما قام به أفضل المدراء؟

ساري وايلد: يُصنَّف كل مدير ضمن نوع من الأنواع أو المناهج الأربع المتبعة في تدريب موظفيهم وتطويرهم.

كيرت نيكيش: وهذه الأنواع هي المعلمون والمشجعون ودائمو الحضور والمُوصّلون. هل يمكنك شرحها لنا بالتفصيل؟

ساري وايلد: دعوني أبدأ بالحديث عن المدير المعلم. هذا المدير هو من يطور موظفيه حسب خبرته العملية وتجاربه. ولهذا يحمل شعار “لقد فعلتها بهذه الطريقة، وعليك أن تفعلها بهذه الطريقة أيضاً”. ينتمي إلى هذا النوع في أغلب الأحيان الأشخاص الذين ارتقوا في مناصبهم في المؤسسة بمساهماتهم الفردية، ولا يعني هذا بالضرورة أنهم كانوا أعظم المدراء، بل أنهم أجادوا مهامهم ومهاراتهم فعلاً.

أما المدير المشجع، فهو من يميل إلى اتباع منهج لا يتدخل فيه لتطوير موظفيه. فعندما يقدم تقييماً، يميل إلى جعله إيجابياً وداعماً للغاية، فيَحُثّ بذلك موظفيه على تطوير الذات ويمكنهم من ذلك. هذا النوع من المدراء يريدون موظفيهم أن يتعلموا بالعمل بأنفسهم.

كيرت نيكيش: المدير دائم الحضور. اشرحي ذلك النوع.

ساري وايلد: حسناً. المدير دائم الحضور هو المدير الذي يرغب دائماً في الحضور ودعم موظفيه. نواياه حسنة، ويحضر عندما يحتاج إليه موظفوه. فهو يريد أن يكون الشخص الذي يقدم التدريب والتقييم المستمر لمجموعة واسعة من المهارات. ما يثير الاهتمام بشأن هذا النوع هو أننا عندما بدأنا نتحدث إلى كثير من المسؤولين التنفيذيين وقادة الموارد البشرية بنفسهم، وجدنا أن الكثير الكثير من الشركات يروّجون داخل مؤسساتهم لمنهج المدير دائم الحضور الذي يعتمد على التدريب والتقييم المستمر. كان هذا من جوانب عديدة المنهج المرغوب، وهذا لا يعني بالضرورة أن الجميع يطبقونه اليوم، لكنهم يحاولون الانتقال إليه.

كيرت نيكيش: وأخيراً، المدير المُوصّل.

ساري وايلد: هذا هو المدير الذي يقدم التقييمات المستهدفة عندما يكون لديه خبرة في ذلك المجال، لكنه يحرص على توصيل موظفيه بآخرين أكثر ملاءمة منه لتقديم ذلك التدريب والتطوير. هذا يعني أنه لديه المهارات الصحيحة والمعرفة أو الخبرة اللازمة لتقديم التدريب، كما أنه معروف بخلق بيئة تتسم بالثقة والشفافية، وهذا ما يُسهّل فعلاً التدريب والتقييم المتبادل بين الأقران.

كيرت نيكيش: فهمت ما تعنينه. قلتِ الآن أن الشركات تطلب وتبحث فعلاً عن المدراء دائمي الحضور وتسعى إلى تطويرهم. لنتحدث قليلاً عن سبب ذلك الدافع، وبعدها أود أن أعرف أكثر عن بحثك، ماذا يفعل الأنواع الأربع من المدراء وكيف يكون أداؤهم؟

ساري وايلد: يظن الكثيرون أن المدراء يحتاجون إلى قضاء وقت أكثر في تدريب الموظفين، فنجد هذه الفكرة التي تتلخص في أنك كلما قضيت وقتاً أطول في التدريب والتطوير، وجدت أثراً أكبر في موظفيك، وكانت استفادتهم منه أكثر. لذا، نظرنا في بحثنا إلى العلاقة بين الوقت الذي يقضيه المدراء في التدريب وأداء الموظف، ووجدنا نتائج مدهشة فعلاً، حيث اكتشفنا أنه لا توجد علاقة ملحوظة بين أداء الموظف والوقت الذي يقضيه المدير في تطوير موظفيه.

كيرت نيكيش: لا أعرف إذا كان هذا استنتاجاً إيجابياً أم سلبياً.

ساري وايلد: حسناً. أثار الأمر اهتمامنا لأننا نتحدث كثيراً عن العالم المتاح دائماً الذي نعيش فيه الآن، وهذا أعتقد يساهم في انتشار المدراء دائمي الحضور والرغبة في ذلك. هذه هي الفكرة التي درسناها في مختلف الأجيال، ودرسنا رغباتهم فيما يتعلق بما يريدونه من مدرائهم، ووجدنا أن جيل الألفية الذي يمثل النسبة الأكبر من القوة العاملة في كثير من المؤسسات، يريدون فعلاً تدريب وتقييمات أكثر، مقارنة بالأجيال الأخرى.

لهذا يشعر المدراء بالحاجة إلى تقديم المزيد لموظفيهم، وبهذا تتابع الكثير من وظائف الموارد البشرية والقادة تعزيز هذا من خلال التدريب المستمر ومبادرات التقييم. وهذا يؤدي نوعاً ما بالفعل إلى شعور المدراء بالضغط الشديد اليوم.

لقد درسنا في الواقع إحصائية مثيرة للانتباه، حيث سألنا المسؤولين التنفيذيين بقسم الموارد البشرية ما كم أو نسبة الوقت الذي تعتقدون أن المدراء بحاجة إلى قضائه لتطوير مرؤوسيهم من الإداريين؟ أجابوا أنهم يحتاجون إلى أكثر من ثلث وقتهم، أي 36% من وقتهم. فإذا فكرت بما يعنيه هذا، ستجد أنه يعادل تقريباً يومين أسبوعياً تقضيهما في التدريب والتطوير فقط، وذلك يعني الكثير من الوقت.

ولكن عندما سألنا المدراء أنفسهم ما المدة أو النسبة التي تقضونها بالفعل في التدريب، قالوا أقل من 10%.

كيرت نيكيش: وأين بالضبط خطأ المدير دائم الحضور؟ أعني، لماذا لا ينجح ذلك النموذج؟

ساري وايلد: كثيرون منا التقوا هؤلاء المدراء في حياتهم العملية. أعرف أنني بالتأكيد التقيتهم، حيث تجد شخصاً فوق رأسك باستمرار، يوافيك بتقييماته لكل عمل بسيط تقوم به، ويمكن أن يجعلك هذا في الواقع تشعر بالاختناق وعدم الرغبة في المشاركة. وفي كثير من الجوانب، تجد أنك لا تحرز تقدماً ولا تتعلم. فهذه الطريقة لا تمنحك المساحة للتقدم والتعلم.

النقطة الأخرى هي أن المدراء دائمي الحضور لديهم شعور بأنهم خبراء في كل شيء وفي كثير من المؤسسات. لو فكرت في الوظيفة التي اعتاد الموظفون القيام بها وما يقوم به الموظفون الآن، ستجد أن تلك الوظيفة كانت مختلفة قليلاً عندما كان المدراء يعملون فيها، مقارنة بما هي عليه الآن. لهذا يفترض المدير دائم الحضور أنه يعرف ما الأفضل في معظم الأحيان، بينما في كثير من الحالات لا يعرف والوظيفة قد تغيرت، بل قد لا يكون قريباً منها بما يكفي الآن، وهنا تبدأ معظم النقاط السلبية في الظهور، حيث يوجهون الموظفين إلى الاتجاه الخاطئ.

كيرت نيكيش: حسناً. إذا كان المدير المُوصّل هو نجم موضوعنا، ماذا يفعل في الواقع ليصبح مديراً موصلاً؟

ساري وايلد: ينشئ المدراء المُوصّلون 3 أنواع من الاتصالات لموظفيهم: اتصالات الموظفين، وهي الاتصالات الفردية بين الموظفين والمدراء، حيث يتعرف المدراء على موظفيهم على مستوى أعمق، فيركزون على تشخيص وفهم حقيقي لدوافعهم واهتماماتهم وأهدافهم ومجالات تطويرهم، بطرق لا نراها في غيرهم من المدراء، فهم يركزون على طرح الأسئلة الصحيحة لتجاوز السطح الظاهر.

الاتصالات الثانية هي ما نسميها اتصالات الفريق، وعن طريقها ينشئ المدراء بيئة مفتوحة تتسم بالشفافية ليتمكن أعضاء الفريق من تطوير بعضهم البعض، كي لا يكون التدريب من مصدر واحد فقط هو المدير. فغالباً ما تعمل مع زملائك أكثر من العمل مع مديرك، ويكون زملائك أقرب إليك وأكثر استعداداً لتقديم ذلك التقييم، كما أنهم يكونون حاضرين عند انتهاء الكثير من الأعمال، بينما أحياناً أو غالباً لا تجد المدير.

نقطة أخرى هي أن الأشخاص يتمتعون بمجموعات مختلفة من المهارات، وفي كثير من الأحيان لا تُستغل هذه المهارات في معظم المؤسسات. دور المدير الموُصّل في اتصالات الفريق أن يحدد الاختلافات الفردية. هذا النوع من المدراء يجيدون ضمّ هؤلاء للفريق وإبعاد هؤلاء، كما أنهم معروفون بقدرتهم على إنشاء بيئة أكثر شمولاً للفريق كي يشعر الأشخاص أنهم يتلقون الاحترام اللازم، ويشاركون مهاراتهم الفردية بارتياح مع غيرهم.

أما الاتصالات الثالثة فهي ما نسميها اتصالات المؤسسة، وتتمحور بالفعل حول كيفية تنمية المدراء المُوصّلين للوعي الذاتي لإدراك أنهم لا يملكون كل المهارات التي يحتاج إليها موظفوهم وأن يصارحوا موظفيهم بذلك، ثم يساعدوا موظفيهم في البحث لإيجاد المهارات أو الخبرة العملية الصحيحة لدى أشخاص غيرهم. والنقطة التالية أنهم يجيدون مساعدة موظفيهم في التعلم من هؤلاء الأشخاص. فالأمر لا يتوقف على تفويض مهمة التطوير إلى شخص آخر فحسب، بل يتضمن أيضاً مساعدتهم في تنفيذ التعلم.

كيرت نيكيش: يبدو أنه يجب أن تكون لديهم شبكة علاقات جيدة داخل المؤسسة، أو يعرفون على الأقل كيفية إنشاء العلاقات. أعني، هل هناك علاقة قوية بين هذه المهارة والمدراء الموصلين، أو كيف يختلف هذا عن إجادة إنشاء العلاقات في شركتك؟

ساري وايلد: نعم. هذا سؤال نتلقاه كثيراً، وأعتقد أن هذا أحد المفاهيم الخاطئة حول المدير الموصّل، فأنت لا تحتاج بالضرورة أن تكون صاحب شبكة علاقات واسعة كي تصبح موصلاً جيداً. الحقيقة أن الأمر يعتمد بصورة أكبر على سعة الحيلة. ففي معظم الأحيان، لا يقوم المدير الموصّل بالضرورة بالاتصالات لأجلك من داخل شبكته، بل يساعدك في معرفة طريقة لتحديد ما تحتاج إليه أو الحصول على التعلم الذي تحتاج إليه إذا لم يتمكن من تقديمه.

سأذكر مثالاً جيداً على هذا. أجرينا حواراً مع قائد اسمه “براناف فورا”، وهو الرئيس التنفيذي لشركة ملابس للرجال تسمى “هيو آند كراي” (Hugh & Crye)، وهي شركة صغيرة تضم 15 موظفاً، ومقرها في واشنطن العاصمة. عيّن “براناف” مؤخراً مديراً جديداً للتسويق الرقمي في فريقه، ولاحظ بمرور بعض الوقت أن مدير التسويق لديه بحاجة إلى تحسين مهاراته في مجال التجارة الإلكترونية. لم يجد المهارات والخبرات اللازمة لمساعدة موظفه داخل شركته التي تضم 15 موظفاً فقط، ولم يكن لديه كثيراً من الموارد ليدفع مقابل المزيد من التطوير أو تعيين شخص جديد.

لذا، ساعد الموظف في الاتصال بأفراد خارج المؤسسة، ووصّل الموظف ببعض من شركائه في مجال التقنية، والشركات المناظرة له في مجال مشابه، بل اتجه كذلك إلى العملاء الذين تحدث معهم مسبقاً ولديهم خبرة في ذلك المجال.

لهذا يسمي “براناف” هؤلاء الأفراد الغرباء الأخيار. أعتقد أن الدرس الذي نحبه في تلك القصة أنك لست مضطراً إلى عمل شبكة علاقات كبيرة داخل شركتك، وأن الأمر يتمحور فعلاً حول مساعدة موظفيك في الاتصال بالأشخاص الصحيحين، ولا يجب أن يكونوا جميعاً من شبكتك الخاصة كمدير.

كيرت نيكيش: يبدو أن بعض المدراء قد يجدون هذا المنهج مخيفاً، خاصة إذا كانوا يعملون في وظائفهم منذ مدة طويلة، فقد يبدو في هذا تنازل عن السلطة أو أنهم لا يملكون إجابات الأسئلة. هل يبدو الأمر كذلك في نظر بعض المدراء المتشككين؟

ساري وايلد: قد يبدو الأمر كذلك، لكنني أظن أن أهم شيء ليس بالضرورة أن تنسى ما تعلمته، بل أن تكون أميناً حول ما تعرفه، كما أن الأمر يتوقف على إنشاء البيئة بالطريقة الصحيحة. لذا سأذكر مثالاً آخر وهو مثال شخصي وفي وقته المناسب. إنه عن تمرين أجريته لتوي حرفياً هذا الصباح مع فريقي الذي يضم 22 شخصاً، وكلنا منقسمون، بعضنا في مكتبنا في أرلينغتون- فرجينيا، ولدينا أفراد في بوسطن ولندن والهند، والكثيرون منا. هذا الفريق أنشئ حديثاً نوعاً ما، لذا أردت أن أحاول أن أبني بنفسي هؤلاء الموصّلين وأن أبني سلوكيات الموصّل.

لذا، طبقت شيئاً كتبنا عنه في الكتاب. إنه تمرين يسمى “كل شخص يعلم شخصاً”، وتقوم الفكرة على أن يدور كل شخص في الغرفة ويتشارك مع شخص مهارة أو معرفة يرغب في مشاركتها معه. على سبيل المثال، جعلنا الأشخاص يدورون في الغرفة ويتحدثون عن مهارات الكتابة. بعضهم تحدث عن التصوير برسوم الغرافيكس، فهذه بعض المهارات الهامة لنا ولما نفعله.

بعضهم شاركونا مهاراتهم في الخَبْز حرفياً خارج العمل، والمهارات التي يستخدمونها كذلك. وقد انتبهت إلى كيف بدأ الأشخاص يشعرون بارتياح عندما ازدادت مشاركة الأشخاص، وقد سجلنا هذا على الإنترنت. طلبت من كل أفراد الفريق أن ينظروا إلى هذه المهارات وإذا كانت إحدى هذه المهارات ضمن المجالات التي تحتاج إلى تطويرها خلال الشهرين القادمين، أنشئ اجتماعاً وجلسة لمدة 30 دقيقة مع ذلك الشخص الذي يتمتع بهذه المهارة وساعدوا بعضكم.

الأمر بسيط فعلاً. أعتقد أن بعض الأشخاص يشعرون بالرعب أحياناً لهذه الفكرة أو يشعرون أن الآخرين لن ينظروا إليهم بعد ذلك كمدراء أو قادة. الحقيقة أن القائد يلعب دوراً هاماً جداً في إنشاء هذا النوع من البيئة. فعليه أن يحدد الأسلوب الصحي ويطلق فكرة المشاركة، لأن البعض لن يشعروا بالراحة للمشاركة في البداية. لكننا نرى أن تقديم مثال يحتذى به هو إحدى أولى الخطوات.

كيرت نيكيش: كيف يغير هذا من دور زملائك في المؤسسة عندما يكون المدير موصلاً؟

ساري وايلد: لقد وجدنا أن الفرق التي لديها مدراء موصلون، يكونون أكثر ثقة وانفتاحاً مع بعضهم البعض، حتى في الفرق ذات الطبيعة التنافسية. فمثلاً، إذا كان لديك فريق مبيعات، سيتنافسون على نفس النوع من الحوافز، لكن مدير المبيعات الموصل الجيد يمكنه أن ينظم البيئة الصحيحة التي يمكنهم أن يضعوا فيها أهدافاً مشتركة، بحيث لا تحقق أهدافك إلا عندما يحقق الآخرون أهدافهم أو تساعد شخصاً آخر في بلوغ أهدافه. بهذا تميل إلى رؤية ديناميات الفريق بطريقة صحية أكثر، حيث يكون المدراء الموصلون عادةً أكثر ارتياحاً وثقة عند الحديث عن المشكلات القاسية. نرى هذا في اتصالات الموظفين الفردي كما يصبح هاماً كذلك في اتصالات الفريق.

كيرت نيكيش: ماذا يعني وجود مدير موصّل بالنسبة للموظف؟ أعني كيف تتغير تعاملاتك أو وظيفتك إذا كان لديك مدير موصل بدلاً من مدير دائم الحضور؟

ساري وايلد: ستميل إلى الشعور بالقوة. أعتقد أن العنصر الآخر الذي ننظر إليه عند النظر إلى النتيجة الكبرى هو تحسن أداء الموظف في ظل وجود مدير موصل، حيث يمكنك الحصول على التدريب الصحيح والإرشاد الذي تحتاج إليه بسرعة أكبر بكثير من الحال مع الأنواع الأخرى، ومن المدير دائم الحضور، وستصنع علاقات أكثر عبر المؤسسات داخل فرقك.

هذا أيضاً يعني في كثير من الحالات أنه على الموظفين أن يكونوا أكثر صراحة حول ما يريدونه. لذا عليهم مساعدة المدراء الموصلين ليحصلوا على الدعم الصحيح. يعتبر الدوران هامين، فهما فاعلان للغاية كما ذكرت فيما يتعلق بإنشاء هذه الاتصالات والبيئات، كما أن للموظفين دوراً مهماً يلعبونه في هذا المجال.

كيرت نيكيش: على سبيل الانتقاد هنا، هل هناك خطورة أن يتسبب هذا النوع من المدراء في ضيق لك؟ بعض الموظفين يشعرون بذلك. لنقل مثلاً أنكِ من جيل الألفية وتتوقعين تقييماً مستمراً وتطلبينه طيلة الوقت.

ألا توجد خطورة أنكِ ستتصورين أن مديرك ليس لديه الخبرة الكافية أو لا يعرف ماذا يفعل ويدور محاولاً إحالتك إلى أشخاص آخرين ويجري اتصالات ويطلب التعاون دون أن يوجهك فعلاً إلى الاتجاه الصحيح بنفسه؟

ساري وايلد: نعم. أعتقد أن بعض الأشخاص في الواقع لا يحصلون على هذا المستوى من التدريب الذي تحدثنا عنه مسبقاً والذي يريده جيل الألفية. الرائع في نظام المدير الموصل أنك تحصل على تقييمات أكثر، لكنها مصدرها لا يكون شخص واحد.

أول ما يقدمه المدير الموصل ما نسميه التدريب المستهدف والتقييم عندما يكون لديه الخبرة. وعندما يكون حاضراً لرؤية عملك، فإنه الشخص الصحيح لذلك وسيجيد فعله.

لكنه يضمن لك الحصول على تدريب وإرشاد أكثر بكثير مما ستحصل عليه من أنواع المدراء الآخرين، لأنهم يقومون بهذه الاتصالات، ولا يجرونها فقط في الحالات التي يتواجدون فيها ويكون بإمكانهم المساعدة.

أعتقد أنه بالنسبة للموظفين الذين يشعرون أن الأمر مجرد تفويض الغير، ففي معظم هذه الحالات يكون المدير في الواقع مشجعاً لا موصلاً، لأن المشجعين هم الذين يميلون إلى تفويض الغير. اذهب وتحدث مع هذا الشخص الذي يمكنه مساعدتك، ثم لا تتحدثان عن الأمر ثانيةً.

بينما سيقول المدير المُوصّل، تحدث مع هذا الشخص. إننا نتحدث هنا عن روتين الاستعداد والاستراحة الذي يقوم به الموصّل قبل إجراء هذا الاتصال، فهو يجعلك تستعد بتحديد أهداف هذه المحادثة. فهناك دقة أكبر بكثير مما نحاول اتبّاعها في تحديد ما نريد الخروج به من هذه المحادثة.

بعد ذلك تذهب وتجري المحادثة الصحيحة وتعود. المدير الموصّل هو من يقول: “حسناً، ماذا تعلمت؟ كيف سنطبق هذا في القيام بوظائفنا بصورة أفضل؟” فالدور لا يزال فاعلاً للغاية، لكنك تركز وقتك في أماكن مختلفة قليلاً.

كيرت نيكيش: فهمت ما تعنينه. يبدو لي أن هناك الكثير من قوة الدفع والقصور الذاتي في المؤسسات لتحقيق نموذج المدير دائم الحضور وعليه قد يكون من الصعب فعلاً إلزام مؤسستك بتغيير منهجها في ترقية أو مكافأة أو تنشئة أي نوع من المدراء في شركتهم. فإذا كنتِ مديرة أو موظفة تتطلع إلى العمل مع مدير موصل، أو ترغبين بالعمل معه لأنك تعرفين أنه النموذج الناجح، كيف تقترحين ذلك؟ كيف تحفزين حدوث ذلك؟ ماذا تقولين لصديق أخبرك أنهم لا يعملون بهذه الطريقة في شركته؟

ساري وايلد: أعتقد هذا يعتمد على مدى تأثيرك في المؤسسة. إذا كان الشخص يبحث عن مدير موصل فحسب، أي “أنا أبحث عن شخص موصل”، فقد وجدنا في نتائج بحثنا أن 25% من الأشخاص موصلون، وأن هذا يسري على جميع الصناعات والوظائف، فهناك عدد من الموصلين في كثير من المؤسسات.

حتى لو كان الأمر كذلك، لا يتحكم الموظفون بتحديد مديرهم، الأمر يتعلق بإيجاد مشاريع تحت إشراف هؤلاء الأفراد، حيث نرى موظفين يبحثون عن مشرفين يتبعون منهج الموصل. هناك أشياء يمكنك القيام بها كموظف، ولو كنت مع مدير دائم الحضور أو نوع آخر، وهي أن تعمل بشكل وثيق الصلة مع الموصلين. فهم موجودون في كل المجالات في جميع المؤسسات.

لقد ذكرت أن المؤسسات تركز باستمرار على منهج المدير دائم الحضور، ولكن عندما تبحث في الأمر تجد أن نسبة المدراء دائمي التواجد في الواقع 22% أو ما يقارب ذلك. هذه ليست نسبة ضخمة، لكن معظم الضغط من المؤسسات يأتي من هذا الاعتقاد، أن المدراء لا يفعلون شيئاً في الواقع هذه الأيام، لذا فإننا نجعلهم يفعلون شيئاً فحسب، بل ويبالغون بالتصريح أنك لا تقوم بتدريبٍ كافٍ، لذا نريدك أن تقوم بالتدريب باستمرار.

كيرت نيكيش: وما يقولونه بصفة أساسية هو أننا نريدك أن تكون حاضراً في بعض الأحيان.

ساري وايلد: صحيح، صحيح. بالضبط. وأعتقد أننا بينما نعمل مع المؤسسات على منهج المدير الموصل، فالأمر لا يتطلب منك ألا تفعل شيئاً لتكون دائم التواجد، فباتباع منهج المُوصّل، تحدث تغييرات سلوكية صغيرة يمكن للمدراء المشجعين أو المعلمين أو دائمي الحضور أن يتّبعوها لتغيير منهجهم.

كيرت نيكيش: فإذا أدرك شخص يستمع إلى هذا “يا إلهي أنا مدير مشجع، أو أنا مدير معلم، وأن هذا لن يحقق شيئاً بعد الآن، أو أنني المدير دائم الحضور وأنا أعرف أن هذا لا يجدي نفعاً”، ماذا يمكنه أن يفعل كي يجري هذا الانتقال ويصبح مديراً موصلاً بنفسه؟

ساري وايلد: جزء من ذلك سيعتمد على المكان الذي بدأت منه. فإذا كنت على سبيل المثال مديراً دائم الحضور وميلك كمدير دائم الحضور سيجعلك تركز على التدريب فحسب، فسواءً كان موظفوك يطلبون بالضرورة التدريب أو يحتاجون إليه، فإنك ستوفر التقييم والتدريب. ولهذا ننصح بالتفكير في طرح الأسئلة بدلاً من تقديم التقييم والتدريب.

هذا هو الأمر. نتحدث عن المبالغة في الاستثمار في التشخيص، ولدينا عدد من الأسئلة. ستجد بالفعل في الكتاب أداة تسمى أقوى الأسئلة الخاصة بالمُوصّل، وهي بعض الأسئلة المحددة التي يمكنها أن تساعدك في معرفة ما يحفز موظفيك، ومعرفة احتياجاتهم واهتماماتهم. وهذا هو أول شيء.

وإذا كنت تميل إلى جانب المشجع، فينبغي عليك أن تقترب من الموظفين أكثر وتكون قائداً أو مدرباً أكثر نشاطاً. فمثلاً على مستوى اتصالات المؤسسة، بدلاً من أن الاقتراح على الموظف الاتصال بشخص، وغالباً ما ينسى المدير المشجع الأمر ويفترض أن التطوير قد تم، سيقوم المشجع في هذه الحالة بما نسميه روتين الاستعداد ثم الاستراحة.

قبل المحادثة، اقضِ بعض الوقت في العمل مع الموظف وإعداده للمحادثة بتحديد أهداف واضحة، أهم شيء هو التأمل بعد ذلك ومساعدة الموظفين في فهم ما تعلموه وكيف يمكنهم تطبيقه والتأكد من أن تنفيذ هذا التطبيق.

كيرت نيكيش: استمتعت حقاً بالحديث حول هذا الموضوع. بحث رائع تسرّنا مشاركته مع الجمهور، وشكراً لحضورك إلى البرنامج للحديث عنه.

ساري وايلد: هذا رائع. شكراً جزيلاً لاستضافتكم لي.

نيكيش: كانت معنا ساري وايلد، النائب الإداري لرئيس “غارتنر”، وقد شاركت في تأليف كتاب “المدراء الموصلون: لماذا يبني المدراء “المُوصّلون” كفاءات أفضل والبعض الآخر لا يفعل ذلك؟”.

هذه الحلقة من إنتاج ماري دوي، وقدم لنا الدعم الفني روب إيكارت، أما مدير الإنتاج الصوتي لدينا فهو آدم باكولتز. شكراً لاستماعكم إلى برنامج “آيديا كاست” المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. أنا كيرت نيكيش.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .