6 استراتيجيات يتّبعها المدراء لإرساء ثقافة أخذ الإجازات بين الموظفين

6 دقائق
تعامل المدراء مع الإجازات
shutterstock.com/aanbetta
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: أسهمت جائحة كوفيد-19 في خلق المزيد من الاحتياجات العاجلة والمُلحة، وكذلك المزيد من العمل المطلوب إنجازه. وأدى هذا بدوره إلى شعور أعضاء الفرق بالإرهاق وتعاظم متطلبات العمل والحاجة إلى تخصيص المزيد والمزيد من الوقت للعمل على حساب الوقت المخصَّص لحياتنا الشخصية. لكن الموظفين لا يشعرون بالارتياح لفكرة أخذ إجازة، على الرغم من احتياجهم إليها، خاصةً مع إلغاء خطط السفر وغيرها من الإجازات. ومن هنا كان على المدراء أن يرتقوا إلى مستوى الحدث ويشجّعوا موظفيهم على الراحة والابتعاد عن العمل، ولو مؤقتاً. ونستعرض فيما يلي 6 استراتيجيات حول أنسب سبل تعامل المدراء مع الإجازات في هذه الحقبة التي تشهد انتشار ظاهرة العمل من المنزل بين الكثير من أفراد قوة العمل. احرص أولاً على أن توضح لموظفيك كافة الأمور المرتبطة بسياسة الإجازات المتبَعة في شركتك، وإبلاغهم بأي مبادئ توجيهية أو قيود رسمية صدرت عن إدارة الشركة أو الجهات الحكومية أو المؤسسات الصحية بهذا الخصوص. وأعد تعريف مفهوم “الإجازات” بحيث يتجاوز معناه الفكرة التقليدية للسفر والاستجمام، وأكِّد أنه ينطوي أيضاً على تخصيص وقت للأسرة وتقديم الرعاية لأحبائنا والعناية بأنفسنا. وأظهر اهتمامك بموظفيك من خلال توفير عنصر المرونة، وكن قدوة يحتذون بها في هذا المسلك من خلال الحصول على إجازاتك في العمل والاستمتاع بها. اقترح عليهم أخذ عدد أكبر من فترات راحة لمُدد زمنية أقصر، بدلاً من الحصول على إجازات تبلغ مدة الواحدة منها أسبوعاً كاملاً. وأخيراً، حفّز فريقك على إعداد خطة تسمح بالاستمرارية في إنجاز العمل، حتى عندما يتوقف الموظفون عن الاتصال بالإنترنت.

 

“لن أنجز شيئاً بسرعة”.

كان هذا مصدر قلق إحدى عميلاتي مؤخراً. لم تكن شكواها تتعلق بضغوط العمل في الحجر الصحي في حد ذاته، ولكنها كانت ترتبط في المقام الأول بوتيرة العمل المسعورة والرتيبة. فبعد انتهاء مفعول فورة الأدرينالين المصاحبة لبدايات الأزمة، أفاد عدد كبير من عملائي بأنهم وأفراد فرقهم باتوا يشعرون بالضيق والإرهاق لدرجة أنهم أحسوا بأن جهودهم أمست غير مجدية في ظل تعاظم متطلبات العمل، حتى الوقت الذي كانوا يستغرقونه في التنقلات يضيع الآن في الاجتماعات التي باتت تُعقَد في الصباح الباكر كل يوم، بل وفي وقت متأخر من الليل قبيل مواعيد النوم المعتادة.

وهكذا، فلم يقتصر الأمر على محاولة استغلال أوقات تنقلاتنا فحسب، بل تعداها إلى استغلال إجازاتنا أيضاً. وفي ظل حظر السفر على الموطنين بصفة عامة والظروف المستجدة التي بات على الجميع التكيُّف معها، ألغى معظم العاملين ليس فقط حجوزات سفرهم، بل وألغوا إجازاتهم كلها أيضاً.

لكن في حين أن عدد ساعات العمل آخذ في الارتفاع، فإن قدرة العاملين على التركيز وتحسين إنتاجيتهم تتراجع بشدة. ويسعى الكثير من المسؤولين التنفيذيين والمدراء ومسؤولي الموارد البشرية في شركاتهم بشكل متزايد إلى الحصول على إرشادات حول كيفية الابتعاد عن أجواء العمل وإعادة شحن طاقاتهم وتشجيع موظفيهم على فعل الشيء نفسه. تجدر الإشارة إلى أن الشركات تقدّم مجموعة من خيارات النقاهة، ولكنها تختلف أيضاً في سياساتها المتعلقة بأخذ الإجازات؛ إذ يرفع البعض شعارات بالغة القوة، مثل: “نحن نثق بك ونعتني بتلبية احتياجاتك” أو “احرص على الاستمتاع بالوقت المخصص لإجازاتك”، في حين أن البعض الآخر يرفع شعار: “نحتاج إلى كل الأيدي العاملة في الوقت الحالي، ويمكننا النظر في أمر الإجازات لاحقاً”.

وقد أثبتت الأبحاث فوائد الإجازات فيما يتعلق بإنتاجية الموظفين والاقتصاد بشكل عام، وكلاهما معرضان للتهديد حالياً. فقد أدَّت الإجازات غير المستغلَّة إلى تكبيد الشركات الأميركية خسائر بقيمة 224 مليار دولار سنوياً.

وحينما لاحظتُ أن المدراء يخدعون أنفسهم بشأن إنتاجيتهم الشخصية وإنتاجية أعضاء فرقهم، أجريتُ استقصاء لاستطلاع آراء عدد من المدراء، وتلقيتُ ردوداً من 20 مديراً منهم يعملون في شركات تتراوح ما بين شركات ناشئة وشركات مدرجة على قائمة “فورتشن 30” وجامعات في مختلَف أنحاء الولايات المتحدة. ومن خلال المزج بين البيانات المستمدَّة من هذا الاستقصاء والحوارات التي دارت بيني وبين عملائي من المدراء خلال تدريبهم، توصلتُ إلى 6 استراتيجيات حول أنسب سبل تعامل المدراء مع الإجازات في هذه الحقبة التي تشهد انتشار ظاهرة العمل من المنزل بين الكثير من أفراد قوة العمل.

احرص على الوضوح

احرص على توخيّ أقصى درجات الوضوح بشأن سياسة الإجازات المتبعة حالياً في مؤسستك وأبلغ أفراد فريقك بها. ويجب أن تتضمن مخاطباتك التعريف بموقف الشركة من السفر وأي قيود تمليها ظروف العودة إلى العمل في حال مغادرة الموظف للمدينة، مثل ضرورة عودة موظفي المختبرات البحثية إلى موقع العمل في مواعيد محدَّدة بعد انتهاء الإجازة، بجانب توضيح المخاطر التي قد تهدّد السلامة العامة والشخصية. ومن المهم أيضاً تعريف الموظفين بأي تعليمات قد تفرضها الجهات الحكومية أو المؤسسات الصحية الرسمية، حتى يتمكنوا أيضاً من أخذها في الاعتبار. ومن أهم مزايا التحلي بالشفافية بشأن سياسات الإجازات أنه يسمح للأفراد بتقدير موقفهم بوضوح تام وتمكينهم من العمل وفقاً لمبادئ توجيهية موحَّدة تسري على الجميع دون استثناء.

أعد تعريف مفهوم الإجازات

عند تطبيق سياسة العمل من المنزل، شجّع موظفيك على اعتبار “الإجازات” بمثابة أدوات لزيادة الوقت المخصَّص للأسرة وتقديم الرعاية لأحبائنا والعناية بأنفسنا. وسيتم على الأغلب تكريس وقت الفراغ في أثناء الإجازة لتعزيز الصحة العقلية للفرد بدلاً من قضائه في السفر أو الاستجمام. وقد علمتُ أن بعض أعضاء الفرق الذين يعملون تحت إشراف عملائي يجرّبون أشياء لم يفعلوها من قبل، مثل الرسم أو الغناء، فقط لإضفاء طابع جديد على روتينهم المعتاد. وأعاد الكثيرون اكتشاف مهاراتهم في ممارسة الأنشطة المتاحة في متناول أيديهم. فقد صنع أحد عملائي باقة من الزهور كان قد قطفها من حديقة منزله وأهداها لزوجته، كما أصلح دراجته وقرأ كتاباً ظل حبيس أدراج مكتبته لمدة عقد من الزمان؛ كل ذلك خلال نصف يوم من إجازته القصيرة التي لم تتجاوز يوماً واحداً. وخطّط لأخذ جولة بالدراجة والتخييم على سطح منزله برفقة بناته خلال النصف الثاني من اليوم. احرص على تغيير توقعات مؤسستك المرتبطة بما كنت تفعله في إجازاتك التقليدية، أو حتى خلال المكوث في المنزل، وجد طرقاً مبتكرة للاسترخاء باستخدام الموارد المتاحة للجميع.

أظهر اهتمامك بمرؤوسيك

لم يعد خافياً أن التباين في ظروف العمل ينعكس على إنتاجية الموظفين، وهو ما ظهر جلياً من واقع ظروف عمل الأفراد من المنزل. على سبيل المثال، شهدت الأوراق البحثية التي تنشرها الباحثات الأكاديميات تراجعاً ملحوظاً خلال هذه الحقبة، ربما بسبب المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقهن في المنزل مقارنة بزملائهن من الباحثين الأكاديميين. ونظراً لتباين متطلبات الرعاية من جيل لآخر واختلاف احتياجات العناية بالنفس، عليك أن تشجع موظفيك على الحصول على القدر الكافي من الوقت لتحقيق التوازن بين مختلف الأولويات. وقد تحتاج إلى توفير قدرٍ إضافي من المرونة. احرص أيضاً على توفير فرص الحصول على إجازات غير رسمية وزيادة الحدود القصوى للإجازات التراكمية وتشجيع العاملين على أخذ فترات راحة. فقد يشعر الكثير من العاملين بأنهم يفتقرون إلى عنصر الأمان فيما يتعلق بوظائفهم، خاصةً في ظل حالة عدم اليقين التي يعيشها العالم حالياً، ومن ثم سيحتاجون إلى مزيد من التشجيع من مدرائهم حتى يشعروا بالأمان عند حصولهم على بعض الراحة. وحينما توصّل لموظفيك إحساساً ينمُّ عن رعايتك لهم واهتمامك بهم، فإنك سترسّخ لديهم المبدأ القائل بأن العنصر البشري هو أهم أصولك وأنك على أتم استعداد للوقوف بجانبهم في الشدة والرخاء، أياً كانت ظروفهم الفردية.

كُن قدوة يُحتذى بها

سيكون عليك أن تثبت بالدليل العملي من خلال أفعالك أنك جاد بشأن الاستفادة من الإجازات. فقد قال جميع المشاركين في استقصاء الرأي إن الاستفادة من الإجازات كان قراراً مهماً، لكن الكثيرين كانوا مترددين في الابتعاد عن أجواء العمل. ولكن الكلام شيء والأفعال شيء آخر. على سبيل المثال، يمكنك الإعلان عن منح كل العاملين بالمؤسسة إجازة لمدة يوم كامل. وقد خصّصت شركة سايسنس (Sisense) العاملة في مجال التحليلات المحوسبة يوماً للعناية بالنفس شهرياً على مستوى الشركة وبرعايتها، لا يجوز لأحد أن يعمل فيه. ضع حدوداً صارمة للوقت المخصّص للعمل خلال يومك وشارك الآخرين ما فعلته خلال إجازتك. وسيسير الآخرون على خطاك في أغلب الأحيان عندما تعبر سياسات الشركة عن القيم التي تعتز بها وتعكسها سلوكياتك العملية.

غيّر مُدد الإجازات

كان من الصعب على جميع المشاركين في الاستقصاء معرفة ما يجب فعله خلال الإجازات الطويلة التي تمتد لأكثر من أسبوع. فاحرص بدلاً من ذلك على تشجيع أعضاء فريقك على أخذ عدد أكبر من فترات راحة لمُدد زمنية أقصر، كتشجيعهم على أخذ فترة راحة بعد ظهيرة يوم محدَّد من كل أسبوع أو الحصول على إجازة لمدة يوم كامل من حين لآخر. وحفّز أعضاء فريقك أيضاً على الابتعاد تماماً عن أجواء العمل لمدة يوم على الأقل في عطلة نهاية الأسبوع، دون تصفح بريدهم الإلكتروني مطلقاً. وتُعتبَر فترات الراحة المتكررة أكثر فائدة؛ لأن مستويات التوتر المتزايدة تعني أنه سيتعذّر علينا انتظار الإجازات الطويلة التي كنا نشتاق إليها في الماضي. فنحن بحاجة إلى إعادة شحن طاقاتنا في وقت مبكر وعلى فترات متكررة.

حفّز فريقك

اسأل أعضاء الفريق عن الجوانب التي يمكنهم تشارك المسؤوليات فيها وتغطية زملائهم في حال غيابهم، حتى يتمكنوا من تدوير الإجازات فيما بينهم دون تعطيل العمل. وقد أظهرت الباحثة بجامعة هارفارد، ليزلي بيرلو، كيف حقق المستشارون في شركة بوسطن كونسلتنغ غروب (Boston Consulting Group) تقدماً ملموساً على مستوى الرضا الوظيفي والتوازن بين الحياة العملية والشخصية والعمل التعاوني والفاعلية من خلال “الابتعاد لفترات يمكن التنبؤ بها” عن هواتفهم المحمولة مع ضمان تغطية عملهم من خلال أحد زملائهم في الفريق خلال هذا الوقت. ومن خلال إشراك الفريق بأكمله، فإنك تجعل أخذ فترات الراحة جزءاً لا يتجزأ من الثقافة المؤسسية، إلى جانب إظهار الدعم والسخاء المتبادلَين مع بعضكم.

أخيراً وليس آخراً، فإن العمل من المنزل لا يعني بالضرورة العمل طوال الوقت. واحرص كل الحرص على التخفيف من حدة الشعور بالخدر الناتج عن مكالمات الفيديو المتلاحقة وقائمة المهمات الطويلة عن طريق إعادة ابتكار سياسة الإجازات وأوقات الراحة، وتشجيع فريقك على فعل الشيء نفسه. وكما ذكر الرئيس التنفيذي لشركة لايميد (Limeade)، هنري ألبركت، في الاستقصاء الذي أجريتُه، “فعلى كل مدير أن يشارك القواعد ويُظهِر الاهتمام بمرؤوسيه وأن يكون قدوة يحتذون بها في هذا المسلك وأن يثق في قدرتهم على فعل الصواب”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .