هل تخطط للمبيعات بسرعة وذكاء؟

5 دقائق
تخطيط المبيعات
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: لطالما قضت مجموعات المبيعات والدعم شهوراً في إنشاء خطط سنوية تحدد أولويات العملاء والمنتجات والأنشطة في مؤسسة المبيعات، ووجهت هذه الخطط كثيراً من القرارات السنوية التي تشمل حجم قوة المبيعات وتوزيعها وأهداف المبيعات وتصميم خطة حوافز المبيعات. لكن اليوم تستبدل شركات كثيرة هذه الخطط طويلة الأجل بخطط يومية مستمرة قابلة للتكيف يقوم معظمها على الذكاء الاصطناعي المتقدم والتحليلات المحوسبة، وتؤثر هذه التغييرات تحديداً على مجموعتين رئيسيتين تتمثلان في موظفي دعم تخطيط المبيعات ومدراء المبيعات. لا تعني هذه التغييرات نهاية تخطيط المبيعات وإنما المزج بين وضع خطة المبيعات وتنفيذها وتبني عقلية جديدة.

تتضمن عملية البيع في التعامل التجاري بين الشركات عدداً لا يحصى من الخيارات المتعلقة بطرق التعامل مع العملاء، وتقضي مؤسسات المبيعات ومندوبوها وقتاً كبيراً في وضع خطط تحدد العملاء والعملاء المحتملين الذين سيقضون وقتاً معهم والرسائل التي يجب التركيز عليها. في العادة تساعد الخطة السنوية عالية المستوى في إرساء خطط ربع سنوية مفصلة أكثر يتم تقسيمها إلى فترات مفصلة أكثر. ويستخدم مندوبو المبيعات هذه الخطط لوضع ترتيب متسلسل لأساليب التعامل مع عملاء محددين في أنشطة المبيعات اليومية، لكن هذا النموذج يتغير مع ظهور نموذج أذكى وأسرع لتفاعل العملاء يتمثل في “التخطيط في أثناء العمل”.

يتضمن هذا التحول في جوهره توجيهن؛ أولاً، أصبح مسؤولو المشتريات المطلعين على المعلومات والمكتفين ذاتياً أكثر قدرة على التحكم في الطرق التي يتبعونها والقنوات التي يستعينون بها في الشراء (القنوات الرقمية أو الافتراضية أو الشخصية)، وبالتالي فإن خطط المبيعات المحضرة بصورة روتينية قبل عدة أشهر تصبح بالية. ثانياً، يمكن أن تمدّ البيانات المستمرة بالتوسع والتحليلات سريعة التقدم مندوبي المبيعات برؤى آنية في الوقت الحقيقي حول العملاء واحتياجاتهم وتفضيلاتهم ورغبتهم في الشراء.

يمكننا توضيح هذه الآلية من خلال التجربة التي مرت بها إحدى شركات الصناعات الدوائية التي عملنا معها. على مدى أعوام زودت الشركة كل مندوب لديها بخطة للمبيعات (العملاء الذين يجب عليه التواصل معهم وتواتر هذا التواصل والرسائل التي يجب أن يوصلها إليهم)، وكانت الخطط النهائية تحدد عند بداية كلّ ربع سنوي، ثم لا يبقى على المندوب سوى تنفيذ الخطة. والآن، استبدلت هذه الشركة التخطيط ربع السنوي بعملية مستمرة أكثر؛ يعمل نظام قائم على بيانات العملاء والتحليلات المحوسبة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي على تقديم توصيات للمندوبين تتراوح بين الاقتراحات الشهرية حول العملاء الذين يتعين عليهم قضاء الوقت معهم والنصائح اليومية حول أساليب المبيعات وطرق القيادة، ويقرر مندوبو المبيعات ما يتعين عليهم فعله بناء على هذه المعلومات ومعلوماتهم الشخصية حول العملاء.

لاحظ مسؤولو مشتريات التكنولوجيا في شركتنا الاستشارية “زد إس” (ZS) ظاهرة مشابهة في التعامل مع مندوبي المبيعات الذين يبيعون خدمات الحوسبة السحابية لشركتنا؛ إذ يواجهون فشلاً عندما يكتفون بتقديم منتج لنا باستخدام رسائل عامة مثل “اشتري سعة أكبر وسنساعدك في التوصل إلى طرق استخدامها بهدف تحقيق النمو”، في حين يستخدم المندوبون الناجحون بيانات آنية في الوقت الحقيقي حول استخدامنا الفعلي لخدمات الحوسبة السحابية لخوض حوار ذي قيمة أكبر معنا، وبالتأكيد لا يمكن التخطيط لهذا الحوار قبل عدة أشهر. يقول أحد مسؤولي المشتريات في شركة “زد إس” حول ذلك: “إن شريك الأعمال الحقيقي هو مندوب المبيعات الذي يدلنا على طرق لتوفير المال وتحسين الفاعلية على نحو يتفق مع الاحتياجات المتغيرة لمجتمع المستخدمين الشامل في شركتنا”.

إذن، نظراً لتأثير البيانات والتحليلات المحوسبة في تحسين إمكانية رؤية احتياجات العملاء الآنية والمتغيرة، كيف يمكن للمؤسسات التجاوب مع هذا التحول في نموذج تخطيط المبيعات يا تُرى؟

لأن تخصيص أساليب البيع وتكييف أنشطته مع احتياجات كل عميل أمران أساسيان في كل نموذج ناجح للمبيعات، يتعامل مندوبو المبيعات مع هذا التحول في التخطيط بروية، حتى وهم يعانون من صعوبة في التكيف مع طرق العمل الجديدة في العالم الرقمي. والتحديات والاضطرابات الأشد تعترض أنشطة مجموعتين؛ الموظفون الذين يدعمون تخطيط المبيعات ومدراء المبيعات.

من دعم المبيعات الفردي المتقطع إلى الدعم المستمر

لطالما قضت مجموعات المبيعات والدعم شهوراً في إنشاء خطط سنوية تحدد أولويات العملاء والمنتجات والأنشطة في مؤسسة المبيعات، ووجهت هذه الخطط كثيراً من القرارات السنوية التي تشمل حجم قوة المبيعات وتوزيعها وأهداف المبيعات وتصميم خطة حوافز المبيعات. نظمت مجموعات دعم المبيعات عملية التخطيط بأكملها وعززتها، وبالنسبة لهذه المجموعات يعمل النظام الرقمي على زعزعة كلّ من المخرجات ووتيرة العمل وأنواع الأخصائيين في الفريق.

خذ مثلاً شركة تكنولوجيا نفذت نظاماً قائماً على الذكاء الاصطناعي لتقديم اقتراحات آنية في الوقت الحقيقي لمندوبي المبيعات الداخليين حول طرق التفاعل مع العملاء بكفاءة أكبر. تعكس الاقتراحات ما يحظى بالقيمة بالنسبة للعملاء (كالمنتجات وقنوات الاتصال مثلاً) وما يحظى بالقيمة بالنسبة للشركة (كإمكانات العملاء واحتمالات الشراء)، وتتكيف الاقتراحات مع ظهور معلومات جديدة. على سبيل المثال، إذا تفاعل أحد العملاء مع قناة رقمية (كأن يقوم بتنزيل معلومات من موقع شركة الإلكتروني مثلاً) يتلقى مندوب المبيعات إشعاراً لمتابعة هذا العميل قبل الموعد المقترح سابقاً.

يغير النهج الجديد مخرجات دعم المبيعات؛ فبدلاً من إنشاء خطط منفصلة لمندوبي المبيعات يعمل فريق دعم المبيعات على إنشاء أصول وموارد رقمية (كالخوارزميات وقواعد القرار وأدوات البرمجيات) لمساعدة مندوبي المبيعات على “التخطيط في أثناء العمل”. كما تتم زعزعة وتيرة العمل، إذ تتخلى فرق دعم المبيعات عن عقلية المشروع التي تنتهي وفقها دورة التخطيط بانتهاء الخطة، ويصبح التخطيط بدلاً من ذلك عملية متواصلة تقريباً. في هذا العالم ينطوي دعم المبيعات على إنشاء الأصول والعمليات الأساسية وتحسينها باستمرار مع تطور التكنولوجيا نفسها، وتشمل الأنشطة تعزيز تبني فريق المبيعات للنظام وترقية البيانات وتحسين الخوارزميات وصقل عمليات التنفيذ (كإدارة التغيير والتدريب وحلقات ملاحظات المستخدمين).

ولأن الأصول الرقمية لها دور رئيسي في عالم التخطيط الجديد يجب أن تضم فرق دعم المبيعات مزيداً من الأخصائيين مثل علماء البيانات ومهندسي البرمجيات وخبراء العمليات المرنة بهدف زيادة الخبرات في الأعمال والإجراءات والعمليات. كما أن القائد الذي تتعدى مهاراته اختصاص فريقه ويفهم المبيعات والتكنولوجيا على حدّ سواء هو شرط أساسي لربط جهود الأخصائيين في الفريق باحتياجات الأعمال الأوسع.

من الإدارة بناء على الخطة إلى الإدارة من أجل المرونة

يمكن أن يكون الانتقال إلى التخطيط الذكي والسريع أمراً في غاية الصعوبة بالنسبة لمدراء المبيعات، فقد نشأ معظمهم في بيئة حيث تروج اجتماعات المبيعات المنتظمة لعملية نقل تحمّل المسؤولية من القمة إلى القاعدة وركزوا على توجيه الأنشطة وتحسين تفاعلات العملاء وضمان تحقيق أهداف المبيعات ربع السنوية، أما اليوم فهم يواجهون مشهداً متغيراً بصورة شبه مستمرة بدلاً من الإدارة بناء على خطة ثابتة لأسلوب العمل. يتمتع المدراء الناجحون بالخبرة الرقمية اللازمة لمساعدة مندوبي المبيعات على استخدام البيانات والتكنولوجيا في تكييف أساليبهم مع احتياجات العملاء، إلى جانب تقديم الدعم لهؤلاء المندوبين في نفس الوقت من أجل تبني التغيير.

كما تتطلب البيئة الجديدة مزيداً من المرونة فيما يتعلق بتخصيص الموارد. نعمل مع شركة للصلب حيث استدعى التغيير الذي سرعته الجائحة في السوق أن يعيد المدراء توزيع مندوبي المبيعات مرة تلو الأخرى كي يتمكنوا من العمل مع حسابات لم يسبق أن تعاملوا معها، ولذلك تعين على المدراء التوصل إلى أفضل الطرق لتنفيذ عمليات إعادة التوزيع هذه، بالإضافة إلى دعم مندوبي المبيعات في تفسير البيانات من أجل توقع احتياجات العملاء غير المألوفين، وشكل ذلك نقلة صعبة للمدراء الذين كان عليهم التوصل إلى طرق لقيادة فرقهم في بيئة متغيرة باستمرار.

إذن، هل هذه نهاية تخطيط المبيعات يا تُرى؟ لا، بل هي مزيج من وضع خطط المبيعات وتنفيذها. وكي تتمكن مؤسسات المبيعات من الانتقال فمن الضروري أن تتبنى قدرات جديدة وعقلية متجددة، وفي نهاية المطاف سيؤدي النجاح في الانتقال إلى زيادة كفاءة مندوبي المبيعات وتقديم تجربة أفضل للعملاء وتوليد نتائج أفضل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .