ماذا يفعل القائد الجيد عندما يأخذ مكان قائد سيئ؟

5 دقائق
تجاوز القيادة السابقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: أي قائد يستلم دوراً كان يشغله شخص آخر سيضطر لمواجهة إرث سلَفه، لكن القائد الذي يحلّ مكان قائد ضعيف أو مثير للجدل يواجه تحدياً خاصاً. ستساعدك الاستراتيجيات الثلاث التالية في تجاوز القيادة السابقة والمضي قدماً في قيادة شركتك: 1) اعترف بمساهمات القائد السابق. لا تتجاهل مساهماته ولا تحمله مسؤولية جميع التحديات التي تواجهها المؤسسة. 2) حاول أن تفسح مجالاً للتسامح. فذلك سيساعد الموظفين بتجاوز الماضي ويفسح مجالاً لرؤية واتجاه جديدين. 3) حاول أن تفهم التجربة التي مرّ بها موظفوك. اسألهم عما يرغبون فيه وما يحتاجون إليه للمضي قدماً، واعلم أن بعضهم يدعمون القيادة السابقة. لن تصبح قائداً جيداً تلقائياً بمجرد استلام منصب كان يشغله قائد سيئ، بل ستصبح قائداً جيداً باتباع أسلوب مختلف وأكثر شمولاً في القيادة.

سيجد كل قائد يستلم منصباً كان يشغله شخص آخر نفسه في مواجهة التحدي ذاته، وهو ضرورة التعامل مع إنجازات القائد السابق وعثراته، وإذا كان سلفك ناجحاً فستتم مقارنة عملك بإنجازاته.

أما إذا كنت تستلم القيادة من قائد ضعيف أو مثير للجدل فقد تضطر لحمل مسؤولية أخطائه في الوقت الذي تعمل فيه لإنشاء رؤية جديدة للمؤسسة. كما أن القيادة الضعيفة تضرّ بالمؤسسة، سواء كانت مؤسسة حكومية أو من شركات قائمة “فورتشن 500″، ويضطر القائد الجديد عادة لاتخاذ إجراءات صارمة من أجل إنقاذ المؤسسة مع الحرص على ألا يرمي الصالح مع الطالح. وأخيراً، يجب القيام بكل ذلك ضمن مؤسسة قد تكون مشككة ومرهَقة في آن.

قد يصعب التعامل مع عوامل التوتر هذه كلها وحتى بالنسبة للقادة الأكثر حنكة، وبوصفي مدرباً تنفيذياً ومستشاراً فقد ساعدت عشرات القادة على مواجهة هذه النقلة على مدى العقدين الماضيين. رأيت قادة يرتقون إلى مستوى التحدي، لكني رأيت أيضاً قادة يعانون من صعوبات كبيرة على الرغم من أنهم يحملون أفضل النوايا. وباتباع بعض الاستراتيجيات الأساسية، ستتمكن من مساعدة الشركة على تجاوز آثار القيادة السيئة مع تحويل المؤسسة ومساعدة كل من فيها على المساهمة بكامل إمكاناتهم في نفس الوقت.

كيفية تجاوز القيادة السابقة

1. اعترف بمساهمات القائد السابق

يستطيع القائد الجيد أن يفصل بين الماضي والمستقبل، لكن كثيراً من الأشخاص يقومون بذلك عن طريق تجاهل القادة السابقين تماماً، والأسوأ هو أنهم يحمّلونهم مسؤولية الأخطاء والتحديات التي تعاني منها المؤسسة، وقد تشعر برغبة قوية في ذلك لاسيما إذا ترك القائد السابق صورة سيئة عن نفسه.

لكن القائد الجيد يعترف بالحقائق السابقة، ومنها احتمال أن يكون أي قائد قد فعل شيئاً جيداً مهما كان ضعيفاً. وعلى الأغلب ستجد موظفين يدعمون القيادة السابقة، وستكون رؤيتهم مختلطة فيما يخص أخطاء الماضي وما يجب القيام به على نحو مختلف. لذا، من المحبذ أن يقرّ القائد الجديد بأي شيء إيجابي قام به القائد السابق ويناقش أثره والضرر الذي تسبب به في المؤسسة بصراحة وانفتاح.

قد لا يكون سبب رحيل القائد السابق خطيراً في بعض الأحيان، ومع ذلك فمن الأفضل مناقشته. عملت مؤخراً على مساعدة شركة متعددة الجنسيات كبيرة على خوض عملية تعيين رئيس تنفيذي جديد. عانت الشركة من صعوبات كبيرة في أثناء الجائحة، ولذلك كان لا بد من إحداث تطويرات كبيرة على استراتيجية العمل، وقرر مجلس الإدارة أن الرئيس التنفيذي السابق لم يكن الشخص المناسب للمرحلة التالية.

وفي أثناء عملية الانتقال، أكد الرئيس التنفيذي الجديد مراراً وتكراراً امتنانه للرئيس التنفيذي السابق الذي بنى الشركة وحقق لها نجاحاً استثنائياً، وأنه ببساطة لم يكن الشخص المناسب لأداء العمل في المرحلة القادمة.

تتعلق القيادة الناجحة بفن الموازنة بين هاتين الحقيقتين اللتين تبدوان متعاكستين، فمن المؤكد أن القائد السابق لم يكن يضيع وقته، لكنه أيضاً لم يكن كفؤاً أو يبدو أنه لا يتمتع بالكفاءة اللازمة للفترة المقبلة. ويجب على القائد الجيد أن يقرّ بهاتين الحقيقتين على نحو مباشر وصادق وكامل.

2. احرص على تمكين الرؤية المستقبلية عن طريق إفساح مجال للتسامح

تكون غالبية تصرفات القائد السيئ قائمة على نوايا حسنة، لكن غالباً ما توقع هذه النوايا عواقب غير مقصودة، والأسوأ هو أن تسبب أضراراً جانبية.

وقد يكون الإقرار بالفجوة بين نوايا القائد السابق ونتائجه في غاية البساطة مثل: “أنا أعي أن المسؤولين التنفيذيين السابقين كانت لديهم أحلام كبيرة لهذه الشركة، لكن أساليبهم لم تنجح”.

غالباً ما نحكم على أنفسنا وفقاً لنوايانا ونحكم على الآخرين وفقاً لأفعالهم، وتذكير الموظفين بذلك ليس تبرئة للقائد السابق بل هو اعتراف بإنسانيته يفسح مجالاً للغفران،  فالخطأ من الإنسان والعفو من الرحمن.

وهكذا، يفسح الغفران مجالاً لرؤية واتجاه جديدين ويسمح للموظفين بتجاوز الماضي والتقدم باتجاه المستقبل معاً. تتمتع الأحقاد بقوة خاصة تدفعنا غالباً لتكرار الأنماط السابقة، أما الغفران فله تأثير معاكس ويفسح المجال للفرص الجديدة.

على سبيل المثال، عملنا على مساعدة رئيس تنفيذي جديد في استلام منصبه من مؤسس شركة تكنولوجيا كان مفعماً بالحيوية لكنه مثير للجدل. ومن أجل إفساح المجال للغفران، عقد القائد الجديد اجتماعاً للفريق القيادي الأعلى ركز فيه على 3 أسئلة:

  1. ما الذي نريد الحفاظ عليه من طرق العمل القديمة؟
  2. ما الذي نريد التخلي عنه منها؟
  3. ما هي الطرق التي نريد إنشاءها من جديد؟

وما اكتشفه الفريق في هذا الاجتماع هو أن كثيراً من أساليبهم الحالية يتمتع بالفاعلية والقائد السابق هو من وضع فلسفات هذه الأساليب، لكن كان لديهم أيضاً بعض الأمور التي يجب التخلي عنها. ساعدت هذه النظرة المتوازنة على توليد مشاعر التقدير والغفران تجاه القائد السابق، مع إعادة توجيه جهود التقدم باعتبارها تطوراً صحياً. لم ينكر أحد القائد السابق وكل ما فعله بحلوه ومره، فالظروف تتغير وتفرض على القادة أن يتطوروا ويتكيفوا معها.

3. حاول أن تفهم التجارب التي مر بها موظفوك

يتعثر كثير من القادة الجدد عندما يعتبرون أنفسهم مجرد قوة تصحيحية للقادة السابقين من دون استثمار الوقت اللازم لفهم تأثير القيادة السابقة الكامل أو إشراك فرقهم في خلق المستقبل. لن تصبح قائداً جيداً تلقائياً بمجرد استلام منصب كان يشغله قائد سيئ، أو بامتلاك وجهة نظر مختلفة عن وجهة نظره، بل ستصبح قائداً جيداً عن طريق اتباع أسلوب مختلف وشامل أكثر في القيادة.

حاول أن تصغي إلى الموظفين الذين وقعت عليهم آثار القائد السابق السلبية واستخدم المعلومات التي تحصل عليها منهم في بناء رؤيتك. اطرح على الموظفين أو الفرق ضمن الشركة أسئلة صريحة: كيف يمكنني مساعدتكم الآن؟ ما هو أكثر ما تحتاجون إليه وتريدونه للمضي قدماً؟ ما الذي ترجون أن أفعله؟ ما الذي ترجون ألا أفعله؟ لا يطرح القائد السيئ هذه الأسئلة، لكن القائد الجيد يطرحها دائماً.

على سبيل المثال، في عملية انتقال الرئيس التنفيذي في الشركة متعددة الجنسيات التي ذكرتها آنفاً، وقبل أن يطرح الرئيس التنفيذي الجديد أي خطط واستراتيجيات الجديدة، بدأ بإجراء مقابلات مع الموظفين. فقضى شهراً كاملاً في إجراء لقاءات مع الموظفين في جميع المستويات والتحدث إليهم، وتمكن بذلك من معرفة ما كانت تحتاج الشركة إليه كي تتطور. وعندما طرح خطته الاستراتيجية تلقاها جميع الموظفين بحماس لأن كلاً منهم رأى في رؤيتها المستقبلية تمثيلاً لصوته.

خُلق البشر ليتجاوزا الماضي، وما أن يشعروا بأن أصواتهم مسموعة ومفهومة بحق فستكون رغبتهم بتجاوزه نابعة من قلوبهم. لا يمكن استعجال ذلك، ولكن إذا قدمت لموظفيك رؤية لما يمكن تحقيقه فسيتجاوز معظمهم الماضي بسرور. لا يمكنك إجبار أحد على ذلك، لكن يمكنك أن توضح لهم أن الأمور ستكون مختلفة عن طريق الإصغاء إليهم وأخذ الدروس التي تعلموها من تجاربهم الصعبة على محمل الجد.

عن طريق الإقرار بالفجوة بين أفعال القائد السابق ونواياه، وتجديد التزامك برؤيتك الخاصة، وسؤال الموظفين الذين يعملون تحت قيادتك عما يحتاجون إليه، ستكون على الطريق الصحيح لتجاوز القيادة السابقة ولتحلّ مكان قائد سيئ وتصبح قائداً أكثر كفاءة منه بكثير. سيتمكن القائد الذي يلتزم بهذه التدابير من إطلاق العنان لطاقة موظفيه وحكمتهم سواء كان يحلّ محل الرئيس التنفيذي أو رئيس الشركة السابق، وبذلك سيساعد على خلق مستقبل مختلف عن الماضي يبدو منطقياً للجميع.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .