لماذا يجب على باعة التجزئة إنهاء موسم التسوق في العطلات

5 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

واجه قطاع تجارة التجزئة الكثير من التحديات، مؤخراً، بكل الأساليب الممكنة عملياً. ويبدو أن الوقت قد حان ليعيد تجار التجزئة التفكير بشأن أسلوبهم فيما يتعلق بالتسويق في موسم العطلات. فلم يعد من المنطقي الاعتماد على إيرادات غير متناسبة مع حجم موسم العطلة، للتعويض عن انخفاض مستوى المبيعات خلال باقي فترات العام.

فالزبائن لا يرغبون في أن يتحكم تجار التجزئة بمواعيد وجداول الشراء. فنجد أن المتسوقين الأكثر ثراءً اعتادوا، مؤخراً، على شراء المنتجات التي يرغبونها في الأوقات الملائمة لهم، سواء كان ذلك من خلال الطلب عبر أليكسا (Alexa)، أو اكتشاف أحد المنتجات أثناء تصفح موقع بنترست (Pinterest)، أو استخدام هواتفهم الجوالة لشراء مجموعة من السلع خلال جولاتهم الصباحية. وحتى أولئك المتسوقون الأكثر حساسيةً تجاه السعر قد غيروا عاداتهم المتعلقة بالتسوق. إذ تشير شركة “ريتيل نكست” (RetailNext) إلى أن حجم التسوق والمبيعات المعتادة في شهر ديسمبر قد انتقل إلى يناير، مما قد يعني أن بعض المتسوقين قد تعلموا الانتظار لعروض ما بعد الموسم. كما بات المزيد من الزبائن في كافة قطاعات مبيعات التجزئة يشعرون بالإحباط من العروض والصفقات التي تقتصر على فترات زمنية محددة (مثل عروض الجمعة البيضاء)، أو بسبب أسلوب الشراء المحدد (مثل أن تكون العروض الخاصة داخل المتجر فقط).

يظل الكثير من الزبائن في حالة التسوق طوال الوقت. ومن ناحيتهما، وصف كلُّ من إتامار سيمونسن وإيمانويل روزن في كتابهما “القيمة المطلقة” (Absolute Value) الأسلوب الجديد لقرارات الشراء، والذي ظهر بسبب انتشار المعلومات المتعلقة بالمنتجات، إذ أصبحت متاحة على نطاق واسع ويسهل الوصول إليها. وأشارا إلى أنّ فكرة بدء الأشخاص عملية التسوق بمجرد تحديد الحاجة للمنتجات لم تعد دارجة، وبدلاً من ذلك، بات الناس ينخرطون بشكل منتظم في عملية “تتبع المنتجات من داخل منازلهم” – مما يعني متابعة المعلومات الخاصة بالمنتجات بناءً على تقييمات العملاء، وآراء الأصدقاء، والبنود الجديدة بشكل مستمر. وبالتالي قد تتشكل تفضيلات العملاء قبل وجود أي خطة حقيقية للشراء. وبناءً عليه، فإنه من غير المعقول لتجار التجزئة أن يحاولوا التأثير على قرارات المنتجات أو العلامات التجارية فقط خلال فترات زمنية منفصلة.

أضف إلى ذلك، أنه مقابل كل شخص يجذب اهتمامه زخم التسوق خلال مواسم العطلات، يوجد شخص آخر ينفر من الصخب والازدحام في تلك المواسم. لذلك، فإن إصرار تجار التجزئة على جذب الكثير من الزبائن إلى المتاجر في بعض الفترات المحددة عندما تكون تجربة الزبائن مشوبة بالازدحام، والصخب، والتنافس، يدفع المزيد من الأفراد إلى التسوق عبر الإنترنت، حيث يكون الزبائن أكثر عرضة للتشتت بسبب تعدد المحتوى والأنشطة المختلفة، ومحاولات التجار الآخرين لجذبهم. كما يزداد إحباط الزبائن من التسوق داخل المتاجر في نهاية موسم العطلات، حيث يرغب التجار في زيادة المشتريات أو إغلاق طلبات الشراء في اللحظة الأخيرة. وقد لاحظت “باين آند كومباني”، وهي شركة استشارات إدارية أميركية، انخفاضاً واضحاً في صافي مؤشر الترويج (Net Promoter Scores) في النصف الثاني من ديسمبر مقارنةً بالنصف الأول من الشهر.

وعلى الجانب الآخر، فإن التركيز المفرط على موسم العطلات ليس منطقياً من منظور تجار التجزئة أيضاً. إذ أن التقلبات الهائلة في معدل الطلب تضر بسلاسل التوريد، وإدارة الموظفين، والحسابات. فأي شخص قد عمل لدى تجار التجزئة يعلم جيداً أثر موسم العطلات على روح العمل داخل الشركة، حيث يتوقع الموظفون العمل لساعات طويلة، ومحاولة متابعة توجهات العملاء ومتطلباتهم اللانهائية، والمسارعة لإجراء تغييرات في اللحظات الأخيرة. ونظراً إلى أن معدل الطلب قد ينخفض أو يزداد بناءً على العديد من العوامل الخارجة عن السيطرة، مثل ظروف الطقس أو عروض التجار الآخرين، فإن جهودهم عادة ما تذهب سدى دون طائل، الأمر الذي يزيد فقط من عوامل الإحباط والخسائر.

إضافة لما سبق، فإنّ معظم عروض العطلات التي لا تتضمن تخفيضات سعرية أصبحت أقل أثراً وفاعلية. فقد اعتاد التجار أن يطلقوا العروض الخاصة التي تتضمن التوصيل المجاني أو السريع، وبطاقات الهدايا المجانية أو المخفضة، لتعزيز المشتريات خلال فترات العطلات، إلا أن هذه العروض أصبحت متوقعة في الوقت الحالي من قبل العملاء، وبالتالي، أصبح التجار مضطرين للجوء إلى تخفيضات الأسعار فقط – الأمر الذي يؤدي إلى سباق تنافسي بين التجار لعرض أقل الأسعار، التي لا تعتبر مستدامة أو مربحة.

ومع هذا الاعتماد المفرط على التسويق في موسم العطلات، يفوّت تجار التجزئة الفرص لخلق الطلب خلال فترة زمنية أطول. علاوةً على كل ذلك، شهدت مجالات الإنفاق ذاتها تحولاً مؤخراً، إذ يختار أكثر من ثلاثة أرباع جيل الألفية، وفقاً لشركة “هاريس”، إنفاق المبالغ المالية على التجارب والخبرات والفعاليات الرائعة أكثر من مجرد شراء المنتجات. وليس فقط جيل الشباب هو من يفضل إنفاق الأموال التي كانت تنفق عادة على تجار التجزئة، لصالح قطاعات تجارية أخرى، فوفقاً لمجلة فورتشن، فقد لاحظ كيفن لوجان كبير الاقتصاديين في بنك “آتش إس بي سي” في الولايات المتحدة، أن نسبة مشتريات الملابس والأحذية من الإنفاق الاختياري للزبائن قد انخفضت بشكل عام، في حين أن الإنفاق على الترفيه، والسفر، والمطاعم آخذ في الارتفاع منذ أكثر من عقدٍ كامل. ومن المرجح أن يساعد اتباع أسلوب الترويج على مدار العام، تجار التجزئة في التنافس مع المطاعم وغيرها من الأنشطة الأخرى التي يسعى إليها الأفراد طوال فترات السنة.

ونظراً لأنه من المرجح أن يقوم الشباب بشراء السلع والمنتجات لأنفسهم ولغيرهم من الأفراد خلال موسم العطلات، فيتعيّن على تجار التجزئة تحفيز الأفراد لشراء الهدايا والسلع لأنفسهم شخصياً على مدار العام. وقد يكونون قادرين على تعزيز المزيد من المشتريات، بشكل أكبر من مجرد الانتظار لموسم الإجازة المحددة.

ويشير تقرير “الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة” إلى أن 45% من المستهلكين يبدؤون البحث عن مشتريات الإجازة في شهر أكتوبر أو قبل ذلك. وعلى الرغم من أن تجار التجزئة قد يفسرون ذلك الأمر باعتباره سبباً للبدء في التسويق في موسم العروض والعطلات بشكل مبكر، إلا أن ذلك لا ينبغي بالضرورة أن يحد من أهمية الانتشار على مدار العام. فقد يحققون المزيد من معدلات الطلب، بدون تقديم رسائل دعائية مقصورة فقط على فترة العطلات خلال أشهر الخريف. كما أنه من خلال تأجيل أو تقليص الحملات الدعائية لموسم العطلات، فإنهم يحدّون فرص التسبب في الضغوط الشديدة الناجمة عن كثرة الصفقات.

بالنسبة لمجال تجاري يعتمد على الأخبار لجذب المزيد من الزبائن، فإن تقليص التركيز على موسم العطلات قد يبدو محفوفاً بالمخاطر، حيث تحث العطلات المتسوقين على زيارة المتاجر. ولكن، يمكن للبائعين – وينبغي عليهم – اتباع أساليب أخرى لخلق الأخبار وتعزيز زيارات الزبائن، بما في ذلك الترويج للمنتجات والعلامات التجارية الجديدة، وعرض خدمات أو مزايا حصرية، والاحتفاء بالمزيد من العطلات الأخرى. حيث إن الأنواع المختلفة من الأخبار ستساعد تجار التجزئة على تمييز أنفسهم عن المنافسين، وبالتالي، فقد يجتذبون اهتماماً أكبر من مجرد الأنشطة الدعائية المعتادة والمتوقعة بخصوص العطلة.

وفي السياق ذاته، سيكون التركيز الأقل على رفع مبيعات موسم العطلة هاماً للمحللين الذين يعتمدون على مقارنة المبيعات الشهرية للمتاجر في تقييم أداء تجار التجزئة، حيث أنّ القياس على المدى الطويل، بشكل غير آني، مثل قياس نموّ المبيعات ربع السنوية، قد يقدم مؤشرات أكثر دقة. ولكن الابتعاد عن تقارير مقارنة المبيعات الشهرية للمتاجر يظل منطقياً بصرف النظر عن ذلك، نظراً لأن البداية الرسمية للتسويق في موسم العطلة يتم تحديده بواسطة تاريخ عيد الفصح – وهي العطلة التي يتم دائماً الاحتفال بها في يوم الخميس الرابع من شهر نوفمبر – فإن الأسلوب الشهري لقياس مبيعات العطلة يمكن أن ينحرف تماماً عن الدقة إذا أتى الخميس الرابع من الشهر مبكراً أو متأخراً في الشهر. كما تقدم مبيعات المتاجر رؤية محدودة للأداء، نظراً لأنها لا تأخذ في الاعتبار فترات إغلاق المتاجر، كما أن الأسلوب الذي يتم من خلاله حساب مبيعات التجارة الإلكترونية في تلك الفترات يختلف ما بين التجار.

ولكن في الوقت الحالي، تساعد التقنيات والتحليلات في توقع المنتجات التي يطلبها الزبائن ومتى يرغبون فيها، وبالتالي ينبغي على التجار استخدام هذه الإمكانيات والتخلي عن الأساليب التقليدية المرتبطة بالمواسم. لأنها أصبحت قديمة ومحدودة تماماً مثل أساليب البيع الأُحادية (من خلال قناة بيع واحدة فقط كالمتاجر). ومن خلال تعديل أساليب التسويق، والشراء، وإدارة المخزون، يمكن لتجار التجزئة تحرير أنفسهم من المهمة الشاقة المتمثلة في تلبية الطلب غير المتوقع خلال فترة قصيرة ومحدودة. وسيتمكنون، في المقابل، من تزويد الزبائن بتجربة شراء أكثر تركيزاً واهتماماً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .