النمو يجب أن يكون نتاجاً لجهود الشركة بأكملها

5 دقائق
النمو وجهود الشركة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تسعى كل المؤسسات سواء كانت ربحية أو غير ربحية، دائماً إلى تحقيق النمو. في الواقع، قال 94% من كبار المدراء التنفيذيين الذين استجابوا لاستطلاع رأي عالمي حديث أجرته شركتنا “استراتيجي آند” (&Strategy)، إن أولويتهم كانت النمو. وذكر 30% أن النمو كان أكثر أهمية من أي شيء آخر، فماذا عن النمو وجهود الشركة؟

تحقيق أهداف الشركات

إن هدف النمو المطرد لا يزال بعيد المنال. على سبيل المثال، قال أكثر من 60% من المشاركين في الاستطلاع التنفيذي، إنهم غير واثقين تماماً من أن شركتهم ستحقق أهدافها بالنمو، وأشار 70% إلى أنه من الصعب الآن تحقيق نمو مربح أكثر مما كان عليه في الماضي، وقال 66% إن معرفة طريقة النمو التي يجب اتباعها أصعب مما كانت عليه قبل عقد مضى.

ومع ذلك، تنجح بعض الشركات في النمو عاماً بعد عام. إنهم يفعلون ذلك عن طريق بناء محركات قوية للنمو. كما هو موضح في الاستراتيجية الفعالة، تُعرف شركات “أمازون” و”آبل” و”داناهير” (Danaher) و”هاير” (Haier) و”إيكيا” (IKEA) و”ناتورا” (Natura) و”ستاربكس” (Starbucks) بأن لها قيمة عالية ذات صدى مع العملاء. ويتم دعم قيمتها من خلال نظام من القدرات المميزة، التي تتماشى مع المجموعة الكاملة لما تقدمه الشركة.

باختصار، النمو هو نتاج لجهد الشركة بأكملها، وليس نتاجاً لمنتج أو خدمة معينة. إذا كنت تبني محركاً قوياً للنمو على أساس متين، بدلاً من البحث عن فرص فردية، فثق بأن التوسع المستدام سيتبع ذلك.

انظر مثلاً إلى شركة الملابس الرياضية “أندر آرمور” (Under Armour). أهدافها طموحة للغاية، وريادتها ليست فقط في تطوير أقمشة جديدة للملابس الرياضية، بل في تطوير أدوات إلكترونية يمكن ارتداؤها كذلك. تولي الشركة الكثير من الاهتمام لمحرك النمو لديها في كل ما تفعله، أي قدرتها على إدارة الابتكار وإطلاق منتجات ذات قيمة ثابتة، كما هو الحال في أي ملابس أو جهاز معين تبيعه. تحافظ الشركة على توسّعها (جزئياً من خلال الاستحواذ على شركات تطبيقات اللياقة التكميلية مثل “ماي فيتنس بال” (MyFitnessPal) و”إندوموندو” (Endomondo)، لكنها لا تتخطى قدراتها لتحقيق طموحاتها.

تقوم الشركات الأخرى المعروفة بقدراتها بالتركيز على بناء محركات النمو. تتمتع شركة “ستاربكس”، على سبيل المثال، بحضور قوي لأن الرئيس التنفيذي هوارد شولتز تعمّد وضع خطة نمو تستند إلى قدرات الشركة. حيث تتمتع بتجارب مميزة للعملاء، ومهارة في ابتكار منتجات للأطعمة والمشروبات، وقدرة على توظيف وإدارة الآلاف من موظفي التجزئة الذين يتمتعون بولاء عالٍ واستقرار وظيفي. مع وجود كل عوامل النمو تلك في مكانها الصحيح، يمكن أن تتحرك “ستاربكس” بكل تأكيد نحو التوسع.

نعلم أن هذا النهج يُعدّ صدمة لبعض الحِكَم التقليدية بخصوص النمو في ظل الأوقات العصيبة. ينصح العديد من خبراء الأعمال الشركات بالبحث عن طرق للنمو السريع، بغض النظر عما إذا كانت لديهم القدرة على المنافسة بفعالية. وتحاول الكثير من الشركات التوسع كلما أتيحت فرصة للحصول على الإيرادات السريعة، عن طريق تنويع المنتجات الجديدة، أو الدخول إلى أسواق جديدة، أو التوسع من خلال عمليات الاندماج والاستحواذ، أو الاستثمار في النمو العضوي (ما يعني غالباً سرقة السوق من خلال إطلاق منتجات أو خدمات مشابهة لتلك الموجودة في شركات المنافسين).

يركز النهج التقليدي على أسئلة تتعلق ببيئتك الخارجية:

  • أين يجب أن ننمو؟

  • أين هي الأسواق ذات الفرص المتاحة؟

  • ماذا يقدّمون لنا؟

هذه أسئلة واضحة بالتأكيد وأهميتها جلية. إنها تقودك إلى إيرادات جديدة – في البداية – لكن النتائج النهائية غالباً ما تكون عكسية. يمكن أن يؤدي السعي لتحقيق النمو بهذه الطريقة إلى ممارسة ضغوط هائلة على مؤسستك للتوسع في أسواق جديدة قد تبدو مربحة – لكن شركتك لا تمتلك أي قدرات للنجاح فيها. من المحتمل أن تكتشف مع الوقت، أنك تفتقر إلى القدرات التي تحتاج إليها، ويجب عليك تطويرها من الصفر. وهذا صعب ومكلف، خاصة إذا كانت تلك القدرات تتطلب تطويرها بسرعة.

تميل مثل تلك المبادرات إلى أن تكون من نوع جهود النمو الذي ينتهي بالفشل؛ إذ يتم إهدار الكثير من المال، والأسوأ من ذلك، تحويل انتباه شركتك عن تنمية جوهر أعمالها الناجحة والحفاظ عليها.

أحد الأمثلة الحديثة على ذلك هو انهيار “صن إديسون” (SunEdison). في عام 2015، كانت واحدة من أكثر شركات الطاقة البديلة المفضلة في وول ستريت. في أبريل/نيسان 2016، تقدمَت بطلب لإعلان إفلاسها. وفقاً لمجلة “فورتشن” (Fortune)، “تنبع حكاية محنة هذه الشركة من الإفراط في الطموح، (محاولة) أن تنمو بشدة، وبسرعة كبيرة، وفي العديد من الاتجاهات”. تتوافق قدراتها بالطبع كشركة منتجة لأشباه الموصلات مع مجال الخلايا الكهروضوئية، لكن ذلك لم يمتد بشكل طبيعي إلى أعمالها الجديدة في مجال طاقة الرياح، والبطاريات، وأعمال البناء والتركيب. على الرغم من أن هذه القطاعات تعتبر أيضاً “طاقة نظيفة”، فقد كانت القدرات المطلوبة متنوعة للغاية بحيث لم تتمكن الشركة من إدارتها.

يرتكز نهج محرك النمو الذي نؤمن به على انتباهك إلى الأسئلة المتعلقة بالنمو المطرد:

  • ما هي ميزتنا الفريدة؟

  • كيف نضيف قيمة بطرق لا يفعلها الآخرون؟

  • ماذا الذي نفعله بشكل أفضل من منافسينا بحيث يسمح لنا بإضافة قيمة؟

  • كيف يمكننا بناء هذا النوع من القدرات التي تدفعنا إلى الأمام، مرة بعد مرة؟

استخدمت شركة صناعة الأجهزة الصينية “هاير” هذا النوع من التفكير للتوسع في جميع أنحاء العالم – وآخر مثال على ذلك هو شراؤها لشركة “جي إي” (GE) للأجهزة المنزلية في الولايات المتحدة. في كل سوق تدخله “هاير” تختلف منتجاتها، على سبيل المثال، تصنع الغسالات لخضروات المزارعين في الصين وتصنعها للأثواب الكثيفة في باكستان – لكنها تطبق نفس الإمكانات: الابتكار الذي يستجيب لاحتياج المستهلك (منتجات الخياطة للأسواق المحلية)، التميز الإداري، المعرفة الممتازة بشبكات التوزيع المحلية، والإنتاج والتسليم عند الطلب. محرك “هاير” للنمو تم تطويره على مدار سنوات؛ إنه القلب النابض لهوية الشركة.

إذا بدأت بمحرك النمو القائم على القدرات، فسيمتد نموك من النواة إلى الخارج بطريقة مدروسة. ستبدأ بتعزيز النمو في السوق، وتنمو بدايةً من النواة. يمكنك تقديم منتجات وخدمات جديدة مكملة لما تقدمه بالفعل لعملائك الحاليين.

ثانياً، يمكنك المضي قدماً نحو التوسع في السوق المجاور. وهو ما يسمى بالتوسع عبر الأسواق المجاورة. حيث تقوم بتوسيع نطاقك الجغرافي أو تنويع منتجاتك، فقط عندما يكون نظام القدرات الخاص بك ملائماً لذلك التوسع.

ثالثاً، يمكنك تطوير إمكانات جديدة مكملة لمحرك النمو الخاص بك، وذلك بفتح طرق جديدة في أثناء تطويرك لهويتك الأساسية.

وأخيراً، في حالات نادرة، قد تقدم منتجاً أو خدمة مزعزِعة حقاً – أي منتج يعيد تعريف مجال صناعتك، كما أعادت الهندسة الوراثية للنباتات تعريف صناعة الكيماويات الزراعية ومثلما أعادت تطبيقات البث الموسيقي تعريف الموسيقى المسجلة. بعد تلك الابتكارات، تغير هيكل الصناعة بالكامل، بما في ذلك نماذج الأعمال التجارية للشركات مثل “مونسانتو” (Monsanto) و”نتفليكس” (Netflix) التي روجت لتلك الابتكارات.

تعزز أشكال النمو الأربعة بعضها البعض: على سبيل المثال، يؤدي التمديد الكامل للنمو داخل السوق في كثير من الأحيان إلى ابتكار نماذج أعمال جديدة، ما يساعدك على تحديد فرص التوسع القريبة من السوق واغتنامها، مقوياً بذلك قدراتك، وهو ما يجعلك بالتالي أكثر براعة في النمو في السوق، وهكذا. محرك النمو متأصل في الشركة، وليس الأمر كذلك بالنسبة لأي من المنتجات أو الخدمات التي تقدمها الشركة.

“هاير”، على سبيل المثال، تُجري باستمرار ثلاثة على الأقل من هذه الأشكال الأربعة للنمو. تقدم بانتظام منتجات جديدة إلى سوقها الأصلي الصيني؛ لديها حالياً خدمة لتصميم الشقق للأشخاص الذين ينتقلون إلى المناطق الحضرية، وتوفر أنظمة تنقية المياه المصممة لتناسب 22 ألف حي مختلف في الصين، لكل من تلك الأحياء صورة مختلفة من التلوث. من الأمثلة الأخرى للشركات التي تقوم بتوسيع القدرات: شركتا “ناتورا” و”إيكيا” اللتان تعلمتا تصنيع المنتجات بمستويات عالية جداً من الاستدامة البيئية.

وفي نهاية الحديث عن النمو وجهود الشركة، لسوء الحظ، فإن معظم الشركات لا تركز بما فيه الكفاية على الميزة التي تأتي من وجود محرك للنمو. وهنا أيضاً، يدركون جزءاً من المشكلة: 61% من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنهم لا يفعلون ما يكفي الآن لتحقيق أهداف نمو شركاتهم. مطاردة النمو لن تساعدهم (أو تساعدك)؛ البديل الوحيد القابل للتطبيق هو بناء نوع الشركة التي تمكّنك من النمو بشكل يمكن توقعه.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .