كيف طبّقت شركة “تويتر” نهج “المهمات الواجب إنجازها” على استراتيجية الشركة؟

6 دقائق
المهمات الواجب إنجازها
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: منذ أن عاد جاك دورسي إلى رئاسة شركة “تويتر” عام 2015، انتعش أداؤها بصورة غير مسبوقة. وقد تحقق هذا الانتعاش نتيجة عدة أسباب، كان على رأسها استخدام دورسي لنهج “المهمات الواجب إنجازها” لإعادة النظر في استراتيجية “تويتر”، وهو نهج لتعريف الشركة من منظور الجوانب التي تمثل أهمية حقيقية لعملائها. وتناقش هذه المقالة الخطوات التي اتخذتها شركة “تويتر” والتي يمكن للشركات الأخرى اتخاذها.

في بداية مكالمة مؤتمر عبر الفيديو مع محللي الأوراق المالية في يوليو/تموز لمناقشة أرباح الربع الثاني بشركة “تويتر”، طرح الرئيس التنفيذي، جاك دورسي، استراتيجية شركته: “نعتزم بناء بيئة عمل تشتمل على الميزات والخدمات المترابطة التي تركز على أداء 3 مهمات أساسية: الأخبار؛ أي متابعة كل ما يجري على الساحة، والمناقشات؛ أي خوض المحادثات، ومساعدة الموظفين على الحصول على رواتبهم”.

تشير اللغة التي استخدمها دورسي، أي “3 مهمات أساسية”، إلى مفهوم يسمى “المهمات الواجب إنجازها”، وهو نهج لتعريف الشركة من منظور الجوانب التي تمثل أهمية حقيقية لعملائها.

تعد هذه الركيزة الاستراتيجية مطلباً ضرورياً لشركة مثل “تويتر” التي تنافس مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة، بدايةً من “فيسبوك” و”تيك توك”، وصولاً إلى صحيفتي “وول ستريت جورنال” و“نيويورك تايمز”. وكانت نتائج “تويتر” مذهلة. فقد نما عدد المستخدمين النشطين يومياً إلى أكثر من 200 مليون مستخدم، مسجلاً ارتفاعاً ملحوظاً من 126 مليوناً في نهاية عام 2018. كما أن إيرادات الشركة في سبيلها لتجاوز حاجز 4 مليارات دولار سنوياً في عام 2021، بعد أن كانت 3 مليارات دولار، أو أكثر قليلاً، عام 2018. واعتباراً من 20 سبتمبر/أيلول، ارتفعت قيمة أسهم “تويتر” على مدار السنوات الخمس الماضية بنسبة 170%، مقارنة بنسبة 185% في شركة “فيسبوك”.

لم يكن الأمر كذلك دائماً بالنسبة لشركة “تويتر”. فقد اتضح أن المهمات الواجب إنجازها كانت تشكّل أداة رئيسية في هذا التحول الباهر بشركة “تويتر” الذي بدأ بشكل جدي بعد أن عاد جاك دورسي إلى منصب الرئيس التنفيذي في أكتوبر/تشرين الأول 2015. في ذلك الحين، كانت الشركة لا تزال تتطور وكان مجال تركيزها غير واضح المعالم. كان عدد مستخدمي “فيسبوك” ينمو بأعداد وسرعة مذهلتين، وكانت “سناب شات” آنذاك شبكة اجتماعية جديدة لمع نجمها وتوقّع الجميع أن تخطف الأضواء. وفي عام 2015، سجلت “تويتر” خسائر بقيمة 521 مليون دولار وإيرادات بقيمة 2.2 مليار دولار، وتم تداول أسهمها بأقل من سعر الاكتتاب العام البالغ 26 دولاراً للسهم الواحد. وقد وصف دورسي الوضع لاحقاً في قمة الرؤساء التنفيذيين “إنوسايت” (Innosight) المنعقدة في أغسطس/آب 2019، قائلاً: “لقد غالينا في التفاعل مع كل ما كان يفعله منافسونا. لم يكن لدينا تعريف واضح لهدفنا، وهذا يكبّدنا خسائر فادحة”. (إفصاح: لم تكن “تويتر” عميلة لدى شركتنا، “إنوسايت”، وكان دورسي متحدثاً غير مدفوع الأجر في قمة الرؤساء التنفيذيين لعام 2019).

كان دورسي وفريقه يحاولان الإجابة عن أحد أكثر الأسئلة عمقاً التي يجب على كل قائد الإجابة عنها: ما مجال عملنا الأساسي؟

تؤثر الطريقة التي تعرّف بها المؤسسة مجال عملها على كل ما تفعله تقريباً: مَنْ العملاء الذين تخدمهم، وكيف تخدمهم، وما الشركات المنافسة، وما القوى الخارجية التي تعتبرها ذات صلة، وكيف تفسر المؤسسة هذه القوى، وما الاستراتيجيات التي تفكر فيها وتتبعها، وكيف تجري فيها عمليات الابتكار؟

وعلى الرغم من ذلك، فكثيراً ما يتم الإجابة عن هذا السؤال بطرق تغالي في التكلف وقصر النظر وتحجب ما يحدث بالفعل في العالم من حولهم. والأسوأ من ذلك، أن الإطار المرجعي الخاطئ قد يؤدي إلى إغفال المخاطر المحدقة وتضييع الفرص الناشئة. يحدث هذا غالباً عندما تعرّف المؤسسة نفسها من خلال المنتجات التي تبيعها (كقولها: “نحن نعمل في مجال التأمين” أو “نحن نعمل في مجال صناعة السيارات”) أو من خلال بعض الخصائص الأخرى التي ترتبط بأوضاعها الداخلية، مثل نموذج عملها (كقولها: “نحن نعمل في سوق إلكترونية” أو” نحن نعمل في مجال التأجير”) أو من خلال قدراتها (كقولها: “نحن شركة تطوير برمجيات”).

ونحتاج إلى طريقة لتعريف مجال العمل من المنظور الذي يشكّل جوهر نجاح أي شركة؛ أي قدرتها على خلق قيمة مضافة للعملاء. ويوفر نهج “المهمات الواجب إنجازها” مثل هذا الحل.

وقد تكون المهمة مشكلة يجب حلها (مثل: “إصلاح سيارتي” أو “علاج التهاب الحلق”) أو هدفاً (مثل: “تنظيم ماراثون” أو “الالتحاق بالجامعة”). وعندما تتحدد المهمات، يشعر الأفراد بالحافز للبحث عن المنتجات أو الخدمات أو الخبرات التي “يستعينون” بها لأداء هذه المهمات، تماماً مثلما يستعينون بشخص ما لأداء مهمة معينة، مثل إصلاح ماسورة تُسرّب المياه أو مجالسة الأطفال.

يمكن أيضاً استخدام هذه الفكرة لتحديد الاتجاه الاستراتيجي، ولها قيمة خاصة كطريقة لصياغة هوية المؤسسة.

كيف طبّقت “تويتر” هذا النهج؟

أتاح نهج “المهمات الواجب إنجازها” لدورسي أداة للوضوح الاستراتيجي في وقت حرج. وهو ما تجلى في قوله: “لقد أوضحت لي شيئاً كان غائباً عن ذهني، وهو كيفية التخطيط والبناء على إطار عمل يركّز على العملاء، بحيث يوجّه تركيز المؤسسة إلى سبب قدوم عملائنا إلينا في المقام الأول”. وعند عودته إلى “تويتر” عام 2015، طرح دورسي مبادرة لتحديد المهمات التي دفعت المستخدمين إلى الاستعانة بشبكة “تويتر” لأدائها، والأهم من ذلك، المهمات التي ستركّز عليها الشركة من الآن فصاعداً. واشتمل ذلك على 3 خطوات:

1. فهم كافة المهمات التي تمت “الاستعانة” بشبكة “تويتر” من أجل أدائها.

حصلت الشركة على هذه المعلومات من خلال استقاء الرؤى والأفكار من المقابلات الشخصية مع العملاء ومن الملاحظات حول كيفية تفاعل المستخدمين مع “تويتر” ومن البيانات التي تم جمعها من خلال استخدام المواقع الإلكترونية.

أدى ذلك إلى إنشاء قائمة طويلة من المهمات المحددة بدقة التي يمكن تجميعها وتصنيفها إلى مهمات أرفع مستوى من أجل دراستها وترتيب الأولويات الاستراتيجية. فعلى سبيل المثال: يمكن تجميع مهمات، مثل “الحصول على التحديثات في الوقت الحقيقي حول حدث رياضي مباشر” أو “معرفة المزيد عن اهتمامات أو هوايات قديمة” أو “تنبيهك إلى آخر الأخبار العاجلة” في المستوى الأعلى لمهمة “أبلغني”.

2. إعطاء الأولوية للمهمات التي أرادت “تويتر” التركيز عليها.

تم ذلك من خلال ورش العمل التي حرص فيها قادة الشركة على تقييم قائمة المهمات من خلال معايير، مثل مدى مشاركتها من قبل العملاء والقيمة المتوقعة لحلها والجوانب التي تمتلك فيها “تويتر” حلولاً مقنعة ومتميزة. وكانت النتيجة التوافق حول ثلاث مهمات ذات أولوية لعملاء “تويتر”: “أبلغني” و”إجراء محادثة” و”إبلاغ الآخرين”. وتم اتخاذ إجراءات مماثلة لتحديد المهمات ذات الأولوية لأصحاب المصلحة الآخرين على “تويتر”، مثل المعلنين ومنظومة مطوّري البرمجيات.

3. التعريف بالنتائج واستخدامها لتوزيع الموارد بالشكل السليم.

تم في النهاية الإبلاغ عن المهمات ذات الأولوية في مختلف أقسام الشركة. كما أنهم وفروا آلية قوية للتركيز على كيفية توزيع الموارد. على سبيل المثال: بمجرد تحديد المهمات الاستراتيجية، عملت كافة مجموعات وفرق المنتجات على مراجعة خريطة طريق المنتجات الحالية وتقييم كيفية ارتباطها بإحدى المهمات ذات الأولوية في كل مشروع. وإذا تعذر ربطها بإحدى هذه المهمات، فإنه يتم إخراج المنتج من خريطة الطريق. وقد ساعد إطار العمل أيضاً على إحداث نقلة نوعية في الشركة من وصف استراتيجيتها انطلاقاً من الميزات إلى تطوير خطط طويلة الأجل تهدف إلى التوصّل إلى المهمات ذات الأولوية الواجب إنجازها.

تجدر الإشارة إلى أنه تم أيضاً تطبيق إطار العمل في شركة “سكوير” (Square) التي عمل بها دورسي، لمساعدة شركة الخدمات المالية والمدفوعات عبر الهاتف المحمول على إعادة تعريف مجال عملها ومعرفة سبل البحث عن النمو. وكان النهج الأولي الذي اتبعته شبيهاً بنهج شركة “تويتر”، فقد استخلصت الشركة عدداً من الرؤى والأفكار حول المهمات الواجب إنجازها من المقابلات الشخصية مع العملاء ومن ملاحظاتهم حول كيفية استخدام أصحاب الشركات لحلول “سكوير”. فعلى سبيل المثال: أدرك مدراء “سكوير” أن تقنيتها، التي مكّنت الشركات الصغيرة من معالجة بطاقات الائتمان، كانت وسيلة للتوصّل إلى المهمة الأوسع المتمثلة في “تنمية نشاطي التجاري”.

أدى هذا الاكتشاف إلى فتح عيون الفريق على فرص أخرى. فعلى سبيل المثال: يتطلب النمو الحصول على رأس المال، ويواجه الكثير من الشركات الصغيرة صعوبة في الحصول على قروض مصرفية. واستجابت شركة “سكوير” لهذه المشكلة بطرح أداة “سكوير كابيتال” (التي تسمى الآن “سكوير لونز”) التي تُعزِّز فهمها العميق للصحة المالية لعملائها (المستمدة من سجل معاملاتهم) لتزويدهم بإمكانية الوصول المباشر إلى رأس المال.

قيمة منظور المهمات

غالباً ما يؤدي تعريف المؤسسة من منظور مهمات العملاء التي أنشئت المؤسسة لحلها إلى التعرّف على رؤى وأفكار جديدة وقيّمة حول البيئة التنافسية والمخاطر والفرص المتاحة، مع توسيع إمكانيات النمو والابتكار. ولتوضيح هذه المسألة، انظر مثلاً الآثار المتناقضة لتعريف شركة سيارات مجال عملها من منظور المُنتَج (كقولها: “نحن نعمل في مجال السيارات”) مقارنة بمنظور المهمات (كقولها: “نحن نعمل في مجال النقل الشخصي”).

تؤدي رؤية السوق من خلال عدسة “المهمات الواجب إنجازها” إلى رسم صورة أوسع بكثير للمشهد التنافسي.

"نحن نعمل في مجال السيارات""نحن نعمل في مجال النقل الشخصي"
العدسة الأساسيةالمنتجاتالمهمات الواجب إنجازها
المنافسةمن خلال صناعة سيارات عالية الأداء بمزيد من الميزاتمن خلال تسهيل مهمات المستهلكين الواجب إنجازها بطرق جديدة وغير متوقعة، عبر الابتكار في الأعمال الأساسية (مثل الكهرباء وتجارب الشراء الجديدة) أو في خطوط الأعمال الجديدة (مثل خدمات أساطيل النقل الثقيل والخفيف)
كيف نتنافس؟من خلال صناعة سيارات عالية الأداء بمزيد من الميزاتمن خلال تسهيل مهمات المستهلكين الواجب إنجازها بطرق جديدة وغير متوقعة، عبر الابتكار في الأعمال الأساسية (مثل الكهرباء وتجارب الشراء الجديدة) أو في خطوط الأعمال الجديدة (مثل خدمات أساطيل النقل الثقيل والخفيف)
حجم السوقيُقاس بإجمالي مبيعات المركبات (السيارات والشاحنات وسيارات الدفع الرباعي)يُقاس بمبيعات المركبات بالإضافة إلى الأسواق الأخرى المرتبطة بالنقل (مثل النقل حسب الطلب والدراجات الكهربائية وأجهزة الترفيه داخل السيارة) أو أي تقاطع للمهمات الواجب إنجازها والظروف التي يحتاج فيها الأشخاص أو الأشياء إلى الانتقال من النقطة "أ" إلى النقطة "ب"
رافعات الابتكارتطوير التكنولوجيا لابتكار سيارات أفضل أداءً وأكثر رفاهيةابتكار المنتجات، بالإضافة إلى ابتكار نموذج العمل، مثل المنتجات والخدمات الجديدة وتجارب المستخدم الجديدة والنماذج المالية الجديدة
الاتجاهات المثيرة للقلقزيادة الإقبال على سيارات الدفع الرباعي، والتقدم في أنظمة الدفع الكهربائي، وظهور ميزات مساعد السائق الآلي، وتكنولوجيا السيارات الذاتية القيادة، وتركيز المستهلك على تكنولوجيا التواصل، وقنوات التوزيع الجديدةكل الاتجاهات المرتبطة بالمُنتَج، بالإضافة إلى زيادة الطلب على خدمات النقل الشخصي (مثل الدراجات البخارية)، وزيادة الإقبال على استخدام مؤتمرات الفيديو أو العمل عن بُعد، والتقدم في تكنولوجيا التوصيل بالطائرات المسيّرة (الدرونز)، وأنشطة المنافسين غير التقليديين (مثل "جوجل")
المصدر: “إنوسايت”

من الواضح أن هذين المنظورين يؤديان إلى استنتاجات مختلفة للغاية حول ما يحدث في العالم والتطورات التي تستحق الاهتمام والخيارات الاستراتيجية.

وبالإضافة إلى الوضوح الذي يتيحه نهج “المهمات الواجب إنجازها”، فقد لاحظنا أن هناك 3 فوائد أساسية لهذا النهج:

توسيع خيارات الاستراتيجيات والابتكار.

يوفر نهج “المهمات الواجب إنجازها” عدسة تتمحور حول العميل نفسه لتطوير استراتيجية الشركة، ويوضّح الجهات المنافسة الحقيقية، ويتيح سبلاً جديدة للنمو والابتكار.

الاستثمار في أكثر الأمور أهمية.

عندما يفهم كل فرد في المؤسسة المهمات التي أُنشئت المؤسسة لحلها ويُخلص لها بكل كيانه، يتم تمكين الموظفين على كافة المستويات لاتخاذ قرارات أفضل حيال مهماتهم اليومية.

مواءمة المؤسسة وإلهامها.

يسهم توضيح المهمات ذات الأولوية التي أُنشئت شركتك من أجل حلها في مساعدة كافة الموظفين على فهم كيفية خلق المؤسسة لقيمة مضافة في العالم وتحقيقها لهدفها. كما أنها تلعب دوراً مهماً في تحقيق المواءمة من خلال التعريف بركيزتها الاستراتيجية وضمان أن هذه لغة ومنهجية مشتركة للابتكار وتطوير المنتجات وتطوير رؤى العملاء.

ويجب على كل المؤسسات التفكير في مهمات العملاء التي استطاعوا حلها حتى اللحظة وتحديد مدى احتياج هذا التركيز إلى التغيير في المستقبل. وهكذا يمكنها رسم مسار واضح للمستقبل من الآن فصاعداً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .