متى يفضل المستهلكون المنتجات الممولة جماعياً؟

4 دقائق
المنتجات الممولة جماعياً
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تشير البحوث إلى أن الشركات الممولة من خلال التمويل الجماعي غالباً ما تبدو في نظر المستهلكين ذات جودة أعلى وأقل نخبوية من الشركات الممولة من خلال رأس المال المغامر (الجريء) أو الأشكال التقليدية الأخرى لتمويل الشركات الناشئة. قد يفسر هذا سبب تسويق شركة “أمازون” لخط من المنتجات الممولة جماعياً من خلال منصة “كيك ستارتر” (Kickstarter).  إلا أن هذا التأثير لا ينطبق على جميع المنتجات؛ فعندما يتعلق الأمر بالسلامة، يصبح حكم المستهلكين العاديين أقل قيمة من خبرة المستثمرين المحترفين.

منصات التمويل الجماعي

تُعد منصات التمويل الجماعي بمثابة هدية للشركات الناشئة الريادية؛ فهي لا توفر التمويل فحسب، بل تبني أيضاً روابط بالعملاء المحتملين. فمنصة “كيك ستارتر” (Kickstarter) وحدها نجحت في تمويل أكثر من 200 ألف مشروع.

ولكن يبدو أن التمويل الجماعي يتعلق بما هو أكبر من الحصول على الأموال واكتساب بعض العملاء؛ إذ يبدو أن الشركات الناشئة التي تم تمويلها جماعياً تحصل على دعم إضافي.  ربما يكون هذا هو السبب في أن “أمازون” فتحت فئة منتجات على منصة “كيك ستارتر”، حيث جمعت جميع المنتجات ذات الصلة وسوقتها بشكل صريح على أنها ممولة جماعياً، مستخدمة عبارة: (“صُنع عبر ‘كيك ستارتر’ تسوق مجموعة كبيرة من مشاريع ‘كيك ستارتر’ التي يدعمها مجتمع شغوف“).

قد يبدو هذا غير منطقي للوهلة الأولى. فغالباً ما يتم تصوير التمويل الجماعي على أنه الملاذ الأخير للشركات الناشئة لتتمكن من إقناع المستثمرين “الحقيقيين” بتمويل مشاريعها. لنأخذ على سبيل المثال “بيبل سمارت ووتش” (Pebble Smartwatch) الذي يُعد من أكثر مشاريع التمويل الجماعي شهرة ونجاحاً. وصف مؤسسه، إريك ميجيكوفسكي، حملة تمويله الجماعي بأنها محاولة “لتجربة حظهم” بعد فشلهم في تأمين تمويل خارجي عبر الوسائل التقليدية.

لكي تقدم منصات التمويل الجماعي قيمة أكبر للشركات الناشئة مقارنة بشركات رأس المال المغامر (الجريء)، فإنها يجب أن تساهم في جعل المستهلكين المحتملين الذين لا يشاركون في التمويل يلقون نظرة “فاحصة” على المنتجات المعروضة. فهل سيفعلون ذلك؟ يشير بحثنا إلى أن التمويل الجماعي له بالفعل هذا التأثير على المستهلكين.

في تجربة أجريت على 1,512 مستهلكاً، تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على مجموعتين تم تقديم دفتر ملاحظات رقمي لهما يحتوي على معلومات متطابقة عن المنتج وتقييمات المستهلكين. كان الاختلاف الوحيد هو الإشارة إلى التمويل الجماعي (إذ تم وضع مربع نصي أعلى المنتج المقدم إلى إحدى المجموعتين يشير إلى أنه نتاج حملة تمويل جماعي).  طلبنا من المشاركين إبداء مدى استعدادهم للدفع في إطار مزاد متوافق مع الحوافز. وكانت النتائج مبهرة؛ فقد كان المشاركون على استعداد لدفع مبلغ أكبر بحوالي 21% مقابل الحصول على المنتج نفسه عندما تم وصفه بأنه ممول جماعياً، مقارنة بعدم وجود معلومات على المنتج تشير إلى مصدر التمويل.

وفي تجربتي متابعة، قارنا التمويل الجماعي بمصادر تمويل بديلة مثل رأس المال المغامر (الجريء) والقرض المصرفي والتمويل الذاتي. كانت النتائج مماثلة؛ فقد فضّل المستهلكون المنتج نفسه بقدر أكبر بكثير عندما ذُكر أنه “ممول جماعياً”.

دعم التمويل الجماعي

ولكن ما الذي يدفعهم إلى تفضيل هذه المنتجات بشدة؟ تشير تجارب المتابعة إلى أن التمويل الجماعي يدفع المستهلكين إلى استنتاجين. أولاً، يتصورون أن منتجات التمويل الجماعي ذات جودة أعلى لأن المعلومات المتعلقة باستثمارات المستهلكين الآخرين في مشروع ممول جماعياً تكون بمثابة برهان اجتماعي. بعبارة أخرى، يعتقد المستهلكون أنه إذا استثمر الكثير من الناس في منتج ما “فلا بد أنه جيد”. ففي تجربة أجريت على 200 مستهلك، صنف المستهلكون جودة الكاميرا نفسها على أنها أعلى بنسبة 13% عندما ذُكر أنها ممولة جماعياً مقارنة بوصفها بأنها ممولة عن طريق رأس المال المغامر (الجريء).

يتعلق الاستنتاج الثاني بعدم المساواة. إذ يعتقد المستهلكون أن دعم التمويل الجماعي يقلل من عدم المساواة في السوق، ويرون أن شراء المنتجات الممولة جماعياً يُعد وسيلة لمعالجة هذه المشكلة. في دراسة الكاميرا التي ذكرناها أعلاه، اعتقد المشاركون بنسبة أكبر من 68% أن شراء المنتج سيقلل من عدم المساواة عندما تم وصفه بأنه ممول جماعياً على عكس ما حدث عندما علموا أنه ممول عن طريق رأس المال المغامر (الجريء). قد يفسر هذا الدافع إلى تقليل عدم المساواة في السوق سبب اتحاد المستثمرين المبتدئين ضد محترفي وول ستريت لدعم شركة “غيم ستوب” (GameStop)، على الرغم من المخاطر الاقتصادية الكبيرة.

تشير استنتاجاتنا إلى أن هناك فرصة تسويق غير مستغلة حتى الآن. إذ يمكن للشركات الناشئة التي تعتمد على التمويل الجماعي أن تؤثر بشكل ملموس على أرباحها الإجمالية عن طريق تسويق منتجاتها على أنها ممولة جماعياً ببساطة. على سبيل المثال، يمكنها وضع عبارة وصفية في حزم منتجاتها ومواقع الويب والمواد الدعائية تعبر عن جانب التمويل الجماعي بشكل واضح وبارز. وبالمثل، يمكن لتجار التجزئة الذين يبيعون منتجات ممولة جماعياً الاستفادة من تأثير التمويل الجماعي لتحسين المبيعات.

يمكن أن يسترشد رواد الأعمال بهذه النتائج أيضاً في عملية صنع القرار عندما يتعلق الأمر بتمويل مشاريعهم. ففي حين أنه قد يكون لدى رواد الأعمال ما يدعوهم إلى البحث عن مصادر بديلة (على سبيل المثال، الحصول على توجيه من الشبكات الاجتماعية للممولين أو الاستفادة منها)، إلا أن التمويل الجماعي يتمتع بميزة على البدائل بفضل قيمته بوصفه مؤشراً على أكثر من شيء. لذلك، إذا كانت إسهامات مصدر التمويل البديل مقتصرة على الإسهام المالي فقط، فينبغي لرواد الأعمال النظر في اختيار التمويل الجماعي لتمويل مشاريعهم.

تنبيه: لا ينبغي أن يكون المنتج الأساسي محفوفاً بمخاطر عالية. تُظهر دراساتنا أن تفضيل المنتجات الممولة جماعياً يزول تماماً عندما يربط المستهلكون قرار الشراء بالمخاطر العالية للمنتج. فبالنسبة إلى المنتجات عالية المخاطر مثل المعدات الطبية أو معدات السلامة، حيث غالباً ما يكون دور الخبرة بالغ الأهمية، لم يعد المستهلكون ينظرون إلى التمويل الجماعي بوصفه مؤشراً على الجودة العالية بل على الجودة المنخفضة لأن ما يتصورونه هو أن هناك حشداً من المستثمرين الهواة الذين يفتقرون إلى القدرات اللازمة لتقييم جودة المنتج بشكل مناسب. وبالتالي، بالنسبة إلى هذه الفئات من المنتجات، سيكون من الأفضل التقليل من أهمية دور التمويل الجماعي.

بغض النظر عن هذا التنبيه، تؤكد النتائج التي توصلنا إليها على التأثير الإيجابي للتمويل الجماعي على العديد من فئات المنتجات. ولكن ينبغي لرواد الأعمال وتجار التجزئة الانتباه.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .