أسئلة القراء: كيف أتصرف مع مسؤول تنفيذي يتمتع بمؤهلات مهمة ولكن أسلوبه في مخاطبة موظفيه فظّ؟

5 دقائق
المسؤولون التنفيذيون الفظون
shutterstock.com/optimarc
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

سؤال من قارئ: أقود شركة ناشئة في أميركا الجنوبية، ونعمل على تطوير أراض بمساحات تصل إلى عشرات الكيلومترات من أجل زراعة أنواع خاصة من الفاكهة، ونتوقع أن نصبح من أكبر الشركات المصدرة لهذه الفاكهة في العالم. لكنني أعاني من مشكلة التعامل مع مسؤول تنفيذي فظّ. إذ عينت شخصاً من دولة لاتينية أخرى في منصب الرئيس التنفيذي للعمليات، وهو يتمتع بخبرة كبيرة وذكاء شديد، وكان من أفضل طلاب دفعته في أفضل جامعات الأعمال التجارية الزراعية في أميركا اللاتينية. والمشكلة هي أن هذا الشخص يتحدث بطريقة تُشعر الآخرين بالإهانة، ويستخدم لغة تهيج المشاعر ويوجه كلاماً قاسياً جداً لمرؤوسيه.

سؤالي هو: ماذا يجب عليّ أن أفعل؟ كيف أتصرف مع هذا المسؤول التنفيذي الفظ؟ علماً أني سأبدأ برنامج تدريب له.

يجيب عن هذا السؤال كل من:

دان ماغين: مقدم برنامج “ديير آتش بي آر” من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج “ديير آتش بي آر” من هارفارد بزنس ريفيو.

ديف بولتر (DAVE BALTER): مؤسس شركة ناشئة ومستثمر. ألّف كتاباً جديداً بعنوان “ضرورة التواضع: القيادة الفاعلة في عصر يسوده الغرور” (The Humility Imperative: Effective Leadership in an Era of Arrogance).

ديف بولتر: أولاً، يجب أن يتأكد صاحب السؤال من أن صاحب الموهبة الذي يسعى للعمل معه عن قرب ويسعى إلى الاستفادة منه للنمو في مؤسسته جدير بالاستثمار فيه. لذا، يجب البدء خطوة خطوة. قال صاحب السؤال أن هذا الشخص يمتلك كفاءة حقيقية، لكنه لم يذكر شيئاً عن نجاح هذا الشخص في الشركة. من المهم محاولة تلطيف أسلوبه الحاد ليصبح مقبولاً أكثر. لكن عموماً، لا أحب هذا الوضع، فهو يبدو لي مشكلة عدم توافق ثقافي. ومن الضروري قبل أن يعد برنامجاً لإصلاح المشكلة أن يجري بعض المحادثات مع هذا الشخص، ويخبره عن نيته لإعداد برنامج التدريب هذا، ومعرفة مدى استعداده لمحاولة اكتساب هذه المهارة، فمن الممكن أن يقول الشخص أن هذه طبيعته وإن لم تقبل الشركة به كما هو فسيغادرها. من الأفضل لصاحب السؤال أن يبدأ بالشخص نفسه.

أليسون بيرد: من الناحية الثقافية، يبدو لي أن جميع من يعمل في الشركة الناشئة قادمون من أميركا اللاتينية، لكن من الممكن أن تكون هناك اختلافات بين دول أميركا اللاتينية في طرق التواصل وتقييم الموظفين والقيادة وصنع القرار والاختلاف، إلى جانب الاختلافات الشخصية. ربما لا يقصد هذا الشخص الإساءة للآخرين، لأن طريقة الكلام هذه معتادة في بلده. كما يجب التمعن في طريقة تقبله للملاحظات والآراء. نشرنا مقالة رائعة حول طريقة التعامل مع الزميل الذي يستفز الموظفين، تقول إن علينا إجراء محادثة مباشرة مع هذا الشخص والتركيز على النمو وسرد الوقائع، وتوضيح مواضع أخطائه التي ارتكبها، فتقول مثلاً: “لقد قلت كذا، وكان رد زميلك كذا، ما الذي يمكنك أن تقوله في هذا الشأن؟ ما رأيك بهذا الموقف؟ كيف يمكننا العمل معاً كي نتوصل إلى طريقة لجعل جميع من في المؤسسة سعداء ومتفاهمين. إذاً، المحادثة المباشرة هي الخطوة الأولى، لكننا نعلم أن وتيرة العمل في الشركات الناشئة شديدة السرعة، والجميع مشغولون للغاية، ولا يملكون الوقت لهذا النوع من المهمات الإدارية التقليدية، والمراجعات بطريقة (360 درجة) وبرامج التدريب الرسمية. فكيف يمكن لصاحب هذا السؤال العثور على الوقت من أجل تغيير أسلوب هذا الشخص ليصبح ملائماً لدوره كقائد؟

ديف بولتر: هذه شركة ناشئة فيها عدد قليل من الموظفين، ولن تتغير طبيعتها، وليس لدى صاحب السؤال الوقت للعمل على تغيير هذا الشخص والمؤسسة ككل من الناحية الثقافية إلى أن يحقق ما يريده. فرحلة 6 أشهر طويلة جداً بالنسبة للشركة الناشئة، وإذا كان الزملاء في العمل يبنون علاقة سيئة مع هذا الشخص وهو يفعل المثل أيضاً، فلن يتمكنوا من الاستمرار طويلاً. أنا أؤيد التدريب إذا كان الوقت متاحاً، ولكن بالتفكير في الأمر أكثر، أرى أن صاحب السؤال لا يملك الكثير من الوقت ليجري هذا التغيير، لذا يجب عليه التحرك بسرعة أكبر.

دان ماغين: ذكر ديف مرة أنه عندما يكون حجم الشركة صغيراً، ولا تضم أكثر من 15 أو 20 موظفاً، يكون تأثير كل فرد على الثقافة هائلاً. هل يكون تقبل الشركة للشخص الذي لا يوقع الأثر المرغوب أقلّ نظراً لعدد موظفيها القليلين جداً؟

ديف بولتر: ثمة اختلاف بين التأثير على الثقافة كما ترغب، والعمل بما يخالفها. ليس بالضرورة أن يتمتع جميع الموظفين بروح قيادية مبادِرة، وقد يكون بعضهم سلبياً، ولا بأس بذلك. لكن المشكلة هي عندما يعمل أحد الموظفين بما يخالف الثقافة، ويجب عليك تمييز ذلك بسرعة وربما إبعاد هذا الموظف إذا كان يؤثر سلباً على الثقافة التي تحاول بناءها، لأن الثقافة إذا تضررت فستحتاج إلى وقت طويل لإعادة بنائها.

دان ماغين: هل إبعاد الرئيس التنفيذي للعمليات هو الحل؟

ديف بولتر: بحسب السؤال يبدو أن هذا الشخص يملك جميع المؤهلات من قبل أن يعمل في هذه الشركة، وهذا ما يجعله الشخص المناسب لها. وهنا تكمن الخطورة، إذ تقرأ ملف سيرته الذاتية، وترى أنه تخرج من الكلية المناسبة وحصل على الجوائز المناسبة، وما إلى ذلك. وهذه أمور رائعة، لكنها ليست ذات صلة بمغزى مقابلة العمل التي تكون الثقافة محورها. لقد عملت مع شخص لدى 4 شركات، ولم يتخرج من الثانوية العامة حتى، لكنه رائع وهو الأفضل وكان مذهلاً فيما يتعلق ببناء الثقافة، كما يتمتع بذكاء شديد. لا يهمني عدم تخرجه من الثانوية العامة أو الجامعة، فقد كنا نجري المقابلات برفقته بناء على ما يخص بناء الثقافة وهذا سبب استمرارنا بالعمل معه. لذا لا أعول كثيراً على ما يقوله الآخرون عن مدى روعة الشخص، فقد رأوه مذهلاً لأسباب تخصهم ولأنه يملك أمراً كان يهمهم في وقت ما، بل أفكر فيما يهمنا الآن.

أليسون بيرد: فلنفرض أن صاحب السؤال أجرى محادثة أولية مع هذا المسؤول التنفيذي وقدم له بعض الملاحظات حول أسلوبه وطلب منه تغييره. كم من الوقت يجب على صاحب السؤال الانتظار قبل أن يقرر إقالة هذا الشخص لأنه لا يقوم بما يجب عليه؟

ديف بولتر: هذا يختلف باختلاف الحالة، لكن عموماً يجب البحث عن علامات تدل على الرغبة الفورية في التغيير الإيجابي. والأفضل هو البحث عن علامات تدل على التغيير الفعلي، كحضور الدورات التعليمية مثلاً، أو شهادة الزملاء على التغيير في سلوك هذا الشخص. وبصراحة، إذا لم نشهد هذا التغيير في غضون أيام أو أسبوع أو اثنين كحد أقصى، فمن الجدير بنا التفكير بالاستعداد لإيجاد بديل لهذا الشخص.

أليسون بيرد: لكن ألا يجب أن يكون البديل جاهزاً قبل أن تقرر إقالة هذا الشخص؟ فالعثور عليه يستغرق وقتاً طويلاً جداً.

ديف بولتر: في كتابي “ضرورة التواضع” ( In the Humility Imperative)، أدرجت فصلاً بعنوان “الشواغر الكثيرة جداً لديك، وطريقة ملئها”. كان لديّ رئيس تنفيذي للعمليات في شركتي قرر مغادرة الشركة عند بداية المفاوضات حول عملية اندماج واستحواذ، وكانت جميع خدمات العملاء والبرامج التنفيذية في يده واستخدمها كسلاح، إذ قال: “سأغادر الشركة حالاً إذا لم تنفذ لي مطالبي على الفور”. فكرت حينئذ أن مغادرة هذا الشخص ستؤدي إلى انهيار الشركة تماماً، فقال لي رئيس مجلس الإدارة آنذاك: “الشواغر تمتلئ دائماً”، وكان محقاً. مهما كان الشخص الذي تخسره مهماً، وبغض النظر عمن يكون ودوره في الشركة، لا بد أنك ستصل إلى مرحلة تجد عندها أن شركتك ما زالت قائمة، وأنك قادر على التوصل إلى حل، وأن شخصاً ملأ الشاغر، وأنك لم تحتج إلى ما كنت تظن أنك بحاجة إليه وأن الأمور تسير على خير ما يرام. عندما أتذكر هذه القصة أدرك أنه لا وجود للشخص الذي لا يمكن الاستغناء عنه، لا بد أن لديك أشخاصاً تودّ بقاءهم، لكنك ستجد دائماً أن الشواغر لديك ستمتلئ إذا فكرت بطريقة للتوصل إلى الحلول التي تسعى إليها.

دان ماغين: أولاً، عندما يتعلق الأمر بتدريب شخص غير ملائم لنسيج الشركة يجب إدراك أن الشركات الناشئة تفتقر إلى جميع أنواع الموارد، والوقت أحدها. لذا، يجب على صاحب السؤال أن يحدد ما إذا كان هذا الشخص يستحق استثمار الوقت والموارد في تدريبه. وأول ما يجب فعله بعد الإجابة عن هذا السؤال هو إجراء محادثة مع هذا الشخص، ومعرفة مدى إدراكه لأسلوبه المسيء مع الموظفين وطريقة تلقيه الآراء والملاحظات، ومدى استعداده للتغير. في الشركات الصغيرة، يكون تأثير السلوك السام البسيط هائلاً، ولا يتوفر هامش كبير للخطأ. لذا، لا يمكن السماح للشخص السام بالبقاء فترة طويلة، ويجب على صاحب السؤال التفكير حالاً وبجدية في الوقت الذي سيتيحه لهذا الشخص كي يتغير، وفي استعداده لإبعاده عن الشركة إذا لزم الأمر وذلك من أجل معرفة كيفية التعامل مع هذا الرئيس التنفيذي الفظ.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .