هل تفضل المديح أم النقد للتقدم في مسيرتك المهنية؟

4 دقائق
المديح أم النقد للموظف
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ما الذي ساعدك في حياتك المهنية أكثر: الآراء الإيجابية أم السلبية؟ وماذا عن وضوع المديح أم النقد للموظف في الشركات؟

إذا كنت مثل العديد من الأشخاص الذين شاركوا في استبيان أجري مؤخراً، فإن جوابك سيكون “الآراء السلبية”. كم هو جميل أن يستمع المرء إلى المديح، لكن 57% من المشاركين في الاستبيان كانوا يفضلون سماع النقد البناء، ويعتقد ما يقرب من ثلاثة أرباعهم أن أداءهم سيتحسن وأن مسار حياتهم المهنية سوف يتطور، وذلك إذا قدّم لهم مدراؤهم أراء تهدف إلى تصويب مسارهم.

المديح أم النقد للموظف

هل هذا الافتراض صحيح؟ في بعض الأحيان، نعم هذا الافتراض صحيح، ولكنه في أحيان أخرى غير صحيح البتة. ومع مواصلتنا لسبر آراء الناس، سعينا إلى طلب المزيد من المعلومات الإضافية، وسؤالهم عن نوع الآراء التي كانت أكثر فائدة لهم في تحسين مسارهم المهني. شارك في الاستبيان أكثر من 2,500 شخص، وقد تبيّن لنا أنهم منقسمون مناصفة تجاه هذه المسألة، حيث قال 52.5% إن الآراء السلبية كانت ذات نفع أكبر، بينما أفاد 47.5% أن الآراء الإيجابية ساعدتهم أكثر.

هذا أمر من المهم أن تعرفه وتأخذه بالحسبان إذا كنت تدير أشخاصاً ينتمون إلى المعسكرين، لأنهم غير متشابهين على الإطلاق تقريباً.

يمكننا تلخيص فلسفة من يفضلون الآراء السلبية في المقولة التالية: “الضربة التي لا تقتلك تقوّيك”، حيث إن نسبة ساحقة منهم تبلغ 96% توافق على عبارة أن “الرأي السلبي، إذا ما عُرض بطريقة مناسبة، يؤدّي دوراً فعالاً في تحسين الأداء”. ويعتقد معظمهم أن الرأي السلبي لا يحسّن أداء من يتلقاه فحسب، وإنما يزيد أيضاً من نفوذ الذي يقدمه. إلى جانب ذلك، يوافق 72% من الناس ضمن هذه المجموعة على أن القادة يمكنهم إظهار أكبر قدر من النفوذ في حياتهم المهنية من خلال “تقديم آراء ونصائح تهدف إلى التصويب عندما تُرتكب الأخطاء”. بل أكثر من ذلك، هم يميلون إلى النظر إلى الآراء الإيجابية على أن “معظمها مديح لا معنى له”، فهي غير مفيدة وشيء لا يرغب فيه إلا الضعيف.

يبدي العديد من الناس في هذه المجموعة قلقهم، من أنهم ربما يفعلون شيئاً ينطوي على الحماقة وربما يقودهم إلى تدمير حياتهم المهنية، الأمر الذي يدركه الآخرون كلهم ولا يرغب أحد في التحدث عنه علانية.

من جهة أخرى، فإن الأشخاص الذين وجدوا في الآراء الإيجابية فائدة أكبر مع ارتقائهم المهني، كانوا محصنين تجاه التأثيرات المؤذية للنقد الدائم، إضافة إلى الأشخاص الذين يشعرون بأنه يخلق بيئة عمل محبطة للمعنويات ويتمثل دور القائد فيها في “ضبط الناس وهم متلبّسون بارتكاب الخطأ”.

ومع ذلك، حتى من يفضّلون الآراء الإيجابية لا يطالبون بأن يتخلّى القادة تماماً عن تقديم آراء سلبية أو تصويبية. فعندما سئل الموظفون عما يحتاجونه، قال 75% منهم: “آراء إيجابية في الغالب، مع بعض الاقتراحات التصويبية”. علاوة على ذلك، قال 67% إن أفضل المدراء هم أولئك الذين “يبدون المزيد من الآراء والمديح والتقدير والاعتراف مقارنة بالآراء السلبية”.

فما الذي يدفع شخصاً للانضمام إلى هذا المعسكر أو ذاك؟ بالتأكيد العوامل المؤثرة تكمن في الخيارات الشخصية والخلفية والمزاج والخبرة. لكننا أيضاً رأينا بعض الارتباطات الواسعة في بياناتنا التي حللناها.

أولاً، وجدنا ارتباطاً مباشراً للغاية ومهماً بين نوع الآراء التي يفضلها الشخص وعمره: 64% ممن يقل عمرهم عن 30 سنة، يقولون إنهم يجدون الآراء السلبية أكثر فائدة، بينما 60% من الأشخاص الذين يزيد عمرهم على 50 سنة يفضلون الآراء الإيجابية. لذلك من غير المدهش أن نجد أن 57% من المشرفين ذوي المراتب الأدنى (والذين يفترض أنهم أصغر عمراً) يفضلون الآراء السلبية، في حين أن 53% من المدراء ذوي المناصب الأعلى يفضلون الآراء الإيجابية.

كما وجدنا أن الرجال هم على الأرجح أكثر تفضيلاً للآراء السلبية (57%)، إلا أن النساء يفضلن بدرجة طفيفة فقط المراجعات الإيجابية (51%) عن الرجال.

علاوة على ذلك، فإن الافتراضات التي يحملها الناس تجاه أي نوع من الآراء يعتقدون أنه أكثر فائدة تتأثر بوظائفهم، وليس دائماً بطريقة يمكن أن نتوقعها. فقد تبيّن لنا أن 66% من الناس العاملين في مجال ضمان الجودة يجدون الآراء السلبية أكثر فائدة، وهذا أمر قد يكون مرتبطاً بطبيعة الحالة بتركيزهم المهني على التخلص من العيوب. أما الأشخاص الذين يعملون في مجال القانون والعمليات والمالية والمحاسبة فإنهم يُبدون تفضيلاً مشابهاً قوياً للآراء السلبية، وهذا الأمر يعكس ربما الأهمية التي يحظى بها توقع المشاكل ومعالجتها ضمن نطاق عملهم. لكن إذا كان الحال كذلك، فكيف نفسّر أن العاملين في مجال المبيعات أيضاً يُبدون تفضيلاً قوياً للآراء السلبية؟ أو بأن 60% من مسؤولي السلامة – وهم الذين يُفترض أنهم الأكثر اهتماماً بقضية المخاطر – يحبذون الآراء الإيجابية؟ ولكن ربما الأقل مدعاة للحيرة هو أن العاملين في مجالات الإدارة والشؤون الإدارية والموارد البشرية يفضلون التشجيع على النقد.

ويبدو أن للثقافة الوطنية تأثيراً هنا أيضاً. ففي المملكة المتحدة والولايات المتحدة، هناك 53% من المشاركين في استطلاع الرأي يفضّلون الآراء السلبية. لكن نسبة مساوية من الناس في أستراليا بل وأكبر (56%) في كندا تفضل الآراء الإيجابية. وبالنسبة للدول التي لديها أقوى درجات التفضيل للآراء السلبية فهي المكسيك ونيوزيلندا وفرنسا وسويسرا والبرازيل، حيث إن أكثر من 60% من المشاركين يقولون إنهم يحبّذون الآراء السلبية.

من الواضح تماماً أن كلا النوعين من الآراء الإيجابية والسلبية أساسي. ولكن ربما كل نوع من هذين النوعين له وقته المناسب، ومن المؤكد أن كل نوع له تأثير مختلف مع اختلاف الناس. لذلك إذا كنت من الذين يعتقدون أن العالم سيكون في وضع أفضل لو كان هناك عدد أكبر من الناس الذين يعرفون ما هي الأخطاء التي ارتكبوها، فإن نصيحتنا لك هي أن تكون آراؤك أكثر مرونة. إذ إن 12% من الناس الذين شاركوا في أبحاثنا أفادوا عن اندهاشهم عند تلقيهم آراء سلبية أو تصويبية. وبالمجمل، فإن الناس الذين شاركوا في استبياننا كانوا يعلمون ما هي الأخطاء التي يرتكبونها قبل أن يخبرهم أي أحد بأي شيء.

وفي نهاية الحديث عن موضوع المديح أم النقد للموظف في الشركات، وعلى العكس من ذلك، إذا كنت شخصاً يسعى جاهداً للتركيز على الإيجابيات فقط، ويفترض أن الناس لا يحتاجون إلى آراء تصويبية، فإن نصيحتنا لك هي أن تكون أكثر قساوة نوعاً ما في آرائك. فالناس بحاجة إلى فهم حدودهم، وهم بحاجة إلى تأكيدات من قادتهم عندما يرتكبون أخطاء. إن أفضل القادة هم أولئك الذين يقدمون هذين النوعين من الآراء بانتظام والذين تعلّموا كيف يكونون أشخاصاً أصحاب بصيرة وانتقائيين للوقت الذي يختارونه عند تقديم كل نوع من هذه الآراء، ومن هو الشخص الذي يقدّمون له أي نوع من هذه الآراء.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .