القيادة عبر الجمع بين المتناقضات

15 دقيقة
القيادة عبر الجمع بين المتناقضات
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إليك هذه القصة التي تتحدث عن القيادة عبر الجمع بين المتناقضات تحديداً. ادّعى “جاك ويلش” مرة أن القادة الكبار أشخاص “متعنّتون ومملون”. ويوافقه مفكرو علم الإدارة بشدة في رأيه هذا: فالقادة العظام، كما يقال عنهم، يحافظون على الاتساق في اتخاذ قراراتهم، ويَفون بالتزاماتهم، ويلتزمون بالنهج الذي يقودهم إلى هدفهم. لكن المشكلة أنه على الرغم من التقدير العالي الذي تحظى به صفة الاتساق في قادتنا، إلا أننا نعيش اليوم في عالم لا تحقق فيه هذه الصفة مكاسب وخاصة على المدى الطويل.

نعلم جميعاً أن قادة الشركات يواجهون تحديات متناقضة، إذ يجدون أنفسهم مثلاً واقعين تحت ضغوط متزايدة لتحسين المنتجات الحالية، بينما يعملون في الوقت ذاته على ابتكار منتجات مختلفة كلياً ترتكز إلى نماذج أعمال جديدة. أو قد يكافحون للانتشار عالمياً ويلبّون كذلك احتياجات محلية متميزة. ويستجيب بعض المديرين التنفيذيين لتلك التحديات بترتيبها حسب الأولوية، بينما يسعى آخرون إلى إيجاد أرضية تكاملية مشتركة بينها، والتفاوض بشأن بعض المقايضات المقبولة التي يستطيع جميع أصحاب المصلحةالالتزام بها.. لكن القاسم المشترك لتلك المقاربات جميعها هو أنها تهدف إلى توفير حل ثابت لتلك التحديات المتضاربة، مفترضين ضمناً بأن الاستقرار هو ما تحتاجه الشركات لكي تنمو وتزدهر .

إلا أننا نختلف بشدة مع صورة القيادة هذه لأنها مبنية على تشخيص خاطئ لبيئة الأعمال. فالتحديات التي نركّز عليها في هذه المقالة ليست متضاربة الأهداف بحيث تتطلب خياراً محسوباً أو حلاً وسطاً، بل هي مفارقات أساسية ظلت قائمة مع مرور الوقت، ذلك أن “المدى الطويل” اليوم يصبح في الغد “مدى قصيراً”. وكثرة التركيز على هدف واحد  يؤدي إلى طلب تحقيق هدف آخر، ومع تغير بيئة الأعمال والفاعلين  فيها باستمرار، ينهار الاستقرار مدمراً في معظم الأحيان قدراً كبيراً من القيمة، ليصل الانهيار إلى ذروته في نهاية المطاف على شكل أزمة تدفع القائد إلى فرض نظام جديد يغذّي بدء دورة جديدة.

القيادة عبر الجمع بين المتناقضات

نقدّم في الصفحات التالية نموذجاً جديداً للقيادة يهدف للحفاظ على توازن حيوي في المؤسسة عن طريق القيادة عبر الجمع بين المتناقضات تحديداً، فلا يركز المديرون التنفيذيون الذين يسعون إلى هذا الهدف على الاتساق بل يتبنون بتصميم وثقة المفارقات التي يواجهونها، وتحقق الفرق في المستويات العليا ذلك التوازن الديناميكي عبر الفصل بين الضرورات المتضاربة مع بعضها بعضاً اعترافاً بأهمية كل منها (كإنشاء وحدة خاصة لتطوير نموذج جديد للعمل، مثلاً)، والعمل في الوقت ذاته على إدارة ترابطها واعتمادها على بعضها بعضاً والاستفادة من تآزرها معاً.

مفارقات القيادة

خلال عملنا مع الشركات في العشرين عاماً الماضية، رأينا كبار القادة يتصدّون باستمرار للجموعات ذاتها من الأهداف المتعارضة التي تستقطب مؤسساتهم. وتنقسم تلك الضغوط أو المفارقات إلى ثلاث فئات ترتبط بثلاثة أسئلة قد يعتبرها العديد من القادة من نوع خيار “إما/أو”:

هل نمارس الإدارة ونحن نتطلع إلى اليوم أم إلى الغد؟

إن الضغوط المتعلقة بالفترة الزمنية المحددة هي الهامة والملحوظة على وجه الخصوص، لأن بقاء الشركة في المدى الطويل يعتمد على التجريب والمخاطرة والتعلم من الفشل سعياً وراء ابتكار منتجات وخدمات وعمليات جديدة. لكن الشركات تحتاج في الوقت ذاته إلى الاتساق، والانضباط،  والانتباه المستمر لتحقيق الاستفادة القصوى من المنتجات والخدمات والعمليات القائمة لديها. وتنطوي مفارقات الابتكار تلك على توترات بين اليوم والغد، بين العروض الحالية والجديدة، وبين الاستقرار والتغيير.

ففي أواخر التسعينات، عل سبيل المثال، رأى عدد من كبار قادة شركة “آي بي إم” (IBM) أن موجة الإنترنت صاعدة إلى ذروتها، وأدركوا أن مستقبل الشركة يعتمد على استغلال التقنيات الجديدة. لكن “آي بي إم” كانت أيضاً ملتزمة بالحفاظ على قوتها التقليدية في أسواق أنظمة العميل/ المخدّم. وتحتاج هاتان الاستراتيجيتان إلى بنى وثقافات، ومكافآت، ومعايير مختلفة، ما يعني أن تنفيذهما معاً مطلب صعب المنال. وقد استلزم السعي إلى تحقيقهما في الآن نفسه معالجة الخلاف بين المديرين التنفيذيين، لأن كلا الطرفين، سواء هؤلاء الملتزمون بالعالم القديم، أو أولئك الذين يناصرون العالم الناشئ قد شعر بأن هويته في خطر..

القيادة عبر الجمع بين المتناقضات

هل نتمسك بالحدود أم نتجاوزها؟

يقوم القادة دائماً باتخاذ القرارات وإلغائها بشأن الحدود الجغرافية والثقافية والوظيفية. فسلسلة الإمدادات الموزعة جغرافياً قد تكون فعالة جداً، لكنها ربما تفتقر إلى المرونة. والابتكار في أماكن متباعدة قد ينتج مجموعة متنوعة من الأفكار، لكن بعضاً من فوائده يضيع عندما لا يجتمع أفضل ما لديك وألمعه في مكان واحد. تخلق مفارقات العولمة تلك تضارباً بين الترابط العالمي والاحتياجات المحلية، وبين الاتساع والعمق، والتعاون والتنافس.

أخذ جيف ديفيس، مدير معهد الصحة البشرية والأداء في وكالة ناسا، يدفع في العام 2009، باتجاه السعي لتوليد معارف جديدة من خلال التعاون العابر للشركات، والعابر للمعارف.. وخلال الـثمانية عشر شهراً التالية واجه مقاومة شرسة من العلماء الذين أرادوا حماية مصالحهم الخاصة وهوياتهم كباحثين مستقلين. فكلما مكّنت التقنية من تطوير أبحاث مفتوحة وتعاونية، كلما ارذاد قلق علماء وكالة ناسا بشأن الاعتراف بإنجازاتهم الفردية. لقد كانت هناك حاجة إلى التعاون وإلى العمل المستقل على حد سواء من أجل ابتكار افكار جديدة، إلا أنهما كانا متعارضين ثقافياً وتنظيمياً.

هل نركز على تحقيق قيمة مضافة للمساهمين والمستثمرين لدينا أم ننظر إلى مجموعة أوسع من أصحاب المصلحة؟

إن الهدف من وجود جميع الشركات هو تحقيق قيمة مضافة، إلا أن القادة قد يتمزقون بين العمل على الوصول إلى أرباح قصوى  للشركة ومحاولة توليد فوائد أوسع للمستثمرين والموظفين والعملاء والمجتمع. وقد تصاعدت هذه التوترات كما نمت مخاوف عامة تتعلق بالفقر وتغير المناخ، إذ عززت التقنية إمكانيات الدفاع عن حقوق المستهلكين، وحظي رأس المال البشري باعتراف أكبر بصفته الدافع الرئيس لتوليد القيمة. لكن الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية قد يؤدي إلى خفض سعر السهم، ويتعارض إعطاء الأولوية للموظفين مع مصالح المساهمين، أو احتياجات العملاء على المدى القصير. وتكافح الشركات للتصدي لمفارقات الالتزام تلك.

ففي العام 2010 مثلاً أطلق بول بولمان الرئيس التنفيذي لشركة يونيليفر خطة المعيشة المستدامة ليونيليفر بهدف مضاعفة حجم الأعمال بحلول العام 2020، مع تحسين صحة ورفاهية أكثر من مليار شخص حول العالم، مع خفض تأثير الشركة على البيئة إلى النصف. واستند بولمان إلى حجة أن الاستثمارات الاجتماعية والبيئية ستؤدي على المدى الطويل إلى المزيد من الأرباح، في حين أن التركيز على الأرباح قصيرة الأجل فقط يمكن ان يؤدي  إلى قرارات تضر بالمجتمع والبيئة. وعلى الرغم من أن ما قاله يشكل حجة مقنعة للكثيرين، إلا أن بولمان يواجه تحديات مستمرة في تنفيذ الخطة. فالغموض وعدم اليقين الكامنين  في تلك الخطة أشعرا كبار قادة فرق العمل في الشركة بمستوى عالٍ من القلق ودفعاهم إلى التصارع على تخصيص الموارد.

إن أسئلة “إما/أو” هذه لا يمكن الإجابة عليها بشكل قاطع، ويعود هذا جزئياً إلى أنها لا تمثل فعلاً خيارين إما أسود أو أبيض، بل تدعو إلى دراسة المتطلبات البديلة المترابطة بقدر ما هي متناقضة. فمثلاً، قد يتعارض الابتكار مع الكفاءة التشغيلية، لكنك لا تستطيع أن تكون فعالاً إلا إذا كنت مبتكراً في الوقت ذاته، ولن تكون موجوداً في هذا المكان لتكون مبتكراً إلا إذا كنت تعرف كيف تكون فعالاً. وهذا الترابط هو ما يجعل تلك التوترات مفارقات استراتيجية تتطلب من القادة إعادة صياغة الأسئلة بعيداً عن الأسلوب المقايضات الكلاسيكية لـ “إما/أو” التي يمكن حلها بإحكام، بل بأسلوب التجربة المستمرة لـ”كليهما/و”؛ أي كيف تستطيع أن تفعل “س” و “ع” في آنٍ واحد؟

ويصعب طبعاً تبني مقاربة “كليهما/و”. فالعلاقة بين مصادر التوتر تتغير بمرور الوقت استجابة لتحركات المنافسين أو الأحداث الخارجية الأخرى. فإذا ركّزت الشركة على الأداء على المدى القصير، مثلاً، على حساب الابتكار، فإن المخاطرة بعدم الاستثمار في الابتكار واحتمال تفويت الفرص لزيادة الأرباح المستقبلية، تزداد بمرور الوقت.

وفي شركة يونيليفر، أدت إدارة الطلبات المتنافسة للمساهمين وأصحاب المصالح إلى استكشاف الشركة لعالم أكثر ترابطاً، وقد طُرحت أسئلة عن كيفية تحقيق التوازن بين النفع العالمي والاحتياجات المحلية. وفتح هذا بدوره النقاش حول تعزيز المنتجات الحالية أو الابتكار للمستقبل. وتظهر تجربة يونيليفر أن الإجراءات المتخذة لإدارة  مفارقة استراتيجية واحدة قد تخلق مفارقات آخرى، وهو ما يعني أن اتباع نهجٍ تدريجي لإدارة التوترات المتشابكة محكوم عليه بالفشل.

وعلاوة على ذلك، فإن للتوتر النابع من التناقض مصادر عديدة قد تتداخل ضمن مستويات مختلفة في الشركة، مما يجعل المفارقات الاستراتيجية المحرك الرئيسي للصراع الداخلي. وتتضمن كل مؤسسة كبيرة العديد من الثقافات المختلفة، التي تعكس هويات المهنيين، وشبكاتهم، وكفاءاتهم، وحوافزهم، ومناطقهم الجغرافية. إذ يأتي العاملون في قسم الأبحاث والتطوير مثلاً من خلفية العلماء الذين كانوا يعملون في التخصصات والأوساط الأكاديمية، حيث يكافؤون لتوليد الأفكار الجديدة. أما العاملون في مجال التسويق والمبيعات فهم أقرب غالباً إلى العملاء، وخصوصاً كبار العملاء، ويكافؤون على زيادة المبيعات. وتتيح الأفكار الجديدة تحقيق المزيد من المبيعات في المدى الطويل، وتولّد زيادة المبيعات الموارد اللازمة لدعم الأفكار الجديدة. لكن في المدى القصير، تبدو المبيعات والابتكار وكأنهما أولويتان متنافستان. ولأن العاملين في كل وحدة أعمال يقعون على هذا الطرف أو ذاك من المفارقة، فإن نزاعات حقيقية قد تنشأ في الشركات،. فدافع المديرين التنفيذيين وكبار الموظفين في الشركة مثلاً هو التحكم بخيارات الأسهم  stock options، ما يجعلهم عرضة لضغوط من أسواق رأس المال التي تسعى إلى تحقيق عائدات مالية فورية. فإذا كان ما يقود المبيعات هو بناء العلاقات طويلة الأجل والحفاظ عليها، فإن ذلك يخلق أرضية لاختلاف كبير، فالاستثمارات التي تراها أقسام المبيعات ضرورية للشهرة، ينظر إليها رؤساء الشركات أنها تكاليف قابلة للخفض مباشرة.. وفي مثال آخر مشابه، فإن مصممي المنتجات في شركات السيارات الذين يفخرون بأنهم المهندسين المبدعين الذين يبتكرون سيارات رائعة، قد يتسببون في استياء الإدارة التي تسعى باتجاه جعل أجزاء المنتجات قياسية سعياً نحو تحقيق وفورات في التكاليف.

إن السمات الملازمة للمفارقات الاستراتيجية تجعل الإدارة في هذه البيئة صعبة جداً. فتحدي القادة هنا ليس في الاختيار بين بدائل متنوعة، بل في الاعتراف بأن عليهم الاهتمام بكلا الأولويتين. ويتطلب الانتقال في طريقة التفكير من “إما/أو” إلى “كليهما/و” من القادة تغيير تركيزهم كثيراً على المدى القصير من أجل تلبية مطالب المنافسة على المدى الطويل. وبدلاً من التأرجح بعنف بين القوى المتعارضة، على القادة تنفيذ نقلات صغيرة متأنية تسمح بالنمو والاستدامة.

عقلية المفارقة

تبدأ ذهنية المفارقات بإعادة النظر ببعض الافتراضات الضمنية حول القيادة، الأمر الذي يقود إلى الحركة في اتجاه جديد.

من الاتساق المستهدف تماماً إلى التنافر المتسق. العداء للتناقضات متجذر بعمق وخاصة في العالم الغربي. فالمنطق الأرسطي يعامل التناقضات والتوترات على كإشارات إلى أننا بحاجة إلى الوصول إلى حقيقة موحدة أكثر دقة. فإذا كانت فكرة واحدة “صحيحة”، فلا بد أن يكون نقيضها خاطئ؛ وإذا لم يكن ذلك صحيحاً فإن علينا إعادة تعريف فكرتنا لإزالة التناقض. ونتصارع أيضاً عند اتخاذ القرارات والإجراءات التي نرى أنها غير متسقة مع حقيقة مقبولة ونشعر بالانزعاج الذي وصفه الطبيب النفسي ليون فستنغر بـ “التنافر المعرفي”. ويظهر الانزعاج ذاته عندما تتضارب القيم. فمثلاً أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة “هول فود” أن الموظفين فيها استوعبوا مهمة الشركة المزدوجة في كسب الأرباح وجعل العالم مكاناً أفضل، إلا أن معظم من يعملون في المتاجر اختاروا مهمة واحدة، إما تحقيق الربح للشركة أو تحقيق الأهداف الاجتماعية والبيئية.

وعندما تبدو الفكرتان متناقضتين، فإن اختيار واحدة منهما ومناصرتها يخفض التنافر المعرفي لديه. لذلك فإنه ليس من المستغرب أن نجد الناس يتعاملون في معظم الأحيان مع التوترات المتناقضة باختيار أحد الجوانب ودعمه باستمرار. لكن في قمة الشركة، يبتعد الاتساق عن كونه فضيلة ضرورية، ليصبح رذيلة. لأنه يمنع القادة من التعامل بنجاح مع المفارقات الاستراتيجية. فعلى كبار التنفيذيين ممارسة العمل وهم يعطون للحقائق المتعددة قدرها، ولأنها كثيراً ما تكون متضاربة، فإنهم يجب أن يكونوا متسقين في عدم اتساقهم المستمر ويركزوا على إدارة ذلك التناقض. ووجد بحث شركة “هوول فودز” أن الموظفين الذين يرجح صعودهم إلى صفوف القيادة العليا، هم الذين يمكنهم أن يتبنوا بفعالية الضرورات المالية والرسالة الاجتماعية للشركة على حد سواء.

من شح الموارد إلى وفرتها. يفترض نهج القيادة التقليدية أن الموارد من الوقت والمال والمواهب البشرية وغيرها، ذات مقادير محدودة. ولا يستغرب هذا عندما نتذكر القيود التي تحيط بالمديرين في المستويات الدنيا من المنظم، حيث تحدد سلطة أعلى الموارد عادة للمستويات الأدنى، ولا تتغير الأمور كثيراً في المستويات الإدارية المختلفة حتى تصبح السلطة العليا، وفي الوقت الذي تصل فيه إلى ذلك المنصب تصبح فكرة “أن الموارد محدودة” شيئاً يجري في عروقك. ومن الطبيعي عندها للمديرين التنفيذيين أن يبحثوا في أسباب تلك القيود ليجدوها غالباً في “توقعات السوق” أو “تهديد المنافسين”. لكن افتراض أن الموارد مقيدة يؤدي بالضرورة إلى تفكير محصلته صفر. فتخصيص الموارد لتحقيق هدف واحد يعني عدم  توفرها لهدف آخر. وهذا ما يغذي الصراع على الموارد بين المديرين الذين لديهم جداول أعمال مختلفة..

في المقابل، يدرك القادة الذين يتبنون القيادة عبر الجمع بين المتناقضات أن الموارد التي يُنظر إليها في ضوء مختلف، قد تكون وفيرة وغالباً متوالدة. ، فإن الأشخاص الذين يتمتعون بذهنية خلق القيمة لا يسعون إلى تقسيم الكعكة إلى قطع أصغر بل يبحثون عن استراتيجيات لزيادة حجمها، كاستكشاف سبل التعاون مع شركاء جدد، أو استخدام تقنيات بديلة، أو اعتماد أطر زمنية أكثر مرونة لتوجيه الموارد نحو الاستخدام الأفضل.

ومع مرور الوقت يمكن للالتزام باستراتيجيات متعددة أن يتيح مزيداً من الموارد لكل منها. وتلك حالة شركة “زينسار تكنولوجيز”، وهي شركة لخدمات تقنية المعلومات مقرها الهند، حيث أدرك قادة امتياز البرمجيات هذا أخيراً أن ما أنتجوه من البرمجيات الاستكشافية  يزيد مبيعات المنتجات الموجودة. وكذلك استطاع قسم القهوة في مجموعة أوربية كبرى  لإنتاج الأغذية أن يتغلّب على مقاومته البدئية لنظام مبتكر لإعداد القهوة بعد أن رأى نجاحه في قطاع جديد مميز، واستخدم تصميم المنتج الجديد لزيادة مبيعات علاماته التجارية الحالية.

من الاستقرار واليقين إلى الدينامية والتغيير يسعى القادة إلى الحد من عدم ارتياح مرؤوسيهم لعدم اليقين من خلال تأكيدهم على اتخاذ القرارات التي تقلل من التعقيد وتؤكد على الاستقرار. وهذا أمر مفهوم كذلك: فالقيادة التقليدية ونظرية الإدارة قد تأثرتا كثيراً بدراسات الجيش التي تعلي من قيمة الانتظام. ولهذا يتم تشجيع مدراء الشركات من زمن طويل على بناء ثقافة مشتركة يتجه فيها الجميع في الاتجاه ذاته، ويتحدثون اللغة ذاتها، ويتشاركون أفضل الممارسات.

لكن عندما تتغير البيئة الاستراتيجية، فإن هذا النهج يؤدي غالباً إلى اتخاذ إجراءات دفاعية مؤذية. فقد قاوم القادة في وكالة ناسا، كما ذكرنا آنفاً، أساليب الابتكار المفتوحة، لأن العلماء كثفوا جهودهم سابقاً في البحث الفردي، وشعروا أن فكرة التعاون تشكل تهديداً لهم. وفي مثال آخر، خسرت شركة بولارويد معركة شهيرة في سوق التصوير الرقمي، ويعود ذلك جزئياً إلى أن قادة الشركة التزموا بتطبيق استراتجيتهم الناجحة في الكاميرات التناظرية وكسب الأرباح من بيع الأفلام، وليس من الكاميرا ذاتها في سوق لم يعد يطبع الصور.

أما القيادة عبر الجمع بين المتناقضات فتعتمد على تبني الدينامية والتغيير بدلاً من السعي إلى الاستقرار واليقين. ويجب أن يكون القادة منفتحين عاطفياً ومعرفياً لتقبل الجديد، وأن يطوروا استراتيجية إدارة قادرة على التعامل مع الغموض بدلاً من ضبطه وتقليله. وينبغي أن يتسموا بالتواضع، وحتى الضعف، ويعترفوا بأنهم قد لا يعرفون ما يخبئه المستقبل. ويؤكد هذا النهج على قيمة التجربة والفشل، وعلى الاستفادة من دروسهما القيمة لتعزيز التعلم والتعديل المستمر.

ففي أوائل الألفية واجه المديرون المتوسطون في شركة ليغو مجموعة من التوترات وسط التغيير التنظيمي الجاري. وشعر المرؤوسون بالقلق وعبروا عن مخاوفهم بشأن مدى ملاءمة ما اعتادوا عليه من ممارسات وقواعد وتوقعات لمتطلبات العالم الجديد. وبدلاً من الرد على هذه المخاوف المحددة، طرح مديرو الإدارة الوسطى عدداً من الأسئلة. فقد سألوا ما هي أجزاء النُهُج التنظيمية القائمة التي يجب الاحتفاظ بها. واستكشفوا سبلاً للربط بين النظم القائمة والجديدة. وفتحت أسئلتهم مجموعة من النقاشات سمحت لكل من المديرين والمرؤوسين بأن يتجنبوا السعي إلى إيجاد حلول دائمة، وأن يطوروا عوضاً عن ذلك  “حقائق قابلة للتطبيق” بشكل مؤقت، وقد ساعدتهم على التقدم إلى الأمام مع علمهم بأنها عرضة للتعديل في المستقبل.

إدارة ديناميكية التوازن

عندما يفترض القادة أن هناك حقائق متعددة، وأن الموارد وفيرة، وأن دور الإدارة هي إدارة التغيير بدلاً من محاربته، فإنهم يستطيعون قيادة مؤسساتهم للوصول إلى حالة التوازن الديناميكي. وهذا هو مركز القيادة عبر الجمع بين المتناقضات تحديداً. لكن محاولة تغيير قلوب وعقول كبار أعضاء فريق العمل يمثل تحدياً صعباً ويستغرق وقتاً طويلاً. وعلاوة على ذلك، فإن أدوار كبار الموظفين ومسؤولياتهم تقودهم إلى الارتباط بأحد الأهداف بعمق، مما يقوي الصراع.

ولإطلاق العنان لقوة المفارقة، فإن على القادة بناء كفاءات تنظيمية داعمة ضمن كبار أعضاء فريقهم. ويتطلب هذا من المديرين ربط وفصل القوى المتعارضة في الآن نفسه.

الفصل يبدأ استغلال قدرات المفارقة باحترام الاحتياجات المميزة للمجموعات المختلفة التي تتبع جداول عمل مختلفة. ويتطلب هذا تحديد أهداف الشركة وتقييم كل منها على حدة. وإحدى طرق تحقيق ذلك هي إنشاء وحدات الأعمال بناء على المهمات أو المناطق الجغرافية، أو المنتجات، وبحيث يكون لكل منها قائدها، ومهمتها، ومعايير قياس أدائها، وثقافتها الخاصة. فأقسام المبيعات والتسويق القوية ستركز تركيزاً فعالاً على خدمة المستفيدين الأساسيين؛ أي العملاء، بينما تستمر الأقسام المالية القوية في مراقبة الكفاءة الاقتصادية وصورة الشركة في الأسواق المالية. وحتى ضمن وظيفة معينة فإننا نلاحظ مجالاً للفصل إلى مجموعات فرعية، فمثلاً، تفصل مزيد من الشركات فرق عملها التي تعمل على ابتكارات ثورية عن الفرق العاملة على تطوير التحسينات التدريجية.

لكن عندما تتشابك المهام الحيوية لشركة يصبح إنشاء وحدات منفصلة لكل مهمة أمراً غير ممكن. ففي كثير من الأحيان يكون على كل من وحدات الأعمال المحلية أن تعمل على دمج أعمال الشركة في الاقتصاد العالمي. وعندها يعني الانفصال تحديد أوقات مخصصة ومساحات لاستكشاف كل هدف، باستخدام عمليات صنع قرار مختلفة، أو عبر تطوير ممارسات اتصالية تمكن الفرق من فصل الاستراتيجيات

لننظر إلى شركة “ديجتال ديفيد داتا” وهي شركة رائدة متخصصة بالتعهيد للمحترفين والتي توظف أشخاصاً من الطبقة الاجتماعية المحرومة لتقديم خدمات إدارة البيانات، والبحوث، ورقمنة المحتوى، وغيرها  للعملاء. وترتبط مهمتها الاجتماعية المتمثلة بتخفيف حدة الفقر من خلال توفير التدريب والوظائف للمحتاجين، ارتباطاً معقداً مع هدفها الآخر المتمثل بإدارة عمل تجاري مستدام. غير أن المهمة الاجتماعية والمتطلبات المالية للشركة تتصارع في كثير من الأحيان، وخاصة عندما يدرس فريق القيادة قضايا استراتيجية تتعلق بمن سيتم توظيفه (أكثر الأشخاص حرماناً أم أكثرهم مهارة)، وأين يجب أن تتوسع الشركة (إلى المناطق الأكثر فقراً أو تلك التي تتضمن المزيد من الموارد الضرورية). ولفصل وتحقيق المهمة المزدوجة للشركة، يحتفظ المديرون التنفيذيون بمجموعتين من البيانات المالية، لكل منهما معاييره الخاصة. ويسأل الرئيس التنفيذي للشركة جيرمي هوكينستين دائماً في اجتماعات مجلس الإدارة “كيف يؤثر هذا القرار على مهمتنا الاجتماعية؟”، ثم يسأل “كيف يؤثر هذا القرار على أعمالنا؟”، ويطلب من المديرين دراسة مختلف احتياجات كل من الاستراتيجيتين.

الربط يشمل الربط إيجاد روابط وأوجه تعاون بين الأهداف. وإحدى طرق تحقيق ذلك هي  بناء هوية تنظيمية شاملة وتوحيد الموظفين باتجاه هدف أسمى، ما يساعد الموظفين والمديرين التنفيذيين في آن واحد على تبني الترابط بين الاستراتيجيتين المتعارضتين. فقد استطاع جيف في وكالة ناسا التغلب على مقاومة العلماء لفكرة  الابتكار التعاوني عندما عرف الهدف الأول لمديري شركته بقوله: “نطمح للحفاظ على سلامة رواد الفضاء في الفضاء”. و تحقيق هدف السلامة سيجعل العلماء التقليديون يقدرون قيمة المشاركة في أبحاث مفتوحة المصدر. وبالطريقة نفسها تجاوزت شركة ليغو التوتر بين الابتكار بلا قيود، والتنفيذ المنضبط، بالتأكيد من جديد على أنها “تبني بناة الغد”. أما شركة “ديجتال ديفيد داتا” فهي تجمع بين عملياتها التجارية ومهمتها الاجتماعية بالإعلان عن التزامها بـ”وقف دوامة الفقر”. وبإمكان القادة أيضاً تصميم الأدوار والعمليات التي تهدف إلى دمج الأهداف الاستراتيجية المنفصلة. فعلى سبيل المثال قد يعين أحد القياديين مديراً مهمته العمل على تكامل الأعمال في الشركة، ويكلفه بمسؤولية ربط الابتكار مع المنتجات الحالية. ويصف أحد كبار المدراء الذي عُهد إليه القيام بهذه المهمة في مؤسسة اجتماعية بقوله: “كنت الجسر الرابط. لقد قمت بدور  الجامع بين المعسكرات المتنازعة”. أما في شركات أخرى، فقد يستخدم القادة مقاييس متكاملة ويشجعون تطبيق النظم التي تؤدي إلى تعزيز الاتصالات. وباستطاعتهم أيضاً تحفيز المناقشات بطرح سؤال:”كيف يمكن لهذين الهدفين أن يدعما بعضهما بعضاً؟”، ويستخدم هوكينستين هذا السؤال كعامل أساسي  لجعل كبار أعضاء فريقه يرون الفروق بين الرسالة الاجتماعية للشركة وأهدافها المالية.

نحو توازن ديناميكي يعتمد النجاح المؤسسي على كل من الفصل والربط. والواقع أن تحقيق واحد منهما فقط قد يتسبب بالضرر أكثر من الفائدة. وعلى الرغم من أن إنشاء قسم مستقل قد يساعد على  تجنب التوتر في المدى القصير، ولكنه يعرقل خلق القيمة المشتركة على المدى الطويل، لأن المجموعات المتصارعة تفشل في الاستفادة من بعضها بعضاً. فعلى سبيل المثال كانت منصة زينسار Zensar البرمجية الجديدة معزولة جداً في البداية عن وحدات أخرى، ولم تكن قادرة على الاستفادة من قدرات الشركة في مجال التسويق والمبيعات. ولكن بعد أن شجع الرئيس التنفيذي فريقه على إنشاء روابط هيكلية بين المنتجات القائمة ووحدة الابتكار، تمكنت الشركة من جلب التقنيات الجديدة للعملاء الحاليين.

والربط من دون فصل ينطوي على مشاكل هو أيضاً. ففي سبيل التآزر، قد يقوم كبار القادة بتعزيز الهوية الشاملة، مع التأكيد على المهمة الجماعية، وتطوير نظم موحدة للقياس. لكن من دون تشجيع الاحترام العميق لقيمة كل مجموعة من المستفيدين وحاجاتها، فإن النتيجة ستكون نوعاً من حلول الوسط المخادعة أو “التآزر الزائف” وفي أسوأ الأحوال تهيمن وجهة نظر واحدة وتذوي الأخرى. وقد شهدت المؤسسات الاجتماعية وبنوك تمويل المشاريع متناهية الصغر هذه المشكلة، حيث تسعى هذه الشركات الهجينة إلى تولي المهمات الاجتماعية من خلال أهداف تجارية. لكن ما لم تحدد كل منها مدى الاهتمام الذي تستحقه الرسالة الاجتماعية، بطريقة قابلة للقياس، ومركزة، فإن المعايير المالية قصيرة الأجل تصبح مسيطرة على قيادة القرارات الكبرى. لقد أصبحت الضغوط المالية منتشرة في جهات التمويل المتناهي الصغر حتى أن محمد يونس، مؤسس بنك غرامين، قد عبّر عن أسفه قائلاً إن هذه المنظمات “تضحي بالقروض الصغيرة للحصول على أرباح كبيرة”.

لتجنب الوقوع في هذه الفخاخ، يعمل القادة الأذكياء على تصميم المعايير والمكافآت، وحتى بناء كشوف مالية مختلفة (كما في شركة “ديجتال ديفيد داتا”)، لكل استراتيجية، وإكمالها بمقاييس إضافية ومكافآت تعتمد على نجاح الشركة بكاملها. ويضعون ديناميات الفريق التي تشجعه على التركيز على الاحتياجات الفريدة لكل استراتيجية، مع تعزيز ثقافة الاحترام والثقة التي تتيح التعاون والتعلم. ويدركون أن كبار أعضاء الفريق يلعبون أدواراً متعددة، فهم يدافعون عن أولوياتهم الخاصة لكن مع الأخذ بالاعتبار أيضاً الاحتياجات الشاملة للمؤسسة. والأهم من ذلك أنهم يبدون واثقين لتبني المفارقات ومتواضعين  لمعرفة أن ذلك سيشكل تحدياً مستمراً.

قال الفيزيائي الحائز على جائزة نوبل “نيلز بور” مرة: “كم هو رائع أننا واجهنا مفارقة. لقد أصبح لدينا الآن بعض الأمل في  إحراز تقدم”. فالمفارقة كانت دائماً في قلب الإنجازات الكبيرة، تكشف عن الحقائق العميقة وتحثّ على الابتكار. فالأفكار الإبداعية مثل نظرية أينشتاين للنسبية انبثقت عندما فهم الأفراد الطلبات المتضاربة. وفي خضم مواجهة الشركات المتزايدة لبيئات أعمال معقدة وصعبة ولا يمكن التنبؤ بها، فإن أكثرها قابلية للبقاء والاستمرار وتقديم إسهام للعالم، ستكون تلك الشركات التي يقودها من يتبنون المفارقات الاستراتيجية.

ممارسة القيادة عبر الجمع بين المتناقضات

مقابلة مع تيري كيلي، الرئيس التنفيذي لشركة دبليو.

إل. غور وشركاه

تحدثت تيري كيلي، التي تصنع شركتها قماش غور تكس وغيرها المنتجات المبتكرة، مع ويندي سميث عن طريقتها في إدارة المفارقات الاستراتيجية.

سميث: ما هي أهم المفارقات الرئيسة التي يجب عليك معالجتها؟

كيلي: لدينا عدد قليل من المفارقات التي نحاول باستمرار إدارتها. ومنها تحقيق التوازن بين تلبية الأهداف القصيرة الأجل والطويلة الأجل. وكذلك تحقيق التركيز المناسب على الابتكار، وفي الوقت ذاته قيادة التحسينات في الكفاءة والفعالية. أما الثالثة فهي الموازنة بين ما نسميه “قوة فرقنا الصغيرة” مع الاحتياجات الأكبر للمؤسسة. وكل هذه توترات نحاول تحقيق التوازن في خضمها يومياً.

كرئيس تنفيذي ماذا تفعلين لإدارة التوترات؟

أحاول أن أضعها على الطاولة أمام الجميع ليروها بوضوح طوال الوقت، فهذا يساعد على التعامل معها. ومن المهم ألا نتحدث عنها كخيار وحيد حيث يبدو واحد منها أو آخر أكثر أهمية، بل كتوازن يجب أن نسعى باستمرار لتحقيقه. وأعتقد أن الشركات تخطئ في التبسيط المبالغ به عبر التركيز الوحيد على طرف معين على حساب الطرف المقابل، كان نقول مثلاً “علينا تحقيق نتائج على المدى القصير”. فإذا فعلت ذلك فإنك في نهاية المطاف تتأرجح من جانب إلى آخر. والموقف الأقوى أن تتحدث عن التركيز على كل من الأهداف على المدى القصير والأهداف على المدى الطويل. وعليك إذن أن تبدأ بتعليم الشركة كيف تقدر التناقضات الكامنة وتتعامل معها.

كيف تنشئين الشركة التي تنطوي على هذه التوترات؟

هذا هو السؤال الكبير بالنسبة لنا خلال رحلتنا المستمرة على درب  النمو. نعمل جزئياً على إنشاء بنى مختلفة. فندرك مثلاً أننا بحاجة إلى هيكل إداري مختلف من أجل الابتكار أكثر من كونه من أجل الإدارة اليومية للأعمال. فهذان النشاطان يتطلبان عقليتين مختلفتين، ومهارات مختلفة، وتركيز مختلف، وفترة زمنية مختلفة، ومقاييس مختلفة. لذلك علينا أن ننشئ الهياكل التنظيمية المختلفة لإدارتهما معاً، لكن مع إيجاد روابط واضحة بين فرق عمل كل من البنيتين بحيث تقدر مساهمات بعضها بعضاً لمصلحة الجميع. إذا فصلت جهود الابتكار في شركتك تماماً فإنك تعرض نفسك لخطر ترفض الأقسام القائمة ما تتوصل إليه وحدات الابتكار. وتفوت أيضاً فرصة استفادة المبدعين من المواهب والموارد الرئيسية الموجودة في الشركة. وفي الوقت نفسه، فإننا نتوقع من القادة في شركتنا تقدير نوعي النشاط الابتكاري واليومي وتعزيزها ضمن فريق كل منهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .