كيف تبني علاقاتك المهنية من جديد بعد فترة من الانقطاع؟

4 دقائق
العودة إلى التعارف
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: منذ بداية جائحة “كوفيد-19″، تقوقع الكثيرون منا حول أنفسهم وراحوا يتجاذبون أطراف الحديث مع زملائهم ومعارفهم الحاليين. ولكن نمونا المهني على المدى البعيد يقتضي مقابلة أشخاص جدد وتوطيد العلاقات غير الوطيدة وإعادة بنائها من جديد. ولكي تستطيع إعادة ترتيب أولويات التعارف، تقدم كاتبة المقالة استراتيجيات محدّدة لتسهيل العودة إلى التعارف عندما نشعر بالفتور والخمول: إعادة بناء العلاقات الخاملة، ومطالبة صديق بأن يرشح لك بعض المعارف، وتحديد القواسم المشتركة، واختيار الفعاليات المستهدفة بالحضور، والاستعانة بمُضيف مشارك عند تنظيم فعالية خاصة بك. 

 

تسببت جائحة فيروس كورونا في تدمير الفرص المعتادة لتكوين العلاقات المهنية، ولم ينجُ من هذه النازلة أحد، حتى أولئك الذين أبدوا التزاماً واضحاً ببناء شبكات العلاقات المهنية، وكان ذلك نتيجة منطقية لإلغاء المؤتمرات والتحول إلى وسائل التواصل الافتراضية والعمل عن بُعد وتراجُع فرص إقامة فعاليات بناء العلاقات حضورياً إلى أدنى مستوياتها. ونتيجة لذلك ضاعف الكثيرون منا جهودهم لتوطيد علاقاتهم الحالية، ما قلّل بشكل جذري من عدد الأشخاص الجدد الذين التقيناهم على مدار العامين الماضيين وحدا بنا إلى ترك علاقاتنا غير الوطيدة تنهار تحت وطأة الإهمال. فقد توصلت إحدى الدراسات إلى تراجع العلاقات الجديدة بنسبة 21% في الشركات التي اعتمدت ترتيبات العمل عن بُعد.

قد لا تبدو تلك مشكلة خطِرة في الوقت الحالي، ولكن الباحثين يرون أن هذا قد يؤدي بمرور الوقت إلى انخفاض معدلات الابتكار لأننا سنحرم أنفسنا ميزة التعرّف على الرؤى والأفكار الجديدة. فكيف نبدأ، إذاً، في إعادة ترتيب أولويات التعارف إذا شعرنا بالفتور والخمول؟

حاولت الإجابة عن هذا السؤال في كتابي الذي صدر مؤخراً تحت عنوان “اللعبة الطويلة: كيف تصبح مفكراً خالداً في عالم فانٍ” (The Long Game: How to Be a Long-Term Thinker in a Short-Term World)، لأن بناء العلاقات يمثّل حجر الزاوية للفرص الطويلة الأجل، شريطة أن يتم بناء هذه العلاقات بالشكل الصحيح. وإليك الاستراتيجيات التي ستُثبت لك الأيام فوائدها عندما نعود إلى المقرات المكتبية وغيرها من التجمعات المهنية، بغض النظر عن حجم التجمع الذي لا تمانع في حضوره.

البدء ببناء العلاقات الثنائية

قد يبدو حضور فعاليات بناء العلاقات الواسعة النطاق أمراً مرهقاً إذا لم تكن قد فعلت هذا منذ فترة من الزمن. (ولنكن واضحين، فلطالما كانت هذه الفعاليات مرهقة للانطوائيين).

إذا كانت الحال كذلك، فيستحسن أن تبدأ عملية إعادة بناء عضلات التعارف من خلال السعي إلى بناء العلاقات الثنائية. يمكنك أن تبدأ بزملائك أو عملائك الذين كنت على اتصال بهم عبر وسائل التواصل الافتراضية في أثناء الجائحة وترغب في تعميق علاقتك بهم. يمكنك أيضاً إعداد قائمة بالعلاقات الخاملة التي تضم الأشخاص الذين لم ترهم أو تتفاعل معهم كثيراً خلال العامين الماضيين، والذين ترغب في تحديث علاقتك معهم.

وإذا كنت قد استنفدت هذه الفرص، أو أعياك التفكير في الأشخاص الذين تود مقابلتهم، فاطلب من صديق (لا سيما الشخص الذي تعرف أنه همزة وصل جيدة) تقديم اقتراحاته حول الأشخاص الذين يجدر بك أن تلتقيهم. تحقق مما إذا كانوا منفتحين على تعريفك بأشخاص جدد أو استضافة مكالمة هاتفية ثلاثية أو مكالمة فيديو للتواصل معك وتعريفك بهؤلاء الأشخاص. وسيسعدهم على الأرجح تقديم يد العون.

تعتبر هذه طريقة رائعة للرجوع إلى أساسيات التعارف التي تعني في جوهرها التعرف على الأشخاص المثيرين للاهتمام بشكل أعمق.

حضور فعاليات بناء العلاقات

إذا شعرت بالاستعداد للانخراط في فعاليات بناء العلاقات حضورياً، فاعلم أن بعض الأشياء قد تغيرت، بما في ذلك مقدار المساحة الشخصية التي تشعر أنت والآخرون بأنها مناسبة. بالإضافة إلى ذلك، سنحتاج إلى العودة إلى أساسيات ممارسة المحادثات الخفيفة وإيجاد طرق للتواصل مع الغرباء.

ويرى عالم النفس، روبرت تشالديني، أن أفضل خطوة يمكن اتخاذها في هذا الشأن هي الإسراع بتحديد القواسم المشتركة التي تتقاسمها مع الآخرين. إذ لا يمنحك وجود قاسم مشترك شيئاً يمكنك أن تتحدث عنه فحسب، وإنما يسهم أيضاً في توضيح أنك “واحد منهم”، ما يخلق مساراً لبناء الثقة. وبما أننا على أعتاب الخروج من جائحة تراجعت فيها مساحة التواصل الاجتماعي وتفشت خلالها ظاهرة الخوف من الغرباء خشية أن يكونوا ناقلين محتملين للمرض، فقد يكون من المهم أن تؤكّد على أوجه التشابه بينك وبين المعارف الجدد.

وتتمثل إحدى الاستراتيجيات التي تسهّل هذا الأمر في اختيار الفعاليات المستهدفة بالحضور. على سبيل المثال، بدلاً من الذهاب إلى فعاليات التعارف العامة، يمكنك أن تبذل جهداً لحضور فعالية برعاية رابطة الخريجين في جامعتك. فمن المعروف بداهة أن ثمة قواسم مشتركة بينك وبين زملائك الذين يحضرون هذه الفعالية، وبالتالي فمن المرجح أن تتجاذبوا أطراف الحديث بسهولة فيما بينكم (“في أي منزل كنت تعيش؟ لقد كنتَ متخصصاً في الفلسفة. هل التحقت بصف الأستاذ غرين؟”) بالإضافة إلى ذلك، تساعد الخبرة المشتركة على بناء الشعور بالألفة بشكل أسرع، وقد تجد أن لديكم بالفعل معارف مشتركين، ما يزيد من تعميق أواصر العلاقة.

استضافة فعالياتك الخاصة

تكمن مشكلة حضور فعاليات الآخرين في أنها قد لا تكون مناسبة للتعارف بالطريقة التي تريدها. (وقد حضرت مؤخراً فعالية، وأود أن أسجّل امتناني للمضيفين لاستضافتهم هذا الجمع الغفير، كما أنني أود أن أعرب عن استغرابي لأنهم لم يوزعوا شارات الأسماء للمساعدة على تسهيل عمليات التعارف).

وإذا كنت على استعداد لأخذ زمام المبادرة في تنظيم فعالية ما، فلا يمكنك التحكم في قائمة الحضور فحسب، وإنما يمكنك أيضاً تنظيم مسار أحداثها. (على سبيل المثال، سأطرح “سؤالاً جماعياً” من أجل توحيد موضوع النقاش لكل أفراد المجموعة في حفل العشاء). يمكنك أيضاً استخدام تفضيلاتك الصحية. (فإذا سمحت الأحوال الجوية وكنت تخشى العدوى بفيروس كورونا، فيمكنك حجز مقاعد في الهواء الطلق).

يمكنك الاستعانة أيضاً بمُضيف مشارك. إذ يساعد تقاسم المسؤوليات على تخفيف الأعباء. (يمكنك دعوة 3 إلى 4 ضيوف، ويمكنهم أن يفعلوا الشيء نفسه). وهذا يضمن حصولك على المساعدة لتسيير أحداث الفعالية بأكبر قدرٍ ممكن من السلاسة. (وإذا كنت في الحمام وتطورت المحادثة وتطرّقت إلى مواضيع مثيرة للجدل، فيمكن لمضيفك المشارك أن يعيدها مجدداً إلى المسار الصحيح). وبالطبع، فإن الفائدة الأساسية التي ستعود عليك هي أن مضيفك المشارك سيتعرّف على أعضاء شبكة علاقاتك، والعكس صحيح.

قد تؤدي العلاقات الجديدة الناشئة عن تلاقح المعارف بين شبكات علاقاتك إلى تغييرات جذرية، فقد دعوتُ امرأة إلى حفل عشاء، والتقتْ هناك زميلاً أصبح فيما بعد مستشاراً لشركتها الناشئة وساعدها على جمع رأسمال الشركة في الجولة التمويلية الأولى. وتذكَّر: يشعر الجميع تقريباً بالفتور وعدم القدرة على التعارف مثلك تماماً، وحتى إذا لم يتمكنوا من حضور فعاليتك، فسيرحبون على الأرجح بالدعوة ويقدرونها، نظراً لأن فرص التواصل وبناء شبكة علاقات مهنية باتت نادرة جداً في الآونة الأخيرة.

منذ بداية جائحة “كوفيد-19″، تقوقع الكثيرون منا حول أنفسهم وراحوا يتجاذبون أطراف الحديث مع زملائهم ومعارفهم الحاليين. ولكن نمونا المهني على المدى البعيد يقتضي مقابلة أشخاص جدد وترميم العلاقات غير الوطيدة وإعادة بنائها من جديد. وكلما دخلت في جو هذه الاستراتيجيات واستخدمتها، كنت في وضع جيد يتيح لك إنشاء علاقات مهنية دائمة والحفاظ عليها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .