كيف تقود بحكمة وتعاطف؟

4 دقائق
الحكمة والتعاطف
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يعتقد معظمنا أن علينا القيام باختيار صعب بين أن نكون أشخاصاً جيدين وأن نكون قادة قساة ناجحين، وهذا اعتقاد خاطئ. في الحقيقة، غالباً ما يكون القيام بأشياء صعبة هو الشيء الأكثر إنسانية الذي يمكنك فعله. هناك مكونان رئيسيان: “الحكمة والتعاطف”، والقيادة بالتحلي بهما تتطلب التعلم والممارسة، بالإضافة إلى التخلص من بعض عادات الإدارة التقليدية. هناك 4 أساليب مهمة يمكنك تطبيقها لتصبح قائداً حكيماً ومتعاطفاً: تذكر القاعدة الذهبية، واستمع باهتمام شديد، واسأل نفسك كيف يمكنك المساعدة، وساعد الموظفين على رؤية إمكاناتهم.

 

منذ عدة سنوات، طُلب من يسبر برودين، الرئيس التنفيذي لشركة “إنكا غروب” (Ingka Group) المالكة لمعظم متاجر”إيكيا” (IKEA)، تولي إدارة فروع “إيكيا” في الصين، وهو عمل تطلب إجراء تغييرات كبيرة حتى يكون ناجحاً ومستداماً. سيتعين عليه إغلاق مكاتب ودعم العديد من الموظفين في العثور على عمل جديد. وقبل قبول إجراء عملية إعادة الهيكلة الصعبة هذه، سأل نفسه سؤالاً مهماً: “هل لدي الشجاعة والقوة للقيام بذلك؟”.

بوصفك قائداً، كيف تقوم بالأشياء الصعبة التي تقترن بتحمل مسؤولية القيادة، وتظل شخصاً جيداً في نفس الوقت؟ هذا لغز أبدي بالنسبة إلى جميع القادة. يعتقد معظمنا أن علينا القيام باختيار صعب بين أن نكون أشخاصاً جيدين وأن نكون قادة قساة ناجحين، وهذا اعتقاد خاطئ. أن تتحلى بالإنسانية وأن تتخذ قرارات صعبة على المستوى القيادي، هما أمران لا يستبعد أحدهما الآخر. في الحقيقة، غالباً ما يكون القيام بأشياء صعبة هو الشيء الأكثر إنسانية الذي يمكنك فعله. وهناك عنصران رئيسيان: الحكمة والتعاطف.

في مقال نُشر في هارفارد بزنس ريفيو، قدمنا مفهوم القيادة الحكيمة المتعاطفة، مع تعريف الحكمة على أنها فهم عميق لما يحفز الموظفين والتحلي بالشجاعة للتحدث بصراحة والقيام بما يجب فعله حتى عندما يكون ذلك غير مريح، وتعريف التعاطف على أنه الاهتمام بصدق بالآخرين مع العزم على تقديم الدعم والمساعدة.

أظهرت دراستنا لقادة وموظفين من أكثر من 5 آلاف شركة في 100 دولة تقريباً القوة غير العادية للقيادة بحكمة وتعاطف. فالموظفون الذين يُظهر قادتهم إما الحكمة وإما التعاطف يعيشون تجارب إيجابية بوجه عام. كما أنهم يستمتعون بوظائفهم ويندمجون فيها ويقل احتمال إصابتهم بالاحتراق الوظيفي. ولكن عندما يُظهر القائد الحكمة والتعاطف معاً، يصبح التأثير على رفاهة الموظف وإنتاجيته عظيماً. والرضا الوظيفي للموظف الذي يعمل لدى قائد حكيم ومتعاطف أعلى بنسبة 86% من الرضا الوظيفي للموظف الذي لا يعمل لدى مثل هذا القائد. ففي هذه الحالة، يكون تأثير الحكمة والتعاطف معاً أكبر بكثير من تأثير كل منهما على حدة.

ومع ذلك، ليس من المستغرب أن القيادة بهذا المزيج المكون من الحكمة والتعاطف ليست سهلة؛ فهي تتطلب التعلم والممارسة. تتمثل الخطوة الأولى الكبيرة في التخلص مما تعتقد أنك تعرفه عن معنى “القيادة”، وإعادة تعلم ما يعنيه أن تكون إنساناً.

بكل بساطة، تتمحور الإدارة حول إدارة الآخرين وممارسة الرقابة التنفيذية على الموظفين. أما القيادة، فتتمحور حول رؤية الآخرين والاستماع إليهم، وتحديد الاتجاه، مع عدم التحكم فيما سيحدث بعد ذلك.

قال لنا كريس توث، الرئيس التنفيذي لشركة “فاريان” (Varian) للأجهزة الطبية: “إذا بدأت بالتفكير في دورنا كقادة، فستجد أنه بسيط للغاية في الواقع. فدورنا ليس أن نكون صانعي القرارات أو أذكى مَن في الغرفة. في الواقع، إذا كان القائد هو مَن يصنع القرارات دائماً، فقد يكون هذا الأمر خطراً للغاية. بدلاً من ذلك، عليك إرساء ثقافة قوامها التعاطف والتمكين وتقبُّل وجهات النظر المتنوعة. فهذا يطلق العنان لإبداع الموظفين ويزيد إنتاجيتهم وسعادتهم”.

لتعزيز هذا النوع من نُهج القيادة، من المهم للغاية الاعتراف بأننا لسنا مسميات وظيفية، فنحن بشر نرغب في التواصل على الصعيد الإنساني مع الآخرين. فيما يلي 4 طرق لتقود متحلياً بقدر أكبر من الإنسانية.

تذكر القاعدة الذهبية

التعاطف في جوهره هو الرغبة في رؤية الآخرين سعداء والاستعداد لاتخاذ إجراءات للمساعدة في تحقيق ذلك. وهذا تعبير مختصر عن القاعدة الذهبية: عامل الناس كما تحب أن يعاملوك. تُعد هذه القاعدة الذهبية خطوة مفيدة لتطبيق مبدأ التعاطف الحكيم؛ لأنها تتطلب مراعاة وجهة نظر شخص آخر. فعندما نكون قادرين على وضع أنفسنا مكان الشخص الآخر، سنتمكن من النظر من زاوية جديدة إلى المواقف التي تنطوي على تحديات. يمكن أن نستغرق وقتاً لندرك أننا ننظر إلى الموقف من جانب واحد، ولكن على الأرجح ستبدو الأشياء مختلفة تماماً عما تبدو عليه من منظور شخص آخر. وعلى الرغم من أن وضع نفسك مكان شخص آخر مفيد للتأمل، فمن المهم تجنب الاعتقاد أنك تعرف ما يشعر أو يمر به الشخص الآخر. وهذا ينطبق بوجه خاص في بيئة العمل التي تتسم بالتنوع على نحو متزايد اليوم. فنحن بحاجة إلى تحقيق التوازن بين وضع أنفسنا في مكان الشخص الآخر مع عدم افتراض أننا نفهم واقعه، ما يتطلب الاستماع باهتمام.

استمع باهتمام شديد

لدينا أذنان وفم واحد، وهذا يعني أنه يمكننا، وينبغي لنا، أن نستمع أكثر مما نتكلم. عندما تستمع باهتمام إلى الآخرين، سيشعرون بالتقدير وبأن صوتهم مسموع، وهو ما يلبي أحد احتياجاتنا الأساسية كبشر. إذا استطعت الاستماع باهتمام، وبعقل متفتح واستعداد للتعلم، فلن تصبح أكثر حكمة فحسب، بل ستتمكن أيضاً من مساعدة الآخرين حقاً. إذا كنت ستجري محادثة مهمة قريباً، فخصص وقتاً إضافياً للاستعداد. يمكن أن يعني هذا تهيئة البيئة المناسبة بحيث تكون منتبهاً بالكامل أو العزم على الاستماع والشعور بصدق بما يريده الشخص الآخر ويشعر به بدلاً من التركيز على حل المشكلة.

اسأل نفسك عن كيفية تقديم المساعدة

هناك مثل صيني يقول “لا سبيل إلى التعاطف إلا التعاطف”. ولكن السؤال عن كيفية مساعدة الآخرين يُعد “سبيلاً إلى التعاطف”. عندما تكون على وشك التفاعل مع شخص ما، توقف لحظة للتفكير فيما يحدث لهذا الشخص. ما هو الأمر الذي يمثل تحدياً بالنسبة إليه؟ أو ما الذي يسير على ما يرام معه؟ ثم اسأل نفسك: ما هو الدعم الذي قد يحتاج إليه للتغلب على معاناته؟ ما هو التحفيز الذي قد يحتاج إليه لاكتساب المزيد من الوعي الذاتي حول النقاط المبهمة التي تخلق له مصاعب؟ التفكير في هذه الأسئلة قبل الاجتماع بالموظفين سيساعد على خلق تفاعل أكثر إنسانية يركز على نموهم وتطورهم.

ساعد الموظفين على رؤية إمكاناتهم

جميعنا نريد أن ننجز أعمالنا وأن نكون موضع تقدير. يقدّر القائد الجيد ما نحن عليه اليوم ولكنه يحثنا أيضاً على زيادة مهارتنا وصقلها والقيام بما هو أفضل لإدراك إمكاناتنا الحقيقية، وهذا ليس سهلاً. فإذا كان شخص ما ينجز عمله بشكل جيد بالفعل، فإن دفعه للقيام بما هو أفضل قد يكون محبطاً ومثبطاً للهمة. لكن القيادة لا تتعلق بمحاولة إرضاء الموظفين وجعلهم يشعرون بالسعادة والارتياح، بل تتعلق بدعم الموظفين من خلال تسليط الضوء على الأشياء التي قد لا يريدون مواجهتها. لذا، بدلاً من تجنب هذه المحادثات غير المريحة، حاول أن تنظر إلى دورك في توسيع إمكانات الموظفين كدلالة على الاهتمام الحقيقي بهم.

عندما نقود من خلال الحكمة والتعاطف والتحلي بقدر أكبر من الإنسانية، يمكننا خلق ثقافة يزيد فيها الآخرون من تركيزهم على بناء علاقات إنسانية حقيقية. وكقادة، يجب ألا نستخف بما لنا من تأثير على الموظفين. فنحن نمتلك القدرة على التحكم في مصدر رزقهم، وفي العمل الذي يقومون به، وفي شعورهم تجاه تعاملنا معهم، وهذه مسؤولية كبيرة. ولذلك من المهم للغاية القيام بالأعمال الصعبة المرتبطة بالقيادة بطريقة إنسانية، لكي نكون أكثر نجاحاً في التأثير إيجاباً على تجربة عمل الموظفين وشعورهم بالالتزام وأدائهم في العمل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .