بحث: كيف يمكن تجنب التحيز عند تقديم ملاحظات التطوير للموظفين؟

8 دقائق
الجوانب الرئيسية الأربعة للتحيز

ملخص: من أهم الطرق التي يمكن للمدراء دعم القادة الطموحين من خلالها هي تقديم ملاحظات التطوير، ما يعني ملاحظات تركز على فرص النمو. ولكن لا تُصاغ جميع ملاحظات التطوير بالطريقة نفسها. حدد بحث جديد قائم على تحليل محوسب لأكثر من 1,000 تعليق مكتوب الجوانب الرئيسية الأربعة للتحيز و4 طرق أساسية تصبح بها الملاحظات التي تُقدّم للنساء أقل قابلية للتطبيق وأقل فاعلية من الملاحظات المقدمة للرجال، وهي: عادة ما تركز ملاحظات التطوير المقدمة للنساء على تنفيذ الرؤية وليس وضعها، وعلى التكيف مع السياسات وليس استغلالها والاستفادة منها، وعلى التعاون وليس إثبات الذات. كما أنها تتعامل مع الافتقار إلى الثقة على أنه عيب رئيسي وليس مهارة محددة يمكن تطويرها. بناء على هذه الفوارق، تقدم المؤلفات عدة استراتيجيات للمدراء لمساعدتهم في التغلب على تحيزهم ضد المرأة (الذي غالباً ما يكون غير مقصود) وأيضاً لمساعدة مرؤوسيهم من الرجال والنساء على إظهار قدراتهم القيادية.

على الرغم من أن الشركات أصبحت توظف الآن مديرات أكثر من أي وقت مضى، فإن ترقية المرأة لتتولى المناصب القيادية العليا لا تزال تتم بوتيرة أبطأ بكثير من ترقية الرجال. وفي حين أن هناك مجموعة متنوعة من الأسباب الهيكلية التي تؤدي إلى عدم المساواة بين الجنسين في مكان العمل، إلا أن أحد العوامل المهمة يتمثل في التفاوت في كيفية تقديم التقييمات وملاحظات التطوير للرجال والنساء. يُعد اكتشاف التحيزات في الملاحظات المقدمة حول الأداء السابق والحد منها أبسط وأوضح إلى حد ما، نظراً إلى أن هذا النوع من الملاحظات عادة ما يغلب عليه الطابع الكَمي، على عكس الملاحظات والتعليقات التي تركز على الكيفية التي ينبغي بها للموظفين التغير والنمو ليصبحوا قادة في المستقبل؛ فهي تتسم بطابع نوعي في جوهرها، ما يجعل تحليلها أكثر صعوبة.

على الرغم من ذلك، وبفضل التحليل المحوسب للنصوص أصبح من الممكن قياس الاختلافات في الملاحظات المقدمة للرجل والنساء كمياً، وأيضاً معرفة الكيفية التي يمكن بها لهذه الاختلافات دفع الموظفين إلى مسارات قيادية مختلفة. في دراستنا الأخيرة، استخدمنا شكلاً من أشكال تعلم الآلة يُعرف بـ “نمذجة الموضوعات” (الذي أصبح يحظى في الآونة الأخيرة بشعبية كبيرة بوصفه أداة لتحليل التغريدات السياسية، انظر قسم المنهجية أدناه لمزيد من التفاصيل) واستخدمنا أيضاً التحليل النوعي الشامل للبحث في مجموعة كبيرة ومعقدة من البيانات المتعلقة بملاحظات التطوير.

استكشفنا على وجه التحديد الاختلافات بين الجنسين في مجموعة من البيانات المستقاة من ملاحظات مكتوبة وقابلة للتعديل قُدمت إلى 146 من القادة في منتصف حياتهم المهنية بواسطة أكثر من 1,000 من زملائهم وقادتهم دون الكشف عن هويتهم في أثناء المشاركة في برنامج لتطوير القدرات القيادية. كما طلبنا من المشاركين تقييم أداء قادتهم عددياً، ما منحنا أساساً كَمياً للمقارنة أتاح لنا التحكم في الاختلافات الموضوعية في أداء القادة.

بناء على هذه التحليلات وجدنا 4 اختلافات رئيسية في كيفية صياغة النصائح المقدمة إلى القادة والقائدات:

المصدر: إيلينا دولدور ومادلين وايت وجو سيلفستر

من المهم الإشارة إلى أن جميع هذه الرسائل صيغت على أنها إيجابية بشكل عام، ومن الممكن أن يكون الأشخاص الذين قدموا هذه الملاحظات آمنوا حقاً بقدرة هؤلاء النساء على الوصول إلى المناصب القيادية العليا. ولكن تقديم ملاحظات على القدر نفسه من الإيجابية إلى كل من الرجال والنساء لا يعني أن الملاحظات خالية من أي تحيز ضد المرأة، كما أن النوايا الحسنة لا تزيل الضرر الحقيقي الذي يمكن أن يتسبب فيه هذا التحيز. يُظهر بحثنا أن الملاحظات حتى إن كانت إيجابية ظاهرياً، فإن الملاحظات المقدمة إلى النساء عادة ما تكون أقل قابلية للتطبيق من الملاحظات المقدمة إلى الرجال، ما يقلل احتمالات وصول المرأة إلى المناصب العليا.

كيف يمكن تجنُّب التحيز ضد المرأة عند تقديم ملاحظات التطوير إليها؟

الخبر السار هو أنه يمكن التخفيف من هذا التحيز الخفي من خلال اتخاذ إجراءات مدروسة. إذ إنه يتعين على المدراء التدقيق في الرسائل التي يرغبون في إيصالها من خلال هذه ملاحظات التطوير لكي تكون شاملة للجنسين بشكل أكبر.

الأهم من ذلك أنه من الضروري أن ينظر المدراء في الكيفية التي يقدمون بها الملاحظات ليس فقط للموظفات ولكن للموظفين من الرجال أيضاً. فالهدف ليس معاملة النساء كالرجال، بل تشجيع جميع الموظفين على انتهاج الممارسات القيادية التي تراعي أفضل السمات النمطية لدى كل من الرجال والنساء. على سبيل المثال، إثبات الذات والتعاون ضروريان للقادة. وبالتالي، للتغلب على التحيز ضد المرأة بفاعلية ينبغي للمدراء تشجيع جميع الموظفين على تنمية كلا السمتين، ما قد يعني إجراء المزيد من المحادثات مع الموظفين الذكور حول تطوير مهارات التعاون وإجراء المزيد من المحادثات مع الموظفات حول أهمية التحلي بالإصرار وإثبات الذات بشكل أكبر.

إذاً، كيف يبدو ذلك في الواقع العملي؟ توصلنا من خلال بحثنا إلى بعض الطرق البسيطة التي يمكن للمدراء من خلالها التغلب على تحيزاتهم وتقديم ملاحظات أكثر إنصافاً في كل مجال من المجالات الأربعة المحددة أعلاه:

الرؤية

في كثير من الأحيان، تُدفع النساء إلى التركيز على تنفيذ الرؤية وليس وضعها. ولذلك ينبغي للمدراء تشجيع الموظفات على التفكير بطريقة استراتيجية في السياق الأوسع نطاقاً الذي تعمل فيه المؤسسة لمساعدتهن على تجاوز حدود مجالات خبرتهن الفنية والانتقال إلى المناصب القيادية. ادعهن إلى وضع رؤية شخصية لفريقهن وصياغتها، بدلاً من التركيز بشكل مفرط على التفاصيل التشغيلية والتنفيذ، وأيضاً ابحث عن فرص للإشادة علناً بتلك الإسهامات. فيما يلي بعض الأسئلة لبدء المحادثة:

  • “ما هي رؤيتك الشخصية للفريق/المؤسسة؟”.
  • “وكيف تتلاءم مع الصورة الأكبر؟”.
  • “وكيف يمكنك إشراك الآخرين في وضع هذه الرؤية؟”.

وعلى النقيض من ذلك، تشجيع الرجال على التركيز على المهارات التشغيلية والمهارات ذات الصلة بالتحلي بالحكمة يعني أن المحادثات التطويرية يجب أن تراعي المجالات التكتيكية التي تحتاج إلى تحسين، بخلاف وضع الرؤية. تشمل بعض الأسئلة التي يمكن طرحها ما يلي:

  • “ما هي الجوانب التشغيلية أو التكتيكية التي تحتاج إلى إيلائها المزيد من الاهتمام في وظيفتك؟”.
  • “ما هي مجالات الخبرة التي تحتاج إلى تطويرها؟”.

المهارات السياسية

قد يبدو أن سياسات مكان العمل غير مرغوب فيها، ولكن تشير البحوث إلى أن السلوكيات السياسية مثل التعارف وبناء العلاقات والتفاوض والتأثير في الآخرين ليست إيجابية فحسب ولكنها أيضاً مهمة للوصول إلى المناصب العليا. إذ إن الاكتفاء بـ “التكيف” مع السياسات (أو الأسوأ من ذلك، محاولة تجنبها تماماً) هو طريقة تفكير قائمة على رد الفعل وعادة ما تقف عقبة في طريق القيادة الفعالة.

بدلاً من ذلك، يتعين على المدراء تشجيع موظفاتهم على التفكير بطريقة استباقية فيما يتعلق بالسياسات. لذا، ساعدهن على تقدير أهمية المشاركة السياسية وشجعهن على تحديد الجهات الفاعلة الرئيسية واكتشاف خططهم الخفية وبناء العلاقات عمداً ليس فقط مع زملائهن ولكن أيضاً مع مَن هم في موقع السلطة الذين يمكنهم مساعدتهن في تسيير العمل. فيما يلي بعض الأسئلة لبدء المحادثة:

  • “ما هو شعورِك حيال سياسات مكان العمل؟ وما هي الطرق التي يمكن أن تكون بنّاءة للمشاركة في السياسات، في ضوء دورِك الوظيفي؟”.
  • “ما هي الجهات الفاعلة الرئيسية في مجال عملك/مؤسستك؟ وما هي خططهم؟”.
  • “مَن هم الأشخاص الذين تحتاجين إلى تكوين علاقات معهم؟ ومَن هم الأشخاص الذين تحتاجين إلى دعمهم لتحقيق أهدافك القيادية؟ وكيف ستفعلين ذلك؟”.

وبالمثل، يمكن تشجيع الرجال على عدم التركيز على تطوير العلاقات الاستراتيجية مع مَن هم أقدم منهم فحسب، ولكن يجب تشجيعهم أيضاً على تعزيز التحالفات الداعمة مع زملائهم. فيما يلي بعض الأسئلة لبدء المحادثة:

  • “كيف يمكنك بناء علاقات مع زملائك خارج نطاق مجموعاتك المعتادة؟”.
  • “أي من زملائك من غير المرجح أن تعمل معه؟ وكيف يمكنك، ويمكنهم، الاستفادة من بناء علاقات أوثق؟”.

إثبات الذات

حث الرجال على إثبات الذات وفي الوقت نفسه مطالبة النساء بالتركيز على أن يكن على وفاق مع الآخرين يمنح الموظفين الذكور تفويضاً ضمنياً بشق طريقهم والاضطلاع بأدوار قيادية بينما يتم توجيه النساء صوب المساعي التعاونية بشكل أكبر. وبدلاً من ذلك، يتعين على المدراء دعوة النساء إلى التعبير بصراحة عن طموحاتهن القيادية واغتنام فرص التنمية على نحو استباقي. فيما يلي بعض الأسئلة لبدء المحادثة:

  • “ما هي طموحاتِك القيادية؟”.
  • “كيف ستحققينها؟ وما هي الأشياء ومَن هم الأشخاص الذين سيساعدونك في ذلك؟”.
  • “ما هي الخطوات التي ستتخذينها في غضون عام للاضطلاع بهذا الدور القيادي؟”.

التعاون أيضاً عنصر مهم للقيادة الجيدة. ولذلك ينبغي للمدراء دعوة موظفيهم من الرجال إلى تنمية مهارات التعاون والتحلي بعقلية موجهة نحو الفريق، بالإضافة إلى تشجيعهم على تحقيق طموحاتهم القيادية. فيما يلي بعض الأسئلة لبدء المحادثة:

  • “إلى أي مدى تتحلى بعقلية موجهة نحو الفريق وتتعاون مع الزملاء في سياقات العمل المختلفة؟”.
  • “ما هي الطرق التي يمكنك من خلالها تنمية هذه المهارات؟”.

الثقة

اكتشفنا من خلال بحثنا أنه يتم إخبار الرجال أنهم بحاجة إلى بناء الثقة فيما يتعلق بمهارات محددة مثل المهارات المتعلقة بإدارة الاجتماعات أو التواصل مع أنوع مختلفة من الجماهير، بينما يتم تقديم نصيحة عامة للنساء بأن “يصبحن أكثر ثقة بأنفسهن” دون توجيه ملموس حول كيفية القيام بذلك. في الواقع، أظهرت بحوث سابقة أن صناع القرار غالباً ما يستشهدون بانعدام الثقة بوصفه مبرراً لتدرُّج المرأة البطيء في المناصب العليا دون تقديم ملاحظات محددة وعملية حول كيفية بناء هذه الثقة.

لتناول هذا الأمر في أثناء المحادثات التطويرية، ينبغي للمدراء الحديث عن الثقة فيما يتعلق بمجالات أو مهارات محددة، بدلاً من الحديث عن الثقة بالنفس بوصفها سمة عامة (وكأنها سمة يمكن أن تكون مفقودة بطبيعتها). حاول أن تبدأ المحادثة بطرح هذه الأسئلة:

  • “ما هي المهارات المحددة التي لا تشعر بالثقة حيالها؟ وكيف يمكنك تنميتها؟”.
  • “ما هي المهارات التي تشعر بالثقة حيالها؟ وكيف يمكنك الاستفادة منها على نحو أفضل في دورك الوظيفي؟”.
  • “ما هي السلوكيات التي يمكنك اتباعها لإظهار ثقتك بنفسك للآخرين؟”.

تُعد ملاحظات التطوير (المقدمة إما بشكل غير رسمي وإما من خلال عمليات الإدارة الرسمية) محركاً مهماً للنمو المهني ولكن غالباً ما يتم تجاهلها. كما أنها من الفرص القليلة الواضحة المتاحة للموظفين لمعرفة الكيفية التي ينبغي لهم التغير والتطور بها بوصفهم قادة، بذلك فهي تؤدي دوراً رئيسياً في تمهيد الطريق إلى القيادة. يوضح بحثنا الكيفية التي يمكن بها للاختلافات في ملاحظات التطوير توجيه النساء إلى مسارات قيادية مختلفة وأقل فاعلية من المسارات التي يتم توجيه الرجال إليها، ما يؤدي إلى عدم المساواة بين الجنسين.

ولحسن الحظ، فهم هذا التحيز الخفي ضد المرأة هو الخطوة الأولى نحو تجنبه. فمن خلال إعادة تركيز المحادثات التطويرية على الجوانب الرئيسية الأربعة للتحيز التي حددناها أعلاه، يمكن للمدراء التغلب على تحيزاتهم اللاإرادية ودعم تطوير جميع موظفيهم على نحو أكثر فعالية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .