لماذا خسر قسم الموارد البشرية ثقة الموظفين وكيف يمكن استعادتها؟

5 دقائق
قسم الموارد البشرية
مارتن بارود/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: أظهرت دراسة جديدة أنه عندما يكون لدى الموظفين مخاوف، سواء بسبب مشكلة مع مدير مؤذٍ أو سلوك غير مهذب ينتهجه عضو آخر في فريقهم، فإنهم لا يلجؤون إلى قسم الموارد البشرية. قد لا يكون هذا مفاجئاً للكثيرين، إلا أن هذه النتائج تشير إلى وجود مشكلة مستمرة في قسم الموارد البشرية. إذ يرى معظم الموظفين أن قسم الموارد البشرية يحمي مصالح الشركة ويركز على الامتثال بدلاً من أن يكون داعماً للموظفين واحتياجاتهم. حدد المؤلفان 3 طرق يمكن لمدراء الموارد البشرية من خلالها دعم الموظفين، كمدربين وموجهين ووسطاء، واستعادة ثقة الموظفين بهم.

 

الطريقة التي يعمل بها معظم أقسام الموارد البشرية لا تناسب الموظفين. فقد أظهرت دراستنا الأخيرة التي شملت 993 موظفاً أنه عندما تكون لدى الموظفين مخاوف، سواء كانت تتعلق بالطريقة التي يعاملهم بها مديرهم أو بسلوك غير مهذب ينتهجه زميلهم، فإنهم يفضلون التواصل مع أي شخص قبل اللجوء إلى أحد موظفي قسم الموارد البشرية. فهم يلجؤون أولاً إلى مديرهم، ثم إلى زميل يثقون به. وإذا لم تنجح أي من هذه المحاولات، فإنهم يحاولون التعامل مع المشكلة بأنفسهم. في الواقع، قد يذهب الموظفون إلى قائد آخر في مؤسستهم أو لا يفعلون شيئاً على الإطلاق قبل اللجوء إلى قسم الموارد البشرية!

هذا ليس خبراً جديداً للكثيرين، ومن المفارقة أنه يجري تطوير قسم الموارد البشرية منذ عقود. وقد كان الهدف هو تحويل نموذج الموارد البشرية التفاعلي الذي يركز على الامتثال والذي كان يُستخدم في الماضي إلى نموذج يُنظر فيه إلى القادة على أنهم شركاء تنفيذيون موثوق بهم وداعمون للموظفين. وفي هذا النهج يكون لقادة الموارد البشرية مقعد على طاولة القيادة لتقديم المشورة للمسؤولين التنفيذيين بشأن الثقافة والتحدث نيابة عن الموظفين والتعبير عن احتياجاتهم.

ولكن تُظهر دراستنا بوضوح أن القليل فقط من أقسام الموارد البشرية تفي بما يَعد به هذا الدور الثاني. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لانتقال موظفي الموارد البشرية من مسؤولين عن الامتثال إلى داعمين للموظفين، لا يزال الموظفون يفتقرون إلى الثقة بموظفي الموارد البشرية. ولكن هل من المهم أن يثق الموظفون بهم؟ وإذا كانت الإجابة هي “نعم”، فما الذي يلزم القيام به؟

قد يميل بعض قادة الموارد البشرية إلى تجاهل هذه النتائج بحجة أنه من الجيد أن يلجأ الموظفون إلى مدرائهم. لكن تُظهر دراستنا أن تفضيل التحدث إلى مدير يشير إلى مدى تدني الثقة بقسم الموارد البشرية أكثر مما يشير إلى ثقة الموظفين الكبيرة بقادة فِرقهم. فوفقاً للمشاركين في استطلاعنا، لا يشعر ما يقرب من نصف المشاركين (47%) بالأمان حيال مشاركة شعورهم بالإحباط مع مدرائهم. كما أنهم غير واثقين من أن مدراءهم سيدعمونهم.

وفي النهاية لا يتم سماع العديد من مخاوف الموظفين، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، ولا يتم تبديدها. وهذه ليست مخاطرة ينبغي أن يكون القادة على استعداد لخوضها.

عندما سألنا عن السبب وراء إحجام الموظفين عن اللجوء إلى قسم الموارد البشرية، وجدنا أن 37% من المشاركين يعتقدون أن قسم الموارد البشرية يهتم بدعم شركاتهم أكثر من اهتمامه بهم. وكانت أكبر المخاوف التي شعر الموظفون بالراحة عند مشاركتها مع قسم الموارد البشرية هي القضايا المعتادة المتعلقة بالسياسات أو الامتثال مثل التحرش والتمييز والآداب المهنية. ولكن يغفل قادة الموارد البشرية عن الأمور المتعلقة بالثقافة أو المعنويات مثل النزاعات الضارة بين الأشخاص وكيفية تواصل القادة مع فِرقهم وكيفية تنفيذ الاستراتيجية والرؤية والتوجيهات. قال المشاركون إنهم يخشون ألا يكون لدى قائد الموارد البشرية القدرة على إحداث تغيير، وحتى لو تمكن من إحداثه، فستكون لاحتياجات الشركة الأولوية. إذاً، ما الذي يمكن فعله؟ كيف يمكن لفريق الموارد البشرية الانتقال من فريق يتقيد بقواعد الشركة إلى فريق يضع الموظفين وشواغلهم في المرتبة الأولى؟

خلاصة القول هي أن كل شخص يستحق أن يُسمَع صوته ولا يتم إسكاته، لا سيما فيما يتعلق بتجربة الموظف. فالوضع الأمثل هو أن يشعر كل موظف بالراحة عند مشاركة مخاوفه وشواغله مع الأشخاص الذين يعمل معهم بشكل مباشر: مدراؤه وزملاؤه. ومع ذلك، تُظهر بحوثنا التي أجريناها على مدار العقود الثلاثة الماضية أن معظم الناس يواجهون صعوبة في التعبير عن آرائهم في المحادثات العاطفية أو التي تنطوي على مخاطر عالية. وهنا تحديداً يمكن لقسم الموارد البشرية، بل وينبغي، أن يضطلع بدور من خلال المساعدة في الدفاع عن الموظفين.

عندما ينظر الموظفون إلى موظفي قسم الموارد البشرية على أنهم أكثر من مجرد مسؤولين عن الامتثال، بل كمدربين وموجهين ووسطاء، سيبدؤون في الثقة بهذا النظام الذي يدعم احتياجاتهم أولاً وقبل كل شيء. سواء كنت تقود قسم الموارد البشرية في مؤسستك أو تعمل فيه، فيما يلي 3 نُهج نعتقد أنه ينبغي لك اعتمادها للتعامل على نحو أفضل مع التحديات والشواغل المتعلقة بالثقافة التي يتعرض لها الموظفون يومياً.

تقديم الدعم كمدرب

يمكن لقادة الموارد البشرية دعم الموظفين القلقين من خلال تدريبهم على كيفية إجراء محادثات صعبة مع زملائهم ومدرائهم. على سبيل المثال، كيف تخبر مديرك أنك مُنهَك؟ كيف تختلف مع زملائك في الرأي بشأن الجدول الزمني للمشروع؟ كيف تبلغ عن وجود ثقافة مضرة؟

إن دعم الموظفين خلال هذه الأنواع من النزاعات يبدأ بالاستماع إلى الموظف وطرح أسئلة مفتوحة دون إصدار أحكام. بعد ذلك، احرص على تصوُّر المحادثة مع الموظف، ومناقشة الطرق المناسبة للتواصل مع مديره أو زميله، وتقديم تصورك حول ما قد تؤول إليه هذه المحادثة.

لا يلزم أن تكون حاضراً عند إجراء المحادثة، ولكن ساعد الموظف على الاستعداد لها وقدِّم أفكارك وتابع معه بتقديم جلسات تدريب إضافية تشجعه وتساعده على حل مشكلته. فالمدرب يهتم بنمو الشخص ولا ينظر إليه على أنه مشكلة عابرة يجب حلها. وفي المقابل، يثق الأشخاص بالمدربين ويلتمسون دعمهم.

تقديم الدعم كموجه

عندما يأتي الموظفون إلى قسم الموارد البشرية بسبب نزاعات لم يتم حلها بين الأشخاص، مثل الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن المشاريع المهمة أو الاختلافات في أساليب التواصل أو حتى المسائل المتعلقة بعدم الاحترام، فانظر إلى الأمر كفرصة للتوجيه.

بدلاً من استغلال الفرصة للتوثيق أو اتخاذ إجراءات تصحيحية، استمع إلى رأي الموظف بحيادية وشجعه على الاستفادة من التجارب السابقة التي يمكن أن تساعده على التعامل مع الموقف الحالي. وحددا معاً الجوانب التي لم يتصرف فيها بشكل جيد، في النزاعات السابقة والحالية على وجه الخصوص. اقترح الإجراءات والخطوات اللاحقة، وادعمه وشجعه.

يترجم الموجهون أقوالهم إلى أفعال أيضاً من خلال إظهار مهاراتهم الجيدة في التعامل مع الآخرين. وتتضمن هذه المهارات ضبط القصة التي قد تخبرها لنفسك عن الآخرين قبل التصرف بناءً على أحكام يُحتمل ألا تكون منصفة، والبحث عن غاية مشتركة عندما يبدو أن هناك تناقضات، وجَعْل الآخرين يشعرون بالأمان حيال إجراء حوار معك من خلال إبداء الاحترام والتفهم. إذ يكون الأشخاص أكثر ثقة عند طلب المشورة والدعم من شخص يُظهر ببراعة أنه يمتلك المهارات التي يبحثون عنها.

تقديم الدعم كوسيط

النهج الثالث هو التدخل كوسيط عندما لا يكون من الممكن أن يعالج الموظف الموقف الذي يواجهه بمفرده. في هذه الحالة، يمكنك سماع وجهة نظر كل طرف على حدة، ثم جمع الطرفين معاً لإجراء محادثة بنّاءة ومثمرة. ضع قواعد أساسية في بداية الاجتماع تشمل السماح لكل طرف برواية القصة من جانبه. واطلب من كل طرف أن يسرد الوقائع والسلوكيات وليس الاستنتاجات. على سبيل المثال “رفعت صوتك وقلت إنني تخلفت عن الموعد النهائي” بدلاً من “أنت ترى أنني كسول وغير كفؤ”. كرر وجهات نظر الطرفين حتى يشعرا أنك استمعت إليهما جيداً، ثم حدد جوانب الغايات المشتركة والاحترام المتبادل (على سبيل المثال “كلاكما ملتزم بتقديم منتج عالي الجودة”) وبعد ذلك حاول إيجاد حلول ممكنة. يمكن أن يكون هذا نهجاً مثمراً في تحفيز الطرفين على التوصل إلى حل. ومن الضروري أن تتوسط بطريقة محايدة وغير متحيزة.

إذا لم يأتِ الموظفون إليك لعرض شواغلهم الآن، فإن تغيير سمعة قسم الموارد البشرية لدرجة أن يشعر الموظفون بالأمان تجاهه سوف يستغرق وقتاً. من خلال الاستثمار في تنمية المهارات اللازمة للقيام بالأدوار الثلاثة الموضحة أعلاه، فإنك بذلك لن تساعد الموظفين الذين يحتاجون إلى دعمك فحسب، بل ستساعد نفسك أيضاً. فقادة الموارد البشرية الذين يُنظر إليهم الموظفون على أنهم داعمون وموثوق بهم يتمكنون من رؤية التحديات الثقافية والعملياتية من الداخل، وإذا تم التصدي لها فإنها تهيئ الشركة للنجاح في المستقبل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .