لإنجاح العمل الهجين، التمس آراء الموظفين

6 دقائق
التماس آراء الموظفين
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يسعى أصحاب العمل لتأسيس خطط العمل الهجين في مؤسساتهم، لذلك يجب عليهم العمل بجد على التكيف مع احتياجات الموظفين والتماس آراء الموظفين مع كل خطوة. فمع توفر العديد من الخيارات أمام الموظفين فيما يتعلق بأماكن العمل، من غير المرجح أن يستمروا بالعمل طويلاً لدى مؤسسة لا تولي آراءهم أي قيمة. تقترح المؤلفة عدداً من الأسئلة التي يمكن لصاحب العمل طرحها على موظفيه من أجل الحصول على الآراء التي يحتاج إليها.

ستوفر القوة العاملة الهجينة مرونة لم يعهدها ملايين الموظفين قبل الجائحة. ونشهد بالفعل تجارب جديدة في طرق عمل الموظفين وفقاً للنموذج الآخذ بالانتشار المتمثل في تقسيم الأسبوع إلى ثلاثة أيام للعمل في المكتب ويومين للعمل عن بُعد. يُعنى نموذج العمل الهجين هذا بالمكان، لكن يتعين على الشركات البدء بزيادة اهتمامها بالعمليات، والأهم هو الاهتمام بالموظفين. بغضّ النظر عن ترتيبات العمل الهجين التي يفضلها أصحاب العمل في نهاية المطاف، يجب عليهم العمل بجد على التكيف مع احتياجات الموظفين من خلال التماس آراء الموظفين مع كل خطوة.

والجدوى من ذلك جليّة: ففي الوقت الذي تكون فيه المنافسة على المواهب كبيرة يؤدي إنشاء بنية تنظيمية لا تضم ما يفضله الموظفون إلى زيادة معدلات دوران الموظفين وصعوبة في جذب أفضل المرشحين، إذ يغادر الموظفون سعياً إلى الحصول على وظائف تتيح لهم فرصاً أفضل واندماجاً أكبر. تزداد أهمية العلاقة مع الموظفين وآرائهم أكثر فأكثر في نجاح المؤسسات. وفقاً لنتائج أبحاث شركة “غارتنر”، بإمكان الشركات تحقيق ارتفاع في معدلات رفاهة الموظفين وصنع موظفين ذوي أداء عالٍ أكثر بنسبة 21% عن طريق دعم تجربة حياة الموظف الكاملة بتوفير المرونة وتعزيز التواصل الأعمق بين صاحب العمل والموظف ووضع هدف مشترك. على الرغم من هذه الفوائد، ستعاني بعض المؤسسات من صعوبة في إشراك جميع الموظفين في هذا النوع من العمليات الأساسية لجمع الآراء وصناعة القرارات.

لكن ذلك ممكن، وهو يبدأ بمطالبة الشركة كلّ قائد بفعل ما يلي: 1) التعرف على أفراد فريقه والعمل الذي ينجزونه 2) فهم طرق تأثير الفريق في المجالات الأخرى ضمن المؤسسة 3) إدارة الجزء المسؤول عنه من العمليات على أنه شركة صغيرة قادرة على العمل بمرونة لتلبية احتياجات العملاء. ستؤدي مشاركة الموظفين في صناعة جميع القرارات الرئيسية (والتي يمكن أن تقتصر ببساطة على الآراء والملاحظات) إلى توليد شعور بالقيمة لديهم يدفعهم إلى البقاء في المؤسسة. وهذا ليس مجرد أمر لطيف تقوم به القيادة، بل هو أمر ضروري واجب.

من الضروري أيضاً أن يتبنى أصحاب العمل في الولايات المتحدة مجموعة متنوعة من خيارات العمل الهجين، فقد بات واضحاً أكثر من أي وقت مضى أنه من غير الممكن تطبيق نموذج موحد على جميع الشركات. ومع تزايد القوى العاملة الهجينة بيننا ستبدأ الشركات باختبار أنظمتها الخاصة التي تناسب ثقافاتها بدرجة أكبر. ومع الوقت سنتعرف على الشركات التي ستنجح في اعتماد البنية التنظيمية الهجينة والشركات التي لن تنجح في ذلك، وستؤدي توجهات السوق والشركات إلى فرض استمرار الاهتمام بنجاح نهج معين لأننا كمجتمع نميل إلى الاقتداء بالشركات الناجحة ومحاكاة عملياتها.

لماذا يجب أن يبدأ المدراء محادثات التماس آراء الموظفين؟

مع توفر الكثير من الخيارات أمام الموظفين فيما يتعلق بأماكن العمل، من غير المرجح أن يستمروا بالعمل طويلاً لدى مؤسسة لا تولي آراءهم أي قيمة. على الرغم من أن محاولة تلبية الاحتياجات الفردية لكل شخص تبدو فكرة خيالية، فإن القادة الذين يتمتعون بمرونة أكبر في العمل مع فرقهم تزداد قدرتهم على رفع معدلات الاستبقاء (مقارنة بمن يلتزمون بتنفيذ قرارات الشركة فقط). بطبيعة الحال، يجب أن تدرك القيادة العليا القيمة التي تتولد من تقديم الموظفين آراءهم لمدرائهم كي تتمكن من تعزيز هذه العملية.

تحدثت مؤخراً مع رئيس شركة كبيرة أسس سياسة 50/50 حيث يتم نصف العمل عن بُعد ونصفه الآخر داخل مقرّ العمل، وهو عازم على مزج المتطلبات المؤسسية مع رغبة القوة العاملة في التمتع بالمرونة في العمل، لكن هذا النهج واجه بعض الصعوبات. مثلاً، كان حضور أحد الموظفين إلى مقر العمل ضرورياً في أحد الأيام، لكنه رفض لأن ذلك اليوم كان مقرراً للعمل عن بُعد وفق الجدول. هذا غير مقبول بالتأكيد وكأن الموظف يقول “هذا ليس من شأني”، ولذلك كان من الضروري توضيح التوقعات. تمثلت مشكلة أخرى في أن الموظفين الجدد الذين تم تعيينهم في أثناء الجائحة لم يتمكنوا من تحقيق تقدم سريع في الأداء مثل الموظفين الذين تم تعيينهم شخصياً.

لكن لحسن الحظ يثمن هذا القائد عالياً آراء الموظفين وهو مستعد للاستفادة منها في تحسين السياسة. في محادثتنا، فكرنا في اعتماد إجراء يفرض على الموظفين الجدد العمل بدوام كامل في مقر العمل لمدة شهر أو شهرين أيهما أفضل. في نهاية المطاف قرر قائد الشركة أن سياسة 50/50 كانت بداية رائعة ويجب اعتبارها حالة تتطور بناء على التوقعات الواضحة وآراء الموظفين ومقترحاتهم.

يكمن سرّ نجاح السياسة في شروط تقديم الآراء على نحو مستمر ووضوح التوقعات. إذا كنت مديراً وتحتاج إلى تسهيل سبل التعاون الوثيق بين الموظف وصاحب العمل فيما يتعلق بسياسات العمل الهجين، فابدأ بهذه الخطوات لإنشاء جداول العمل وإجراء التعديلات المستمرة:

1. تعرف على الظروف التي تساعد على ازدهار أفراد فريقك.

يتضارب القول المأثور “حافظ على المسافة المهنية بينك وبين موظفيك” مع إنشاء ثقافة مكان العمل العظيمة، فقد أثبتت الأبحاث أن علاقات الموظفين مع رؤسائهم والمشرفين عليهم ضرورية لرضاهم الوظيفي وبالتالي رفاهيتهم. سيكون تقصير المشرفين في تنمية هذه العلاقة مكلفاً إذا كانوا يحاولون توجيه الفريق في عملية الانتقال إلى أسلوب العمل المرن، لذا يجب عليهم الحرص على تواصلهم مع الموظفين لضمان اندماجهم.

والمدير الذي يبقى على تواصل مع أفراد فريقه يعرفهم جيداً على المستوى الشخصي ويفهم ظروفهم الفردية التي تمكنهم من العمل على نحو أفضل والازدهار على الصعيدين الشخصي والمهني.

يمكن للمدراء طرح الأسئلة التالية للكشف عما يحفّز الموظفين:

  • ما هي أهدافك المهنية على المديين القريب والبعيد؟ ما الذي يمكن أن يعيقك؟
  • ما الذي يُشعرك بأنك تحظى بالتقدير في العمل؟
  • ما العمل الذي تتمنى أن تقضي وقتاً أقلّ في أدائه؟
  • ما هي العمليات التجارية التي يمكننا تحديثها لتحقيق الكفاءة؟
  • ما هي الأدوات أو العمليات التي تساعدك على الشعور بالانتماء والاندماج؟

ولمعرفة احتياجات الموظفين يمكن للمدراء طرح الأسئلة التالية:

  • أين تشعر أنك تعمل بأقصى درجة من الإنتاجية، في مقرّ العمل أو في مكان آخر كالمقهى مع زملائك، أو في المنزل، أو عندما تعمل في مجموعة من المواقع؟
  • ما هو جدول العمل الذي يشكل أفضل دعم لمجمل رفاهتك؟
  • ما هي الأدوات التي تحتاج إليها كي تتمكن من تقديم أداء جيد في عملك؟

يمكن أن يساعد طرح هذه الأسئلة والاستماع بعناية إلى الإجابات في الكشف عن إشارات تدل على مستويات اندماج الموظفين الحالية والتغييرات التي يمكن إجراؤها على السياسة لدعم هذه المستويات أو تقليلها.

2. تأكد من وضوح متطلبات العمل ثم ضع جدولاً يتناسب معها.

قبل إجراء أي تغيير تأكد من معرفة أفراد الفريق بأكملهم لما تتطلبه الشركة كي تتمكن من تلبية توقعات العملاء، وبمجرد تعيين معايير الشركة الشاملة هذه يمكن للفريق إنشاء المرونة ضمنها. لاحظ أنه عند توضيح هذه المتطلبات، يقوم الموظفون بتعديل أدائهم سلباً أو إيجاباً كي يتطابق مع توقعات القادة منهم، وتعرف هذه الظاهرة باسم “تأثير بيغميليون” (Pygmalion effect). وبأخذ ذلك بعين الاعتبار، يجب خوض جميع المحادثات بهدف بناء المناخ الملائم للنجاح.

لمعرفة متطلبات الإنتاجية والعمل التعاوني بإمكانك طرح الأسئلة التالية:

  • هل معايير الفريق وأهدافه ومواعيده النهائية واضحة؟
  • هل تفهم ما هو متوقع منك وما يجعل الأداء ناجحاً؟
  • كم مرة تتواصل مع زملائك في الفريق أو مع العملاء؟ ما هي الأوقات التي تتشابك غالباً؟

لمعرفة حقيقة تفضيلات الموظفين الفردية بإمكانك طرح الأسئلة التالية:

  • هل لديك أي سؤال حول دورك في تحقيق رؤية الشركة؟
  • ما الذي يساعدك على التركيز؟ ما الذي يشتت انتباهك؟
  • ما هي أفضل الطرق للتواصل مع زملائك في الفريق؟ وما هي أفضل الطرق للتواصل مع الفرق الأخرى؟ وما هي أفضل الطرق للتواصل مع العملاء أو أصحاب المصلحة الخارجيين؟

من خلال الفهم الواسع لغاية الفريق ومدى تلاؤمها مع بقية المؤسسة يجب أن يكون المدير قادراً على إشراك الفريق في وضع جدول عمل قابل للتنفيذ يدعم أهداف الشركة فيما يتعلق بالتعاون والإنتاجية ويدعم التفضيلات الفردية في نفس الوقت.

3. التمس المعلومات حول مدى نجاح جدول العمل.

مع وجود جدول عمل وسياسة هجينين، يجب على المدراء تسهيل مناقشات الفريق الدورية حول ما ينجح في جدول العمل وما لا ينجح. توصلت الأبحاث إلى أن بعض المدراء يستمرون بتجاهل أفكار الموظفين لأنها تتطابق بدرجة كبيرة مع الوضع الراهن، لكن من المهم أن يشجع القادة موظفيهم على الاستمرار بتقديم آرائهم ويتقبّلوا إمكانية تعديل السياسات بما يلبي احتياجات المؤسسة.

على سبيل المثال، يمكن للمشرفين جمع الفريق مرة في الشهر وطرح أسئلة مثل:

  • ما هي فوائد السياسة الهجينة التي لاحظتها؟
  • ما هي الصعوبات التي واجهتها؟
  • هل ينبغي لنا إجراء تعديلات على مدى الربع السنوي التالي في طرق تعاوننا؟

من المهم اعتبار الحالة الحالية تجربة يمكن تغييرها بمرور الوقت ومع تغير الظروف. إذا تلقيت آراء حماسية حول سياستك في أثناء الربع السنوي الأول فلا تكتف بالبت بها ونسيانها، بل احرص على الاستمرار في إعداد عمليات المتابعة لضمان توافق أماكن العمل والموظفين والسياسات جميعها مع أهداف الشركة واحتياجات الأفراد قدر الإمكان.

لم يصبح أسلوب التحكم الموحد من القمة إلى القاعدة قديماً فحسب، بل أصبح يشكل تهديداً لبقاء المؤسسة في مستقبل يولي أهمية للسرعة والمرونة ويكافئهما. لذلك احرص على التمسك بهذه المرونة عن طريق التماس آراء الموظفين وبدء محادثتك مع موظفيك الآن وتعزيزها للحفاظ على مستويات اندماجهم في كل تغيير تمر به الشركة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .