التكافؤ بين الجنسين في قاعة مجلس الإدارة لن يتحقق من تلقاء ذاته

3 دقائق
التكافؤ في قاعة مجلس الإدارة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إليك هذا المقال الذي يتحدث عن التكافؤ في قاعة مجلس الإدارة تحديداً. إننا نحقق تقدماً، لكنه أبطأ مما ينبغي. هذه هي النتيجة المحورية التي خلص إليها الإصدار السادس من تقرير نساء في قاعة اجتماعات مجلس الإدارة الصادر عن شركة “ديلويت غلوبال” (Deloitte Global) الذي كشف عن أن النساء يشغلن 16.9% فقط من مقاعد تلك القاعات على مستوى العالم.

صحيح أن هذا الرقم يمثل زيادة من 1.9% منذ عام 2017، لكن لو ظل معدل التقدم هذا ثابتاً، فسيستغرق الأمر أكثر من ثلاثة عقود حتى يتحقق التكافؤ بين الجنسين في قاعة اجتماعات مجلس الإدارة. وعلى الرغم من ذلك، فمن الأرجح أن ينحصر التكافؤ الفعلي في البلدان القليلة التي تبذل جهوداً حثيثة ومُكثّفة للتعامل مع هذه المشكلة. على سبيل المثال، كشف تقريرنا عن أن ألمانيا وفنلندا من بين البلدان التي حققت أسرع معدل نمو على الإطلاق في التنوع داخل مجالس الإدارة منذ عام 2017. فقد شهدت ألمانيا زيادة بنسبة 6.7% من المرجح أنها ارتبطت بإصدار التشريعات الأخيرة الخاصة بتحديد نسبة الأعضاء من الجنسين عام 2015. وشهدت فنلندا التي أصدرت توصيات قانون حوكمة الشركات، وشجعت على إقامة المزيد من برامج التطوير المهني للنساء زيادة بنسبة 7.2%.

وعلى الرغم من أن دراسة الحالة المتعلقة بالتنوع بين الجنسين في قاعات اجتماعات مجالس الإدارة واضحة، لن يتحقق إنجاز المزيد من التنوع داخل تلك القاعات من تلقاء ذاته. بناء على أبحاثنا وتجاربنا، وكذلك أعمالنا مع مجالس الإدارة في شتى أنحاء العالم، فإننا نؤمن بأن الأمر سيتطلب جهوداً حثيثة ومكثفة للتعامل مع المعوقات الثقافية التي تحول دون وصول الكثير من النساء إلى مناصب قيادية عليا وإلى غرفة اجتماعات مجلس الإدارة.

ومن بين العوائق الأساسية أمام التنوع العالمي في مجالس الإدارة الجهود غير المنسقة عبر الدول. يثبت تقرير “نساء في قاعات مجالس الإدارة” الذي أعددناه أنه لا يوجد حل واحد يناسب الجميع، وأنه يمكن دفع عجلة التقدم إلى الأمام عبر وسائل مختلفة. في بعض الأسواق، حققت الحصص المخصصة لكلا الجنسين تنوعاً أكبر داخل مجالس الإدارة، بينما في بلدان أخرى مثل أستراليا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة، تحقق التغيير عبر وضع أهداف وتقديم توصيات لحوكمة الشركات. لكن البلدان التي يبدو أنها تتخلف عن الركب، حيث تقل فيها نسبة مقاعد النساء داخل مجالس الإدارة عن 10%، ليس لديها أي أهداف أو حصص محددة.

وهناك عائق آخر مهم يتمثل في عدم شغل النساء لمناصب قيادية عليا: على المستوى العالمي، تشغل النساء 4.4% فقط من منصب الرئيس التنفيذي و12.7% فقط من منصب المدير المالي. وبما إن هذه المناصب هي غالباً ما يقود المسؤولين التنفيذيين إلى مقاعد مجالس الإدارة، فإن زيادة عدد النساء في المناصب العليا محوري لزيادة عددهن ضمن مجالس إدارة الشركات.

ولقد أثبتت أبحاثنا أن المؤسسات التي تحتل فيها النساء مناصب قيادية تشغل النساء فيها ضِعف عدد مقاعد مجالس إدارتها تقريباً. والعكس صحيح أيضاً، حيث إن مجالس الإدارة التي تتمتع بتنوع بين الجنسين من الأرجح أن تعيِّن نساءً في مناصب قيادية، كالرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة. ويوحي ذلك بأن بعض التنوع يشجع على المزيد من التنوع. لكنه يشي أيضاً بأن التجانس يخلق تجانساً، وأنه من دون جهود مكثفة لإتاحة المزيد من الفرص للنساء لارتقاء السلم الوظيفي داخل مؤسساتهن، سيظل تمثيلهن قاصراً في المناصب التنفيذية العليا وفي قاعات مجالس الإدارة.

وأي مبادرة للتعامل مع التنوع داخل قاعة اجتماعات مجلس الإدارة يجب أن تلازمها جهود للتعاطي مع التنوع على نحو أكثر توسعاً في شتى أنحاء المؤسسة. إن وجود أحدهما دون الآخر ليس أمراً متناقضاً يفتقر للأمانة وحسب، وإنما عقيم أيضاً ولا رجاء منه.

إننا نعلم بالفعل ما يحول بين النساء والتقدم، ونعلم أيضاً أين نوجِّه حلولنا. كما بيّنت أبحاث شركة “ديلويت”، ينبغي على المؤسسات أن تستهدف التقليل من التحيز في عمليات التعيين والتطوير وتُعمّم مبادرات التوجيه والرعاية لدعم النساء. وللتشجيع على الحفاظ على مزيد من النساء ورقيهنّ في مكان العمل، ينبغي للمؤسسات أيضاً تنفيذ برامج لزيادة نسبة المرونة في التعامل مع الآباء العاملين العائدين من الإجازة الأبوية، ووضع برامج للمساعدة على انتقال أولئك العائدين إلى القوة العاملة بسلاسة بعد عبورهم لفجوة مهنية.

علاوة على ذلك، ينبغي للمؤسسات التركيز على مستوى “الإدارة الوسطى” الحيوي، حيث من الممكن أن تتعثر النساء في مسارهن المهني. وتقترح الأبحاث أن تكليف النساء بمسؤوليات أعلى وإتاحة الفرصة لهن لإدارة مهام عالية القيمة ربما كانا في حقيقة الأمر أعظم مؤشر على النجاح والتقدم. ينبغي أن تشعر المؤسسات بالتمكين لتحدي النساء في مكان العمل، على أن تدعم في الوقت ذاته بيئة عمل محدّثة ومرنة يستطيع فيها الجميع أن ينجحوا ويتطوروا ويكونوا على سجيتهم ويوازنوا بين مسارهم المهني الناجح وحياتهم خارج إطار العمل.

في شركة “ديلويت”، رأينا رأي العين أنه يمكن تعجيل معدل التغيير عبر هذه الأنواع من الجهود. فقد قفز تمثيل النساء في مجلس إدارة شركة “ديلويت غلوبال” إلى 30% عام 2019 بعد أن كان 16% العام الماضي. وهذه الزيادة نتاج تغييرات هيكلية، كتقليص الحجم الكلي لمجلس الإدارة، وجهود دؤوبة لضمان إحلال النساء مكان الرجال، وإعطاء النساء صاحبات المواهب فرصاً قيادية أكبر. وبينما نشعر بمنتهى الفخر بهذا التقدم الذي أحرزناه، فإننا ندرك مدى احتياجنا إلى إنجاز المزيد لإحداث تغيير ملموس، وأن علينا مواصلة إثبات التزامنا بأفعال حقيقة على أرض الواقع.

ينبغي أن تعكس قوتنا العاملة العالَم المتنوع الذي نعيش فيه، وقادة الأعمال مسؤولون عن تنفيذ هذه الرؤية. فبوسع القادة إعادة تغيير المشهد في القيادة العليا متى تعلق الأمر بالتنوع، وبالتالي جعل التكافؤ بين الجنسين أولوية في شتى أنحاء المؤسسة كلها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .