لا تركز على الوجه الذي يبدي التعابير العاطفية الأقوى بين جمهورك

4 دقائق
التعابير العاطفية للجمهور
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: بينت الأبحاث أن الإنسان عندما يتحدث أمام مجموعة أشخاص يعلق انتباهه على الوجوه التي تبدي تعابير عاطفية قوية، ما يؤدي إلى المبالغة في تقدير المستوى الوسطي للحالة العاطفية الكلية للمجموعة. في هذه المقالة، يطرح المؤلفان نتيجتين إضافيتين متعلقتين بالتركيز على التعابير العاطفية للجمهور، أولاً، كلما ازداد حجم المجموعة، ازداد تحيز الانتباه. ثانياً، ميل الانتباه يكون أقوى نحو الوجوه التي تعبر عن عواطف سلبية أكثر من ميله نحو الوجوه التي تعبر عن عواطف إيجابية، أي أن قدرتنا على الحكم على الحالة العاطفية للمجموعة لا تميل باتجاه العواطف الأقوى فقط، بل تظهر تحيزاً خاصاً لصالح العواطف السلبية أكثر. وبناء على هذه النتائج، يقترح المؤلفان أنه عندما نود إلقاء كلمة أمام مجموعة من الأشخاص، يجب أن نتعمد تفحص وجوه الحاضرين بالتساوي من أجل تقليص تحيز انتباهنا الطبيعي والحصول على صورة أدق عن الحالة العاطفية الكلية للمجموعة.

 

تخيل أنك تلقي خطاباً ترويجياً لفكرتك أمام مجموعة من الأشخاص. وفي أثناء كلامك، تنظر إلى وجوه جمهورك بسرعة ويقفز انتباهك من وجه إلى آخر. هل يبتسم الحاضرون؟ أم يبدون مرتبكين، أو ضجرين، أو غاضبين؟

التعابير العاطفية التي تظهر على وجوه الجمهور

تشكل تعابير الوجه دليلاً حيوياً على عواطف الإنسان. وسواء كنت موظفاً مبتدئاً أو مسؤولاً تنفيذياً في المناصب الإدارية العليا، فإن إطلاق هذه الأحكام السريعة على جمهورك في غضون أجزاء من الثانية تعتبر مهارة مهمة. لكن حتى من يتمتع بذكاء عاطفي كبير قد يعاني من صعوبة في فهم آلية تشكل هذه الأحكام السريعة، والأهم هو فهم مدى دقتها. ويزداد هذا تعقيداً عندما تحاول قراءة الإشارات الاجتماعية لدى مجموعة من الأشخاص، وليس لدى شخص واحد فحسب.

تبين الأبحاث أنه عندما ننظر إلى مجموعة من الأشخاص نميل إلى التركيز على الوجوه التي تعبر عن عواطف قوية، سواء كانت هذه العواطف إيجابية أم سلبية، ولا ننتبه كثيراً إلى الوجوه التي لا تبدي تعابير عاطفية قوية بنفس الدرجة. في سياق مخاطبة الجمهور، قد يشكل هذا التحيز في الانتباه انطباعاً لدى المتحدث عن طريقة تلقي الجمهور له. بما أن المتحدث ينتبه أكثر إلى الوجوه التي تبدي تعابير أقوى بين جمهوره، فهو يستنتج أن رد فعل الجمهور ككل أقوى مما هو في الحقيقة.

من أجل فهم طرق ظهور هذه التحيزات ومعرفة أفضل الطرق للتغلب عليها، أجرينا مع زملائنا تيموثي سويني ومينا شيكارا وجيمس غروس سلسلة دراسات بهدف استكشاف هذه النزعة لتضخيم عواطف المجموعات. في إحدى التجارب، عرضنا على المشاركين صوراً لمجموعات أشخاص يصل عددهم في بعضها إلى 12. كانت التعابير على الوجوه في الصور متدرجة على نحو يوضح درجة معينة من الانفعال العاطفي في كل صورة، ما مكننا من حساب الحالة العاطفية الوسطية “الموضوعية” لكل مجموعة. ثم طلبنا من المشاركين تقدير المستوى الوسطي للحالة العاطفية في كل مجموعة، وقارنا أجوبتهم بالمستويات الفعلية للعواطف المبينة في كل صورة.

نتائج المبالغة في التركيز على الانفعالات العاطفية

وكما توقعنا، وجدنا أن المشاركين بالغوا باستمرار في تقدير الانفعال العاطفي للمجموعات. لكننا توصلنا أيضاً إلى نتائج جديدة مثيرة للاهتمام.

أولاً، كلما ازداد حجم المجموعة، ازدادت مبالغة المشاركين في تقدير حالتها العاطفية. بما أن درجات الانفعال العاطفي على الوجود تنوعت واختلفت في الصور على نحو عشوائي، تماماً كما تتنوع وتختلف عشوائياً بدرجات أكثر أو أقل على وجوه الحاضرين على أرض الواقع، فقد كانت الوجوه التي تبدي تعابير عاطفية قوية في المجموعات الكبيرة أكثر منها في المجموعات الأصغر. وبما أن انتباه المشاركين توجه غالباً إلى الوجوه التي تبدي تعابير قوية، فقد صنفوا المجموعات الأكبر على أنها تحمل انفعالات عاطفية أقوى وسطياً.

ثانياً، كانت مبالغة المشاركين في تقدير الانفعالات العاطفية للمجموعات التي تحمل الوجوه فيها تعابير سلبية، كالغضب مثلاً، أكبر قليلاً منها للمجموعات التي تحمل الوجوه فيها تعابير إيجابية كالسعادة. تشير الأبحاث السابقة إلى أن انتباه الإنسان ينجذب بصورة طبيعية باتجاه الوجوه التي تبدي تعابير عن عواطف سلبية أكثر من انجذابها نحو الوجوه التي تبدي تعابير عاطفية إيجابية، لكن دراستنا توصلت إلى أن هذا الأثر ينطبق على المجموعات والأفراد على حد سواء. فحكم الإنسان على الحالة العاطفية لمجموعة ما لا يميل نحو المشاعر الأقوى فحسب، بل ينحاز بصورة خاصة نحو التعبيرات التي يقيمها على أنها سلبية أكثر.

ومن أجل التوصل إلى فهم أفضل لآليات هذه النزعة نحو المبالغة في تقدير مشاعر المجموعات، أجرينا دراسة ثانية طلبنا فيها من المشاركين تقييم عواطف مجموعة الأشخاص في الصورة مع رصد نظراتهم بواسطة جهاز خاص لرصد العيون. فوجدنا أن أنظار المشاركين بقيت موجهة نحو الوجوه التي تبدي تعابير عاطفية أقوى، ما أدى بهم إلى منح هذه الوجوه قيمة أكبر عند تقدير الحالة العاطفية الوسطية للمجموعة.

لا يزال بحثنا في بدايته، ونرغب في توخي الحذر في تقرير الاستنتاجات. لكن من المثير للاهتمام أن النتيجة الأخيرة التي توصلنا إليها تشير إلى علاج محتمل للتحيز والمبالغة في تقدير عواطف المجموعات. بما أن التركيز على التعابير العاطفية البادية على الوجوه يؤدي إلى المبالغة في تضخيم فهمنا للانفعالات العاطفية الكلية للمجموعة، فتعمد تفحص جميع الوجوه، التي تبدي تعابير عاطفية والتي تخلو منها التعابير العاطفية على حد سواء، فقد يؤدي هذا إلى فهم الجمهور على نحو أدق. كما نعتقد أن النزعة لتضخيم الاستجابات العاطفية القوية قد تتضح أكثر في السياق الافتراضي، وذلك لأن احتمال عدم ملاحظة الإشارات العاطفية الأضعف على الشاشة أكبر منه في اللقاءات الشخصية (لكن هذا افتراض قد يحتاج إلى مزيد من الأبحاث لتأكيده).

لذا في المرة القادمة عندما تلقي كلمة ترويجية لفكرة ما، أو تلقي خطاباً أو حتى تدخل قاعة وتشعر أنك ستخاطب مجموعة من الأشخاص، حاول أن تنظر إلى الجميع بدلاً من السماح لتركيزك بالانجذاب إلى وجه أو اثنين يبديان تعابير عاطفية قوية. وعلى الرغم من أن هذا لن ينجح في القضاء تماماً على تحيزات انتباهك الطبيعية، فهو من المؤكد سيساعدك على تقدير الانفعالات العاطفية الحقيقية لدى جمهورك بدقة أكبر بدلاً من التركيز على التعابير العاطفية للجمهور بطريقة خاطئة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .