10 حقائق حول التسويق ما بعد الجائحة

11 دقيقة
التسويق ما بعد الجائحة
نعوم غالاي/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: زعزعت جائحة “كوفيد-19” الأدلة الإرشادية لخبراء التسويق، من خلال تحدي القواعد الحالية حول العلاقات مع العملاء وبناء العلامات التجارية. وبعد مرور عام على الجائحة أصبح من الواضح أنه لا يمكن العودة إلى الوضع القديم المعتاد. فيما يلي 10 حقائق تسويقية جديدة حول التسويق ما بعد الجائحة تكشف عن نقطة الالتقاء بين الاستراتيجيات والعمليات والتكنولوجيات المطلوبة لدفع عجلة النمو في عالم ما بعد “كوفيد-19”.

 

بإمكاننا القول إن عام 2020 كان عاماً لا مثيل له وأننا في عام 2021 لن نعود بالتأكيد إلى الوضع القديم المعتاد. لذا، بينما يفكر خبراء التسويق في بناء العلامات التجارية خلال عام 2021 وما بعده، ما الذي يمكننا استخلاصه مما حدث في أثناء الجائحة؟ وما الذي يمكننا فعله لمساعدة الشركات على النمو بشكل أسرع؟ وكيف يُعاد تعريف التسويق في عصر “كوفيد-19″؟

يعد طرح هذه الأسئلة والإجابة عنها أمراً بالغ الأهمية لنجاح التسويق في الأشهر والسنوات المقبلة. خلال الأشهر العديدة الماضية، كنت أقارن بين ما تعلمته خلال عقدين من العمل في مجال الإعلام والتسويق وما تعلمناه جميعاً خلال عام 2020 الذي شهد تغييراً ملحمياً. وحددت 10 طرق تحدت بها الجائحة حقائق مهمة حول التسويق ومنحتنا مجموعة جديدة من القواعد للمضي قدماً.

التسويق ما بعد الجائحة

1. الحقيقة القديمة: التسويق يبدأ بمعرفة عملائك.

الحقيقة الجديدة: التسويق يبدأ بمعرفة شريحة عملائك.

رسخت أزمة “كوفيد-19” ما نعرفه بالفعل: وهو أن العلامات التجارية يجب أن تتواصل مع العملاء باستخدام عبارات محلية ودقيقة للغاية، مع استهداف مستهلكين محددين بناءً على ظروفهم وما هو أكثر أهمية بالنسبة إليهم. وهذا يعني الفهم الحقيقي للوضع على أرض الواقع حسب كل دولة وكل ولاية وكل منطقة. وبالنسبة إلى بعض الشركات، مثل البنوك أو المطاعم أو متاجر البيع بالتجزئة، فقد يعني ذلك أيضاً تصميم عمليات التواصل حسب كل متجر.

إلى جانب المناطق الجغرافية، علمنا أن الرسائل التسويقية يجب أن تكون ذات أهمية للأفراد بشكل شخصي ومتوافقة مع وضع كل فرد وقيمه، على عكس التركيبة السكانية مثل العمر والنوع الاجتماعي. فبناء رابط شخصي وإنساني من خلال أي رسالة تجارية يتطلب تحديد شرائح المستهلكين التي تصف الأفراد وفقاً لأبعاد متعددة تؤثر على سلوكياتهم الشرائية، بداية من خصائصهم السيكوغرافية (psychographics) وحتى خصائصهم السلوكية.

حدد “مؤشر إرنست آند يونغ لمستقبل الاستهلاك” (EY Future Consumer Index) الذي أجرى 5 موجات من البحوث على 14,500 فرد في 20 دولة منذ بداية الجائحة، 5 مجموعات مختلفة من المستهلكين حسب الجوانب التي يعطون لها الأولوية:

1- المقدرة الاقتنائية أولاً (32% من المستهلكين): المستهلكون الذين يعيشون في حدود إمكانياتهم وميزانيتهم، مع التركيز بقدر أقل على العلامات التجارية وبقدر أكبر على وظائف المنتَج.

2- الصحة أولاً (25%): المستهلكون الذين يركزون على حماية صحتهم وصحة أسرهم، ويختارون المنتجات التي يثقون أنها آمنة ويقللون المخاطر التي تنطوي عليها طريقتهم في التسوق إلى أدنى حد.

3- الكوكب أولاً (16%): المستهلكون الذين يحاولون تقليل تأثيرهم على البيئة ويشترون من العلامات التجارية التي تعكس معتقداتهم.

4- المجتمع أولاً (15%): المستهلكون الذين يؤمنون بالعمل معاً من أجل الصالح العام، ويشترون من المؤسسات التي يرون أنها تتحلى بالصدق والشفافية.

5- التجربة أولاً (12%): المستهلكون الذين يستغلون كل لحظة في حياتهم، ما يجعلهم في الغالب منفتحين على المنتجات والعلامات التجارية والتجارب الجديدة.

يمكن أن يؤدي استخدام تقسيم العملاء والشخصيات هذا إلى تقديم رؤى أعمق يمكن أن تستفيد منها الاستراتيجيات الإعلامية ونُهج التسويق الإبداعية. والأفضل من ذلك أنه يمكن تنفيذ هذه الرؤى لتسترشد بها رحلة العميل بأكملها.

2. الحقيقة القديمة: تُنافس منافسيك.

الحقيقة الجديدة: تُنافس آخر أفضل تجربة لعميلك.

كانت توقعات المستهلكين في تزايد بالفعل قبل “كوفيد-19”. فقد نشأ “الجيل زد” (مواليد العقد الأخير من القرن العشرين حتى نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين) مع التكنولوجيا المندمجة بشكل طبيعي وسلس في حياته. وكانت الشركات التي تتعامل بشكل مباشر مع المستهلك (مثل “غلوسير” (Glossier) و”باراشوت” (Parachute)) تهيئنا بالفعل لنتوقع مستوى من التخصيص الفائق لأنها كانت بارعة للغاية في استخدام بياناتنا الشخصية.

ولكن عندما تفشى فيروس كورونا، تسارع التحول الرقمي بين عشية وضحاها. وقد أدى هذا بدوره إلى ارتفاع كبير في سقف توقعات المستهلكين فيما يتعلق بما يمكن أن تقدمه الشركات لهم من خلال التجارب الرقمية. في مطلع صيف عام 2020 أوضحت لي كارلا حسان، الرئيسة التنفيذية للتسويق في شركة “سيتي” (Citi) أن العميل يتوقع ما هو أكثر بكثير من مجرد معاملة رقمية سلسة. والآن بعد أن أصبحت الشركات تمتلك بيانات العملاء الشخصية، فإنها ترغب في تقديم تجارب استباقية ومخصصة خلال رحلة العميل بأكملها.

ينبغي للشركات اتباع 3 استراتيجيات للتأكد من أن تجاربها تفي بتوقعات عملائها المتزايدة:

  1. جعل نتائج العلامة التجارية من مؤشرات الأداء الرئيسية للمؤسسات التي تتعامل مع العملاء بشكل مباشر، ويمكن أن يتم ذلك من الناحية المثالية باستخدام التحليلات المحوسبة الآنية بدلاً من أخذ لمحة سريعة من نقطة زمنية معينة.
  2. بناء الأساس الصحيح للبيانات والتكنولوجيا لدعم حالات الاستخدام المهمة طوال رحلة العميل.
  3. المواءمة بين الأهداف الفردية والجماعية على امتداد رحلة العميل بحيث يصبح أي انفصال بين الصوامع الوظيفية المنعزلة، مثل التسويق والمبيعات وخدمة العملاء، غير مرئي للمستهلك النهائي.

3. الحقيقة القديمة: يأمل العملاء في أن يكون لديك ما يرغبون فيه.

الحقيقة الجديدة: يتوقع العملاء أن يكون لديك ما يريدونه بالضبط.

إذا استمر سقف التوقعات في الارتفاع، فيجب أن نطمح إلى قيم جديدة حول تجارب العملاء، في سياق كل من الشركات التجارية الموجهة للمستهلك والتعامل التجاري بين الشركات. يتوقع المستهلكون اليوم أن أي تجربة ستكون خالية من الاحتكاكات واستباقية ومناسبة لهم ووثيقة الصلة بهم. بمعنى آخر، يهتم المستهلكون فقط بالحصول على ما يريدونه وقتما يريدونه. ويصرون على ألا يقف أي شي في طريقهم.

خلق هذه التجارب يتطلب من الشركات وضع البيانات والتكنولوجيا في صميم هيكلها. وهذا يعني على الأرجح تضمين مستوى معين من تعلم الآلة أو الذكاء الاصطناعي في هذا المزيج. لماذا؟ لأن البيانات تتيح لنا خلق تجارب أوثق صلة بالعملاء عبر واحد أو أكثر من أبعاد المجالات الأربعة التالية:

  • المحتوى (الذي يمكن تقديمه في تجارب مثل رسائل البريد الإلكتروني أو تطبيقات الهواتف المحمولة)،
  • والتجارة (مثل تجارة التجزئة في المتاجر الفعلية أو التجارة الإلكترونية أو تجربة مختلطة تجمع بعض العناصر من كلاهما)،
  • والمجتمع (مثل دعوة المشترين في مجال التعامل التجاري بين الشركات إلى حضور معرض تجاري افتراضي أو استضافة ندوة عبر الإنترنت للمستهلكين حول إصلاح المنازل)،
  • والرفاهية (مثل تقديم قسائم شراء للمستهلكين أو توفير مزايا من خلال أحد برامج الولاء).

في الوقت الحالي تُقدَّم هذه المجالات الأربعة في نُهج “موحدة تناسب جميع الحالات”، ولكن نظراً إلى أن المستهلكين يطالبون بشكل متزايد بإضفاء الطابع الشخصي بشكل أكبر، ستحتاج الشركات إلى استخدام المزيد من البيانات والمعلومات الاستخباراتية لصقل عمليات صناعة القرار وزيادة ارتباطها بتفاعلات عملائها لبناء روابط أقوى بعلاماتها التجارية.

4. الحقيقة القديمة: استمالة العملاء مثل لقاءات التعارف.

الحقيقة الجديدة: استمالة العملاء مثل لقاءات التعارف عبر الإنترنت.

لفترة طويلة كان التسويق يتعلق بشكل كبير بالوصول إلى أعداد غفيرة من الجماهير أو إلى فئات مستهدفة بأفضل الأسعار عبر وسائل الإعلام على أمل إقناعهم بالشراء. لذا، في الأساس كان الأمر أشبه بالذهاب إلى أكبر عدد ممكن من الحفلات أو المناسبات الاجتماعية على أمل العثور على شخص مميز ليكون شريك حياتك. فقد كان عالماً من العفوية والصدف والصراحة والكثير من اللقاءات وجهاً لوجه.

ولكن في حالة العثور على الشريك المثالي عبر الإنترنت قد يعتمد الأمر بشكل أقل على الصدف وبشكل أكبر على البيانات والخوارزميات. فيما يتعلق بالتسويق، شهدنا تحولاً من تسويق العلامة التجارية لزيادة مدى الوصول إلى التسويق بالأداء لجذب العملاء المحتملين. وقد أدى تسارع وتيرة تبنّي القنوات الرقمية نتيجة للجائحة إلى تفاقم هذا التوجه.

في حين أن التسويق بالأداء يتمتع بمكانة قوية ومهمة في هذا المزيج، إلا أن التوازن الجيد بين تسويق العلامة التجارية والتسويق بالأداء هو ما يحقق أفضل النتائج، وهذا ما يعلمه كبار مدراء التسويق ويتعين عليهم محاربة التحيز تجاه ما يسهل قياسه كمياً.  تحاول شركات عديدة التقريب بين فريقها المعني بإدارة علاقات العملاء وفِرقها الإعلامية أكثر من أي وقت مضى للتواصل بسهولة أكبر وتحقيق الكفاءة. فنظام إدارة علاقات العملاء، المدعوم أساساً ببيانات الطرف الأول أو بيانات العميل التي تمتلكها الشركة (بموافقة المستهلك بالطبع)، هو القوة الدافعة لمبادرات مثل قسائم الشراء أو التخصيص أو التسويق عبر البريد الإلكتروني.

ومع ذلك، يمكن أن تساعد بيانات الطرف الأول هذه نفسها في زيادة كفاءة وسائل الإعلام، خاصة وسائل الإعلام الرقمية وغيرها من الأشكال التي يمكن الوصول إليها ومخاطبتها، ما يسمح للشركات باستهداف العملاء على أساس فردي. ومع انخفاض قيمة بيانات الطرف الثالث نظراً إلى أن المتصفحات الرئيسية تُبشّر بإجراء تغييرات في القواعد بحلول يناير/كانون الثاني لعام 2022، يصبح خبراء التسويق أفضل بكثير في التخطيط “للقاءات التعارف” عبر الإنترنت التي يرغبون في “المضي قدماً فيها”، وتعلُّم الطرق الجديدة التي يحتاجون إليها لتسخير قدرات بياناتهم، ووضع استراتيجيات جديدة للشراكة مع الناشرين. حتى مع تغير استراتيجيات استهداف العملاء مع القواعد الجديدة للعبة، سيكون من المهم للشركات أن تفسح المجال لكل من تسويق العلامة التجارية والتسويق بالأداء، بالنظر إلى أن الاستراتيجيات “في نهاية القمع التسويقي” تدفع نحو بلوغ الأهداف “في أعلى نقطة في القمع التسويقي”، والعكس صحيح. ببساطة، تسويق العلامة التجارية والتسويق بالأداء يعملان معاً على نحو أفضل.

5. الحقيقة القديمة: يجب أن يكون العملاء في صميم استراتيجيتك التسويقية.

الحقيقة الجديدة: يجب أن يكون العملاء في صميم رحلة عميلك.

إن مفهوم التمركز حول العميل ليس جديداً. ومع ذلك، غالباً ما تكون الصوامع الوظيفية المنعزلة التي تتعامل مع العملاء غير مترابطة بسبب السياسات أو المخططات التنظيمية أو التكنولوجيات أو المناطق الجغرافية. والسؤال هنا: كيف يمكننا إخفاء هذا الانفصال الداخلي عن العميل الذي يفترض أن الشركة بأكملها تعرفه بشكل كلي؟ فقد اتصلنا جميعاً بخدمة العملاء وتحدثنا إلى ممثل بمركز الاستعلامات التليفونية أو روبوت دردشة ولكنه لم يقدم المعلومات نفسها التي تُقدَّم في مواقع البيع بالتجزئة، والعكس صحيح.

يجب أن نتذكر أن التسويق في الغالب ليس سوى بداية العلاقة مع العميل. على سبيل المثال، في سياق الشركات التجارية الموجهة للمستهلك، نخوض رحلة تتمثل في التواصل مع العملاء وتوجيههم إلى مرحلة أخذ القرار والشراء بشكل مباشر أو غير مباشر، ثم الاحتفاظ بهم على أمل أن يصبحوا مناصرين للعلامة التجارية ومن المحتمل أيضاً أن يكونوا مستعدين للارتقاء بالصفقات والبيع المتقاطع. إذ يجب النظر إلى التسويق في سياق الرحلة الكاملة من البداية إلى النهاية، والعمل على ربط الأمور ببعضها كلما أمكن.

ليس من الواقعي الاعتقاد بأن نموذج التشغيل الخاص بجميع الوظائف التي يتم خلالها التعامل مع العملاء بشكل مباشر يمكن أو يجب أن يقدم التقارير إلى المكان نفسه. والفكرة القائلة أن إعادة التنظيم تحل كل شيء هي فكرة خاطئة شائعة. فمن المهم للغاية النظر بعناية في نموذج التشغيل ومراعاة العمليات والتكنولوجيات والمواهب ونماذج البيانات ومؤشرات الأداء الرئيسية لإيجاد الطرق الصحيحة للتوافق بموضوعية مع احتياجات العملاء، ثم دفع عجلة التغيير وفقاً لذلك.

6. الحقيقة القديمة: العلاقات مهمة.

الحقيقة الجديدة: العلاقات هي كل شيء.

غني عن القول أنه من الضروري بناء علاقات مع العملاء قوامها الثقة. فالإعلان، على سبيل المثال، يقدم وعد العلامة التجارية، ثم يقع على عاتق المنتَج والخدمة وتجربة العميل الوفاء بهذا الوعد.

لكن جائحة “كوفيد-19” أدت إلى التركيز مجدداً على العلاقات، ولاسيما في سياق البيع فيما بين الشركات. وفي ظل بيئة المبيعات الافتراضية، تمكنت الفِرق التي لديها علاقات قائمة من الحفاظ على زخم الإيرادات، بالاستفادة من قوة علاقاتها السابقة. وفي المقابل، تطلّب البحث عن عملاء جدد مجموعة من المهارات المتطورة تركز على بيع الحلول وليس المنتجات.

في كلتا الحالتين، تُعد الثقة والنزاهة من الشروط الأساسية لزيادة نشاط السوق. وبالنسبة إلى قادة فِرق المبيعات والتسويق في المؤسسات التي تتعامل تجارياً مع مؤسسات أخرى، استلزم ذلك إعادة تشكيل المواهب بجدية لتحديد الأشخاص الأكثر ملاءمة لبناء العلاقات في هذا العالم الجديد من التعاملات عبر الإنترنت؛ وهو عالم يعتمد بقدر أقل على الاستمالة أو الجذب (وحتى حساب النفقات) وبقدر أكبر على الرؤى والحلول. إذ إن الثقة ستُبنى على يد هؤلاء الذين يستمعون إلى احتياجات العملاء ثم يجدون الحلول لتلبيتها، وستُمنَح لهم أيضاً.

في سياق الشركات التجارية الموجهة للمستهلك، للثقة أيضاً دور مهم للغاية؛ فهي أساسية لتبادل القيمة بين الشركة والمستهلك. ونظراً إلى أن الشركات أصبحت تعتمد بشكل متزايد على البيانات الشخصية التي تحصل عليها بموافقة المستهلكين، فيجب ألا تكتفي بالامتثال للوائح المتعلقة بخصوصية المستهلك والتأكد من أن البيانات آمنة، إذ إن لديها الفرصة أيضاً للنظر في بناء المزيد من الولاء والتمايز من خلال تصميم واجهات بينية واضحة للتحكم في الخصوصية. يمكن للمستهلكين اتخاذ قرارات أفضل إذا كانوا يعرفون ما يوافقون على مشاركته مع الشركات، وسيؤدي الوضوح إلى تعميق الثقة.

7. الحقيقة القديمة: منهجية أجايلهي عملية تكنولوجية.

الحقيقة الجديدة: “أجايلهو نهج تسويقي حديث.

سمعنا لسنوات أن التطور التكنولوجي يستفيد من المراحل المرنة بدلاً من نُهج “الشلال” المتسلسلة أو الخطية. وقد خلقت جائحة “كوفيد-19” اتجاهاً في التسويق لا رجعة فيه نحو تبنّي عقلية مرنة. ومع تكشُّف الأزمة قد تجد الشركات أن رسالتها كانت خاطئة أو أن سلسلة التوريد الخاصة بها ليست في وضع يسمح لها بالتسليم، ما يؤدي على الفور إلى حدوث أزمة في الإعلان أو العلاقات العامة. تخيل أن هناك إعلاناً يُظهر الأشخاص متجمعين معاً وغير ملتزمين بالتباعد الاجتماعي، على سبيل المثال. فقد عفا الزمن على العمليات الإبداعية التي تستغرق وقتاً طويلاً ودورات الميزانية السنوية، وأيضاً أصبحت جميع ديناميكيات الموافقة التقليدية تقييدية.

الأثر الجيد للأزمة هو أنها خلقت عقلية المرونة في التسويق التي من المرجح أن تكون دائمة. وهي تتضمن الاستماع المستمر إلى المستهلك واستشعار الطلب، ليس فقط لصالح التسويق ولكن لكي تتمكن الشركة بأكملها من معرفة ما يشعر به المستهلك. ومن الناحية التشغيلية تعني هذه العقلية أيضاً صناعة القرارات بشكل أسرع والمزيد من المرونة في جميع الجوانب الرئيسية مثل الإبداع ووضع الميزانية ووسائل الإعلام.

8. الحقيقة القديمة: علامتك التجارية يجب أن تدعم منتجات رائعة.

الحقيقة الجديدة: علامتك التجارية يجب أن تدعم قيم عظيمة.

شكّلت الجائحة تحدياً أمام الولاء للعلامة التجارية. فقد أظهر “مؤشر إرنست آند يونغ لمستقبل الاستهلاك” أن ما يصل إلى 61% من المستهلكين، بحسب الفئة، أصبحوا على استعداد للنظر في شراء ما يُعرف بـ “منتجات العلامة البيضاء”، فضلاً عن تبديل العلامات التجارية المشهورة. وهذه الديناميكية التي اقترنت بزيادة وعي المستهلك ونشاطه نتيجة للاضطرابات الاجتماعية التي حدثت في عام 2020 ينبغي أن تجعل العلامات التجارية تركز بشدة على القيم التي تعبر عنها.

في الواقع، تُظهر الموضوعات الرئيسية المستقاة من بحوث شركة “إرنست آند يونغ” (EY) أنه في حين أن الجودة والراحة والأسعار لا تزال مهمة للغاية في اختيارات المستهلكين، تتزايد أهمية عوامل أخرى مثل الاستدامة والثقة والحصول على الموارد بشكل أخلاقي والمسؤولية الاجتماعية فيما يتعلق بكيفية اختيار المستهلكين لمنتجاتهم وخدماتهم. فمن خلال التسويق هناك فرصة لتوعية مجموعة كبيرة من أصحاب المناصب التنفيذية العليا (وحتى مجلس الإدارة) بأهمية قيم العلامة التجارية عندما يتعلق الأمر بالتميز في الأسواق ما بعد الجائحة التي انقلبت فيها تفضيلات العلامات التجارية رأساً على عقب.

9. الحقيقة القديمة: أنت بحاجة إلى الحزمة التكنولوجية المناسبة لنجاح التسويق الحديث.

الحقيقة الجديدة: أنت بحاجة إلى مجموعة متوازنة من العوامل (بما في ذلك حزمتك التكنولوجية) لنجاح التسويق الحديث.

نظراً إلى انتشار وفرة من تكنولوجيات الإعلان والتسويق، كان من السهل التركيز على “الحزمة التكنولوجية” التي يُضرب بها المثل بوصفها نقطة تحول جذرية في مجال التسويق. ولكن امتلاك سيارة “فيراري” لا يمكنك قيادتها إلا بسرعة 40 ميلاً في الساعة لن يجعلها ذات فائدة بالنسبة إليك.

لكي تحقق بنية التكنولوجيا الخاصة بك النتائج المرجوة، يجب أن تقترن بقدر كافٍ من البيانات لدعم نجاحها وحالات استخدام مناسبة لتحقيق النتائج المنشودة ونهج صحيح لتمكين الأفراد. وقد يكون هذا الشرط الأخير هو الأكثر أهمية. إذ إن تمكين الأفراد يتضمن فهم الكيفية التي سيتم بها استخدام البيانات والتكنولوجيات على نطاق المؤسسة، والتأكد من أن الأشخاص لديهم المهارات المناسبة لتوظيفها بفاعلية وأنه سيتم استخدام نهج القياس المناسب لتحفيز الابتكار وتحقيق النجاح. فبدون توازن دقيق بين التكنولوجيا والبيانات وتمكين الأفراد وحالات الاستخدام، لن يتحقق العائد المرجو على الاستثمار في تكنولوجيا التسويق.

10. الحقيقة القديمة: التسويق مهم للنمو.

الحقيقة الجديدة: التسويق في صميم خطة النمو للمناصب التنفيذية العليا بأكملها.

مما لا شك فيه أن التسويق كان مركزاً للتكلفة داخل الشركات في وقت ما وتمثلت مسؤوليته الرئيسية في زيادة العائد على الاستثمار إلى أقصى حد. وفي الفترات العصيبة عندما يكون إجمالي الإيرادات في وضع حرج، غالباً ما يكون التسويق من أول المجالات التي يتم اقتطاع نفقاتها.

وعلى الرغم من ذلك، في أثناء الجائحة، اهتمت المناصب التنفيذية العليا بالتسويق بوصفه محركاً للتحول الرقمي ومرشداً رئيسياً لرحلة العميل وصوت المستهلك؛ وجميعها ذات أهمية قصوى للأشخاص الآخرين الذين يقومون بمهام قيادية. فبدون فهم ميول السوق، في أوقات الشدة والرخاء، لا يمكن للمناصب التنفيذية العليا التكيف مع التهديدات والفرص المتاحة والمضي قدماً في المستقبل بنجاح.

خلقت جائحة “كوفيد-19” ثقافة قيادية قوامها التعاون الفوري وتركز على الحاجة الملحة إلى التحلي بالمرونة. ولدى التسويق الآن الفرصة للاضطلاع بدور مركزي ومستمر في هذا الحوار، وبالتالي دفع خطط المؤسسة الأوسع نطاقاً للنمو والابتكار.

الفن والعلم

بصفتنا خبراء تسويق، نحن مكلفون باستخدام مزيج من الفن والعلم باستمرار. إذ يجب أن نحقق التوازن المثالي بين البشر والأتمتة لإطلاق العنان لمستقبل يشهد إجراء التحليلات المحوسبة على نحو أفضل وانتشار الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع. ويجب أيضاً أن نستخدم البيانات وكأنها وقود لبناء علاقات إنسانية هادفة، ولكن مع احترام فن رواية القصص في الوقت ذاته. كما يجب أن نحقق التوازن بين تسويق العلامة التجارية والتسويق بالأداء، مع إدراك أن لدينا حالياً تحيزاً تجاه ما يمكننا قياسه كمياً بسهولة. وأيضاً يجب أن نفهم ما ينبغي أن يكون مركزياً وما ينبغي أن يكون مفصّلاً حسب الطلب، مع تحديد المواطن التي يعُد فيها الاتساق عاملاً مساعداً أو عاملاً معرقِلاً.

هذه الحقائق التسويقية الجديدة حول التسويق ما بعد الجائحة تجسد هذا المزيج، مع تسليط الضوء على نقطة الالتقاء بين الاستراتيجيات والعمليات والتكنولوجيات المطلوبة لدفع عجلة النمو في عالم ما بعد “كوفيد-19”. وتقبُّل هذه الحقائق هو السبيل إلى التعافي من الجائحة وتحقيق النجاح على المدى الطويل. وبالنسبة إلى الشركات وخبراء التسويق الذين اعتادوا على الطرق التي كانت تُتبع في الماضي، فيمكن أخذ فترة للتكيف مع طرق جديدة في المستقبل. ولكن حتى في هذا الوقت الذي يشهد تغيرات مستمرة، تُعد هذه الحقيقة من أبسط الحقائق وأكثرها أهمية على الإطلاق: يجب أن نولي الأولوية لوجهة نظر العملاء في الوقت الحالي وفي المستقبل، فوق كل شيء.

الآراء التي تم التعبير عنها في هذه المقالة هي آراء المؤلفة ولا تعكس بالضرورة آراء مؤسسة إرنست آند يونغ” (Ernst & Young) العالمية أو أي من الشركات الأعضاء فيها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .