$User->is_logged_in:  bool(false)
$User->user_info:  NULL
$User->check_post:  object(stdClass)#7069 (18) {
  ["is_valid"]=>
  int(1)
  ["global_remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["number_all_post"]=>
  int(0)
  ["number_post_read"]=>
  int(0)
  ["is_from_gifts_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["all_gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_read_articles"]=>
  int(0)
  ["exceeded_daily_limit"]=>
  int(0)
  ["is_watched_before"]=>
  int(0)
  ["sso_id"]=>
  int(5280)
  ["user_agent"]=>
  string(9) "claudebot"
  ["user_ip"]=>
  string(13) "3.239.119.159"
  ["user_header"]=>
  object(stdClass)#7076 (44) {
    ["SERVER_SOFTWARE"]=>
    string(22) "Apache/2.4.57 (Debian)"
    ["REQUEST_URI"]=>
    string(136) "/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%87-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D9%81/"
    ["REDIRECT_HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["REDIRECT_STATUS"]=>
    string(3) "200"
    ["HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["HTTP_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_ACCEPT_ENCODING"]=>
    string(8) "gzip, br"
    ["HTTP_X_FORWARDED_FOR"]=>
    string(13) "3.239.119.159"
    ["HTTP_CF_RAY"]=>
    string(20) "86bc2e923f0f1367-FRA"
    ["HTTP_X_FORWARDED_PROTO"]=>
    string(5) "https"
    ["HTTP_CF_VISITOR"]=>
    string(22) "{\"scheme\":\"https\"}"
    ["HTTP_ACCEPT"]=>
    string(3) "*/*"
    ["HTTP_USER_AGENT"]=>
    string(9) "claudebot"
    ["HTTP_CF_CONNECTING_IP"]=>
    string(13) "3.239.119.159"
    ["HTTP_CDN_LOOP"]=>
    string(10) "cloudflare"
    ["HTTP_CF_IPCOUNTRY"]=>
    string(2) "US"
    ["HTTP_X_FORWARDED_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_X_FORWARDED_SERVER"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_CONNECTION"]=>
    string(10) "Keep-Alive"
    ["PATH"]=>
    string(60) "/usr/local/sbin:/usr/local/bin:/usr/sbin:/usr/bin:/sbin:/bin"
    ["SERVER_SIGNATURE"]=>
    string(73) "
Apache/2.4.57 (Debian) Server at hbrarabic.com Port 80
" ["SERVER_NAME"]=> string(13) "hbrarabic.com" ["SERVER_ADDR"]=> string(10) "172.21.0.4" ["SERVER_PORT"]=> string(2) "80" ["REMOTE_ADDR"]=> string(13) "162.158.86.86" ["DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["REQUEST_SCHEME"]=> string(4) "http" ["CONTEXT_PREFIX"]=> NULL ["CONTEXT_DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["SERVER_ADMIN"]=> string(19) "webmaster@localhost" ["SCRIPT_FILENAME"]=> string(23) "/var/www/html/index.php" ["REMOTE_PORT"]=> string(5) "34414" ["REDIRECT_URL"]=> string(48) "/التخطيط-الموجه-بالاكتشاف/" ["GATEWAY_INTERFACE"]=> string(7) "CGI/1.1" ["SERVER_PROTOCOL"]=> string(8) "HTTP/1.1" ["REQUEST_METHOD"]=> string(3) "GET" ["QUERY_STRING"]=> NULL ["SCRIPT_NAME"]=> string(10) "/index.php" ["PHP_SELF"]=> string(10) "/index.php" ["REQUEST_TIME_FLOAT"]=> float(1711676741.544785) ["REQUEST_TIME"]=> int(1711676741) ["argv"]=> array(0) { } ["argc"]=> int(0) ["HTTPS"]=> string(2) "on" } ["content_user_category"]=> string(4) "paid" ["content_cookies"]=> object(stdClass)#7077 (3) { ["status"]=> int(0) ["sso"]=> object(stdClass)#7078 (2) { ["content_id"]=> int(5280) ["client_id"]=> string(36) "e2b36148-fa88-11eb-8499-0242ac120007" } ["count_read"]=> NULL } ["is_agent_bot"]=> int(1) }
$User->gift_id:  NULL

التخطيط الموجه بالاكتشاف

18 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يزخر تاريخ قطاع الأعمال التجارية بقصص شركات محنكة تكبدت خسائر فادحة لدى دخولها مجالاً مجهولاً بالنسبة لها، مثل التحالفات والأسواق والمنتجات والتقنيات الجديدة. عام 1992 غزت شركة “والت ديزني” (Walt Disney) أوروبا بمدينتها الترفيهية التي كبدتها خسائر تجاوزت المليار دولار. كلفت خدمة “زاب – ميل” (Zap-mail)، وهي خدمة متعلقة بالفاكس، شركة “فيدرال إكسبرس” 600 مليون دولار قبل أن تضطر إلى إلغائها. وخسرت شركة “بولارويد 200 مليون دولار عندما غامرت بدخول قطاع الأفلام الفورية. لماذا تفشل مثل هذه التجارب حتى في الشركات المعروفة بحنكتها وخبرتها؟ يوجد جواب واضح لهذا السؤال وهو أن المشاريع الاستراتيجية تحمل في طبيعتها الكثير من المجازفة: أي أن احتمال الفشل هو ببساطة جزء من طبيعة هذا النوع من المشاريع. لكن الكثير من حالات الفشل هذه كان يمكن تفاديها أو الحد من خساراتها لو أن كبار المدراء تبنوا خطط التحكم ووسائله الصحيحة في مقاربتهم لهذه المشاريع المبتكرة.

يُعد التخطيط الموجه بالاكتشاف وسيلة عملية تسمح بالتفريق بين التخطيط لدخول مشاريع تجارية جديدة، وبين التخطيط للقيام بمشاريع تجارية تنتمي للنمط المألوف. يعتمد التخطيط التقليدي على المبدأ القائل أن بإمكان المدراء استقراء النتائج المستقبلية استناداً إلى قاعدة مقروءة وقابلة للتنبؤ من التجارب السابقة. يتوقع المرء أن تكون التنبؤات دقيقة نظراً لاعتمادها على معرفة قوية وليس على مجرد افتراضات. في التخطيط القائم على قاعدة التجارب يُعد انحراف المشروع عن الخطة أمراً سيئاً.

يدرك التخطيط الموجه بالاكتشاف أن التخطيط لمشروع جديد ينطوي على تصور المجهول.

قد تكون المقاربة القائمة على قاعدة التجارب منطقية بالنسبة إلى الأعمال الجارية، لكن تطبيقها على المشاريع الجديدة يُعد ضرباً من الحماقة. بحكم تعريفها، تتطلب المشاريع الجديدة من الشركة تصور ما هو غير معروف، وغير مؤكد، وغير واضح بعد في المنافسة. في هذه المرحلة لا تكون المعرفة الآمنة والموثوقة والقابلة للتنبؤ بالأعمال المفهومة جيداً قد تشكلتْ بعد. لذا، وعوضاً عن ذلك، يجب على المدراء أن يكتفوا بالافتراضات حول الاحتمالات المستقبلية التي تقوم عليها الأعمال الجديدة. يقوم التعهد بالمشاريع الجديدة على نسبة عالية من الافتراضات مقارنة مع المعرفة. أما بالنسبة إلى الأعمال الجارية فإن المرء يتوقع عكس هذه النسبة تماماً. نظراً لأنه غالباً ما يتضح خطأ الافتراضات حول المجهول فلا بد للمشاريع الجديدة أن تمر بانحرافات، غالباً ما تكون كبيرة، عن الأهداف الأصلية المخطط لها مسبقاً. في الواقع، غالباً ما تتطلب المشاريع الجديدة إعادة توجيه جوهرية.

عوضاً عن محاولة إقحام الشركات الناشئة في منهجيات التخطيط للمشاريع القائمة القابلة للتنبؤ والمفهومة جيداً، يقوم التخطيط الموجه بالاكتشاف على إدراك فكرة أن بداية أي مشروع جديد تحمل القليل من المعلومات والكثير من الافتراضات. في حال اللجوء إلى التخطيط القائم على قاعدة التجارب سيتم التعامل مع الافتراضات التي تقوم عليها الخطة كوقائع، أي كمعطيات تُدخل إلى الخطة، أكثر من كونها تقديرات اعتمدت على التخمينات الأفضل وتوجب التشكيك بصحتها واختبارها. تتابع الشركات بعد ذلك تقدمها بناء على هذه الافتراضات الدفينة. على نقيض ذلك، يحول التخطيط الموجه بالاكتشاف الافتراضات إلى معرفة بطريقة منهجية مع تكشف معالم مشروع استراتيجي. عند اكتشاف بيانات جديدة، تُدمج ضمن الخطة الآخذة في التطور. تُكتشف الإمكانيات الحقيقية للمشروع أثناء تطوره، ومن هنا أتت تسميته بالتخطيط الموجه بالاكتشاف. يفرض هذا النهج من التخطيط قواعد مختلفة عن تلك التي يفرضها نهج التخطيط التقليدي، لكنها لا تقل عنها دقة.

“ديزني” الأوروبية والنهج القائم على قاعدة التجارب

حتى أفضل الشركات قد تقع في مشاكل خطيرة إن لم تتمكن من التعرف على الافتراضات الدفينة في خططها. تشتهر شركة “والت ديزني”، التي تملك 49% من “ديزني” أوروبا (المعروفة باسم “ديزني لاند باريس” حالياً)، بسمعتها كمدير محنك للمتنزهات الترفيهية. لم يقتصر نجاحها على الولايات المتحدة الأميركية، إذ إن “ديزني لاند طوكيو” حققت أيضاً نجاحاً على الصعيد المالي والعلاقات العامة منذ بداية افتتاحها تقريباً عام 1983. أما “ديزني أوروبا” فلها قصة مغايرة. وصل عدد زوار “ديزني أوروبا” إلى مليون زائر شهرياً بحلول عام 1993، وقد جعل هذا من “ديزني أوروبا” المقصد السياحي المدفوع الأكثر شعبية في العالم. لمَ خسرت مبالغ طائلة إذاً؟

أثناء التخطيط لإنشاء “ديزني أوروبا” عام 1986، أسقطت “ديزني” تجاربها السابقة في إنشاء المتنزهات الأخرى على مشروعها الجديد. توقعت الشركة أن تأتي نصف العائدات من بطاقات الدخول والنصف الآخر من الفنادق والمأكولات والبضائع. رغم أنه في عام 1993 نجحت “ديزني أوروبا” في الوصول إلى هدفها واستقبال 11 مليون زائر، إلا أنها اضطرت إلى تخفيض أسعار بطاقات البالغين بشكل كبير لتتمكن من ذلك. كما أن متوسط الإنفاق في الزيارة الواحدة كان أدنى بكثير من الخطة، مما زاد الطين بلة.

لسنا هنا بصدد انتقاد خبرة “ديزني” إنما نهدف إلى توضيح نهج كان بإمكانه الكشف عن افتراضات خاطئة والحد من الخسائر الناجمة عنها. كان بإمكان أسلوب التعرف المنهجي على الافتراضات الرئيسة أن يُبرز نقاط الضعف في خطة العمل. دعونا نلقي نظرة على كل مصدر من مصادر الدخل على حدة.

أسعار بطاقات الدخول.

وصلت “ديزني” في اليابان والولايات المتحدة الأميركية إلى السعر المناسب من خلال رفعه بشكل تدريجي، الأمر الذي سمح للزوار الأوائل بالعودة إلى منازلهم والتحدث عن المتنزه مع جيرانهم. لكن المخططين لمشروع “ديزني أوروبا” افترضوا أن بإمكانهم الوصول إلى العدد المستهدف من الزوار حتى لو بدؤوا بأسعار بطاقات تتجاوز 40 دولاراً للبالغ. إلا أن الركود الاقتصادي في أوروبا وتصميم الحكومة الفرنسية على الحفاظ على قوة عملتها عملا على تفاقم المشكلة وتقليص عدد الحضور. على الرغم من أنه ليس بإمكان الشركات التحكم في الأحداث التي تطول الاقتصاد العام، إلا أنه بإمكانهم التركيز على الافتراضات الخاصة بالأسعار واختبارها. كانت أسعار ديزني أوروبا مرتفعة جداً بالمقارنة مع غيرها من مواقع الجذب السياحي في أوروبا، مثل المدن المائية التي فرضت رسوم دخول منخفضة على الزوار، وسمحت لهم بإنشاء قوائم خاصة بهم من خلال الدفع لكل موقع بشكل منفصل. عام 1993 لم تضطر “ديزني أوروبا” إلى خفض أسعارها بشكل كبير فحسب، بل كانت قد خسرت كذلك فوائد تناقل أخبارها شفهياً في المرحلة المبكرة من افتتاحها. ويُعد الحديث الشفهي عن ظاهرة ما أمراً هاماً خصوصاً في أوروبا، وقد كان بإمكان “ديزني” معاينة ذلك من الطريقة التي استفادت بها “كلوب ميد” (Club Med) من تلك الأحاديث.

السكن الفندقي.

افترضت “ديزني”، بناءً على تجاربها في الأسواق الأخرى، أن الناس سوف يقضون أربعة أيام كمعدل وسطي في فنادقها ذات الخمس نجوم. كان المعدل الوسطي للإقامة عام 1993 يومين فقط. لو سُلّط الضوء على هذا الافتراض لربما كان قد عولج: نظراً إلى أن “ديزني أوروبا” كانت قد افتتحت أبوابها مع 15 لعبة فقط، مقارنة مع 45 لعبة في “ديزني وورلد”، فهذا يعني أنه كان بإمكان الزوار تغطية هذا العدد في يوم واحد فقط.

الطعام.

يتناول زوار المتنزه في الولايات المتحدة الأميركية واليابان الطعام على مدار اليوم. كان الافتراض الدفين في “ديزني أوروبا” أن الأوروبيين سيفعلون المثل. لذا فصُممتْ مطاعم “ديزني أوروبا” لتناسب الزوار المتدفقين على مدار اليوم. لكن عندما اتبع الأوروبيون تقليدهم الذي يتجلى بتناول وجبة طعام رئيسة وقت الظهيرة، لم تتمكن “ديزني” من استيعاب أعدادهم. غادر الزوار الغاضبون المتنزه لتناول وجبتهم في مكان آخر، وعبّروا عن غضبهم أمام أصدقائهم وجيرانهم عند عودتهم إلى منازلهم.

البضائع.

رغم توقع “ديزني” لانخفاض نسبة المبيعات للزائر الواحد في أوروبا مقارنة مع الولايات المتحدة واليابان، إلا أنها توقعت أن الأوروبيين سوف يشترون تشكيلة مماثلة من سلع الملابس والمواد المطبوعة. لكن خطة “ديزني أوروبا” فشلت لدى شراء الزوار حصصاً أصغر بكثير مما توقعت من البضائع ذات هامش الربح المرتفع كالقمصان والقبعات. كان بإمكان ديزني اختبار الافتراض الدفين قبل أن تتوقع المبيعات؛ لأن متاجر البيع بالتجزئة التابعة لها في المدن الأوروبية تبيع أقل بكثير من الملابس ذات هامش الربح العالي وأكثر بكثير من المواد المطبوعة ذات هامش الربح المنخفض.

يمكن للشركات أن تتعلم التنبه لدى قيامها بافتراضات غير واعية. 

ليست “ديزني” وحدها من عانى من هذه المعضلة، دفعت شركات غيرها ثمناً غالياً لسعيها وراء مشاريع مبنية على افتراضات ضمنية يتضح أنها خاطئة، متبعة نهجاً قائماً على قاعدة التجارب. تبدأ عادة مثل هذه المشاريع دون القيام بعملية كشف وتدقيق صريحة وجريئة عن هذه الافتراضات، والتي غالباً ما تكون غير واعية. لاحظنا مراراً أن أخطاء التخطيط الأربعة التالية هي سمات مميزة لهذا النهج:

لا تملك الشركات بيانات مؤكدة لكن، حالما تُتخذ بعض القرارات الرئيسة، تتابع التقدم وكأن افتراضاتها وقائع مثبتة.

تُعد افتراضات “ديزني” الضمنية فيما يخص الطريقة التي سيتبعها الزوار في التعامل مع الفنادق والمطاعم أمثلة جيدة عن ذلك.

تملك الشركات البيانات المؤكدة كلها التي تحتاجها للتحقق من الافتراضات، لكنها تفشل في معرفة النتائج.

بعد وضع افتراضات مبنية على مجموعة فرعية من البيانات المتوفرة، يتابعون تقدمهم دون اختبار هذه الافتراضات على الإطلاق. اعتمدت “فيدرال إكسبرس” في خدمة “زاب-ميل” على افتراض أنه سيكون هناك طلب كبير على خدمة توصيل المستندات وتستغرق 4 ساعات، إذ تُرسل عبر الفاكس من مركز “فيديكس” إلى آخر. لكن الفكرة التي لم تُناقش كانت الافتراض الضمني بأن العملاء لن يتمكنوا من دفع ثمن أجهزة فاكس خاصة بهم قبل مضي مدة زمنية طويلة. لو كُشف النقاب عن هذا الافتراض لكانت “فيديكس” على الأرجح قد أخذت تخفيض أسعار وزيادة مبيعات أجهزة الفاكس للمكاتب، ولاحقاً للمنازل، بعين الاعتبار.

تملك الشركات البيانات الضرورية لتقرر وجود فرصة حقيقية سانحة، لكنها تقوم بافتراضات ضمنية غير ملائمة حول قدرتها على تنفيذ خططها.

خسرت “إكسون موبيل” 200 مليون دولار في مشروع أتمتة المكاتب بسبب افتراضها ضمنياً أن بإمكانها امتلاك المقدرة على دعم مبيعات وخدمات مباشرة لتتنافس بذلك وجهاً لوجه مع شركتي “آي بي إم” (IBM)، و”زيروكس” (Xerox).

تنطلق الشركات ببيانات صحيحة، لكنها ضمنياً تفترض وجود بيئة ثابتة، وبذلك تفشل في الانتباه إلى تحولات عامل رئيس متغير قبل فوات الأوان.

خسرت “بولارويد” 200 مليون دولار في مشروع أفلام “بولافجين” (Polavision) الفورية، بسبب افتراضها أن شريط تسجيل مدته 3 دقائق وسعره 7 دولار قد يتنافس بقوة مع شريط فيديو مدته نصف ساعة وسعره 20 دولار. افترضت “بولارويد” ضمنياً أن التكلفة العالية لأجهزة تشغيل الفيديو وتسجيله سوف تبقى باهظة الثمن بالنسبة لمعظم العملاء. في هذه الأثناء، كانت الشركات التي تلاحق هذه التقنيات تعمل بشكل مستمر وتدريجي على خفض التكاليف. (راجع فقرة: بعض الافتراضات الضمنية الخطيرة).

[su_expand more_text=”المزيد” less_text=”أقل ” height=”290″ link_color=”المزيد” link_align=”right”]

بعض الافتراضات الضمنية الخطيرة

  1. سيشتري العملاء منتجنا لأننا نؤمن أنه منتج جيد.
  2. سيشتري العملاء منتجنا لأنه أفضل من الناحية التقنية.
  3. سيتفق العملاء مع رؤيتنا بأن المنتَج “رائع”.
  4. لن تتعرض مصالح عملائنا للخطر بشرائهم منتجنا، على عكس ما سيحدث إذا استمروا في الشراء من مورّديهم السابقين.
  5. المنتَج سيُسوِّق نفسه بنفسه.
  6. الموزعون متشوقون لتخزين المنتَج وتقديمه في الأسواق.
  7. يمكننا تطوير المنتَج في الموعد المحدد وفي حدود الميزانية.
  8. لن يكون لدينا مشكلة في جذب الموظفين المناسبين.
  9. سيستجيب المنافسون بشكل عقلاني.
  10. يمكننا أن ننأى بالمنتَج عن أي منافسة.
  11. سنكون قادرين على تقليل الأسعار بينما نكسب حصة بشكل سريع.
  12. بقية العاملين في شركتنا سيدعمون استراتيجيتنا بكل سرور وسيقدمون المساعدة عند الحاجة.
[/su_expand]

التخطيط الموجه بالاكتشاف: حالة توضيحية

يُقدِّم التخطيط الموجه بالاكتشاف طريقة منهجية للكشف عن الافتراضات الضمنية الخطيرة التي، عدا ذلك، كانت ستمر دون ملاحظتها، وبالتالي دون اختبارها في سياق الخطة. تفرض هذه العملية نظاماً صارماً يمكن تأطيره في أربع مستندات ذات صلة: بيان الدخل العكسي، والذي يجسد الاقتصاديات الأساسية للمشروع. مواصفات العمليات المبدئية، التي تحدد العمليات الضرورية لإدارة العمل. قائمة تدقيق الافتراضات الأساسية، والتي يتم استخدامها لضمان التحقق من الافتراضات. جدول التخطيط المرحلي، والذي يحدد الافتراضات التي يجب اختبارها في كل مرحلة من مراحل المشروع. مع توضح المشروع وعند الكشف عن بيانات جديدة، تحدّث كل واحد من هذه المستندات.

لتوضيح آلية عمل هذه الأداة سوف نستخدمها بطريقة ارتجاعية على دخول شركة “كاو” (Kao) الناجح جداً إلى عالم الأقراص المرنة عام 1988. لن نستعين بأي معلومات داخلية حول شركة “كاو” أو حول عملية تخطيطها إنما سوف نستخدم المعرفة العامة المحدودة التي غالباً ما تكون هي كل ما تملكه أي شركة في بداية مشروع جديد.

تطبيق التخطيط الموجه بالاكتشاف بشكل ارتجاعي على مشروع القرص المرن الناجح الذي قامت به شركة “كاو” يُظهر كيفية عمل هذه الأداة.

الشركة.

كانت شركة “كاو” اليابانية مورّداً ناجحاً للمواد المفعلة للسطوح إلى قطاع صناعة الوسائط المغناطيسية (القرص المرن). بدأت الشركة عام 1981 بدراسة احتمال تحولها إلى لاعب في مجال الأقراص المرنة، وذلك بالاعتماد على تقنية المواد المفعلة للسطوح التي طورتها في مجال عملها الأساسي، الصابون ومستحضرات التجميل. أدرك مدراء “كاو” اكتسابهم لمعلومات عملية كافية من عملاء القرص المرن التابعين لهم، تُمكّنهم من استكمال مهاراتهم في كيمياء السطح. اعتقدوا أنه كان بإمكانهم إنتاج أقراص مرنة بتكاليف أدنى بكثير وجودة أعلى بكثير من التي كانت تقدمها الشركات الأخرى في ذلك الوقت. كانت مقدرات “كاو” في عالم المواد المفعلة للسطوح قيمة جداً، لأن جودة سطح القرص المرن تلعب دوراً أساسياً في إمكانية تشغيله. بالنسبة إلى شركة تعمل في قطاع صناعي ناضج، تُعد فرصة نقل منتج حالي إلى صناعة نامية أمراً مغرياً للغاية.

السوق.

بحلول نهاية عام 1986 وصل الطلب على الأقراص المرنة إلى 500 مليون في الولايات المتحدة الأميركية، و100 مليون في أوروبا، و50 مليون في اليابان، إضافة إلى معدل نمو قدر بنسبة 40% في السنة. كان هذا يعني أنه بحلول عام 1993 سيصل السوق العالمي إلى ما يقارب 3 مليارات قرص، ثلثها تقريباً سيكون في سوق مُصنّعي المعدات الأصلية، وتحديداً الجهات التي تُنفذ عمليات شراء ضخمة للأقراص، مثل شركات “آي بي إم”، و”آبل”، و”مايكروسوفت”، والتي تستخدم هذه الأقراص لتوزيع البرامج الخاصة بها. كان من المتوقع أن تبلغ أسعار قطاع مصنع المعدات الأصلي “أو إي إم” (OEM) حوالي 180 ين للقرص بحلول عام 1993. لطالما كانت الجودة والموثوقية من السمات الهامة للمنتج بالنسبة لمصنعي المعدات الأصليين، كالدور المنتجة للبرمجيات، ذلك لأن الأقراص المعطوبة لها تأثير مدمر على تصورات العملاء لجودة الشركة ككل.

[su_expand more_text=”المزيد” less_text=”أقل ” height=”290″ link_color=”المزيد” link_align=”right”]

كيف خططت شركة “كاو” (Kao) لمشروعها الجديد: التخطيط المدفوع بالاكتشاف على أرض الواقع.

الهدف هو تقييم النجاح بشكل سريع. فإذا لم يستطع المشروع تحقيق عوائد كبيرة، فإنه قد لا يستحق المخاطرة.

أولاً، البدء بإعداد بيان الدخل العكسي

الأرقام الإجمالية

الأرباح المطلوبة لإضافة 10% إلى الأرباح الإجمالية = 4 مليار ين.

الإيرادات اللازمة لتحقيق 10% من هامش المبيعات = 40 مليار ين.

التكاليف المسموح بها لتحقيق 10% من هامش المبيعات = 36 مليار ين.

الأرقام لكل وحدة

مبيعات الوحدة المطلوبة بمعدل 160 ين للوحدة = 250 مليون وحدة.

النسبة المئوية اللازمة من الحصة السوقية العالمية لمبيعات وحدات الشركة المصنّعة للمعدات الأصلية = 25%.

التكاليف المسموح بها لكل وحدة مقابل 10% من هامش المبيعات = 144 ين.

ثانياً، تحديد المهام اللازمة لإدارة المشروع

مواصفات العمليات الشكلية

1- المبيعات

مبيعات الأقراص المطلوبة = 250 مليون قرص

متوسط حجم الطلب (افتراض رقم 8) = 10 آلاف قرص

الطلبات اللازمة (250 مليون/10 آلاف) = 25 ألف

عدد المكالمات المطلوبة لإجراء عملية بيع (افتراض رقم 9) = 4

مكالمات المبيعات المطلوبة (4 × 25 ألف) = 100 ألف سنوياً

المكالمات التي يجريها كل مندوب مبيعات في اليوم (افتراض رقم 10) = 2

أيام عمل مندوب المبيعات في السنة (100 ألف/2) = 50 ألف

فريق المبيعات في 250 يوماً في السنة (افتراض رقم 11)

50 ألف يوم عمل لمندوب المبيعات/250 = 200 شخص

راتب كل مندوب مبيعات = 10 مليون ين (افتراض 12)

إجمالي تكلفة رواتب فريق المبيعات (10 مليون ين × 200) = 2 مليار ين

2- التصنيع

مواصفات جودة سطح القرص: عيوب أقل بنسبة 50% من أفضل منافس (افتراض رقم 15)

الطاقة الإنتاجية لكل خط إنتاج في السنة = 25 في الدقيقة × 1440 دقيقة في اليوم × 348 يوماً (افتراض رقم 16) = 12.5 مليون قرص

خطوط الإنتاج المطلوبة (250 مليون قرص/12.5 مليون قرص لكل خط إنتاج) = 20 خط إنتاج

موظفو الإنتاج (30 في كل خط إنتاج (افتراض رقم 17) × 20 خط إنتاج) = 600 عامل

راتب كل عامل = 5 مليون ين (افتراض رقم 18)

إجمالي رواتب موظفي الإنتاج (600 × 5 مليون ين) = 3 مليار ين

تكلفة المواد لكل قرص = 20 ين (افتراض رقم 19)

التكلفة الإجمالية للمواد (20 × 250 مليون قرص) = 5 مليار ين

تكلفة التعبئة لكل 10 أقراص = 40 ين (افتراض رقم 20)

التكاليف الإجمالية للتعبئة (40 × 25 مليون عبوة) = مليار ين

3- الشحن

الحاويات المطلوبة لكل طلب مكون من 10 آلاف قرص = 1 (افتراض رقم 13)

تكلفة الشحن لكل حاوية = 100 ألف ين (افتراض رقم 14)

التكاليف الإجمالية للشحن (25 ألف طلب × 100 ألف ين) = 2.5 مليار ين

4- المعدات والإهلاك

الاستثمار في الأصول الثابتة بالنسبة إلى المبيعات = 1 : 1 (افتراض رقم 5) = 40 مليار ين

العمر الافتراضي للمعدات = 3 سنوات (افتراض رقم 7)

الإهلاك السنوي (40 مليار ين/3 سنوات) = 13.3 مليار ين.

يُعد الاحتفاظ بقائمة مرجعية أمراً مهماً لضمان أن كل افتراض تمت الإشارة إليه واختباره بينما تتجلى ملامح المشروع.

ثالثاً، تتبُّع الافتراضات

الافتراضالمقياس
1- هامش الربح%10 من المبيعات
2- الإيرادات40 مليار ين
3- سعر بيع الوحدة160 ين
4- السوق العالمية للشركات المصنّعة للمعدات الأصلية في عام 1993مليار قرص
5- الاستثمار في الأصول الثابتة بالنسبة إلى المبيعات1 : 1
6- القدرة الإنتاجية الفعلية لكل خط إنتاج25 قرصاً في الدقيقة
7- العمر الافتراضي الفعلي للمعدات3 سنوات
8- متوسط حجم طلب الشركة المصنّعة للمعدات الأصلية10 آلاف قرص
9- مكالمات المبيعات لكل طلب من الشركة المصنّعة للمعدات الأصلية4 مكالمات للطلب
10- المكالمات التي يجريها كل مندوب مبيعات في اليوممكالمتان في اليوم
11- أيام عمل فريق المبيعات في السنة250 يوماً
12- الراتب السنوي لمندوب المبيعات10 مليون ين
13- الحاويات المطلوبة لكل طلبحاوية واحدة
14- تكلفة الشحن لكل حاوية100 ألف ين
15- مستوى الجودة المطلوب لجذب العملاء: عيوب أقل بنسبة ...% من أفضل منافس%50
16- أيام الإنتاج في السنة348 يوماً
17- العاملون في كل خط إنتاج يومياً (10 لكل خط في ثلاث ورديات)30 عاملاً لكل خط إنتاج
18- الراتب السنوي لعمال التصنيع5 مليون ين
19- تكلفة المواد لكل قرص20 ين
20- تكلفة التعبئة لكل 10 أقراص40 ين
21- التكاليف الإدارية المسموح بها (اطلع على بيان الدخل العكسي بعد المراجعة، الوارد أدناه)9.2 مليار ين

والآن، ومع توافر بيانات أفضل، يمكن معرفة ما إذا كان مقترح المشروع مترابطاً.

رابعاً، مراجعة بيان الدخل العكسي

الهامش المطلوب%10 من العائد على المبيعات
الربح المطلوب 4 مليار ين
الإيرادات اللازمة40 مليار ين
التكاليف المسموح بها36 مليار ين
رواتب فريق المبيعات2.0 مليار ين
رواتب فريق التصنيع3.0 مليار ين
المواد المستخدمة في تصنيع القرص5.0 مليار ين
التعبئة1.0 مليار ين
الشحن2.5 مليار ين
الإهلاك13.3 مليار ين
التكاليف الإدارية والنفقات العامة المسموح بها9.2 مليار ين (افتراض رقم 21)
الأرقام لكل وحدة
سعر البيع160 ين
التكاليف الإجمالية144 ين
تكاليف المواد المستخدمة في تصنيع القرص20 ين

[/su_expand]

بيان الدخل العكسي.

يبدأ التخطيط الموجه بالاكتشاف بالنتيجة النهائية. بالنسبة لشركة “كاو”، وعند العودة إلى المرحلة التي بدأت فيها بدراسة خياراتها، كان السؤال المهم ما إذا كان مشروع الأقراص الصلبة يتمتع بالقدرة على تحسين وضع الشركة التنافسي وأدائها المالي بشكل كبير. إن لم يكن كذلك فما الذي يضطر شركة “كاو” لتحمل مخاطر مشروع استراتيجي بهذه الأهمية وغموضه؟

نضع هنا القاعدة الأولى، والتي تنص على التخطيط للمشروع باستخدام بيان دخل عكسي، والذي يمتد مساره من النتيجة النهائية صعوداً إلى البداية. (انظر الشكل: “ابدأ أولاً ببيان دخل عكسي” تقع الأشكال الأربعة المشار إليها في الشريط الجانبي تحت عنوان: ما هي الطريقة التي قد تكون “كاو” تبنتها في التعامل مع مشروعها الجديد؟). عوضاً عن البدء بتقديرات الإيرادات والعمل نزولاً للوصول إلى بيان دخل بهدف جني الأرباح، فإننا نبدأ بالأرباح المطلوبة. بعد ذلك نسلك طريقاً تصاعدياً نحو الربح والخسارة لنقرر مقدار الإيرادات التي نحتاجها لنحصل على مستوى الأرباح الذي نطالب به، وما هي التكلفة التي يمكن السماح بها. الحكمة وراء هذه الطريقة هي فرض ضوابط الإيرادات والربح من خلال إدخال الربحية إلى الخطة في بدايتها: الأرباح المطلوبة تساوي الإيرادات الضرورية مطروحاً منها التكاليف المسموح بها.

ربما بدأت الإدارة في شركة “كاو” عام 1988 بهذه الأرقام: صافي المبيعات، حوالي 500 مليون ين، الدخل قبل الضرائب، حوالي 40 مليار ين، عائد المبيعات 7.5%. بمثل هذه الأرقام، إلى أي حد يجب أن تكون فرصة نجاح مشروع القرص المرن كبيرة لتبرر اهتمام كاو بها؟ كل شركة ستضع عقبات خاصة بها. نحن نظن أن المشروع الاستراتيجي يجب أن يتمتع بالقدرة على تحسين إجمالي الأرباح بنسبة 10% على الأقل. إضافة إلى ذلك، للتعويض عن الخطورة المتزايدة، يجب أن يعطي ربحية أعلى من تلك التي تعطيها إعادة الاستثمار في الأعمال التجارية القائمة. مجدداً، ولأهداف توضيحية، لنفترض أن كاو تطالب بعلاوة مخاطر 33% أعلى من الربحية. بما أن عائد مبيعات “كاو” هو 7.5% فسيتطلب ذلك 10%.

إذا استخدمنا بيانات “كاو” سنكتشف أن الربح المطلوب من مشروع القرص المرن سيكون 4 مليار ين (10% * 40 مليار). إن تحقيق ربح 4 مليارات ين مع عائد مبيعات 10% يعني مشروعاً تجارياً تبلغ مبيعاته 40 مليار ين.

لنفرض أنه، وعلى الرغم من جودته الاستثنائية، سيتوجب على “كاو” وضع أسعار تنافسية لتستحوذ على حصة كوافد جديد، يجب عليها وضع سعر مستهدف بقيمة 160 ين للقرص. هذا يعني مبيعات وحدات تصل إلى 250 مليون قرص (40 مليار ين مبيعات مقسومة على 160 ين للقرص). من خلال فرض هذه المعايير التطبيقية البسيطة في البداية (1988) نكون قد حددنا حجم المشروع ونطاقه: على “كاو” الاستحواذ على 25% من إجمالي سوق مصنعي المعدات الأصلية (25% من مليار قرص) في عام 1993. بالنظر إلى المعطيات المعروفة حول حجم السوق، من الواضح أنه يجب على كاو الاستعداد للمنافسة على مستوى العالم منذ البداية، مع تقديم التزامات هامة ليس بالتصنيع فحسب، بل بالبيع أيضاً.

بالمتابعة صعوداً نحو الربح والخسارة، الخطوة التالية هي حساب التكاليف المسموح بها: إن كان على “كاو” أن تحصل على هامش 10% من سعر 160 ين للقرص الواحد، فلا يمكن لتكاليف التصنيع والبيع والتوزيع عبر العالم أن تتجاوز 144 ين للقرص. يوضح بيان الدخل العكسي على الفور أن التحدي الذي يواجه مشروع القرص المرن هو ضبط التكاليف.

مواصفات العمليات المبدئية وقائمة تدقيق الافتراضات الأساسية.

القاعدة الثانية في العملية هي وضع مواصفات العمليات المبدئية التي توضح الأنشطة المطلوبة لإنتاج المنتج وبيعه وخدمته وتسليمه، أو بيع الخدمة إلى العميل. هذه الأنشطة مجتمعة تُشكل تكاليف المشروع المسموح بها. في البداية يمكن لمواصفات العمليات أن تصمم على جدول بيانات بسيط لا يكلف أكثر من عدة مكالمات هاتفية أو عمليات بحث على الإنترنت للحصول على البيانات الأساسية. في حال تماسك فكرة ما يكون من الممكن تحديد الافتراضات الضمنية، والعمل بشكل مستمر على استكمال النموذج وتصحيحه في ضوء المعلومات الجديدة. عندما تستخدم شركة هذا النهج التراكمي فإن العيوب الأساسية في المفهوم المتصور عن المشروع سرعان ما تتضح، إذ يمكن التخلي عن المفاهيم الضعيفة قبل وقت طويل من الدخول في أي استثمار هام.

نعتقد أن استخدام معايير الصناعة أمر أساسي لتشكيل صورة واقعية عما يجب أن يكون عليه المشروع ليكون مشروعاً تنافسياً. لكل صناعة ضغوط خاصة بها، والتي تحدد معدلات العائد العادية في هذه الصناعة، ومعايير أداء قياسية كنسب الموجودات إلى المبيعات وهوامش ربح الصناعة واستخدام المنشأة وما إلى ذلك. في بيئة تنافسية على المستوى العالم لا يجب أن يتوقع أي مدير عاقل التملص من الانضباط التنافسي المفهوم وقياسه ضمن معايير الصناعة. هذه المعايير متوفرة ومتاحة من قبل محللي الاستثمارات وخدمات المعلومات التجارية. في الدول التي تملك مصادر معلومات أقل تطوراً من تلك التي في الولايات المتحدة الأميركية، لا يزال استخدام معايير الصناعة الرئيسية قيد الاستخدام من قبل المصرفيين الاستثماريين، وعلى وجه التحديد، أولئك المصرفيين التجاريين المتخصصين في قروض الصناعة المعنية. أفضل مقاربة بالنسبة لأولئك الذين يدخلون صناعة جديدة هي تبني المعايير من صناعات مماثلة.

لاحظْ أننا لا نبدأ بتحليل تفصيلي عن مواصفات المنتج أو الخدمة، ولا بدراسة عميقة للسوق؛ يأتي هذا في خطوة لاحقة. في البداية نحن نحاول ببساطة فهم الافتراضات المضمنة في المشروع. القاعدة الأساسية هنا هي أن نتبين بشكل واضح وواقعي النقاط التي يتعين فيها على المشروع أن يتطابق مع معايير الصناعة القائمة، وفي أي موقع أو اثنين يتوقع المدراء أن يتفوقوا وكيف يتوقعون القيام بذلك.

ربما كان مدراء “كاو” قد فكروا في معايير الأداء بالنسبة لصناعة القرص المرن عام 1988، نظراً لأنه لن يكون هناك سبب يدفعنا للاعتقاد أنه كان بإمكان “كاو” استخدام معدات الإنتاج القياسية بطريقة أفضل من الأطراف المنافسة الموجودة، فإنها سترغب في التخطيط لمطابقة الأداء الصناعي في المعايير المرتبطة باستخدام المعدات. فعلى سبيل المثال، كانت “كاو” تتأكد من أن القدرة الإنتاجية الفعالة لكل خط هي 25 قرصاً في الدقيقة، وأن العمر الفعلي لمعدات الإنتاج هي ثلاث سنوات. تجلت نقطة تفوق “كاو” في كيمياء السطح وفيزياء السطح، والتي كان بإمكانها تحسين نوعية المواد وتخفيض تكلفتها، وبالتالي تحسين الهوامش. عندما خططت “كاو” لتكلفة المواد، كانت سوف ترغب في تحويل هذه الميزة إلى تحد نوعي بالنسبة للمصنّعين: وذلك من خلال تجاوز معايير تكلفة المواد بنسبة 25%. يشكل وضع إطار مبدئي للتحديات التشغيلية خطوة هامة في التخطيط الموجه بالاكتشاف. من خلال تجربتنا اكتشفنا أن الأشخاص الذين يتمتعون بمستوى جيد في التصميم والعمليات يتحفزون لدى مواجهتهم لتحديات واضحة ومحددة. هذا ما كانت عليه حال شركة “كانون” (Canon) على سبيل المثال، عندما وضع تشايزو ياماجي تحدياً بين أيدي المهندسين يطلب فيه تطوير آلة نسخ شخصية تحتاج إلى الحد الأدنى من الخدمة وتكلف أقل من 1,000 دولار، وقد نجح مهندسو “كانون” في الارتقاء إلى مستوى التحدي.

يتيح كشف الافتراضات الضمنية للشركة اختبار صحتها قبل القيام بالتزام لا رجوع عنه بالمشروع. 

يمكن لشركة تحليل الافتراضات الأولية، على ضوء ما تملكه من خبرة في مواقف مشابهة، أو مصادر المعلومات المنشورة. ليس الهدف هنا هو تحقيق أعلى درجات الدقة، إنما بناء نموذج معقول عن اقتصادات وإحصاءات المشروع وتقييم مدى حجم التحديات. لاحقاً، يمكن للشركة أن تقوم بتحليل لمعرفة المواضع الأكثر حساسية في الخطة تجاه الافتراضات الخاطئة، والقيام بالمزيد من إجراءات التدقيق الرسمية. غالباً ما يتمكن مستشارو الصناعة، من مصرفيين وموردين وعملاء محتملين وموزعين، من تقديم معلومات منخفضة الكلفة ودقيقة على نحو مفاجئ.

يجب على الشركة بناء صورة عن الأنشطة اللازمة لتنفيذ المشروع والاضطلاع بالتكاليف. لذا نحن نسأل في مواصفات العمليات المبدئية عن عدد الطلبيات اللازمة لطرح 250 وحدة في المبيعات، ثم عدد مكالمات البيع التي يحتاجها تأمين تلك الطلبيات، ثم عدد مندوبي المبيعات اللازم لإجراء مكالمات البيع، نظراً إلى أنهم في واقع الأمر يبيعون المنتج لسوق مصنعي معدات أصليين عالمي، ثم مقدار تكلفة تعويضات فريق المبيعات. (انظر الشكل: “ثانياً، عرض كافة الأنشطة اللازمة لتشغيل المشروع”، الذي تجده في الفقرة الجانبية تحت عنوان: ما هي الطريقة التي قد تكون “كاو” تبنتها في التعامل مع مشروعها الجديد؟). يمكن التحقق من كل افتراض، إذ تكون عملية التحقق تخمينية إلى حد ما في البداية، ثم تصبح أكثر دقة. قد لا يتفق القراء مع تقديراتنا الأولية. هذا شيء جيد، وبإمكان شركة “كاو” أن تقوم بالمثل أيضاً. ربما تفضي الخلافات المنطقية إلى النقاش وإلى تعديلات على جدول البيانات. يؤدي المستند الآخذ في التطور دوره عندما يصبح العامل المحرض على هذا النقاش.

القاعدة الثالثة في التخطيط الموجه بالاكتشاف هي وضع قائمة تدقيق الافتراض، وهذا لضمان إبراز كل افتراض مع تكشف المشروع ومناقشته وتدقيقه. (انظر إلى الشكل: ثالثاً، تتبع كافة الافتراضات).

يلتف مسار العملية بأكمله عائداً إلى بيان دخل عكسي منقح يستطيع المرء من خلاله معرفة ما إذا كانت فكرة المشروع برمته متماسكة البنيان. (انظر الشكل: رابعاً، تنقيح بيان الدخل العكسي). في حال لم تكن كذلك يجب أن تكرر العملية حتى تتحقق متطلبات الأداء ومعايير الصناعة، خلاف ذلك، يجب إلغاء المشروع.

تخطيط مرحلي.

تميل طرق التخطيط التقليدي إلى صب تركيز المدراء على تنفيذ الخطة، وهو هدف لا يمكن تحقيقه عادة في مشروع يعج بالافتراضات. كما أنه يأتي بنتائج عكسية، في الحقيقة، الإصرار على تنفيذ الخطة يمنع عملية التعلم. يمكِن للمدراء مبدئياً التخطيط للتعلم من خلال استخدام أحداث رئيسة لاختبار الافتراضات.

في الوقت الحالي أصبح التخطيط المرحلي تقنية مألوفة لرصد تطور المشاريع الجديدة. تتجلى الفكرة الأساسية التي وصفها زيناس بلوك وإيان ماكميلان في كتاب “الشركات المخاطرة” (Corporate Venturing) عن دار نشر “كلية هارفارد للأعمال”، 1993. في تأجيل الالتزامات الرئيسية بالموارد حتى يبين الأدلة من المرحلة السابقة، أن مخاطرة القيام بالخطوة الثانية مبررة. ما نقترحه هنا هو استخدام موسع للأداة في سبيل دعم قاعدة تحويل الافتراضات إلى معرفة.

بالعودة إلى ما فكرت به “كاو” عام 1988، تذكر أن مشروع القرص المرن كان سيتطلب استثماراً بقيمة 40 مليار ين في الأصول الثابتة لوحدها. قبل استثمار مثل هذا المبلغ الضخم لا بد أن “كاو” كانت ترغب في إيجاد طرق لاختبار الافتراضات الأكثر أهمية الكامنة وراء التحديات الثلاثة الرئيسة للمشروع:

  • الاستحواذ على 25% من حصة السوق العالمي من خلال خصم 20 ين للقرص وجودة أفضل.
  • الحفاظ على مستوى إنتاجية الموجودات بمستوى يماثل على الأقل متوسط إنتاجية المنافس وإنتاج قرص مرن بنسبة 90% من التكاليف الإجمالية المقدرة للمنافسين القائمين.
  • استخدام مواد أولية متفوقة وتقنية السطح المطبقة لإنتاج أقراص فائقة الجودة بتكلفة 20 ين للقرص بدلاً من معيار الصناعة البالغ 27 ين للقرص.

قد تستحق تحديات خطيرة كهذه إنفاق موارد لإنشاء أحداث مرحلية فارقة لاختبار الافتراضات قبل البدء بمشروع قيمته 40 مليار ين. على سبيل المثال قد تُجري “كاو” اتفاقيات تعاقد من الباطن لإنتاج نماذج أولية حتى يتمكن عملاء مصنعي المعدات الأصليين المتطورين إجراء اختبارات تقنية على القرص المقترح. في حال اجتازت نماذج الأقراص الأولية الاختبارات فإنه، وعوضاً عن الاتكاء على الافتراض القائل إن بإمكانها الحصول على مشروع مميز من خلال السعر المستهدف، قد تُجري “كاو” اتفاقيات تعاقد من الباطن لإنتاج دفعة كبيرة من الأقراص المرنة بهدف إعادة بيعها للعملاء. بذلك يمكنها اختبار إقبال سوق مصنعي المعدات الأصليين على تنزيلات الأسعار من وافد جديد.

بشكل مماثل، لاختبار قدرتها على مواجهة التحديين الثاني والثالث، حال تطوير “كاو” للنماذج الأولية، قد يستحق الأمر شراء مصنع أقراص مرنة صغير قائم، وتطبيق التقنية فيه بدلاً من محاولة البدء بعملية بناء من الصفر. عندما تتمكن “كاو” من استيضاح قدرتها على إنتاج أقراص بالنوعية والكلفة المطلوبتين في المصنع الصغير يصبح بإمكانها المضي قدماً في مصانعها على نحو شامل.

صوّرت مراحل اختبار الافتراض المتعمد في الشكل: (أخيراً، خطة لاختبار الافتراضات في مراحل)، والتي تُظهر أيضاً بعضاً من المراحل النمطية الأخرى التي نراها في معظم المشاريع الرئيسة. سُجلت الافتراضات التي يجب اختبارها في كل مرحلة مع أرقام مناسبة لها من قائمة تدقيق الافتراضات.

عملياً، من الحكمة تعيين قيّم على الافتراضات، شخص تكون مهمته الأساسية ضمان التحقق من الافتراضات وتحديثها في كل مرحلة يتم الوصول إليها، ومن إمكانية دمج الافتراضات المتحقق منها في التكرارات المتعاقبة لمستندات التخطيط الموجه بالاكتشاف الأربعة. دون وجود شخص محدد مكرس لمتابعة هذا الأمر، فإنه من الصعوبة بمكان أن يتمكن الأفراد، بكل ما يعانونه من ضغوطات المشروع، من تنسيق عملية التحديث بشكل مستقل.

يُعد التخطيط الموجه بالاكتشاف أداة فعالة لأي مشروع استراتيجي هام يكتنفه عدم اليقين، كمشاريع منتجات أو أسواق جديدة، وتطوير التقنية، والمشاريع المشتركة، والتحالفات الاستراتيجية، وحتى إعادة تطوير الأنظمة. على عكس التخطيط القائم على قاعدة التجارب، الذي يعرف عنه الكثير من المعلومات، يجبر التخطيط الموجه بالاكتشاف المدراء على استيضاح ما لا يعرفونه ويفرض نظاماً للتعلم. كأداة للتخطيط فإنها تزيد بذلك من وضوح حالات عدم اليقين الشائعة في المشاريع الجديدة والتي تؤدي إلى الفشل أو النجاح، وتساعد المدراء على التعامل معها بأقل الخسائر الممكنة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

Content is protected !!